خطب ومحاضرات
فتاوى نور على الدرب [666]
الحلقة مفرغة
السؤال: ما معنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم لـأبي موسى الأشعري رضي الله عنه: ( لقد أوتيت مزماراً من مزامير آل داود )؟
الجواب: معنى هذا الحديث: أن أبا موسى الأشعري عبد الله بن قيس رضي الله عنه كان له صوت جيد وأداء قيم طيب، استمع النبي صلى الله عليه وسلم إلى قراءته ذات ليلة، فأخبره بأنه أعجب بذلك، وقال: ( أسمعت قراءتي يا رسول الله؟ قال: نعم. قال: لو علمت لحبرته لك تحبيراً ).
ومعنى أوتي مزماراً من مزامير آل داود: أن داود عليه الصلاة والسلام آتاه الله الزبور، فكان يترنم به، وكان له صوت جميل، حتى إن الجبال تسبح معه والطير تسبح معه تقف صواف تستمع إلى ترنمه بالزبور وتتلذذ بقراءته. هذا معنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم:( أوتيت مزماراً من مزامير آل داود ).
ومن المعلوم أنه ليس مراد الرسول عليه الصلاة والسلام أنه أعطي مزمار اللهو والعزف، فإنه إنما استمع إلى قراءته لا إلى عزفه، والمعازف حرام، لا يحل الاستماع إليها إلا ما استثناه الشرع، كالدفوف ليالي الزواج، أو عند قدوم الغائب المحترم الكبير وما أشبه ذلك.
السؤال: ما هو الحديث الوارد في فضل كثرة الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم ليلة الجمعة أو يوم الجمعة؟
الجواب: الحديث هو أن الرسول صلى الله عليه وسلم حث على كثرة الصلاة والسلام عليه يوم الجمعة، ومن المعلوم أن كثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في أي يوم من أيام الأسبوع فيها فضل عظيم، لو لم يكن من ذلك إلا أنه امتثال لأمر الله عز وجل حيث قال: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56]. وأنه قيام ببعض حق النبي صلى الله عليه وسلم على أمته؛ لأن حقه عليها عظيم أعظم من حق الوالدين؛ ولهذا كان يجب علينا أن نقدم محبته على محبة الوالدين والولد والناس أجمعين، بل وعلى النفس.
ومنها: أن الإنسان يثاب على ذلك، فإن من صلى على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم صلى الله عليه بها عشراً، الحسنة بعشر أمثالها، إلى سبعمائة ضعف.
ثم إن كثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم تستلزم كثرة ورود ذكره على القلب؛ فيزداد بذلك الرجل إيماناً بالرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ومحبة له وتمسكاً بهديه وسنته.
السؤال: ما علاج الكذب والرياء والحقد والحسد والغرور إذا ابتلي بها الإنسان؟
الجواب: علاجها ذلك سهل: أن يترك الكذب، وأن يترك الحقد والبغضاء للمسلمين، وأن يترك الرياء ويشتغل بالإخلاص لله عز وجل في عباداته، وهذا وإن كان يشق على من كان ذلك عادة له لكن إذا استعان الإنسان بالله سبحانه وتعالى وصمم وعزم سهل عليه الأمر، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله... ). فأمر بالحرص والاستعانة، والاستعانة بدون حرص لا تنفع؛ لأن الاستعانة بدون حرص ليست استعانة حقيقية، إذ أن المستعين بالله لا بد أن يفعل الأسباب ويستعين بالرب عز وجل.
( احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز ). أي: لا تكسل. ( وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كذا لكان كذا فإن لو تفتح عمل الشيطان ). فليحرص الإنسان على تجنب الأخلاق الرذيلة.
ومما يعين على ذلك: أن يعرف الإنسان ما في الكذب من الشؤم والعاقبة السيئة، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( إياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً ).
السؤال: هل يحق للمرأة أن ترى زوجها بعد أن يغسل ويكفن وقبل أن يلحد؟ لأنني سمعت من يقول: بأنه لا يحق لها ذلك؛ لأنه يصبح محرَّماً عليها.
الجواب: ما سمعته غير صحيح، فللزوجة أن ترى زوجها بعد موته، بل لها أن تغسله، مع أنه لا يجوز للمرأة أن تغسل الرجل ولا للرجل أن يغسل المرأة إلا الزوجين؛ فإنه يجوز أن يغسل الرجل زوجته وأن تغسل المرأة زوجها.
ومن المعلوم أن الغاسل سوف يرى المغسول، فلا حرج عليها أن تنظر إليه وأن تغسله كما ذكرنا.
السؤال: هل يأثم الإنسان إذا عاش مع أناس لا يصلون ولكنه يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر لكنه لا يستطيع أن يهجرهم لأنهم إخوان وأقارب؟
الجواب: إذا كانوا لا يصلون فالواجب عليه نصيحتهم حيناً بعد حين، فإن أصروا على ترك الصلاة فهم كفرة مرتدون عن دين الإسلام، مستوجبون للخلود في النار والعياذ بالله، وعليه أن يهجرهم: فلا يجيب دعوتهم، ولا يسلم عليهم، ولا يدعوهم إلا إذا رجا ولو رجاءً بعيداً أن يهديهم الله عز وجل بالمناصحة، فلا ييأس من رحمة الله.
السؤال: هل من أجر لمن يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة؟ وأنه يوقى من فتنة القبر؟
الجواب: لا أعلم في هذا حديثاً صحيحاً، والإنسان موته ليس باختياره، فإذا مات يوم الجمعة فليس من كسبه، أو يوم الإثنين فليس من كسبه، قال الله تبارك وتعالى: إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ [لقمان:34]. فالإنسان يجهل بأي أرض يموت، هل في بلده أو في بلد آخر؟ هل هو داخل مملكته أو خارج مملكته؟ كذلك أيضاً لا يدري متى يموت؛ لأن علم الموت كعلم الساعة مجهول، هو عند الله تعالى وحده، فإذا كان كذلك فمات الإنسان في أي يوم فإن موته في أي يوم الجمعة أو الإثنين أو الخميس أو غيرها ليس من كسبه حتى يثاب عليه، لكن إن ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك حديث فالواجب الإيمان به والتسليم له.
السؤال: هل كان الرسول صلى الله عليه وسلم يحيي ليلتي العيدين بالقيام أو قراءة القرآن؟ وهل يوجد حديث للترغيب في قيام هاتين الليلتين؟
الجواب: فيهما أحاديث ضعيفة في فضل إحيائهما، وأما من فعل الرسول صلى الله عليه وسلم فلم يكن يفعل ذلك، لم يكن يحيي الليل، وما قام الليلة كله إلا في ليالي العشر الأخيرة من رمضان رجاءً لليلة القدر، فإنه كان عليه الصلاة والسلام إذا دخل العشر أحيا الليل كله.
السؤال: ما هي المواضع التي ترفع فيها اليدان عند التكبير في الصلاة؟
الجواب: هي أربعة مواضع:
الموضع الأول عند تكبيرة الإحرام.
والموضع الثاني: عند الركوع.
والموضع الثالث: عن الرفع من الركوع.
والموضع الرابع: عند القيام من التشهد الأول، يعني: إذا قام من التشهد الأول، وليس كما ظنه بعض الناس أنه يرفع يديه وهو جالس ثم يقوم؛ فإن هذا خطأ، ولم تدل عليه السنة، بل السنة إذا قام رفع يديه، إذا قام من التشهد الأول رفع يديه. هذه أربعة مواضع، وما سواها فإنه لا يشترط فيها رفع اليدين.
السؤال: نحن في بلاد غير إسلامية يكثر فيها غير المسلمين، وكان بينهم وبين المسلمين مناظرات، وفي هذه المناظرات أثيرت شبهة وهي: أن أهل الكتاب قالوا: إنكم أيها المسلمون تشركون بالله؛ لأنكم تطوفون بالكعبة، ومن ضمنها الحجر الأسود، وهذا يعني أن المسلمين يشركون بالله.
والسؤال: كيف نرد على هذه الشبهة؟ علماً بأنهم رفضوا قبول النصوص بتاتاً.
الجواب: نرد على هذه الشبهة: بأننا ندور على الكعبة لا تعظيماً للكعبة لذاتها ولكن تعظيماً لله عز وجل؛ لأنه رب البيت، وقد قال تعالى: وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ [الحج:26]. والذين يطوفون بالبيت ليسوا يسألون البيت يقولون: يا أيتها الكعبة اقضي حوائجنا، اغفري ذنوبنا، ارحمينا. أبداً، بل هم يدعون الله عز وجل ويذكرون الله ويسألون الله المغفرة والرحمة، بخلاف النصارى عابدي الصلبان الذين يعبدون الصليب ويركعون له ويسجدون له ويدعونه، ومن سفههم: أن الصليب -كما يدعون- هو الذي صلب عليه المسيح عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام، فكيف يعظمون ما كان المقصود به تعذيب نبيهم عليه الصلاة والسلام؟! وكيف يعظمونه؟! ولكن هذا من جملة ضياع النصارى وسفاهتهم، على أننا نحن المسلمين لا نرى أن عيسى عليه الصلاة والسلام قتل أو صلب؛ لأن ربنا عز وجل يقول: وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ [النساء:157] .
وهات أي واحد من المسلمين حقاً يقول: إنه يطوف بالكعبة من أجل أن تكشف ضره أو تحصل ما يطلب، لن تجد أحداً كذلك.
السؤال: هل يجوز أخذ المكافأة على تعليم القرآن؟
الجواب: نعم، يجوز أن يأخذ الإنسان مكافأة على تعليم القرآن؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( إن أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله ). لكن لا يجوز أخذ مكافأة على مجرد القراءة -أي مجرد قراءة القرآن-؛ لأن مجرد قراءة القرآن لا يقع إلا عبادة، والعبادة لا يؤخذ عليها أجر، وبهذا نعرف خطأ من إذا مات ميتهم جمعوا القراء أو أتوا بقارئ واحد يقرأ القرآن، يزعمونه نافعاً للميت، وهو لا ينفع الميت إذا كان بعوض؛ لأن قارئ القرآن بعوض لا أجر له في الآخرة ولا ثواب له عند الله، وإذا لم يكن له ثواب عند الله لم ينتفع الميت من ذلك بشيء، فهذا الفعل محرم؛ لأنه إعانة على الإثم والعدوان، وربما يكون عوض هذه القراءة مأخوذاً من التركة، والتركة قد يكون فيها وصايا للميت، وقد يكون في الورثة من هم قصار فيؤخذ من مالهم ومن الوصية بغير حق، فهذا عدوان ظاهر.
وبهذا ننصح إخواننا الذين يموتون لهم ميت بأن يتجنبوا هذا الشيء، ننصح إخواننا الذين يموت لهم ميت بأن يتجنبوا هذه الأمور، وأن يتحلوا بالصبر والاحتساب، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال لإحدى بناته وقد مات لها طفل أو قارب الموت، قال للرسول الذي أرسلته: ( مرها فلتصبر ولتحتسب، فإن لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى ).
استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
فتاوى نور على الدرب [707] | 3922 استماع |
فتاوى نور على الدرب [182] | 3701 استماع |
فتاوى نور على الدرب [460] | 3656 استماع |
فتاوى نور على الدرب [380] | 3509 استماع |
فتاوى نور على الدرب [221] | 3504 استماع |
فتاوى نور على الدرب [411] | 3488 استماع |
فتاوى نور على الدرب [21] | 3449 استماع |
فتاوى نور على الدرب [82] | 3446 استماع |
فتاوى نور على الدرب [348] | 3426 استماع |
فتاوى نور على الدرب [708] | 3353 استماع |