شرح عمدة الفقه - كتاب المناسك [6]


الحلقة مفرغة

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [والمرأة كالرجل إلا أن إحرامها في وجهها ولها لبس المخيط].

تقدم لنا سابقاً بقية محظورات الإحرام، وذكرنا من ذلك عقد النكاح، وأنه محظور من محظورات الإحرام عند جمهور أهل العلم رحمهم الله؛ لحديث عثمان رضي الله تعالى عنه الذي أخرجه مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا ينكح المحرم ولا ينكح )، وذكرنا خلاف أبي حنيفة رحمه الله، وأنه يرى أن المحرم يصح نكاحه لحديث: ( تزوج النبي صلى الله عليه وسلم بـميمونة وهو محرم )، كما رواه ابن عباس رضي الله تعالى عنهما.

وأجبنا عن هذا الحديث بأجوبة ثلاثة، وقد ذكر العلماء رحمهم الله أجوبةً كثيرة، وذكرنا من أهم هذه الأجوبة: أن ميمونة صاحبة القصة روت أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها وهي حلال، وكذلك أبو رافع السفير بينهما ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها وهي حلال.

وذكرنا أن الحكم متعلق بالولي أو الزوج أو الزوجة، فإذا كان واحد منهم محرماً فإنه لا يصح النكاح، وتكلمنا أيضاً عن المباشرة للمحرم وأيضاً الجماع، وذكرنا أن الجماع للمحرم ينقسم إلى ثلاثة أقسام: القسم الأول: أن يجامع قبل الوقوف بعرفة، والقسم الثاني: أن يجامع بعد الوقوف بعرفة وقبل التحلل الأول، والقسم الثالث: أن يجامع بعد التحلل الأول وقبل التحلل الثاني، وذكرنا الأحكام المترتبة على كل قسمٍ من هذه الأقسام.

ما تشترك فيه المرأة مع الرجل من أحكام الإحرام

قال المؤلف رحمه الله تعالى: (والمرأة كالرجل).

أي: في كل ما تقدم من المحظورات، فتقدم لنا من المحظورات على سبيل المثال: حلق الشعر، فحلق الشعر من محظورات الإحرام للرجل وللمرأة، وتقدم أن ذكرنا ما المراد بالشعر الذي هو من المحظورات، وأيضاً عند جمهور أهل العلم أن تقليم الأظفار من المحظورات للرجل وللمرأة، والطيب من المحظورات للرجل وللمرأة.. وقتل الصيد من المحظورات للرجل وللمرأة.. والمباشرة.. والجماع.. وعقد النكاح.

والقاعدة في ذلك: أن ما ثبت في حق الرجال ثبت في حق النساء، والعكس بالعكس، إلا لدليلٍ يدل على التفريق، وأيضاً الأدلة عامة، فقول الله عز وجل: وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ [البقرة:196] هذا يشمل الرجل والمرأة، فنقول: المرأة كالرجل في كل ما تقدم من محظورات الإحرام.

ستر الوجه للمحرمة

قال رحمه الله: (إلا أن إحرامها في وجهها).

ذكر المؤلف رحمه الله أمرين، أو استثنى مسألتين تخالف فيهما المرأة الرجل:

المسألة الأولى: قال: (إلا أن إحرامها في وجهها).

ودليل ذلك حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين ).

وكذلك أيضاً ورد عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه قال: إحرام الرجل في رأسه، وإحرام المرأة في وجهها. وهذا الأثر أخرجه الدارقطني والبيهقي عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما.

والأقرب في ذلك أن يقال بأن المرأة ممنوعة من لباسٍ خاصٍ بالوجه، ولا تمنع من ستر الوجه، وقول المؤلف رحمه الله: (إحرام المرأة في وجهها) هذا التعبير فيه نظر، بل الصحيح أن يقال: المرأة ممنوعة من لباسٍ خاصٍ بالوجه، كما ذهب إلى ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وابن القيم ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل: إحرام المرأة في وجهها، وإنما قال: ( لا تنتقب المرأة ) يعني: لا تلبس النقاب، وألحق العلماء رحمهم الله بالنقاب ما كان في معناه مما هو لباس خاص بالوجه كالبرقع مثلاً.

وعلى ذلك نقول: المرأة لا تلبس لباساً خاصاً بالوجه، أما ستر الوجه فإن هذا جائز ولا بأس به، ولم يرد دليل ينهى المرأة عن تغطية وجهها؛ بل الوارد عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم هو تغطية المرأة لوجهها، فقد روت فاطمة بنت المنذر رحمها الله تعالى قالت: كنا نخمر وجوهنا ونحن محرمات مع أسماء بنت أبي بكر الصديق . وهذا الأثر أخرجه الحاكم في المستدرك وذكر صحته.

لكن اشترط بعض العلماء ألا يمس الساتر وجه المرأة، كما ذهب إلى ذلك الحنفية والشافعية، أما شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فيقول بأن هذا لا دليل عليه.

فالخلاصة في ذلك: أن المرأة ممنوعة من لباس خاصٍ بالوجه، أما ستر الوجه فإن هذا جائز، وذكرنا دليلين: الدليل الأول أنه لم يرد منع من ذلك، والدليل الثاني: أن هذا هو الوارد عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم كما ذكرنا ذلك عن فاطمة بنت المنذر أنها قالت: كنا نخمر وجوهنا ونحن محرمات مع أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنها.

تغطية اليدين للمحرمة

وقوله رحمه الله: (إلا أن إحرامها في وجهها) ظاهر كلامه أن المرأة لها أن تستر يديها وهذا صواب، فالمرأة وهي محرمة لها أن تستر يديها إلا أنها ممنوعة من لباسٍ خاصٍ باليدين لحديث ابن عمر السابق، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين ) وهذا أخرجه البخاري في صحيحه.

فنقول بأن المرأة ممنوعة من لباس خاص باليدين كالقفازين، ومن لباس خاص بالوجه، أما كونها تستر يديها بعباءتها ونحو ذلك فهذا لا بأس به، بل إذا كانت بحضرة الرجال الأجانب فيجب عليها أن تستر وجهها وأن تستر يديها.

فتلخص لنا أن الفرق بين المرأة والرجل كالتالي:

الأول: اللباس الخاص بوجه المرأة.. فهي ممنوعة منه.

الفرق الثاني: اللباس الخاص بيدي المرأة أيضاً ممنوعة منه، أما ستر الوجه وستر اليدين فإن هذا جائز ولا بأس به، بل قلنا: إذا كانت المرأة بحضرة الرجال الأجانب فيجب عليها أن تسترهما.

لبس المخيط للمحرمة

قوله رحمه الله: (ولها لبس المخيط).

أي: للمرأة أن تلبس ما شاءت من المخيط بخلاف الرجل؛ فإن الرجل ليس له أن يلبس المخيط، وهذا هو الفرق الثالث: لها أن تلبس المخيط وما شاءت من الثياب ومن السراويل وسائر أنواع المخيط، أما بالنسبة للرجل فإنه يمنع من ذلك كما تقدم لنا، وسبق أن بينا ما الذي يمنع منه الرجل.

والدليل على أن المرأة تلبس المخيط: أن الأصل في ذلك الحل، وكذلك أيضاً هو الوارد عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم، فقد ورد عن عائشة كما في صحيح البخاري : أنها لم تر بأساً أن تلبس المرأة الحلي، والثوب الأسود، والمورد، والخف.

فالمرأة لها أن تلبس جوارب الرجلين، ولها أن تلبس الخفاف، ولها أن تلبس الثياب وتغطي رأسها.

والخلاصة: أن الفرق بين الرجل والمرأة في ثلاث مسائل: المسألة الأولى: لباس خاص بالوجه، المسألة الثانية: لباس خاص باليدين، المسألة الثالثة: لبس المخيط، أي اللباس الخاص بالبدن لها أن تستعمله، وما عدا ذلك فإنه جائز.

ويباح لها أن تتحلى بالخلخال والسوار ونحو ذلك، لكن لا تظهر بهذه الزينة أمام الرجال الأجانب، وسبق أن أوردنا أثر عائشة رضي الله تعالى عنها أنها لم تر بأساً بالحلي للمرأة.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: (والمرأة كالرجل).

أي: في كل ما تقدم من المحظورات، فتقدم لنا من المحظورات على سبيل المثال: حلق الشعر، فحلق الشعر من محظورات الإحرام للرجل وللمرأة، وتقدم أن ذكرنا ما المراد بالشعر الذي هو من المحظورات، وأيضاً عند جمهور أهل العلم أن تقليم الأظفار من المحظورات للرجل وللمرأة، والطيب من المحظورات للرجل وللمرأة.. وقتل الصيد من المحظورات للرجل وللمرأة.. والمباشرة.. والجماع.. وعقد النكاح.

والقاعدة في ذلك: أن ما ثبت في حق الرجال ثبت في حق النساء، والعكس بالعكس، إلا لدليلٍ يدل على التفريق، وأيضاً الأدلة عامة، فقول الله عز وجل: وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ [البقرة:196] هذا يشمل الرجل والمرأة، فنقول: المرأة كالرجل في كل ما تقدم من محظورات الإحرام.

قال رحمه الله: (إلا أن إحرامها في وجهها).

ذكر المؤلف رحمه الله أمرين، أو استثنى مسألتين تخالف فيهما المرأة الرجل:

المسألة الأولى: قال: (إلا أن إحرامها في وجهها).

ودليل ذلك حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين ).

وكذلك أيضاً ورد عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه قال: إحرام الرجل في رأسه، وإحرام المرأة في وجهها. وهذا الأثر أخرجه الدارقطني والبيهقي عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما.

والأقرب في ذلك أن يقال بأن المرأة ممنوعة من لباسٍ خاصٍ بالوجه، ولا تمنع من ستر الوجه، وقول المؤلف رحمه الله: (إحرام المرأة في وجهها) هذا التعبير فيه نظر، بل الصحيح أن يقال: المرأة ممنوعة من لباسٍ خاصٍ بالوجه، كما ذهب إلى ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وابن القيم ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل: إحرام المرأة في وجهها، وإنما قال: ( لا تنتقب المرأة ) يعني: لا تلبس النقاب، وألحق العلماء رحمهم الله بالنقاب ما كان في معناه مما هو لباس خاص بالوجه كالبرقع مثلاً.

وعلى ذلك نقول: المرأة لا تلبس لباساً خاصاً بالوجه، أما ستر الوجه فإن هذا جائز ولا بأس به، ولم يرد دليل ينهى المرأة عن تغطية وجهها؛ بل الوارد عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم هو تغطية المرأة لوجهها، فقد روت فاطمة بنت المنذر رحمها الله تعالى قالت: كنا نخمر وجوهنا ونحن محرمات مع أسماء بنت أبي بكر الصديق . وهذا الأثر أخرجه الحاكم في المستدرك وذكر صحته.

لكن اشترط بعض العلماء ألا يمس الساتر وجه المرأة، كما ذهب إلى ذلك الحنفية والشافعية، أما شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فيقول بأن هذا لا دليل عليه.

فالخلاصة في ذلك: أن المرأة ممنوعة من لباس خاصٍ بالوجه، أما ستر الوجه فإن هذا جائز، وذكرنا دليلين: الدليل الأول أنه لم يرد منع من ذلك، والدليل الثاني: أن هذا هو الوارد عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم كما ذكرنا ذلك عن فاطمة بنت المنذر أنها قالت: كنا نخمر وجوهنا ونحن محرمات مع أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنها.

وقوله رحمه الله: (إلا أن إحرامها في وجهها) ظاهر كلامه أن المرأة لها أن تستر يديها وهذا صواب، فالمرأة وهي محرمة لها أن تستر يديها إلا أنها ممنوعة من لباسٍ خاصٍ باليدين لحديث ابن عمر السابق، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين ) وهذا أخرجه البخاري في صحيحه.

فنقول بأن المرأة ممنوعة من لباس خاص باليدين كالقفازين، ومن لباس خاص بالوجه، أما كونها تستر يديها بعباءتها ونحو ذلك فهذا لا بأس به، بل إذا كانت بحضرة الرجال الأجانب فيجب عليها أن تستر وجهها وأن تستر يديها.

فتلخص لنا أن الفرق بين المرأة والرجل كالتالي:

الأول: اللباس الخاص بوجه المرأة.. فهي ممنوعة منه.

الفرق الثاني: اللباس الخاص بيدي المرأة أيضاً ممنوعة منه، أما ستر الوجه وستر اليدين فإن هذا جائز ولا بأس به، بل قلنا: إذا كانت المرأة بحضرة الرجال الأجانب فيجب عليها أن تسترهما.