بحث علمي
مدة
قراءة المادة :
8 دقائق
.
حقائق عن الدماغ البشري
للأستاذ عبد العزيز جادو
في آخر يوم من أيام شهر ديسمبر منذ 167 سنة مضت، ولد بالقرب من قرية غلام قضى حياته في السعي باجتهاد لحل مشكلة الصلة بين قوى العقل ووظائف المخ والحالات المختلفة للجمجمة.
سعى جاسبر سبورزيم بالاشتراك مع فرانز جول إلى تفسير سر التفكير بطريقة سميت فيما بعد بعلم فراسة الدماغ وكان جاسبر أول من نشر هذا المذهب الجديد في إنجلترا. وقد أعتقد أن الارتفاعات السطحية في الجمجمة تشتمل على ارتفاعات مناسبة في المخ.
وكانت نظريته باختصار أن الجمجمة البشرية تتركب من مجموعة نتوءات توضح مساحات الذكاء في المخ والقوى الذهنية الموافقة في الشخص. ولسوء الحظ كانت طريقة علم فراسة الدماغ يعوزها الإتقان والتجربة والبرهان.
ولكننا على أي حال مدينون بدين الشكر ومعرفة الجميل لهذين المشتغلين بعلم تشريح المخ. واليوم قام طب المخ الجراحي بتحديد مساحات المخ شيئاً فشيئا بتدقيق علمي، فظهرت من اثر ذلك حقائق عجيبة.
فانه قام الدليل مثلا على أن قوى الرجل العقلية تظل مستمرة في تأدية وظيفتها طبيعية وعادية حتى في حالة انتقال نصف المخ من موضعه.
وكشف الأطباء الجراحون أيضاً أن العقلية لا يلحقها فساد أو تلف عندما تنتقل فصوص المخ الأمامية.
والمسائل التي تواجه دارسي تركيب المخ وهندسته هي الكشف عن سبب نبوغ بعض الرجال وخمول بعضهم الآخر. والدكتور واجنر هو أول عالم سبر سر طاقة المخ بمقارنته أمخاخ رجال ذوي نبوغ بمخ الرجل العادي، وأتم تجربته الأولى سنة 1860.
فلقد قام الدكتور واجنر بفحص مخ أحد المشاهير في الرياضيات ومخ رجل بستاني، وبعد دراسة طويلة شاقة وصل إلى النتيجة الآتية: 1 - ليس هناك أي اختلاف بين المخين 2 - الشقوق والتلافيف في المخين متشابهة تماماً 3 - وزن المخين كليهما متماثل من الوجهة العملية ومنذ أن أجريت تلك التجارب وجد أن مخ المعتوه يكون في الغالب أثقل في الوزن من مخ الرجل العاقل والمرأة العاقلة. أساطير عن المخ بات من المفروض أن الجزء الجبهي (الأمامي) من المخ هو المنطقة التي تحتوي على أعلى الملكات وأسمى الطاقات وأوصى كل من البروفسور ستانلي هول العالم النفساني الشهير، والسير ويليام أوسلر الطبيب العالمي المعروف بأن يشرح مخهما.
وبمقارنتهما بالفصوص الجبهية لرجال عاديي الذكاء ثبت أن هذه الفكرة إن هي إلا محض خرافة.
ولقد أكد أيضاً أن المرضى الذين تلفت فصوصهم الجبهية من تأثير مرض، عندهم القدرة - مع ذلك - على إجراء خططهم العقلية بطريقة اعتيادية.
وعندما يواجه الأخصائيون في المخ مخين فلن يقدروا على تمييز مخ الرجل ذي الذكاء الحاد من مخ الرجل الأجير الأمي. سر قوة المخ وبعد قطع الرجاء من إيجاد قاعدة فيزيقية للذكاء، أدرك أحد المشتغلين بعلم تشريح المخ نهائياً أن جميع دراساته كانت على شيء من القيمة العلمية، فلقد كان من العبث وإضاعة الوقت سدى دراسة الأمخاخ الميتة أو أمخاخ الموتى! فهي أشبه شيء بدراسة آلة أو جهاز تالف، ولا يمكن الكشف عن كل شئ في الآلة إلا في حالة سيرها.
والمخ ككل آلة يجب أن يكون له بعض منابع من الطاقة، أي القوة الدافعة.
ما هذه الطاقة؟ الجواب على ذلك بسيط - فهي مورد الدم.
والدم هو المفتاح لسر المخ، ويمكننا به أن نفهم آثاره وأعماله بدقة تفوق التأملات الميكروسكوبية للخليات والأنسجة وأكبر غلطة لواجنر هي أنه تغاضى عن أغطية المخ.
وهذه الأغشية أو الأنسجة الدقيقة الناعمة كانت بمثابة (حجر رشيد) للمشتغلين بعلم تشريح المخ.
أنهم تكلموا كثيراً عن طاقة المخ أكثر مما تكلموا عن الحجم والثقل والتعقيد لبناء المخ ذاته. وفي سنة 1926 قام الدكتور هينزيه الأخصائي الفرنسي في المخ بكشف مهم فيما يختص بسر طاقة المخ.
وأدت أبحاثه في التركيب الشرياني لأمخاخ الأشخاص المتفوقين في الذكاء إلى التسليم بأن أنسجة الرجال (سريعي الفهم) لها دائماً مورد دم غزير وأوعية دموية ذات طاقات كبيرة.
ولقد ثبت ثبوتاً لاشك فيه أن طاقة المخ لا تتوقف على وزن المخ أو على تعقيد طياته؛ وإنما المهم هو مجرى الدم.
وغطاء المخ عند ثقيل الفهم له مورد دم عقيم بشريانات مزمومة (مضغوطة) وفي مقدور الخبير أو الأخصائي الآن أن يحدد بصفة قاطعة ما إذا كان المخ الذي يدرسه ملكا لنابغة أو لأحمق.
ودم المخ الجيد عنصر جوهري في الذكاء. جبر المخ وسكره وثمة استكشافات مهمة جاء بها الدكتور هينزيه منذ بضع سنين تضمنتها رسالته (الدلالات الإضافية على أساليب دراسة الجهاز الشرياني للمخ) وبين هينزيه أن تركيب مجرى الدم إنما هو نقطة من الأهمية بمكان، أنه موضوع ليس في الكم فحسب ولكن في الكيف أيضاً.
والأساليب العقلية يمكن أيضاً أن تكون محكومة بمجرى الدم الذي يسيطر عليها، ولقد وجد أن الجير والسكر يلعبان دوراً مهما في (دراما) المخ، وأكد الدكتور كاتزينيلبوجن طبيب الأمراض العقلية - أن غالبية المعتوهين الذين يرجع اختلال عقلهم إلى علة عضوية، عندهم نقص في الجير وزيادة في سكر الدم، والسكر الكثير في الدم يزيد التوتر العصبي، والمخ الذي تكون (حلاوته) شاذة، خارجة عن أصولها، يحتمل أن يكون مخاً سقيماً كهرباء المخ لم تعرف كهرباء المخ حتى زمن قريب.
وكان معروفا منذ خمسين سنة أن المخ ينتج كهرباء، ولكن منذ أن أخذ الصمام المفرغ يتحول ويتقدم أخذت القوة الكهربائية للمخ نصيبها من البزل (اصطلاح طبي) وكان الدكتور برجر أول من اشتغل بكهرباء المخ.
وقد بزل للمخ بوضع آلات تسمى (إليكترودات مباشرة على العضو من خلال فتحات صغيرة في الجمجمة.
وحصل على آثار موجة المخ للعباقرة والبلهاء.
وهذه الطريقة الآن يسهل استعمالها هب أن مخك أريد به أن يبزل؛ إذن يجب أن يدعك ذراعك الأيمن دعكاً تاماً لينتقل كل زيوت الجلد.
ثم يلف حول الذراع ضمادات مشبعة بمحلول ملحي لتحفظ الآلات المسماة اليكترودات) مضغوطاً عليها تجاه الجلد عند المعصم والساعد.
وتوضع حول رأسك عمامة بيضاء تحتوي على الجهاز الفضي للرأس، وتوصل الأسلاك هذا الجهاز بجهاز آخر يسجل (تموجات المخ) على قصاصات من الورق التموجات الكهربائية للمخ للموجات الكهربائية في المخ وزنان معروفان في العلم بموجتي (ألفا) و (باء) & ووزن يتموج نحو 10 مرات في الثانية الواحدة.
يتموج نحو عشرين مرة في الثانية.
وتظل هذه الموجات متماثلة يوماً بعد يوم في حالات اعتيادية.
وحينما يحدث اضطراب عقلي أو عصبي تسجله الموجات الكهربائية.
فمثلا في الصرع يوجد تكديس عظيم من القوة الكهربائية في المخ بمقدار 3000 % فوق العادي.
وفي الإغماء تبطئ موجات المخ بالنزول إلى 3 أو 5 مرات في الثانية.
وعلى قدر ما يكون استعمالك لمخك شاقا تكون القوة الكهربائية التي تنشرها أكثر.
والاشتغال بالمسائل الحسابية العويصة يجعل الإلحاح على مقياس المخ كبيراً ومن الوزن الذي يظهر على السجل نحكم بأن النساء يفكرن أسرع من الرجال.
والتكرار المتوسط لموجات (ألفا) عند المرأة 11 في الثانية مقابل 10.
2 عند الرجال والبزل الكهربائي للمخ يظهر في موجات أناس يختلفون اختلافا تاماً.
ولقد برهنت التجارب حقيقة نظرية علم النفس بأنه ليس هناك شخصان يتشابه تفكيرهما بأي حال. (الإسكندرية) عبد العزيز جادو