سلسلة منهاج المسلم - (41)


الحلقة مفرغة

الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب منهاج المسلم، ذلكم الكتاب الحاوي الجامع للشريعة الإسلامية عقائد وآداب وأخلاق وعبادات ومعاملات، حقاً والله إنه لمنهج المسلم لو سلكه ما خسر أبداً.

وها نحن مع الآداب، وعرفنا الآداب الواجبة علينا لإخواننا المسلمين، وقد بلغت اثنين وعشرين واجباً، درسناها في حصتين، والآن مع [ الأدب مع الكافر].

هل المسلم يتأدب مع الكافر؟ إي والله. أليس الكافر عبد الله وأنت عبد الله أم لا؟ فهيا بنا نصغي مستمعين متأملين متفكرين لنعرف هذه الحقوق حتى نؤديها لله تعالى.

اعتقاد المسلم بأن سائر الملل والأديان سوى الإسلام باطلة

قال: [ يعتقد المسلم ] وعرفتم المسلم، ليس بالنسبة، المسلم الحق الذي أسلم قلبه ووجهه لله، فقلبه لا يتقلب إلا في طلب رضا الله، ووجهه لا يقبل به إلا على الله، ذلكم هو المسلم، يعتقد [ أن سائر الملل والأديان باطلة ] إي والله [ وأن أصحابها كفار إلا الدين الإسلامي؛ فإنه الدين الحق، وإلا أصحابه فإنهم المؤمنون المسلمون ] إلا الدين الإسلامي فهو الدين الحق وما عداه من ديانات فباطلة وأهلها كفار.

الأدلة على بطلان سائر الملل والأديان سوى الإسلام

من أين أخذنا هذا المعتقد؟

قال: [ وذلك لقوله تعالى ] إذ مصدر العلم عندنا قال الله قال رسوله، لا قالت أمي ولا جدي ولا شيخي.

مصدر العلم عندكم ما هو؟ قال الله قال رسوله، وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7] [ وذلك لقوله تعالى: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ [آل عمران:19] ] لِم لا نحفظ أيها العوام هذه الجملة؟ هل هي صعبة؟ الأغاني نحفظ منها عشرات الكلمات، والتراهات والحكايات مئات الحكايات، وجملة كهذه يعيش المسلم أربعين سنة لا يحفظها!

إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ [آل عمران:19] تغن بها وارفع صوتك، إن الدين الحق عند الله الذي يقبله ويسعد أهله: الإسلام، الذي هو إسلام القلب والوجه للرب تبارك وتعالى. هذه آية من كتاب الله أبطلت كل الأديان، ورمت بها عرض الحائط إلا الإسلام: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ [آل عمران:19] فقط، كل الملل والنحل والأديان نسخها ومسحها وبطلت [ وقوله سبحانه: وَمَنْ يَبْتَغِ [آل عمران:85] ] أي: يطلب [ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا [آل عمران:85] ] يتدين به [ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ [آل عمران:85] ] آية من كتاب الله.

(ومن يبتغ) أي: يطلب.

(غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه) أبداً ولو صام الدهر كله وقام الليل كله وخرج من ماله كله، فلن يقبل منه.

(وهو في الآخرة): دار الجزاء والله (لمن الخاسرين)، آية من كتاب الله.

[ وقوله: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا [المائدة:3] ] الحمد لله رضي الله لنا الإسلام ديناً، فرضينا بما رضي ربنا لنا، فلا نطلب ديناً غيره أبداً.

هذه الآيات كافية في الدلالة أم لا؟ هذا كله دلالة على أن المسلم الحق يعتقد أن سائر الملل والأديان باطلة وأن أصحابها كفار إلا الدين الإسلامي فقط، وأهله هم المؤمنون المسلمون.

نسخ الإسلام لكل الملل والديانات قبله

قال المؤلف: [ فبهذه الأخبار ] الأخبار التي سمعتموها الآن، الآيات كلها أخبار: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ [آل عمران:19]، الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ [المائدة:3]، هذه أخبار الله أم لا؟ بلى [ فبهذه الأخبار الإلهية الصادقة علم المسلم أن سائر الأديان التي قبل الإسلام قد نسخت بالإسلام ].

تعرفون النسخ؟ تنسخ ما في الورقة فلا يبقى فيها شيء، فبهذه الأخبار الإلهية الصادقة علم المسلم الحق أن سائر الأديان التي قبل الإسلام قد نسخت، لا فرق بين الصابئة واليهودية والنصرانية والبوذية وسائر الملل والنحل، فكلها نسخها الله، ووالله ما بقي دين يعبد الله به وتقبل العبادة من صاحبه إلا الإسلام.

وعندنا مثل -والأوعياء والبصراء يفهمون- قد يقول القائل: أليست التوراة كتاب الله؟ أليس الإنجيل كتاب الله؟ أليس موسى رسول الله؟ أليس عيسى رسول الله؟ لم نتعبد بغير ما جاء به موسى وعيسى؟

قلنا لهم: تلك الشريعة عبارة عن قوانين الملك استبدلها بغيرها، هل يجوز لك أن تعمل بها؟ لا.

مثاله المحسوس: أصدرت الحكومة قراراً بفعل كذا أو بترك كذا، وطبقته على فوره، فهل يصح للمواطن أن يطبق الماضي ويحتج به؟ ممكن؟ مستحيل. الحكومة أصدرت قراراً أبطلت كذا ومضى على هذا القرار عام أو عامان، فهل هناك من يقول: هذا سنته الحكومة عام كذا ولا نعمل به؟ هذا مستحيل عند العقلاء !

أقول: قضية النسخ، أولاً: الملك جل جلاله وعظم سلطانه هو العليم الحكيم، هو الذي يقرر ويقنن ويشرع ما فيه سعادة عباده، فإذا علم أن الوقت غير مناسب لمثل هذه العبادة نسخها وأبدلها بأخرى. هل هناك من يعترض عليه؟ لا.

والمثال المحسوس: قلنا: إذا أصدرت الحكومة قراراً في أي ناحية من النواحي وأبطلت ما كانت تعمل به، فهل يجوز لمواطن أن يعمل بذاك الماضي المنسوخ؟ يجوز؟ يقبل؟ والله ما يقبل في أية دولة، هذا القرار قرار نسخ وأبطل.

فلهذا لا يصح لذي عقل أن يقول: لا بأس أنا أعمل بالدين المسيحي أو الدين اليهودي؛ لأنه دين الله، الجواب: لأنه نسخ واستبدل بغيره.

من المستبدل؟ من الناسخ؟ أليس الله العليم الحكيم؟ بلى، هو الذي يقرر ويقنن لعباده ما يكملهم ويسعدهم.

البشرية.. اليابان والصين والأمريكان والعالم بأسره واليهود والعرب والمسلمين البشرية كلها دينهم واحد ألا وإنه الإسلام، فمن آمن وأسلم نجا، ومن كذب وكفر هلك أحب أم كره، فمن أراد أن يسعد أمة أو جيلاً أو أهل قرية أو أسرة فعليه أن يدخلهم الإسلام بيضاً كانوا أو حمراً، فمستحيل أن تسعد البشرية على غير قانون وضعه الله للإسعاد.

وهل البشرية الآن مع رقيها وسموها وطيرانها سعيدة؟ آه فهي تحمل في قلوبها الخبث والبلاء والكروب والحزن والمآسي والقتل الجماعي. لماذا؟ لأنهم ليسوا على دين الله الحق. فوالله لن تجد سعيداً في تلك الأمم وإن ظهر لك في لباسه وطعامه أنه سعيد إلا أن قلبه على خلاف ذلك فهو في كرب وهم وحزن، يعاني من الأخباث والأباطيل [ فبهذه الأخبار الإلهية الصادقة علم المسلم أن سائر الأديان التي قبل الإسلام قد نسخت بالإسلام، وأن الإسلام هو دين البشرية العام، فلم يقبل الله من أحد ديناً غيره، ولا يرضى بشرع سواه].

قال: [ يعتقد المسلم ] وعرفتم المسلم، ليس بالنسبة، المسلم الحق الذي أسلم قلبه ووجهه لله، فقلبه لا يتقلب إلا في طلب رضا الله، ووجهه لا يقبل به إلا على الله، ذلكم هو المسلم، يعتقد [ أن سائر الملل والأديان باطلة ] إي والله [ وأن أصحابها كفار إلا الدين الإسلامي؛ فإنه الدين الحق، وإلا أصحابه فإنهم المؤمنون المسلمون ] إلا الدين الإسلامي فهو الدين الحق وما عداه من ديانات فباطلة وأهلها كفار.