فتاوى نور على الدرب [440]


الحلقة مفرغة

السؤال: إذا مات الإنسان ويغلب على ظني أنه لا يصلي إطلاقاً فهل يجوز لي أن أصلي عليه أم ماذا أرجو الإفادة جزيتم خيراً؟

الجواب: تقدم لنا عبر هذا البرنامج وفي رسالة كتبناها أن تارك الصلاة كسلاً وتهاوناً يكون كافراً خارجاً عن الإسلام، وبينا دلالة الكتاب والسنة وأقوال الصحابة على هذا، ولكن لا يجوز لنا أن نحكم بترك الصلاة على شخص بمجرد الظن؛ لأن الأصل في المسلم أن يصلي لعظم الصلاة في نفوس المسلمين، فإذا قُدم شخص للصلاة عليه وكان يغلب على ظن أحد من الناس إنه لا يصلي فإنه لا يجوز له أن يترك الصلاة عليه بمجرد الظن، نعم لو تيقن إنه لا يصلي فإنه لا يجوز له أن يصلي عليه؛ لأن الصلاة على غير المسلم حرام لقوله تعالى: وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ [التوبة:84] وقوله تعالى: مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ [التوبة:113] ، والصلاة على الميت شفاعة له إلى الله عز وجل، والشفاعة لا تحل لمن لا يرضاه الله لقوله تعالى: وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى [الأنبياء:28] وهي أيضاً لا تنفع المشفوع له لقوله تعالى: يَوْمَئِذٍ لا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا [طه:109] وقوله: وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى .

وخلاصة القول: أنه لا يجوز للإنسان أن يحكم بالظن هذا الحكم العظيم الكبير وهو الكفر بل لا يحكم به إلا إذا تيقن.

السؤال: عندي عامل اسمه عبد الرسول فقمت بتعديل اسمه في بطاقة الرواتب وفي ملفه إلى عبد رب الرسول فهل عملي صحيح؟

الجواب: العمل لا شك أنه صحيح من حيث الجملة؛ لأنه لا يجوز أن يعبد أحد لغير الله كما نقل الإجماع على ذلك ابن حزم رحمه الله حيث قال: اتفقوا على تحريم كل اسم معبد لغير الله حاشا عبد المطلب ، ولكن تغيير الاسم الذي اشتهر به الشخص لا يمكن من حيث الوضع النظامي إلا بمراجعة الأحوال المدنية حتى يتبين الأمر ولا يحصل التباس، وعندي أنه لو حصل ما يوجب التغيير فإن الأفضل أن يغيره أصلاً، أي: أن يغير الاسم أصلاً فلا نقول: عبد رب الرسول بل نقول: عبد الله، عبد الرحمن، عبد الوهاب، عبد الحميد، عبد المجيد وما أشبه ذلك، أما عبد رب الرسول ففيه طول كما هو ظاهر، ثم إن كل من سمع هذا التعبيد عرف أنه متكلف فيه شيء من التكلف، ثم إن من سمع هذا التعبير سينقدح في ذهنه أن أصل هذا الاسم عبد الرسول وربما يكون عنده عناد ولا سيما إذا كان من أولئك الذين يعظمون الرسول عليه الصلاة والسلام كما يعظمون الله أو أكثر ربما يكون عنده عناد فيبقى الاسم على أوله على عبد الرسول، فإذا غير أصلاً واجتث هذا الاسم -أعني: عبد الرسول- إلى تعبيد لله عز وجل كعبد الله الرحمن وعبد العزيز وعبد الوهاب وما أشبهه كان أحسن وأفضل.

السؤال: لوالدي صديق قديم، ويطلق الوالد كلمة: أم المؤمنين على زوجة هذا الصديق؛ لأن اسمها موافق لإحدى أمهات المؤمنين، كما أنه يسمي أحد أصدقائه القدامى نوحاً فهل له ذلك؟

الجواب: أما الأول فهو الإطلاق: أم المؤمنين، على المرأة فهو حرام؛ لأنه كذب فليست أم المؤمنين، وأمهات المؤمنين هن زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم فقط؛ ولأن هذا الذي قال هذه الكلمة الكذب يريد أن يلحق هذه المرأة بزوجات أشرف الخلق النبي محمد صلى الله عليه وسلم وهي بلا شك زوجة لشخص لا يساوي رسول الله صلى الله عليه وسلم في المرتبة.

وأما المسألة الثانية: وهي تسمية الرجل بنوح فلا بأس أن يسمى الرجل نوحاً أو إسماعيل أو إسحاق أو يعقوب أو هود أو غيرها من أسماء الأنبياء.

نعم وأنا أقول: لا بأس بأن يوضع هذا اسماً للشخص، أما أن يكنى به واسمه الحقيقي غيره فإن هذا ينظر فيه، قد نقول بمنعه لأنه كذب، وقد نقول بجوازه من باب التشبيه؛ لكون هذا الرجل له عائلة كبيرة فكأنه يشبه نوحاً في كثرة الأولاد؛ لأن نوحاً عليه الصلاة والسلام هو الأب الثاني للبشرية كما قال الله تعالى: وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ [الصافات:77].

السؤال: ما هو المعتبر في عدد الرضعات هل المعتبر مص الثدي ثم إطلاقه أم الوجبة الكاملة؟

الجواب: اختلف العلماء رحمهم الله في المرادِ بالرضع هل يعتبر مص الثدي ثم إطلاقه رضعة ولو عاد في الحال أو أنه لا بد إنه لابد من رضعة منفصلة بائنة عن الرضعة الأخرى على قولين في هذه المسألة، والراجح أنه لا بد أن تكون الرضعة منفصلة عن الرضعة الأخرى بحيث يكون بينهما فاصل بين، وأما مجرد إطلاق الثدي ثم الرجوع إليه في الحال فإن ذلك لا يعتبر رضعة أخرى؛ لأن الرضعة هنا مثل الأكلة بالنسبة لمن يأكل الطعام، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( إن الله ليرضى عن العبد يأكل الأكلة فيحمده عليها ويشرب الشربة فيحمده عليها )، ومن المعلوم أن المشروع في الشرب أن يكون بثلاثة أنفاس وأن الشربة تشمل الأنفاس الثلاثة، وكذلك في الأكل فإن الإنسان يحمد الله عز وجل إذا فرغ من أكله مع أنه قد أكل لقماً كثيرة، فالذي يظهر أن المراد بالرضعة ما كانت منفصلة انفصالاً تاماً عن الرضعة الأخرى، وأما مجرد إطلاق الثدي في مكان واحد فإنه لا يعتبر تكراراً للرضعات بل هو رضعة واحدة ولو أطلقه عدة مرات. ثم إن كثيراً من العوام يظنون أن الصبي إذا شبع من الرضاع فإنه يكفي عن العدد ولكن هذا ليس بصحيح، بل المعتبر هو العدد سواء شبع أم لم يشبع، فإذا رضع هذا الطفل من هذه المرأة خمس رضعات فإنه يعتبر ابناً لها من الرضاع سواء شبع في كل رضعة أم لم يشبع.

السؤال: أسأل عن قوله تعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ [النساء:142] ؛ لأنني قرأت بعض التفاسير وخشيت أن يكون في بعضها ما يخالف مذهب أهل السنة والجماعة وكذلك في قوله تعالى: اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ [البقرة:15] نريد الجواب الشافي بارك الله فيكم؟

الجواب: أحب أن أنبه على قول السائل: إنه يسأل عن قوله تعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ [النساء:142] فإن ظاهر لفظه أن: (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) من مقول الله، والذي ينبغي إذا أراد أن يستعيذ الإنسان بالله من الشيطان الرجيم أن يقدمها على قول الله فيقول مثلاً: أسأل عن هذه الآية ثم يذكرها، أو يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ما معنى قوله تعالى كذا وكذا.

وأما بالنسبة لسؤاله فإن مذهب أهل السنة والجماعة أن يوصف الله تعالى بما وصف به نفسه وبما وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم بدون تحريف بل يجرى الكلام على ظاهره؛ لأن المتكلم به وهو الله عز وجل أعلم بنفسه وبغيره؛ ولأنه تبارك وتعالى أصدق القائلين وكلامه أفصح الكلام وأبينه، ومراده عز وجل من عباده أن يهتدوا ولا يضلوا، وكذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أعلم الناس بربه، وكلامه أصدق كلام الخلق وأفصحه، ومراده صلى الله عليه وسلم هداية الخلق دون ضلالهم، وهذه الصفات الأربع: العلم، والصدق، والفصاحة، وإرادة الخير إذا توافرت في كلام فقد بلغ الغاية في وجوب الأخذ بمدلوله على ظاهره، ولا يجوز أن يحرف إلى غير الظاهر، وبناءً على هذه القاعدة العظيمة نقول: إن كل ما وصف الله به نفسه من الصفات فهو حق على ظاهره، ففي الآية الأولى التي ذكرها قال الله تبارك وتعالى عن المنافقين: يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ [النساء:142] فعل ذلك عز وجل ليبين أن خداعهم ومكرهم دون خداع الله تعالى لهم ومكره بهم فهو كقوله: وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ [الأنفال:30] ، والخداع ليس وصفاً مطلقاً بالنسبة لله، ولكنه وصف في مقابلة من يخادعونه؛ ليبين أنه عز وجل أقدر منهم على الخداع والمكر، وهذا لا شك يدل على القوة وعلى ضعف المقابل، وليس به أي نقص يتوجه إلى الله عز وجل، ولهذا نرى الناس إذا أرادوا أن يخدعوا شخصاً فعرف خداعهم وخادعهم علموا أنه أقوى منهم وأشد، فالخداع في مقابلة المخادع صفة كمال وليس صفة نقص، ويذكر أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه لما بارز عمرو بن ود وخرج إليه عمرو قال علي : إني لم أخرج لإبارز رجلين. فالتفت عمرو يظن أنه قد لحقه آخر، فلما التفت ضربه علي حتى أهلكه فهذا من الخداع الجائز؛ لأن عمرو بن ود إنما خرج من أجل أن يقتل علياً رضي الله عنه، والحرب خدعة، فخدعه علي رضي الله عنه بهذه الكلمة حتى قضى عليه، ويعد هذا من قدرة علي رضي الله عنه وقوته في خداع خصمه.

ولهذا نقول: إن الخداع والاستهزاء والمكر والكيد الذي وصف الله به نفسه إنما يوصف الله به في مقابل من فعل ذلك لا على سبيل الإطلاق، ولهذا ننبه على مسألة يقولها بعض العامة يقولون: خان الله من يخون، فيظنون أن الخيانة مثل الخداع وهذا ليس بصحيح؛ لأن الخيانة خداع في غير موضعه ومكر في غير موضعه، فلا يجوز أن يوصف الله بها ولهذا قال الله تعالى: وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ [الأنفال:71] ولم يقل: فخانهم؛ لأن الخيانة وصف لا يليق بالله تعالى مطلقاً لأنه مذموم على كل حال.

مداخلة: لكن السائل يا فضيلة الشيخ قرأ في بعض التفاسير، وخشي أن يكون بعضهم يخالف قول أهل السنة والجماعة ومذهب أهل السنة فنحب أن نطمئن هذا السائل على بعض التفاسير؟

الشيخ: على كل حال أقول: إن بعض المفسرين ينحون مذهب من يخرج النصوص على ظاهرها فيما يتعلق بصفات الله، فيجب الحذر من هذا المذهب؛ لأن حقيقته تحريف الكلم عن مواضعه وليس تأويلاً صحيحاً مراداً لله عز وجل؛ لأن الله تعالى لو خاطب الناس بما يريد منهم خلاف ظاهره لم يكن هذا من البيان الذي التزم الله به في قوله لرسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ [القيامة:16-19] وفي قوله تعالى: وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ [النحل:44]، ولا يجوز لنا أن نعدل بكلام الله أو كلام رسوله صلى الله عليه وسلم لا في باب العقيدة ولا في باب الأحكام العملية عن ظاهره إلا بدليل؛ لأن الله خاطبنا باللسان العربي المبين، فيجب علينا أن نجري اللفظ بمقتضى هذا اللسان العربي المبين إلا إذا جاء دليل من المتكلم به على أنه لا يريد ظاهر فحينئذٍ نفسر كلامه بعضه البعض، وأما مجرد الأوهام والتخيلات التي تكون عند بعض أهل العلم من أن إثبات هذه الصفة يقتضي التمثيل أو التشبيه فإن هذه لا يجوز لنا أن نحكم بها على كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنها أوهام ذهب إليها من ذهب ظناً منه أن صفات الله يحذى بها حذو صفات المخلوقين، فيكون هذا الذي نفى الصفة يكون ممثلاً أولاً ومعطلاً ثانياً، فهو ممثل أولاً بحسب ظنه ووهمه، معطلٌ ثانياً لأنه نفى الصفة التي يدل عليها ظاهر كلام الله ورسوله.

مداخلة: طيب يا فضيلة الشيخ الله يستهزئ بهم؟

الشيخ: هذه الآية كما قلنا في الآية الأولى: يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ [النساء:142] وكما أشرنا إلى آية ثالثة: وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ [الأنفال:30] وإلى آية رابعة: إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا * وَأَكِيدُ كَيْدًا [الطارق:15-16].

السؤال: معلم أسند إليه تدريس أحد المواد التي قد لا يجيدها، ولكن لعدم وجود البديل وافق فهل يأثم أم لا أرجو الإفادة؟

الجواب: لا يأثم إذا وافق، ولكنه يأثم إذا قال بما لا يعلم لقول الله تعالى: وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا [الإسراء:36] وربما يكون الرجل لا يجيد هذا العلم الذي أسند إليه، ولكنه إذا أسند إليه حرص عليه وتابع وتعلم ثم ألقى ما علم على التلاميذ، فالمهم أن قبوله لتدريس هذا العلم لا يأثم به، لكنه يأثم إذا درس أو إذا تكلم بما لا يعلم.

السؤال: هل يؤجر المصاب بحالة نفسية تلازمه كثيراً أرجو بهذا إفادة مأجورين؟

الجواب: المصائب التي تصيب الإنسان في بدنه أو في أهله أو في ماله أو في مجتمعه تكون مكفرات للذنوب، يكفر الله بها ذنوب العبد، فإذا صبر واحتسب الأجر من الله فإنه يؤجر عليها، فأحوال الناس بالنسبة للمصائب ثلاثة: من لم يصبر بل تسخط، واعتقد أن هذا شيء من الظلم له هذا يأثم بالإضافة إلى ما أصابه من المصيبة.

والحال الثانية: أن يصبر ولا يتضجر ولا يتسخط من قضاء الله، فهذا يكفر الله به، أي: يكفر الله بهذه المصيبة ما شاء من ذنوبه.

والحال الثالثة: أن يصبر وهو يحتسب الأجر على الله عز وجل، ففي هذه الحال تكون المصيبة كفارة للذنب ويثاب على احتسابه الأجر من الله عز وجل.

السؤال: يسأل عن حديث: ( صلوا قبل المغرب صلوا قبل المغرب ) قال في الثالثة: ( لمن يشاء ) هل معنى هذا أن هناك سنة قبل المغرب؟

الجواب: نعم هناك سنة قبل صلاة المغرب لكنها بعد أذان المغرب؛ لأن ما قبل الأذان وقت نهي، لكن هذه السنة لما أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم وكرر الأمر بها ثلاث مرات فقد يظن المخاطب أن هذه السنة واجبة أو أنها على الأقل سنة راتبة كالتي بعد المغرب، فلهذا قال عليه الصلاة والسلام: ( لمن شاء )؛ لئلا يظن أنها واجبة أو سنة راتبة، ولهذا قال الراوي: كراهية أن يتخذها الناس سنة، أي سنة راتبة، وهذا يشبه قوله صلى الله عليه وسلم: ( بين كل أذانين صلاة ) فإن بين كل أذانين صلاة، والمراد بالأذانين الأذان والإقامة، ففي الفجر راتبة الفجر، وفي الظهر راتبة الظهر؛ لأن الفجر لها راتبة قبلها بين الأذان والإقامة، والظهر كذلك لها راتبة قبلها بين الأذان والإقامة وهي أربع ركعات بتسليمتين، وفي العصر أيضاً يصلي الإنسان ما شاء ركعتين أو أكثر لكل ركعتين سلام، وفي المغرب هذا الحديث الذي أشار إليه السائل، وفي العشاء أيضاً يسن أن يصلي بين الأذان والإقامة ركعتين أو أكثر يسلم من كل ركعتين.

السؤال: ما حكم الشرع في نظركم يا شيخ في الطالب الذي يقرأ القرآن ثم يحفظه ثم ينساه؟

الجواب: إذا حفظ الإنسان القرآن ثم نسيه فإن كان عن هجر للقرآن ورغبة عنه فإنه قد عرض نفسه لاثم عظيم، وإن كان بمقتضى السجية والطبيعة البشرية أو أتاه ما يشغله عن تعهده فإنه لا يأثم بذلك؛ لأن النسيان من طبيعة الإنسان كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون ) فإذا كان النسيان بمقتضى طبيعة البشرية أو من أجل أنه تشاغل بأمور واجبة أوجبت نسيان شيء من القرآن فإن ذلك لا يكون سبباً لإثمه.

السؤال: هل يجوز لي فضيلة الشيخ أن أركب مع زوج أختي في سيارته، ويقوم بتوصيلي إلى البيت إذا أتيت عند أختي، مع العلم أن زوج أختي يقوم بسؤالي ويتكلم معي فهل يجوز لي أن أركب معه؟

الجواب: إذا كان معكما أحد كزوجة الأخ مثلاً أو أي شخص آخر، وكان هذا الأخ مأموناً فلا بأس، وأما إذا كان وحده فإن هذه خلوة، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يخلو الرجل بالمرأة إلا مع ذي محرم.