شرح الترمذي - باب الاستتار عند الحاجة، والاستنجاء باليمين، والاستنجاء بالحجارة [7]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، ورضي الله عن الصحابة الطيبين، وعمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً، وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً، سهل علينا أمورنا، وعلمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين، اللهم زدنا علماً نافعاً، وعملاً صالحاً بفضلك ورحمتك يا أكرم الأكرمين، سبحانك اللهم وبحمدك على حلمك بعد علمك، سبحانك اللهم وبحمدك على عفوك بعد قدرتك، اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، أما بعد:

فلا زلنا نتدارس في الباب العاشر، والحادي عشر، والثاني عشر من أبواب الطهارة في جامع الإمام الترمذي عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا، وعناوين هذه الأبواب الثلاثة.

الباب العاشر: باب ما جاء في الاستتار عند الحاجة، لما روى الإمام الترمذي في هذا الباب حديثاً عن صحابيين مباركين عن أنس وابن عمر رضي الله عنهم أجمعين: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد الحاجة لم يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض).

والباب الحادي عشر: باب ما جاء في كراهة الاستنجاء باليمين، وروى الحديث عن أبي قتادة رضي الله عنه: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يمس الرجل ذكره بيمينه ).

والباب الثاني عشر: باب الاستنجاء بالحجارة، ولفظ الحديث عن عبد الرحمن بن يزيد قال: قيل لـسلمان يعني الفارسي رضي الله عنه: (قد علمكم نبيكم صلى الله عليه وسلم كل شيء حتى الخراءة؟ قال سلمان : أجل، نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستقبل القبلة بغائط أو بول، وأن نستنجي باليمين، وأن يستنجي أحدنا بأقل من ثلاثة أحجار، وأن نستنجي برجيع أو عظم).

وقد انتهينا من مبحثين من مباحث هذه الأحاديث، المبحث الأول: في تراجم أسانيد هذه الأحاديث الثلاثة، والرجال الذي ذكروا ضمن هذه الأقوال.

والمبحث الثاني: في فقه هذه الأحاديث، وقلت: دار فقه الأحاديث على ثلاثة أمور:

الأمر الأول: حول الاستتار عند قضاء الحاجة، وأن الإنسان لا يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض، وإذا قضى حاجته وأراد أن يقوم يرخي ثوبه ويسدله قبل أن ينتصب قائماً، وبينت أن هذا أدب رفيع ينبغي أن يحافظ عليه المسلمون.

والأمر الثاني: في النهي عن مس الذكر باليمين، وعن الاستجمار أو الاستنجاء باليمين، وبينت هذا في فقه الحديث.

وختمت الكلام بالأمر الثالث: في حكم الاستنجاء بالحجارة، وأما الاستنجاء بالماء فسيأتينا تفصيل الكلام عليه بعد أبواب إن شاء الله.

وبقي علينا مبحثان: تخريج هذه الأحاديث، وبيان من رواها من أئمة الحديث.

المبحث الثاني: تخريج الروايات التي أشار إليها الإمام الترمذي في الباب، وفي نيتي إن يسر الله ووفقنا أن نكمل هذين المبحثين مدارسةً في هذه الموعظة أن نأخذ الباب الثالث عشر فيما يتعلق بمباحثه كلها.

الحديث الأول: حديث أنس وحديث عبد الله بن عمر ، رواه الإمام أبو داود مع الإمام الترمذي من أهل الكتب الستة فقط، ورواه البيهقي والدارمي عن أنس رضي الله عنه وأرضاه، وقال الدارمي بعد رواية حديث أنس: هذا أدب ينبغي الالتزام به، وهذا أدب في الشريعة المطهرة، كأنه يشير بذلك إلى أن هذا ليس من باب الوجوب وإنما من باب الشيم المحمودة التي ينبغي أن يتصف بها المسلم.

درجة حديث: (إذا أراد الحاجة...) وأقوال الأئمة فيه

والحديث أشار الترمذي إشارةً مجملةً إلى تضعيفه من طريقي أنس وابن عمر ؛ والسبب في التضعيف أن الراوي عن أنس وابن عمر هو الأعمش ، ولم يثبت سماعه من أحد من الصحابة كما تقدم معنا، لذلك يقول الإمام الترمذي : وكلا الحديثين مرسل.

قلت: ويريد بالإرسال الانقطاع، فالحديث ليس بمستقل، كأنه يقول: إذاً: فيه ضعف من حيث الإسناد، وكلا الحديثين مرسل، أي: لا يثبت اتصالهما.

وهذا الحكم الذي قرره الترمذي هو ما ذهب إليه جمهور أئمتنا، فالإمام النووي في المجموع في الجزء الثالث صفحة ثلاث وثمانين يقرر هذا فيقول: هذا حديث ضعيف، رواه أبو داود والترمذي وضعفاه وبينا علته. والإمام أبو داود في سننه بعد أن روى هذين الحديثين أشار إلى هذه العلة، وأنه لم يثبت سماع الأعمش من ابن عمر وأنس رضي الله عنهم أجمعين.

قال الإمام النووي في المجموع: وعلته الانقطاع، فـالأعمش لم يسمع من أنس ولا من أحد من الصحابة، وهذا هو مراد الإمام الترمذي قوله: وكلا الحديثين مرسل.

وإلى هذا ذهب الإمام البغوي في شرح السنة في الجزء الأول صفحة خمس وسبعين وثلاثمائة فقال: روي عن أنس ثم ذكر الحديث، فقال: يرويه الأعمش عن أنس وابن عمر يقول: وكل منهما مرسل، فلم يسمع الأعمش من أحد، وقد نظر إلى أنس بن مالك .

هذا الذي قرره الجمهور بناءً على رواية أبي داود ورواية الترمذي ، لكن رواية الإمام البيهقي حقيقةً أفادتنا فائدة، وهي فائدة الوقوف على طرق الحديث المتعددة الكثيرة الوفيرة، فالإمام البيهقي في السنن الكبرى في الجزء الأول صفحة ست وتسعين روى الحديث عن أنس وعن ابن عمر أيضاً رضي الله عنهم أجمعين، ورواه الأعمش عن رجل عن ابن عمر ، فتمت الواسطة لكنه أبهمه، فبقي أيضاً كأنه فيه انقطاع؛ لأن الرجل مبهم مجهول، ولا نعرف حاله.

لكن رواه من طريق آخر الأعمش عن القاسم بن محمد، عن ابن عمر ، والقاسم بن محمد هو أحد الفقهاء السبعة، قال أيوب السختياني -من رجال الستة-: ما رأيت أفضل منه، وهو من رجال الكتب الستة، وعليه زال ما كنا نحذره ونخافه من انقطاع الحديث، وعدم سماع الأعمش من أنس وابن عمر ، فرواية ابن عمر في سنن البيهقي الكبرى مروية عن الأعمش ، عن القاسم بن محمد، عن ابن عمر ، بقيت رواية أنس -على حسب ما عندنا من علم- منقطعة، لكن أقل ما يقال فيها: تتقوى الآن برواية ابن عمر ، والحديث لا ينزل عن درجة الحسن إن شاء الله.

وعلى جميع الأحوال اعتبر أئمتنا هذا الحديث، وأخذوا هذا الأدب منه، وفي ذلك رد على اللغط الذي يشار في هذه الأيام من أن الحديث لا يعمل به في فضائل الإسلام، وكل هذا -كما قلت- باطل مردود، فأئمتنا رخصوا رواية الحديث الضعيف، وكذا أجازوا العمل به بشروط:

إذا لم يشتد ضعفه، واندرج تحت أصل عام -وهذا لا بد منه- وهنا أدب من آداب الإسلام، ونحن مأمورون في الأصل بستر العورة في كل وقت، وهل سترها في الخلوة واجب أو مستحب كما سبق معنا، وهذا الحديث ما خرج عن هذه القاعدة.

وقد ثبت اتصاله ولله الحمد والمنة، فلا ينزل عن درجة الحسن، وحديث أنس يتقوى به، والعلم عند الله جل وعلا.

ولفظ حديث ابن عمر في سنن البيهقي الكبرى، عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد الحاجة تنحى -يعني ابتعد وتوارى- ولا يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض)، هذا فيما يتعلق بالحديث الأول.

إذاً: خلاصة تخريجه هو في سنن أبي داود والترمذي ، وكذا سنن البيهقي والدارمي، وأشار إليه البغوي في شرح السنة، والمعتمد في أمره أنه لا ينزل عن درجة الحسن.

شواهد لحديث: (من أراد الحاجة...)

في هذا الباب -كما ترون- ما أشار الترمذي إلى أحاديث في الباب، كما يقول: وفي الباب عن فلان وفلان، وقد وقفت على رواية في الباب بمعنى حديث أنس وابن عمر مروية عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، لكنها من طريق ثالث، هذه الرواية في معجم الطبراني الأوسط، كما هي في مجمع الزوائد في الجزء الأول صفحة ست ومائتين، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد الحاجة لم يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض)، وفي الإسناد الحسين بن عبيد الله العجلي ، قال الهيثمي : قيل: كان يضع الحديث، وإلى مثل هذا ذهب ابن حجر في لسان الميزان في الجزء الثاني صفحة ست وتسعين ومائتين، فذكر هذا الحديث أيضاً في ترجمته وقال: قيل: كان يضع الحديث، وقد حكم عليه بذلك الإمام الذهبي أيضاً في المغني في الضعفاء في الجزء الأول صفحة ثلاث وسبعين ومائة، وقال: كان ممن يضع الحديث.

إذاً: وفي الباب رواية جابر ، لكنها ضعيفة وهي بمعنى حديث أنس وابن عمر رضي الله عنهم أجمعين.

ورواية جابر أشار إليها الشيخ المباركفوري في تحفة الأحوذي في الجزء الأول صفحة أربع وعشرين وسكت عن بيان حالها ودرجتها، وهذا قصور وتقصير قطعاً وجزماً، وإذا كانت الرواية فيها من هو متهم بالوضع، فلا بد من بيان حاله، فهو لم يتكلم نحوها بأي كلمة إنما أشار إلى أن هذه الرواية، رواها الإمام الطبراني في الأوسط كما في فيض القدير، أي: في شرح الجامع الصغير للإمام السيوطي ، وفيض القدير للإمام المناوي ، وليته أيضاً انتبه لما في فيض القدير، فالمناوي نقل عن الهيثمي هذا الحكم الذي ذكرته لكم وهو في مجمع الزوائد، وانظر كلام المناوي في الجزء الخامس صفحة اثنتين وتسعين من فيض القدير، والعلم عند الله جل وعلا.

والحديث أشار الترمذي إشارةً مجملةً إلى تضعيفه من طريقي أنس وابن عمر ؛ والسبب في التضعيف أن الراوي عن أنس وابن عمر هو الأعمش ، ولم يثبت سماعه من أحد من الصحابة كما تقدم معنا، لذلك يقول الإمام الترمذي : وكلا الحديثين مرسل.

قلت: ويريد بالإرسال الانقطاع، فالحديث ليس بمستقل، كأنه يقول: إذاً: فيه ضعف من حيث الإسناد، وكلا الحديثين مرسل، أي: لا يثبت اتصالهما.

وهذا الحكم الذي قرره الترمذي هو ما ذهب إليه جمهور أئمتنا، فالإمام النووي في المجموع في الجزء الثالث صفحة ثلاث وثمانين يقرر هذا فيقول: هذا حديث ضعيف، رواه أبو داود والترمذي وضعفاه وبينا علته. والإمام أبو داود في سننه بعد أن روى هذين الحديثين أشار إلى هذه العلة، وأنه لم يثبت سماع الأعمش من ابن عمر وأنس رضي الله عنهم أجمعين.

قال الإمام النووي في المجموع: وعلته الانقطاع، فـالأعمش لم يسمع من أنس ولا من أحد من الصحابة، وهذا هو مراد الإمام الترمذي قوله: وكلا الحديثين مرسل.

وإلى هذا ذهب الإمام البغوي في شرح السنة في الجزء الأول صفحة خمس وسبعين وثلاثمائة فقال: روي عن أنس ثم ذكر الحديث، فقال: يرويه الأعمش عن أنس وابن عمر يقول: وكل منهما مرسل، فلم يسمع الأعمش من أحد، وقد نظر إلى أنس بن مالك .

هذا الذي قرره الجمهور بناءً على رواية أبي داود ورواية الترمذي ، لكن رواية الإمام البيهقي حقيقةً أفادتنا فائدة، وهي فائدة الوقوف على طرق الحديث المتعددة الكثيرة الوفيرة، فالإمام البيهقي في السنن الكبرى في الجزء الأول صفحة ست وتسعين روى الحديث عن أنس وعن ابن عمر أيضاً رضي الله عنهم أجمعين، ورواه الأعمش عن رجل عن ابن عمر ، فتمت الواسطة لكنه أبهمه، فبقي أيضاً كأنه فيه انقطاع؛ لأن الرجل مبهم مجهول، ولا نعرف حاله.

لكن رواه من طريق آخر الأعمش عن القاسم بن محمد، عن ابن عمر ، والقاسم بن محمد هو أحد الفقهاء السبعة، قال أيوب السختياني -من رجال الستة-: ما رأيت أفضل منه، وهو من رجال الكتب الستة، وعليه زال ما كنا نحذره ونخافه من انقطاع الحديث، وعدم سماع الأعمش من أنس وابن عمر ، فرواية ابن عمر في سنن البيهقي الكبرى مروية عن الأعمش ، عن القاسم بن محمد، عن ابن عمر ، بقيت رواية أنس -على حسب ما عندنا من علم- منقطعة، لكن أقل ما يقال فيها: تتقوى الآن برواية ابن عمر ، والحديث لا ينزل عن درجة الحسن إن شاء الله.

وعلى جميع الأحوال اعتبر أئمتنا هذا الحديث، وأخذوا هذا الأدب منه، وفي ذلك رد على اللغط الذي يشار في هذه الأيام من أن الحديث لا يعمل به في فضائل الإسلام، وكل هذا -كما قلت- باطل مردود، فأئمتنا رخصوا رواية الحديث الضعيف، وكذا أجازوا العمل به بشروط:

إذا لم يشتد ضعفه، واندرج تحت أصل عام -وهذا لا بد منه- وهنا أدب من آداب الإسلام، ونحن مأمورون في الأصل بستر العورة في كل وقت، وهل سترها في الخلوة واجب أو مستحب كما سبق معنا، وهذا الحديث ما خرج عن هذه القاعدة.

وقد ثبت اتصاله ولله الحمد والمنة، فلا ينزل عن درجة الحسن، وحديث أنس يتقوى به، والعلم عند الله جل وعلا.

ولفظ حديث ابن عمر في سنن البيهقي الكبرى، عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد الحاجة تنحى -يعني ابتعد وتوارى- ولا يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض)، هذا فيما يتعلق بالحديث الأول.

إذاً: خلاصة تخريجه هو في سنن أبي داود والترمذي ، وكذا سنن البيهقي والدارمي، وأشار إليه البغوي في شرح السنة، والمعتمد في أمره أنه لا ينزل عن درجة الحسن.

في هذا الباب -كما ترون- ما أشار الترمذي إلى أحاديث في الباب، كما يقول: وفي الباب عن فلان وفلان، وقد وقفت على رواية في الباب بمعنى حديث أنس وابن عمر مروية عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، لكنها من طريق ثالث، هذه الرواية في معجم الطبراني الأوسط، كما هي في مجمع الزوائد في الجزء الأول صفحة ست ومائتين، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد الحاجة لم يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض)، وفي الإسناد الحسين بن عبيد الله العجلي ، قال الهيثمي : قيل: كان يضع الحديث، وإلى مثل هذا ذهب ابن حجر في لسان الميزان في الجزء الثاني صفحة ست وتسعين ومائتين، فذكر هذا الحديث أيضاً في ترجمته وقال: قيل: كان يضع الحديث، وقد حكم عليه بذلك الإمام الذهبي أيضاً في المغني في الضعفاء في الجزء الأول صفحة ثلاث وسبعين ومائة، وقال: كان ممن يضع الحديث.

إذاً: وفي الباب رواية جابر ، لكنها ضعيفة وهي بمعنى حديث أنس وابن عمر رضي الله عنهم أجمعين.

ورواية جابر أشار إليها الشيخ المباركفوري في تحفة الأحوذي في الجزء الأول صفحة أربع وعشرين وسكت عن بيان حالها ودرجتها، وهذا قصور وتقصير قطعاً وجزماً، وإذا كانت الرواية فيها من هو متهم بالوضع، فلا بد من بيان حاله، فهو لم يتكلم نحوها بأي كلمة إنما أشار إلى أن هذه الرواية، رواها الإمام الطبراني في الأوسط كما في فيض القدير، أي: في شرح الجامع الصغير للإمام السيوطي ، وفيض القدير للإمام المناوي ، وليته أيضاً انتبه لما في فيض القدير، فالمناوي نقل عن الهيثمي هذا الحكم الذي ذكرته لكم وهو في مجمع الزوائد، وانظر كلام المناوي في الجزء الخامس صفحة اثنتين وتسعين من فيض القدير، والعلم عند الله جل وعلا.

الحديث الثاني في الباب الحادي عشر: حديث أبي قتادة ، والإمام الترمذي قال: هذا حديث حسن صحيح، وتقدم معنا أن: حسن صحيح، بمعنى: حسن وصحيح، أو حسن أو صحيح، يعني: إن جمعا فلتردد في الناقل حيث التفرد، وإلا فالاعتبار فيما بينهم. وهذا الحديث في أعلى درجات الصحة، وقد اتفق على إخراجه أهل الكتب الستة في الصحيحين والسنن الأربعة، ورواه الإمام أحمد في المسند، كما رواه ابن خزيمة في صحيحه، وابن حبان في صحيحه أيضاً، والبيهقي في السنن الكبرى، والدارمي في مسنده.

ولفظ الحديث كما مر معنا (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل أن يمس ذكره بيمينه).

قوله: وفي الباب عن عائشة وسلمان وأبي هريرة وسهل بن حنيف أربع روايات، نتدارس تخريجها.

تخريج رواية: عائشة

أما حديث عائشة رضي الله عنها فقد تقدم معنا عند فقه الحديث، في المسألة الثانية عند مس الذكر باليمين، والنهي عن ذلك، ولفظه: (أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يجعل يمينه لطهوره وطعامه، واليسرى لخلائه وما كان من أذى)، وهو عندما يقول: (وفي الباب) يعني: ما يدل على هذا الحكم ولا يريد اللفظ بعينه، يعني: وفي الباب ما يقرر أن الإنسان لا يمس ذكره بيمينه، ولا يستنجي بيمينه.

وقلت: حديث عائشة رضي الله عنها يقرر هذا، وهو في المسند وسنن أبي داود ومحمد بن أبي شيبة ، وشرح السنة للبغوي ، والسنن الكبرى للبيهقي ، وهو حديث صحيح.

تخريج رواية: سلمان الفارسي

قوله: وسلمان ، أي: حديث سلمان كما سيأتينا، وهو حديث الباب الذي بعده، عندما قيل لـسلمان : (قد علمكم نبيكم كل شيء حتى الخراءة؟ قال: أجل)، ثم وفي الحديث (وألا يستنجي أحدنا بيمينه، وألا نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار) في هذا المعنى تضمن الحديث أحكاماً أخرى، وقد تقدم معنا في الأبواب الماضية ذكره وتخريجه، وسيأتينا بعد هذا الباب، وقلت: هو في المسند، وصحيح مسلم والسنن الأربعة، وعند ابن خزيمة والبيهقي ، وأبي داود الطيالسي ، وابن الجارود في المنتقى، ورواه ابن أبي شيبة في المصنف، وهو في المحلى لـابن حزم في الجزء السابع صفحة ثلاث وثلاثين ومائة، وابن حزم يروي الأحاديث دائماً بأسانيده، فهو مما يصح العزو إليه.

في الباب السادس حديث أبي أيوب رضي الله عنه وأرضاه: (إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول ولا تستدبروا، ولكن شرقوا أو غربوا).

تخريج رواية: أبي هريرة

قال: وفي الباب عن عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي ومعقل وأبي أمامة وأبي هريرة ، وسهل بن حنيف .

حديث أبي هريرة تقدم معنا أن أصله في صحيح مسلم ، وفي رواية أبي داود والنسائي وابن ماجه وصحيح ابن حبان وصحيح ابن خزيمة والدارمي والبيهقي يقول نبينا عليه الصلاة والسلام في رواية أبي هريرة : (إنما أنا لكم بمنزلة الوالد أعلمكم، فإذا أتى أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها، ولا يستطب بيمينه) هذا محل الشاهد، (وكان يأمر بثلاثة أحجار، وينهى عن الروث والرمة)، والرمة: هي العظام، والروث: فضلات البهائم، فلا يجوز الاستنجاء بها، وسيأتينا فيما ينهى الإنسان عن الاستنجاء به ضمن باب خاص من أبواب الطهارة في جامع الإمام الترمذي .

تخريج رواية: سهل بن حنيف

قال الترمذي: وفي الباب عن عائشة وسلمان وأبي هريرة وسهل بن حنيف، حديث سهل تقدم معنا في الباب السادس لكن ليس فيه هذا الشاهد.

وقال الشيخ المباركفوري في تحفة الأحوذي في الجزء الأول صفحة ست وعشرين: لم أقف على رواية سهل بن حنيف التي فيها: أن اليمين لا تستعمل في الاستنجاء والاستجمار، ولا يمس بها الذكر. قلت: هي في المسند كما تقدم معنا، وعزوتها إلى سنن الدارمي ، وهي -أيضاً- في المستدرك في الجزء الثالث صفحة اثنتي عشرة وأربعمائة، ورواها عبد الرزاق في مصنفه في الجزء الثاني صفحة إحدى عشرة وأربعمائة، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما أرسل سهل بن حنيف إلى مكة قال: (أنت رسولي إلى أهل مكة، فأقرئهم مني السلام، وقل لهم: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم بثلاث -تقدم معنا الحديث-: ألا تحلفوا بغير الله، وإذا تخليتم فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها، ولا تستنجوا بعظم ولا بعر)، وليس في الرواية: ولا تستنجوا باليمين، أو لا تمسوا ذلك المكان باليمين، فرواية سهل بن حنيف إما هي هذه وفيها زيادة في بعض الروايات، أو هي أخرى والعلم عند الله جل وعلا، إنما هذه فيها كرواية أبي أمامة التي تقدمت معنا، ولم يمكن الوقوف عليها على حسب علمنا وجهدنا وقصورنا وضعفنا.

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح، لا شك في ذلك؛ فهو في الكتب الستة. انتهينا إذاً من حديث الباب الحادي عشر والروايات التي في الباب.

أما حديث عائشة رضي الله عنها فقد تقدم معنا عند فقه الحديث، في المسألة الثانية عند مس الذكر باليمين، والنهي عن ذلك، ولفظه: (أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يجعل يمينه لطهوره وطعامه، واليسرى لخلائه وما كان من أذى)، وهو عندما يقول: (وفي الباب) يعني: ما يدل على هذا الحكم ولا يريد اللفظ بعينه، يعني: وفي الباب ما يقرر أن الإنسان لا يمس ذكره بيمينه، ولا يستنجي بيمينه.

وقلت: حديث عائشة رضي الله عنها يقرر هذا، وهو في المسند وسنن أبي داود ومحمد بن أبي شيبة ، وشرح السنة للبغوي ، والسنن الكبرى للبيهقي ، وهو حديث صحيح.

قوله: وسلمان ، أي: حديث سلمان كما سيأتينا، وهو حديث الباب الذي بعده، عندما قيل لـسلمان : (قد علمكم نبيكم كل شيء حتى الخراءة؟ قال: أجل)، ثم وفي الحديث (وألا يستنجي أحدنا بيمينه، وألا نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار) في هذا المعنى تضمن الحديث أحكاماً أخرى، وقد تقدم معنا في الأبواب الماضية ذكره وتخريجه، وسيأتينا بعد هذا الباب، وقلت: هو في المسند، وصحيح مسلم والسنن الأربعة، وعند ابن خزيمة والبيهقي ، وأبي داود الطيالسي ، وابن الجارود في المنتقى، ورواه ابن أبي شيبة في المصنف، وهو في المحلى لـابن حزم في الجزء السابع صفحة ثلاث وثلاثين ومائة، وابن حزم يروي الأحاديث دائماً بأسانيده، فهو مما يصح العزو إليه.

في الباب السادس حديث أبي أيوب رضي الله عنه وأرضاه: (إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول ولا تستدبروا، ولكن شرقوا أو غربوا).