فقه المواريث - الرد على الزوجين [1]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، ورضي الله عن الصحابة الطيبين وعمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً، وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً، سهل علينا أمورنا، وعلمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين، اللهم زدنا علماً نافعاً وعملاً صالحاً بفضلك ورحمتك يا أكرم الأكرمين.

سبحانك اللهم وبحمدك على حلمك بعد علمك، سبحانك اللهم وبحمدك على عفوك بعد قدرتك، اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد: إخوتي الكرام! كنا نتدارس مبحث الرد في الفرائض، وتقدم معنا إخوتي الكرام تعريف الرد في اللغة والاصطلاح، وأن القول بالرد قال به إمامان من أئمتنا الأربعة أهل المذاهب المتبعة، قال به الإمام أبو حنيفة والإمام أحمد عليهم جميعاً رحمة الله.

قلت: وقد أخذ بهذا القول المتأخرون من المالكية والمتأخرون من الشافعية لفساد بيت المال، وعليه صار اتفاق المذاهب الأربعة بعد سنة مائتين من هجرة نبينا عليه الصلاة والسلام على القول بالرد كما قرر ذلك علماؤنا الكرام.

قلت إخوتي الكرام: إن القول بالرد تشهد له آيات القرآن وأحاديث النبي عليه الصلاة والسلام وقواعد الفرائض، ثم قلت: لا داعي للقول بالتفرقة بين انتظام بيت المال وفساده كما ذهب إلى ذلك الإمام الشافعي ومالك ، فأهل القرابات أولى بما بقي من المال بعد إعطاء ذوي الفروض فروضهم، فهم أولى بالمال من بيت المال كما قال الله جل وعلا: وَأُوْلُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ [الأحزاب:6] وهذه الأولوية لا دخل لها كما قلت بانتظام بيت المال أو بفساده.

شروط الرد على الزوجين عند من يقول به

الأمر الخامس وهو الذي كنا نتدارسه قلت: قد يرد مبحث انتظام بيت المال أو فساده في الرد على الزوجين؛ لأنه تقدم معنا أنه لا يرد على الزوجين، وبينت أن الرد عليهما على خلاف القياس، يضاف إلى هذا وهو الأصل: ما ورد نص في الرد عليه، والرد عليهما على خلاف القياس فلا يرد على أحد الزوجين، نعم إذا لم ينتظم بيت المال توجه الرد على أحد الزوجين لحصول صلة بينه وبين صاحبه وزوجه، وذلك أولى من أن نضع هذا المال في بيت المال الذي صار مآله إلى الإنفاق في ضلال، وهذا ما قرره السادة الحنفية رحمة الله ورضوانه عليهم أجمعين، ونقل أيضاً عن بعض المتأخرين من الشافعية كالإمام الغزالي عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا: أنه يرد على أحد الزوجين في العصور المتأخرة لفساد بيت المال. هذا ذكرته خامساً، وسأقرأ لكم كلام أئمتنا في تقرير هذه القضية، ولذلك وضعت ثلاثة شروط للرد على أحد الزوجين:

أولها: أن لا يوجد عاصب، وهذا متفق عليه.

والثاني: أن لا يوجد صاحب فرض، وهذا متفق عليه؛ لأنه لو وجد يرد عليه.

والأمر الثالث: أن لا يوجد قريب سواء كان صاحب فرض أو لا، وعليه فتوريث ذوي الأرحام من العمات والخالات أولى من الرد على أحد الزوجين، فلو مات وترك عمة وزوجة، فالزوجة لها فرضها والباقي للعمة لأنها تدخل في عموم: وَأُوْلُوا الأَرْحَامِ [الأحزاب:6] فبينها وبين الميت نسب ورحم بخلاف الزوجية، فإنها صلة سببية بوصلة النكاح.

نقل كلام الحنفية في حكم الرد على الزوجين

إذا لم توجد هذه الأمور الثلاثة فالرد على أحد الزوجين لقربه من صاحبه أولى من الرد على بيت المال، قرر هذا السادة الحنفية في كتبهم مثل: حاشية رد المختار على الدر المختار (6/788) وهو آخر أجزاء حاشية ابن عابدين، يقول عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا في موضوع الرد عندما ينقل عن الشارح: قلت -هذا كلام الشارح- وفي الأشباه أنه يرد عليهما -يعني: الزوجين- في زماننا، لفساد بيت المال، وقد قدمناه في الولاء.

يقول ابن عابدين : قوله: (وفي الأشباه) قال في الكنية من كتب الحنفية: ويفتى بالرد على الزوجين في زماننا لفساد بيت المال. وفي الزيلعي عن النهاية: ما فضل عن فرض أحد الزوجين يرد عليه، وكذا البنت والابن من الرضاعة، حتى نورثهما لوجود قرابة بينهما أولى من أن نضع المال في بيت الضلال، في الذي بدأ ينفق منه على المغنيات والفاجرين والفاجرات، وكذا البنت والابن من الرضاع مع أن هؤلاء ليسوا من الورثة يصرف إليهما.

وقال في المستصفى: والفتوى اليوم بالرد على الزوجين، وهو قول المتأخرين من علمائنا، وقال الحداد : الفتوى اليوم بالرد على الزوجين. وقال المحقق أحمد بن يحيى بن سعد التسترازاني : أفتى كثير من المشايخ بالرد عليهما إذا لم يكن من الأقارب سواهما لفساد الإمام وظلم الحكام في هذه الأيام، بل يفتى بتوريث بنات المعتق..

تقدم معنا الإرث عن طريق الولاء وقلنا: هو عصوبة، ولا تنتقل إلى البنات؛ لأنها لا تنتقل إلا إلى الأولاد الذكور، فالبنات يرثن لأجل وجود سبب -وليس قرابة- أقوى من وضع المال في بيت المال.

إذاً: بل يفتى بتوريث بنات المعتق وذوي أرحامه، وكذا قال الهروي : أفتى كثير من المشايخ بتوريث بنات المعتق وذوي الأرحام. انتهى.

بواسطته يقول: نص أبي السعود عن شرح ... قلت: وفي معراج الدراية في شرح الهداية: وقيل إن لم يترك إلا بنت المعتق يدفع المال إليها لا إرثاً، بل لأنها أقرب، وكذا الفاضل على الفرض بأحد الزوجين يدفع إليه بالرد، وكذا يدفع إلى البنت والابن من الرضاع، وبه يفتى لعدم بيت المال.

وفي المستصفى: والفتوى اليوم على الرد على الزوجين عند عدم المستحقين لعدم بيت مال، إذ الظلمة لا يصرفونه إلى مصرفه، وهذا كما نقل عن بعض أصحاب الشافعي أنهم يفتون بتوريث ذوي الأرحام بهذا المعنى. انتهى.

وقال الشارح في الدر المنتقى من كتاب الولاء: قلت: ولكن بلغني أنهم لا يفتون بذلك فتنبه.

أقول -هذا كلام الإمام ابن عابدين -: ولم نسمع أيضاً في زماننا من أفتى بشيء من ذلك، ولعله لمخالفته للمتون فليتأمل، لكن لا يخفى أن المتون موضوعة لنقل ما هو المذهب، وهذه المسألة من ما أفتى به المتأخرون على خلاف أصل المذهب للعلة المذكورة، كما أفتوا بنظير ذلك في مسألة الاستئجار على تعليم القرآن مخالفين لأصل المذهب- عند الحنفية لا يجوز أن نستأجر أحداً لتعليم القرآن- والمتأخرون قالوا: يجوز.. سائر كتب الحنفية يقولون: وعليه الفتوى، هنا لا يجوز الاستئجار على الطاعات، والمتأخرون قالوا بالجواز وعليه الفتوى لظهور التواني وعدم الرغبة في عمل الخير لخشية ضياع القرآن، ولذلك نظائر أيضاً، وحيث ذكر الشراح الإفتاء في مسألتنا فليعمل به. -أي: ما دام المتأخرون قالوا بجواز الرد على أحد الزوجين فليعمل به- لا سيما في مثل زماننا، فإنه إنما يأخذه من يسمى وكيل بيت المال ويصرفه على نفسه وخدمه ولا يصل منه إلى بيت المال شيئاً.

هذا تحقيق الإمام ابن عابدين يقول: وأنا أيضاً في زماني -وهو القرن الحادي عشر للهجرة- ما أدركت المشايخ يفتون بهذا، يقولون: السبب أن هذا مخالف لأصل المذهب، والجمع بين القولين: أن الكتب الموجودة لنقل المذهب، وفتيا المتأخرين للمصلحة التي حصلت ودفع مفسدة في وضع المال في بيت المال، وعليه فنجمع بين القولين: بأن ما في الكتب إخبار عن أصل المذهب، والفتيا بعد ذلك للمصلحة الطارئة، وهذا الذي اعتمده الإمام ابن عابدين ، وكما قلت: قال به بعض الشافعية، والعلم عند رب العالمين.

ولا شك في وجاهة هذا القول وتعليله، لما بين الزوجين من صلة، وهو أولى من وضع المال في بيت المال، لما حصل في بيت المال من ضعف.

الكلام على ما نقل عن سيدنا عثمان من الرد على الزوجين

الحنفية نقلوا أيضاً هذا عن سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه وأرضاه، وقد بحثت في كتب الأثر فما وقفت على ما نقلوه عن سيدنا عثمان رضي الله عنه أنه رد على الزوجين أيام خلافته، هذا نقله الإمام ابن عابدين أيضاً قبل ما تقدم بصفحة (6/787)؛ يقول: وقال عثمان رضي الله عنه: يرد عليهما أيضاً، يعني: الزوجين. قاله المصنف وغيره، قلت: وجزم في الاختيار في تعليل المختار من كتب الحنفية بأن هذا وهم من الراوي فراجعه.يعني: هذا الذي نقلوه عن سيدنا عثمان رضي الله عنه وأرضاه.

يقول ابن عابدين : يرد عليهما، قاله المصنف وغيره.

يقول: وهذا موجود، نقله كثير من شراح السراجية والكنز؛ لكن في الاختبار في تعليل المختار (5/99).

قال: هذا وهم من الراوي، فإنه إنما صح عن عثمان أنه رد على الزوج لا غير، أي: وليس على الزوجة، ثم أولوا فعله، يقول: وتأويله أن الزوج كان ابن عم للزوجة فورثه بطريق الفرض وهو النصف، ثم رد عليه الباقي لأنه عصبة، فوهم بعض الناس وظن أن عثمان رضي الله عنه رد على الزوجين، هو ما ورد الرد على زوجين، رد على الزوج العصوبة، يقول: فأعطاه الباقي بالعصوبة.

وقال الإمام ابن قدامة في المغني (7/46): روي عن عثمان رضي الله عنه أنه رد على زوج، ثم أول ذلك ثلاث تأويلات:

التأويل الأول ما في الاختيار لتعليل المختار قال: لعل الزوج كان عصبة، أي هو زوج وابن عم، هذا التأويل الأول.

والثاني: لعله كان ذا رحم، أي وإن لم يكن ابن عم فلعله كان ابن عمة، وهذا الآن ليس من العصبات لكن المقصود أنه يرد عليه لأنه من ذوي الأرحام.

والتأويل الثالث: أو لعل عثمان أعطاه من بيت المال الباقي لا على سبيل الميراث؛ لأنه وجده أولى الناس لأخذ هذا لفقره.

وتقدم معنا من كلام الإمام ابن القاسم أن الذي يزيد عن أصحاب الفروض: ينبغي أن ينفق في مصالح المسلمين ولا يوضع في بيت المال، ويتصدق به عن المسلمين ولا يوضع في بيت المال، قال: وإذا كان القريب -يعني صاحب الفرض- فقيراً أعطاه لأنه من مصالح بيت المال، فهو أولى بصدقة قريبه، وهنا كذلك يقول ابن قدامة : لعله كان فقيراً فأعطاه عثمان الباقي، افرض مثلاً أن الزوجة تركت ألف ريال أو خمسمائة فأعطاه مائتين وخمسين وقال: خذ الباقي لك أيضاً من بيت المال صدقة، فأنت أولى الناس بهذا المال لأنك محتاج ولك حق في بيت المال.

هذا كله بناءً على ثبوت الأثر عن سيدنا عثمان رضي الله عنه، وقلت لكم: أورده الفقهاء، وبعد بحث في كتب الأثر من المصنفات والسنن ما وقفت على فعل سيدنا عثمان ، والعلم عند الله جل وعلا.

قال الإمام الطهطاوي في حاشيته (4/394): قال الملا عجم زادة في حاشيته على حاشية شرح السيد على السراجية يقول: وقد ضعفت هذه الرواية يعني -وهي رد عثمان على أحد الزوجين- بما نقل النخعي قال: لم يكن أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنه يرد على الزوجين، وعلق على هذا التضعيف بقوله: وليس بشيء؛ لأن خبر المثبت أولى من خبر النافي إذا تعارضا.

كلام حق لكن لو ثبت! يعني أنا أريد أين ثبت هذا الذي يحكى عن سيدنا عثمان رضي الله عنه، حقيقة ما وقفت عليه في كتاب، شيخنا عليه رحمة الله في شرح الرحبية عندما درسنا يقول: هذا موجود في المذكرة الإيضاحية أنه من مذهب عثمان رضي الله عنه، المذكرة الإيضاحية التي جعلت لتقرير وتوضيح مجلة الأحكام العدلية التي كان يحكم بها في آخر الدولة العثمانية على مذهب أبي حنيفة ، فالمذكرة الإيضاحية تبين مستندات هذه المواد قالوا -يعني: كان القانون في الدولة العثمانية بالرد على أحد الزوجين- بناءً على أنه مذهب عثمان رضي الله عنه- يقول: وفي المذكرة الإيضاحية أن هذا هو مذهب عثمان رضي الله عنه، وبه أخذ المتأخرون من الحنفية، وبناءً على هذا اعتمدته الدولة العثمانية في قانونها وأحكامها، لكن كما قلت: كله يبقى بواسطة نقل الفقهاء، أما في كتب الحديث فلا أقول لا يوجد، بل لم أقف بعد بحث وتحقيق، والإمام ابن قدامة ما عزا هذا أيضاً إلى كتاب، والإمام الطهطاوي هنا بعد أن نقل أن هذه الرواية ضعيفة بكلام إبراهيم النخعي قال: هذا ليس بشيء؛ لأن المثبت مقدم على النافي.

كلام إبراهيم النخعي ثابت في مصنف ابن أبي شيبة (11/277)، قال: لم يكن أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرد على المرأة والزوج شيئاً.

فكلام إبراهيم النخعي في النفي وأنه لم يقل أحد من الصحابة بالرد على أحد الزوجين ثابت، لكن رد عثمان رضي الله عنه ما وقفت عليه، والفقهاء فقط يقولون: لو ثبت فلأنه كان أيضاً ابن عم، والرد على الزوجين ما نقل عن عثمان إنما نقل الرد على الزوج فقط، والإمام ابن قدامة يزيد في التعليل بثلاثة أمور، وعليه يصح أن نقول بالرد على الزوجة لأنها لو كانت بنت عم يجوز أن ترد عليها على أنها من ذوي الأرحام.

على كل حال! ثبوت هذا عن سيدنا عثمان رضي الله عنه وأرضاه يحتاج إلى تحقيق وتثبيت، لكن لو ثبت هذا كلام الفقهاء نحوه، أما النفي عنهم فهذا وارد في مصنف ابن أبي شيبة عن إبراهيم النخعي ، والعلم عند الله جل وعلا.

نعم أفتى المتأخرون من الحنفية قاطبة بالرد على أحد الزوجين بالشروط الثلاثة المتقدمة لفساد بيت المال، وهذا هو الذي كان معتمداً في القضاء في آخر الخلافة الإسلامية العثمانية، والعلم عند الله جل وعلا.

إذاً: قال بالرد إمامان وخالف فيه إمامان، والمعتمد عند المذاهب الأربعة القول بالرد في العصور المتأخرة.

الآن القول بالرد على أحد الزوجين هو قول متأخري الحنفية وبعض الشافعية، الحنابلة ما قالوا بهذا ولا في كتبهم، بل يحكون الإجماع على عدم الرد على أحد الزوجين، ولا إجماع. والمالكية لا يقولون بالرد على أحد الزوجين أبداً.

بقي كما قلت قول المتأخرين من الحنفية وقال به بعض الشافعية، لكن كما قلت: تعليلهم معقول مقبول، يعني إذا كان الشافعية والمالكية لا يقولون بالرد على أصحاب الفروض النسبية وقالوا به عند فساد بيت المال، فلنقل هذا أيضاً بناءً على قاعدتهم: لا يرد على أحد الزوجين كما تقدم معنا؛ لأن الرد عليهم على خلاف القياس، لكن بينهما سبب للاتصال، وهذا السبب يقدم على الحق العام، وعليه هما أولى بالرد من بيت المال حتى لو كانت منتظماً، فكيف وهو فاسد؟ فحقيقة قول الحنفية، وهذا كما قلت لكم محقق المذهب الإمام ابن عابدين يقول: فلنفت به في هذا الزمان، ولا يتردد في ذلك.

يقول هنا: فمن أمكنه الإفتاء بذلك في زماننا فليفت به ولا حول ولا قوة إلا بالله. يقول: الحاصل أن كلام المتون إنما هو عند انتظام بيت المال، وكلام الشروح عند عدم انتظامه، فلا معارضة بينهما، فمن أمكنه الإفتاء بذلك في زماننا فليفت به ولا حول ولا قوة إلا بالله، حقيقة الأمر كذلك.

الأمر الخامس وهو الذي كنا نتدارسه قلت: قد يرد مبحث انتظام بيت المال أو فساده في الرد على الزوجين؛ لأنه تقدم معنا أنه لا يرد على الزوجين، وبينت أن الرد عليهما على خلاف القياس، يضاف إلى هذا وهو الأصل: ما ورد نص في الرد عليه، والرد عليهما على خلاف القياس فلا يرد على أحد الزوجين، نعم إذا لم ينتظم بيت المال توجه الرد على أحد الزوجين لحصول صلة بينه وبين صاحبه وزوجه، وذلك أولى من أن نضع هذا المال في بيت المال الذي صار مآله إلى الإنفاق في ضلال، وهذا ما قرره السادة الحنفية رحمة الله ورضوانه عليهم أجمعين، ونقل أيضاً عن بعض المتأخرين من الشافعية كالإمام الغزالي عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا: أنه يرد على أحد الزوجين في العصور المتأخرة لفساد بيت المال. هذا ذكرته خامساً، وسأقرأ لكم كلام أئمتنا في تقرير هذه القضية، ولذلك وضعت ثلاثة شروط للرد على أحد الزوجين:

أولها: أن لا يوجد عاصب، وهذا متفق عليه.

والثاني: أن لا يوجد صاحب فرض، وهذا متفق عليه؛ لأنه لو وجد يرد عليه.

والأمر الثالث: أن لا يوجد قريب سواء كان صاحب فرض أو لا، وعليه فتوريث ذوي الأرحام من العمات والخالات أولى من الرد على أحد الزوجين، فلو مات وترك عمة وزوجة، فالزوجة لها فرضها والباقي للعمة لأنها تدخل في عموم: وَأُوْلُوا الأَرْحَامِ [الأحزاب:6] فبينها وبين الميت نسب ورحم بخلاف الزوجية، فإنها صلة سببية بوصلة النكاح.




استمع المزيد من الشيخ عبد الرحيم الطحان - عنوان الحلقة اسٌتمع
فقه المواريث - الحجب [1] 3819 استماع
فقه المواريث - حقوق تتعلق بالميت 3570 استماع
فقه المواريث - ميراث الخنثى [1] 3534 استماع
فقه المواريث - توريث ذوي الأرحام 3481 استماع
فقه المواريث - المسألة المشتركة 3435 استماع
فقه المواريث - أدلة عدم توريث ذوي الأرحام 3346 استماع
فقه المواريث - متى يسقط الجدات ومن يحجبهن 3307 استماع
فقه المواريث - أصحاب الفروض 3257 استماع
فقه المواريث - الجد والإخوة [7] 3222 استماع
فقه المواريث - تكملة مبحث التصحيح 3125 استماع