فقه المواريث - ميراث الخنثى [1]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، ورضي الله عن الصحابة الطيبين، وعن من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً، وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً، سهل علينا أمورنا، وعلمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين، اللهم زدنا علماً نافعاً، وعملاً صالحاً، بفضلك ورحمتك يا أكرم الأكرمين، سبحانك اللهم وبحمدك على حلمك بعد علمك، سبحانك اللهم وبحمدك على عفوك بعد قدرتك، اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد:

إخوتي الكرام! انتهينا من أحوال المناسخات بأقسامها الثلاثة، وقبل أن ننتقل إلى مبحث جديد أقرأ في دقائق الأبيات التي نظمها الإمام الرحبي عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا، الأبيات المتعلقة بمبحث المناسخات، لنفهم معناها باختصار، وأما الشرح فقد تقدم معنا، ثم ننتقل إلى مبحث جديد بعون الله ورجائه. يقول الإمام الرحبي عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا:

وإن يمت آخر قبل القسمة فصحح الحساب واعرف سهمه

يعني: هذا ضابط المناسخة، أن يموت ميت وقبل قسمة تركته يموت من ورثته واحد أو أكثر كما تقدم معنا، فإذا مات آخر يعني: ميت ثان بعد الميت الأول أو ثالث أو رابع إلى ما شاء الله، وإن يمت آخر قبل القسمة فصحح الحساب واعرف فهمه، أي حساب؟ حساب المسألة الأولى، يعني: مسألة الميت الأول نصححها، ونعرف سهم الميت الثاني من مسألة الميت الأول.

واجعل له مسألة أخرى كما قد بين التفصيل فيما قدما

يعني: واجعل لهذا الآخر الذي مات ثانياً وثالثاً على حسب قواعد الفرائض التي عرفتها، وكيف تؤصل المسائل وتصححها بتلك القواعد كما تقدم معنا.

وإن تكن ليست عليها تنقسم

سهام الميت الثاني من المسألة الأولى لا تنقسم على مسألته، وقلنا: هذه السهام تعتبر كأنها الآن نصيب لفريق، أوليس كذلك؟ فمسألة الميت الثاني كأنه فريق رءوس اشتركوا في هذه السهام.

وإن تكن ليست عليها تنقسم فارجع إلى الوفق بهذا قد حكم

وتقدم معنا أنه إذا لم تنقسم إما أن توافق أو تباين، ذكر الوفق ويذكر المباينة عما قريب إن شاء الله.

وانظر فإن وافقت السهام

سهام الميت الثاني من المسألة الأولى توافق أصل مسألته أو مصححها.

فخذ هديت وفقها تمام

إن وافقت يأخذ وفق مسألته، لتكون جزء سهم للمسألة الأولى التي هي مسألة الميت الأول لنضرب جزء السهم بعد ذلك في أصل المسألة الأولى وكما صح، الآن يخرج معنا جامعة المناسخة.

وانظر فإن وافقت السهاما فخذ هديت وفقها تماما

واضربه أو جميعها في السابقة إن لم تكن بينهما موافقة

هذا في حال الموافقة، (خذ الوفق)، (أو جميعها)، يعني: اضرب الجميع، هذا في حال المباينة فإذا انقسمت قلنا تصح الجامعة مما صحت منه مسألة الميت الأول، وإن وافقت نأخذ وفق مسألة الميت الثاني فيكون هذا جزء سهم للمسألة الأولى، وحاصل الضرب هو جامعة المناسخة، وإن باينت ما انقسمت ولا وافقت نأخذ جميع مسألة الميت الثاني ونضعها فوق مسألة الميت الأول، فيعتبر ذلك جزء سهم لها كما تقدم معنا.

واضربه أو جميعها في السابقة إن لم تكن بينهما موافقة

وكل سهم في جميع الثانية يضرب أو في وفقها علانية

وأسهم الأخرى ففي السهام تضرب أو في وفقها تمام

فهذه طريقة المناسخة فرقى بها رتبة فضل شامخة

وكل سهم في جميع الثانية يضرب أو في وفقها علانية

أعني: كل سهم في المسألة الأولى، وهي مسألة الميت الأول يضرب في جميع المسألة الثانية، ويكون هذا إذا وقعت المباينة بين سهام الميت الثاني من المسألة الأولى، وبين أصل مسألته، وعليه إذا باينت سهام الميت الثاني من المسألة الأولى مسألته، وهي المسألة الثانية، فنضرب كل سهم في المسألة الأولى في جميع المسألة الثانية، والسبب أن المسألة الثانية صارت جزء سهم لمسألة الميت الأول، وأما إذا وافقت سهام الميت الثاني من المسألة الأولى، إذا وافقت مسألته -وهي المسألة الثانية- فنضرب كل سهم من المسألة الأولى في موافقة المسألة الثانية لسهام الميت الثاني من المسألة الأولى، فوفق مسألته يعتبر جزء سهم لمسألة الميت الأول، كما تقدم معنا تفصيل ذلك وإيضاحه، وهذا معنى قول الإمام الرحبي عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا: وكل سهم في جميع الثانية يضرب أو في وفقها علانية

أي: كل سهم من المسألة الأولى يضرب في جميع المسألة الثانية، أو في وفقها، فإن باينت سهام الميت الثاني من المسألة الأولى مسألته، ضربنا كل سهم بالمسألة الأولى بجميع المسألة الثانية، أي: بجميع مسألة الميت الثاني؛ لأنها تعتبر جزء سهم لها كما تقدم، وإن وافقت سهام الميت الثاني من المسألة الأولى مسألته، فنضرب كل سهم في المسألة الأولى بوفق المسألة الثانية كما تقدم معنا إيضاح هذا، وهذا هو المراد من قول الإمام الرحبي عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا:

وكل سهم في جميع الثانية يضرب أو في وفقها علانية

وأما قول الإمام الرحبي عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا:

وأسهم الأخرى ففي السهام تضرب أو في وفقها تمام

أي: أن سهام المسألة الثانية تضرب في جميع سهام الميت الثاني من المسألة الأولى، وهذا إذا كان بين سهام الميت الثاني من المسألة الأولى وبين أصل مسألته أو مصحها مباينة، وأما إذا كان بينهما موافقة فنضرب كل سهم في مسألة الميت الثاني بوفق سهامه من المسألة الأولى لمسألته، وهي المسألة الثانية، وهذا هو المراد بقول الإمام الرحبي عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا:

وأسهم الأخرى ففي السهام تضرب أو في وفقها تمام

والخلاصة: إن باينت سهام الميت الثاني من المسألة الأولى مسألته فنضرب كل سهم في المسألة الأولى في أصل مسألة الميت الثاني أو مصحها، ونضرب كل سهم في المسألة الثانية في مسألة الميت الثاني في جميع سهام الميت الثاني من المسألة الأولى، وأما إذا وافقت سهام الميت الثاني من المسألة الأولى مسألته -وهي مسألة الميت الثاني- فنضرب كل سهم في المسألة الأولى في وفق المسألة الثانية، كما نضرب كل سهم في المسألة الثانية في وفق سهام الميت الثاني من المسألة الأولى لمسألته الثانية والعلم عند الله جل وعلا، وهذا هو معنى البيتين الأخيرين من قول الإمام الرحبي عليه رحمة الله:

وكل سهم في جميع الثانية يضرب أو في وفقها علانية

وأسهم الأخرى ففي السهام تضرب أو في وفقها تمام

وهذا ختام الكلام على المناسخة كما قال الإمام الرحبي عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا:

فهذه طريقة المناسخة فارق بها رتبة فضل شامخة

وإليكم قراءة الأبيات مرة ثانية.

وإن يمت آخر قبل القسمة فصحح الحساب واعرف سهمه

واجعل له مسألة أخرى كما قد بين التفصيل فيما قدما

وإن تكن ليست عليها تنقسم فارجع إلى الوفق بهذا قد حكم

وانظر فإن وافقت السهام فخذ هديت وفقها تمام

واضربه أو جميعها في السابقة إن لم تكن بينهما موافقة

وكل سهم في جميع الثانية يضرب أو في وفقها علانية

وأسهم الأخرى ففي السهام تضرب أو في وفقها تمام

فهذه طريقة المناسخة فارق بها رتبة فضل شامخة

هذا ما يتعلق بأحوال المناسخة، وقد تقدم معنا تفصيل الكلام عليها بالأمثلة، والله جل وعلا أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

إن الإرث ينقسم إلى قسمين اثنين: إما أن يكون التوريث بالتحديد والانضباط، وهذا يشمل جميع الأحوال التي مرت معنا، محددة منضبطة، وهذا إذا كان الورثة معروفين موجودين، ذكورة أو أنوثة، أحياءً أو أمواتاً، عندنا علم بهم فنقسم المال ونورثهم عن طريق التحديد بأمور منضبطة لا يمكن أن تنقص ولا أن تزيد، عندنا توريث آخر عن طريق التقدير والاحتياط، هناك تحديد انضباط، هنا تقدير واحتياط، وهذا إذا ترددنا في وجود الورثة، هل هم أحياء أو أموات؟ أو في معرفة حالهم، هل هم ذكور أو أناث؟ فإذا ترددنا في معرفة حال الورثة بعد التيقن من وجودهم يأتي معنا نوعان من أنواع الإرث: أولهم: الخنثى، وهذا ما سنبحث فيه إن شاء الله، هل هو ذكر أو أنثى؟ الثاني: الحمل، والحمل موجود، ووجوده حياة شرعية ثابتة، لكن يمكن أن يموت، وأن لا يخرج حي، هذا موضوع ثان، بعد ذلك سندخل في معرفة حاله، وفي معرفة وجوده، يعني: الإشكال عندنا من أمرين، لكن هو الأصل الآن لا بد من أن نحبس له مالاً لاحتمال أن يخرج حياً، هو حي في بطن أمه قطعاً وجزماً، لكن لا يرث إلا بشروط قدرها الشارع وهي أن ينفصل من بطن أمه بتلك الحياة التي كانت له ثابتة.

إذاً عندنا إذا شككنا وما تيقنا من حال الوارث مبحثان: الخنثى والحمل، وإذا كان الجهل والشك بوجود الوارث، فعندنا ثلاثة مباحث: الحمل؛ لأن الحمل وإن كان حياً حياة شرعية، لكن حياته بعد ذلك ليثبت له الإرث اشترط الشارع له نوعاً معيناً، وهو انفصاله من بطن أمه حياً، لا بد من هذا، فإذا خرج ميتاً مع أنه كان حياً في بطن أمه فلا يرث، فالحمل إذاً دخل معنا في مبحثين فيمن يشك في وجوده، أي: في وجود صفته واستحقاقه للإرث مع أنه موجود في الأصل من ناحية الحياة، وفي معرفة حاله، هل سيخرج ذكراً أو أنثى؟ أو أكثر من ذكر أو أكثر من أنثى؟

والثاني: المفقود، الذي انقطع خبره، هل هو ميت أو حي كيف سنورثه؟

والثالث: الذين يموتون في موت جماعي من حرق وغرق وغير ذلك، هل هذا تقدم على هذا بالموت، أو ذاك تقدم، وكيف سنورث بعضهم من بعض؟

هذه ثلاثة مباحث عندما يحصل الشك في وجود استحقاق الإرث، حمل ومفقود ومن يموتون في موت جماعي، فلا يعلم المتقدم من المتأخر، والأمر الأول كما قلت نشك، في حالهم مع معرفة حياتهم ووجودهم عندنا مبحثان: الخنثى والحمل.

مبحث الخنثى هو أول المباحث معنا، وهذا الإرث فيه عن طريق التقدير والاحتياط، لا عن طريق التحديد والانضباط، وليست أنصبة محددة، بل بالاجتهاد وسيأتينا على المعتمد أنه لم يثبت عن نبينا عليه الصلاة والسلام قضاء بالخنثى، وما رواه البيهقي وغيره لا يستشهد به، ولا يحتج به من باب أولى.

الخنثى أولاً معناه في اللغة: مأخوذ من الانخناث، وهو التثني والتكسر، من الإنخناث إنخنث تكسر وتثنى ومال، ويأتي أيضاً بمعنى الاشتباه وعدم الوضوح، ومنه خنث الطعام، إذا اشتبه أمره فلم يخلص طعمه كما ذكر ذلك علماء اللغة، وانظروا هذا في العذب الفائض في الجزء الثاني صفحة ثلاث وخمسين.

إذاً: عندنا الانخناث، والخنثى مأخوذ إذاً من أمرين فيه تثن وتكسر، وفيه أيضاً اشتباه، والمعنيان اللغويان ثابتان في الخنثى الاصطلاحي كما سيأتينا، فهو ما ظهر أمره هل هو ذكر أو أنثى؟ وفي أيضاً خلقته وطبيعته رقة ونعومة وليونة تشبه الإناث، فليس هو بذكر واضح.

أنواع الخنثى من جهة الاصطلاح

وأما الخنثى في الاصطلاح فهو شامل لنوعين اثنين:

النوع الأول: من له آلتان: آلة الرجل وفرج المرأة، والنوع الثاني من الخنثى ليس له شيء منهما، لا آلة الرجل ولا آلة المرأة، إنما له ثقب تخرج الفضلات منه، وأحياناً لا يكون له ثقب في محل الفرج، إنما يخرج هذا من سرته أو قريب من سرته، فليس له لا عضو الذكورة ولا عضو الأنوثة، خنثى، فهذا إذا مات مورثه كيف سنورثه، لا نبحث الآن في الإرث منه، الإرث منه يستوي سواء كان رجلاً أو امرأة، إنما البحث في توريثه، كيف سنورث الخنثى من مورثه؟ هل سنعتبره رجلاً أو امرأة؟

إذاً الأنثى في الاصطلاح باختصار من له آلتان، أو ليس له واحد منهما، له ثقب تخرج الفضلات منه، فما حكم توريثه؟ وكيف سنورثه؟ هذه المسألة لا بد من البحث فيها، هذا معنى الخنثى، وهذا هو الخنثى في اصطلاح الفرضيين، ويأتي أيضاً الخنثى بمعنى المخنث -بكسر النون وفتحها- عند علماء الشرع، وهو من تشبه أخلاقه أخلاق المرأة، هذا معلوم ذكورته، لكنه فيه رقة .. فيه ليونة .. فيه تكسر، هذا يقال له: مخنث أو مخنث.

قال الحافظ ابن حجر: هو من يشبه خلقه النساء في حركاته وكلامه وغير ذلك، وقال الإمام العيني في عمدة القاري في الجزء العشرين صفحة خمس عشرة ومائتين: هو من يشابه النساء في أخلاقهن، وهذا المخنث أيضاً ينقسم إلى قسمين: مخنث في أصل الخلقة، أي طبيعته مخلوق فيه نعومة وليونة حركات، وصوت رقيق، وتصرفات المرأة موجودة فيه، في أصل الخلقة، قال أئمتنا: فلا لوم عليه في ذلك، لكن ينبغي أن يتعمد مخالفة ذلك إذا كان رجلاً وخلق فيه ما خلق من الصفات التي تشابه صفات المرأة، ينبغي أن يتعمد المخالفة، وأن يتصنع في التشبه بالخلقة التي هو عليها حقيقة وهي الذكورة والرجولة، وإن كانت تلك الأخلاق تصدر منه بقصد وتكلف فهذا هو المذموم، سواء فعل الفاحشة أو لم يفعلها، قال الإمام ابن حبيب من أئمة المالكية: المخنث هو المؤنث من الرجال، وإن لم تعرف منه الفاحشة، مأخوذ من التخنث وهو التكسر في المشي وغيره، وعليه فمشابهة الرجل بالمرأة تكون خلقة وطبيعة، وتكون تكلفاً وتصنعاً، والمذموم الثاني كما قال أئمتنا.

دخول الخنثى على النساء

وقد بوب الإمام البخاري عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا في كتاب النكاح باباً يشير به إلى هذا النوع من المخنثين فقال: باب ما ينهى من دخول المتشبهين بالنساء على المرأة، وبوب باباً في كتاب الحدود يشير به إلى هذا فقال: باب في نفي أهل المعاصي والمخنثين، وذكر في الباب الأول حديث أمنا أم سلمة رضي الله عنها، وهو ثابت في الصحيحين وسنن أبي داود وابن ماجه ، قالت: دخل عليّ النبي صلى الله عليه وسلم وعندي مخنث، فقال هذا المخنث لأخي أمنا أم سلمة رضي الله عنهم أجمعين، وهو عبد الله بن أبي أمية : إن فتح الله عليكم الطائف فعليك بـابنة غيلان ، وقيل: اسمها بادية . قال الحافظ ابن حجر : وقيل: نادية ، بالنون أو بالباء، عليك بـابنة غيلان . الصحابي أسلم وهو الذي كانت تحته عشر نسوة فأمره النبي عليه الصلاة والسلام أن يختار أربعاً وأن يفارق سائرهن، فقال له المخنث: فإنها تقبل بأربع وتدبر بثمان، يعني سمينة لها هذه الصفات المستحسنة عند الرجال عكل بطنها تظهر أربعاً وإذا مشت هذه العكل من الجوانب تزداد كأنها ثمانية، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: ( أرى هذا يعرف ما هنالك )، يعني: كنا نظن أنه من غير أولي الإربة من الرجال، فيه صفة الخنوثة في خلقته، فكانوا يظنون أنه لا يتطلع إلى النساء، وهو ممن قال الله فيه: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ [النور:31]، إلى أن قال جل وعلا: أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ [النور:31]، وقوله: (أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال) يشمل عدة أصناف، يشمل الطاعن في السن الذي لا يشتهي المرأة، يشمل الممسوح، يشمل العنين، يشمل الأبله، المغفل الذي ليس بصاح ولا سليم، يشمل أيضاً المخنث خلقة وطبيعة الذي لا يعرف ما عند النساء وهو يشابههن في الحركات، فالمرأة تكون أمامه كما تكون أمام المحارم لكنها تحتاط فلا تظهر أمامه إلا الوجه والكفين كما قال الإمام الألوسي ، لكن تترخص في القيام أمامه ولا تحتاط كما هو الحال أمام من يشتهيها من الأجانب، فهذا الآن كأن الفتنة منه مأمونة، فالوجه والكفان تظهرهما فقط.

فلما علم النبي عليه الصلاة والسلام أن هذا يفطن إلى ما عند النساء، قال: (أرى هذا يعرف ما هنالك )، أي: ما عند النساء، ثم أمر النبي عليه الصلاة والسلام بنفيه، فنفى النبي عليه الصلاة والسلام فلاناً وفلاناً، ونفى عمر بن الخطاب فلاناً، أي: من المخنثين، على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه، قيل: هذا المخنث كان اسمه هيه، وقيل: أنة بفتح الهمزة، وقيل: ماتع، وهذه الرواية كما قلت في الصحيحين وغيرهما، وورد في بعض الروايات أنه بالغ في وصفه ابنة غيلان بكلام يدل على معرفته ما عند النساء، فقال له: إنها إذا تكلمت تغنت، وإذا مشت تثنت، وإذا جلست كأنها كثيب، وإذا قامت بعد ذلك كأنها عسيب، أسفلها كثيب وأعلاها عسيب، وبين رجليها، وكذا من الألفاظ التي يقولها، فالنبي عليه الصلاة والسلام أمر بطرده ونفيه، الحديث كما قلت في الصحيحين، أصل التخنث خلقة، لكن عنده علم بما عند النساء.

وفي الباب الثاني أورد الإمام البخاري حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهم أجمعين، وهو في الكتب الستة إلا صحيح مسلم : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن المتشبهين من الرجال بالنساء والمترجلات من النساء، وقال: أخرجوهن من بيوتكم )، والحديث كما قلت في الكتب الستة إلا صحيح مسلم، لا إله إلا الله، فمن يتشبه من الرجال بالمرأة مخنث، وينفى كما ينفى الزاني.

قال الإمام ابن تيمية في مجموع الفتاوى في الجزء الخامس عشر صفحة تسع وثلاثمائة: قال الإمام الشافعي والإمام أحمد عليهم جميعاً رحمة الله: وردت السنة بالتغريب في موضعين: في الزاني غير المحصن يغرب، والثاني: في المخنث من الرجال الذي يتشبه بالنساء، هذا أيضاً ينفى.

وهنا باب في نفي أهل المعاصي والمخنثين، والمخنث يفعل معصية، لكن معصيته تزداد على معصية ذلك العاصي، فالمخنث معصيته شنيعة أكثر، يعني: كل عاص ينفى، وللإمام أن يطرده وأن يزجره وأن يسجنه وأن يغربه، لكن هذا المخنث على وجه الخصوص ورد فيه حديث خاص، لكن عموم اللفظ بما أن هذا المخنث صاحب معصية، واستدلال الإمام البخاري يقول: كل من فعل معصية فللإمام أن يغربه، للإمام أن يرحله، للإمام أن يسجنه بما يردعه، فهذا من باب التعزير والعلم عند الله الجليل.

روي في سنن أبي داود ، والحديث في إسناده ضعف، لكن سكت عنه الإمام أبو داود ، والحافظ ابن حجر أورده في مكانين في الفتح وسكت عليه، وهو على شرط لا ينزل عن درجة الحسن من رواية أبي هريرة رضي الله عنه، قال: ( أتي النبي عليه الصلاة والسلام بمخنث قد خضب يديه ورجليه، فقال عليه الصلاة والسلام: ما باله يتشبه بالنساء )؟ ثم أمر به فنفي إلى بقيع الخضمات، وهي مكان يبعد عن المدينة المنورة عشرين فرسخاً، فقال عمر رضي الله عنه: ألا أقتله يا رسول الله عليه الصلاة والسلام؟ قال: ( إني نهيت عن قتل المصلي )، لكن هو يتشبه بالنساء، خضب يديه ورجليه، وهذا منه تكلف وتصنع، وليس هو شيء في خلقته أصالة، فأمر بنفيه، وعمر رضي الله عنه وأرضاه سأله عن حكم قتله فنهاه النبي عليه الصلاة والسلام وقال: ( إني نهيت عن قتل المصلي ).

إذاً إطلاق المخنث على من يتشبه أيضاً بالمرأة أو في خلقته أصالة مشابهة للمرأة، وإن كان يتكلف تغيير ذلك والعلم عند الله جل وعلا. إذاً الخنثى معنا في الفرائض من له آلتان، أو ليس له واحدة منهما، فما حكمه؟ وما شأنه؟

وأما الخنثى في الاصطلاح فهو شامل لنوعين اثنين:

النوع الأول: من له آلتان: آلة الرجل وفرج المرأة، والنوع الثاني من الخنثى ليس له شيء منهما، لا آلة الرجل ولا آلة المرأة، إنما له ثقب تخرج الفضلات منه، وأحياناً لا يكون له ثقب في محل الفرج، إنما يخرج هذا من سرته أو قريب من سرته، فليس له لا عضو الذكورة ولا عضو الأنوثة، خنثى، فهذا إذا مات مورثه كيف سنورثه، لا نبحث الآن في الإرث منه، الإرث منه يستوي سواء كان رجلاً أو امرأة، إنما البحث في توريثه، كيف سنورث الخنثى من مورثه؟ هل سنعتبره رجلاً أو امرأة؟

إذاً الأنثى في الاصطلاح باختصار من له آلتان، أو ليس له واحد منهما، له ثقب تخرج الفضلات منه، فما حكم توريثه؟ وكيف سنورثه؟ هذه المسألة لا بد من البحث فيها، هذا معنى الخنثى، وهذا هو الخنثى في اصطلاح الفرضيين، ويأتي أيضاً الخنثى بمعنى المخنث -بكسر النون وفتحها- عند علماء الشرع، وهو من تشبه أخلاقه أخلاق المرأة، هذا معلوم ذكورته، لكنه فيه رقة .. فيه ليونة .. فيه تكسر، هذا يقال له: مخنث أو مخنث.

قال الحافظ ابن حجر: هو من يشبه خلقه النساء في حركاته وكلامه وغير ذلك، وقال الإمام العيني في عمدة القاري في الجزء العشرين صفحة خمس عشرة ومائتين: هو من يشابه النساء في أخلاقهن، وهذا المخنث أيضاً ينقسم إلى قسمين: مخنث في أصل الخلقة، أي طبيعته مخلوق فيه نعومة وليونة حركات، وصوت رقيق، وتصرفات المرأة موجودة فيه، في أصل الخلقة، قال أئمتنا: فلا لوم عليه في ذلك، لكن ينبغي أن يتعمد مخالفة ذلك إذا كان رجلاً وخلق فيه ما خلق من الصفات التي تشابه صفات المرأة، ينبغي أن يتعمد المخالفة، وأن يتصنع في التشبه بالخلقة التي هو عليها حقيقة وهي الذكورة والرجولة، وإن كانت تلك الأخلاق تصدر منه بقصد وتكلف فهذا هو المذموم، سواء فعل الفاحشة أو لم يفعلها، قال الإمام ابن حبيب من أئمة المالكية: المخنث هو المؤنث من الرجال، وإن لم تعرف منه الفاحشة، مأخوذ من التخنث وهو التكسر في المشي وغيره، وعليه فمشابهة الرجل بالمرأة تكون خلقة وطبيعة، وتكون تكلفاً وتصنعاً، والمذموم الثاني كما قال أئمتنا.

وقد بوب الإمام البخاري عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا في كتاب النكاح باباً يشير به إلى هذا النوع من المخنثين فقال: باب ما ينهى من دخول المتشبهين بالنساء على المرأة، وبوب باباً في كتاب الحدود يشير به إلى هذا فقال: باب في نفي أهل المعاصي والمخنثين، وذكر في الباب الأول حديث أمنا أم سلمة رضي الله عنها، وهو ثابت في الصحيحين وسنن أبي داود وابن ماجه ، قالت: دخل عليّ النبي صلى الله عليه وسلم وعندي مخنث، فقال هذا المخنث لأخي أمنا أم سلمة رضي الله عنهم أجمعين، وهو عبد الله بن أبي أمية : إن فتح الله عليكم الطائف فعليك بـابنة غيلان ، وقيل: اسمها بادية . قال الحافظ ابن حجر : وقيل: نادية ، بالنون أو بالباء، عليك بـابنة غيلان . الصحابي أسلم وهو الذي كانت تحته عشر نسوة فأمره النبي عليه الصلاة والسلام أن يختار أربعاً وأن يفارق سائرهن، فقال له المخنث: فإنها تقبل بأربع وتدبر بثمان، يعني سمينة لها هذه الصفات المستحسنة عند الرجال عكل بطنها تظهر أربعاً وإذا مشت هذه العكل من الجوانب تزداد كأنها ثمانية، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: ( أرى هذا يعرف ما هنالك )، يعني: كنا نظن أنه من غير أولي الإربة من الرجال، فيه صفة الخنوثة في خلقته، فكانوا يظنون أنه لا يتطلع إلى النساء، وهو ممن قال الله فيه: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ [النور:31]، إلى أن قال جل وعلا: أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ [النور:31]، وقوله: (أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال) يشمل عدة أصناف، يشمل الطاعن في السن الذي لا يشتهي المرأة، يشمل الممسوح، يشمل العنين، يشمل الأبله، المغفل الذي ليس بصاح ولا سليم، يشمل أيضاً المخنث خلقة وطبيعة الذي لا يعرف ما عند النساء وهو يشابههن في الحركات، فالمرأة تكون أمامه كما تكون أمام المحارم لكنها تحتاط فلا تظهر أمامه إلا الوجه والكفين كما قال الإمام الألوسي ، لكن تترخص في القيام أمامه ولا تحتاط كما هو الحال أمام من يشتهيها من الأجانب، فهذا الآن كأن الفتنة منه مأمونة، فالوجه والكفان تظهرهما فقط.

فلما علم النبي عليه الصلاة والسلام أن هذا يفطن إلى ما عند النساء، قال: (أرى هذا يعرف ما هنالك )، أي: ما عند النساء، ثم أمر النبي عليه الصلاة والسلام بنفيه، فنفى النبي عليه الصلاة والسلام فلاناً وفلاناً، ونفى عمر بن الخطاب فلاناً، أي: من المخنثين، على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه، قيل: هذا المخنث كان اسمه هيه، وقيل: أنة بفتح الهمزة، وقيل: ماتع، وهذه الرواية كما قلت في الصحيحين وغيرهما، وورد في بعض الروايات أنه بالغ في وصفه ابنة غيلان بكلام يدل على معرفته ما عند النساء، فقال له: إنها إذا تكلمت تغنت، وإذا مشت تثنت، وإذا جلست كأنها كثيب، وإذا قامت بعد ذلك كأنها عسيب، أسفلها كثيب وأعلاها عسيب، وبين رجليها، وكذا من الألفاظ التي يقولها، فالنبي عليه الصلاة والسلام أمر بطرده ونفيه، الحديث كما قلت في الصحيحين، أصل التخنث خلقة، لكن عنده علم بما عند النساء.

وفي الباب الثاني أورد الإمام البخاري حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهم أجمعين، وهو في الكتب الستة إلا صحيح مسلم : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن المتشبهين من الرجال بالنساء والمترجلات من النساء، وقال: أخرجوهن من بيوتكم )، والحديث كما قلت في الكتب الستة إلا صحيح مسلم، لا إله إلا الله، فمن يتشبه من الرجال بالمرأة مخنث، وينفى كما ينفى الزاني.

قال الإمام ابن تيمية في مجموع الفتاوى في الجزء الخامس عشر صفحة تسع وثلاثمائة: قال الإمام الشافعي والإمام أحمد عليهم جميعاً رحمة الله: وردت السنة بالتغريب في موضعين: في الزاني غير المحصن يغرب، والثاني: في المخنث من الرجال الذي يتشبه بالنساء، هذا أيضاً ينفى.

وهنا باب في نفي أهل المعاصي والمخنثين، والمخنث يفعل معصية، لكن معصيته تزداد على معصية ذلك العاصي، فالمخنث معصيته شنيعة أكثر، يعني: كل عاص ينفى، وللإمام أن يطرده وأن يزجره وأن يسجنه وأن يغربه، لكن هذا المخنث على وجه الخصوص ورد فيه حديث خاص، لكن عموم اللفظ بما أن هذا المخنث صاحب معصية، واستدلال الإمام البخاري يقول: كل من فعل معصية فللإمام أن يغربه، للإمام أن يرحله، للإمام أن يسجنه بما يردعه، فهذا من باب التعزير والعلم عند الله الجليل.

روي في سنن أبي داود ، والحديث في إسناده ضعف، لكن سكت عنه الإمام أبو داود ، والحافظ ابن حجر أورده في مكانين في الفتح وسكت عليه، وهو على شرط لا ينزل عن درجة الحسن من رواية أبي هريرة رضي الله عنه، قال: ( أتي النبي عليه الصلاة والسلام بمخنث قد خضب يديه ورجليه، فقال عليه الصلاة والسلام: ما باله يتشبه بالنساء )؟ ثم أمر به فنفي إلى بقيع الخضمات، وهي مكان يبعد عن المدينة المنورة عشرين فرسخاً، فقال عمر رضي الله عنه: ألا أقتله يا رسول الله عليه الصلاة والسلام؟ قال: ( إني نهيت عن قتل المصلي )، لكن هو يتشبه بالنساء، خضب يديه ورجليه، وهذا منه تكلف وتصنع، وليس هو شيء في خلقته أصالة، فأمر بنفيه، وعمر رضي الله عنه وأرضاه سأله عن حكم قتله فنهاه النبي عليه الصلاة والسلام وقال: ( إني نهيت عن قتل المصلي ).

إذاً إطلاق المخنث على من يتشبه أيضاً بالمرأة أو في خلقته أصالة مشابهة للمرأة، وإن كان يتكلف تغيير ذلك والعلم عند الله جل وعلا. إذاً الخنثى معنا في الفرائض من له آلتان، أو ليس له واحدة منهما، فما حكمه؟ وما شأنه؟

المبحث الثاني: في جهات الخنثى، في أي الجهات يوجد؟ يوجد في أربع جهات، ولا يوجد في ثلاث جهات، ينحصر وجوده في البنوة، ممكن أن يكون الفروع من هذا الصنف، الابن، البنت، مهما نزل من أولادك يمكن أن يكونوا خناثى، طيب إخوة من الأطراف والحواشي، عمومة، الولاء المعتق يمكن أن يكون أيضاً خنثى، ممكن، ولا يمكن أن يكون المخنث أباً، ولا أماً، مهما علت الأم والجدة؛ لأنها لما ولدت انتفت عنها تلك الصفة الناقصة، وهكذا الأب والجد مهما علا، والثالث: الزوجية، يعني: إذا كان زوجاً وهي زوجة، فهذا دليل على عدم وجود هذه الصفة فيهما.

إذاً يوجد في البنوة والأخوة والعمومة والولاء، ولا يوجد في الأبوة وفي الأمومة، وفي أحد الزوجين؛ لأن الرجل أو المرأة متى ما تزوج، وأمكن بعد ذلك أن يحصل منه الإيلاج ويحصل منه حمل، ومتى ما حمل استبان أمره كما سيأتينا، أما أمره في الأصل، أنه خنثى باعتبار ما يطلق عليه، الخنثى عندنا في كتب الفرائض إذا أطلق كما يقول أئمتنا على الخنثى المشكل الذي لم يستبن حاله، ما استبان، أما أنه خنثى يعني: عنده آلتان، لكن يبول من واحدة والأخرى معطلة، فإن بال من آلة الرجل فهو ذكر، وإن بال من آلة الأنثى فهو أنثى، لكن فيه بعد ذلك أنه خنثى، ما لنا وله، هذا بقي ليس بالخنثى المشكل الذي لم يتضح حاله، الخنثى المشكل لا يتزوج ولا يزوج، ثم يضاف إلى ذلك لا يتأتى منه صفات الأنثى ولا صفات الرجل، فيبقى حتى يظهر أمره، فإذا مات قبل الظهور كيف سنورثه؟ أما هو وهو صغير يمكن أن يستبين أمره، يعني: قد يولد ولد وله آلتان، نقول: انتظر إن حاض بعد فترة دليل على أنه أنثى، إن وجد الثديان في صدره دليل على أنه أنثى، نبتت له اللحية دليل على أنه ذكر، بدأ يبول من إحدى الآلتين والأخرى معطلة، دليل على أنه ذكر أو أنثى على حسب ما يبول منه، كل هذا إن شاء الله يأتي ذكره، وهو موسع في كتب الفقه.

أكثر من بحث في أحكام الخنثى الإمام السيوطي في الأشباه والنظائر في ثمان صفحات متتابعة من صفحة أربعين ومائتين، إلى صفحة ثمان وأربعين ومائتين، فذكر أحكام الخنثى ولو شرحت وبسطت هذه الثمان الصفحات فستصبح ثمانين صفحة على أقل تقدير، والإمام ابن نجيم كتب لكن أوجز غاية الإيجاز في الأشباه والنظائر في صفحة واحد وعشرين وثلاثمائة، والسيوطي ختم الكلام على الخنثى في الأشباه والنظائر، قال: الخنثى إذا أطلق ينصرف إلى الخنثى المشكل الذي استبهم أمره ولم نعرف حاله، ليس من عنده آلتان ثم ظهر أنه ذكر أو أنثى.

أما من كان رجلاً يتخنث فحكمه مخنث عندنا في الشريعة وليس المعنى هذا أنه لا يتزوج، هذا تشبه بالمرأة في هذه الصفة في خلق في حركة في مشية في.. في.. في.. الذي يتمطط يتكسر أيضاً يتشبه بالمرأة في هذه الصفة، وليس هنا صار التشبه من جميع الجهات، وكما قال الحافظ ابن حجر يقول: الخنوثة الكاملة أن يمكن الإنسان الناس من نفسه ليفعل به كما يفعل بالمرأة نسأل الله العافية، هذا الخنوثة الكاملة، ثم بعد ذلك لكل واحد حظ من الخنوثة، فإن قلد المرأة في نعومة الكلام، فيه نوع من الخنوثة، في المشية، في الهيئة، في الزي، في.. في.. في..، هذا كله نوع من الخنث، ومنه كما ستسمعون عما قريب إطالة الثوب، إطالة الثوب خنوثة، هذا تشبه بالمرأة فيما هو من خصائصها، فلا يجوز لأحد أن يطيل ثوبه إلا المرأة، هذا يتشبه بالمرأة فيما هو من خصائصها فهو مخنث، وهذا يفعله الآن بعض الناس فيعتبر كون ثوبه إلى كعبيه منقصة، ولازم أن يكون أنزل من الكعبين بعشرة سنتيمتر بمقدار .. شبر كما رخص النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة أن ترخيه شبراً، ثم قالت أم سلمة رضي الله عنها وأرضاها: ( إذاً تنكشف أقدامهن؟ قال: ترخيه ذراعاً ولا تزيد )، هذا أيضاً نوع من الخنوثة، لكن كما قلت هنا له آلة واحدة.

وقد سمعت بعض من يفتي في هذه المسألة في إحدى الإذاعات التي الأصل فيها أنها تنشر الدعوة ونسأل الله حسن الخاتمة، فسألوه عن إطالة الثوب، وعن التصفيق والتصفير وما شاكل هذا؟ فقال: أما إطالة الثوب في الأحاديث العامة المطلقة فقيدت بحديث أبي بكر رضي الله عنه: ( لست ممن يصنعه خيلاء )، وفي حديث عمر رضي الله عنه: ( من جر إزاره بطراً )، هذا لا ينظر الله إليه، وعليه جر الإزار بدون هذه الصفة لا حرج فيه على الإطلاق، وقد يدخل في باب الجمال إذا اعتزلناه في ذلك والكمال.

قال: وأما التصفيق والتصفير في المناسبات الدينية غير محمود في المساجد، أما فيما عدا ذلك فالتصفيق اعتاد الناس عليه، هذا من باب الحماس والتشجيع، إنسان يلقي خطبة حماسية يقول مثلاً في جهاد أو غيره لكن في غير المسجد صفقوا له من أجل الحماس، يقول: لا حرج، وأما التصفيق فلا يناسب العالم المتحضر.

أقول: متى عينت الأحكام الشرعية بعالم متحضر أو عالم متخلف؟ وهذا من مفتي في الإذاعات، وإطالة الثوب محرم لعدة أمور منها: أنه يتشبه بالمرأة فيما هو من خصائصها، واعتبر الشارع إطالة الثوب صفة لها فجاء هذا يتشبه بها، ومشابهة المرأة كما قلت فيما هو من خصائصها ومن صفاتها يعتبر نوعاً من الخنوثة.

أما استدلاله بحديث أبي بكر فيرد عليه بأن نقول:

سيدنا أبو بكر رضي الله عنه وأرضاه قال: إني ضعيف، وإزاري يسترخي، إذاً إزاره طويل أو قصير، قال أبو بكر بن العربي : هذه الصورة باتفاق جائزة لجميع أفراد الأمة، فمن استرخى إزاره من غير قصد منه فلا إثم عليه، إلا أنه ينبغي أن يتعهد إزاره، وأبو بكر كما قلت كان نحيفاً ضعيفاً، وليس له بطن رضي الله عنه وأرضاه، والإنسان إذا ائتزر وليس له بطن الإزار لا يثبت عليه وينزل، لا يوجد شيء يمسكه، فكان يسترخي فيشده ويسترخي، فلو قدر أنه نزل، يعني: افرض أن السراويل التي يلبسها الإنسان أحياناً تقع وأحياناً تنزل عن الكعبين، والإزار ما يشمله يشمل القميص.. يشمل السراويل يشمل كل شيء، لا يجوز أن ينزل عن الكعبين، فإذا كان الأمر كذلك إذا نزل ثم سحبته فلا حرج عليك، هو ليس بالأصل طويلاً، أوليس كذلك؟ لو كان طويلاً لاختلف الأمر، يقول: أنا إزاري يسترخي أحياناً، إلا أني أتعهد ذلك، قال: (لست ممن يصنعه خيلاء)، يعني: كأن النبي عليه الصلاة والسلام يقول له: اطمئن هذه الصفة ليست فيك، وهذا وقع من غير اختيار، ومن غير قصد، فلا حرج في ذلك على الإطلاق، هذا يستوي فيه أنت وغيرك من أفراد الأمة، هيا أين الاستدلال؟ هل أبو بكر رضي الله عنه قال له: أنا أطيل إزاري فهل ترخص لي؟ لو قال له: نعم؛ لأنك لست ممن يصنعه خيلاء الذي يأتي بعد ذلك يقول: أنا لا أفعل هذا خيلاء، نقول: حكمك حكم أبي بكر رضي الله عنه، والله سيحاسبك، لكن ما رخص النبي عليه الصلاة والسلام لـأبي بكر أبداً، لا ترخيص لا له ولا لغيره، هو إزاره إلى أنصاف الساقين، حصل استرخاء أحياناً، فلا بد من التفريق في هذا الأمر، والنصوص بعد ذلك لا تحصى كثرة في نهي النبي عليه الصلاة والسلام عن إسبال الإزار وجر الإزار، ليس نهياً عاماً للأمة لصحابة معينين عدا عن النهي هذا العام، مما يدل على أن الأمر ليس من باب إن قصد خيلاء أو لم يقصد، يعني: عبد الله بن عمر نهاه النبي عليه الصلاة والسلام، وحذيفة بن اليمان كذلك، وغيرهما من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين، وليس واحد منهم كان يفعل هذا لا خيلاء ولا فخراً ولا بطراً ولا أشراً ولا تكبراً حتى بعد ذلك يقال: العلة هي هذه.

يقول أبو بكر بن العربي في العارضة: هذا الحكم صدر من النبي عليه الصلاة والسلام بالمنع لمن يفعل هذا خيلاء، فلو جاء إنسان وقال: أنا أجر إزاري ولا أختال فهو كذاب، وحقيقة هذا هو الصائب، إذا أنت ما تجر خيلاء لم إذاً تجر؟ دل على أنك تجره خيلاء وتكبراً وبطراً أنك ما تمتنع عنه، لكن فقط تبرئه للنفس بالباطل، الشاهد إخوتي الكرام أن جر الإزار فيه صفة من صفات الخنوثة. لا إله إلا الله.




استمع المزيد من الشيخ عبد الرحيم الطحان - عنوان الحلقة اسٌتمع
فقه المواريث - الحجب [1] 3819 استماع
فقه المواريث - الرد على الزوجين [1] 3587 استماع
فقه المواريث - حقوق تتعلق بالميت 3570 استماع
فقه المواريث - توريث ذوي الأرحام 3481 استماع
فقه المواريث - المسألة المشتركة 3435 استماع
فقه المواريث - أدلة عدم توريث ذوي الأرحام 3346 استماع
فقه المواريث - متى يسقط الجدات ومن يحجبهن 3306 استماع
فقه المواريث - أصحاب الفروض 3257 استماع
فقه المواريث - الجد والإخوة [7] 3222 استماع
فقه المواريث - تكملة مبحث التصحيح 3125 استماع