[216] سورة الأنبياء (1) - تدبر - محمد علي يوسف
مدة
قراءة المادة :
دقيقتان
.
ولعل من أكثر ما يلفِت الانتباه في سورة الأنبياء ذلك المعنى الذي تكرَّر في السورة مِرارًا.معنى التعبُّد والتقرُّب إلى الله بالعمل الصالح.
معنى الصلاح الشخصي الذي ينصرِف عن الاعتناء به وعن تقديره حق قدره كثير من المُتصدِّرين للعمل العام.
إن كلمة العبادة ومشتقاتها من أكثر الكلمات التي ذُكِرت في السورة.
معنى العبودية لله ربِّ العالمين كان المعنى الأكثر تِكرارًا الذى ورد في السورة التي تتكلَّم عن خير من مشوا على الأرض وهم الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم حتى سُمِّيت بوصفهم.
ورغم أن ما قد يتبادر إلى الأذهان حين الحديث عن الأنبياء واستحضار قصصهم معاني التضحية والبذل لدين الله والبطولات الدعوية والإصلاحية والجهادية - التي حفلت بها حيواتهم المباركة؛ إلا أن الله اختار أن يتكلَّم في سورتهم عن معاني عبوديتهم وصلاحهم بشكلٍ أكثر تركيزًا من الكلام عن معاني الذل والإصلاح التي تكرَّرت في سورٍ أخرى.
وكأنها إشارةٌ لطيفة إلى معنى في غاية الأهمية يغفل عنه كثير من أرباب الهموم الجسيمة والمسئوليات العظيمة معنى أهمية العبادة وعِظم شأنها في حياة العظماء والمغيرين.
ولو كان من أحدٍ أولى بأن يجد ما يشغله عنها أو يستبدله بها لكانوا هم فهم أكثر الناس شغلًا وهمًّا.
لكنهم مع همومهم ومسؤولياتهم تجاه الأمم التي بُعِثوا إليها ورغم انشغالهم بجهادهم ودعوتهم؛ إلا أن السورة العظيمة أظهرت بوضوحٍ أنهم مع ذلك كانوا أعبد الخلق وأسرعهم إلى الخيرات وأحرصهم على العمل الصالح.
فلنتأمَّل هذا المعنى بينما نتلوا سورة الأنبياء مُتأمِّلين تلك القيمة الجليلة.
قيمة العبادة والصلاح جنبًا إلى جنب مع الإصلاح لا يطغى أيُّهما على الآخر ولا تُشغِلنا همومٌ أو مسئوليات مهما بلغت قيمتها وقدرها عن تلك القيمة..
مُردِّدين آيات السورة الكريمة: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ .
إنَّ فِي هَذَا لَبَلاغًا لِّقَوْمٍ عَابِدِين} [الأنبياء:105-106].