فتاوى نور على الدرب [725]


الحلقة مفرغة

السؤال: الأرض الواسعة التي يرتادها الناس ويجلسون فيها كثيراً ولست متأكداً من نظافتها، هل تصح الصلاة فيها؟ وما حكم الصلاة على السجادة التي نجلس عليها كثيراً، وأحملها دائماً في سيارتي، وقد تتعرض للأتربة والغبار وغير ذلك من الأوساخ؟

الجواب: نعم الأرض الواسعة التي يجلس فيها الناس كثيراً بأهليهم وغلمانهم الصغار طاهرة حتى يتيقن الإنسان نجاستها؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً )، حتى لو غلب على الظن أنها نجسة فهي طاهرة ما لم يتيقن، وإذا تيقن أنها نجسة ومضى عليها زمنٌ، فإن الشمس والريح تطهرها إذا لم يبقَ للنجاسة أثر، وكذلك السجادة التي يجلس عليها ويلقيها في السيارة وفي الأرض ويطأها الصبيان الصغار هي طاهرة أيضاً ما لم يتيقن نجاستها، وليعلم أن الأصل في الأشياء الطهارة حتى يتيقن الإنسان نجاستها، والأصل في الأشياء الحل حتى يتيقن الإنسان تحريمها، إلا العبادات وهي ما يتقرب به إلى الله، فالأصل فيها المنع والتحريم إلا إذا ثبتت مشروعيتها.

السؤال: سمعت من يقول قبل أذان المغرب: ( اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، من قالها من ليلته دخل الجنة )، هل هذا الحديث صحيح؟

الجواب: هذا الحديث صحيح، وهو: سيد الاستغفار، ويقال صباحاً، ويقال مساءً، فينبغي للإنسان أن يحفظه أو يجعله في ورقة يكتبها ويقولها في الصباح وفي المساء.

السؤال: أرجو من فضيلة الشيخ تفسير هذه الآية من سورة المائدة في قوله تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ [المائدة:3]؟

الجواب: يقول الله عز وجل: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ [المائدة:3]، والمحرم: هو الله عز وجل، وليس التحريم عائداً إلينا، ولا التحليل عائداً إلينا، ولا الحكم بالكفر عائداً إلينا، ولا الحكم بالإيمان عائداً إلينا، كل ذلك إلى الله عز وجل وحده، يقول: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ [المائدة:3]، وإنما بني الفعل لما لم يسمَّ فاعله؛ لأنه معلوم كما في قوله تعالى: وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا [النساء:28]، ومن المعلوم أن الخالق هو الله عز وجل، وهنا حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ [المائدة:3]، ومن المعلوم أن المحرم: هو الله عز وجل.

والميتة: كل ما لم يذك ذكاةً شرعية بأن مات حتف أنفه، أو ذبح على غير الطريقة الإسلامية، فهو ميتة، ويستثنى من ذلك الجراد فميتته حلال، وكذلك السمك على جميع أنواعه، فإنه حلال، قال الله تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ [المائدة:96]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروى عنه: ( أحلت لنا ميتتان ودمان: فأما الميتتان: فالجراد والحوت، وأما الدمان: فالكبد والطحال ).

وقوله: الدم، يريد بذلك الدم المسفوح كما قيدته الآية الثانية: قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ [الأنعام:145]، وأما الدم الذي يبقى في العروق بعد التذكية فإنه حلال طاهر، حتى لو ظهرت حمرته في الإناء؛ لأنه ليس الدم المسفوح.

وقوله: ولحم الخنزير، الخنزير: هو حيوانٌ خبيث، معروفٌ بأكل العذرة، أي: يأكل الغائط، وفيه أيضاً دودة شريطية مؤثرة.

وقوله: وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ [المائدة:3]، أي: ما سمي عليه غير اسم الله، بأن نقول: باسم المسيح، أو باسم موسى، أو باسم محمد، أو باسم جبريل وما أشبه ذلك، هذا أيضاً محرم لا يحل أكله.

وقوله: (الْمُنْخَنِقَةُ) هي: التي انخنقت إما بشد الحبل على رقبتها حتى ماتت، أو بإغلاق الحجرة عليها، أو بتسليط الدخان أو ما أشبهه عليها، وقوله: (وَالْمَوْقُوذَةُ) هي: المضروبة بعصا ونحوه حتى تموت.

وقوله: (وَالْمُتَرَدِّيَةُ)، هي: التي تتردى من فوق جبل أو من جدار أو ما أشبه ذلك فتموت.

وقوله: (وَالنَّطِيحَةُ) هي التي ناطحت أخرى من البهائم فماتت، وقوله: (وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ)، أي: ما أكله الذئب أو نحوه.

وقوله: (إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ) مستثنى من قوله: وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ [المائدة:3]، فهذه لا شيء فيها إذا أدركتها حية وذكيتها فهي حلال.

وقوله: (وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ)، أي: ما ذبح على الأصنام، أي: ذبح لصنم، ولو ذكر اسم الله عليه فإنه حرام، هذا معنى الآية الكريمة.

السؤال: هل يجوز لمن يشرب الدخان أن يصلي بالناس وهو لا يجيد قراءة القرآن، مع العلم بأنه يوجد غيره ممن يجيدون القراءة؟

الجواب: أما بالنسبة لشرب الدخان فإن الإصرار عليه فسق؛ لأن الدخان محرم كما دل على ذلك عمومات الكتاب والسنة وقواعد الشريعة، وليس هذا موضع بسطها، وأما كونه لا يحسن القراءة فإنه لا يجوز أن يكون إماماً وهو لا يحسن القراءة، بل إما أن يعدل قراءته، وإما أن يترك الإمامة.

أما بالنسبة لشرب الدخان فلا يمنع من إمامة الإنسان إذا كان قارئاً؛ لأن معصيته على نفسه، ولهذا لا يشترط على القول الراجح أن يكون الإمام عدلاً، بل تجوز إمامة الفاسق، وقد كان الصحابة رضي الله عنهم يصلون خلف الفسقة، كما صلى ابن عمر خلف الحجاج والحجاج معروف بالظلم والغشم والعياذ بالله، فعلى كل حال القول الراجح: أنه لا تشترط في الإمامة العدالة، لكن القراءة لا بد من اشتراط إجادتها، فمن كان لا يحسن القراءة فإنه لا يجوز أن يكون إماماً.

السؤال: هل يجوز لمن لم يبلغ الحلم أن يخطب بالناس ويصلي بهم؟

الجواب: القول الراجح: أنه تجوز إمامة من لم يبلغ، وقد أم عمرو بن سلمة الجرمي قومه وله ست أو سبع سنين كما جاء ذلك في صحيح البخاري ، وهو داخلٌ في عموم قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله )، فلو قدر أن صبياً له عشر سنوات يجيد القراءة، ويعرف كيف يصلي، فله أن يكون إماماً للناس في الجمعة وفي الصلوات الخمس، وفي قيام الليل في رمضان.

السؤال: هل يجوز قراءة القرآن عند نزول المطر، أم أنه يستحب الدعاء عند نزول المطر؟ وهل هناك حديثٌ نبوي يدل على أنه يستحب الدعاء دون قراءة القرآن؟

الجواب: قراءة القرآن ليست مشروعة عند المطر، بل هي مشروعة في كل وقت، لكن الذي يشرع عند نزول المطر أن يقول: ( اللهم صيباً نافعاً )، يعني: اللهم اجعله صيباً نافعاً؛ وذلك لأن المطر قد يكون نافعاً وقد يكون غير نافع، وقد يكون ضاراً، فالمطر قد يكون ضاراً إذا حصل به تهدم البيوت وغرق الزروع وهلاك المواشي، هذا ضرر، وقد أرسل الله تعالى الطوفان على قوم نوح، وأرسله على أهل سبأ انتقاماً، وقد يكون المطر ولا تنبت الأرض شيئاً، وقد ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ( ليس السنة أن لا تمطروا، إنما السنة أن تمطروا ولا تنبت الأرض شيئاً )، يعني: قد تنزل أمطار كثيرة ولكن لا تنبت الأرض شيئاً، فهاهنا المطر لم يكن نافعاً؛ لأن الجدب ما زال باقياً، فلذلك ينبغي للإنسان إذا نزل المطر أن يقول: ( اللهم صيباً نافعاً ). يعني: اللهم اجعله صيباً نافعاً، وأما قراءة القرآن عند نزول المطر فليست بسنة.

السؤال: قمت مرة بطلب مساعدة لشراء مكبر صوت لمسجد القرية عندنا، وحصلت على الفلوس من محبي الخير، ثم ذهبت لشراء مكبر الصوت، ولكنني جعلت نفقة الذهاب والرجوع من نفقة الفلوس التي جمعتها للمسجد، علماً بأن السفر كان بعيداً، وأنا ليس معي فلوس، فهل هذا العمل جائز؟ وماذا يلزمني إذا أخطأت؟

الجواب: نعم هذا العمل جائز ولا حرج فيه، لأن هذا من مصلحة مكبر الصوت، ولكن عليك أن لا تستعمل أفضل الرواحل إذا كان يمكن أن تستعمل ما دونها، فمثلاً نقول: لا تستأجر سيارة فخمة مع وجود سيارة دونها يحصل بها المقصود؛ لأنك مؤتمن، والأمين يجب عليه أن يسعى لحصول الشيء بأدنى كلفة.

السؤال: كنت في أحد البلدان، وعند سحبي مبلغاً من المال بعملة ذلك البلد من آلة السحب يحسبون صرف العملة، وكذلك يحسبون مبلغاً آخر، ويقولون: إنه مقابل استخدام الآلة، فهل يعتبر هذا من الربا؟

الجواب: إذا كان حقاً أن الآلة تستهلك شيئاً، وتجعل هذا المبلغ في مقابل استعمال الآلة فلا بأس به؛ لأنه كالأجرة، وأما مسألة الصرف بأن يضع دراهم سعودية مثلاً، ويأخذ جنيهاً استرلينياً، فهذا لا يجوز، لأنه في المعاملات النقدية لا بد أن يكون التعامل يداً بيد، نعم لو فرض أن هذا الصندوق فيه دراهم سعودية وجنيه استرليني، وأدخل البطاقة، فهنا نقول: إنه جائز؛ لأنه سيكون يداً بيد.

السؤال: عندما أصلي أطفالي يلعبون ويمرون بين يدي وأنا أصلي، وخاصةً عندما أمنعهم يعاندون، فهل علي من شيء؟ وما الذي يقطع صلاة الرجل؟

الجواب: نعم. لا شك أن صلاتك عند أولادك وهم يلعبون ويصيحون ويتخاطبون أمامك غلط؛ لأن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( صلى ذات يوم وعليه خميصةٌ معلمة، فنظر إلى أعلامها نظرة، فلما انصرف قال: اذهبوا بخميصتي هذه إلى أبي جهم ، وأتوني بأنبجانية أبي جهم ؛ لأنها ألهتني آنفاً عن صلاتي )، فدل ذلك على أنه لا ينبغي للإنسان أن يصلي في حالٍ ينشغل بها عن صلاته، فنقول للرجل: إذا أردت أن تصلي في بيتك فصل في غرفة أو حجرة بعيدة عن الضوضاء والتشويش، وأما ما يقطع الصلاة فإنه لا يقطع الصلاة إلا مرور المرأة البالغة، أو الكلب الأسود، أو الحمار، وما سوى ذلك لا يقطع الصلاة لكنه ينقصها.

السؤال: اشتريت قطعة أرض لبناء مسكنٍ عليها، ثم عرضتها للبيع حتى إذا جاءت بأعلى من سعر الشراء، أقوم بشراء أرضٍ أخرى بقصد بناء مسكنٍ عليها، فهل على هذه الأرض زكاة عندما عرضت للبيع؟

الجواب: إذا كان الإنسان عندما عرضها للبيع لا يقصد التجارة والربح فليس عليها زكاة؛ لأن ذلك عبارة عن سلعة طابت نفسه منها فيريد أن يبيعها، وهذا لا زكاة فيه، أما إذا عرضها للبيع بقصد التكسب، فهذه عروض تجارة يجب عليه زكاتها إذا تم الحول عليها من نيته، لكن يظهر لي والله أعلم من هذا السؤال أن الرجل أراد أن يستغني عن الأرض ويتخذ أرضاً بدلها، فإذا كانت هذه النية فليست عروض تجارة، أما إذا كانت النية أن يتكسب فيها ويربح فهي عروض تجارة.




استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة اسٌتمع
فتاوى نور على الدرب [707] 3902 استماع
فتاوى نور على الدرب [182] 3690 استماع
فتاوى نور على الدرب [460] 3640 استماع
فتاوى نور على الدرب [380] 3496 استماع
فتاوى نور على الدرب [221] 3493 استماع
فتاوى نور على الدرب [411] 3474 استماع
فتاوى نور على الدرب [21] 3432 استماع
فتاوى نور على الدرب [82] 3431 استماع
فتاوى نور على الدرب [348] 3415 استماع
فتاوى نور على الدرب [708] 3337 استماع