خطب ومحاضرات
فتاوى نور على الدرب [191]
الحلقة مفرغة
السؤال: هل صحيحٌ أن الزوجين إذا كانا صالحين وتوفيا، وكانا من أهل الجنة أنهما يكونان زوجين في الجنة؟
الجواب: نعم هذا صحيح، أنه إذا مات رجل وزوجته وكانا من أهل الجنة فإنها تبقى زوجةً له، قال الله تعالى: رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُم وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [غافر:8] ، وقال تعالى: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ [الطور:21] ، والذرية شاملة لذرية الزوج والزوجة، فإذا كان الله يلحق بالمؤمنين ذرياتهم، فمعنى ذلك أن الزوج والزوجة يكونان سواء، يلحق الله بهما ذريتهما، وهذا من كمال النعيم الذي في الجنة، فإن فيها ما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشر، وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين، وهذا من كمال النعيم كما قلت.
السؤال: هل صحيحٌ ما يقال عن الأموات: إن الأرواح ترد إلى أهلها الميتين في يومي الإثنين والخميس لترد على الزوار، ولذلك يزورون المقابر في هذين اليومين، ويدعون للأموات، ويقرءون الفاتحة وبعض سور القرآن الكريم؟
الجواب: هذا لا أصل له، وزيارة المقابر مشروعةٌ كل وقت؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة)، وينبغي للزائر أن يفعل ما كان النبي عليه الصلاة والسلام يفعله، من السلام عليهم دون القراءة، فقد كان يقول عليه الصلاة والسلام مما يقوله: ( السلام عليكم دار قومٍ مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، يرحم الله المستقدمين منكم والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافية، اللهم لا تحرمنا أجرهم، ولا تفتنا بعدهم، واغفر لنا ولهم)، ولا تنبغي القراءة على القبر، لأن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم، وما لم يرد عنه فإنه لا ينبغي للمؤمن أن يتخذه أو أن يعمله.
واعلم أن المقصود بالزيارة أمران؛ أحدهما: انتفاع الزائر بتذكر الآخرة، والاعتبار والاتعاظ، فإن هؤلاء القوم الذين هم الآن في بطن الأرض كانوا بالأمس على ظهرها، وسيجري لهذا الزائر ما جرى لهم، فيعتبر ويغتنم الأوقات والفرص، ويعمل لهذا اليوم الذي سيكون في هذا المثوى الذي كان عليه هؤلاء.
أما الأمر الثاني فهو: الدعاء لأهل القبور بما كان النبي عليه الصلاة والسلام يدعو به من السلام، وسؤال الرحمة.
وأما أن يسأل هؤلاء الأموات أو أن يتوسل بهم فإن هذا محرم ومن الشرك، ولا يجوز، ولا فرق في هذا بين قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبر غيره، فإنه لا يجوز أن يتوسل أحدٌ بقبر النبي عليه الصلاة والسلام، أو بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد موته، فإن هذا من الشرك، لأنه لو كان هذا حقاً لكان أسبق الناس إليه الصحابة رضي الله عنهم، ومع ذلك فإنهم لا يتوسلون به بعد موته، استسقى عمر رضي الله عنه ذات يوم فقال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فأسقنا، ثم قام العباس رضي الله عنه فدعا، وهذا دليلٌ على أنه لا يتوسل بالميت بعد موته مهما كانت درجته ومنزلته عند الله سبحانه وتعالى، وإنما يتوسل بدعاء الحي الذي ترجى إجابة دعوته؛ لصلاحه واستقامته في دين الله عز وجل، فإذا كان الرجل ممن عرف بالدين والاستقامة، وتوسل بدعائه، فإن هذا لا بأس به، كما فعل أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه، وأما الأموات فلا يتوسل بهم أبداً، ودعاؤهم شركٌ أكبر مخرجٌ عن الملة نسأل الله العافية، قال الله تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ [غافر:60].
وبهذه المناسبة أود أن أذكر أنه يوجد في بعض البلاد الإسلامية من يذهبون إلى القبور لدعائهم والاستنصار بهم والاستغاثة بهم، وهذا شرك أكبر لا يزيدهم إلا خساراً، وإلا عذاباً ونكالاً، فعليهم أن يتوبوا إلى الله وأن يسألوا النصر من عند الله سبحانه وتعالى، وأن يستغيثوا به وحده، فإن هؤلاء الأموات لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً، فكيف يملكون لغيرهم؟! هم بحاجةٍ إلى أن يدعى لهم، فكيف يدعون؟!
السؤال: إذا كان الرجل عنده دارٌ مؤجرة غير التي يسكن فيها، فهل يدفع الزكاة عن قيمة الدار أو عما يتحصل له من أجرتها؟
الجواب: الدار المؤجرة إن كانت معدة للتأجير والاستغلال فإنه لا زكاة في قيمتها، وإنما الزكاة فيما يحصل فيها من الأجرة إذا تم عليه الحول من العقد، فإن كان لا يتم عليه حولٌ من العقد فلا زكاة فيه أيضاً، مثل أن يؤجر هذا البيت يؤجره بعشرة آلاف مثلاً، يقبض منها خمسةً عند العقد فينفقها، ثم يقبض خمسةً عند نصف السنة فينفقها قبل تمام السنة، فإنه لا زكاة عليه حينئذٍ، لأن هذا المال لم يتم عليه الحول.
أما إذا كانت الدار قد أعدها للإجارة، لكنه في الأصل اشتراها للتجارة، وهو الآن ينتظر بها الربح، لكنه قال: ما دامت لم تبع فإني أؤجرها، فإنه في هذه الحال يجب عليه الأجرة في قيمة الدار، وكذلك في أجرتها إذا تم عليها الحول كما قلنا قبل قليل، وإنما تجب عليه الزكاة في قيمة الدار حينئذٍ، لأنه أرادها للتجارة، وما أرادها للبقاء والاستغلال، وكل شيء تريده للتجارة والتكسب فإن فيه الزكاة؛ لقول النبي عليه الصلاة والسلام: ( إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئٍ ما نوى)، وهذا الذي عنده أموالٌ يريد بها التكسب إنما نوى بها قيمتها لا ذاتها، فقيمتها دراهم ونقود، والدراهم والنقود تجب فيها الزكاة، وعلى هذا فيكون هذا الذي قصد بهذا البيت التجارة والاستغلال، يكون واجباً عليه الزكاة في قيمة البيت، وفي أجرته إذا تم عليه حولٌ من العقد.
السؤال: كيف نجمع بين قوله تعالى: وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ [البقرة:284] ، وبين معنى الحديث الشريف الذي هو: ( إن الله تجاوز لأمة محمدٍ صلى الله عليه وسلم ما حدثت به أنفسها ما لم تفعله أو تتكلم به)؟
الجواب: الجمع بين هذه الآية وبين الحديث الذي أشرت إليه هو في قوله تعالى: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286]، فما كان بوسع الإنسان فإنه مؤاخذٌ به، وما كان ليس بوسعه فهو غير مؤاخذٍ به، فقوله تعالى: وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ [البقرة:284] ، جاءت الآية بعده: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ [البقرة:286] ، فالخواطر التي ترد على المرء، ولا يركن إليها، ولا يطمئن لها، وإنما هو حديث نفسٍ عابر، لا يركن إليه ولا يأخذ به، فهذا لا يؤاخذ به، لأنه من غير طاقة المرء، أو لأنه فوق طاقة المرء، أما إذا كانت الهواجس التي ترد على القلب يطمئن إليها الإنسان ويعتقدها، فإنه عمل يؤاخذ به العبد، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئٍ ما نوى)، وأخبر عليه الصلاة والسلام عن الرجل يقاتل أخاه المسلم، فقال عليه الصلاة والسلام: ( إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار، قالوا: يا رسول الله! هذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال: لأنه كان حريصاً على قتل صاحبه).
فالمهم أن ما يرد على القلب إذا اطمأن إليه الإنسان وأخذ به واعتبره، فإنه يؤاخذ عليه، أما الهواجس التي تطرأ ويحدث الإنسان نفسه فيها، ولكنه لا يركن إليها فلا يؤاخذ بها، مثل لو كان يحدث الإنسان نفسه، هل يطلق زوجته أو لا؟ نقول: إن الزوجة لا تطلق، حتى لو نوى أن يطلقها، فإنها لا تطلق، لأن الطلاق لا يكون إلا بالقول، أو بما يدل عليه من الفعل، كالكتابة، ولا يؤاخذ بهذا، وكذلك لو نوى أن يتصدق بهذه الدراهم، وعزم، ولكنه ما دفعها إلى الآن، فإنه لا يلزمه الصدقة بها، سواءٌ نواها لشخصٍ معين، أو نواها صدقةً ولم يعين بها عليه، فإنه لا تلزمه الصدقة.
السؤال: إذا كان الإنسان فاقداً لأحد أعضاء الوضوء، كاليد أو الرجل مثلاً، فهل يلزمه التيمم عن غسل ذلك العضو المفقود؟ وما الحكم لو ركب له عضوٌ صناعي، فهل يلزمه غسله في الوضوء أم لا؟
الجواب: إذا فقد الإنسان عضوٌ من أعضاء الوضوء، فإنه يسقط عنه فرضه إلى غير تيمم، لأنه فقد محل الفرض فلم يجب عليه، حتى لو ركب له عضوٌ صناعي، فإنه لا يلزمه غسله، ولا يقال: إن هذا مثل الخفين يجب عليه مسحهما، لأن الخفين قد لبسهما على عضوٍ موجودٍ يجب غسله، أما هذا فإنه صنع له على غير عضوٍ موجود، لكن أهل العلم يقولون: إنه إذا قطع من المفصل، فإنه يجب عليه غسل رأس العضو، مثلاً لو قطع من المرفق وجب عليه غسل رأس العضد، ولو قطعت رجله من الكعب وجب عليه غسل طرف الساق.
السؤال: السيارات المستعملة للأغراض الشخصية فقط دون تأجير هل عليها زكاة سواء كانت متعددةً أم واحدة؟
الجواب: إذا كان عند الإنسان سياراتٌ أعدها للأجرة، كالتكاسي مثلاً، أو سيارات الحمل الكبيرة، فإنه ليس فيها زكاة، سواءٌ قلت أو كثرت، وسواءٌ كانت قيمتها قليلة أم كثيرة؛ لقول النبي عليه الصلاة والسلام: ( ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة)، أما إذا كان صاحب معرض يتجر بالسيارات، يبيع هذه ويشتري هذه، فإنه تجب عليه الزكاة في قيمة هذه السيارات، لأنه تاجر سيارات، وعروض التجارة تجب فيها الزكاة كما هو معروف.
مداخلة: التي للاستعمال الخاص؟
الشيخ: التي للاستعمال الخاص لا زكاة فيها، ولو تعددت، وكذلك ما كان للاستغلال وكدة فلا زكاة فيها.
السؤال: قال الله تعالى في كتابه العزيز: رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ [الشعراء:28] ، وقال في موضعٍ آخر: رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ [الرحمن:17]، وقال: فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ [المعارج:40]، فما معنى هذه الآيات؟
الجواب: هذه الآيات كما سمعنا جميعاً ذكر بعضها بالإفراد وبعضها بالتثنية وبعضها بالجمع، وقد يفهم الإنسان بادئ ذي بدء أن هناك تعارضاً بين هذه الآيات، وأقول: إنه لا تعارض في القرآن الكريم أبداً، فالقرآن الكريم لا يتعارض بعضه مع بعض، ولا يتعارض مع ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا وجدت شيئاً متعارضاً فاطلب وجه الجمع بين هذه التي تظن أنها متعارضة، فإن اهتديت إلى ذلك فذلك المطلوب، وإن لم تهتد إليه فالواجب عليك أن تقول كما يقول الراسخون في العلم: آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا [آل عمران:7] ، واعلم أنه إنما يظهر التعارض بين القرآن، أو بينه وبين ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم، إنما يتوهم التعارض من كان قاصراً في العلم، أو مقصراً في التدبر، وإلا فإن الله يقول: أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا [النساء:82] ، وإنما قدمت هذه المقدمة لأجل أن تعم الفائدة.
أما الجواب على السؤال فنقول: إن الإفراد في قوله تعالى: قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ [الشعراء:28]، يراد به الجنس، وما أريد به الجنس فإنه لا ينافي التعدد.
وأما قوله تعالى: رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ [الرحمن:17] ، فإن المراد بالمشرقين ما يكون في الصيف وفي الشتاء، يعني: آخر مشرق للشمس في أيام الصيف، وآخر مشرق للشمس في أيام الشتاء، معناه: انتقال الشمس من مدار الجدي إلى مدار السرطان، تكون في آخر هذا في أيام الصيف، وفي آخر هذا في أيام الشتاء، وهذا أكبر دليل على قدرة الله عز وجل حيث ينقل هذا الجرم العظيم، وهذه الشمس العظيمة، ينقلها من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال، وبالعكس، فهذا من تمام قدرة الله عز وجل، أن تنتقل من الشمال إلى الجنوب، فهذا معنى المشرقين، أي: مشرقا الصيف والشتاء.
وأما قوله: الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ [المعارج:40] بالجمع، فقيل: إن المراد مشرق الشمس ومغربها كل يوم، فإن لها في كل يوم مشرقاً ومغرباً غير المشرق والمغرب في اليوم الذي قبله، أو اليوم الذي يليه، والله تعالى على كل شيء قدير. وقيل: المراد بالمشارق والمغارب مشارق الشمس والنجوم والقمر، فإنها تختلف، فيكون الجمع هنا باعتبار ما في السماء من الشمس والقمر والنجوم.
وعلى كل حال فالله تعالى رب هذا كله، وهو مدبره سبحانه وتعالى، والمتصرف فيه كما تقتضي حكمته.
السؤال: توجد في الطريق إلى بيت أهلي مقبرةٌ وقد دفنت جدتي فيها، فحينما أريد الذهاب إلى بيت أهلي أمر منها مروراً دون الوقوف بها، فأقرأ الفاتحة وسور الإخلاص والمعوذتين، وأسلم على الأموات عموماً، وأدعو لهم بالرحمة والمغفرة، فهل علي إثمٌ في ذلك، رغم أنني أفعل ذلك أثناء مروري دونما قصدٌ للزيارة ودونما توقف؟
الجواب: ليس عليك إثمٌ في هذا إذا سلمت على أهل القبور ودعوت لهم بالرحمة والمغفرة، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم: ( السلام عليكم دار قومٍ مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، يرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافية، اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم واغفر لنا ولهم)، وأما قراءة الفاتحة والإخلاص وغيرها من القرآن، فإن هذا من البدع، فلا ينبغي أن تفعلي ذلك، واجتنبيه، ويكفي السلام والدعاء الوارد في السنة.
السؤال: لي إخوة ذكور أصغر مني سناً، ولي أخت في سن الزواج، وفي حالة غيابي عن البلد لطلب الرزق تقدم خاطب لأختي فوافق عليه أخي الأصغر مني، وعقد له عليها بدون إذني أو أخذ مشورتي، فهل يجوز له ذلك؟
الجواب: نعم يجوز له ذلك إذا كان بالغاً عاقلاً رشيداً يعرف الكفء من غيره، ووافقت أختك على ذلك، ما دام أخاً لها مساوياً لك في كونه شقيقاً وأنت شقيق، أو لأب وأنت لأب، أما إذا كنت أنت الشقيق وهو الذي لأب فإن الحق لك دونه، فأنت الولي شرعاً، وأما إذا كان هو الشقيق وأنت الذي لأب فالحق له دونك، لكن إذا تساويتما وكلاكما شقيق لهذه البنت أو كلاكما أخ لأب لهذه البنت، فإن أي واحد منكما يتولى زواجها فعقده صحيح إذا كان بالغاً عاقلاً رشيداً، ورضيت به المرأة، ولا حرج عليه في ذلك أيضاً.
مداخلة: أليس الحق للأكبر في السن؟ أليس له أولوية؟
الشيخ: إي نعم، ليس له أولوية، لكنه من باب المروءة ينبغي أن يشاور، لأنه في الغالب يكون أعرف وأدرى بالناس وبأحوال الناس، وإلا فقد يكون الأصغر خيراً منه.
مداخلة: لكن إذا عرف أو اشتهر عن هذا الأخ الأصغر أنه سيء التصرف، وقد لا يختار لها زوجاً صالحاً؟
الشيخ: هذا يرجع إلى كونه فاقد العدالة، فإذا كان فاقد العدالة، وكان ظاهراً أنه ليس بعدل، فإنه لا يصح أن يكون ولياً، وحينئذٍ يجب أن ينظر في هذا من قبل المحكمة.
السؤال: هناك رجلٌ له أخت، وقد زوجها من رجلٍ له أختٌ أيضاً في سن الزواج، وقد أخذ من زوجها نصف مهرها، ثم تقدم هو للزواج من أخته فتزوجها ودفع إليه نصف المهر، فهل يدخل هذا في الشغار أم لا؟ فإذا حصل أن غضبت إحداهما وفارقت المنزل، فإن الأخرى تفعل مثلها ولو بدون سبب؟
الجواب: هذا لا يدخل في الشغار ما دام أنه لم يخطب أخت زوج أخته إلا بعد أن تم العقد، فإنه لا يدخل في الشغار، لكن فيه تصرفٌ سيء من هذا الأخ، حيث أخذ نصف مهر أخته، لأنه لا يحل له أن يأخذ من مهر أخته شيئاً إلا إذا طابت نفسها بذلك، ورضيت، وهي بالغة عاقلة رشيدة، فلها أن تعطيه ما شاءت، أما أن يأخذه بغير إذنها وبغير رضاها ليتزوج به من بنت هذا الرجل، فإنه محرمٌ عليه ولا يصح، ولا يجوز له فعل هذا.
أما بالنسبة للنكاح فالعقد صحيح، لأنه ليس من باب نكاح الشغار، وأما كون كل واحدةٍ من الزوجتين إذا غضبت الأخرى غضبت هي بدون سبب، وخرجت من بيت زوجها، فإن هذا حرام عليها أن تفعل، لأن الواجب عليها لزوجها أن تعاشره بمعروف، وأن لا تنظر إلى معاشرة الزوجة الأخرى لأخيها، فيجب على الإنسان أن يتقي الله عز وجل في معاملة غيره ممن يجب له الحق، وأن يقوم به على الوجه الأكمل.
استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
فتاوى نور على الدرب [707] | 3913 استماع |
فتاوى نور على الدرب [182] | 3693 استماع |
فتاوى نور على الدرب [460] | 3647 استماع |
فتاوى نور على الدرب [380] | 3501 استماع |
فتاوى نور على الدرب [221] | 3496 استماع |
فتاوى نور على الدرب [411] | 3478 استماع |
فتاوى نور على الدرب [21] | 3440 استماع |
فتاوى نور على الدرب [82] | 3438 استماع |
فتاوى نور على الدرب [348] | 3419 استماع |
فتاوى نور على الدرب [708] | 3342 استماع |