شرح العمدة (الأمالي) - كتاب البيوع - باب الصلح


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه أجمعين.

هذا الدرس في شرح عمدة الفقه (باب الصلح)، وإن شاء الله تعالى ننجز هذا الباب الليلة؛ لأنه باب يسير واضح سهل.

بالنسبة للصلح فهو مأخوذ من الإصلاح والمصالحة والصلاح وهو ضد الفساد.

وفي اصطلاح الفقهاء فإن للعلماء كالمالكية والشافعية والحنابلة والأحناف تعريفات مختلفة للصلح، لكن كلها تدور حول أن الصلح: عقد لرفع المنازعة بين المتخاصمين أو لمنع حصولها.

وهذا أجمل وأوسع ما يكون من التعريفات: أن يكون الصلح عقد لرفع منازعة بين متخاصمين أو لمنع حصولها أصلاً، فالرفع يكون بعد حصول النزاع، وأما المنع فهو يتلافى الخصومة قبل وقوعها، وهذا هو تعريف بعض المالكية، واخترته كما قلت لشموله.

والصلح ثابت بالكتاب والسنة وإجماع أهل العلم:

فأما الكتاب: ففي القرآن الكريم كثيراً الإشارة إلى الصلح، ولا بأس أن نسمع منكم بعض الآيات الواردة في الصلح.

مداخلة: لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ [النساء:114].

الشيخ: لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ [النساء:114].

وأيضاً؟

مداخلة: وَالصُّلْحُ خَيْرٌ [النساء:128].

الشيخ: وَالصُّلْحُ خَيْرٌ [النساء:128] نعم يا ..!

مداخلة: وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا [الحجرات:9].

الشيخ: وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا [الحجرات:9] والآية التي بعدها: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ [الحجرات:10]، نعم.

مداخلة: فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا [النساء:16].

الشيخ: فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا [النساء:16]، نعم.

مداخلة: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى [البقرة:220].

الشيخ: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ [البقرة:220].

طبعاً الإصلاح غير الصلح، الإصلاح عام، لكن الصلح معناه كما قلنا: حل خصومة بين متنازعين.

مداخلة: إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا [النساء:35].

الشيخ: إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا [النساء:35] يعني: بين الزوجين، النصوص إذن كثيرة: فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ [الحجرات:9].

إذاً: نقول الكتاب فيه نصوص كثيرة دلت على مشروعية الصلح.

وكذلك السنة: فقد صح -على سبيل المثال- في البخاري : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم ذهب يصلح بين بني عمرو بن عوف) وجاء في ذلك نصوص وأمثلة كثيرة جداً في السنة.

وهكذا الإجماع؛ فإنه نقل غير واحد كـابن قدامة في المغني وابن رشد في بداية المجتهد وغيرهم: إجماع العلماء في الأصل على ثبوت الصلح، وإن اختلفوا في بعض صيغه وفي بعض صوره كما سوف يتضح.

ما هي أنواع الصلح؟

ربما نستطيع حصر أنواع الصلح في خمسة أنواع:

النوع الأول: الصلح بين المسلمين والكفار

النوع الأول: الصلح بين المسلمين والكفار، وهذا جائز بالإجماع، والنبي صلى الله عليه وسلم عقد الصلح مع الكفار، مثل: صلحه مع اليهود في المدينة، ثم في الحديبية، وهكذا لما حاصرت الأحزاب المدينة همّ النبي صلى الله عليه وسلم أن يعقد صلحاً وأن يعطيهم ثلث ثمار المدينة على أن يرجعوا، ولذلك أجمع الفقهاء على جواز الصلح بشروطه مع الكفار، ولم يكتب أحد في باب الجهاد إلا وكتب في باب الهدنة وباب الصلح والموادعة والجزية وغيرها.

علاقة الأمة المسلمة بالأمم الأخرى

هنا أشير إلى نقاط مهمة على عجل:

النقطة الأولى: أن بعض من يتكلمون عن موقف الإسلام من غير المسلمين يقعون في خطأ علمي حينما يقولون: إن موقفنا مع الكفار يتلخص في إحدى ثلاث نقاط وهي: الإسلام أو الجزية أو القتال. فنقول: هذا غلط ممن قاله، وإنما هذا أمر خاص بالجيش، (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا بعث أميراً على سرية أو غزو أوصاهم بذات أنفسهم ومن معهم من المسلمين خيراً، ثم قال: إذا لقيت عدوك من المشركين..) لقيته أين؟ في المعركة، فإحدى ثلاث خصال، فهذا فيه مزيد احتياط أنه: ( لا تقاتلهم حتى تعرض عليهم أولاً الإسلام، فإن أبوا وأصروا على القتال فاعرض عليهم الجزية، فإن أبوا وأصروا فاستعن بالله وقاتلهم ) كما في صحيح مسلم.

أما علاقة الأمة المسلمة بالأمم الأخرى فهي علاقات واسعة وليست خاصة بهذه الثلاث، وليست كل الأمة جيشاً يقاتل، وإنما هناك الدعوة، وهناك الموادعة، وهناك المصالحة، وهناك الترك الذي أصلاً ما لنا ولا علينا، يعني: (اتركوا الترك ما تركوكم ).

عمر كان يرفض أن يحمل المسلمين على البحر مثلاً، وخشي من غزو الترك مثلاً، ومعظم البقاع في عهد الخلفاء الراشدين كانت داخلة في دائرة المسكوت عنه، لم يكونوا مسلمين ولا كان لنا عقد معهم بأي شكل من الأشكال.

إذاً: الأمر فيه سعة فيما يتعلق بالتعامل العام، تعامل الدولة الإسلامية أو الحكومة الإسلامية مع أهل الأرض، وإنما هذه الأشياء الثلاث نقول: هي خاصة بالجيش. فهذا خطأ علمي يقع فيه البعض، ويظنون أن هذا عام لكل أحد، فهذه مسألة مهمة.

المسألة الثانية: أن هناك أبحاثاً تثار من قديم وحديث، مثل: مسألة البحث في موضوع الجهاد، وهل هو هجومي أو دفاعي؟

وبمعنىً آخر: أحياناً يبحث بعض الفقهاء: هل الأصل في علاقتنا مع الكفار الحرب أو السلام؟

والكلام في هذا فيه اختلاف وفيه اضطراب، ولكنني أرى أننا لسنا ملزمين بهذه الصيغ التي ربما تكون أحياناً سبباً في حصول اللبس أو الاضطراب، أنه يأتي واحد يقول: الأصل الحرب، وآخر يقول: السلام، أو أحد يقول: الجهاد هجوم، والآخر يقول: الجهاد دفاع، وربما لا يكون هناك تصور واضح في المسألة.

فالذي أميل إليه إلى أننا لسنا ملزمين بهذه المصطلحات؛ لأنها ليست مصطلحات شرعية يلزم الناس أن يقولوا بها، وإنما الذي نقول به -والله أعلم- أن الذي يظهر لنا من هدف الجهاد ومقصد الجهاد في الإسلام: أن مقصد الجهاد في الإسلام هو حماية المسلمين وحماية الإسلام، أو باللغة المعاصرة حماية المشروع الإسلامي كما ذكرناه في إحدى محاورات قناة المجد.

المقصود بالجهاد هدف الجهاد: حماية المشروع الإسلامي، وهذه الحماية قد تتطلب أحياناً دفاعاً، وقد تتطلب هجوماً، أمريكا الآن وهي تهجم وتضرب في العراق ما هي حجتها؟ حجتهم حماية مشروع؛ لأن هؤلاء الناس يفكرون في المستقبل أن يمتلكوا أسلحة دمار شامل، أو يضربوا إسرائيل بها.

إذاً: مسألة التنفيذ لا تستعجل عليها، اتركها حتى إذا ما بقي علينا إلا هذه المسألة نحسمها، اتركنا الآن نتفق فقط على مبدأ يكون سليماً وصحيحاً، ولا يتعارض مع نصوص الشريعة، وأيضاً يكون واضحاً نستطيع أن نتحدث به لكل أحد من المسلمين وغير المسلمين ويكون مقنعاً؛ لأنه لو قلت لأحد مثلاً: والله! نحن نهجم على كل الأمم إما أن يدخلوا في ديننا أو يمنحونا الجزية. قالوا: إذاً: لماذا أنتم تستنكرون علينا أن نمارس الشيء ذاته ونهجم عليكم -ما دمنا أقوياء- ونأخذ ثرواتكم، أنتم لو قدرتم فعلتم مثل فعلنا.

فعندما نقول: إنه لا داعي أن نقول: المسألة هجوم أو دفاع؛ لأن مسألة هجوم أو دفاع ليست شرعية بحيث يلزم أن تقال، وإنما نقول: الجهاد في الإسلام هو لحماية المشروع الإسلامي، وهذه الحماية قد تتطلب الدفاع أحياناً وقد تتطلب الهجوم أحياناً أخرى، ولو قال لنا شخص كائناً من كان: كيف؟ قلنا له: أنتم الآن تضربون في كل مكان في الأرض بحجة الدفاع، إسرائيل جيشها اسمه جيش الدفاع الإسرائيلي، وهذا من الحكمة والحصافة فيما يبدو لي.

إذاً: هذا الأول.. الصلح الأول بين المسلمين والكفار.

النوع الثاني: الإصلاح بين أهل العدل وأهل البغي

الثاني: الصلح بين أهل العدل وأهل البغي، قال تعالى: فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي [الحجرات:9]، الأمر بالإصلاح، فإذا لم ينصاعوا للإصلاح قوتلوا، فالصلح الثاني هو الصلح مع أهل البغي، يعني لو أن طائفة خرجت على الإمام وقاتلته فإنه يسعى في الإصلاح بينهم.

النوع الثالث: الإصلاح بين الزوجين

الثالث: هو الإصلاح بين الزوجين، كما في الآية الكريمة أيضاً التي تلوناها: إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا [النساء:35]، وهذا كله ليس داخلاً -والله أعلم- في الباب الذي يبحث عند الفقهاء.

النوع الرابع: الصلح بين اثنين على غير مال

الأمر الرابع: الصلح بين اثنين على غير مال.

مثل الصلح في القصاص، لو قتل إنسان إنساناً واستحق القتل، فهل يمكن السعي في الصلح بالتنازل عن القتل إلى الدية مثلاً؟ هل يمكن؟ يمكن. بل هو فاضل ومستحب أن يحقن دم المسلم.

فإذا تنازل واحد من الورثة، فهل يسقط القصاص؟

الصحيح أنه يسقط، وهذا مذهب الجمهور، وابن حزم رحمه الله وبعض الفقهاء يرون أنه لا يسقط إلا إذا اتفق الورثة على إسقاطه، وقد ذكر هذا القول في المحلى، والمسألة فيها بحث، ولكن عمر رضي الله عنه وابن مسعود وغيرهم نقل عنهم: أنه تنازل واحد، فسأل عمر ابن مسعود وقال: ما ترى؟ قال: قد عتق الرجل. فقال له عمر وضرب ظهر ابن مسعود وقال: [ كنيف ملئ علماً ] يعني: ابن مسعود رضي الله عنه، فهذا نقول: يسقط.

ولكن: هل يحق لأحد -وهذا سئلت عنه في الأسبوع الماضي- هل يحق لبقية الورثة بعدما يتنازل أحدهم أن يقولوا: نحن سنأخذ بمذهب ابن حزم ونأخذ قاتل أخينا، هل يجوز هذا؟ لا، لأن هذا يؤدي إلى الفوضى والضياع، فالذي له حق الاختيار هو الحاكم، فإذا أخذت المحاكم بقول لم يكن لأحد أن يخالفه ويأخذ بغيره.

ومما يدخل في الكلام في النوع الرابع: مسألة الصلح على غير مال، الصلح فيما يتعلق.. ذكرنا القصاص وذكرنا الجنايات وذكرنا أيضاً مسألة الحدود، فهل يدخل فيها الصلح أو لا يدخل، أعني الحدود الشرعية؟

نعم. فيها تفصيل:

أولاً: بعض الحدود قد يدخل فيها الصلح أو العفو، مثل: حد القذف -فتح الله عليك- لأن كثيراً من الفقهاء يرون أن حد القذف حق خاص للشخص، وسواءً وصلت المسألة إلى الحاكم أو لم تصل جاز له ذلك، هذا نوع.

وهناك بعض الحدود ربما يتم التعافي والتنازل عنها ما لم تصل إلى الحاكم، فإذا وصلت إلى الحكم وإلى القضاء فقد وجبت الحدود ولا يحق لأحد أن يدخل فيها.

هناك بعض الحدود يمكن الصلح على شيء منها دون شيء، مثل: حد السرقة، هنا يمكن التصالح على مقدار المسروق؛ التعويض أم لا؟ لو سرق -مثلاً- سيارة وقال له: تنازل عن نصف قيمة السيارة وخذ النصف الثاني، فهل هذا يجوز أو لا يجوز؟ يجوز، لكن هل يتدخل في موضوع قطع اليد بعدما ثبت؟ لا، لما في الصحيح من قصة المرأة التي كانت تسرق، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع يدها، ونهى أسامة عن الشفاعة في هذا الحد.

النوع الخامس: الصلح على مال

الخامس: هو الصلح على مال، مثل: الصلح على بيع أو إجارة أو ما أشبه ذلك من مال أو نحوه -يعني: منفعة- وهو الذي يتكلم عنه الفقهاء.

النوع الأول: الصلح بين المسلمين والكفار، وهذا جائز بالإجماع، والنبي صلى الله عليه وسلم عقد الصلح مع الكفار، مثل: صلحه مع اليهود في المدينة، ثم في الحديبية، وهكذا لما حاصرت الأحزاب المدينة همّ النبي صلى الله عليه وسلم أن يعقد صلحاً وأن يعطيهم ثلث ثمار المدينة على أن يرجعوا، ولذلك أجمع الفقهاء على جواز الصلح بشروطه مع الكفار، ولم يكتب أحد في باب الجهاد إلا وكتب في باب الهدنة وباب الصلح والموادعة والجزية وغيرها.

هنا أشير إلى نقاط مهمة على عجل:

النقطة الأولى: أن بعض من يتكلمون عن موقف الإسلام من غير المسلمين يقعون في خطأ علمي حينما يقولون: إن موقفنا مع الكفار يتلخص في إحدى ثلاث نقاط وهي: الإسلام أو الجزية أو القتال. فنقول: هذا غلط ممن قاله، وإنما هذا أمر خاص بالجيش، (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا بعث أميراً على سرية أو غزو أوصاهم بذات أنفسهم ومن معهم من المسلمين خيراً، ثم قال: إذا لقيت عدوك من المشركين..) لقيته أين؟ في المعركة، فإحدى ثلاث خصال، فهذا فيه مزيد احتياط أنه: ( لا تقاتلهم حتى تعرض عليهم أولاً الإسلام، فإن أبوا وأصروا على القتال فاعرض عليهم الجزية، فإن أبوا وأصروا فاستعن بالله وقاتلهم ) كما في صحيح مسلم.

أما علاقة الأمة المسلمة بالأمم الأخرى فهي علاقات واسعة وليست خاصة بهذه الثلاث، وليست كل الأمة جيشاً يقاتل، وإنما هناك الدعوة، وهناك الموادعة، وهناك المصالحة، وهناك الترك الذي أصلاً ما لنا ولا علينا، يعني: (اتركوا الترك ما تركوكم ).

عمر كان يرفض أن يحمل المسلمين على البحر مثلاً، وخشي من غزو الترك مثلاً، ومعظم البقاع في عهد الخلفاء الراشدين كانت داخلة في دائرة المسكوت عنه، لم يكونوا مسلمين ولا كان لنا عقد معهم بأي شكل من الأشكال.

إذاً: الأمر فيه سعة فيما يتعلق بالتعامل العام، تعامل الدولة الإسلامية أو الحكومة الإسلامية مع أهل الأرض، وإنما هذه الأشياء الثلاث نقول: هي خاصة بالجيش. فهذا خطأ علمي يقع فيه البعض، ويظنون أن هذا عام لكل أحد، فهذه مسألة مهمة.

المسألة الثانية: أن هناك أبحاثاً تثار من قديم وحديث، مثل: مسألة البحث في موضوع الجهاد، وهل هو هجومي أو دفاعي؟

وبمعنىً آخر: أحياناً يبحث بعض الفقهاء: هل الأصل في علاقتنا مع الكفار الحرب أو السلام؟

والكلام في هذا فيه اختلاف وفيه اضطراب، ولكنني أرى أننا لسنا ملزمين بهذه الصيغ التي ربما تكون أحياناً سبباً في حصول اللبس أو الاضطراب، أنه يأتي واحد يقول: الأصل الحرب، وآخر يقول: السلام، أو أحد يقول: الجهاد هجوم، والآخر يقول: الجهاد دفاع، وربما لا يكون هناك تصور واضح في المسألة.

فالذي أميل إليه إلى أننا لسنا ملزمين بهذه المصطلحات؛ لأنها ليست مصطلحات شرعية يلزم الناس أن يقولوا بها، وإنما الذي نقول به -والله أعلم- أن الذي يظهر لنا من هدف الجهاد ومقصد الجهاد في الإسلام: أن مقصد الجهاد في الإسلام هو حماية المسلمين وحماية الإسلام، أو باللغة المعاصرة حماية المشروع الإسلامي كما ذكرناه في إحدى محاورات قناة المجد.

المقصود بالجهاد هدف الجهاد: حماية المشروع الإسلامي، وهذه الحماية قد تتطلب أحياناً دفاعاً، وقد تتطلب هجوماً، أمريكا الآن وهي تهجم وتضرب في العراق ما هي حجتها؟ حجتهم حماية مشروع؛ لأن هؤلاء الناس يفكرون في المستقبل أن يمتلكوا أسلحة دمار شامل، أو يضربوا إسرائيل بها.

إذاً: مسألة التنفيذ لا تستعجل عليها، اتركها حتى إذا ما بقي علينا إلا هذه المسألة نحسمها، اتركنا الآن نتفق فقط على مبدأ يكون سليماً وصحيحاً، ولا يتعارض مع نصوص الشريعة، وأيضاً يكون واضحاً نستطيع أن نتحدث به لكل أحد من المسلمين وغير المسلمين ويكون مقنعاً؛ لأنه لو قلت لأحد مثلاً: والله! نحن نهجم على كل الأمم إما أن يدخلوا في ديننا أو يمنحونا الجزية. قالوا: إذاً: لماذا أنتم تستنكرون علينا أن نمارس الشيء ذاته ونهجم عليكم -ما دمنا أقوياء- ونأخذ ثرواتكم، أنتم لو قدرتم فعلتم مثل فعلنا.

فعندما نقول: إنه لا داعي أن نقول: المسألة هجوم أو دفاع؛ لأن مسألة هجوم أو دفاع ليست شرعية بحيث يلزم أن تقال، وإنما نقول: الجهاد في الإسلام هو لحماية المشروع الإسلامي، وهذه الحماية قد تتطلب الدفاع أحياناً وقد تتطلب الهجوم أحياناً أخرى، ولو قال لنا شخص كائناً من كان: كيف؟ قلنا له: أنتم الآن تضربون في كل مكان في الأرض بحجة الدفاع، إسرائيل جيشها اسمه جيش الدفاع الإسرائيلي، وهذا من الحكمة والحصافة فيما يبدو لي.

إذاً: هذا الأول.. الصلح الأول بين المسلمين والكفار.


استمع المزيد من الشيخ سلمان العودة - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح العمدة (الأمالي) - كتاب الحج والعمرة - باب الفدية 3987 استماع
شرح العمدة (الأمالي) - كتاب البيوع – باب الخيار -2 3926 استماع
شرح العمدة (الأمالي) - كتاب الزكاة - زكاة السائمة 3854 استماع
شرح العمدة (الأمالي) - كتاب الزكاة - باب زكاة العروض 3846 استماع
شرح العمدة (الأمالي) - كتاب الطهارة - باب المسح على الخفين 3672 استماع
شرح العمدة (الأمالي) - كتاب الحج والعمرة - باب محظورات الإحرام -1 3625 استماع
شرح العمدة (الأمالي) - كتاب الصلاة - باب صلاة المريض 3615 استماع
شرح العمدة (الأمالي) - كتاب البيوع – مراجعة ومسائل متفرقة في كتاب البيوع 3552 استماع
شرح العمدة (الأمالي) - كتاب الحج والعمرة - باب صفة الحج 3517 استماع
شرح العمدة (الأمالي) - كتاب الصلاة - باب أركان الصلاة وواجباتها 3444 استماع