خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/122"> الشيخ عبد الرحيم الطحان . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/122?sub=8328"> سلسلة فقه المواريث
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
فقه المواريث - الحجب [1]
الحلقة مفرغة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، ورضي الله عن الصحابة الطيبين وعمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً، وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً، سهل علينا أمورنا، وعلمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين.
اللهم زدنا علماً نافعاً، وعملاً صالحاً بفضلك ورحمتك يا أكرم الأكرمين.
سبحانك اللهم وبحمدك على حلمك بعد علمك، سبحانك اللهم وبحمدك على عفوك بعد قدرتك.
اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد إخوتي الكرام! غالب ظني أننا انتهينا من بحث العصبات، وسنشرع إن شاء الله في هذه الموعظة في باب الحجب، نسأل الله أن يحجبنا عن سخطه، وأن لا يحجب رحمته عنا بفضله ورحمته.
إخوتي الكرام! قبل أن ندخل في باب الحجب في تعريفه وفي بيان الورثة نحوه كما هي عادتنا في مدارسة أبيات الإمام الرحبي في الموضوعات التي نتدارسها، لكن أبيات الإمام الرحبي عليه رحمة الله التي نظمها في منظومته ما تدارسناها فيما يتعلق بالعصبات، لأننا في الموعظة الماضية انتهينا مع انتهاء الوقت وما بقي وقت لقراءتها، أقرؤها الآن من أجل حفظها، لأنها لابد من أن تحفظ لتضبط، وهكذا نبين المراد منها على وجه الإيجاز إن شاء الله.
تعريف الناظم للعصبة بالنفس
وحق أن نشرع في التعصيب بكل قول موجز مصيب
سيذكر ويعرف العصبات ويبين أحكامها بكلام وجيز قليل وفيه فائدة كثيرة، وهذا من جوامع الكلم إذا قل اللفظ وكثر المعنى.
فكل من أحرز كل المال من القرابات أو الموالي
أو كان ما يفضل بعد الفرض له فهو أخو العصوبة المفضلة
أخو العصوبة: صاحب العصوبة، وهو الذي إذا انفرد يأخذ كل المال، وإذا وجد مع صاحب فرض يأخذ ما بقي بعد إعطاء صاحب الفرض أو أصحاب الفروض فروضهم، يقول: الذي يأخذ كل المال سواء كان من القرابات وهي العصبة النسبية كما تقدم، أو الموالي وهي العصبة السببية.
وقلت هذا تعريفه للعصبة بالنفس، ثم قلت: عرف هنا العصبة ببيان حكمها دون تعريفها، وقلنا: إن هذا يؤدي إلى الدور.
فعلى كل حال! تعريفه قاصر على العصبة بالنفس: أنه من إذا انفرد أخذ كل المال، وإذا وجد مع أصحاب الفروض أخذ ما أبقته الفروض، ثم جاء ليبين أقسام العصبة النسبية فقال:
كالأب والجد وجد الجد والابن عند قربه والبعد
والأخ وابن الأخ والأعمام والسيد المعتق ذي الإنعام
وهكذا بنوهم جميعاً فكن لما أذكره سميعا
وتقدم معنا أن العصبة بالنفس هم ثلاثة عشر صنفاً، الذكور الوارثون كلهم باستثناء صنفين: الزوج والأخ لأم، فنعدهم وهم: الأب واحد، والجد واحد، وجد الجد مهما علا تابع للجد، والابن شامل للصنفين، الابن وابن الابن مهما نزل، فصاروا أربعة.
والأخ: ويدخل فيه صنفان: الشقيق والأخ لأب، وابن الأخ أيضاً صنفان: شقيق ولأب، والأعمام أيضاً صنفان: شقيق ولأب، صاروا عشرة.
والسيد المعتق صاروا أحد عشر.
أبناء الأعمام، وهكذا بنوهم جميعاً: شقيق أو لأب، صاروا ثلاثة عشر، عدهم في هذه الأبيات فقال:
وهكذا بنوهم جميعاً فكل لما أذكره سميعا
حكم العصبة بالنفس
وما لذي البعدى مع القريب في الإرث من حظ ولا نصيب
تقدم معنا حكم العصبة بالنفس، تقدم معنا وقلنا:
فبالجهة التقديم ثم بقربه وبعدهما التقديم بالقوة اجعلا
فما لذي البعدى:
يعني: ليس للأب تعصيب مع الابن، وليس للأخ تعصيب مع الأب، وليس للعم تعصيب مع الأخ، فقوله:
فما لذي البعدى مع القريب في الإرث من حظ ولا نصيب
يعني: إذا اجتمع عصبات بالنفس يقدم قرب الجهة كما تقدم معنا، وجهاته هي أربع أو خمس أو ست، نبدأ بالجهة الأولى، وأولها: البنوة إذا وجد الابن فكل العصبات بعد ذلك سقطوا من جهة التعصيب، من يرث منهم عن طريق الفرض يرث كالأب والجد، ومن لا يرث فقد سقط.
والأخ والعم لأم وأب أولى من المدلي بشطر النسب
كأنه يريد أن يقول: قرب الجهة يقدم على الجهة التالية، وإذا كانت الجهة واحدة فنقدم بقرب الدرجة.
وهو لم يذكر هنا الدرجة؛ لأن قرب الجهة شامل للدرجة وللجهة، وذكر الآن القوة، فإذا كان عندنا الجهة واحدة والدرجة واحدة لكن عندنا من يدلي بقرابتين ومن يدلي بقرابة واحدة، فإننا نقدم صاحب الجهتين، كما قال:
والأخ والعم لأم وأب
يعني: وهو الشقيق.
أولى من المدلي بشطر النسب
قوله: (وما لذي البعدى مع القريب) أي: إذا كان الوارثان من جهة واحدة نعطي الأقرب والذي بعده نتركه، مثل الابن وابن ابن، وهكذا قرب الجهة، فجهة البنوة تقدم على جهة الأبوة، وجهة الأبوة تقدم على جهة الأخوة.
فقوله:
وما لذي البعدى مع القريب في الإرث من حث ولا نصيب
دخل معنا في الجهة أمران وحكمان: أولاً: الجهة، ثم بعد ذلك الدرجة، ونحن قلنا أولاً: قرب الجهة، ثم قرب الدرجة، ثم القوة، فهو أدخل حكمين من أحكام العصبة بالنفس في البيت الأول، وهو قوله:
وما لذي البعدى مع القريب في الإرث من حظ ولا نصيب
فهذا شامل لنوعين تقدما معنا، شامل لقرب الجهة مع جهة أخرى، فجهة البنوة تقدم على الأبوة، والأبوة تقدم على الأخوة.. وهكذا، وشامل أيضاً لقرب الدرجة في الجهة الواحدة، فهي جهة بنوة لكن هذا ابن وهذا ابن ابن، هذا أب وهذا جد، هذا أخ وهذا ابن أخ، هذا عم وهذا ابن عم، الجهة واحدة لكن أيضاً الدرجة متباعدة، فيريد أن يقدم أيضاً في الجهة الواحدة قرب الدرجة، والأمر واضح.
وبعد ذلك إذا كانت الجهة واحدة والدرجة واحدة والقوة واحدة فالمعروف أنهم يقتسمون المال بالتساوي كله أو ما بقي منه.
وما لذي البعدى مع القريب في الإرث من حظ ولا نصيب
والأخ والعم لأم وأب أولى من المدلي بشطر النسب
حكم العصبة بالغير والعصبة مع الغير
والابن والأخ مع الإناث يعصبانهن في الميراث
تقدم معنا أن هذا منحصر في أربع نسوة: البنات، بنات الابن، أخوات شقيقات، أخوات لأب، يعصبن بإخوتهن أو بابن عمهن الذي في درجتهن أو أنزل في حق بنات الابن فقط، بالشروط التي تقدمت معنا.
ثم جاء لبيان العصبة الثالثة النسبية، ألا وهي العصبة مع الغير فقال:
والأخوات إن تكن بنات
يعني: أن يكون في الورثة بنات ووجد أخوات معهن.
والأخوات إن تكن بنات فهن معهن معصبات
وقلنا قاعدة: الأخوات مع البنات عصبات، ويراد بالأخوات هنا بالاتفاق: الشقيقات أو اللاتي لأب، أما الأخوات لأم، فقلنا: إن قرابتهن بمحض الأنوثة فلا يعصبن بالغير ولا مع الغير على الإطلاق.
وقوله: (معصبات) بفتح الصاد صيغة اسم المفعول؛ لأنها صارت عصبة، ليس معصِّبة، هي لم تعصب البنت.
ثم قال:
وليس في النساء طراً عصبة إلا التي منت بعتق الرقبة
قال رحمه الله تعالى:
وحق أن نشرع في التعصيب بكل قول موجز مصيب
سيذكر ويعرف العصبات ويبين أحكامها بكلام وجيز قليل وفيه فائدة كثيرة، وهذا من جوامع الكلم إذا قل اللفظ وكثر المعنى.
فكل من أحرز كل المال من القرابات أو الموالي
أو كان ما يفضل بعد الفرض له فهو أخو العصوبة المفضلة
أخو العصوبة: صاحب العصوبة، وهو الذي إذا انفرد يأخذ كل المال، وإذا وجد مع صاحب فرض يأخذ ما بقي بعد إعطاء صاحب الفرض أو أصحاب الفروض فروضهم، يقول: الذي يأخذ كل المال سواء كان من القرابات وهي العصبة النسبية كما تقدم، أو الموالي وهي العصبة السببية.
وقلت هذا تعريفه للعصبة بالنفس، ثم قلت: عرف هنا العصبة ببيان حكمها دون تعريفها، وقلنا: إن هذا يؤدي إلى الدور.
فعلى كل حال! تعريفه قاصر على العصبة بالنفس: أنه من إذا انفرد أخذ كل المال، وإذا وجد مع أصحاب الفروض أخذ ما أبقته الفروض، ثم جاء ليبين أقسام العصبة النسبية فقال:
كالأب والجد وجد الجد والابن عند قربه والبعد
والأخ وابن الأخ والأعمام والسيد المعتق ذي الإنعام
وهكذا بنوهم جميعاً فكن لما أذكره سميعا
وتقدم معنا أن العصبة بالنفس هم ثلاثة عشر صنفاً، الذكور الوارثون كلهم باستثناء صنفين: الزوج والأخ لأم، فنعدهم وهم: الأب واحد، والجد واحد، وجد الجد مهما علا تابع للجد، والابن شامل للصنفين، الابن وابن الابن مهما نزل، فصاروا أربعة.
والأخ: ويدخل فيه صنفان: الشقيق والأخ لأب، وابن الأخ أيضاً صنفان: شقيق ولأب، والأعمام أيضاً صنفان: شقيق ولأب، صاروا عشرة.
والسيد المعتق صاروا أحد عشر.
أبناء الأعمام، وهكذا بنوهم جميعاً: شقيق أو لأب، صاروا ثلاثة عشر، عدهم في هذه الأبيات فقال:
وهكذا بنوهم جميعاً فكل لما أذكره سميعا
ثم جاء ليبين حكم العصبة بنفسه، وماذا يكون حاله في الإرث فقال:
وما لذي البعدى مع القريب في الإرث من حظ ولا نصيب
تقدم معنا حكم العصبة بالنفس، تقدم معنا وقلنا:
فبالجهة التقديم ثم بقربه وبعدهما التقديم بالقوة اجعلا
فما لذي البعدى:
يعني: ليس للأب تعصيب مع الابن، وليس للأخ تعصيب مع الأب، وليس للعم تعصيب مع الأخ، فقوله:
فما لذي البعدى مع القريب في الإرث من حظ ولا نصيب
يعني: إذا اجتمع عصبات بالنفس يقدم قرب الجهة كما تقدم معنا، وجهاته هي أربع أو خمس أو ست، نبدأ بالجهة الأولى، وأولها: البنوة إذا وجد الابن فكل العصبات بعد ذلك سقطوا من جهة التعصيب، من يرث منهم عن طريق الفرض يرث كالأب والجد، ومن لا يرث فقد سقط.
والأخ والعم لأم وأب أولى من المدلي بشطر النسب
كأنه يريد أن يقول: قرب الجهة يقدم على الجهة التالية، وإذا كانت الجهة واحدة فنقدم بقرب الدرجة.
وهو لم يذكر هنا الدرجة؛ لأن قرب الجهة شامل للدرجة وللجهة، وذكر الآن القوة، فإذا كان عندنا الجهة واحدة والدرجة واحدة لكن عندنا من يدلي بقرابتين ومن يدلي بقرابة واحدة، فإننا نقدم صاحب الجهتين، كما قال:
والأخ والعم لأم وأب
يعني: وهو الشقيق.
أولى من المدلي بشطر النسب
قوله: (وما لذي البعدى مع القريب) أي: إذا كان الوارثان من جهة واحدة نعطي الأقرب والذي بعده نتركه، مثل الابن وابن ابن، وهكذا قرب الجهة، فجهة البنوة تقدم على جهة الأبوة، وجهة الأبوة تقدم على جهة الأخوة.
فقوله:
وما لذي البعدى مع القريب في الإرث من حث ولا نصيب
دخل معنا في الجهة أمران وحكمان: أولاً: الجهة، ثم بعد ذلك الدرجة، ونحن قلنا أولاً: قرب الجهة، ثم قرب الدرجة، ثم القوة، فهو أدخل حكمين من أحكام العصبة بالنفس في البيت الأول، وهو قوله:
وما لذي البعدى مع القريب في الإرث من حظ ولا نصيب
فهذا شامل لنوعين تقدما معنا، شامل لقرب الجهة مع جهة أخرى، فجهة البنوة تقدم على الأبوة، والأبوة تقدم على الأخوة.. وهكذا، وشامل أيضاً لقرب الدرجة في الجهة الواحدة، فهي جهة بنوة لكن هذا ابن وهذا ابن ابن، هذا أب وهذا جد، هذا أخ وهذا ابن أخ، هذا عم وهذا ابن عم، الجهة واحدة لكن أيضاً الدرجة متباعدة، فيريد أن يقدم أيضاً في الجهة الواحدة قرب الدرجة، والأمر واضح.
وبعد ذلك إذا كانت الجهة واحدة والدرجة واحدة والقوة واحدة فالمعروف أنهم يقتسمون المال بالتساوي كله أو ما بقي منه.
وما لذي البعدى مع القريب في الإرث من حظ ولا نصيب
والأخ والعم لأم وأب أولى من المدلي بشطر النسب
هذا كله فيما يتعلق عصبة بنفسه، ثم جاء لبيان العصبة بغيره، فقال:
والابن والأخ مع الإناث يعصبانهن في الميراث
تقدم معنا أن هذا منحصر في أربع نسوة: البنات، بنات الابن، أخوات شقيقات، أخوات لأب، يعصبن بإخوتهن أو بابن عمهن الذي في درجتهن أو أنزل في حق بنات الابن فقط، بالشروط التي تقدمت معنا.
ثم جاء لبيان العصبة الثالثة النسبية، ألا وهي العصبة مع الغير فقال:
والأخوات إن تكن بنات
يعني: أن يكون في الورثة بنات ووجد أخوات معهن.
والأخوات إن تكن بنات فهن معهن معصبات
وقلنا قاعدة: الأخوات مع البنات عصبات، ويراد بالأخوات هنا بالاتفاق: الشقيقات أو اللاتي لأب، أما الأخوات لأم، فقلنا: إن قرابتهن بمحض الأنوثة فلا يعصبن بالغير ولا مع الغير على الإطلاق.
وقوله: (معصبات) بفتح الصاد صيغة اسم المفعول؛ لأنها صارت عصبة، ليس معصِّبة، هي لم تعصب البنت.
ثم قال:
وليس في النساء طراً عصبة إلا التي منت بعتق الرقبة
تعريف الحجب في اللغة
وقال جل وعلا مخبراً عما حصل للصديقة مريم عليها وعلى سائر الصديقين والصديقات رضوان رب الأرض والسموات: وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا * فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا [مريم:16-17] وقلنا: هو الساتر الذي يستر الشيء ويمنع من النظر إلى ذلك الشيء.
وقال الله جل وعلا آمراً أمهاتنا أزواج نبينا على نبينا وعليهن صلوات الله وسلامه وذلك أمر أيضاً لكل مؤمنة إلى يوم القيامة وكيف نتخاطب مع النساء فقال: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ [الأحزاب:53] فينبغي إذاً أن لا تقابل المرأة الرجل في حال المخاطبة، وأن يكون هناك حجاب يمنع من نظر الرجل إليها، وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ [الأحزاب:53].
وهكذا أخبر الله جل وعلا أنه لا يكلم بشراً إلا من وراء حجاب: وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ [الشورى:51].
والحجاب هنا الساتر الذي يمنع من نظر المكلم مع المتكلم، ولذلك لما كلم الله نبيه موسى على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه من وراء حجاب: قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي [الأعراف:143]، وفي الآخرة هذه خصوصية للمؤمنين يقويهم رب العالمين على النظر إلى نور وجهه الكريم سبحانه وتعالى، كما هو أيضاً خصوصية في نبينا عليه الصلاة والسلام في ما حصل له ليلة الإسراء والمعراج من رؤية لربنا جل وعلا بدون حجاب على قول من أقوال أربعة لأهل السنة الكرام أظهرها هذا أنه حصلت له الرؤية، والثانية: الرؤية التي حصلت رؤية قلبية، والثالث: النفي، والرابع: الوقف، والأقوال كلها منقولة عن أهل السنة، والقائل بأي منها على هدى والأمر فيه سعة.
وأخبر الله جل وعلا في أول سورة حم فصلت أن الكفار يدعون أن بينهم وبين النبي المختار عليه الصلاة والسلام، وبينهم وبين الهدى حجاب يمنعهم من التفقه والوعي والانتفاع: وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ [فصلت:5]، أي: حاجب ساتر يمنع من الفهم عنك، فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ [فصلت:5].
وهذا مستعمل أيضاً في كلام نبينا عليه الصلاة والسلام، أن الحجاب بمعنى المانع الساتر، والحجب بمعنى المنع والحرمان.
وكنت ذكرت الحديث في بعض المحاضرات السابقة وهو في مسند الإمام أحمد وسنن أبي داود والترمذي وصحيح ابن حبان ، وقال عنه الإمام الترمذي : حسن صحيح، وهو حديث أمنا أم سلمة رضي الله عنها عندما كانت مع أمنا ميمونة رضوان الله عليهن أجمعين ودخل عبد الله بن أم مكتوم ، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: (احتجبا منه) وهذا فيه معنى المنع والحرمان، يعني: لا تنظرا إليه، أي: امتنعا من النظر إليه ومن التكشف أمامه، فقالتا: (أوليس هو أعمى لا يبصرنا؟ قال: أفعمياوان أنتما؟).
فقوله: (احتجبا منه) بمعنى المنع والحرمان.
درجة حديث (احتجبا منه) وتضعيف كلام من يضعفه
يقول هذا إخوتي الكرام! بكلام مطبوع ينتشر، وأنا حقيقة أقول لكم: انتظروا عما قريب ثورة لا يعلم مداها إلا الله في الخروج على السنة باسم السنة. وإذا فتح الآن موضوع الكلام على كتب السنن وعدم اعتبار كلام أئمتنا ستسمعون من يطعن في الصحيحين، وقد وقع سابقاً طعن من قبل بعض أهل الأهواء في خصوص الصحيحين ورد، لكن الآن الرد يؤصل باسم السنة، فإذا كان ألف حديث في سنن الترمذي ضعيفة فهذا يعني أن خمس الكتاب صححه الترمذي وهو ضعيف، يقول: هذه الألف ليس لها شاهد ولا متابع ولا يمكن أن تتقوى بحال، عدا عن أحاديث أخرى ضعيفة صححها الترمذي ووجدت لها شواهد. والآن ما بين الحين والحين ثورة على كل حديث.
حديث كنت ذكرته سابقاً: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين) في السنن الأربع وفي المستدرك وصحيح ابن حبان ، وهذا يحفظه كما يقال صغار النشء في الأربعين النووية، فهذه أول ما يبدءون بحفظه، فكتبت الآن رسالة تزيد على مائة وثلاثين صفحة في تضعيف هذا الحديث، وأن سنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ هذه باطلة ولا تصح، ولا تثبت أبداً من ناحية الإسناد ومن ناحية المعنى، قال: نحن أمرنا بأن نرد الأمر إلى سنة النبي عليه الصلاة والسلام لا إلى الخلفاء الراشدين المهديين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي .
وكذلك حديث وهو حسن أيضاً: (اقتدوا باللذين من بعدي) يقول: هذا ضعيف باطل مردود، وتراه ينمق لك الكلام، ويأتي من هنا ومن هنا في مائة وثلاثين صفحة.
ووالله الذي لا إله إلا هو لو قرأها عامي لشتم المحدثين وكفر بكتب السنة كلها بسبب هذا الكلام الذي يأتي في هذا الأمر، وأئمتنا ينقلونه ويصححونه ويتداولونه وهو يأتي في القرن الخامس عشر يقول: هذا الحديث مردود.
وكان شخص في الإمارات له رتبة وشأن يقول: هذا الحديث سبب وضعه النزاعات السياسية، وهذا يقول: ليس كذلك، لكن يقول: هذا فقط مردود. لكن انظروا إلى الاختلاف كما يقال في طرق رد هذا الحديث، ذاك يقول أصل الحديث: (فعليكم بسنتي وعترتي) يقول: أهل السنة تلاعبوا بالحديث فقالوا: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، ووجه التلاعب وسببه يقول: هذه غيرت في عهد بني أمية؛ لأن بني أمية كانوا يعادون آل البيت، فالمحدثون وأهل الحديث أرادوا أن يتزلفوا إليهم، فرفعوا (عترتي) ووضعوا مكانها: (وسنة الخلفاء الراشدين).
ويقول -وهو له رتبة في الأوقاف كبيرة-: وهذه أخذها أهل السنة، وهذه بلية وقعوا فيها على تعبيره، وهي في الأصل: عليكم بسنتي وعترتي. فهناك هجوم على السنة لا نهاية له!
تأييد كلام ابن الصلاح في إغلاق باب الحكم على الأحاديث
يا إخوتي! حتى رجال الصحيحين لا يوجد راو إلا حوله شيء من الكلام من بعض الناس إلا النادر، فإذا ما أردت أن تأخذ هذا فلن يسلم معك راو من الرواة.
فالإمام ابن الصلاح يقول: هذا باب مغلق، يقول: ليس التصحيح والتضعيف أن تقف على هذا الرجل، بل يوجد بعد ذلك أحوال وخفايا لا يطلع عليها إلا من عاصر الرواة واطلع عليهم وسبر أحوالهم، يقول: وهذا يستحيل في حق المتأخرين, وعليه يغلق الباب مباشرة، فما صحح وحسن وضعف انتهى ولا يجوز الخروج عنه، وكما قلت: وإن رد كلامه من قبل أئمتنا الكرام لكن يبقى له اعتبار عندما نريد أن نوسع الباب كما هو الحال في هذه الأيام، فكل طالب يبحث ويرد، ثم بعد ذلك يأتيك ذاك الذي صحح وضعف وقال: ألف حديث في سنن الترمذي ضعيفة، وبعدما ضعف فيها ما ضعف رد عليه برسائل متعددة صحيحة، فبعضها رجع عنها وقال: أنا كنت واهماً وكنت مخطئاً، وبعضها يقول: لا، أنا على رأيي.
ثم بعد ذلك آخر المطاف بعض الناس قال: لم تعترضون على التصحيح والتضعيف؟ وهذا يقول حتى في رسالته في رد حديث: (عليكم بسنتي)، التصحيح والتضعيف اجتهادي، ولا لوم فيما فيه اجتهاد، يقول: أنت تصحح وأنا أضعف وخلاص، وكل واحد له اجتهاده، فنقول: يا من لا تخافون الله، فلم تردون كلام أئمتنا؟ أنتم تقولون: اجتهادي، طيب إذا كان التصحيح والتضعيف اجتهادياً وليس قطعياً فأنا أريد أن أعلم هل اجتهاد الترمذي يقدم أو اجتهاد من يعيش في هذا العصر؟ أنا أريد أن أعلم فقط ما دام أنتم تقرون هذه الحقيقة.
قال: التصحيح والتضعيف اجتهادي، فنقول: طيب! اجتهادي، فالإمام ابن حجر يقول عن هذا الحديث: بإسناد قوي، والترمذي يقول: حسن صحيح، والإمام النووي في موضعين في صحيح مسلم يقول: هذا إسناده حسن، (أفعمياوان أنتما؟ احتجبا منه)، تتابع أئمتنا على تصحيح هذا الحديث أبو بكر بن العربي وغيره وغيرهم عليهم جميعاً رحمة الله، لم تردونه؟
انظر للعلة قال: فيه نبهان مولى أم سلمة روى عنه الزهري ولم يرو عنه غيره. طيب. هذا أولاً تابعي ومولى أم سلمة وروى عنه سيد المسلمين في زمنه وهو الإمام الزهري ، فيقول ابن حجر : من يروي عنه الزهري ويصفه بأنه مكاتب أم سلمة رضي الله عنهم أجمعين ما في إلا هذه العلة فقط، هذا أعلى من أن يقال عنه: إنه مجهول، على أن الجهالة إن كانت في التابعين يتسامح فيها وليست كالجهالة فيمن بعدهم، وهو يضرب، ما نقل عنه، ويقول: يراد من الجهالة هنا: أنه ما روى عنه إلا راو وهو الزهري ، يقول: هذا لا زال مجهولاً.
ينقل عنه الزهري وينعته بذلك ثم أئمتنا يرون أن هذه الجهالة لا تؤثر في نبهان مولى أم سلمة للاعتبارات التي ذكرتها، وهذا كله يضرب ويرد ويبقى بعد ذلك ضعيفاً، ثم في نهاية الأمر عندما تلجئهم في المناقشة إلى الإقرار يقول: لم تعترض علينا؟ المسألة اجتهادية، والتصحيح والتضعيف اجتهادي.
يعني نفتح الباب لكل من هب ودب في هذا الوقت ليرد ويصحح ويضعف ما يريد؟ والله هذا أمر عجيب إخوتي الكرام! يعني: باسم السنة هذا يقول في كتبه: ألف حديث في سنن الترمذي صححها الترمذي وحسنها وهي ضعيفة ولا شاهد لها، يقول أما ما صححه وحسنه وهو ضعيف وله شواهد فأكثر، لكن ذاك لا أريد أن أعده.
هذا كلام إخوتي الكرام! والله لو أردنا أن نعتمده سيصبح حملة على السنة لا يعلم خطورتها إلا الله جل وعلا.
فهذا الحديث إخوتي الكرام: (احتجبا منه) كما قلت فيه معنى المنع والحرمان، أن تمتنع المرأة من مقابلة الرجل، وأن تحرم عليها وعليه النظر إليها وتمكينه من النظر إليها.
واستعمل هذا في كلام العرب على أن الحجاب فيه معنى المنع والحرمان، يقول الشاعر:
له حاجب عن كل أمر يشينه وليس له عن طالب العرف والندى حاجب
تعريف الحجب في الفرائض
وأما معنى الحجب في الفرائض فهو: منع من قام به سبب الإرث من الإرث كلاً أو بعضاً، وهذا تعريف شيخنا عليه رحمة الله في الفوائد البهية شرح متن الرحبية.
قام به سبب الإرث: يعني هو أهل لأن يرث، فيه أسباب الإرث الثلاثة التي تقدمت معنا، فالحجب منعه من الإرث مع وجود أسباب الإرث فيه، أي: منع الوارث من الإرث.
ما هو المنع؟ على قسمين: كلاً أو بعضاً، إما أن يمنعه بالكلية فلا يرث شيئاً كمنع ابن الابن بالابن فلا يرث شيئاً، وإما أن يمنعه من أوفر حظيه كمنع الأب من التعصيب لوجود الابن الذي حوله من تعصيب إلى فرض والتعصيب أنفع له.
إذاً: منع من قام به سبب الإرث من الإرث كلاً أو بعضاً، يعني: إما أن يمنعه بالكلية فلا يرث شيئاً، وإما أن يمنعه عن أوفر وأحظ وأكثر نصيبيه كما سيأتي، أي: له نصيبان منعه عن الأكثر وجعله يأخذ الأقل منهما.
ويمكن أن تقول: منع من قام به سبب الإرث من الإرث بالكلية أو من أوفر حظيه، فالتعبيران مآلهما إلى شيء واحد.