سلسلة منهاج المسلم - (4)


الحلقة مفرغة

الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب منهاج المسلم، وها نحن مع الإيمان بربوبية الله عز وجل.

واعلم أن الإيمان الحق الصحيح الثابت إذا عرضته على القرآن وقع عليه، أو عرضته على سنة رسول الله وافقت عليه، هذا الإيمان بمثابة الروح للحي، فمن كان مؤمناً هذا الإيمان فهو حي، يسمع ويبصر، يعطي ويمنع، يجيء ويذهب، وإن ضعف هذا الإيمان أصبح كالمريض، يقوى على شيء ويعجز عن آخر، حتى يشفى من علته، وضعفه في إيمانه.

وأما الذي لا إيمان له فهو ميت، سواء كان أبيض أو أسود، وفاقد الإيمان الصحيح ميت، والدليل على موته: أنك لا تأمره بأن يصلي، ولا أن يصوم، ولا تنهاه عن خمر أو عن باطل؛ لأنه ميت، بل انفخ فيه روح الحياة، فإذا حيي فمره يفعل، واطلب منه فلذة كبده يعطها إذا كان في ذلك حب الله ورضاه.

هذه الحقيقة كررناها، ووالله إنها لحق! الإيمان الصحيح الذي إن عرضته على القرآن صدق عليه وقال: أنت مؤمن، أو عرضته على هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته وافق على أنه هذا الإيمان، وصاحب هذا الإيمان حي، يصوم ويصلي، يرابط ويجاهد، يسمع ويعي، يأخذ ويعطي؛ لكمال حياته، ومن كان له هذا الإيمان ولكن داخله نقص أو زيادة أو تقديم أو تأخير ضعف، وأصبح حاله كحال المسلمين في الجملة، فيقوى على واجب يفعله ويعجز عن آخر، ويقوى على كلمة خير يقولها ويعجز عن أخرى، وينتهي عن باطل ولا يستطيع أن ينتهي عن الآخر، وسبب هذا ضعف إيمانه.

إذاً: من أراد أن يحيي آدمياً يعلمه ويقول له: قل: لا إله إلا الله محمد رسول الله، فإذا سرت هذه الأنوار في قلبه قال: عرفني بربي الذي قلت: لا إله إلا هو، عرفني بما يحب وبما يكره؛ لأتقرب إليه بذلك وأتعبد، عرفني برسول الله، وبالذي يحبه مني، وبالذي يريده مني، فإني آمنت به، فلنمش وراءه ولنأتس به.

معاشر المستمعين! فالذي تشاهدونه من أنفسنا من الإتيان ببعض الواجبات وترك أخرى، والانتهاء عن بعض المنهيات وفعل أخرى ردوه إلى ضعف الإيمان، لا علة سوى هذه، والإيمان يقوى ويضعف، ويزيد وينقص.

وقد درسنا أن جبريل عليه السلام جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا المسجد في تلك الروضة، والرسول يعلم أصحابه الكتاب والحكمة، فجاء جبريل في صورة رجل من بني آدم وشق الصفوف في غير أدب؛ حتى يتنكر لهم ولا يعرفونه حتى انتهى إلى مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجلس بين يديه وأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع يديه على فخذيه وأخذ يسأله، فسأله عن الإيمان: ( ما الإيمان يا محمد؟! قال: الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، قال: صدقت )، رواه مسلم .

وأركان الإيمان جاءت في القرآن، حيث ورد في سورة البقرة خمسة أركان: لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ [البقرة:177] والركن السادس في سورة القمر، قال تعالى: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ [القمر:49] فلا يحل لمؤمن ولا مؤمنة أن لا يحفظ هذه الأركان الستة، حرام عليه أن يبيت وهو لا يحفظها، وقد رأينا بعضنا يحفظ عشرات القصص من الكلام الباطل والحكايات، ويعجز أن يحفظ هذه الكلمات. تسأله عن الإيمان ما هو؟ فيقول: هاه لا أدري. ونحن لا ندري كيف يعيش هذا، ولا لوم ولا عتاب؛ لأننا ضيعنا وأهملنا وتركنا من مئات القرون، فحصل الذي حصل!

إذاً: أركان الإيمان: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره.

ودرسنا من كتاب المنهاج أولاً: الإيمان بالله، فأصبحنا مؤمنين بالله إيماناً يقينياً، لو تحطم أحدنا أو تقطعه أو تذبحه لا يستطيع أبداً أن ينكر وجود الله عز وجل.

وقلنا: هذه الحقيقة مسلمة بالفطرة، ولم تعرف البشرية من عهد أبيها الأول آدم عليه السلام إلى هذه الساعة أحداً ينكر وجود الله، سواء كان عربياً أو عجمياً أو عالماً أو جاهلاً كيفما كان، لا يوجد على سطح الأرض من ينكر وجود الله عز وجل اللهم إلا المكرة اليهودية التي وضعها بنو عمنا عليهم لعائن الله! ولم أكذب عندما قلت: بنو عمنا، فهم أولاد إسحاق بن يعقوب، ونحن أولاد إسماعيل، وجدنا إبراهيم، تلك المكرة التي وضعوها من أجل أن يحققوا بعض أهدافهم، فوضعوا علماً وقالوا: (لا إله والحياة مادة)، وتغنى بهذا النغم العرب والعجم، والكفار والمؤمنون، وأصبح يدرس في مدارس المسلمين على أبناء المسلمين، الحياة مادة، والطبيعة، ونجحوا نجاحاً كبيراً.

ووجه النجاح: أن النصراني المسيحي الصليبي سواء كان أسود أو أبيض كان قبل هذه الخدعة لا يستطيع أن يفتح عينيه في يهودي؛ لبغضه له، بحجة أنه قاتل إلهه، وهو صالب المسيح، وقد وقع أن أقلوهم كما يقلى السمك في الزيت بغضاً لهم، وقد استطاع اليهود أن يخرجوا من هذه الحال بأن تفلسفوا وكذبوا ووضعوا للبشرية مبدأ (لا إله والحياة مادة)، فمسخ الصليبيون، ولم يبق فيهم ولا ( 10%) على عقيدتهم، ومن ثم ركبوا على ظهورهم، وسادوهم وحملوهم على أن يصفقوا لإنشاء دولة بني إسرائيل في قلب أرض الإسلام في فلسطين.

وتأثر العرب المسلمون وإلى الآن، ولما انكشفت عورة الإلحاد وظهرت سوءته وهبطت روسيا الزعيمة.. الدب الأحمر تتستروا بكلمة العلمية أو العلمانية، كل شيء للعلم، فلا تقل: قال الله ولا قال الرسول. بل قل: العلم. وهي والله لمن صنع بني عمنا اليهود، حتى لا تقول: قال الله ولا قال رسوله، بل العلم.

ومع الأسف مد المسلمون أعناقهم، وركب اليهود على ظهورهم، وفعلوا ما فعلوا، والآن نحن نبكي!

مؤمن لا يعرف أركان الإيمان ولا يسأل عنها؟ ولا يسأل هو مؤمن أم لا؟ هذا كله من ضربتهم التي نعاني منها إلى الآن.

قال المؤلف غفر الله لنا وله: [الأدلة النقلية] أي: المنقولة من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فالإيمان بربوبية الله عز وجل له أدلته النقلية والعقلية، وقد سبق أن درسنا الأدلة النقلية في الدرس السابق، ولكن لا بأس بمراجعتها.

إخباره تعالى عن ربوبيته بنفسه

أولاً: إخباره تعالى عن ربوبيته بنفسه، إذ قال ربنا: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2]. الحمد والشكر لله رب العالمين. والرب معناه: الخالق المالك السيد المدبر، وقد سبقت معنا الأدلة القرآنية في إخبار الله تعالى عن ربوبيته في الدرس السابق.

ثانياً: إخبار الأنبياء والمرسلين بربوبية الله لخلقه

ثانياً: إخبار الأنبياء والمرسلين، مائة وأربع وعشرين ألف نبي كلهم يؤمنون بربوبية الله لخلقه، فلا تشك أو تضطرب، وثلاثمائة وأربعة عشر رسولاً ممن تلقوا كلام الله عز وجل وأخذوا رسالته وبلغوها لعباده.

ثالثاً: إيمان العلماء والحكماء بربوبية الله لكل شيء

ثالثاً: إيمان البلايين من العلماء والحكماء بربوبية الله تعالى لهم ولكل شيء، واعترافهم بذلك واعتقادهم إياه اعتقاداً جازماً، ونحن بطبيعتنا يقوم رجل فيقول: أنا كنت في طوكيو وشاهدت فيها كذا، وما وقف أحدنا على طوكيو، ونقول: نعم صحيح، ولا نتردد أبداً، فكيف إذا كانوا مجموعة -خمسون شخصاً- وقالوا: كلنا درسنا في طوكيو؟ لا يكذبهم إلا مجنون. إذاً: فكيف بأخبار البلايين من الخلق؟ الكل يشهد أن الله هو رب العالمين، فلا يبقى مع هذا شك، فإيمان البلايين والعدد الذي لا يحصى من عقلاء البشر وصالحيهم بربوبيته تعالى لجميع الخلق من الأدلة النقلية التي لا يمكن أن ترد.

أولاً: إخباره تعالى عن ربوبيته بنفسه، إذ قال ربنا: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2]. الحمد والشكر لله رب العالمين. والرب معناه: الخالق المالك السيد المدبر، وقد سبقت معنا الأدلة القرآنية في إخبار الله تعالى عن ربوبيته في الدرس السابق.

ثانياً: إخبار الأنبياء والمرسلين، مائة وأربع وعشرين ألف نبي كلهم يؤمنون بربوبية الله لخلقه، فلا تشك أو تضطرب، وثلاثمائة وأربعة عشر رسولاً ممن تلقوا كلام الله عز وجل وأخذوا رسالته وبلغوها لعباده.

ثالثاً: إيمان البلايين من العلماء والحكماء بربوبية الله تعالى لهم ولكل شيء، واعترافهم بذلك واعتقادهم إياه اعتقاداً جازماً، ونحن بطبيعتنا يقوم رجل فيقول: أنا كنت في طوكيو وشاهدت فيها كذا، وما وقف أحدنا على طوكيو، ونقول: نعم صحيح، ولا نتردد أبداً، فكيف إذا كانوا مجموعة -خمسون شخصاً- وقالوا: كلنا درسنا في طوكيو؟ لا يكذبهم إلا مجنون. إذاً: فكيف بأخبار البلايين من الخلق؟ الكل يشهد أن الله هو رب العالمين، فلا يبقى مع هذا شك، فإيمان البلايين والعدد الذي لا يحصى من عقلاء البشر وصالحيهم بربوبيته تعالى لجميع الخلق من الأدلة النقلية التي لا يمكن أن ترد.