خطب ومحاضرات
فتاوى نور على الدرب [594]
الحلقة مفرغة
السؤال: ما هي أقوال الفقهاء في البدعة؟ وهل هناك بدعة حسنة وأخرى سيئة؟
الجواب: البدعة: هي أن يتعبد الإنسان لله تعالى بما لم يشرعه؛ من عقيدة أو قول أو فعل، فالبدعة في العقيدة أن يخالف ما كان عليه السلف الصالح، سواء كان ذلك في ذات الله عز وجل أو في صفاته وأفعاله، فمن قال: إن الله تعالى ليس له يد حقيقة، ولكن يده هي قوته، أو قدرته، أو نعمته، كان مبتدعاً، أي: قال قولاً بدعياً، وذلك لأن السلف الصالح لم يفسروا اليد التي أضافها الله لنفسه بهذا أبداً، لم يرد عنهم حرف صحيح، ولا حتى الضعيف أنهم فسروا اليد بغير ظاهرها، وعلى هذا فيكون السلف مجمعين على أن المراد باليد هي اليد الحقيقية، وذلك أنهم يتلون القرآن، ويقرءون ما جاءت به السنة في هذا، ولم يرد عنهم حرف واحد أنهم صرفوا النص عن ظاهره، وهذا إجماع منهم على أن المراد بظاهره حقيقة ما دل عليه، وكذلك قوله تعالى: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه:5]، فإن معناه إذا تعدت بعلى العلو على الشيء علواً خاصاً، فيكون استواء الله على عرشه علوه عز وجل عليه على وجه خاص يليق بجلاله وعظمته ولا نعلم كيفيته، فمن قال: إن استوى بمعنى استولى وملك وقهر، فقد ابتدع، لأنه أتى بقول لم يكن عليه السلف الصالح، ونحن نعلم أن السلف الصالح مجمعون على أن استوى على العرش، أي: علا عليه العلو الخاص اللائق بجلال الله عز وجل بدون تكييف ولا تمثيل، لأنه لم يرد عنهم حرف واحد يخرج هذا اللفظ عن ظاهره، وهذا اللفظ بظاهره معناه ما ذكرنا، لأن هذا هو معناه في اللغة العربية التي نزل القرآن بها، كما قال الله تعالى: إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ [الزخرف:3]، وقال تعالى: إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ [يوسف:2]، وقال تعالى: نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ [الشعراء:193-195]، فاعتقاد ما يخالف عقيد السلف بدعة.
كذلك من الأقوال ما ابتدع، فهناك أذكار رتبها من رتبها من الناس ليست على حسب الترتيب الشرعي الذي جاء عن محمد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فتكون بدعة، سواء كانت بدعة في صيغتها، أو في هيئتها، أو في هيئة الذاكر عند ذكره، أو غير ذلك.
هناك أيضاً أفعال ابتدعها من ابتدعها من الناس، أحدثوا شيئاً لم يكن عليه النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه من الأفعال، فهذه بدعة.
إذاً: فضابط البدعة بالخط العريض هي أن يتعبد الإنسان لله تعالى بما لم يشرعه الله؛ إما بعقيدته أو قوله أو فعله، هذه هي البدعة.
والبدعة لا يمكن تقسيمها إلى بدعة حسنة وبدعة سيئة، أبداً، لماذا؟
لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( كل بدعة ضلالة )، ومن المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم أفصح الخلق، وأعلم بما يريد في كلامه، ولا يمكن أن يقول لأمته: كل بدعة ضلالة. وهو يريد أن بعض البدع حسن وبعضها ضلالة، أبداً، لأن من قال: كل بدعة ضلالة، وهو يريد أن البدع منها ما هو حسن، ومنها ما هو ضلالة، كان ملبساً على الناس غير مبين لهم، وقد قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم: يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ [المائدة:67]، وقال تعالى: فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ [التغابن:12]، فلا بلاغ أبين من بلاغ رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
ولم يقسم البدعة إلى قسمين، ولا إلى ثلاثة، ولا إلى أربعة ولا إلى خمسة، بل جعلها قسماً واحداً محاطاً بالكلية العامة ( كل بدعة ضلالة )، وما ظن بعض الناس أنه بدعة وهو حسن، فإنه ليس ببدعة قطعاً، وما ظنوا أنه حسن وهو بدعة فليس بحسن، فلابد أن تنتفي إما البدعة وإما الْحُسنْ، أَمَّا أن يجتمع بدعة وحسن فهذا لا يمكن مع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( كل بدعة ضلالة ).
فإن قال قائل: أليس عمر بن الخطاب رضي الله عنه أثنى على البدعة في قوله حين أمر أبي بن كعب وتميماً الداري أن يصليا بالناس بإحدى عشرة ركعة، فخرج ذات يوم وهم، أي: الناس مجتمعون على إمامهم، فقال: نعمت البدعة هذه؟
قلنا: بلى، لكن هل عمر بن الخطاب رضي الله عنه في فعله هذا خالف سنة الرسول عليه الصلاة والسلام؟
لا. لم يخالف، بل أحياها بعد أن كانت متروكة، وذلك أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قام بأصحابه في رمضان ثلاث ليال أو أربع ثم تخلف، وعلل تخلفه بأنه خشي أن تفرض علينا، ومعلوم أن هذه الخشية قد زالت بوفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، لأنه لا وحي بعد موته عليه الصلاة والسلام، لكن بقي الناس في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه يصلون أوزاعاً، الرجلان جميعاً، والثلاثة جميعاً، والواحد وحده؛ لأن أبا بكر رضي الله عنه كان مشتغلاً بحروب الردة وغيرها، وكانت مدة خلافته قصيرة؛ سنتين وأربعة أشهر أو نحو ذلك، لكن عمر رضي الله عنه طالت به المدة، وتفرغ لصغار الأمور وكبارها رضي الله عنه، وأتى بكل ما يحمد عليه -جزاه الله عن أمة محمد خيراً- فكان من جملة ما أتى به أنه أعاد تلك السنة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم شرعها لأمته، ولكنه تخلف خوفاً من أن تفرض، فهي بدعة نسبية، أي: بدعة بالنسبة لتركها في المدة ما بين تخلف النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وإعادتها من عمر رضي الله عنه.
لكن هنا مسألة قد يظنها بعض الناس بدعة وليست ببدعة، وهي الوسائل التي يتوصل بها إلى مقصود شرعي، فإن هذه قد تكون حادثة بعد الرسول عليه الصلاة والسلام، لكنها لا تعد بدعة، لأن المقصود والغاية ما كان مشروعاً، فما كان وسيلة للمشروع فهو منه، والمشروع قد أراد الله ورسوله مِنَّا أن نفعله بأي وسيلة كانت، إذا لم تكن الوسيلة محرمة لذاتها، فمثلاً: تصنيف الكتب، وترتيب الأبواب والفصول، والكلام عن تعريف الرجال، وكتابة الفقه، وتبويب المسائل، وما حدث في زمننا أخيراً من مكبرات الصوت وآلات الكهرباء وغيرها، هذه لم تكن معروفة في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، لكنها وسيلة لأمر مقصود للشارع أمر به، فمثلاً استماع الخطبة يوم الجمعة أمر مأمور به، حتى إن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: ( من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب فهو كمثل الحمار يحمل أسفاراً، ومن قال له: أنصت فقد لغى )، فهل نقول: إن اتخاذ مكبر الصوت ليسمع عدد أكبر من البدعة المحرمة أو المكروهة؟
لا نقول هذا، بل ولا يصح أن نسميها بدعة أصلاً، لأنه وسيلة لفعل سنة، ومن القواعد المقررة عند العلماء أن الوسائل لها أحكام المقاصد.
وخلاصة الجواب أن نقول: البدعة أن يتعبد الإنسان لله بما لم يشرعه من عقيدة أو قول أو فعل، وأنَّ كل بدعة ضلالة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، وأنَّ البدعة لا تنقسم إلى حسن وسيء، وأن الوسائل لأمور مشروعة ليست من البدع، وإنما هي وسائل يتوصل بها إلى أمر مشروع.
السؤال: تقول: إحدى الفتيات طلبت منها الكليات التي قدمت فيها انتساباً طلبت منها كشفاً طبياً، وقد حددت الكلية موعداً لحضور الكشف الطبي، وإذا لم تأتِ به في الموعد المحدد يترتب عليه سقوط هذا الانتساب في القبول، وبما أن هذه الفتاة مرتبطة بعمل في المدرسة في منطقتها، وبعيدة جداً عن الكلية، ولا تستطيع الكشف الطبي وإرساله للجامعة في الموعد المحدد، فقد أوصت زميلة لها بالكشف باسمها والذهاب به للكلية، فما حكم هذا العمل، علماً بأن هذه الفتاة سليمة ولا يوجد بها مرض؟
الجواب: هذا عمل محرم من وجهين؛ الوجه الأول: أنه كذب، فالمرأة المكشوف عنها ليست هي المرأة المطالبة.
الوجه الثاني: أنه خيانة للجامعة، ومِنْ ورائها الوزارة، ومن ورائها الدولة، ومن ورائها الأمة، فهي خيانة لكل هذه الجهات، ويترتب على ذلك أن هذه المنتسبة سوف تأخذ الشهادة، وترتقي بها إلى عمل لا يُنال إلا بها، ويترتب على ذلك الراتب، ويكون هذا الراتب مبنياً على باطل، والمبني على باطل باطل، ولهذا نحذر هذه المرأة أن تقوم بهذا العمل، نقول: لا تقومي به، ونحذر غيرها أيضاً من ممارسة هذه الطريقة السيئة، ونقول: اقرءوا قول الله تعالى: وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوا بِمَفَازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ [الزمر:61]، واتقوا الله تعالى عن مثل هذه المعاملة التي تشتمل على ما ذكرنا من الإثم، ونقول: اذكروا قصة كعب بن مالك وهلال بن أمية ومرارة بن الربيع الذين صَدَقُوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في تخلفهم عن غزوة تبوك، وأنهم لم يتخلفوا من عذر، فصدقوا فأنجاهم الله، بل أنزل في قصتهم قرآناً يتلى إلى يوم القيامة، قرآناً يتلى في الصلاة نفلها وفرضها، قرآناً يتعبد الإنسان به لله عز وجل إذا قرأ هذه القصة، قرآناً لكل قارئ يقرأه في كل حرف عشر حسنات، أي فضيلة تحصل مثل هذه الفضيلة؟!
لهذا يجب على المؤمن أن يكون صادقاً في مقاله وفعاله امتثالاً لأمر الله تعالى في قوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ [التوبة:119]، وكذلك امتثالاً لأمر النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: ( عليكم بالصدق؛ فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً )، واجتناباً لما حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: ( إياكم والكذب؛ فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً )، ومن المؤسف أن مَنْ قَدَّم عرضاً لجهات مسئولة على هذا النحو المشتمل على الكذب والخيانة، من المؤسف أن بعض المسئولين في هذه الجهة يوافق على ذلك، ويمشي المعاملة، وهو يعلم الواقع، وأنه على خلاف ما قدم، فيكون بذلك ظالماً لمن قدم هذه المعاملة، وظالماً لنفسه، وظالماً لمن فوقه من ولي الأمر، فالواجب على المسئولين أن لا يحابوا أحداً في أمر يخالف النظام، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا [النساء:135].
وخلاصة الجواب أن نقول لهذه المرأة التي تريد الانتساب إلى الجامعة وهي بعيدة: إن تيسر لك أن تقومي بما يجب مما طلبته الجامعة منك، فهذا هو مطلوبك، وإن لم يتيسر فلا خير لك في الانتساب إليها على وجه الحيلة.
السؤال: نريد جواباً شافياً في حكم العدسات الملونة للزينة، خاصة أن النساء ابتلين بها، فما حكم استعمال مثل هذه العدسات بالنسبة للنساء اللاتي يتزين لأزواجهن؟
الجواب: إذا كانت عين المرأة مشوهة فلا حرج عليها أن تلبس عدسة تجعلها جميلة، لأن هذا ليس من تغيير خلق الله، إذ إن هذه العدسة ليست ثابتة، بل متى شاءت نزعتها، ولا يمكن أن نلحقها بالوشم الذي لعن فاعله، وأما إذا كانت العين سليمة لكن تريد زيادة الكمال، فإننا نقول: الأفضل ألا تفعل؛ لما في ذلك من التعب، وإضاعة المال في تحصيلها، والتعب في تركيبها وإزالتها، ولأنها ربما تضر العين، ولهذا لابد من مراجعة الطبيب قبل اتخاذ أي خطوة في هذا السبيل، وأما إذا كانت هذه العدسة على شكل عيون البهائم فهي حرام، لأن تشبه الإنسان بالحيوان معناه أنه أنزل مرتبته التي جعله الله فيها إلى مرتبة دون، ولهذا لم يقع التشبيه بالحيوان إلا في مقام الذم، قال الله تبارك وتعالى: وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ [الأعراف:175-176]، فقال: مثله كمثل الكلب. ذماً وتقبيحاً، وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه )، شبهه بالكلب تحذيراً وتقبيحاً، وقال تعالى في بني إسرائيل بل في اليهود خاصة: مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [الجمعة:5]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( الذي يتكلم يوم الجمعة والإمام يخطب كمثل الحمار يحمل أسفاراً )، فتجد أن تشبيه بني آدم بالحيوان إنما يكون في مقام الذم، فإذا تشبه الإنسان بالحيوان في تركيب شيء في عينه، فقد نَزَّلّ نفسه عن المرتبة التي جعله الله عليها، والله تعالى يقول: وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا [الإسراء:70].
وعلى هذا فنقول في الجواب خلاصةً:
أولاً: قبل كل شيء وقبل اتخاذ أي خطوة يسأل الطبيب، هل هذا يضر العين أو لا؟ إن كان يضرها فهو ممنوع؛ لأنه لا يجوز للإنسان أن يتناول ما فيه ضرر بدنه؛ لقول الله تعالى: وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا [النساء:29]، فإذا قال الطبيب: إن الضرر منتفٍ، نظرنا هل المرأة محتاجة لذلك لكون نظرها قاصراً فتحتاج إلى تقويته، أو لكون عينها مشوهه تحتاج إلى تجميلها، فهذا لا بأس به، فإذا لم يكن هناك حاجة، نظرنا هل هذه العدسة ليست مشابهة لأعين البهائم، فلا بأس بها، لكن تركها أحسن، لأن بقاء الشيء على طبيعته أولى، ولأن في ذلك إضاعة مال، وإضاعة وقت بعمل تركيبها وتنزيلها، أم أنها -أي: هذه العدسة- تجعل العين شبيهة بعين البهائم كعين الأرنب وما أشبه ذلك، فهذه حرام، لأن التشبيه بالبهائم لم يقع في نصوص الكتاب والسنة إلا في مقام الذم.
السؤال: بعض المدرسات قد تخرج أثناء الدوام المدرسي بدون ضرورة لزيارة مدرسة أخرى، أو زيارة زميلة لها في مدرسة أخرى، وليس لديها حصص، وقد استأذنت من المديرة وأذنت لها، فما حكم هذا العمل؟ وأيضاً ما حكم استعمال هاتف المدرسة لضرورة أو لغير ضرورة؟
الجواب: أما الشق الأول من السؤال وهي أنها تخرج لحاجاتها إذا لم يكن لها شغل، واستأذنت من المديرة، فالظاهر أنه لا بأس به مادام النظام يسمح به.
وأما الشق الثاني وهو استعمال هاتف المدرسة فلا بأس به أيضاً فيما رخص فيه، وهو أن تكون مكالمة داخل المنطقة، فإن هذا لا يكلف الجهة شيئاً من المال، وأما إذا كان خارج المنطقة كالذي يحتاج إلى الصفر فهذا لا يجوز، إلا إذا كان هذا الذي يستعمل الهاتف سوف يؤدي أجرة المكالمة، ولا يلحق الجهة ضرر في كثرة إشغاله إياه، لأن بعض الموظفين ربما يستعمل الهاتف في مكالمة خارجية تحتاج إلى الصفر، لكن تقيد عليه وتؤخذ منه، فهذا لا بأس به إذا وافقت الجهة المسئولة المباشرة، بشرط أن لا يشغل الهاتف، لأنه أحياناً يستعمل بعض الناس الهاتف استعمالاً طويلاً، فيعطل مصلحة الجهة، إما بهاتف يرد عليها، وإما بهاتف يخرج منها، فهذا لا يجوز، لأن مصلحة الجهة مقدمة.
مثال ذلك: إنسان في مدرسة يريد أن يتصل إلى أهله يقول: افعلوا كذا وكذا، وأهله في البلد، هذا لا بأس به، لأنه مأذون فيه، ولهذا فيما أعلم نزع الصفر من كثير من الدوائر لهذا الغرض.
والثاني: أن يكون استعماله للهاتف إلى جهة أخرى خارج المنطقة تحتاج إلى استعمال الصفر، فهذا لا يجوز إلا بعد موافقة المسئول في المدرسة، وبشرط أن لا يشغله كثيراً؛ لأن انشغاله كثيراً ربما يؤدي إلى فوات مصلحة المدرسة لكونها يرد عليها هواتف فيجدون الخط مشغولاً، أو يحتاج أحد من المدرسة الاتصال إلى أمر هام يتعلق بالمدرسة فيجدها أيضاً مشغولاً، فهذا لا يجوز.
استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
فتاوى نور على الدرب [707] | 3913 استماع |
فتاوى نور على الدرب [182] | 3693 استماع |
فتاوى نور على الدرب [460] | 3647 استماع |
فتاوى نور على الدرب [380] | 3501 استماع |
فتاوى نور على الدرب [221] | 3496 استماع |
فتاوى نور على الدرب [411] | 3478 استماع |
فتاوى نور على الدرب [21] | 3440 استماع |
فتاوى نور على الدرب [82] | 3438 استماع |
فتاوى نور على الدرب [348] | 3419 استماع |
فتاوى نور على الدرب [708] | 3342 استماع |