شرح زاد المستقنع - كتاب البيع [26]


الحلقة مفرغة

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب الحجر: ومن لم يقدر على وفاء شيء من دينه لم يطالب به وحرم حبسه، ومن له قدرة على وفاء دينه لم يحجر عليه وأُمر بوفائه، فإن أبى حُبس بطلب ربه، فإن أصر ولم يبع ماله باعه الحاكم وقضاه ولا يُطالب بمؤجل، ومن ماله لا يفي بما عليه حالاً وجب الحجر عليه بسؤال غرمائه أو بعضهم, ويستحب إظهاره، ولا ينفذ تصرفه في ماله بعد الحجر ولا إقراره عليه، ومن باعه أو أقرضه شيئاً بعده رجع فيه إن جهل حجره وإلا فلا].

تقدم لنا ما يتعلق بأحكام الصلح، وسبق أن الصلح صلحان: صلح على إقرار، وصلح على إنكار، وكل من الصلحين له صورتان: الصورة الأولى: أن يكون على دين.

والصورة الثانية: أن يكون على عين, وقد تقدم ما يتعلق بهذه الأحكام.

وكذلك أيضاً: تقدم لنا ما يتعلق بأحكام الصلح من الحقوق المالية، كحق الشفعة، وحق الخيار.

وكذلك أيضاً: ما يتعلق بحكم الصلح عن حد أو قصاص ونحو ذلك، وتقدم أيضاً: ما يتعلق بشيء من أحكام الجيران، وكذلك أيضاً: ما يتعلق بأحكام الطريق.. إلى آخره.

ثم قال المؤلف رحمه الله تعالى: ( باب الحجر ).

تعريف الحجر

الحجر في اللغة: المنع والتضييق.

وأما في الاصطلاح: فهو منع الإنسان من أن يتصرف بماله أو بماله وذمته.

الحكمة من الحجر وأدلته

وباب الحجر من محاسن هذا الدين. وقد دلت عليه كل الأدلة التي تدل على المحافظة على المال وعدم تضييعه، كقول الله عز وجل: وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ [النساء:5].

وأيضاً من السنة: حديث المغيرة في الصحيحين: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن إضاعة المال ).

فكل الأدلة التي تدل على المحافظة على المال، وعدم تضييعه تدل على هذا الباب، وإن كان الحنفية رحمهم الله تعالى لا يرون الحجر على المدين -كما سيأتي إن شاء الله- لكن مع ذلك سيأتينا أن ما ذهب إليه جمهور أهل العلم رحمهم الله تعالى من الحجر على المدين هو الصواب.

أقسام الحجر

الحجر ينقسم إلى قسمين: القسم الأول: حجر لحظ الغير, وبدأ به المؤلف رحمه الله تعالى.

والقسم الثاني: حجر لحظ النفس.

أنواع الحجر لحظ الغير

الحجر لحظ الغير أنواع، لكن المؤلف -رحمه الله تعالى- لم يذكر إلا نوعاً واحداً, وبقية الأنواع يذكرها الفقهاء رحمهم الله تعالى في أبوابها.

فالنوع الواحد من أنواع الحجر لحظ الغير: الحجر على الراهن لحظ المرتهن، فالراهن محجور عليه لحظ المرتهن لا يملك أن يتصرف بالعين المرهونة.

فمثلاً: إن اقترض ألف ريال، وأعطى سيارته رهناً فإنه محجور عليه، فهذا الراهن الذي اقترض وأعطى سلعته وماله رهناً فإنه محجور عليه لحظ المرتهن، أي: لا يملك أن يتصرف بهذا المال, فلا يملك أن يبيع, ولا أن يوقف, ولا أن يهب.. إلى آخره. وقد تقدم لنا ذلك، وهذا يبحثه العلماء رحمهم الله تعالى في باب الرهن.

النوع الثاني: الحجر على الرقيق لحظ السيد, فالرقيق محجور عليه، لا يملك أن يبيع، أو أن يهب، أو أن يوقف ونحو ذلك إلا بإذن سيده، وهذا يبحثه العلماء رحمهم الله تعالى في أحكام البيع.

ولما تطرقنا لشروط البيع ذكرنا أن من شروط البيع: أن يكون العاقد جائز التصرف، ومن صفات جائز التصرف: أن يكون حراً, فالرقيق محجور عليه لحظ سيده.

النوع الثالث: المرتد محجور عليه لحظ المسلمين، وهذا يبحثه العلماء رحمهم الله تعالى في أحكام المرتد، فالعلماء رحمهم الله تعالى يبحثون هذا في أحكام المرتد، فإذا ارتد شخص -نسأل الله السلامة والعافية بمنه وكرمه- على الإسلام فإنه محجور عليه حتى يتبين أمره؛ إما أن يعود إلى الإسلام فينفك الحجر عنه؛ وإما أن يبقى على ردته, وحينئذٍ يكون ماله فيئاً للمسلمين، وعلى هذا إذا ارتد فإنه لا يملك أن يتصرف في ماله ببيع وهبة ووقف ونحو ذلك؛ لأنه محجور عليه لحظ المسلمين.

النوع الرابع: المريض مرض الموت، هذا محجور عليه لحظ الورثة، -وهذا سيأتينا إن شاء الله- وهذا يبحثه العلماء رحمهم الله تعالى في باب الهبة والعطية، فإذا مرض الإنسان مرض الموت فإنه يكون محجوراً عليه لحظ الورثة، فلا يملك تبرعاً من ماله إلا الثلث فأقل، وما عدا ذلك فإنه يكون محجوراً عليه لحظ الورثة.

النوع الخامس: ذكره المؤلف رحمه الله تعالى هنا، وهو المدين، أي: المدين الذي لحقه دين، وهذا محجور عليه لحظ الغرماء.

الحجر في اللغة: المنع والتضييق.

وأما في الاصطلاح: فهو منع الإنسان من أن يتصرف بماله أو بماله وذمته.

وباب الحجر من محاسن هذا الدين. وقد دلت عليه كل الأدلة التي تدل على المحافظة على المال وعدم تضييعه، كقول الله عز وجل: وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ [النساء:5].

وأيضاً من السنة: حديث المغيرة في الصحيحين: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن إضاعة المال ).

فكل الأدلة التي تدل على المحافظة على المال، وعدم تضييعه تدل على هذا الباب، وإن كان الحنفية رحمهم الله تعالى لا يرون الحجر على المدين -كما سيأتي إن شاء الله- لكن مع ذلك سيأتينا أن ما ذهب إليه جمهور أهل العلم رحمهم الله تعالى من الحجر على المدين هو الصواب.

الحجر ينقسم إلى قسمين: القسم الأول: حجر لحظ الغير, وبدأ به المؤلف رحمه الله تعالى.

والقسم الثاني: حجر لحظ النفس.


استمع المزيد من الشيخ الدكتور خالد بن علي المشيقح - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح زاد المستقنع - كتاب الطهارة [17] 2818 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب النكاح [13] 2731 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب المناسك [5] 2677 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [19] 2644 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [32] 2558 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الأيمان [2] 2554 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الحدود [7] 2528 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الإيلاء [1] 2521 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [8] 2498 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [6] 2431 استماع