شرح الترمذي- باب ما يقول إذا خرج من الخلاء [9]


الحلقة مفرغة

الرد على صاحب كتاب (تذكير الأصحاب) وبيان جهله

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونؤمن به ونتوكل عليه، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً.

الحمد لله رب العالمين، شرع لنا ديناً قويماً, وهدانا صراطاً مستقيماً، وأسبغ علينا نعمه ظاهرةً وباطنةً وهو اللطيف الخبير.

اللهم لك الحمد كله، ولك الملك كله، وبيدك الخير كله، وإليك يرجع الأمر كله، أنت رب الطيبين.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولي الصالحين وخالق الخلق ورازقهم أجمعين: وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ [هود:6].

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ [فاطر:3] .

وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله، أرسله الله رحمةً للعالمين, فشرح به الصدور, وأنار به العقول, وفتح به أعيناً عمياً, وآذاناً صماً, وقلوباً غلفاً، فجزاه الله عنا أفضل ما جزى به نبياً عن أمته، ورضي الله عن أصحابه الطيبين، وعمن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء:1].

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102] .

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71].

أما بعد: معشر الإخوة الكرام! قلنا: إن هناك كلاماً سفيهاً في هذه الأيام يثبت أن النقاب حرام، ولا يجوز للمرأة أن تستر وجهها، وإذا سترت وجهها فإثمها عند الله أعظم وأشنع مما لو كشفت عن فخذيها، وألف كتاباً سماه: تذكير الأصحاب بتحريم النقاب، وذكرت البارح تأويله وتلاعبه وافتراءه فيما يتعلق بأثر أسماء رضي الله عنها وأرضاها، وأريد أن أختم الكلام بما ذكره حول أثر حفصة، وهذا آخر شيء لننتقل بعد ذلك إلى غيره إن شاء الله.

يقول هناك: إننا لا نعجب حين نجد في المرويات النادرة بعضاً مما يشتبه على المبتدئين في الثقافة الدينية أو المتسرعين في الفهم من غير رسوخ في علوم الدين مثل هذه الرواية التي أخرجها البيهقي بإسناده -يقول هذا في صفحة اثنتين وعشرين ومائتين- عن عاصم الأحول وتقدم معنا ذكره، قال: كنا ندخل على حفصة بنت سيرين وقد جعلت الجلباب هكذا وتنقبت به، فنقول لها: رحمكِ الله، قال الله: وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ [النور:60]، يعني: لا داعي لهذا الجلباب، ولو وضع لا حرج؛ لأنها قاعد زاد عمرها على السبعين، فتقول لنا: أي شيء بعد ذلك؟ فنقول: وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ [النور:60]، فتقول: هو إثبات الحجاب. يعني: إثبات الحجاب أفضل وأطهر للقاعد، هذا للقاعد، أما للشابة فيحتاج الإنسان أن يكون عنده عقل، يعني: القاعد رخص لها أن تضع جلبابها، وإذا استعفت خير لها، فكيف في حق الشابة؟ انتبه ماذا يقول؟!

يقول: وهي رواية صحيحة الإسناد. ووالله أنت لا في العير ولا في النفير، ولا تعرف الصحيح ولا الموضوع، لكن تسرق من هنا وهناك، نريد تأويلك الذي لم يسبقك إليه أحد من خلق الله ولا البهائم التي كنت تعالجها؛ لو عرضت عليها تفسيرك لرفضته، تقول: لكنا نردها شأن غيرها إلى الكتاب والسنة، فما وافقهما قبلناه، وما خالفهما رددناه على العين والرأس، ما أحلى هذا الكلام، ولكن كل خبيث يقول كتاب وسنة بفهم أعوج، ثم يقول: كتاب وسنة؛ لكون الكتاب والسنة قاضيين على سائر الروايات وليس العكس.

يقول هنا: وقد تقدم تفصيل ما لا معنى لإعادته، وهذا راسخ عندنا وبالغ مبلغ اليقين، يعني: الكتاب والسنة، فضلاً عن أن حفصة بنت سيرين يقول: رحمها الله، وهي تابعية فاضلة عابدة من العابدات، لم يعرف لها رسوخ في علوم الدين في أي فرع من الفروع، فضلاً عن انعدام القصور، فلا هي رضي الله عنها من أصحاب الفقه أو التفسير أو الحديث أو شيء من هذا القبيل، بل هي عابدة فاضلة فحسب، والعابد ليس عالم بأحكام الدين كالعلماء الراسخين، يعني: لم اعترفت بأنها عابدة؟ نقول له: لكنك أنت لست عالماً ولا عابداً وإنما أنت طبيب بيطري، فما دخلك في العلم وليس عندك لا عبادة ولا تقى، وقد قلت لكم: هي من رجال الكتب الستة، ثقة فقيهة عالمة كما تقدم معنا هذا، وكان شيخ الإسلام أخوها إذا أشكل عليه شيء يقول: اسألوا حفصة .

يقول: ولذا فإن مثلها أهل لئلا تبلغ مناط الحكم الشرعي الصحيح في بعض الأمور، وأن يبلغ بها احتياطها الشديد في العبادة أن تخرج النص القرآني العظيم عن مدلوله الأصلي بحسن نية منها، ولعلك تلحظ شيئاً من ذلك في إنكار الذين دخلوا عليها وفيهم عاصم الأحول، وهو الذي أثنى عليه سفيان الثوري وعده من الحفاظ، فقد أنكر عليها ما فعلت بنفسها، وتذكيرهم لها بالآية الكريمة وفهمهم لها هو الوجه الصحيح، لكنها رحمها الله مضت في زعمها حتى قالت بقول شاذ لم يسمع بمثله في الأولين والآخرين، وهو قولها عن عجز الآية الكريمة بأنه إثبات الحجاب في حق مثلها، فأوجبت بذلك النقاب على القواعد من النساء، فانظر ماذا تفعل العبادة دون الرسوخ في العلم بأصحابها، فلم يقل أحد من أهل العلم الثقات بذلك أبداً.

ألست أنت الذي تقول: الحكم للكتاب والسنة؟ هب أنه لم يقل أحد من الثقات بذلك وأنت تكذب عليهم، فإنَّ الكتاب قد جاء فيه: وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ [النور:60]. انتهى.

يقول: ولو كان النقاب ثابتاً في حق القواعد من النساء فبالله عليك! أي تقصير يكون في سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام التي لم تشر إلى ذلك من قريب أو بعيد؟ يعني: النبي عليه الصلاة والسلام قصر عندما لم يقل القواعد ينبغي أن يتبرقعن ويتحجبن، فإن سنته عليه الصلاة والسلام في ذلك معروفة وجلية وثابتة، فلا مرد لها من أقوال الصحابة أنفسهم لو وجدت، فما بالنا بمن هو دونهم، ومن ثم فلنا أن نقول: إن فعلها ليس حجة إلا في حقها، أما نحن فقد كفانا الله بقرآنه العظيم وبسنة نبيه عليه الصلاة والسلام، كل الأفعال والأقوال الخاصة مهما قال بها فضلاء وفعلها عباد، ولعلك تلحظ بجلاء مبلغ اعتراضهم عليها بقولهم: رحمكِ الله، الذي يفيد حدوث فعل يستوجب طلب الرحمة لفاعله، وقد تكرر هذا منها كثيراً وكانوا يدعون لها في كل مرة بقولهم: كنا ندخل فنقول: رحمكِ الله، يعني: كل مرة نسأل الله لها المغفرة لجهلها، ثم يذكرونها بما لا خلاف عليه في حكم القواعد من النساء وهو مفتتح الخطاب دائماً بين المتحاورين: رحمكِ الله.. حتى يخلص منه إلى ما بعده من أحكام، لكنها كانت تصدهم في كل مرة، رحمها الله وعفا عنا وعنها إنه هو الغفور الرحيم.

ولو فرق عوام الناس بين كلام العلماء الراسخين وأفعال العباد المتبعين -لعلهم المتعبدين على كل حال- لكفاهم ذلك الشيء الكثير، ولميزوا بين ما هو من الكتاب والسنة فيلتزمون به ويرتقون، وما هو من عند الناس فيخطئون فيه ويصيبون، ولانعدمت بذلك مشاكل كثيرة، وقد كتبنا في ذلك شيئاً مفصلاً. نسأل الله أن يكفينا شرك وشر كتابتك.

ثم يقول: خاتمة

تبين أن كل الذين يدعون إلى غطاء الوجه والتمسك به عوام جهلة، ولبس النقاب لا يدل عليه ويقرره إلا من كان من نقلة الصحف الذين لا يفقهون ما ينقلون، ولا يعقلون ما يكتبون، وفي أقلهم حفظة يرددون ما يحفظون دون أن تترسخ لهم قدم، فيحسبون أنهم على شيء من العلم بدقائق الشرع الحنيف وهم واهمون؛ لأنهم عادة متحمسون... إلى آخره.

يقول بعد ذلك: المنقبة تحتاج أن نستغفر لها مرتين والمتبرجة مرة واحدة؛ لأنها أقل ابتلاءً وأقرب إلى سواء السبيل، والسبب في ذلك: أن المنقبة التي غطت وجهها متكبرة وعاصية، وأما السافرة التي كشفت عن فخذيها فهي عاصية وليست متكبرة.

ثم قال بعد ذلك: إذا قلنا بالنقاب فإنه يمكن للنساء المنحرفات أن يسرن مع غير أزواجهن ويسافرن معهم دون خوف أو كشف لأمرهن، فتزيد إمكانات الراغبات في الانحراف. وعجباً لهذا الكلام مع أن الزنا في البلاد الغربية مباح وليس فيه منقصة ولا مسئولية أمام الحاكم، وأنت تقول: لو أن المرأة تحجبت فيمكن أن تخون ولا تكشف! أليست الخيانة مكشوفةً ظاهرة ولا أحد يراقب عليها؟ وفي البلاد العربية الآن إلا ما رحم ربك الزنا بالتراضي حلال أحل من الماء البارد ومن شم الهواء، وإذا أردت أن تعترض تضرب رقبتك، الزنا ممنوع إذا اغتصب فقط، أما بالتراضي طبعاً فهذا حرية، فله أن يزني ويشرب الخمر.

السفيه الأول -كما تقدم معنا- يقول: النقاب ليس بمباح ولا بواجب لكن مكروه، أما هذا السفيه فيقول: حرام، وقد ختم مقاله وكتابه بالنقول عن ستة من العلماء، خلط -كما يقال- الصالح بالطالح، والبيض بالباذنجان، وإنما أريد أن أذكر هذا ليحذر العلماء أن يكونوا مطية للسفهاء في يوم من الأيام.

يقول: من أقوال علماء المسلمين في النقاب، وذكر أقوال ستة:

أولهم: قاسم أمين قصم الله ظهره وألقاه في سجين، الذي هلك سنة ست وعشرين وثلاثمائة للهجرة، وألف كتابه تحرير المرأة، يقول هذا الخبيث عن نفسه: عندما ذهب إلى باريس تعرف على صديقة عشيقة له هناك، يقول: وقد صاحبتها طول حياتي هناك لكن مصاحبة بريئة، ووجدت فيها الرشاقة ودماثة الروح وتخالطني ليل نهار لكن صلة بريئة، لعله يقصد بالبراءة: ما وطئها في دبرها أو في قبلها، العلم عند الله أي الوطأين عنده صلة بريئة، إنما هو يقول: صداقة بريئة يعيش معها طول حياته، واستمد منها هذه الأفكار، وأن المرأة في الشرع متخلفة ينبغي أن تتحرر.

فجاء أول ما أثاره موضوع الوجه، وقلت لكم: كل خبيث يريد أن يفتح باب الزنا يدعو إلى كشف الوجه؛ فلو قال: أخرجوا النساء ليزنى بهن، لضربه كل أحد، فهو يريد أن يصل إلى الزنا لكن على مراحل، وأول هذه المراحل مرحلة كشف الوجه، ومتى ما كشف الوجه سيقع الزنا شاء الناس أم أبوا، ولذلك قاسم أمين الذي تبنى دعوة إخراج المرأة إلى الجحيم في هذا الحين وخرجت، كان أصل دعوته كشف الوجه فقط، يقول: المرأة تكشف عن وجهها وتخرج وتزاول الأعمال، ويقول كما يقول الضالون في هذه الأيام، إذا جلست المرأة في بيتها ولم تعمل فنصف الأمة مشلول، نسأل الله أن يشل جميع بدنك وأعضائك. أما تقوم هذه المرأة بأعمال يعجز عنها الرجال؟ من الذي سيربينا في بيوتنا؟ ثم بعد ذلك عندنا شهامة وكرامة؛ نستطيع أن نكفي نساءنا عن العمل، ولن نزج بهن في مصنع أو نحوه طلباً للكسب ونحن في البيوت، أعوذ بالله من النذالة والسفاهة عند من يدعون أنهم دعاة في هذه الأيام.

وهذه هي دعوة قاسم أمين ، فما دعا إلا إلى كشف الوجه، وقال: غطاء الوجه جاءنا من عادة الأتراك، والذي ذكر في القرآن خاص بزوجات النبي عليه الصلاة والسلام، وهو يعلم علم اليقين أنه إذا كشف الوجه سيكشف ما هو أشنع، وهذا الذي حصل.

والثاني: بهي الخوئي، والثالث: العقاد، وهؤلاء كلهم ينقل عنهم أن الوجه ينبغي أن يكشف وليس في الإسلام دليل على ستره، والرابع: محمد رشيد رضا، والخامس: الألباني في كتابه: حجاب المرأة المسلمة، والسادس: القرضاوي في كتاب الحلال والحرام، ستة من العلماء فيهم من هو -كما قلت- زنديق، وفيهم من فيه غفلة لا يدري ماذا سيترتب على كلامه، فيأتي دعاة الإباحية والفجور يستدلون بكلام قاسم أمين وبكلام الألباني، أوليس من العار أن يقرن الألباني بـقاسم أمين ؟ لكن هو الذي عرض بنفسه لهذا؛ فعندما شذ عما عليه المسلمون قرن بكتب الإباحيين مع قاسم أمين، ومن لا يكرم نفسه لا يكرم.

إخوتي الكرام! بالنسبة للشيخ الألباني وما ذكره حول حجاب المرأة المسلمة في الكتاب والسنة المطهرة فهذا حسبما فهم، ولا يوجد في القرآن ولا في السنة دليل يقرر ما قال، بل ما في الكتاب والسنة يبطل ما قال وسأشرح ذلك، لكن قبل أن ننتهي من هذا البحث أريد أن أختم الكلام بسفيه رابع ثم أعود بعد ذلك للبحث الذي ذكره الشيخ الألباني .

تفسير محمد شحرور للقرآن بما يدعو إلى السفور والفجور والرد عليه

السفيه الرابع الذي يدعو أيضاً إلى كشف الوجه بل إلى ما هو أكثر الدكتور المهندس محمد شحرور ، ألف كتاب: الكتاب والقرآن قراءة معاصرة، والكتاب في حدود تسعمائة صفحة، وما رأيت أخبث ولا أفسد ولا أكفر ولا أشنع ولا ألعن من هذا الكتاب، ما قرأت في حياتي ألعن منه، وعلى طريقته هو يقول: قرآن نفهمه على حسب الأذهان، والسنة نأخذ منها ما يتفق مع القرآن، أما الصحابة رضي الله عنهم من أبي بكر إلى علمائنا في هذا الزمان كلهم ما لنا علاقة بهم.

ثم ذكر لآية الحجاب تفسيراً والله الذي لا إله إلا هو! لو أنه عرض على الشيطان لما قبله؛ لما فيه من ضلالات وكفريات كثيرة، يقول في صفحة سبع وستمائة في قوله تعالى: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا [النور:31]، يقول: الزينة الظاهرة: ما ظهر من جسد المرأة بالخلق، أي: ما أظهره الله من جسدها حين خلقت كالرأس والبطن والظهر والرجلين واليدين، ونحن نعلم أنه سبحانه خلق الرجل والمرأة عراة بلا ملابس، فهو يقول: المرأة لها حالتان: حالة أمرت أن لا تكشفها وأن لا يطلع عليها إلا المحارم: الزوج فمن دونه، فيقول هنا: قسم غير ظاهر بالخلق، أي: أخفاه الله في بنية المرأة, وهذا القسم المخفي هو الجيوب الذي قال الله فيه: وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ [النور:31]، هذه الجيوب لا تبديها إلا لبعولتهن أو آبائهن.

والجيوب يقول: طبقتان بينهما خرق، وعليه فالسوءتان وتحت الإبطين وما بين الثديين هذه جيوب، وهذه لا يجوز أن يراها إلا الزوج والمحارم كلهم بالتساوي، فالابن يرى سوءة أمه من أمام ومن وراء ولا حرج، ثم يقول: لا يجوز أن تقول: حرام كشف هذه الأماكن للمحارم، وإذا قلت: حرام، فستدخل النار، يقول: قد تقول له: عيب على حسب العرف لكن ليس بحرام، وغير الزوج والمحارم يطلعون على جميع بدن المرأة بشرط أن لا يروا الجيوب.

قال زنقي الفنجلي : الخرق بين طبقتين كالأنف والأذنين، هذه جيوب ظاهرة، أما الجيوب المخفية التي تخفى تحت الإبط وما بين الثديين وفتحة الفرج وفتحة الدبر هذه لا يراها إلا الزوج والمحارم، ما عدا هذا يراه الناس قاطبة، فتكشف عن الفخذين وعن البطن وعن الصدر وعن الظهر كل هذا لا حرج. هذا في كتاب: تفسير القرآن قراءة معاصرة.

يقول: فالجيوب في المرأة طبقتان مع خرق، وهي ما بين الثديين وتحت الثديين وتحت الإبطين والفرج والإليتين، هذه كلها جيوب يجب على المرأة المؤمنة أن تغطيها، لذلك قال: وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ [النور:31].

ثم يقول: قد يقول البعض: يعني أن المرأة المؤمنة يحق لها أن تظهر عارية تماماً أمام هؤلاء: الزوج والأب والابن وللزوج والأخ وابن الأخ وابن الأخت؟ أقول: نعم، يجوز إن حصل ذلك عرضاً، وإن أرادوا أن يمنعوها فالمنع من باب العيب والحياء والعرف وليس من باب الحرام والحلال؛ لأنه شملهم مع الزوج، أي: إذا شاهد والد ابنته وهي عارية فلا يقول لها: هذا حرام؛ لأنه افترى على الشرع وارتكب إثماً، لكن يقول لها: هذا عيب.

هذا تحت ستار تفسير، وما أكثر هذا في هذه الأيام، وسببه كما قلت لكم عدم التزامنا بمذاهب أئمتنا، فالخروج عن المذاهب الأربعة مضيعة؛ لأن المذاهب الأربعة تبلور فيها الكتاب والسنة وما عليه سلف الأمة، ونقحت وهذبت أكثر من عشرة قرون، وإذا تركنا الأمر لاجتهادات معاصرة في هذه الأيام فكل واحد سيقول ما شاء.

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونؤمن به ونتوكل عليه، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً.

الحمد لله رب العالمين، شرع لنا ديناً قويماً, وهدانا صراطاً مستقيماً، وأسبغ علينا نعمه ظاهرةً وباطنةً وهو اللطيف الخبير.

اللهم لك الحمد كله، ولك الملك كله، وبيدك الخير كله، وإليك يرجع الأمر كله، أنت رب الطيبين.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولي الصالحين وخالق الخلق ورازقهم أجمعين: وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ [هود:6].

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ [فاطر:3] .

وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله، أرسله الله رحمةً للعالمين, فشرح به الصدور, وأنار به العقول, وفتح به أعيناً عمياً, وآذاناً صماً, وقلوباً غلفاً، فجزاه الله عنا أفضل ما جزى به نبياً عن أمته، ورضي الله عن أصحابه الطيبين، وعمن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء:1].

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102] .

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71].

أما بعد: معشر الإخوة الكرام! قلنا: إن هناك كلاماً سفيهاً في هذه الأيام يثبت أن النقاب حرام، ولا يجوز للمرأة أن تستر وجهها، وإذا سترت وجهها فإثمها عند الله أعظم وأشنع مما لو كشفت عن فخذيها، وألف كتاباً سماه: تذكير الأصحاب بتحريم النقاب، وذكرت البارح تأويله وتلاعبه وافتراءه فيما يتعلق بأثر أسماء رضي الله عنها وأرضاها، وأريد أن أختم الكلام بما ذكره حول أثر حفصة، وهذا آخر شيء لننتقل بعد ذلك إلى غيره إن شاء الله.

يقول هناك: إننا لا نعجب حين نجد في المرويات النادرة بعضاً مما يشتبه على المبتدئين في الثقافة الدينية أو المتسرعين في الفهم من غير رسوخ في علوم الدين مثل هذه الرواية التي أخرجها البيهقي بإسناده -يقول هذا في صفحة اثنتين وعشرين ومائتين- عن عاصم الأحول وتقدم معنا ذكره، قال: كنا ندخل على حفصة بنت سيرين وقد جعلت الجلباب هكذا وتنقبت به، فنقول لها: رحمكِ الله، قال الله: وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ [النور:60]، يعني: لا داعي لهذا الجلباب، ولو وضع لا حرج؛ لأنها قاعد زاد عمرها على السبعين، فتقول لنا: أي شيء بعد ذلك؟ فنقول: وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ [النور:60]، فتقول: هو إثبات الحجاب. يعني: إثبات الحجاب أفضل وأطهر للقاعد، هذا للقاعد، أما للشابة فيحتاج الإنسان أن يكون عنده عقل، يعني: القاعد رخص لها أن تضع جلبابها، وإذا استعفت خير لها، فكيف في حق الشابة؟ انتبه ماذا يقول؟!

يقول: وهي رواية صحيحة الإسناد. ووالله أنت لا في العير ولا في النفير، ولا تعرف الصحيح ولا الموضوع، لكن تسرق من هنا وهناك، نريد تأويلك الذي لم يسبقك إليه أحد من خلق الله ولا البهائم التي كنت تعالجها؛ لو عرضت عليها تفسيرك لرفضته، تقول: لكنا نردها شأن غيرها إلى الكتاب والسنة، فما وافقهما قبلناه، وما خالفهما رددناه على العين والرأس، ما أحلى هذا الكلام، ولكن كل خبيث يقول كتاب وسنة بفهم أعوج، ثم يقول: كتاب وسنة؛ لكون الكتاب والسنة قاضيين على سائر الروايات وليس العكس.

يقول هنا: وقد تقدم تفصيل ما لا معنى لإعادته، وهذا راسخ عندنا وبالغ مبلغ اليقين، يعني: الكتاب والسنة، فضلاً عن أن حفصة بنت سيرين يقول: رحمها الله، وهي تابعية فاضلة عابدة من العابدات، لم يعرف لها رسوخ في علوم الدين في أي فرع من الفروع، فضلاً عن انعدام القصور، فلا هي رضي الله عنها من أصحاب الفقه أو التفسير أو الحديث أو شيء من هذا القبيل، بل هي عابدة فاضلة فحسب، والعابد ليس عالم بأحكام الدين كالعلماء الراسخين، يعني: لم اعترفت بأنها عابدة؟ نقول له: لكنك أنت لست عالماً ولا عابداً وإنما أنت طبيب بيطري، فما دخلك في العلم وليس عندك لا عبادة ولا تقى، وقد قلت لكم: هي من رجال الكتب الستة، ثقة فقيهة عالمة كما تقدم معنا هذا، وكان شيخ الإسلام أخوها إذا أشكل عليه شيء يقول: اسألوا حفصة .

يقول: ولذا فإن مثلها أهل لئلا تبلغ مناط الحكم الشرعي الصحيح في بعض الأمور، وأن يبلغ بها احتياطها الشديد في العبادة أن تخرج النص القرآني العظيم عن مدلوله الأصلي بحسن نية منها، ولعلك تلحظ شيئاً من ذلك في إنكار الذين دخلوا عليها وفيهم عاصم الأحول، وهو الذي أثنى عليه سفيان الثوري وعده من الحفاظ، فقد أنكر عليها ما فعلت بنفسها، وتذكيرهم لها بالآية الكريمة وفهمهم لها هو الوجه الصحيح، لكنها رحمها الله مضت في زعمها حتى قالت بقول شاذ لم يسمع بمثله في الأولين والآخرين، وهو قولها عن عجز الآية الكريمة بأنه إثبات الحجاب في حق مثلها، فأوجبت بذلك النقاب على القواعد من النساء، فانظر ماذا تفعل العبادة دون الرسوخ في العلم بأصحابها، فلم يقل أحد من أهل العلم الثقات بذلك أبداً.

ألست أنت الذي تقول: الحكم للكتاب والسنة؟ هب أنه لم يقل أحد من الثقات بذلك وأنت تكذب عليهم، فإنَّ الكتاب قد جاء فيه: وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ [النور:60]. انتهى.

يقول: ولو كان النقاب ثابتاً في حق القواعد من النساء فبالله عليك! أي تقصير يكون في سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام التي لم تشر إلى ذلك من قريب أو بعيد؟ يعني: النبي عليه الصلاة والسلام قصر عندما لم يقل القواعد ينبغي أن يتبرقعن ويتحجبن، فإن سنته عليه الصلاة والسلام في ذلك معروفة وجلية وثابتة، فلا مرد لها من أقوال الصحابة أنفسهم لو وجدت، فما بالنا بمن هو دونهم، ومن ثم فلنا أن نقول: إن فعلها ليس حجة إلا في حقها، أما نحن فقد كفانا الله بقرآنه العظيم وبسنة نبيه عليه الصلاة والسلام، كل الأفعال والأقوال الخاصة مهما قال بها فضلاء وفعلها عباد، ولعلك تلحظ بجلاء مبلغ اعتراضهم عليها بقولهم: رحمكِ الله، الذي يفيد حدوث فعل يستوجب طلب الرحمة لفاعله، وقد تكرر هذا منها كثيراً وكانوا يدعون لها في كل مرة بقولهم: كنا ندخل فنقول: رحمكِ الله، يعني: كل مرة نسأل الله لها المغفرة لجهلها، ثم يذكرونها بما لا خلاف عليه في حكم القواعد من النساء وهو مفتتح الخطاب دائماً بين المتحاورين: رحمكِ الله.. حتى يخلص منه إلى ما بعده من أحكام، لكنها كانت تصدهم في كل مرة، رحمها الله وعفا عنا وعنها إنه هو الغفور الرحيم.

ولو فرق عوام الناس بين كلام العلماء الراسخين وأفعال العباد المتبعين -لعلهم المتعبدين على كل حال- لكفاهم ذلك الشيء الكثير، ولميزوا بين ما هو من الكتاب والسنة فيلتزمون به ويرتقون، وما هو من عند الناس فيخطئون فيه ويصيبون، ولانعدمت بذلك مشاكل كثيرة، وقد كتبنا في ذلك شيئاً مفصلاً. نسأل الله أن يكفينا شرك وشر كتابتك.

ثم يقول: خاتمة

تبين أن كل الذين يدعون إلى غطاء الوجه والتمسك به عوام جهلة، ولبس النقاب لا يدل عليه ويقرره إلا من كان من نقلة الصحف الذين لا يفقهون ما ينقلون، ولا يعقلون ما يكتبون، وفي أقلهم حفظة يرددون ما يحفظون دون أن تترسخ لهم قدم، فيحسبون أنهم على شيء من العلم بدقائق الشرع الحنيف وهم واهمون؛ لأنهم عادة متحمسون... إلى آخره.

يقول بعد ذلك: المنقبة تحتاج أن نستغفر لها مرتين والمتبرجة مرة واحدة؛ لأنها أقل ابتلاءً وأقرب إلى سواء السبيل، والسبب في ذلك: أن المنقبة التي غطت وجهها متكبرة وعاصية، وأما السافرة التي كشفت عن فخذيها فهي عاصية وليست متكبرة.

ثم قال بعد ذلك: إذا قلنا بالنقاب فإنه يمكن للنساء المنحرفات أن يسرن مع غير أزواجهن ويسافرن معهم دون خوف أو كشف لأمرهن، فتزيد إمكانات الراغبات في الانحراف. وعجباً لهذا الكلام مع أن الزنا في البلاد الغربية مباح وليس فيه منقصة ولا مسئولية أمام الحاكم، وأنت تقول: لو أن المرأة تحجبت فيمكن أن تخون ولا تكشف! أليست الخيانة مكشوفةً ظاهرة ولا أحد يراقب عليها؟ وفي البلاد العربية الآن إلا ما رحم ربك الزنا بالتراضي حلال أحل من الماء البارد ومن شم الهواء، وإذا أردت أن تعترض تضرب رقبتك، الزنا ممنوع إذا اغتصب فقط، أما بالتراضي طبعاً فهذا حرية، فله أن يزني ويشرب الخمر.

السفيه الأول -كما تقدم معنا- يقول: النقاب ليس بمباح ولا بواجب لكن مكروه، أما هذا السفيه فيقول: حرام، وقد ختم مقاله وكتابه بالنقول عن ستة من العلماء، خلط -كما يقال- الصالح بالطالح، والبيض بالباذنجان، وإنما أريد أن أذكر هذا ليحذر العلماء أن يكونوا مطية للسفهاء في يوم من الأيام.

يقول: من أقوال علماء المسلمين في النقاب، وذكر أقوال ستة:

أولهم: قاسم أمين قصم الله ظهره وألقاه في سجين، الذي هلك سنة ست وعشرين وثلاثمائة للهجرة، وألف كتابه تحرير المرأة، يقول هذا الخبيث عن نفسه: عندما ذهب إلى باريس تعرف على صديقة عشيقة له هناك، يقول: وقد صاحبتها طول حياتي هناك لكن مصاحبة بريئة، ووجدت فيها الرشاقة ودماثة الروح وتخالطني ليل نهار لكن صلة بريئة، لعله يقصد بالبراءة: ما وطئها في دبرها أو في قبلها، العلم عند الله أي الوطأين عنده صلة بريئة، إنما هو يقول: صداقة بريئة يعيش معها طول حياته، واستمد منها هذه الأفكار، وأن المرأة في الشرع متخلفة ينبغي أن تتحرر.

فجاء أول ما أثاره موضوع الوجه، وقلت لكم: كل خبيث يريد أن يفتح باب الزنا يدعو إلى كشف الوجه؛ فلو قال: أخرجوا النساء ليزنى بهن، لضربه كل أحد، فهو يريد أن يصل إلى الزنا لكن على مراحل، وأول هذه المراحل مرحلة كشف الوجه، ومتى ما كشف الوجه سيقع الزنا شاء الناس أم أبوا، ولذلك قاسم أمين الذي تبنى دعوة إخراج المرأة إلى الجحيم في هذا الحين وخرجت، كان أصل دعوته كشف الوجه فقط، يقول: المرأة تكشف عن وجهها وتخرج وتزاول الأعمال، ويقول كما يقول الضالون في هذه الأيام، إذا جلست المرأة في بيتها ولم تعمل فنصف الأمة مشلول، نسأل الله أن يشل جميع بدنك وأعضائك. أما تقوم هذه المرأة بأعمال يعجز عنها الرجال؟ من الذي سيربينا في بيوتنا؟ ثم بعد ذلك عندنا شهامة وكرامة؛ نستطيع أن نكفي نساءنا عن العمل، ولن نزج بهن في مصنع أو نحوه طلباً للكسب ونحن في البيوت، أعوذ بالله من النذالة والسفاهة عند من يدعون أنهم دعاة في هذه الأيام.

وهذه هي دعوة قاسم أمين ، فما دعا إلا إلى كشف الوجه، وقال: غطاء الوجه جاءنا من عادة الأتراك، والذي ذكر في القرآن خاص بزوجات النبي عليه الصلاة والسلام، وهو يعلم علم اليقين أنه إذا كشف الوجه سيكشف ما هو أشنع، وهذا الذي حصل.

والثاني: بهي الخوئي، والثالث: العقاد، وهؤلاء كلهم ينقل عنهم أن الوجه ينبغي أن يكشف وليس في الإسلام دليل على ستره، والرابع: محمد رشيد رضا، والخامس: الألباني في كتابه: حجاب المرأة المسلمة، والسادس: القرضاوي في كتاب الحلال والحرام، ستة من العلماء فيهم من هو -كما قلت- زنديق، وفيهم من فيه غفلة لا يدري ماذا سيترتب على كلامه، فيأتي دعاة الإباحية والفجور يستدلون بكلام قاسم أمين وبكلام الألباني، أوليس من العار أن يقرن الألباني بـقاسم أمين ؟ لكن هو الذي عرض بنفسه لهذا؛ فعندما شذ عما عليه المسلمون قرن بكتب الإباحيين مع قاسم أمين، ومن لا يكرم نفسه لا يكرم.

إخوتي الكرام! بالنسبة للشيخ الألباني وما ذكره حول حجاب المرأة المسلمة في الكتاب والسنة المطهرة فهذا حسبما فهم، ولا يوجد في القرآن ولا في السنة دليل يقرر ما قال، بل ما في الكتاب والسنة يبطل ما قال وسأشرح ذلك، لكن قبل أن ننتهي من هذا البحث أريد أن أختم الكلام بسفيه رابع ثم أعود بعد ذلك للبحث الذي ذكره الشيخ الألباني .




استمع المزيد من الشيخ عبد الرحيم الطحان - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح الترمذي - باب الاستتار عند الحاجة، والاستنجاء باليمين، والاستنجاء بالحجارة [4] 4042 استماع
شرح الترمذي - باب ما جاء في فضل الطهور [6] 3976 استماع
شرح الترمذي - باب ما جاء في كراهية ما يستنجى به [9] 3904 استماع
شرح الترمذي - باب ما جاء في كراهية ما يستنجى به [46] 3785 استماع
شرح الترمذي - مقدمات [8] 3784 استماع
شرح الترمذي - باب مفتاح الصلاة الطهور [2] 3769 استماع
شرح الترمذي - باب ما جاء في كراهية ما يستنجى به [18] 3565 استماع
شرح الترمذي - باب ما جاء في كراهية ما يستنجى به [24] 3481 استماع
شرح الترمذي - باب ما يقول إذا خرج من الخلاء [10] 3462 استماع
شرح الترمذي - باب ما جاء في كراهية ما يستنجى به [59] 3413 استماع