خطب ومحاضرات
فتاوى نور على الدرب [427]
الحلقة مفرغة
السؤال: نلاحظ في الطرق الطويلة لوحات كتب عليها عبارة مثل: اذكروا الله، صلوا على النبي، سبحوا الله، لا تنسوا ذكر الله، فهل هذا العمل بدعة؟
الجواب: الذي أرى أن مثل هذا العمل جائز؛ لما فيه من التذكير بأمر مشروع وهو ذكر الله عز وجل، وذكر الله عز وجل مشروع في كل وقت، قال الله تبارك وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا [الأحزاب:41-42]، وذكر الله من الأوصاف الحميدة الموجبة للمغفرة والأجر العظيم قال الله تعالى: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا [الأحزاب:35]، وبناء على ذلك فإن التذكير بهذا الأمر المشروع ليس ببدعة، لأنه وسيلة لأمر مشروع، ووسيلة الأمر المشروع مشروعة، ويجب علينا أن نعرف الفرق بين الغايات والوسائل، فإذا كانت الغايات مشروعة كانت الوسائل الموصلة إليها مشروعة، ولا تعد من البدع.
السؤال: ما حكم من حج عن غيره قبل أن يحج عن نفسه؟ ولمن يكون حجه؟
الجواب: إذا حج الإنسان عن غيره قبل أن يحج عن نفسه؛ فإن كانت قد وجبت عليه الفريضة، بأن كان مستطيعاً ولكنه لم يحج، ثم حج عن غيره، فإن ذلك غير صحيح، قال أهل العلم: وتكون الحجة لنفسه لا لمن نواها له، وإذا كان قد أخذ شيئاً ممن نوى الحج عنه فإنه يرده إليه، أما إذا كان لم يحج عن نفسه لعدم استطاعته وحج عن غيره، فإن هذا لا بأس به، وذلك لأنه إذا لم يكن مستطيعاً فالحج في حقه غير فريضة، فيكون قد أدى عن غيره حجاً في محله فيجزئ عنه.
السؤال: هل يجوز للمرأة أن توكل من يرمي عنها في الجمار وخصوصاً في الزحام؟
الجواب: لا يجوز للمرأة ولا لغيرها أن توكل من يرمي عنها؛ لأن الرمي من أفعال الحج، وقد قال الله تبارك وتعالى: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ [البقرة:196]، وقال تعالى: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ [الحج:29]، وأما الزحام فليس بعذر، لأنه يمكن التخلص منه بتأخير الرمي إلى وقت آخر، أو بتقديمه إذا كان يجوز تقديمه، ولهذا أذن النبي صلى الله عليه وسلم للضعفة من أهله أن يدفعوا من مزدلفة بليل ليصلوا إلى منى قبل زحمة الناس فيرموا الجمرة جمرة العقبة، ولم يأذن لهم أن يوكلوا من يرمي عنهم، وكذلك أذن النبي صلى الله عليه وسلم للرعاة رعاة الإبل أن يرموا يوماً ويدعوا يوماً، ولم يأذن لهم أن يوكلوا من يرمي عنهم، وهذا دليل على تأكد الرمي على الحاج بنفسه، وكما ذكرت أن الزحام يمكن تلافيه أو التخلص منه بتقديمه إن كان يصح تقديمه أو بتأخيره، فالذي يصح تقديمه مثلنا به وهو رمي جمرة العقبة يوم العيد، وأما الذي يمكن تأخيره فرمي الجمرات في أيام التشريق، إذ يمكن أن يؤخر الرمي إلى الليل، والرمي في الليل فيه سعة وفيه لطافة الجو وبرودته، والرمي جائز في الليل؛ لعدم وجود دليل صريح يمنع من الرمي ليلاً.
السؤال: ما حكم الشرع في قص النساء الشعر من الخلف والأمام؟
الجواب: ذكر فقهاء الحنابلة رحمهم الله أن قص المرأة شعرها من الأمام أو من الخلف مكروه وليس بحرام، إلا إذا كان قصاً كثيراً بحيث يكون رأس المرأة كرأس الرجل في هذه الحال يكون حراماً، لأن تشبه المرأة بالرجل من كبائر الذنوب وقد ( لعن النبي صلى الله عليه وسلم المتشبهات من النساء بالرجال ).
السؤال: مأموم نسي قراءة الفاتحة في إحدى الصلوات السرية، فهل عليه بعد سلام إمامه أن يأتي بركعة أم تكفي قراءة الإمام؟
الجواب: القول الراجح أن قراءة الفاتحة واجبة على المأموم، وبناء عليه فإذا نسي المأموم أن يقرأ الفاتحة في إحدى الركعات فإن هذه الركعة تلغو ويأتي بدلها بركعة بعد سلام إمامه، فإذا أدرك الإمام في أول ركعة، ونسي أن يقرأ الفاتحة في هذه الركعة مثلاً، فإنه إذا سلم الإمام يجب عليه أن يأتي بركعة بدلاً عن الركعة التي ترك فيها قراءة الفاتحة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب )، ولقوله: ( كل صلاة لا يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج فهي خداج فهي خداج )، يعني: فاسدة، وإنما لم نقل: ببطلان الصلاة كلها، لأنه كان ناسياً، ولو تعمد أن يدع قراءة الفاتحة فإن صلاته تكون باطلة.
السؤال: من سافر بالطائرة من الرياض إلى جدة بنية العمرة، لكنه لم يحرم، ولما وصل المطار ذهب إلى السيل الكبير وأحرم منه، هل عمله صحيح؟
الجواب: إذا سافر من الرياض إلى جدة بالطائرة، فإن أقرب ميقات تمر به الطائرة هو السيل الكبير، فيجب عليه أن يحرم من السيل الكبير إذا حاذاه في الجو، وعلى هذا يكون متأهباً يغتسل في بيته ويلبس ثياب الإحرام، فإذا قارب الميقات بنحو خمس دقائق فليكن على أتم تأهب وليلبي بالعمرة، فإن لم يفعل فإن الواجب عليه إذا هبط المطار في جدة أن يذهب إلى السيل الكبير ويحرم منه، وفي هذا الحال لا يكون عليه شيء، لأنه أدى ما يجب عليه وهو الإحرام من الميقات.
السؤال: متى يؤدي المسلم سنة الفجر إذا فاتته؟
الجواب: من المعلوم أن النساء يصلين غالباً في بيوتهن، وحينئذٍ يكون الأمر في أيديهن، فتصلي المرأة سنة الفجر قبل صلاة الفجر، ولكن ربما تنسى فتصلي الفريضة قبل النافلة، وفي هذه الحال نقول: إن شئت فصل الراتبة بعد الفريضة، وإن شئت أخريها حتى تطلع الشمس وترتفع قيد رمح، ولكن إن خفت نسيانها فالأفضل أن تصليها بعد الفريضة، أما الرجل فهو الذي يكثر من ألا يصلي راتبة الفجر، لأنه يأتي إلى المسجد فيجد الناس يصلون صلاة الفجر فيدخل معهم، فنقول له كما قلنا للمرأة، نقول له: إن شئت فصل راتبة الفجر إذا انتهيت من الفريضة، وإن شئت فأخرها حتى ترتفع الشمس قيد رمح، وإن خفت أن تنساها أو تنشغل عنها، فالأفضل أن تصليها بعد صلاة الفجر بعد أذكارها المشروعة.
السؤال: هل ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يرفع يديه بالدعاء بعد صلاة الفريضة؟
الجواب: لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يرفع يديه للدعاء بعد الفريضة ولا بعد النافلة أيضاً، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم أرشد أمته إلى أن يكون دعاؤهم قبل السلام، ففي حديث عبد الله بن مسعود حين علمه النبي صلى الله عليه وسلم الشهد، قال: ( ثم ليتخير من الدعاء ما شاء )، فمن أراد أن يدعو الله عز وجل فليدع الله قبل أن يسلم، لأنه في حال مناجاة الله عز وجل، ولأنه يصيب الموضع الذي أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم، ولهذا كان تأخير الدعاء إلى ما بعد السلام مخالفاً لما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم، ولما يقتضيه النظر الصحيح، إذ النظر الصحيح يقتضي أن يكون الدعاء حين مناجاة الله عز وجل قبل أن يسلم الإنسان من صلاته وينصرف منها أولى من أن يؤخر الدعاء إلى ما بعد مناجاته لله وانصرافه من صلاته.
السؤال: إذا كان الحلم يتكرر دائماً، فهل معنى ذلك أنه سوف يتحقق؟
الجواب: لا، ليس معنى ذلك أنه سوف يتحقق، إذا كثرت رؤيا الإنسان في شيء معين وتكررت فلا يعني ذلك أنه يتحقق، ولكن أنصح السائل ومن استمع جوابي هذا أن لا يلتفتوا إلى المرائي المروعة المكروهة، بل إذا رأى أحد ما يكرهه في منامه فليفعل ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم ولا يضره بعد ذلك، يتفل عن يساره ثلاث مرات ويقول: اللهم إني أعوذ بك من شر الشيطان ومن شر ما رأيت، ويتحول إلى الجنب الثاني، ولا يحدث بذلك أحداً، فإذا فعل هذا فإن هذه الرؤية المكروهة التي أفزعته لا تضره، هكذا جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبهذا يستريح الإنسان من المرائي الكثيرة التي يعرضها الشيطان له في منامه ليحزنه ويقلق راحته، لأن الشيطان عدو للإنسان، فهو يحب أن يحزنه ويقلق راحته، ألم تر إلى قول الله تعالى: إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ [المجادلة:10].
السؤال: إذا اشتريت مصاغاً ذهبياً، وأعطيت صاحب المحل شيكاً، فهل يعتبر بذلك استلاماً؟
الجواب: إذا اشترى الإنسان ذهباً وأعطى البائع شيكاً بالثمن، فإن ذلك لا يعتبر قبضاً بل هو حوالة، وعلى هذا يكون هذا العقد باطلاً، لأنه لم يحصل فيه القبض، والقبض إنما يكون بأخذ العوض، فإذا اشترى إنسان ذهباً بعشرة آلاف، وأعطى البائع شيكاً على مصرف من المصارف، فإن هذا لا يعتبر قبضاً، والبيع باطل، والذهب للبائع، وليس في ذمة المشتري شيء من ثمنه لبطلان البيع، والطريق السليم أن يذهب المشتري إلى المصرف ويأخذ عشرة آلاف بيده، ثم يأتي بها إلى مكان البائع، ويتم العقد على هذا، فيحضر البائع الذهب وتكون هذه الدراهم مع المشتري، وكل واحد منهم يقبض من الآخر في مجلس العقد.
استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
فتاوى نور على الدرب [707] | 3913 استماع |
فتاوى نور على الدرب [182] | 3693 استماع |
فتاوى نور على الدرب [460] | 3647 استماع |
فتاوى نور على الدرب [380] | 3501 استماع |
فتاوى نور على الدرب [221] | 3496 استماع |
فتاوى نور على الدرب [411] | 3478 استماع |
فتاوى نور على الدرب [21] | 3440 استماع |
فتاوى نور على الدرب [82] | 3438 استماع |
فتاوى نور على الدرب [348] | 3419 استماع |
فتاوى نور على الدرب [708] | 3342 استماع |