شرح زاد المستقنع - كتاب البيع [19]


الحلقة مفرغة

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ويحرم كل شرط جر نفعاً، وإن بدأ به بلا شرط أو أعطاه أجود أو هدية بعد الوفاء جاز، وإن تبرع لمقرضه قبل وفائه بشيء لم تجر عادته به لم يجز إلا أن ينوي مكافأته، أو احتسابه من دينه، وإن أقرضه أثماناً فطالبه بها ببلد آخر لزمته، وفيما لحمله مؤونة قيمته إن لم تكن ببلد القرض أكثر].

تقدم لنا شيء من أحكام القرض، وذكرنا من ذلك تعريفه، وأن القرض في اللغة: القطع، وأما في الاصطلاح: فهو بذل مال أو دفع مال بمن ينتفع به ويرد بدله، وذكرنا دليله من القرآن ومن السنة ومن الإجماع.

وأيضاً ذكرنا حكمه، وأن المؤلف رحمه الله تعالى: ذكر أنه في حق المقرض مندوب، وأما في حق المقترض فهذا مباح وجائز إذا كان هناك حاجة، أما إذا لم يكن هناك حاجة فالأولى أنه لا يقترض؛ لأنه يُشغل ذمته، والشارع يتشوف كثيراً إلى إبراء الذمم، ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم كان في أول الأمر إذا قُدم إليه الميت سأل: هل عليه دين أو لا؟ فإن كان عليه دين قال: ( صلوا على صاحبكم )، ثم بعد ذلك لما فُتحت الفتوح وجُلبت الغنائم قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( من ترك مالاً فلورثته، ومن ترك ديناً أو عيالاً فإليّ وعليَّ ).

وتقدم ما الذي يصح قرضه، وأن المؤلف رحمه الله ذكر ضابطاً وهو: كل ما صح بيعه صح قرضه، وتقدم لنا ضابط ما يصح بيعه، وأن كل ما أُبيح نفعه أُبيح بيعه إلا ما استثناه الشارع، وهل يُملك بقبضه أو بالعقد؟ تقدم، وكذلك أيضاً: هل يتأجل القرض بالتأجيل أو لا يتأجل، وذكرنا أنهم يفرقون بين دين القرض وبين بقية الديون، وأن بقية الديون تتأجل بالتأجيل، وأما دين القرض فيرون أنه لا يتأجل بالتأجيل، والصحيح في ذلك أن دين القرض كسائر الديون وأنه يتأجل بالتأجيل.

كما تقدم لنا أنهم يفرقون بين دين السلم وبقية الديون، فدين السلم لا يصح بيعه ولا أخذ الرهن به ولا الكفيل ولا الضمين ولا الحوالة به ولا الحوالة عليه، فهم يضيقون فيه، والصحيح أنه لا فرق.

وتقدم لنا المثل والقيمة، وما هو المثلي وما هو القيمي؟ والمشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله ومذهب الشافعية: أن المثلي هو كل مكيل أو موزون لا صناعة فيه مباحة يصح السلم فيه، وما عدا ذلك فهو قيمي.

والرأي الثاني في المسألة هو ما ذهب إليه أبو حنيفة رحمه الله تعالى: أن المثلي ما له مثل في الأسواق، والقيمي ما ليس له مثل في الأسواق، وعلى هذا يكون المثلي أوسع من القيمي بخلاف ما ذهب إليه الشافعية والحنابلة، فإن الشافعية والحنابلة يرون أن المثلي مخصوص بالمكيلات والموزونات، والقيمي ما عدا ذلك.

والصحيح أن المثلي ما له مثل في الأسواق، والقيمي ما ليس له مثل في الأسواق، وهذا القول الذي ذهب إليه أبو حنيفة رحمه الله، وهو الصواب في هذه المسألة.

ويدل لذلك: أن إحدى أمهات المؤمنين أرسلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم طعاماً وهو عند عائشة ، فضربت عائشة يدي من معه الطعام فسقط الإناء وانكسر وانتثر الطعام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إناء بإناء، وطعام بطعام )، فقوله: (إناء بإناء) مع أن الإناء دخلته الصناعة فهو على المذهب قيمي، أي: دخلته الصناعة، والطعام أيضاً قيمي دخلته الصناعة ومع ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إناء بإناء، وطعام بطعام )، فأوجب النبي صلى الله عليه وسلم المثل، ولم يوجب القيمة، فدل ذلك على أن المثلي: ما له مثل في الأسواق، وأن القيمي ما ليس له مثل بالأسواق، هذا هو الصواب في هذه المسألة.

وعلى هذا إذا أقرضه ثوباً فإنه يجب عليه أن يرد عليه ثوباً، وإذا أقرضه كتاباً فإنه يجب عليه أن يرد عليه كتاباً، وإذا أقرضه دراهم وجب عليه أن يرد دراهم، وهكذا.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: ( ويحرم كل شرط جر نفعاً ).

يقول المؤلف رحمه الله تعالى: ( ويحرم كل شرط جر نفعاً ) كل شرط جر نفعاً في القرض، يقول المؤلف رحمه الله: محرم ولا يجوز، وذلك أن عقد القرض من عقود التبرعات التي يُقصد بها الإرفاق والإحسان ولا يقصد بها العوض؛ لأن صورة القرض: هي ربا النسيئة مثاله: تعطيه ذهباً قرضاً وتأخذ ذهباً بعد شهر، فهذا ربا النسيئة، تعطيه ألف ريال تأخذها بعد شهر فهذا ربا النسيئة.

والواجب عندما تبادل ذهباً بذهب أو فضة بفضة، الواجب أن يكون ذلك يداً بيد، وكذلك أيضاً عندما تعطيه ريالات أو جنيهات فالواجب أن يكون ذلك يداً بيد، لكن جوز تأخير القبض؛ لأنه من عقود الإرفاق والإحسان والتوسعة على الناس فحرُم أن يؤخذ عليه منفعة؛ لأن منفعة القرض هذه محرمة ولا تجوز؛ لأنك إذا أخذت منفعة على هذا القرض أو شرطت منفعة على هذا القرض أخرجه عن موضوعه، وموضوعه هو التبرع والإحسان؛ ولهذا جوز به تأخير القبض مع أن صورته صورة الربا، فإذا شُرطت فيه المنفعة أخرجه ذلك عن موضوعه إلى أن يكون من عقود المعاوضة، فإذا كان من عقود المعاوضة فإنه لابد فيه من قبض، يعني: عندما تبادل هذا الربوي بجنسه فلا بد فيه من القبض، وأيضاً هذا هو الوارد في السنة والوارد عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يحل سلف وبيع )، ويدخل في ذلك أن يقول: أقرضتك على أن تبيعني.

وكذلك أيضاً: هو الوارد عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم كـعبد الله بن سلام رضي الله عنه، وابن عباس رضي الله تعالى عنهما وغيرهما من الصحابة رضي الله تعالى عنهم، وكذلك أيضاً هو وارد عن عمر رضي الله عنه.

أقسام المنفعة في القرض

المنفعة في القرض تنقسم إلى أقسام:

القسم الأول: أن تكون المنفعة مشروطة، كأن يقول: أقرضتك على أن تبيعني، أو أقرضتك على أن تزيديني، أو أن تؤجرني، أو أن تهديني هدية أو غير ذلك فهذا محرم ولا يجوز، فإذا كانت هذه المنفعة مشروطة فإن هذا محرم ولا يجوز.

قال رحمه الله: ( وإن بدأ به بلا شرط، أو أعطاه أجود، أو هدية بعد الوفاء جاز ).

القسم الثاني: أن تكون المنفعة بعد الوفاء، فهذا جائز ولا بأس به.

صورة ذلك: أن يقرضه ألف ريال ثم بعد ذلك يردها عليه ألفاً ومائة ريال، فنقول: بأن هذا جائز ولا بأس به، وقد استلف النبي صلى الله عليه وسلم بكراً ورد خيراً منه رباعياً، وقال: ( خيركم أحسنكم قضاء ) يعني: سواء كان ذلك في الكمية: كأن أقرضه ألف ريال فردها ألفاً ومائة، أو في الكيفية كأن أقرضه براً متوسطاً فرده براً جيداً، أو أقرضه ثوباً رديئاً فرده ثوباً جيداً فنقول أيضاً: هذا جائز.

وبعض أهل العلم يفرق بين الكمية والكيفية، فيقولون في الكمية: ذلك لا يجوز، وإذا كان في الكيفية جاز؛ لأن هذا هو الذي وردت به السنة، والصواب في ذلك: أنه لا فرق بين الكمية والكيفية، فالمهم إذا كان ذلك بعد الوفاء فإن هذا جائز ولا بأس به.

قال رحمه الله: ( وإن تبرع لمقرضه قبل وفائه بشيء، لم تجر عادته به، لم يجز إلا أن ينوي مكافأته على ذلك، أو احتسابه من دينه ).

هذا القسم الثالث: أن تكون هذه المنفعة قبل الوفاء، ولم تكن مشروطة، فيقول المؤلف رحمه الله: هذه المنفعة لا تجوز وهي محرمة، لكن يستثنى من ذلك إذا نوى احتسام ذلك من دينه كما ورد عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما.

مثال ذلك: أقرضه ألف ريال، ثم أعطاه قبل الوفاء قلماً هدية أو طعاماً أو سأله، فالمقترض أرسل للمقرض، فنقول: إذا نوى أن يحتسمه من دينه، فإن هذا جائز ولا بأس به.

أقرضه ألفاً وهذه الهدية بخمسين ريالاً، يحتسم خمسين ريالاً لا يأخذها منه، كما جاء عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، هذه المسألة الأولى تستثنى.

المسألة الثانية: إذا علمنا أن هذه الهدية ليست من أجل قرض، وإنما هي لسبب آخر كأن يكون جرت بينهما مهاداة قبل القرض، أو يكون بينهما قرابة، فعلمنا أن هذه الهدية لأجل القرابة، فهي إما من أجل المهاداة أو من أجل القرابة أو من أجل جوار، فالمهم علمنا أن القرض لا أثر له في هذه الهدية، فنقول: بأن هذا جائز ولا بأس به لزوال المحظور.

المسألة الثالثة التي تستثنى: إذا عُلم أن هذه المنفعة له ولغيره، فهذه المنفعة بعد القرض ليس لها أثر فيه له ولغيره، كما لو كان عنده طعام عام فدعاه كما دعا غيره فنقول: بأن هذا لا بأس به، يعني: ما أطعمه هذا الطعام وهو خاص به.

عنده مثلاً: مناسبة زواج فدعاه كما دعا غيره، فهنا الطعام ليس خاصاً بالمقرض، فنقول: بأن هذا جائز ولا بأس به، أو أنه أضافه في بيته وقدم له ما جرت العادة أن الناس يقدمونه، قدم له ماء أو شراباً جرت العادة أن الناس يقدمونه، فنقول: بأن هذا جائز ولا بأس به؛ لكن لو ميزه بشيء لم تجر به العادة كأن ميزه بطعام، فهنا لابد أن يحتسبه من دينه.

وأيضاً لا فرق بين أن تكون المنفعة عينية، وبين أن تكون معنوية، عينية كما لو أعطاه قلماً أو كتاباً، معنوية كما لو أركبه على سيارته أو أسكنه في بيته يعني: في الأشياء التي لم تجر في العادة، أما ما جرت عادة الناس أن مثل هذه الأشياء تُبذل لهذا الشخص ولغيره، فإنها ليست داخلة، فنقول: الهدية قبل الوفاء محرمة إلا في هذه الصور الثلاث.

جمعية الموظفين

وبهذا نعرف ما يسمى بجمعية الموظفين هل هي داخلة في هذه المسألة أو لا؟

وصورة جمعية الموظفين: هي أن يشترك مجموعة من الناس بدفع مبلغ معين من المال يأخذه أحدهم كل مرة يعني: كل شهر أو كل أسبوع أو كل سنة حسب ما يتفقان عليه، فهذه الجمعية هل هي داخلة في القرض الذي جر منفعة، أو ليست داخلة؟ بعض العلماء يرى أنها داخلة، وقال: بأنه أقرضه لكي ينتفع بالقرض، هو أقرضه لكي يُقرضه.

الرأي الثاني: أن هذا ليس داخلاً، وإنما هنا انتفع المقرض بما ليس فيه زيادة على القرض، وهو دفع القرض، وهذا دفع له القرض، وإذا كان انتفاع المقرض بما ليس فيه زيادة في القرض، فإن هذا جائز ولا بأس به، هنا ليس فيه زيادة يعني: المقرض ما أخذ زيادة، وهذا القول هو الصواب، فعلى هذا نفهم أن مثل هذه الجمعية جائزة ولا بأس بها.

وقد نص شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله على جواز قرض المنافع، وأن هذا جائز ولا بأس به، وهذا نقيض ذلك يعني مثلاً: الفلاح يقول لجاره الفلاح: اعمل معي اليوم في وقت الحصاد، وأعمل معك غداً، جذ معي الثمار وأجذ معك غداً، فهذا من باب قرض المنافع، وأن هذا جائز ولا بأس به.

المنفعة في القرض تنقسم إلى أقسام:

القسم الأول: أن تكون المنفعة مشروطة، كأن يقول: أقرضتك على أن تبيعني، أو أقرضتك على أن تزيديني، أو أن تؤجرني، أو أن تهديني هدية أو غير ذلك فهذا محرم ولا يجوز، فإذا كانت هذه المنفعة مشروطة فإن هذا محرم ولا يجوز.

قال رحمه الله: ( وإن بدأ به بلا شرط، أو أعطاه أجود، أو هدية بعد الوفاء جاز ).

القسم الثاني: أن تكون المنفعة بعد الوفاء، فهذا جائز ولا بأس به.

صورة ذلك: أن يقرضه ألف ريال ثم بعد ذلك يردها عليه ألفاً ومائة ريال، فنقول: بأن هذا جائز ولا بأس به، وقد استلف النبي صلى الله عليه وسلم بكراً ورد خيراً منه رباعياً، وقال: ( خيركم أحسنكم قضاء ) يعني: سواء كان ذلك في الكمية: كأن أقرضه ألف ريال فردها ألفاً ومائة، أو في الكيفية كأن أقرضه براً متوسطاً فرده براً جيداً، أو أقرضه ثوباً رديئاً فرده ثوباً جيداً فنقول أيضاً: هذا جائز.

وبعض أهل العلم يفرق بين الكمية والكيفية، فيقولون في الكمية: ذلك لا يجوز، وإذا كان في الكيفية جاز؛ لأن هذا هو الذي وردت به السنة، والصواب في ذلك: أنه لا فرق بين الكمية والكيفية، فالمهم إذا كان ذلك بعد الوفاء فإن هذا جائز ولا بأس به.

قال رحمه الله: ( وإن تبرع لمقرضه قبل وفائه بشيء، لم تجر عادته به، لم يجز إلا أن ينوي مكافأته على ذلك، أو احتسابه من دينه ).

هذا القسم الثالث: أن تكون هذه المنفعة قبل الوفاء، ولم تكن مشروطة، فيقول المؤلف رحمه الله: هذه المنفعة لا تجوز وهي محرمة، لكن يستثنى من ذلك إذا نوى احتسام ذلك من دينه كما ورد عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما.

مثال ذلك: أقرضه ألف ريال، ثم أعطاه قبل الوفاء قلماً هدية أو طعاماً أو سأله، فالمقترض أرسل للمقرض، فنقول: إذا نوى أن يحتسمه من دينه، فإن هذا جائز ولا بأس به.

أقرضه ألفاً وهذه الهدية بخمسين ريالاً، يحتسم خمسين ريالاً لا يأخذها منه، كما جاء عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، هذه المسألة الأولى تستثنى.

المسألة الثانية: إذا علمنا أن هذه الهدية ليست من أجل قرض، وإنما هي لسبب آخر كأن يكون جرت بينهما مهاداة قبل القرض، أو يكون بينهما قرابة، فعلمنا أن هذه الهدية لأجل القرابة، فهي إما من أجل المهاداة أو من أجل القرابة أو من أجل جوار، فالمهم علمنا أن القرض لا أثر له في هذه الهدية، فنقول: بأن هذا جائز ولا بأس به لزوال المحظور.

المسألة الثالثة التي تستثنى: إذا عُلم أن هذه المنفعة له ولغيره، فهذه المنفعة بعد القرض ليس لها أثر فيه له ولغيره، كما لو كان عنده طعام عام فدعاه كما دعا غيره فنقول: بأن هذا لا بأس به، يعني: ما أطعمه هذا الطعام وهو خاص به.

عنده مثلاً: مناسبة زواج فدعاه كما دعا غيره، فهنا الطعام ليس خاصاً بالمقرض، فنقول: بأن هذا جائز ولا بأس به، أو أنه أضافه في بيته وقدم له ما جرت العادة أن الناس يقدمونه، قدم له ماء أو شراباً جرت العادة أن الناس يقدمونه، فنقول: بأن هذا جائز ولا بأس به؛ لكن لو ميزه بشيء لم تجر به العادة كأن ميزه بطعام، فهنا لابد أن يحتسبه من دينه.

وأيضاً لا فرق بين أن تكون المنفعة عينية، وبين أن تكون معنوية، عينية كما لو أعطاه قلماً أو كتاباً، معنوية كما لو أركبه على سيارته أو أسكنه في بيته يعني: في الأشياء التي لم تجر في العادة، أما ما جرت عادة الناس أن مثل هذه الأشياء تُبذل لهذا الشخص ولغيره، فإنها ليست داخلة، فنقول: الهدية قبل الوفاء محرمة إلا في هذه الصور الثلاث.

وبهذا نعرف ما يسمى بجمعية الموظفين هل هي داخلة في هذه المسألة أو لا؟

وصورة جمعية الموظفين: هي أن يشترك مجموعة من الناس بدفع مبلغ معين من المال يأخذه أحدهم كل مرة يعني: كل شهر أو كل أسبوع أو كل سنة حسب ما يتفقان عليه، فهذه الجمعية هل هي داخلة في القرض الذي جر منفعة، أو ليست داخلة؟ بعض العلماء يرى أنها داخلة، وقال: بأنه أقرضه لكي ينتفع بالقرض، هو أقرضه لكي يُقرضه.

الرأي الثاني: أن هذا ليس داخلاً، وإنما هنا انتفع المقرض بما ليس فيه زيادة على القرض، وهو دفع القرض، وهذا دفع له القرض، وإذا كان انتفاع المقرض بما ليس فيه زيادة في القرض، فإن هذا جائز ولا بأس به، هنا ليس فيه زيادة يعني: المقرض ما أخذ زيادة، وهذا القول هو الصواب، فعلى هذا نفهم أن مثل هذه الجمعية جائزة ولا بأس بها.

وقد نص شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله على جواز قرض المنافع، وأن هذا جائز ولا بأس به، وهذا نقيض ذلك يعني مثلاً: الفلاح يقول لجاره الفلاح: اعمل معي اليوم في وقت الحصاد، وأعمل معك غداً، جذ معي الثمار وأجذ معك غداً، فهذا من باب قرض المنافع، وأن هذا جائز ولا بأس به.

قال رحمه الله: (وإن أقرضه أثماناً فطالبه بها ببلد آخر لزمته، وفيما لحمله مؤونة قيمته إن لم تكن ببلد القرض أكثر).

فإذا كان في غير بلد القرض، كأن أقرضه في المدينة ثم سافر إلى مكة، فلما سافر المقرض إلى مكة طالب المقترض بالقرض قال: أعطني القرض.

أحوال مطالبة المقرض للمقترض

فنقول: بأن هذا لا يخلو من حالتين:

الحالة الأولى: أن يكون القرض أثماناً كدراهم أو دنانير، فإذا كان أثماناً فيقول المؤلف رحمه الله تعالى: يلزم المقترض أن يعطي المقرض القرض، إذا كان حل على الصحيح ذلك، وعلى المذهب أنه لا يشترط الحلول؛ لأنهم يرون أنه قرض يتأجل بالتأجيل؛ لكن على الصحيح إذا حل فنقول: يلزمه. هذا القسم الأول إذا كانت أثماناً ولذلك قال: (وإن أقرضه أثماناً فطالبه بها ببلد آخر لزمته) هذا القسم الأول.

الحالة الثانية: أن يكون القرض غير أثمان ( لحمله مؤونة ) مثلاً: أقرضه عشرة أكياس بُر، أو أقرضه أرزاً لحمله كلفة، أو أقرضه أثواباً أو أقرضه كتباً فيقول المؤلف رحمه الله: (وفيما لحمله مؤونة قيمته) مثلاً: أقرضه عشرة أكياس أرز فلقيه في مكة، فقال المقرض للمقترض: اعطني القرض، يقول المؤلف رحمه الله: يجب عليه لما لحمله مئونة القيمة، فيجب عليه أن يعطيه قيمته، كم قيمة هذا الأرز ببلد القرض؟

قول المؤلف رحمه الله: (إن لم تكن ببلد القرض أكثر) مثال ذلك: أقرضه عشرة أكياس أرز هذه الأكياس الأرز المقرض طالب المقترض بها في مكة فيلزمه قيمتها، ولكن كم قيمة هذه الأكياس في المدينة بلد القرض وفي مكة؟ إذا كانت هذه الأكياس عشرة أكياس بألف ريال في المدينة، وفي مكة ثمانمائة ريال فهل يجب عليه أن يعطيه القيمة أو لا يجب عليه أن يعطيه القيمة؟ نقول: لا يجب؛ لأنها في بلد القرض أكثر؛ لأنه سيعطيه ألف ريال، هنا لا يجب عليه، لكن إذا كانت في بلد القرض أنقص وجب عليه أن يعطيه.

يعني: هو أقرضه الآن في المدينة عشرة أكياس أرز طالبه في مكة، وبمكة بألف وبالمدينة ثمانمائة، قال: اعطني الثمانمائة الآن، يجب عليه أن يعطيه الثمانمائة، أو لا يجب عليه؟ يجب عليه أن يعطيه الثمانمائة إذا كانت أنقص، أما إذا كانت أكثر في بلد القرض، فإنه لا يجب عليه بل ينتظر حتى يرِد إلى بلد القرض ثم بعد ذلك يسلمه ما اتفقا عليه.

أُعيد الكلام في القسم الثاني: كما ذكرنا إذا كانت في بلد القرض، يقول رحمه الله: ( أكثر ) كأن أقرض في المدينة أرزاً فطالبه في مكة، يقول المؤلف رحمه الله: يجب عليه أن يعطيه القيمة، لكن متى يجب عليه أن يعطيه القيمة؟ يشترط أن تكون في بلد القرض أنقص، فإن كانت في بلد القرض أكثر لا يجب عليه.

فمثلاً: هذا الأرز قيمته في المدينة ألف، وفي مكة ثمانمائة فلا يجب عليه أن يعطيه ألفاً، لكن لو كانت قيمته في المدينة ثمانمائة، وفي مكة ألف يجب عليه أن يعطيه الثمانمائة.

فنقول: بأن هذا لا يخلو من حالتين:

الحالة الأولى: أن يكون القرض أثماناً كدراهم أو دنانير، فإذا كان أثماناً فيقول المؤلف رحمه الله تعالى: يلزم المقترض أن يعطي المقرض القرض، إذا كان حل على الصحيح ذلك، وعلى المذهب أنه لا يشترط الحلول؛ لأنهم يرون أنه قرض يتأجل بالتأجيل؛ لكن على الصحيح إذا حل فنقول: يلزمه. هذا القسم الأول إذا كانت أثماناً ولذلك قال: (وإن أقرضه أثماناً فطالبه بها ببلد آخر لزمته) هذا القسم الأول.

الحالة الثانية: أن يكون القرض غير أثمان ( لحمله مؤونة ) مثلاً: أقرضه عشرة أكياس بُر، أو أقرضه أرزاً لحمله كلفة، أو أقرضه أثواباً أو أقرضه كتباً فيقول المؤلف رحمه الله: (وفيما لحمله مؤونة قيمته) مثلاً: أقرضه عشرة أكياس أرز فلقيه في مكة، فقال المقرض للمقترض: اعطني القرض، يقول المؤلف رحمه الله: يجب عليه لما لحمله مئونة القيمة، فيجب عليه أن يعطيه قيمته، كم قيمة هذا الأرز ببلد القرض؟

قول المؤلف رحمه الله: (إن لم تكن ببلد القرض أكثر) مثال ذلك: أقرضه عشرة أكياس أرز هذه الأكياس الأرز المقرض طالب المقترض بها في مكة فيلزمه قيمتها، ولكن كم قيمة هذه الأكياس في المدينة بلد القرض وفي مكة؟ إذا كانت هذه الأكياس عشرة أكياس بألف ريال في المدينة، وفي مكة ثمانمائة ريال فهل يجب عليه أن يعطيه القيمة أو لا يجب عليه أن يعطيه القيمة؟ نقول: لا يجب؛ لأنها في بلد القرض أكثر؛ لأنه سيعطيه ألف ريال، هنا لا يجب عليه، لكن إذا كانت في بلد القرض أنقص وجب عليه أن يعطيه.

يعني: هو أقرضه الآن في المدينة عشرة أكياس أرز طالبه في مكة، وبمكة بألف وبالمدينة ثمانمائة، قال: اعطني الثمانمائة الآن، يجب عليه أن يعطيه الثمانمائة، أو لا يجب عليه؟ يجب عليه أن يعطيه الثمانمائة إذا كانت أنقص، أما إذا كانت أكثر في بلد القرض، فإنه لا يجب عليه بل ينتظر حتى يرِد إلى بلد القرض ثم بعد ذلك يسلمه ما اتفقا عليه.

أُعيد الكلام في القسم الثاني: كما ذكرنا إذا كانت في بلد القرض، يقول رحمه الله: ( أكثر ) كأن أقرض في المدينة أرزاً فطالبه في مكة، يقول المؤلف رحمه الله: يجب عليه أن يعطيه القيمة، لكن متى يجب عليه أن يعطيه القيمة؟ يشترط أن تكون في بلد القرض أنقص، فإن كانت في بلد القرض أكثر لا يجب عليه.

فمثلاً: هذا الأرز قيمته في المدينة ألف، وفي مكة ثمانمائة فلا يجب عليه أن يعطيه ألفاً، لكن لو كانت قيمته في المدينة ثمانمائة، وفي مكة ألف يجب عليه أن يعطيه الثمانمائة.