سلسلة منهاج المسلم - (146)


الحلقة مفرغة

الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة؛ ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب منهاج المسلم، ذلكم الكتاب الحاوي الجامع للشريعة الإسلامية بكاملها عقيدةً وآداباً وأخلاقاً وعباداتٍ وأحكاماً، وها قد انتهى بنا الدرس إلى [الفصل الرابع: في جملة عقود وفيه ثمان مواد] من عقود البيع وما إلى ذلك، فهيا بنا نتعلم.

مشروعية الشركة

[المادة الأولى: في الشركة] والشركة كعقد من العقود [أولاً: مشروعيتها: الشركة مشروعة بقول الله تعالى: فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ [النساء:12]، وقوله تعالى: وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ [ص:24]، ومعنى الخلطاء الشركاء] فالشركة ثابتة في الكتاب والسنة.

[وبقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( يقول الله تعالى: أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه )] حديث قدسي شريف: (أنا ثالث الشريكين)، والقائل هو الله جل جلاله، (ما لم يخن أحدهما صاحبه) فإن خانه تخليت عنهم. (أنا ثالث الشريكين) أي: يوجههم ويعلمهم ويهديهم، ويربحهم ما لم يخن أحدهم صاحبه فإنه يتركهم.

[وقوله صلى الله عليه وسلم: ( يد الله على الشريكين ما لم يتخاونا )] فعلى الشريكين والشركاء عدم الخيانة، فإن هم امتنعوا من الخيانة كان الله موجههم، وكان الله هاديهم.

إذاً: الشركة مشروعة بالكتاب والسنة.

تعريف الشركة

[تعريفها: الشركة هي أن يشترك اثنان فأكثر] من اثنين إلى خمسين [في مالٍ استحقوه بوراثة ونحوها، أو جمعوه من بينهم أقساطاً ليعملوا فيه بتنميته في تجارة أو صناعة أو زراعة] فالشركة هي أن يشترك اثنان من الرجال فأكثر -أو حتى من النساء- في مالٍ استحقوه بوراثة من أبيهم كان أو أخيهم ونحوه، أو جمعوه من بينهم ألف من هذا، وألف من هذا أقساطاً؛ ليعملوا فيه بتنميته في تجارة أو صناعة أو زراعة [وهي أنواع:] يعني ليست نوعاً واحداً.

[المادة الأولى: في الشركة] والشركة كعقد من العقود [أولاً: مشروعيتها: الشركة مشروعة بقول الله تعالى: فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ [النساء:12]، وقوله تعالى: وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ [ص:24]، ومعنى الخلطاء الشركاء] فالشركة ثابتة في الكتاب والسنة.

[وبقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( يقول الله تعالى: أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه )] حديث قدسي شريف: (أنا ثالث الشريكين)، والقائل هو الله جل جلاله، (ما لم يخن أحدهما صاحبه) فإن خانه تخليت عنهم. (أنا ثالث الشريكين) أي: يوجههم ويعلمهم ويهديهم، ويربحهم ما لم يخن أحدهم صاحبه فإنه يتركهم.

[وقوله صلى الله عليه وسلم: ( يد الله على الشريكين ما لم يتخاونا )] فعلى الشريكين والشركاء عدم الخيانة، فإن هم امتنعوا من الخيانة كان الله موجههم، وكان الله هاديهم.

إذاً: الشركة مشروعة بالكتاب والسنة.

[تعريفها: الشركة هي أن يشترك اثنان فأكثر] من اثنين إلى خمسين [في مالٍ استحقوه بوراثة ونحوها، أو جمعوه من بينهم أقساطاً ليعملوا فيه بتنميته في تجارة أو صناعة أو زراعة] فالشركة هي أن يشترك اثنان من الرجال فأكثر -أو حتى من النساء- في مالٍ استحقوه بوراثة من أبيهم كان أو أخيهم ونحوه، أو جمعوه من بينهم ألف من هذا، وألف من هذا أقساطاً؛ ليعملوا فيه بتنميته في تجارة أو صناعة أو زراعة [وهي أنواع:] يعني ليست نوعاً واحداً.

[النوع الأول: شركة العنان: وهي أن يشترك شخصان فأكثر ممن يجوز تصرفهم في جمع قدر من المال موزعاً عليهم أقساطاً معلومة] هذا ألف وهذا ألف وهذا ألف [أو أسهماً معينة محددة، يعملون فيه معاً لتنميته، ويكون الربح بينهم بحسب أسهمهم في رأس المال] فالذي رأس ماله ألف يعطى من الألف، والذي رأس ماله خمسمائة يعطى من الخمسمائة.

[كما تكون الوضيعة -الخسارة- بحسب الأسهم كذلك] فالربح بحسب الأسهم والخسارة بحسب الأسهم، فالذي سهمه عشرة آلاف يعطى الربح بحسب العشرة آلاف، والخسارة بحسبها.. وهكذا.

إذاً: شركة العنان أول نوع من أنواع الشركات، وهي: أن يشترك شخصان فأكثر ممن يجوز تصرفهم في جمع قدر من المال موزعاً عليهم أقساطاً معلومة، أو أسهماً معينة محددة، يعملون فيه معاً لتنميته وتكثيره، ويكون الربح بينهم بحسب أسهمهم في رأس المال، كما تكون الوضيعة -أي: الخسارة- بحسب الأسهم كذلك.

[ولكل واحد منهم الحق في التصرف في الشركة بالأصالة عن نفسه وبالوكالة عن شركائه، فيبيع ويشتري، ويقبض ويدفع، ويطالب بالدين، ويخاصم، ويرد بالعيب. وباختصار: يفعل كل ما هو في مصلحة الشركة] فكل واحد من الشركاء يقوم مقام الآخرين، وكل واحد من الشركاء -اثنين أو ثلاثة أو عشرة- يقوم هو ويطالب ويعطي ويفعل بإذنهم؛ لأن الشركة شركة عنان. أي: متعاونين فيها.

[ولصحة هذه الشركة شروط، وهي:]

أولاً: أن تكون بين مسلمين

[أولاً: أن تكون بين مسلمين] أما بين مسلم وكافر فلا، فإذا أردت أن تشترك مع شخص لتعمل في التجارة أو الصناعة لا بد أن يكون الشريك مسلماً [إذ لا يؤمن غير المسلم أن يتعامل بالربا، أو يدخل فيها مالاً حراماً] فعندما يكون شريكك يهودياً أو نصرانياً قد يدخل في الحرام، أو قد يتعامل بالربا، فلا يصح أن تتعامل مع كافر أبداً [إلا أن يكون التصرف من بيعٍ وشراء بيد المسلم] هو الذي يبيع ويشتري، فهو مؤتمن لا يُدخل حراماً ولا يفعل حراماً، أما أن يكون بيد الكافر فلا.

قال: [إلا أن يكون التصرف من بيعٍ وشراء بيد المسلم فإنه لا مانع إذاً؛ لعدم الخوف من إدخال مالٍ حرام على الشركة] هذا شرط.

ثانياً: أن يكون رأس المال معلوماً وقسط كل واحد من الشركاء معروفاً

[ثانياً: أن يكون رأس المال معلوماً، وقسط كل واحد من الشركاء معروفاً] فرأس المال معلوم، وكل شريك رأس ماله معلوم [لأن الربح والوضيعة] أي: والخسران [مترتبان على معرفة رأس المال والسهوم فيه، والجهل برأس المال أو أسهم الشركاء يؤدي إلى أكل أموال الناس بالباطل، وهو حرام لقوله تعالى: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ [البقرة:188]] فلا بد أن يكون رأس المال معلوماً، وقسط كل واحد من الشركاء معلوماً؛ لأن الربح كالخسارة مترتبان على ذلك، أي: رأس المال والسهوم، والجهل برأس المال أو الأسهم يؤدي إلى أكل أموال الناس بالباطل وهذا حرام حرمه الله تعالى بقوله: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ [البقرة:188].

ثالثاً: أن يكون الربح مشاعاً يوزع بحسب السهوم

[ثالثاً: أن يكون الربح مشاعاً يوزع بحسب السهوم فلا يجوز أن يقول إن ما ربحناه من الضأن فهو لفلان] وما ربحناه من الإبل لفلان [وما ربحناه من الكتان مثلاً فهو لفلان لما في ذلك من الغرر وهو محرم].

إذاً: يجب أن يكون الربح مشاعاً يوزع بحسب السهوم، فلا يخصص فيه شيء واحد، ولا يجوز أن يقال: إن ما ربحناه من الضأن هو لفلان، وما ربحناه من الكتان لفلان؛ لما فيه من الغرر، والغرر محرم.

رابعاً: أن يكون رأس المال نقوداً

[رابعاً: أن يكون رأس المال نقوداً، ومن كان لديه عرض وأراد الاشتراك قوِّم عرضه بنقدٍ بسعر يومه ودخل في الشركة] من شروط شركة العنان أن يكون رأس المال نقوداً وليس بضائع، ومن كان لديه بضاعة وأراد الاشتراك قُوِّمت هذه البضاعة بنقدٍ ودخل بحسبها [لأن العروض مجهولة القيمة والمعاملة بالمجهول ممنوعة شرعاً لما تؤدي إليه من تضييع الحقوق وأكل مال الناس بالباطل] فلا بد من هذا الشرط: أن يكون رأس المال نقوداً لا بضائع أبداً، ومن كان عنده بضائع قُوِّمت بنقود، وكان ذلك سهمه.

خامساً: أن يكون العمل بحسب السهام كالربح والوضيعة

[خامساً: أن يكون العمل بحسب السهام كالربح والوضيعة، فمن كان نصيبه في الشركة الربع، فإن عليه عمل يوم من أربعة أيام مثلاً وهكذا..] ومن كان نصيبه النصف يعمل يومين مثلاً [وإن استأجروا عاملاً فأجرته من رأس المال بحسب سهوم الشركاء].

إذاً: إذا كانوا مشتركين ليعملوا مع بعضهم البعض أن يكون العمل بحسب السهام كالربح والخسارة، فمن كان نصيبه في الشركة الربع فإن عليه عمل يوم من أربعة أيام مثلاً.. وهكذا، وإن استأجروا عاملاً -جمعنا المال وجئنا بعامل يشتغل- فأجرته من رأس المال بحسب سهوم الشركاء، فالذي سهمه ألف يأخذ بحسبها، والذي سهمه مائة يأخذ بحسبها.

سادساً: إن مات أحد الشريكين بطلت الشركة

[سادساً: وإن مات أحد الشريكين بطلت الشركة، وكذا إن جنَّ مثلاً] إذا فقد عقله بطلت الشركة [ولورثة الميت وأولياء المجنون حل الشركة أو إمضاؤها بعقدها الأول] إذا مات أحد الشريكين أو الشركاء بطلت الشركة، وكذا إن جنَّ مثلاً، أي: فقد عقله، ولورثة الميت أو المجنون حل الشركة أو إمضاؤها بعقدها الأول؛ لأنهم ورثة لهم أن يمضوها ولهم أن يحلوها؛ لأنهم ورثوا المال.

هذه ستة شروط لشركة العنان، وهي أن يجتمع اثنان أو ثلاثة بالعمل.

[أولاً: أن تكون بين مسلمين] أما بين مسلم وكافر فلا، فإذا أردت أن تشترك مع شخص لتعمل في التجارة أو الصناعة لا بد أن يكون الشريك مسلماً [إذ لا يؤمن غير المسلم أن يتعامل بالربا، أو يدخل فيها مالاً حراماً] فعندما يكون شريكك يهودياً أو نصرانياً قد يدخل في الحرام، أو قد يتعامل بالربا، فلا يصح أن تتعامل مع كافر أبداً [إلا أن يكون التصرف من بيعٍ وشراء بيد المسلم] هو الذي يبيع ويشتري، فهو مؤتمن لا يُدخل حراماً ولا يفعل حراماً، أما أن يكون بيد الكافر فلا.

قال: [إلا أن يكون التصرف من بيعٍ وشراء بيد المسلم فإنه لا مانع إذاً؛ لعدم الخوف من إدخال مالٍ حرام على الشركة] هذا شرط.

[ثانياً: أن يكون رأس المال معلوماً، وقسط كل واحد من الشركاء معروفاً] فرأس المال معلوم، وكل شريك رأس ماله معلوم [لأن الربح والوضيعة] أي: والخسران [مترتبان على معرفة رأس المال والسهوم فيه، والجهل برأس المال أو أسهم الشركاء يؤدي إلى أكل أموال الناس بالباطل، وهو حرام لقوله تعالى: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ [البقرة:188]] فلا بد أن يكون رأس المال معلوماً، وقسط كل واحد من الشركاء معلوماً؛ لأن الربح كالخسارة مترتبان على ذلك، أي: رأس المال والسهوم، والجهل برأس المال أو الأسهم يؤدي إلى أكل أموال الناس بالباطل وهذا حرام حرمه الله تعالى بقوله: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ [البقرة:188].