خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/122"> الشيخ عبد الرحيم الطحان . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/122?sub=8330"> شرح مقدمة الترمذي
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
شرح الترمذي - باب ما يقول إذا خرج من الخلاء [14]
الحلقة مفرغة
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، ورضي الله عن الصحابة الطيبين وعمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً، وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً، سهل علينا أمورنا، وعلمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين، اللهم زدنا علماً نافعاً، وعملاً صالحاً، بفضلك ورحمتك يا أكرم الأكرمين، سبحانك اللهم وبحمدك على حلمك بعد علمك، سبحانك اللهم وبحمدك على عفوك بعد قدرتك، اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد: إخوتي الكرام! لا زلنا نتدارس الباب الخامس من أبواب الطهارة من جامع الإمام أبي عيسى الترمذي ، عليه وعلى جميع المسلمين رحمة رب العالمين، وعنوان هذا الباب (ما يقول إذا خرج من الخلاء) فقد روى الإمام الترمذي عليه رحمة الله في هذا الباب حديثاً عن شيخه سيد المحدثين وإمام المسلمين أبي عبد الله البخاري ، عن أمنا عائشة رضي الله عنهم أجمعين ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج من الخلاء قال: غفرانك)، قال أبو عيسى : هذا حديث حسن غريب، ولا نعرف في هذا الباب إلا حديث أمنا عائشة رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد انتهينا إخوتي الكرام! من الكلام على المبحث الأول المتعلق بإسناد هذا الحديث رجال إسناده، وتدارسنا ترجمة مطولة ومختصرة لأمنا المباركة، سيدتنا الصديقة بنت الصديق، حبيبة حبيبنا وحبيب ربنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، تدارسنا -كما قلت- ترجمتها فيما يزيد على عشر محاضرات، وقد تكلمنا على أمور كثيرة في ترجمتها عسى الله جل وعلا أن ينفعنا بما تقدم ذكره إنه أرحم الرحمين وأكرم الأكرمين، ونشرع الآن إخوتي الكرام! في مدارسة الأمر الثاني في فقه الحديث ثم ننتقل بعد ذلك إلى درجته ومن خرجه، وهل ورد في ذلك أيضاً أدعية أخرى تقال عند الخروج من الخلاء؟
أما ما يتعلق إخوتي الكرام! بالعمل الثاني: وهو فقه الحديث، ففقه الحديث سيدور على أمرين اثنين:
استحباب قول: (غفرانك) عند الخروج من الخلاء
معنى غفرانك
أسباب اختيار قوله: غفرانك
التعليل الأول والوجه الأول من التعليلين والوجهين: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسأل الله مغفرته بعد الخروج من الخلاء؛ لأنه عندما كان في حال قضاء الحاجة كان ممنوعاً من الذكر، فما يتأتى منه الذكر ولا يستطيع أن يذكر الله في ذلك الوقت، فهو حال كشف عورته وقضاء حاجته، فلما منع من الذكر في ذلك الوقت كأن نبينا عليه الصلاة والسلام يرى نفسه أنه قد قصر في حق الله عز وجل، فذكر الله للإنسان كالماء للسمك، فنحن إذا تركنا الذكر كأننا هلكنا، كأننا قصرنا في حق ربنا، كما أن السمك إذا أخرجته من الماء يتأثر، وإذا طال الخروج يتلف ويموت، وهنا منع نبينا عليه الصلاة والسلام، ومنع الإنسان عند قضاء الحاجة من ذكر الله، والإنسان ينبغي أن يكثر لسانه من ذكر ربه، وينبغي دائماً أن يحرك هذا العضو؛ ليتصف بالنعت الذي ذكر الله عباده الأتقياء، وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ [الأحزاب:35].
وكلما قل الذكر كلما يبس القلب، وكلما أكثر الإنسان من ذكر الله كلما حيي قلبه، فنبينا عليه الصلاة والسلام يعلمنا أن الإنسان إذا قضى الحاجة سيتوقف عن قراءة القرآن وعن الأذكار الأخرى، فكأنه يرى هذا قصوراً وتقصيراً في حق الله جل وعلا، فإذا خرج يقول: (غفرانك)، فإن قيل: إن الإنسان ممنوع من الذكر في ذلك الوقت إجلالاً لربنا الجليل، فالله طيب ولا يذكر إلا في مكان طيب -كما تقدم معنا في المبحث الرابع- وأن من أراد دخول الخلاء يقول هذا قبل أن يدخل إلى الحمام ومكان قضاء الحاجة، كما تقدم معنا نقل هذا من أئمة التابعين، فإن قيل: إنما منعنا من الذكر في ذلك الوقت إجلالاً لربنا الجليل، فأي تقصير منا حصل؟ فنقول: لما كان قضاء الحاجة بسبب منا ألا وهو أكلنا فنسب التقصير إلينا، فالمنع ترتب على فعل منا فآل القصور إلينا.
ولذلك إخوتي الكرام! تقدم معنا في المبحث الرابع في المبحث المطول أن دار الآخرة هي دار الكمال، ولذلك هناك لا فضلات، والناس الموحدون يلهمون الذكر والتسبيح كما يلهمون النفس، فمع كل نفس ذكر لله وتسبيح له وثناء عليه هذا في الجنة، وأما هنا فالصالحون يكثرون من ذكر الله، قياماً، وقعوداً، وعلى جنوبهم، لكن إذا دخل الخلاء فيمنع. وتقدم معنا أن كثيراً من الصالحين تمنى لو جعل الله رزقه في حصاة يمسها، يعني: حيث يستحي من دخول الحمام ويمنع من ذكر الله في ذلك الوقت، وعليه فإن هذا الذكر: (غفرانك) معناه: بما أنني منعت عن الحياة في هذا الوقت في حال قضاء الحاجة، فأنا أستغفرك مما حصل مني من تقصير، وحياتي لا تكون إلا بذكر الله العلي الكبير، وفي ذلك إشارة إلى أن من فتر عن ذكر الله في غير قضاء الحاجة حكمه كأنه يقضي حاجة، وعليه ينبغي أن يكثر من الاستغفار في جميع الأوقات آناء الليل وأطراف النهار، أنت خلقت لهذا: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56].
وملائكة الله الأطهار يسبحون الليل والنهار لا يفترون، فأولئك لا يأكلون ولا يشربون، إذاً ولا يقضون حاجة، فلا يفترون عن ذكر الله، فأنت في الوقت الذي منعت فيه لكن مع ذلك استشعر تقصيرك بقولك: غفرانك، وفي ذلك إعلام لك أنك ما ينبغي أن تفتر عن ذكر الله في غير هذا الوقت، بل في هذا الوقت الذي منعت فيه من ذكر الله تستغفر الله بعد الخروج، فكيف في الوقت الذي لم تمنع فيه ولم تذكر الله فيه؟!
إخوتي الكرام! هذه الحكمة لا بد من وعيها، هذه الحكمة الأولى، والعلة الأولى في اختيار هذا الذكر على غيره من الأدعية والأذكار بعد قضاء الحاجة، (غفرانك). حياتنا يا رب! ذكرك ولا حياة لنا بدون ذلك، وقد منعنا من الذكر حال قضاء الحاجة، فكأنه حصل عندنا شيء من الاختناق، شيء من التقصير، شيء من تغير الحال، فما لنا إلا أن نلجئ إلى ذي العزة والجلال غفرانك، هذا هو حال نبينا عليه الصلاة والسلام، وهذا هو تعليمه لأمته؛ ليستشعروا أنهم ينبغي أن يكثروا من ذكر الله في كل وقت، فالوقت الذي امتنعوا فيه عن الذكر من أجل منع الله لهم عن ذكره فيه يستغفرون الله جل وعلا مما حصل منهم من تقصير، فكيف في الوقت الذي أمروا فيه بذكر الله الجليل ولم يقوموا بذلك الأمر؟!
الحكمة الثانية، والعلة الثانية، والتنبيه الثاني في اختيار نبينا صلى الله عليه وسلم هذا الذكر بعد الخروج من الخلاء بقوله غفرانك: أن ما حصل للإنسان عند قضاء الحاجة حقيقة نعمة كبرى؛ لأن هذه النعمة سبقها أن الله جل وعلا يسر عليك هضم الطعام وطرده، ثم بعد ذلك سهل الله عليك خروجه، أكلته وأساغه الله في بطنك، وسهل عليك الهضم ويسر عليك الخروج، هذه نعمة عظيمة لو منعت من الطعام لمت، ولو احتبس الطعام في بطنك لقتلت، ولو منعت من الشراب لهلكت، ولوا احتبس الشراب في بطنك أيضاً لهلكت.
إذاً: لا بد من تعظيم الله على هذه النعمة، على أن يسر لك إدخال الطعام وإخراجه، ولا يمكن لإنسان أن يؤدي شكر الله كما يليق بالله. فكأن النبي عليه الصلاة والسلام يقول: ربي أنعمت علينا بإدخال الطعام وبإخراجه ونحن مقصرون في حقك، مفرطون نسألك أن تغفر لنا، نعمك لا تحصى، وشكرنا مهما عظم لا يوفي نعمة من نعمك علينا. فحقيقة نعمة عظيمة؛ يأكل الإنسان ولا يشعر بهذه النعمة إلا إذا منع عنه الطعام، ثم بعد ذلك يخرج هذا الطعام والفضلات ولا يشعر بهذه النعمة إلا إذا احتبس البول أو الطعام في بطنه وبدأ يصيح ويستغيث.
وكنت أشرت إخوتي الكرام! سابقاً أن بعض أئمتنا محمد بن السماك عندما كان في مجلس هارون الرشيد وأحضر هارون الرشيد قلة فيها ماء مبرد، والخليفة في ذاك الوقت إن أراد أن يشرب ماء مبرداً يشربه بالقلة، وهي التي من الفخار، يعني ثلاجات توجد في هذه الأيام ويتمتع بها عموم الناس، وكانت لا توجد في ذلك الوقت إلا عند الخلفاء. وهارون الرشيد إذا أراد أن يذهب إلى الحج مع ما له من المكانة، وكان يقول للسحابة: أمطري حيث شئت فسيأتيني خراجك، مع هذا عندما يذهب إلى الحج فتلفحه حرارة الشمس والرياح شاء أم أبى، فلا يوجد سيارات مكيفة من باب أولى، ولا يوجد طائرات بعد ذلك نفاثة أو غيرها.
هارون الرشيد لما دعا بقلة ماء ليشربها قال له محمد بن السماك: لا تشرب يا أمير المؤمنين! ثم قال له: إن منعت هذا الكوز من الماء في يوم حار شديد الحر كم تدفع ثمناً له؟ قال: أدفع نصف ملكي، يقول ذلك لأنه ما جرب العطش ولو جرب العطش لدفع ملكه كله؛ ثمناً لكوز الماء، قال: اشرب، وبعد أن شرب قال: يا أمير المؤمنين! إذا احتبس الماء في بطنك وما استعطت أن تخرجه وبدأت تتلوى على الأرض كما تتلوى الحية وتصيح وتستغيث وتطلب إخراج هذا الماء كم تدفع ثمناً لإخراجه؟ قال: أدفع نصف ملكي الآخر، قال: إن ملكاً لا يسوى بولة ما ينبغي أن يتنافس فيه الناس، فأنت تشهد على نفسك أنه ما يسوى بولة، شربة ماء أدخلتها ثم أخرجتها وخرجت عن ملكك من أوله لآخره.
وحقيقة عند مثل هذه القصص يستحضر الإنسان قول الله: وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ [إبراهيم:34]، طعام تأكله وتستسيغه، ويسهل الله جريانه وهضمه في داخلك دون شعور منك، والأجهزة تعمل بنفسها وأنت نائم، وإذا أكلت العشاء عند العشاء الأجهزة الهضمية تعمل وأنت نائم بمجرد أن تستيقظ تذهب إلى الحمام، فأنت ما عملت شيئاً، بأوامر ربانية تعمل، ثم بعد ذلك سهل عليك إخراجه، هذه نعمة عظيمة، إدخال الطعام وإخراجه من أجل المحافظة على حياتك، هل أديت شكر هذه النعمة؟ حقيقة لا يستطيع أحد على وجه الأرض أن يقول: أديت شكرها، فضلاً عن النعم الأخرى، فإذا كان كذلك فينبغي أن تسأل الله مغفرته، فكأنك تقول: يا رب! إنني قصرت في جميع الأحوال فأسألك أن تغفر لي، غفرانك نعمة عظيمة دخل الطعام وخرج لكن هذا كله دون اعتبار مني، دون استحضار لعظمتك، غفرانك.
إخوتي الكرام! والعملية أحياناً التي يخرج الإنسان بها الطعام في المستشفيات إذا احتاج إلى ذلك تكلفه الكثير من المال، وقد يموت من جرائها بعد ذلك، وبعد إجراء العملية له وشق البطن يبقى فترة طويلة في تعب وإرهاق لا يعلمه إلا الله، فأنت كل هذا تفعله دون كلفة أما نحتاج أن نشكر الله عليه؟ بلى. هل قمنا بشكر الله كما يليق به؟ لا والله، فما لنا إلا أن نصبح مستغفرين وأن نمسي مستغفرين، وأن نطلب من الله المغفرة في كل حين، ومن ذلك إذا خرجت من الخلاء قل: غفرانك.
معنى المغفرة
الأولى: الستر، والثانية: الوقاية، دلالتان في لفظ الغفر المغفرة والغفور، والغفار، ستار واقي.
أما الستر: فيسترك ولا يفضحك على رؤوس الأشهاد ولا في هذه الحياة، سبحانه ما أكرمه! وما أحلمه! لو أظهر ما في قلوبنا للناس لبصقوا علينا ورمونا بالحجارة، هذا هو الحليم الستير الذي ينعم علينا بالحياء والستر، ونسأله برحمته كما سترنا في الدنيا أن يسترنا في الآخرة، إنه أرحم الراحمين وهو أكرم الأكرمين، وقاك عاقبة الخطايا والذنوب، ومنه قيل: مغفر وهو الذي يستر الرأس ويقيه من ضربات السيوف والسهام والرماح عندما تأتي إليك، وهي التي يلبسها المقاتل يقال لها مغفر، والله جل وعلا غفور يستر ويقي، فأنت عندما تقول: غفرانك تقول: ربي استرني وقني عذابك، استرني أمام خلقك في الحياة وبعد الممات، وقني عذابك أنت أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين، يقول علماء اللغة: يقال: أسبغ ثوبك، وأسبغ ثوبك من باب قطع يقطع اقطع، ومن باب مكر يمكر امكر، أسبغ ثوبك، أُصبغ ثوبك، فهو أغفر للوسخ، ما معنى فهو أغفر للوسخ يعني: إذا كان الثوب أبيض يظهر عليه الوسخ، أسبغ ثوبك فهو أغفر وأستر للوسخ، والله غفور غفار سبحانه وتعالى، غفرانك استرنا وقنا عذابك يا أرحم الراحمين! ويا أكرم الأكرمين.
آثار الدعاء بقول: غفرانك
المعنى الأول: أننا نسأل الله المغفرة من عدم ذكرنا له في ذلك الوقت، وإن منعنا من قبل ربنا لكن السبب من أنفسنا بسبب طعامنا وشرابنا.
المعنى الثاني: أن هذه نعمة عظيمة جليلة، العباد بأسرهم مقصرون نحو شكر ربهم، فعليهم إذاً إذا خرجوا من الخلاء أن يستغفروا الله من تقصيرهم فيقولوا: غفرانك، هذا فيما يتعلق بالأمر الأول في فقه الحديث.
ما يستفاد من دعاء (غفرانك)
الأمر الأول: إذا كان ما يخرج منك تتقذره وهو نجاسة حقيقة وأنت تتقذره ونفسك تعافه، وتضع أحياناً يدك على أنفك من نتن الريحة التي تخرج مما يخرج من بني آدم، فإذا عافت نفسك هذه النجاسة الحسية -وهي نجاسة مغلظة- فينبغي أن تعاف نفسك ما يجري منك من نجاسات معنوية، فهي أشنع في القبح والكراهة من هذه النجاسة الحسية، وهي الشهوات المحرمة، والشبهات المذمومة التي يقع فيها الناس، هذه شهوة، هذه نجاسة حسية تتأذى منها وقتاً يسيراً عند قضائك لها ثم تغسل بعد ذلك مقعدك ويدك، وتتطيب وتخرج وقد زالت، أما تلك لو غسلتها ببحار الدنيا لا تزول إلا بتوبة نصوح لله جل وعلا، نظر حرام، وغناء حرام، واستماع لحرام، ومشي إلى حرام، هذا كله نجاسات أشنع من النجاسات المحسوسة للمخلوقات، فإذا استقذرت هذه النجاسة الحسية فينبغي أن تستقذر النجاسة المعنوية التي دافعها -كما قلت- شهوة محرمة، أو شبهة محرمة فانتبه لهذا، واستقذر ذلك من نفسك كما تستقذر هذا، وتب إلى الله جل وعلا من مرض الشبهات، ومن مرض الشهوات.
الأمر الثاني: أنت عندما تخرج من الخلاء وتقول: غفرانك، فكما طلبت من الله جل وعلا المغفرة، وتوسلت إليه بأن يغفر ذنوبك، وتوسلت إليه باسمه الغفور، فكأنك تقول: ربي كما سترتني في حال قضاء الحاجة، فيخرج مني شيء أنا أكره أن أراه، فكيف لو جعلت غيري يراه، يعني لو جعلت قضاء الحاجة لا يمكن أن يخرج إلا أمام الناس، لا يخرج من ذلك المكان الخفي التي سترتنا فيه لكانت فضيحة في الدنيا، فسبحانك ربي أنت سترتنا وجعلت ذلك الماء والغائط يخرج بحيث لا يرانا أحد، فكما سترتنا نسألك أن تستر أيضاً ذنوبنا، وعيوبنا، وأن تغفر لنا إنك أنت أرحم الراحمين، وأكرم الأكرمين.
الله جل وعلا يقول: وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الأعراف:180] .
ويستحب للإنسان أن يدعو الله باسم من أسمائه يناسب حاله، فإذا كنت في ضعف تقول: يا قوي! وإذا كنت في فقر تقول: يا غني! وهكذا عندما تستنصر الله أن ينصرك على أعدائك، كل اسم تتعلق به حسب حالك، فكأنك تقول: ربي أنا أذكرك بفضلك علي أنت سترتنا بما يخرج منا من أذى سترته عن غيرنا ولا يراه أحد، لا قريب -كما يقال- ولا بعيد، فكما سترت هذا الأذى وهذا كله من جراء مغفرتك، من جراء سترك، من جراء وقايتك لنا، وجعلته في ذلك المكان الذي لا يطلع عليه أحد، نتوسل إليك بمغفرتك التي سبقت وجودنا، وسبقت تقصيرنا، وسبقت عملنا، والإحسان منك هو البداية، نسألك أيضاً أن تستر البلايا والرزايا الأخرى التي تصدر عنا، وإذا كان الأمر كذلك فكما أنك تطلب من الله أن يستر ذنوبك، وأن يقيك العقوبة عليها فهلا تطلب من الله هذا؟ فتخلق بأخلاق الله، فالله يعاملك كما تعامل عباده، فإذا كنت تستر العباد أبشر بأن الله سيسترك، وإذا كنت تفضح العباد فحقيقة تستحق الفضيحة في الدنيا وفي الآخرة.
آثار معاني الغفور
يذكرون في أخبار نبي الله عيسى على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه: أنه مر مع أصحابه الحواريين عليهم وعلى جميع الصديقين رحمة الله ورضوانه، فرأوا كلباً ميتاً متفسخاً منتفخاً، فقال الحواريون: يا نبي الله! يا روح الله! على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه، ما أنتنه! قال: ويحكم هلا قلتم: ما أشد بياض أسنانه؟ يعني: تذكرون القبيح أي ما تقع نفوسكم إلا على القبح، هذا كلب فيه قبح وفيه حسن، أسنانه بيضاء جميلة سبحان من ركبها في فيه! فهلا قلتم: ما أشد بياض أسنانه؟ ما أجمل هذه الأسنان! وفي ذلك إشارة إلى أنه ينبغي دائماً أن تتخلق بخلق الغفور، أظهر الجميل واستر القبيح، أظهر الكمال، واستر القبيح كما عاملك الله عامل عباده، عامل عياله، عامل خلقه، إذا اطلعت على نقص منهم استره، وإذا اطلعت على كمال حاول أن تبديه وأشهره، فهذا هو صفة العاقل وصفة المؤمن الموحد يظهر الحسن ويستر القبيح ويستر السيئ.
وحقيقة هذه هي النفس الطاهرة التي تنظر إلى هذا الاسم ألا وهو الغفور، ستر للقبيح ووقاية لأثره، فلم تظهروا عفونة الكلب ونتنه ولا تنظر إلى ما فيه من صفات الجمال الأخرى، قل هذه الصفة التي فيه وعود لسانك ونفسك على هذا الخلق الكريم.
أولهما: استحباب قول هذا الدعاء عند الخروج من الخلاء، وقد اتفق على ذلك أئمتنا العلماء الأتقياء، أن تقول إذا خرجت من الخلاء: (غفرانك)، وهذا الذكر -كما قلت- مستحب بالاتفاق، وقد تقدم معنا ما يقول الإنسان إذا دخل، وهذا ذكر تقوله إذا خرجت، وتقدم معنا أن نبينا عليه الصلاة والسلام شرع لنا أذكاراً وأدعية نقولها عند كثير من أمورنا التي نقوم بها في حياتنا بمقتض الجبلة الإنسانية والطبيعة البشرية لنحول العادات إلى عبادات.
ومعنى (غفرانك): أطلب غفرانك أو أسألك غفرانك، وعليه غفرانك: مفعول به منصوب لفعل محذوف تقديره: أطلب غفرانك، أو أسألك غفرانك، ويصح أن يكون أيضاً غفرانك منصوباً على أنه مفعول مطلق بتقدير: اغفر غفرانك، أو أسألك غفرانك.
وفي تعقيب نبينا صلى الله عليه وسلم على خروجه من الخلاء بهذا الدعاء دون غيره، (إذا خرج يقول: غفرانك)، وجهان معتبران ذكرهما أئمتنا الكرام كشيخ الإسلام الإمام النووي في المجموع شرح المهذب في الجزء الأول صفحة ست وسبعين:
التعليل الأول والوجه الأول من التعليلين والوجهين: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسأل الله مغفرته بعد الخروج من الخلاء؛ لأنه عندما كان في حال قضاء الحاجة كان ممنوعاً من الذكر، فما يتأتى منه الذكر ولا يستطيع أن يذكر الله في ذلك الوقت، فهو حال كشف عورته وقضاء حاجته، فلما منع من الذكر في ذلك الوقت كأن نبينا عليه الصلاة والسلام يرى نفسه أنه قد قصر في حق الله عز وجل، فذكر الله للإنسان كالماء للسمك، فنحن إذا تركنا الذكر كأننا هلكنا، كأننا قصرنا في حق ربنا، كما أن السمك إذا أخرجته من الماء يتأثر، وإذا طال الخروج يتلف ويموت، وهنا منع نبينا عليه الصلاة والسلام، ومنع الإنسان عند قضاء الحاجة من ذكر الله، والإنسان ينبغي أن يكثر لسانه من ذكر ربه، وينبغي دائماً أن يحرك هذا العضو؛ ليتصف بالنعت الذي ذكر الله عباده الأتقياء، وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ [الأحزاب:35].
وكلما قل الذكر كلما يبس القلب، وكلما أكثر الإنسان من ذكر الله كلما حيي قلبه، فنبينا عليه الصلاة والسلام يعلمنا أن الإنسان إذا قضى الحاجة سيتوقف عن قراءة القرآن وعن الأذكار الأخرى، فكأنه يرى هذا قصوراً وتقصيراً في حق الله جل وعلا، فإذا خرج يقول: (غفرانك)، فإن قيل: إن الإنسان ممنوع من الذكر في ذلك الوقت إجلالاً لربنا الجليل، فالله طيب ولا يذكر إلا في مكان طيب -كما تقدم معنا في المبحث الرابع- وأن من أراد دخول الخلاء يقول هذا قبل أن يدخل إلى الحمام ومكان قضاء الحاجة، كما تقدم معنا نقل هذا من أئمة التابعين، فإن قيل: إنما منعنا من الذكر في ذلك الوقت إجلالاً لربنا الجليل، فأي تقصير منا حصل؟ فنقول: لما كان قضاء الحاجة بسبب منا ألا وهو أكلنا فنسب التقصير إلينا، فالمنع ترتب على فعل منا فآل القصور إلينا.
ولذلك إخوتي الكرام! تقدم معنا في المبحث الرابع في المبحث المطول أن دار الآخرة هي دار الكمال، ولذلك هناك لا فضلات، والناس الموحدون يلهمون الذكر والتسبيح كما يلهمون النفس، فمع كل نفس ذكر لله وتسبيح له وثناء عليه هذا في الجنة، وأما هنا فالصالحون يكثرون من ذكر الله، قياماً، وقعوداً، وعلى جنوبهم، لكن إذا دخل الخلاء فيمنع. وتقدم معنا أن كثيراً من الصالحين تمنى لو جعل الله رزقه في حصاة يمسها، يعني: حيث يستحي من دخول الحمام ويمنع من ذكر الله في ذلك الوقت، وعليه فإن هذا الذكر: (غفرانك) معناه: بما أنني منعت عن الحياة في هذا الوقت في حال قضاء الحاجة، فأنا أستغفرك مما حصل مني من تقصير، وحياتي لا تكون إلا بذكر الله العلي الكبير، وفي ذلك إشارة إلى أن من فتر عن ذكر الله في غير قضاء الحاجة حكمه كأنه يقضي حاجة، وعليه ينبغي أن يكثر من الاستغفار في جميع الأوقات آناء الليل وأطراف النهار، أنت خلقت لهذا: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56].
وملائكة الله الأطهار يسبحون الليل والنهار لا يفترون، فأولئك لا يأكلون ولا يشربون، إذاً ولا يقضون حاجة، فلا يفترون عن ذكر الله، فأنت في الوقت الذي منعت فيه لكن مع ذلك استشعر تقصيرك بقولك: غفرانك، وفي ذلك إعلام لك أنك ما ينبغي أن تفتر عن ذكر الله في غير هذا الوقت، بل في هذا الوقت الذي منعت فيه من ذكر الله تستغفر الله بعد الخروج، فكيف في الوقت الذي لم تمنع فيه ولم تذكر الله فيه؟!
إخوتي الكرام! هذه الحكمة لا بد من وعيها، هذه الحكمة الأولى، والعلة الأولى في اختيار هذا الذكر على غيره من الأدعية والأذكار بعد قضاء الحاجة، (غفرانك). حياتنا يا رب! ذكرك ولا حياة لنا بدون ذلك، وقد منعنا من الذكر حال قضاء الحاجة، فكأنه حصل عندنا شيء من الاختناق، شيء من التقصير، شيء من تغير الحال، فما لنا إلا أن نلجئ إلى ذي العزة والجلال غفرانك، هذا هو حال نبينا عليه الصلاة والسلام، وهذا هو تعليمه لأمته؛ ليستشعروا أنهم ينبغي أن يكثروا من ذكر الله في كل وقت، فالوقت الذي امتنعوا فيه عن الذكر من أجل منع الله لهم عن ذكره فيه يستغفرون الله جل وعلا مما حصل منهم من تقصير، فكيف في الوقت الذي أمروا فيه بذكر الله الجليل ولم يقوموا بذلك الأمر؟!
الحكمة الثانية، والعلة الثانية، والتنبيه الثاني في اختيار نبينا صلى الله عليه وسلم هذا الذكر بعد الخروج من الخلاء بقوله غفرانك: أن ما حصل للإنسان عند قضاء الحاجة حقيقة نعمة كبرى؛ لأن هذه النعمة سبقها أن الله جل وعلا يسر عليك هضم الطعام وطرده، ثم بعد ذلك سهل الله عليك خروجه، أكلته وأساغه الله في بطنك، وسهل عليك الهضم ويسر عليك الخروج، هذه نعمة عظيمة لو منعت من الطعام لمت، ولو احتبس الطعام في بطنك لقتلت، ولو منعت من الشراب لهلكت، ولوا احتبس الشراب في بطنك أيضاً لهلكت.
إذاً: لا بد من تعظيم الله على هذه النعمة، على أن يسر لك إدخال الطعام وإخراجه، ولا يمكن لإنسان أن يؤدي شكر الله كما يليق بالله. فكأن النبي عليه الصلاة والسلام يقول: ربي أنعمت علينا بإدخال الطعام وبإخراجه ونحن مقصرون في حقك، مفرطون نسألك أن تغفر لنا، نعمك لا تحصى، وشكرنا مهما عظم لا يوفي نعمة من نعمك علينا. فحقيقة نعمة عظيمة؛ يأكل الإنسان ولا يشعر بهذه النعمة إلا إذا منع عنه الطعام، ثم بعد ذلك يخرج هذا الطعام والفضلات ولا يشعر بهذه النعمة إلا إذا احتبس البول أو الطعام في بطنه وبدأ يصيح ويستغيث.
وكنت أشرت إخوتي الكرام! سابقاً أن بعض أئمتنا محمد بن السماك عندما كان في مجلس هارون الرشيد وأحضر هارون الرشيد قلة فيها ماء مبرد، والخليفة في ذاك الوقت إن أراد أن يشرب ماء مبرداً يشربه بالقلة، وهي التي من الفخار، يعني ثلاجات توجد في هذه الأيام ويتمتع بها عموم الناس، وكانت لا توجد في ذلك الوقت إلا عند الخلفاء. وهارون الرشيد إذا أراد أن يذهب إلى الحج مع ما له من المكانة، وكان يقول للسحابة: أمطري حيث شئت فسيأتيني خراجك، مع هذا عندما يذهب إلى الحج فتلفحه حرارة الشمس والرياح شاء أم أبى، فلا يوجد سيارات مكيفة من باب أولى، ولا يوجد طائرات بعد ذلك نفاثة أو غيرها.
هارون الرشيد لما دعا بقلة ماء ليشربها قال له محمد بن السماك: لا تشرب يا أمير المؤمنين! ثم قال له: إن منعت هذا الكوز من الماء في يوم حار شديد الحر كم تدفع ثمناً له؟ قال: أدفع نصف ملكي، يقول ذلك لأنه ما جرب العطش ولو جرب العطش لدفع ملكه كله؛ ثمناً لكوز الماء، قال: اشرب، وبعد أن شرب قال: يا أمير المؤمنين! إذا احتبس الماء في بطنك وما استعطت أن تخرجه وبدأت تتلوى على الأرض كما تتلوى الحية وتصيح وتستغيث وتطلب إخراج هذا الماء كم تدفع ثمناً لإخراجه؟ قال: أدفع نصف ملكي الآخر، قال: إن ملكاً لا يسوى بولة ما ينبغي أن يتنافس فيه الناس، فأنت تشهد على نفسك أنه ما يسوى بولة، شربة ماء أدخلتها ثم أخرجتها وخرجت عن ملكك من أوله لآخره.
وحقيقة عند مثل هذه القصص يستحضر الإنسان قول الله: وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ [إبراهيم:34]، طعام تأكله وتستسيغه، ويسهل الله جريانه وهضمه في داخلك دون شعور منك، والأجهزة تعمل بنفسها وأنت نائم، وإذا أكلت العشاء عند العشاء الأجهزة الهضمية تعمل وأنت نائم بمجرد أن تستيقظ تذهب إلى الحمام، فأنت ما عملت شيئاً، بأوامر ربانية تعمل، ثم بعد ذلك سهل عليك إخراجه، هذه نعمة عظيمة، إدخال الطعام وإخراجه من أجل المحافظة على حياتك، هل أديت شكر هذه النعمة؟ حقيقة لا يستطيع أحد على وجه الأرض أن يقول: أديت شكرها، فضلاً عن النعم الأخرى، فإذا كان كذلك فينبغي أن تسأل الله مغفرته، فكأنك تقول: يا رب! إنني قصرت في جميع الأحوال فأسألك أن تغفر لي، غفرانك نعمة عظيمة دخل الطعام وخرج لكن هذا كله دون اعتبار مني، دون استحضار لعظمتك، غفرانك.
إخوتي الكرام! والعملية أحياناً التي يخرج الإنسان بها الطعام في المستشفيات إذا احتاج إلى ذلك تكلفه الكثير من المال، وقد يموت من جرائها بعد ذلك، وبعد إجراء العملية له وشق البطن يبقى فترة طويلة في تعب وإرهاق لا يعلمه إلا الله، فأنت كل هذا تفعله دون كلفة أما نحتاج أن نشكر الله عليه؟ بلى. هل قمنا بشكر الله كما يليق به؟ لا والله، فما لنا إلا أن نصبح مستغفرين وأن نمسي مستغفرين، وأن نطلب من الله المغفرة في كل حين، ومن ذلك إذا خرجت من الخلاء قل: غفرانك.
إخوتي الكرام! عندما تطلب المغفرة من الله والله غفور وغفار سبحانه وتعالى، والغفور يدل على دلالتين:
الأولى: الستر، والثانية: الوقاية، دلالتان في لفظ الغفر المغفرة والغفور، والغفار، ستار واقي.
أما الستر: فيسترك ولا يفضحك على رؤوس الأشهاد ولا في هذه الحياة، سبحانه ما أكرمه! وما أحلمه! لو أظهر ما في قلوبنا للناس لبصقوا علينا ورمونا بالحجارة، هذا هو الحليم الستير الذي ينعم علينا بالحياء والستر، ونسأله برحمته كما سترنا في الدنيا أن يسترنا في الآخرة، إنه أرحم الراحمين وهو أكرم الأكرمين، وقاك عاقبة الخطايا والذنوب، ومنه قيل: مغفر وهو الذي يستر الرأس ويقيه من ضربات السيوف والسهام والرماح عندما تأتي إليك، وهي التي يلبسها المقاتل يقال لها مغفر، والله جل وعلا غفور يستر ويقي، فأنت عندما تقول: غفرانك تقول: ربي استرني وقني عذابك، استرني أمام خلقك في الحياة وبعد الممات، وقني عذابك أنت أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين، يقول علماء اللغة: يقال: أسبغ ثوبك، وأسبغ ثوبك من باب قطع يقطع اقطع، ومن باب مكر يمكر امكر، أسبغ ثوبك، أُصبغ ثوبك، فهو أغفر للوسخ، ما معنى فهو أغفر للوسخ يعني: إذا كان الثوب أبيض يظهر عليه الوسخ، أسبغ ثوبك فهو أغفر وأستر للوسخ، والله غفور غفار سبحانه وتعالى، غفرانك استرنا وقنا عذابك يا أرحم الراحمين! ويا أكرم الأكرمين.