سلسلة منهاج المسلم - (204)


الحلقة مفرغة

الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

ثم أما بعد: أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب منهاج المسلم، ذلكم الكتاب الحاوي - أي: الجامع- للشريعة الإسلامية بكاملها، عقائد وآداباً وأخلاقاً وعبادات وأحكاماً، ومن ميزته أنه لم يفرق بين أهل السنة والجماعة، فهو لا يقول: فلان مالكي، ولا حنفي، ولا حنبلي، ولا شافعي، بل الكل من أهل السنة والجماعة، وهذا الكتاب لو أن المؤمن الذي يحسن القراءة والفهم يضعه عند رأسه ليرجع إليه في كل مسألة في الشريعة الإسلامية لوجدها بسهولة، وقد ترجم إلى لغات، ونفع الله به، وما زلت أدعو المؤمنين والمؤمنات إلى أن ينتفعوا بهذا الكتاب.

وها نحن الآن ما زلنا مع الحدود والأحكام.

[ ثالثاً: الساحر:

[ أولاً: تعريفه: الساحر من يتعاطى السحر ويعمل به ] فكل من يتعاطى السحر ويطلبه ويعمل به فهو ساحر.

حكم الساحر

[ ثانياً: حكمه: حكم الساحر أنه ينظر في عمله ] وكيف يعمل سحره [ فإن كان ما يأتيه من الأعمال أو ما يقوله من الأقوال يكفر به فإنه يقتل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( حد الساحر ضربة بالسيف ) ] واحفظوا هذا الحديث، فهو كلمتان فقط، ( حد الساحر ضربة بالسيف ). ولهذا نعجب ونبكي أن في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم من يشتكي أن فلاناً يتعاطى السحر، وأن فلانة سحرها فلان، وأن فلانة مسحورة، فهذا لا يجوز أبداً، ولا ينبغي أن يبقى ساحر في بلاد المسلمين، ولا يجوز الذهاب إلى الساحر لرفع السحر أو دفعه عنا أو عن أبنائنا أو عن زوجاتنا، فالساحر يقتل حيث بان سحره [ وإن كان ما يفعله ] من الأفعال [ أو يقوله ] من الأقوال [ ليس فيه ما يكفر به ] وليس فيه كلمة أو حركة تدل على كفر صاحبها [ فإنه يعزر ] ويضغط عليه [ ويستتاب ] حتى يتوب [ فإن تاب ] فبها ونعمت [ وإلا قتل؛ لأنه لا يخلو من فعل أو قول ما يكفر به؛ لعموم قول الله تعالى: وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ [البقرة:102] ] وهذه آية كريمة، فالملكان اللذان يعلمان السحر هكذا يقولان لمن جاء يتعلم السحر، وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا [البقرة:102] له: إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ [البقرة:102] فانتبه، فَلا تَكْفُرْ [البقرة:102] بعملنا هذا [ وقوله عز وجل: وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ [البقرة:102] ] أي: الذي اشترى السحر [ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ [البقرة:102] ] فلهذا يجب ألا يوجد سحر ولا سحرة ولا ساحرات في بيوت المؤمنين وبلادهم، وأما اليهود والكفار فهم سحرة.

[ ثانياً: حكمه: حكم الساحر أنه ينظر في عمله ] وكيف يعمل سحره [ فإن كان ما يأتيه من الأعمال أو ما يقوله من الأقوال يكفر به فإنه يقتل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( حد الساحر ضربة بالسيف ) ] واحفظوا هذا الحديث، فهو كلمتان فقط، ( حد الساحر ضربة بالسيف ). ولهذا نعجب ونبكي أن في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم من يشتكي أن فلاناً يتعاطى السحر، وأن فلانة سحرها فلان، وأن فلانة مسحورة، فهذا لا يجوز أبداً، ولا ينبغي أن يبقى ساحر في بلاد المسلمين، ولا يجوز الذهاب إلى الساحر لرفع السحر أو دفعه عنا أو عن أبنائنا أو عن زوجاتنا، فالساحر يقتل حيث بان سحره [ وإن كان ما يفعله ] من الأفعال [ أو يقوله ] من الأقوال [ ليس فيه ما يكفر به ] وليس فيه كلمة أو حركة تدل على كفر صاحبها [ فإنه يعزر ] ويضغط عليه [ ويستتاب ] حتى يتوب [ فإن تاب ] فبها ونعمت [ وإلا قتل؛ لأنه لا يخلو من فعل أو قول ما يكفر به؛ لعموم قول الله تعالى: وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ [البقرة:102] ] وهذه آية كريمة، فالملكان اللذان يعلمان السحر هكذا يقولان لمن جاء يتعلم السحر، وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا [البقرة:102] له: إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ [البقرة:102] فانتبه، فَلا تَكْفُرْ [البقرة:102] بعملنا هذا [ وقوله عز وجل: وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ [البقرة:102] ] أي: الذي اشترى السحر [ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ [البقرة:102] ] فلهذا يجب ألا يوجد سحر ولا سحرة ولا ساحرات في بيوت المؤمنين وبلادهم، وأما اليهود والكفار فهم سحرة.

[ رابعاً: ] حد [ تارك الصلاة:

[ أولاً: تعريفه: تارك الصلاة هو: من يترك من المسلمين الصلوات الخمس ] إما [ تهاوناً بها ] وعدم مبالاة [ أو جحوداً لها ] وعدم اعتراف بها، أي: حالة من الحالتين، فإما أن يكون من باب التهاون والغفلة والإعراض، أو يكون من باب الإنكار والتكذيب، وأنه لا يؤمن بالصلاة.

حكم تارك الصلاة

[ ثانياً: حكمه: حكم تارك الصلاة أنه يؤمر بها، ويكرر عليه الأمر بها، ويؤخر إلى أن يبقى من الوقت الضروري للصلاة ما يتسع لركعة ] فيؤتى به إلى المحكمة فإذا قاموا يصلون الظهر أمروه بأن يصلي فإن قال: لا أصلي وجلس تركوه، فإن جاء العصر وقاموا يصلون أمروه بالصلاة، فإن لم يصل فينتظر حتى يبقى من الوقت قدر ما يتوضأ ويصلي ركعة قبل غروب الشمس وخروج العصر [ فإن صلى وإلا قتل حداً ] ولا يقتل بعد صلاة العصر مباشرة، وإنما عند خروج الوقت، فإن كان تركه للصلاة تهاوناً وعدم مبالاة بها فإنه يصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين؛ لأن كفره لم يخرجه من الملة، وإن كان جاحداً لها فإنه لا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين؛ لأنه كافر من الكفار، والدليل [ لقوله تعالى: فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ [التوبة:11] ] فمن لم يقم الصلاة ولم يؤت الزكاة فليس أخاً للمؤمنين أبداً في دين الله؛ لأنه ترك الدين وخرج منه [وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (أمرت)] أي: أمرني ربي [(أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام) ] وهذا دليل واضح على أن الذي لا يصلي يقتل، وكذلك مانع الزكاة، لكن يدعى إلى الصلاة والزكاة ويستتاب فإن استجاب فبها ونعمت وإلا يقام عليه الحد، فإن كان جاحداً فإنه يقتل كافراً، فلا يغسل، ولا يكفن، ولا يصلى عليه، ولا يدفن في مقابر المسلمين، وإن كان غير جاحد وإنما معترف بأنها حق ولكنه لا يؤديها فهذا يقتل حداً، ويغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن مع المسلمين، لأنه ليس مكذباً جاحداً.

تنبيهات

[ تنبيهات:

أولاً: تأخير تارك الصلاة إلى أن يبقى من الوقت ما يتسع لصلاة ركعة ثم إن امتنع من الصلاة قتل حداً هو مذهب مالك ، وتأخيره ثلاثة أيام مذهب أحمد رحمهم الله تعالى ] فقد اختلف الفقهاء في ذلك: فمنهم من قال: لا يؤخر إلا إلى قبل غروب الشمس، وبعضهم قال: يؤخر ثلاثة أيام؛ لعله يتوب ويرجع، والكل حق، فيطبق هذا أو ذاك، فالكل جائز وصالح، ونحن لم نفرق بين المذاهب الإسلامية.

[ ثانياً: من ارتد بسبب جحوده معلوماً من الدين بالضرورة ] كالصلاة والزكاة والوضوء والغسل وما إلى ذلك، فمن أنكر هذه فقد كفر والعياذ بالله؛ لأنه أنكر معلوماً من الدين بالضرورة، ومن جحد شيئاً معلوماً من الدين بالضرورة [ لا تقبل توبته إن تاب إلا بالإقرار ] والاعتراف [ بما جحد به زيادة على النطق بالشهادتين والاستغفار من ذنبه ] والتوبة إلى الله، فبهذا يعرف أنه تاب وعاد إلى الحق، وبذلك ينجو.

[ ثالثاً: المراد بكلمة حد في قولنا في المرتد والزنديق والساحر: يقتل حداً أنه العقوبة الشرعية ] كما تقدم [ كقوله صلى الله عليه وسلم: ( حد الساحر ضربة بالسيف ) ] ولنحفظ هذا الحديث، وحد الساحر ضربة بالسيف؛ لأنه كافر، وينشر الفساد والشر في البلاد بين المسلمين [ فهي بمعنى يقتل شرعاً بجنايته التي هي الردة أو الزندقة أو السحر، وهي كلها كفر، ومن مات كافراً كما بينا فلا يورث ] أي: فلا يرثه ورثته أبداً، بل المال لبيت مال المسلمين [ ولا يصلى عليه ] صلاة الجنازة [ ولا يدفن في مقابر المسلمين ] أبداً بل يدفن مع اليهود والنصارى، أو في مكان آخر، فلو أن أخاك كفر وارتد فلا ترثه، ولو مات أخاه فإنه لا يرثه أبداً.

[ ثانياً: حكمه: حكم تارك الصلاة أنه يؤمر بها، ويكرر عليه الأمر بها، ويؤخر إلى أن يبقى من الوقت الضروري للصلاة ما يتسع لركعة ] فيؤتى به إلى المحكمة فإذا قاموا يصلون الظهر أمروه بأن يصلي فإن قال: لا أصلي وجلس تركوه، فإن جاء العصر وقاموا يصلون أمروه بالصلاة، فإن لم يصل فينتظر حتى يبقى من الوقت قدر ما يتوضأ ويصلي ركعة قبل غروب الشمس وخروج العصر [ فإن صلى وإلا قتل حداً ] ولا يقتل بعد صلاة العصر مباشرة، وإنما عند خروج الوقت، فإن كان تركه للصلاة تهاوناً وعدم مبالاة بها فإنه يصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين؛ لأن كفره لم يخرجه من الملة، وإن كان جاحداً لها فإنه لا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين؛ لأنه كافر من الكفار، والدليل [ لقوله تعالى: فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ [التوبة:11] ] فمن لم يقم الصلاة ولم يؤت الزكاة فليس أخاً للمؤمنين أبداً في دين الله؛ لأنه ترك الدين وخرج منه [وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (أمرت)] أي: أمرني ربي [(أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام) ] وهذا دليل واضح على أن الذي لا يصلي يقتل، وكذلك مانع الزكاة، لكن يدعى إلى الصلاة والزكاة ويستتاب فإن استجاب فبها ونعمت وإلا يقام عليه الحد، فإن كان جاحداً فإنه يقتل كافراً، فلا يغسل، ولا يكفن، ولا يصلى عليه، ولا يدفن في مقابر المسلمين، وإن كان غير جاحد وإنما معترف بأنها حق ولكنه لا يؤديها فهذا يقتل حداً، ويغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن مع المسلمين، لأنه ليس مكذباً جاحداً.