خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/142"> الشيخ ابو بكر الجزائري . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/142?sub=114"> سلسلة منهاج المسلم
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
سلسلة منهاج المسلم - (22)
الحلقة مفرغة
الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة.
أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب منهاج المسلم. وها نحن ما زلنا في الباب الأول ألا وهو العقيدة. ما العقيدة؟
العقيدة يا عبد الله! يا أمة الله! أن تعتقد أنه لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وأن لقاء الله حق، وما يتم في ذلك اليوم من حساب دقيق وجزاء كامل على الأعمال في هذه الحياة، إما بالجنة دار السلام أو بالنار دار البوار.
العقيدة أن تصدق الله في كل ما أخبرك به من شأن الغيب والشهادة، وأن تصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل ما أخبر به من الغيب والشهادة.
هذه العقيدة بمثابة الروح للإنسان، صاحبها حي يسمع ويبصر، يعي ويفهم، يعطي ويأخذ؛ لكمال حياته، وفاقدها ميت؛ ولهذا لا يؤمر بصلاة ولا زكاة، ولا صيام ولا حج ولا رباط؛ لأنه ميت.
حقاً! المؤمن الحق حي يؤمر وينهى فيستجيب، والكافر ميت لا يستجيب لنداء الرحمن، ولا يقبل على الخير والصالحات؛ وذلك لموته.
هذه العقيدة مبناها.. أركانها.. دعائمها.. أسسها التي تقوم عليها ستة، من أنكر ركناً منها فهو كافر ميت غير حي، هذه الأركان بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل عليه السلام، إذ سأله عن الإسلام والإيمان والإحسان، فقال: ( ما الإيمان يا رسول الله؟! قال: الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره )، هذه أركان الإيمان الستة، وهي مذكورة في سورة البقرة خمسة منها، والسادس في سورة القمر، ألا وهو الإيمان بالقضاء والقدر، إذ قال تعالى في سورة القمر: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ [القمر:49].
ودرسنا هذه الأركان، وها نحن مع أولياء الرحمن وأولياء الشيطان، وسبحان الله القائل: وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [الذاريات:49]، زوجين من كل شيء، فهناك أولياء لله، وهناك أولياء للشيطان.
وسبق أن عرفنا أولياء الرحمن وبقيت بقية عنهم، فإليكموها تأملوها.
قال: [ ثالثاً: ما رواه آلاف العلماء وشاهدوه من أولياء وكرامات لهم تفوق الحصر والعد، وذلك ما روي: أن الملائكة كانت تسلم على عمران بن حصين رضي الله عنه ] أية كرامة أعظم من هذه؟ الملائكة تسلم على عمران بن حصين في المسجد [ وأن سلمان الفارسي وأبا الدرداء رضي الله عنهما- صاحبي رسول الله صلى الله عليه وسلم- كانا يأكلان في صحفة، فسبحت الصحفة أو الطعام فيها ] وهما يسمعان، وهذا من كرامة أولياء الله [ وأن خبيباً رضي الله عنه كان أسيراً عند المشركين بمكة، فكان يؤتى بعنب يأكله وليس بمكة من عنب. وأن البراء بن عازب رضي الله عنه كان إذا أقسم على الله في شيء استجاب الله له، حتى كان يوم القادسية أقسم على الله أن يمكِّن المسلمين من رقاب المشركين، وأن يكون أول شهيد في المعركة، فكان كما طلب ] أقسم على الله فأبره [ وأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يخطب على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة، فإذا به يقول: يا سارية ! الجبل، يا سارية ! الجبل، يوجه قائد معركة يقال له: سارية ، فسمع سارية صوته وانحاز بالجيش إلى الجبل، فكان في ذلك نصرهم وانهزام أعدائهم من المشركين، ورجع سارية فأخبر عمر والصحابة بما سمع من صوت عمر رضي الله عنه ] هذه كرامات أولياء الله في الدنيا، وأما في الآخرة لا تسأل.
قال: [ وأن العلاء بن الحضرمي رضي الله عنه كان يقول في دعائه: يا عليم يا حكيم! يا علي يا عظيم! فيستجاب له ] يا عليم يا حكيم! يا علي يا عظيم! ناده بهذا النداء، بهذه الأسماء الحسنى، واسأل حاجتك يستجب لك، أليس الله العليم؟ أليس الله الحكيم؟ أليس الله العلي؟ أليس الله العظيم؟ بلى، فهذا الصحابي يدعو بهذا الدعاء: يا عليم! يا حكيم! يا علي! يا عظيم! فيستجاب لهم.
قال: [ حتى إنه خاض البحر بسرية معه فلم تبتل سروج خيولهم ] دخلوا البحر الأحمر أو الخليج فما ابتلت سروج خيولهم وهم يمشون في الماء بهذه الدعوة، هذا الصاحب الجليل يقود سرية، دخلوا بجيشهم في البحر فدعا بهذا الدعاء، فخاضوا البحر فلم يصل الماء إلى سروج خيولهم واجتازوه! أية كرامة أعظم من هذه الكرامة؟!
عمر على المنبر يخطب في المدينة وهو يقول: يا سارية ! الجبل، فيسمعه قائد المعركة وهو يبعد عن المدينة آلاف الأميال، فيبعد جيشه من المعركة، وينحاز إلى جبل فينجو ويسعد، ويأتي فيخبر عمر ، فيقول عمر : لا أدري، جرى على لساني فقلته.
قال: [ وأن الحسن البصري - رحمه الله- دعا الله على رجل كان يؤذيه فخر ميتاً في الحال ] الحسن البصري من سادات التابعين، من أحفاد الصحابة، يؤذيه رجل ويؤذيه ويؤذيه؛ فدعا الله عليه فمات على الفور. كرامة صاحبها من أولياء الله.
[ وأن رجلاً من النخع كان له حمار فمات له في طريق سفره، فتوضأ وصلى ركعتين ودعا الله عز وجل؛ فأحيا الله له حماره وحمل عليه متاعه. إلى غير ذلك من الكرامات التي لا تعد ولا تحصى، والتي شاهدها آلاف الناس، بل ملايين البشر من المسلمين ] هؤلاء هم أولياء الله، فكونوا مثلهم، فنحن في حاجة إلى ذلك، فليس لنا بغية إلا أن يرضى الله عنا.
أولاً: تعلموا ما يحب الله من عقائد وأعمال وأقوال وصفات وذوات، واعملوها بها إيماناً واحتساباً لله، واعلموا ما يكره الله ويبغض الله من عقائد فاسدة وأقوال سيئة وأعمال غير صالحة وصفات مذمومة وذوات مكروهة، واتركوها وتجنبوها؛ تأخذوا بذلك صك الولاية.
والخلاصة: أحبوا ما يحب الله، واكرهوا ما يكره الله، وبذلك أنتم أولياء الله، إذ كونك تحب ما أحب الله وتكره ما يكره الله آمنت بالله واتقيته، وأولياء الله هم المؤمنون المتقون.
إذاً: لا بد من معرفة ما يحب الله، كيف نصل إلى ذلك؟
نقرأ كتابه ونسمع حديث رسوله وبذلك نعرف، وإن كنت لا تستطيع أن تقرأ ولا تسمع الحديث فاسأل أهل العلم، ائت عالماً في بيته وقل له: قل لي يرحمك الله ما الذي يحبه ربي من الكلام حتى أقوله، فإنه سيعلمك.
أو تقول له: ما الذي يكره ربي من الكلام، فإنه سيعلمك، فتكره ما يكره الله، أما الخمول والضياع وعدم الالتفات فالمصير -والعياذ بالله- شؤم المصير، بدلاً من أن نكون أولياء الله نصبح أولياء الشيطان.
والآن مع أولياء الشيطان -والعياذ بالله- فاعرفوهم.
قال: [ كما يؤمن المسلم بأن للشيطان من الناس أولياء استحوذ عليهم فأنساهم ذكر الله، أولئك هم الفاسقون.
وسوَّل لهم الشر، وأملى لهم الباطل، فأصمهم عن سماع الحق، وأعمى أبصارهم عن رؤية دلائله، فهم له مسخَّرون، ولأوامره مطيعون، يغريهم بالشر، ويستهويهم إلى الفساد بالتزيين، حتى عرَّف لهم المنكر فعرفوه، ونكَّر لهم المعروف فأنكروه، فكانوا ضد أولياء الله، وحرباً عليهم وعلى النقيض منهم. أولئك والوا الله وهؤلاء عادوه، أولئك أحبوا الله وأرضوه، وهؤلاء أغضبوا الله وأسخطوه، فعليهم لعنة الله وغضبه، ولو ظهرت على أيديهم الخوارق كأن طاروا في السماء أو مشوا على سطح الماء، إذ ليس ذلك إلا استدراجاً من الله لمن عاداه، أو عوناً من الشيطان لمن والاه، وذلك للأدلة الآتية ].
الأدلة على وجود أولياء الشيطان
من مات ونفسه خبيثة منتنة ملوثة بأوضار الذنوب والآثام أنى له أن يكون من أهل الجنة؟! لا يكون إلا من أهل النار!
[ وفي قوله تعالى: وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ [الأنعام:121] ] (وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم) من الإنس؛ ليجادلوكم يا أيها المؤمنون! وإن أطعتموهم إنكم مشركون [ وفي قوله تعالى: وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا [الأنعام:128]] في عرصات القيامة[ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الإِنسِ [الأنعام:128] ] أخذتم منهم أكبر عدد [ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ [الأنعام:128] ] انتفعوا بنا وانتفعنا بهم؛ لأن الولاية قوية [ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ [الأنعام:128]. وفي قوله سبحانه وتعالى: وَمَنْ يَعْشُ [الزخرف:36]] يعمى[ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ [الزخرف:36] ] ذكر الرحمن هو القرآن الكريم وعبادة الله [ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ [الزخرف:36]] أي: ملازماً له [ وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ [الزخرف:37] ] أولياء الشيطان يظنون أنهم مهتدون [ وفي قوله تعالى: إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ [الأعراف:27] ] من القائل؟ الله جل جلاله: إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ [الأعراف:27]، يوالون الشيطان بحبه وطاعته فيما يأمر به وينهى عنه، ولا يأمر إلا بالشر ولا ينهى إلا عن الخير. [ وفي قوله: إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ [الأعراف:30]. وفي قوله: وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ [فصلت:25] ] ماضيهم ومستقبلهم [ وفي قوله: وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ [الكهف:50] ] هذه الآيات القرآنية تثبت أن للشيطان أولياء، وهم أعداء الله ورسوله والمؤمنين.
[ ثانياً: إخبار الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك في قوله: ( لما رأى نجماً قد رمي به فاستنار النجم. قال مخاطباً أصحابه: ما كنتم تقولون لمثل هذه في الجاهلية؟) ] أي: إذا رأيتم نجماً هكذا في السماء ما تقولون؟ [ ( قالوا: كنا نقول: يموت عظيم أو يولد عظيم. فقال: إنه لا يرمى به لموت أحد ولا لحياة أحد، ولكن ربنا تبارك وتعالى إذا قضى أمراً سبح حملة العرش، ثم سبح أهل السماء الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، حتى يبلغ التسبيح أهل هذه السماء، ثم يسأل أهل السماء حملة العرش: ماذا قال ربنا؟ فيخبروهم، ثم يستخبر أهل كل سماء، حتى يبلغ الخبر أهل السماء الدنيا، وتخطف الشياطين السمع فيُرمون فيقذفونها إلى أوليائهم، فما جاءوا به على وجهه فهو حق، ولكنهم يزيدون عليه ) ] الكلمة يزيدون عليها تسعة وتسعين أخرى [ وفي قوله صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الكهان، فقال: ( ليسوا بشيء، فقالوا: نعم. إنهم يحدثوننا أحياناً بشيء فيكون حقاً، فقال: تلك الكلمة من الحق يختطفها الجن فيقرها في أذن وليه، فيجعلون منها مائة كذبة ). وفي قوله صلى الله عليه وسلم: ( ما منكم من أحد إلا وقد وكِّل به قرينه من الجن ) ] ما من واحد منا إلا وقد وكِّل به شيطان خاص، إما أن ينتصر عليه أو ينهزم [ وفي قوله: ( إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم من العروق، فضيقوا عليه مجاريه بالصوم ) ].
معاشر المستمعين! عرفتم أولياء الرحمن فقولوا: اللهم اجعلنا منهم!
هيا نتعلم ما يحب الله وما يكره، فنحب ما يحب ونكره ما يكره؛ وبذلك نصبح أولياء الله، وهيا بنا نبغض ما يحب الشيطان ويدعو إليه ونرفضه ونبتعد عنه، وبذلك نكون أولياء الله.
وخلاصة القول يا معاشر المستمعين والمستمعات: أن لله أولياء، وأن للشيطان أولياء، وأنتم مخيرون بين أن تكونوا أولياء للرحمن أو أولياء للشيطان، فأولياء الرحمن هم أهل طاعته ومحبته، ومنازلهم في السماء، وأولياء الشيطان هم أهل طاعته ومحبته، ومنازلهم في دركات الجحيم والعياذ بالله تعالى.
[ أولاً: إخباره تعالى عنهم في قوله: وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [البقرة:257] ] والذين كفروا أولياؤهم الشياطين، يخرجونهم من الإسلام إلى ظلمات الكفر، يخرجونهم من الصالحات إلى الطالحات، أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون قطعاً!
من مات ونفسه خبيثة منتنة ملوثة بأوضار الذنوب والآثام أنى له أن يكون من أهل الجنة؟! لا يكون إلا من أهل النار!
[ وفي قوله تعالى: وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ [الأنعام:121] ] (وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم) من الإنس؛ ليجادلوكم يا أيها المؤمنون! وإن أطعتموهم إنكم مشركون [ وفي قوله تعالى: وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا [الأنعام:128]] في عرصات القيامة[ يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الإِنسِ [الأنعام:128] ] أخذتم منهم أكبر عدد [ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ [الأنعام:128] ] انتفعوا بنا وانتفعنا بهم؛ لأن الولاية قوية [ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ [الأنعام:128]. وفي قوله سبحانه وتعالى: وَمَنْ يَعْشُ [الزخرف:36]] يعمى[ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ [الزخرف:36] ] ذكر الرحمن هو القرآن الكريم وعبادة الله [ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ [الزخرف:36]] أي: ملازماً له [ وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ [الزخرف:37] ] أولياء الشيطان يظنون أنهم مهتدون [ وفي قوله تعالى: إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ [الأعراف:27] ] من القائل؟ الله جل جلاله: إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ [الأعراف:27]، يوالون الشيطان بحبه وطاعته فيما يأمر به وينهى عنه، ولا يأمر إلا بالشر ولا ينهى إلا عن الخير. [ وفي قوله: إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ [الأعراف:30]. وفي قوله: وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ [فصلت:25] ] ماضيهم ومستقبلهم [ وفي قوله: وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ [الكهف:50] ] هذه الآيات القرآنية تثبت أن للشيطان أولياء، وهم أعداء الله ورسوله والمؤمنين.
[ ثانياً: إخبار الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك في قوله: ( لما رأى نجماً قد رمي به فاستنار النجم. قال مخاطباً أصحابه: ما كنتم تقولون لمثل هذه في الجاهلية؟) ] أي: إذا رأيتم نجماً هكذا في السماء ما تقولون؟ [ ( قالوا: كنا نقول: يموت عظيم أو يولد عظيم. فقال: إنه لا يرمى به لموت أحد ولا لحياة أحد، ولكن ربنا تبارك وتعالى إذا قضى أمراً سبح حملة العرش، ثم سبح أهل السماء الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، حتى يبلغ التسبيح أهل هذه السماء، ثم يسأل أهل السماء حملة العرش: ماذا قال ربنا؟ فيخبروهم، ثم يستخبر أهل كل سماء، حتى يبلغ الخبر أهل السماء الدنيا، وتخطف الشياطين السمع فيُرمون فيقذفونها إلى أوليائهم، فما جاءوا به على وجهه فهو حق، ولكنهم يزيدون عليه ) ] الكلمة يزيدون عليها تسعة وتسعين أخرى [ وفي قوله صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الكهان، فقال: ( ليسوا بشيء، فقالوا: نعم. إنهم يحدثوننا أحياناً بشيء فيكون حقاً، فقال: تلك الكلمة من الحق يختطفها الجن فيقرها في أذن وليه، فيجعلون منها مائة كذبة ). وفي قوله صلى الله عليه وسلم: ( ما منكم من أحد إلا وقد وكِّل به قرينه من الجن ) ] ما من واحد منا إلا وقد وكِّل به شيطان خاص، إما أن ينتصر عليه أو ينهزم [ وفي قوله: ( إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم من العروق، فضيقوا عليه مجاريه بالصوم ) ].
معاشر المستمعين! عرفتم أولياء الرحمن فقولوا: اللهم اجعلنا منهم!
هيا نتعلم ما يحب الله وما يكره، فنحب ما يحب ونكره ما يكره؛ وبذلك نصبح أولياء الله، وهيا بنا نبغض ما يحب الشيطان ويدعو إليه ونرفضه ونبتعد عنه، وبذلك نكون أولياء الله.
وخلاصة القول يا معاشر المستمعين والمستمعات: أن لله أولياء، وأن للشيطان أولياء، وأنتم مخيرون بين أن تكونوا أولياء للرحمن أو أولياء للشيطان، فأولياء الرحمن هم أهل طاعته ومحبته، ومنازلهم في السماء، وأولياء الشيطان هم أهل طاعته ومحبته، ومنازلهم في دركات الجحيم والعياذ بالله تعالى.