خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/122"> الشيخ عبد الرحيم الطحان . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/122?sub=8328"> سلسلة فقه المواريث
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
فقه المواريث - الفرض السادس من الفروض المقدرة
الحلقة مفرغة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، ورضي الله عن الصحابة الطيبين وعمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً، وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً، سهل علينا أمورنا وعلمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الرحمين.
اللهم زدنا علماً نافعاً وعملاً صالحاً بفضلك ورحمتك يا أكرم الأكرمين.
سبحانك اللهم وبحمدك على حلمك بعد علمك.
سبحانك اللهم وبحمدك على عفوك بعد قدرتك.
اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
إخوتي الكرام! كنا نتدارس أصحاب الفروض المقدرة في كتاب الله جل وعلا وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام، وتقدم معنا أن الفروض المقدرة ستة فروض: نصف، وربع، وثلث، وثلثان، وثلث, وسدس.
وقد انتهينا من مدارسة الفروض الخمسة الأولى، النصف، وتقدم معنا: أن النصف يستحقه خمسة أصناف من الورثة، والربع يستحقه صنفان من الورثة، والثمن يستحقه صنف واحد من الورثة، والثلثان يستحقهما أربعة أصناف من الورثة، والثلث صنفان من الورثة.
وهذا ما تكلمنا عليه في المحاضرة الماضية، وهما: الأم والإخوة لأم.
أما الأم فتأخذ ثلث كل المال بثلاثة شروط كما تقدم معنا:
أن لا يكون هناك جمع من الإخوة اثنان فما فوق.
- وأن لا يكون هناك فرع وارث.
- وأن لا تكون المسألة إحدى العمريتين.
وأما الإخوة لأم أيضاً يأخذون الثلث بثلاثة شروط أيضاً:
- أن لا يكون هناك أصل وارث من الذكور.
- وأن لا يكون هناك فرع وارث مطلقاً من ذكر أو أنثى.
- وأن يكونوا جمعاً اثنين فأكثر.
ندخل الآن في الفرض السادس، وهذا آخر الفروض المقدرة، ندخل بعد ذلك إن أحيانا الله في العصبات بإذن رب الأرض والسماوات.
أما السدس فيستحقه سبعة أصناف من الورثة، كما قلت في آخر المحاضرة الماضية إجمالاً: الأب, والجد, والأم, والجدة, وبنت الابن، والأخت لأب، والأخ لأم، الأخت لأم.
الصنف الأول: الأب
حالة يأخذ فيها السدس فقط، ولا يزاد عليه مطلقاً، كما لو كان الفرع الوارث ذكراً، من ابن أو ابن ابن مهما نزل فله السدس.
وتارة السدس ويضم إليه التعصيب، كما تقدم معنا أن الورثة منهم من يرث بالفرض، ومنهم بالتعصيب، ومنهم بالفرض والتعصيب، تارة بأحدهما وتارة بهما.
فالأب يرث بالفرض وبالتعصيب، وبالفرض والتعصيب، ففي الأحوال كلها يكون الأب وارثاً.
فهنا إذا وجد بنت أو بنت ابن -الأمر واحد- وأب، للأب السدس، وهو أقوى عاصب في المسألة فلا يوجد عاصب غيره، ولو هناك عم لكان الأب أقوى منه، والبنت لها النصف، فالمسألة من ستة: نصفها ثلاثة للبنت، بقي ثلاثة فرضاً وتعصيباً للأب.
ولك أن تختصرها لأنها متفقة كلها في جزء شائع على ثلاثة: اثنان واحد واحد، فله نصف المال وللبنت نصف المال.
أما لو كان بدل البنت ابن، فالأب له السدس: وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ [النساء:11]، والابن عاصب، فليس له فرض، المسألة من ستة: خمسة للابن, وواحد للأب.
إذاً: الصنف الأول: الأب يأخذ سدس المال بشرط واحد وجودي، وجود فرع وارث للميت، ثم إن كان الفرع الوارث ذكراً أخذ السدس وما زاد عليه، وإن كان أنثى أخذ السدس مع التعصيب، ولابد من أن تبين هذا، يعني: إذا وجد معه بنت فلا تكتب السدس فقط، وسيأتينا هذا دون مبحث العصبات، تعطيه الأمرين السدس وتكتب بجواره عين، يعني: إن بقي شيء يأخذه تعصيباً، فهو أقوى العصبات، فهو لا ينزل عن السدس بحال، وأحياناً قد لا يبقى أكثر من السدس، لكن لا يبقى له التعصيب، لكن لابد من كتابة التعصيب, تكتب سدساً وتعصيباً، بقي أو لم يبق.
فإذا ماتت امرأة عن زوج وبنت وبنت وأب، لم يبق للأب الآن بل ستعول: الزوج له الربع لوجود الفرع الوارث، والبنتان تقدم معنا لهما الثلثان، والأب سدس، لكن بجواره عين، لم ينتفع من هذه العين، لكن لابد من كتابتها، إذا لم تكتب يعتبر هذا خطأ في حل المسائل.
المسألة الآن من اثني عشر: ربعها ثلاثة، ثلثاها ثمانية: أربعة أربعة، السدس اثنان لابد منه، إن بقي شيء نعطيه، لكن لم يبق، الآن عالت إلى ثلاثة عشر، فسيأخذ الآن اثنان من ثلاثة عشر بدل من أن يأخذ اثنين من اثني عشر.
فهنا لم يبق شيء، ومع ذلك كتبنا السدس والتعصيب لندلل على أن هذا هو الذي يستحقه، فإن بقي شيء فهو أقوى العصبات والعصبة هو الذي يأخذ كل المال إذا انفرد، ويأخذ ما أبقته الفروض إذا كان معه صاحب فرض، وإذا لم يبق شيء سقط.
فالأب سقط الآن من جهة التعصيب، لا من جهة الفرض، كما لو كان العم بدل الأب، لو قدرنا عماً مثلاً ولم يبق شيء تكتب عصبة، وإذا لم يبق له شيء يسقط، وهنا كذلك.
إذاً: هذا الصنف الأول وهذا شرطه، الأب يأخذ سدس المال بشرط واحد: إذا كان هناك فرع وارث للميت.
الصنف الثاني: الأم
الأول الذي في الأب، وهو: وجود الفرع الوارث، ولا يشترط أن يضم إليه الشرط الثاني، يعني: بالشرط الأول لوجود الفرع الوارث تأخذ السدس ولا تزيد عليه بحال.
والأم لها السدس إن كان هناك فرع وارث، ذكراً أو أنثى فلا تزيد على السدس بحال متى ما وجد الفرع الوارث، لو جاء حالها كحال الأب، يعني: لو مات وترك بنتاً وأبوين، البنت لها النصف، والأب له السدس والتعصيب، والأم لها السدس فقط.
إذاً: هذا الشرط الأول الذي تأخذ فيه الأم السدس.
الشرط الثاني: أن يوجد جمع من الإخوة، والجمع اثنان فما زاد، ذكوراً أو إناثاً أو مختلفين، من جهة واحدة أو من جهات متعددة، أشقاء أو لأب أو لأم.
تقدم معنا في شروط إرثها الثلث ثلاثة شروط: أن لا تكون إحدى العمريتين لتأخذ الثلث، وأن لا يكون هناك جمع، وأن لا يوجد فرع وارث.
وهناك لابد من اجتماع الشروط الثلاثة.
فإذا انتفت أخذت الثلث، وعليه إذا وجد واحد منها لا تأخذ الثلث، أما العمرية فلها حكم خاص.
بقي معنا الشرط الأول والثاني إذا انخرم واحد منهما ستأخذ الأم السدس بدل الثلث، فإن وجد فرع وارث أخذت السدس، وإن وجد جمع من الإخوة أخذت السدس ولو لم يكن هناك فرع وارث.
والدليل على هذا قول الله جل وعلا: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ [النساء:11]، إلى أن قال جل وعلا: وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ [النساء:11].
الصنف الثالث: الجد
الأول: عدم الأب؛ لأن الأب إذا وجد فهو أولى بالسدس من الجد، فهو صاحب الإرث فيقدم على الجد.
والثاني: الشرط الذي اشترطناه في الأب يشترط في الجد، وهو وجود الفرع الوارث، وهذا بالإجماع على أن الجد ينزل منزلة الأب عند فقده، كما أن ابن ابن ينزل منزلة الابن عند فقده؛ ولأن هذا إذا اشترط في الأب فهو مشروط في الجد من باب أولى.
الفرع الوارث يشمل الابن الصلبي مهما نزل بعد ذلك، وهكذا الأب يشمل الأب مهما علا، ولذلك يقول الله: ((يَا بَنِي آدَمَ)) نسبة إلى أبينا الأول، مع أنه بيننا وبينه آباء متعددون، وهو جد لنا ولأجدادنا، ليس جد لنا فقط على نبينا عليه صلوات الله وسلامه، لكن يصدق عليه أنه أب، ونحن أولاده، فخرجنا منه إما مباشرة أو بواسطة.
فالجد ينزل منزلة الأب، لكن لا يرث بوجود الأب، إذا لم يكن هناك أب حل محله وأخذ فرضه.
الصنف الرابع: بنت الابن
الأول: عدم المعصب، والمعصب هو الفرع الذكر الذي في درجتها، إما أن يكون أخاً لها، أو أن يكون ابن عم لها، بنت ابن, وابن ابن، سواء هذا ابن الابن من أبيها فهو أخ لها، أو من عمها فهو ابن عم لها. المقصود: بالنسبة للميت يعتبر ابن ابن، كما أن هذه تعتبر بنت ابن.
فإذاً: أن لا يكون هناك معصب، والمعصب ابن الابن أو الذكر الذي في درجتها، ولا ينبغي أن يكون أنزل منها ولا أعلى، فإن كان أعلى أخذ المال كله وحجبت، وإن كان أنزل منها فهي تأخذ فرضها وذاك يأخذ بالتعصيب، فلا يعصبها؛ لأنها الآن وارثة عن طريق الفرض، والفرع الوارث الذكر الذي هو أنزل منها يعصبها.
إذا لم تكن وارثة، وبقي شيء من المال، يعني: لو مات وترك بنتين وبنت ابن وابن ابن ابن، فالآن ينظر ذلك كما تقدم معنا للبنتين الثلثان، وبنت الابن ليس لها شيء لأخذ البنات الثلثين، فابن الابن النازل عنها صار عصبة، لكن لا يمكن أن يرث ويوجد فرع وارث أنثى أعلى منه، فلا يستبد بالمال، فهي تقول: أنت الآن تأخذ هذا المال معك، ولا يمكن أن تنفرد به، فهنا يعصبها وإن كان أنزل منها، أما إذا كانت وارثة لا يعصبها من كان أنزل منها، وقلنا: من هو أعلى منها يأخذ المال دونها.
إذاً: لابد من أن يكون ابن الابن في درجتها، فإذا كانت هي بنت ابن ابن، ينبغي أن يكون: ابن ابن ابن، ليعصبها، سواء كان أخاً لها أو ابن عم لها.
الشرط الثاني لإرث بنت الابن السدس: أن يكون هناك فرع أنثى أعلى منها تستحق نصف المال، سواء بنت أو بنت ابن، المقصود فرع وارث أعلى منها.
وعليه لو مات وترك بنت ابن، وبنت ابن ابن، وأماً وجداً، بنت الابن الأولى لها النصف، وهذه لها السدس تكملة للثلثين؛ لأنها اجتمعت مع فرع وارث أنثى أعلى منها تستحق النصف, وليس معها معصب, فوجد الشرطان: لها معصب، ومعها فرع وارث أنثى أعلى منها يستحق النصف، الأم على قاعدتنا لها السدس فقط والجد له السدس بالفرض والتعصيب، إن بقي شيء، وإلا فلا شيء له، وهنا لم يبق له شيء.
فالمسألة من ستة: النصف ثلاثة، واحد واحد واحد، فما بقي شيء، لكن كتبنا له التعصيب لأنه إن بقي شيء أخذه.
قلت: يستوين في السدس واحدة أو أكثر، يعني: لو بدل الواحدة هنا عشر بنت ابن ابن فلا تتغير الفريضة، لهن السدس تكملة لثلثين.
الدليل على هذا: الإجماع الذي بني على قول الله جل وعلا في الآية المتقدمة في سورة النساء: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ [النساء:11]، وتقدم معنا، نساء فوق اثنتين، قلنا: اثنتين فما زاد، كما تقدم معنا، وحكم الثنتين كحكم الثلاث والثلاثين.
وعليه إذا وجد هناك بنتان فلهما الثلثان، فإذا تساوتا في القرابة: بنت وبنت ابن، بنت ابن وبنت ابن ابن، الأولى تأخذ النصف لقوة قرابتها، وتلك تأخذ السدس تكملة للثلثين، على هذا الإجماع، وهو مأخوذ من الآية الكريمة، وورد أيضاً في السنة الصحيحة الصريحة عن نبينا عليه الصلاة والسلام.
ثبت الحديث بذلك في المسند وصحيح البخاري ، وسنن أبي داود والترمذي وابن ماجه ، فهو في السنن الأربعة إلا سنن النسائي ، ورواه الدارقطني والحاكم والبيهقي ، وهكذا الإمام ابن الجارود في المنتقى، وأبو داود الطيالسي في مسنده، وسنده صحيح كالشمس، وهو في صحيح البخاري ، من رواية هزيل بن شرحبيل قال:
سئل أبو موسى الأشعري رضي الله عنه عن رجل مات وترك بنتاً وبنت ابن، وأختاً شقيقة، فقال أبو موسى الأشعري : للبنت النصف، وما بقي فهو للأخت الشقيقة النصف، وائتوا ابن مسعود .
وهذا خطأ قطعاً، ولكن من احتياطه أراد أن يتأكد، قال: اذهبوا إلى ابن مسعود سيتابعني، يوافقني على هذا القضاء، فذهبوا إليه، قالوا: بنتاً وبنت ابن، وأختاً شقيقة، قضى بها أبو موسى : البنت لها النصف، والأخت الشقيقة لها النصف عصبة مع البنات يعني: لها الباقي كل واحدة تأخذ نصف المال.
فقال: والله لأقضين فيها بقضاء رسول الله عليه الصلاة والسلام، لقد ضللت إذاً وما أنا من المهتدين، يعني: إذا لم أبين الحق، ولم أذكر قضاء النبي الأمين عليه الصلاة والسلام في هذه المسألة.
ثم قال: للبنت النصف, صحيح قضاء أبي موسى الأشعري في محله، ولبنت الابن السدس تكملة للثلثين، بذلك قضى النبي عليه الصلاة والسلام، وما بقي فهو للأخت، فهي عصبة لكن لا تأخذ ما بقي بعد فرض البنت، ما بقي بعد فرض البنت وبنت الابن. وعليه: فالمسألة من ستة: ثلاثة واحد اثنان.
إذاً: عندنا بنت الابن تأخذ السدس إذا كان معها فرع وارث أنثى يستحق النصف بالقرآن والإجماع الذي بني على الآية، وبذلك قضى نبينا عليه الصلاة والسلام.
والحديث كما قلت ثابت في صحيح البخاري وغيره.
الصنف الخامس: الأخت لأب
الشرط الأول: أن لا يكون هناك معصب لها، والمعصب هنا الأخ لأب فقط، فليس كحال بنت الابن التي يعصبها ابن عم، وما عندنا الآن موضوع في درجتها أو أنزل ابن الأخ ذاك انتهى، نزلنا درجة وله حكم آخر يختلف عن الأخ وابن الأخ لو وجدت معه حتى أخته لا يعصبها؛ لأنها من ذوي الأرحام، بخلاف الأخ يعصب أخته، وابن الأخ لا يعصب أخته.
وليس ابن الأخ بالمعصب من مثله أو فوقه في النسب
فالأنثى تعصب بأخيها إذا كانت وارثة، وإذا لم تكن وارثة فلا تعصب، فبنت الأخ الشقيق أو لأب إذا كانت بنت أخ شقيق أو بنت أخ لأب لا تكون عصبة لأخيها من أمها وأبيها.
أما الأخت الشقيقة تعصب بأخيها والأخت لأب تعصب بالأخ لأب، وعليه هنا لا يعصبها إلا أخوها الذي في درجتها، وإن تصور أن يكون غير هذا.
وأما الشقيق إذا وجد أخذ المال كله، ولو كانت هي ليست أختاً وكانت أخاً لأب لحجبت به.
والشرط الثاني: أن يكون هناك أخت شقيقة تستحق النصف.
قولنا: شقيقة تستحق النصف فرضاً، خرج بهذا أن لا يكون هناك أصل وارث من الذكور، لهذا تقدم معنا في شروط إرث الأخت الشقيقة للنصف بأن لا يكون هناك فرع وارث، وأن لا يكون هناك معه أخت أخرى، ومن باب أولى أن يكون معها معصب، هذه كلها انتهينا منها.
ولذلك تحت هذين الشرطين يدخل معك شروط تقدمت عند أصحاب النصف، وتقدم معنا الأخت الشقيقة ترث النصف بأربعة شروط فكن على علم بها، ولذلك ما قلت الآن في إرث الأخت لأب للسدس أن لا يكون هناك فرع وارث ولا أصل وارث فليس لنا علاقة بهذا.
فإذاً: أن يكون معها معصب هذا لابد منه، وأن يكون معها أخت شقيقة ترث النصف فرضاً، وقلنا فرضاً لنخرج التعصيب، فإذا ورثت الأخت الشقيقة النصف تعصيباً فلا ترث الأخت لأب معها السدس.
مثال: بنت أو بنت ابن وأخت شقيقة وأخت لأب, بنت الابن لها النصف بالشروط التي تقدمت معنا وهي ثلاثة شروط: لا يوجد فرع وارث أعلى منها. وليس معها معصب ولا مشارك. فالثلاثة انتهت، وجدت أخت شقيقة لها عصبة فسقطت.
إذاً: المسألة من اثنين أخذت النصف، لكن تعصيباً، ولو أخذت هذه النصف عن غير تعصيب لورثت معها الأخت لأب السدس.
الأخت الشقيقة لها النصف لوجود الشروط الأربعة فيها التي تقدمت معنا انفردت، لا مشارك ولا معصب ولا أصل وارث من الذكور ولا فرع وارث. الأخت لأب وجد الشرطان، وجد معها أخت شقيقة تأخذ النصف فرضاً وليس معها معصب فلها السدس تكملة للثلثين. والزوج له النصف لعدم الفرع الوارث.
المسألة من ستة: ثلاثة واحد ثلاثة، عالت إلى سبعة.
انتبه لكلمة فرضاً حتى لا تشكل عليك؛ لأنك قد تورث الأخت الشقيقة النصف لكن تعصيباً، فلا يكون للأخت لأب معها شيء.
إذاً: يشترط أن ترث الأخت الشقيقة نصف كل المال فرضاً حتى تأخذ الأخت لأب أو الأخوات لأب مهما كثرن السدس تكملة للثلثين، الدليل في هذه المسألة نفس الدليل المتقدم معنا في المسألة الأولى, في بنت الابن مع البنت, وهنا الأخت لأب مع الأخت الشقيقة، فالأخت الشقيقة لقوة قرابتها أخذت نصف المال، فما زاد السدس تكملة للثلثين تأخذه الأخت لأب، وهذا في آخر سورة النساء آية الكلالة كما ذكرتها مراراً: وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ [النساء:11].. الآية: يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنْ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ [النساء:176].
وهنا اثنتان فلهما الثلثان، الشقيقة لها النصف لقوة قرابتها، ما فضل بعد ذلك وزاد عن الثلثين فيما يكمل النصف تأخذه الأخت لأب وهو السدس، وعلى ذلك الإجماع.
الصنف السادس: الأخ لأم
- أن ينفرد فلا يتعدد، أي: أن يكون واحداً أو واحدة أخاً أو أختاً.
- وأن لا يكون هناك أصل وارث من الذكور من أب أو جد فيحجب بهما مهما علا.
- وأن لا يكون هناك فرع وارث مطلقاً من ابن أو بنت أو ابن ابن، أو بنت ابن مهما نزل، كما تقدم معنا في تعريف الفرع الوارث.
والشروط هي نفس الشروط المتقدمة في إرث الإخوة لأم الثلث، لكن هناك يكون جمعاً، وهنا أن يكون واحداً، وأما الشرطان الآخران فهما هما؛ أن لا يكون هناك أصل وارث من الذكور، ولا فرع وارث مطلقاً من الذكور أو من الإناث.
والدليل على ذلك الآية التي بعد آية الفرائض الأولى، وقلت: ثلاث آيات جمع الله فيها الفرائض بأسرها: وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ [النساء:12] والإجماع على هذا.
ضابط الجدة الوارثة وغير الوارثة
أولاً: التي تدلي بمحض الإناث، كأم الأم مهما علت.
ثانياً: التي تدلي أيضاً بمحض الذكور، كأم الأب وأم أبي الأب، يعني: أم الجد، مهما علت.
ثالثاً: التي تدلي بإناث إلى ذكور، كأم أم الأب، وأم أم الجد، فصار معنا جدتان في وقت واحد، أم أم أب، فهذه أم أبيك التي هي جدتك، أمها جدة وارثة، أم أم الجد أيضاً هذه غير هذه, هذه أم أبيك مباشرة، وهذه أم أم الجد.
الجدة الفاسدة وهي الرابعة: أن تدلي بذكور إلى إناث، كأم أبي الأم، كما أن الجد الفاسد هو الذي يدلي بأنثى، الآن الجدات من جهة الأب والجد, كلهن إن أدلين بإناث إلى ذكور أو بأنفسهن بواسطة من أدلين به يعني من الأب فقد أدلين بذكور، والجدة من قبل الأم إن أدلت بالأم فقد أدلت بأنثى، متى ما أدلت بأبي الأم، وأبو الأم يدلي بالأم، وأم أب الأم فهي أنثى أدلت بذكر إلى أنثى وهذه جدة فاسدة.
ولذلك قلت: الجدة من قبل الأب تتعدد، والجدة من قبل الأم لا يمكن إلا أن تكون واحدة، وهي: أم الأم مهما علت، يعني: لو قلنا الآن من أجل أن نصور صور الأحوال الثلاثة للوارثات، أم أم أم أم، أدلت بإناث خلص وارثة مهما علت.
والتي تدلي بذكور فقط ستدلي به في حالتين: أم أب، أم جد.
الأم أبي الجد كلما ارتفعت تصبح أم جد جد، كلما ارتفعت تزيد الجدات لذلك تصبح ثلاثاً أو أربعاً أو خمساً من الجدات، هذا لو قدر أن الأيام امتدت بالناس وعاش هؤلاء لهذه الفترة.
لكن في الغالب أن ثلاث جدات من قبل الأب نادر، قد يوجد جدتان من قبل الأب وجدة من قبل الأم، وهذا حصل في زمن نبينا عليه الصلاة والسلام، وأطعم ثلاث جدات السدس، اثنتان من قبل الأب، وواحدة من قبل الأم.
هؤلاء الآن كلهن أدلين بمحض الذكور، خذوا الآن بإناث إلى ذكور، أم أم أم أم أب، أم أم أم جد، المقصود في نهاية الآمر جاءت إلى الجد أو إلى الأب، لكن هي ليست أمه مباشرة، كما أن هناك ليست الجدة أم الأم مباشرة، وارث أدلت بوارث، أم أبي الجد مهما علت صحيحة، أم جد الجد مهما علت صحيحة، أم أبي جد الجد مهما علت صحيحة.
ويمكن هذا الكلام من أوله لآخره أن تدخله بجملة مختصرة، وهي التي كان يذكرها شيخنا الشيخ محمد نجيب خياط عليه رحمة الله, يقول: الجدة الصحيحة هي التي تدلي بوارث، فدخل الأصناف الثلاثة، من أدلت بوارث صحيحة، ومن أدلت بغير وارث فاسدة، وأنت فصل بعد ذلك الوارث، وستعرفه من الذين تقدم معنا في الورثة الذين هم خمسة وعشرون صنفاً، خمسة عشر من الذكور، وعشر من النسوة.
الأم وارثة، فمن أدلى بها وارث، أبو الأم فاسد لا يرث، فمن أدلت به لا ترث، الأب وارث، الجد وارث, أبو الأب وارث، أبو الجد وارث؛ مهما ارتقيت بمحض الذكور فهو وارث؛ لأنه يدلي بوارث.
وعليه أم الآباء فوق الأب مهما علت أمهاتهم وارثات؛ لأنهن أدلين بوارثين.
فمن أدلت بوارث جدة صحيحة، ومن أدلت بغير وارث جدة فاسدة، كما يقال في الجد: من أدلى بذكر وارث، لكن هناك ليس بوارث، ومن أدلى بأنثى فاسد؛ لأن أبا الأم يدلي بوارث، لكن لا يرث، هناك ليس موضوع أدلى بوارث أو غير وارث.
في الجد من أدلى بذكر جد صحيح، من أدلى بأنثى جد فاسد؛ لأن باب الجد سيدخل فيه موضوع العصوبة.
وليس في النساء طراً عصبة إلا التي منت بعتق الرقبة
وعليه من أدلت بأنثى ليس لها تعصيب، ومن أدلى بأنثى ليس له تعصيب، فلا ينزل منزلة الأب، ولا يكون كحكمه في حال من الأحوال.
وأما الجدة فضابطها: من أدلت بوارث مطلقاً، من ذكر أو أنثى، أدلت بوارث فهي وارثة، ومن أدلت بغير وارث فهي فاسدة.
دليل توريث الجدات السدس
أما الإجماع فقد حكاه عدد من أئمتنا منهم شيخ الإسلام الإمام ابن قدامة في المغني في الجزء السابع صفحة: ثلاث وخمسين فقال: أجمع أهل العلم على أن فرض الجدات السدس وإن كثرن.
وحكى الإجماع الإمام ابن حجر في التلخيص الحبير نقلاً عن محمد بن نصر من أئمة الشافعية الكبار، فقال: اتفق الصحابة والتابعون على توريث الجدة السدس.
وأما السنة فورد في ذلك أحاديث كثيرة متعددة، منها:
ما رواه أبو داود وابن خزيمة في صحيحه، وابن الجارود في المنتقى، وإسناد الحديث لا ينزل عن درجة الحسن ، عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه وأرضاه، قال: (جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم للجدة السدس إذا لم يكن دونها أم).
وإنما قدمت هذا الحديث على الأحاديث الأخرى التي سيذكرها؛ لأن تحسين هذا متفق عليه.
وأما الأحاديث الأخرى كما سأذكر فيما حصل لـأبي بكر رضي الله عنه وغيره، ففي الإسناد انقطاع.
الحديث الثاني: وهو الذي يبدأ به أئمتنا في توريث الجدات السدس، ولو بدءوا بحديث بريدة لكان أولى، فلا خلاف في تحسينه وأنه يحتج به.
أما تلك كما قلت: فيها انقطاع، وتعتضد ببعضها، وهي مروية من عدة جهات وعدة طرق.
أولها: ما رواه الإمام أحمد في المسند، وأهل السنن الأربعة إلا سنن النسائي أيضاً، والحديث في موطأ الإمام مالك وصحيح ابن حبان ومستدرك الحاكم وصححه وأقره عليه الذهبي ، وهو في سنن البيهقي والدارقطني ومنتقى ابن الجارود ، لكن التصحيح نوزع فيه، فالحديث فيه انقطاع كما سيأتينا، وراوي هذا الأثر وهو قبيصة بن ذؤيب لم يسمع من أبي بكر رضي الله عنه وأرضاه، وقد ولد عام الفتح، وكان هذا في العام الثامن للهجرة، وأبو بكر رضي الله عنه عاش بعد النبي عليه الصلاة والسلام سنتين، فما أدركه، يعني: عند وفاة أبي بكر كان عمر قبيصة أربع سنين، فما سمع منه، ولا حضر هذا بنفسه، فبينه وبين ما حصل لـأبي بكر من قضاء هذه المسألة واسطة لم تذكر، فالحديث منقطع.
وقد نص على ذلك الإمام ابن عبد البر وغيره، عليهم جميعاً رحمة الله ورضوانه.
وخلاصة الحديث: أن الجدة جاءت إلى أبي بكر رضي الله عنه تطلب ميراثها بعد موت النبي عليه الصلاة والسلام من ميتها، مات لها ابن ابن، ولو قلت: بنت ابن كل هذا يصح، المقصود مات لها من هي جدته، فجاءت تطلب ميراثها من أبي بكر بعد النبي عليه الصلاة والسلام.
فقال أبو بكر رضي الله عنه وأرضاه: مالك في كتاب الله شيء، ما ذكر الله للجدة فرضاً وإرثاً، وما أعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى لك بشيء، اذهبي حتى أسأل الناس، وما قال: ليس لك شيء.
يقول: هذا الآن يحتاج إلى تحقق، وهل جعل النبي عليه الصلاة والسلام لك شيئاً معلوماً أم لا، اذهبي حتى أسأل الناس.
فقام المغيرة بن شعبة وقال: يا خليفة رسول الله عليه الصلاة والسلام، حضرت النبي عليه الصلاة والسلام وقد أطعم الجدة السدس، فقال: من يشهد لك؟ وهذا من باب الاحتياط والتدقيق في الرواية، وإلا رواية الواحد كافية، لكن زيادة احتياط، ولا يقال: لو لم يكن هناك شاهد لكان أبو بكر رضي الله عنه سيرد الرواية، إنما مزيد احتياط، أما أن خبر الواحد يرد هذا ما قال به أحد.
فقام محمد بن مسلمة وقال: أنا يا خليفة رسول الله عليه الصلاة والسلام حضرت النبي عليه الصلاة والسلام يعطي الجدة السدس، فأنفذه أبو بكر للجدة، أي: قضى به، وأن الجدة تأخذ السدس.
ثم بعد ذلك جاءت مسألة أخرى في عام آخر من حياة أبي بكر رضي الله عنه وأرضاه، جاءت الجدتان من قبل الأم ومن قبل الأب، فقال أبو بكر رضي الله عنه وأرضاه: ليس لكما إلا السدس، وأيكما خلت به أخذته، فإذا اجتمعتما فهو بينكما، تقتسمان كحال الزوجات، كما لو أن هناك زوجتين أو ثلاث أو أربع، يعني: أما أن أعطي هذه وأحجب هذه فهذا لا يمكن.
لكن الأثر روي من طريق مرسل متفق على إرساله، من طريق القاسم بن محمد بن أبي بكر في موطأ مالك وسنن الدارقطني ومستدرك الحاكم ، وهذا يقوي المنقطع الذي تقدم معنا.
لكن هنا في قضاء أبي بكر رضي الله عنه نحو الجدتين شيء من التوقف بعد مشورة بعض الأنصار عدل قضاءه رضي الله عنه وأرضاه.
في هذا الأثر كما قلت عن القاسم بن محمد بن أبي بكر رضي الله عنه، بعد أن قضى أبو بكر رضي الله عنه للجدة بالسدس، وقعت القصة بعد ذلك بين جدتين، جدة من قبل الأم، وجدة من قبل الأب، فأراد أبو بكر رضي الله عنه أن يعطي الجدة التي من قبل الأم، وأن يحجب الجدة التي من قبل الأب، أم أم أم أب، فلنفرض معها أي وارث كان، كأخ شقيق مثلاً، لهما السدس، والأخ الشقيق عصبة، المسألة من ستة: واحد بينهما والشقيق خمسة.
أبو بكر رضي الله عنه في هذه الرواية في الموطأ كما قلت والدارمي ومستدرك الحاكم عن القاسم بن محمد بن أبي بكر رضي الله عنهم أجمعين أراد أن يجعل السدس للجدة التي هي من قبل الأم؛ لأنها حلت محل الأم؛ لأنها ورثت بسبب عدم وجود الأم، وتلك أراد أن لا يعطيها شيء.
فقال بعض الأنصار: يا خليفة رسول الله! أنت ستحجب هذه، ولو ماتت هي قبل الميت هذا الذي مات وترك جدته لورثها، وهذه لو ماتت لما ورثها، هذه لو ماتت وهو حي لما ورثها؛ لأنه يكون ابن بنتها، وأما هذا فيكون ابن ابنها.
فكيف ستورث هذه دون هذه والغرم بالغنم، فكما أنه يرثها ينبغي أن ترثه؟
فعدل عن قضائه رضي الله عنه وأرضاه، وشرك بينهما في السدس.
إذاً: صورة المسألة مات إنسان وترك أم أبيه وأم أمه، أم أمه هو يكون لها: ابن بنتها، وأم أبيه يكون لها ابن ابنها، فلو ماتت الجدتان لما ورث من أم الأم لو كان حياً، ولورث أم الأب لو كان حياً، فكيف ترث أم الأم وتحجب أم الأب؟
فقضى أبو بكر رضي الله عنه بالتشريك، وهذا سيأتينا عليه دليل أيضاً من فعل النبي عليه الصلاة والسلام، لكن هم بأن يجعل السدس لأم الأم دون أم الأب عندما تجتمعان، هو لو وجدت أم الأب بمفردها يعطيها السدس، أو أم الأم بمفردها يعطيها السدس، فلما اجتمعتا هم أن يجعله لأم الأم؛ لأنها الأصل في الميراث، فتحل محل الأم.
فقالوا: إذاً هذه أمها نعطيها السدس، وأما تلك فبينها وبين الأم بعد، لا علاقة لها بها، فليس لها إذاً إرث، فأراد أن يحجبها، فقيل له: لا؛ لأن هذه لو ماتت لورثها ابن ابنها، وتلك لو ماتت لما ورثها ابن بنتها، فعدل عن قضائه رضي الله عنه.
حديث ثالث ورد في ذلك رواه عبد الله ابن الإمام أحمد عليهم جميعاً رحمة الله في زيادته على المسند، والأثر رواه البيهقي أيضاً في السنن الكبرى بإسناد منقطع أيضاً عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه وأرضاه، قال: ( قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم للجدتين في الميراث بالسدس بينهما ).
والحديث كما قلت في المسند في زوائد عبد الله على المسند وسنن البيهقي ، لكن فيه انقطاع، فالراوي عن عبادة أيضاً لم يسمع منه باتفاق أئمتنا، فحصل فيه انقطاع.
حديث رابع ولعله آخر ما سأذكره في دليل توريث الجدة: الحديث الرابع: رواه سعيد بن منصور في سننه، ورواه الإمام الدارقطني في السنن، والبيهقي في السنن الكبرى، والدارمي في سننه، عن إبراهيم النخعي مرسلاً، قال: ( أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث جدات السدس، ثنتين من قبل الأب، وواحدة من قبل الأم) والآن أمثلها إن شاء الله.
وهذا الأثر رواه أيضاً البيهقي وأبو داود في مراسيله، لكن عن الحسن البصري ، ومراسيل الحسن شبه الريح، لكن تتقوى بمراسيل النخعي ، فهي من أقوى المراسيل رحمهم الله ورضي الله عنهم جميعاً.
وهذه الآثار كما قلت تعتضد ببعضها، وعندنا حجة بنفسه في هذا الباب، وهو حديث بريدة كما تقدم معنا.
جدتان من قبل الأب: أم أم أب، أم أب أب -يعني: التي هي أم الجد- أم أم أم، هؤلاء الآن ثلاث جدات في درجة، ولو اختلفت، وكون الدرجة القربى تسقط البعدى موضوع آخر، لكن لأجل أن أوضح التشريك كيف سيشتركن، وأن نقدر الآن معهن زوجاً وأباً.
إذاً: ماتت امرأة وتركت زوجاً وأباً وثلاث جدات، جدتين من قبل أبيها، وجدة من قبل أمها، الجدات الثلاث لهن السدس على هذا القضاء الذي معنا، الذي عن النخعي وعن الحسن البصري .
وسيأتينا أن هذا هو المعتمد، وأنه كلما كثرت الجدات يرثن.
وخالف المالكية فلم يورثوا غير جدتين، والحنابلة وافقوا في هذه المسألة، فقالوا: أقصى ما نورث ثلاث جدات، فالزائد كلهن بعد ذلك من جهة الأب يسقطن، قالوا: لأنه هذا الذي ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام فلنقتصر عليه، ويأتينا هذا إن شاء الله ضمن مراحل البحث.
الآن على توريث الجدات، الزوج له النصف لعدم الفرع الوارث، والأب له الباقي، المسألة من ستة: واحد للجدات الثلاث، والنصف ثلاثة للزوج، بقي اثنان، واحد لا ينقسم على ثلاثة، نصحح المسألة: ثلاثة في ستة ثمانية عشر، واحد واحد واحد، لكل جدة واحدة.
وهنا ثلاثة في ثلاثة تسعة، واثنان في ثلاثة ستة، فالأب يأخذ ستة أسهم من ثمانية عشر، والزوج النصف تسعة، وكل واحدة من الجدات ثلث السدس؛ لأن السدس ثلاثة من ثمانية عشر، وثلث السدس واحد.
هذا القضاء قضى به رسول عليه الصلاة والسلام بالنسبة للجدات، ثنتين من قبل الأب، وواحدة من قبل الأم، هذا كما قلت في مراسيل النخعي والحسن البصري عليهم جميعاً رحمة الله.
الوارثة من الجدات عند اجتماعهن
لعلمائنا في ذلك ثلاثة أقوال أولها أقواها، وهو قول الحنفية والشافعية: أن الجدات يرثن مهما كثر عددهن, إذا كن في درجة واحدة، لا نقتصر لا على اثنتين ولا على ثلاث ولا على أربع، فمادامت الدرجة واحدة يرثن ولو كثر عددهن.
وعند الحنابلة: لا ترث إلا ثلاث جدات فقط، أم الأم مهما علت، وأم الأب مهما علت، وأم الجد مهما علت فقط، أما أم أبي الجد فلا ترث عند الحنابلة؛ لأن أم الأب غير أم أبي الجد فكل منهما طائفة مستقلة غير الأخرى.
انتبه! هنا أم أم الجد، وهنا أم أب الجد، تجدهما متساويتان وفي درجة واحدة، لكن بدل من أم الجد أب الجد، الحنابلة ملغية عندهم هذه الدرجة.
وأم أب الجد يلغونها؛ لأنك ستدخل درجة جدة ثالثة مع جدة الأم وتصبح رابعة، وإن ارتقيت درجة تصبح خامسة، وكما قال الحنفية والشافعية: كلما ارتقيت درجة بعد هذه تزيد جدة.
لكن من ناحية القسمة النظرية الواقعية حتماً لن يوجد للإنسان سبع جدات .. ثمان جدات متساويات في الدرجة، إلا إذا عاش هو وأصوله مثلاً ألف سنة كأعمار المتقدمين، والإنسان قل أن يجاوز المائة.
إذاً: لا يوجد إنسان في الغالب له أكثر من جدتين: جدة من قبل الأب وجدة من قبل الأم، هذا إن وجد، ولذلك أحوال ناد