شرح زاد المستقنع - كتاب الحدود [7]


الحلقة مفرغة

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب: حد قطاع الطريق:

وهم الذين يعرضون للناس بالسلاح في الصحراء أو البنيان فيغصبونهم المال مجاهرة لا سرقة، فمن منهم قتل مكافئاً أو غيره كالولد والعبد والذمي وأخذ المال قتل ثم صلب حتى يشتهر، وإن قتل ولم يأخذ المال قتل حتماً ولم يصلب، وإن جنوا بما يوجب قوداً في الطرف تحتم استيفاؤه، وإن أخذ كل واحد من المال قدر ما يقطع بأخذه السارق ولم يقتلوا قطع من كل واحد يده اليمنى، ورجله اليسرى في مقام واحد، وحسمتا ثم خلي، فإن لم يصيبوا نفساً ولا مالاً يبلغ نصاب السرقة نفوا بأن يشردوا فلا يتركون يأوون إلى بلد، ومن تاب منهم قبل أن يقدر عليه سقط عنه ما كان لله من نفي وقطع وصلب وتحتم قتل، وأخذ بما للآدميين من نفس وطرف ومال إلا أن يعفى له عنها، ومن صال على نفسه أو حرمته أو ماله آدمي، أو بهيمة، فله الدفع عن ذلك بأسهل ما يغلب على ظنه دفعه به، فإن لم يندفع إلا بالقتل فله ذلك ولا ضمان عليه، فإن قتل فهو شهيد، ويلزمه الدفع عن نفسه وحرمته دون ماله].

كنا قد توقفنا على باب: حد قطاع الطريق.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: (وهم الذين يعرضون للناس بالسلاح في الصحراء والبنيان).

قال: (باب: حد قطاع الطريق).

ويعبر عنهم بعض العلماء بقوله: باب حد المحاربين. والأمر في هذا سهل، والحد تقدم لنا تعريفه، والقطاع: جمع قاطع، والطريق هو ما يطرقه الناس. أو هو: المكان الذي يسلكه الناس ويعبرون منه، وسمي هذا المكان طريقاً؛ لأن الناس يطرقونه بأقدامهم.

وعرفهم المؤلف رحمه الله بقوله: (وهم الذين يعرضون للناس بالسلاح في الصحراء والبنيان فيغصبونهم المال مجاهرة لا سرقة).

والخلاصة في ذلك: أن قطاع الطريق هم الذي يأخذون المال عن طريق السلاح، فهؤلاء هم قطاع الطريق.

الأصل في حكمهم القرآن والسنة والإجماع:

أما القرآن فقول الله عز وجل في سورة المائدة: إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ [المائدة:33].

وأما السنة: فقصة العرنيين الذين قتلوا الراعي وأخذوا إبل النبي صلى الله عليه وسلم، فقتلهم النبي عليه الصلاة والسلام.

والإجماع منعقد على حكمه في الجملة وإن اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في بعض أحكامهم كما سيأتينا.

والنظر الصحيح يقتضي ذلك؛ لأن أخذ المال بالسلاح فيه إرهاب للناس وعدم أمن لهم، فكون هذه العقوبة فيهم، -كما سيأتينا إن شاء الله- هي ضرب من ضروب تحقيق الأمن، وهو من محاسن هذه الشريعة.

قال رحمه الله: (وهم الذين يعرضون للناس بالسلاح في الصحراء والبنيان).

قطاع الطريق يشترط لهم شروط، هي:

الشرط الأول: أن يكون بالسلاح

قال رحمه الله: (بالسلاح).

أن يكون عن طريق السلاح، وهذا كالإجماع من العلماء رحمهم الله، وعلى هذا لو أخذ المال لا عن طريق السلاح وإنما انتهبه فإنه لا يكون قاطع طريق، لكن لو أخذه عن طريق الخنق، فهل يكون قاطع طريق أو لا يكون قاطع طريق؟

أكثر أهل العلم أنه لا يكون قاطع طريق.

والرأي الثاني وبه قال أبو يوسف من الحنفية وكذلك أيضاً قال به المالكية: أنه في حكم قاطع الطريق.

ويظهر والله أعلم أن مثل هذه المسائل إنما هي من باب السياسية الشرعية التي يرجع فيها إلى اجتهاد الإمام وما يراه الأصلح.

والسلاح أياً كان سواء كان سلاحاً معروفاً، حتى ولو كان عصاً، أو أخذ حجراً، أو سكيناً، أو مسدساً، أو غير ذلك من أنواع السلاح، إذا أخذ به وقاتل فإنه يكون قاطع طريق.

قال رحمه الله: (في الصحراء والبنيان).

أما في الصحراء فهو قاطع طريق، لكن إذا كان يفعل هذا في البنيان هل هو قاطع أو ليس قاطع طريق؟

المؤلف رحمه الله يقول: لا فرق بين الصحراء والبنيان، وأنه يكون قاطع طريق في الصحراء وفي البنيان. وهذا قول جمهور أهل العلم رحمهم الله تعالى.

والرأي الثاني: أنه إذا كان في الصحراء فهو قاطع طريق وأما إذا كان في البنيان فلا، وهذا قول الحنفية، قالوا: لأنه إذا كان في البنيان فإنه سيلحقه الغوث -سيستغيث ويغاث- بخلاف ما إذا كان في الصحراء، والصواب في هذه المسألة: هو ما ذهب إليه أكثر أهل العلم لعموم الأدلة وأنه يكون قاطع طريق سواء كان في الصحراء أو كان في البنيان.

الشرط الثاني: أخذ المال مباشرة

قال رحمه الله: (فيغصبونهم المال مجاهرة لا سرقة).

هذا الشرط الثاني: أن يكون ذلك عن طريق المجاهرة، وعلى هذا إذا كان عن طريق الاختفاء فإنه لا يكون قاطع طريق.

والرأي الثاني في هذه المسألة أن هذا ليس شرطاً، وأنه حتى ولو كان سراً، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وهو قول عند المالكية.

ولهذا ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: أنه إذا أتي بالرجل وقد دعا الرجل إلى منزله لأجل عمل كخياطة أو غير ذلك ثم رفع عليه السلاح لكي يأخذ ماله فحكمه حكم قاطع الطريق.

ومثل ذلك أيضاً ما ذكره ابن العربي المالكي قال: كنت أيام حكمي بين الناس -لأنه تولى القضاء رحمه الله- إذا أتي بالرجل وقد دعاه الرجل إلى منزله وأمر أصحابه أن يرفعوا عليه السلاح حتى يأخذ ما معه حكمت بأنهم قطاع طريق.

وعلى هذا لا يشترط أن يكون مجاهرةً حتى ولو كان سراً، وهذا نوع من أنوع قتل الغيلة، ولهذا العفو في القصاص جائز -بل هو مشروع ومستحب إذا لم يترتب عليه مفسدة- إلا في قتل الغيلة فلا مكان للعفو بل يتحتم القتل.

قال رحمه الله: (فمن قتل منهم مكافئاً أو غيره، كالولد، والعبد، وأخذ المال قتل ثم صلب حتى يشتهر).

عدم اشتراط المكافأة

في حد قطاع الطريق لا تشترط المكافأة بخلاف القصاص فإنها تشترط، فمثلاً في غير حد قطاع الطريق: الحر هل يقتل بالعبد؟ عند الجمهور لا يقتل الحر بالعبد، لكن في حد قطاع الطريق يقتل الحر بالعبد؛ لأن هذا حد وليس قصاصاً.

ولهذا قال المؤلف : (من قتل منهم مكافئاً أو غيره).

والوالد في القصاص لا يقتل بولده لكن هنا يقتل. والمسلم لا يقتل بالكافر في القصاص لكن في حد قطاع الطريق يقتل.

ففرق بين الحد والقصاص.

قال رحمه الله: (بالسلاح).

أن يكون عن طريق السلاح، وهذا كالإجماع من العلماء رحمهم الله، وعلى هذا لو أخذ المال لا عن طريق السلاح وإنما انتهبه فإنه لا يكون قاطع طريق، لكن لو أخذه عن طريق الخنق، فهل يكون قاطع طريق أو لا يكون قاطع طريق؟

أكثر أهل العلم أنه لا يكون قاطع طريق.

والرأي الثاني وبه قال أبو يوسف من الحنفية وكذلك أيضاً قال به المالكية: أنه في حكم قاطع الطريق.

ويظهر والله أعلم أن مثل هذه المسائل إنما هي من باب السياسية الشرعية التي يرجع فيها إلى اجتهاد الإمام وما يراه الأصلح.

والسلاح أياً كان سواء كان سلاحاً معروفاً، حتى ولو كان عصاً، أو أخذ حجراً، أو سكيناً، أو مسدساً، أو غير ذلك من أنواع السلاح، إذا أخذ به وقاتل فإنه يكون قاطع طريق.

قال رحمه الله: (في الصحراء والبنيان).

أما في الصحراء فهو قاطع طريق، لكن إذا كان يفعل هذا في البنيان هل هو قاطع أو ليس قاطع طريق؟

المؤلف رحمه الله يقول: لا فرق بين الصحراء والبنيان، وأنه يكون قاطع طريق في الصحراء وفي البنيان. وهذا قول جمهور أهل العلم رحمهم الله تعالى.

والرأي الثاني: أنه إذا كان في الصحراء فهو قاطع طريق وأما إذا كان في البنيان فلا، وهذا قول الحنفية، قالوا: لأنه إذا كان في البنيان فإنه سيلحقه الغوث -سيستغيث ويغاث- بخلاف ما إذا كان في الصحراء، والصواب في هذه المسألة: هو ما ذهب إليه أكثر أهل العلم لعموم الأدلة وأنه يكون قاطع طريق سواء كان في الصحراء أو كان في البنيان.

قال رحمه الله: (فيغصبونهم المال مجاهرة لا سرقة).

هذا الشرط الثاني: أن يكون ذلك عن طريق المجاهرة، وعلى هذا إذا كان عن طريق الاختفاء فإنه لا يكون قاطع طريق.

والرأي الثاني في هذه المسألة أن هذا ليس شرطاً، وأنه حتى ولو كان سراً، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وهو قول عند المالكية.

ولهذا ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: أنه إذا أتي بالرجل وقد دعا الرجل إلى منزله لأجل عمل كخياطة أو غير ذلك ثم رفع عليه السلاح لكي يأخذ ماله فحكمه حكم قاطع الطريق.

ومثل ذلك أيضاً ما ذكره ابن العربي المالكي قال: كنت أيام حكمي بين الناس -لأنه تولى القضاء رحمه الله- إذا أتي بالرجل وقد دعاه الرجل إلى منزله وأمر أصحابه أن يرفعوا عليه السلاح حتى يأخذ ما معه حكمت بأنهم قطاع طريق.

وعلى هذا لا يشترط أن يكون مجاهرةً حتى ولو كان سراً، وهذا نوع من أنوع قتل الغيلة، ولهذا العفو في القصاص جائز -بل هو مشروع ومستحب إذا لم يترتب عليه مفسدة- إلا في قتل الغيلة فلا مكان للعفو بل يتحتم القتل.

قال رحمه الله: (فمن قتل منهم مكافئاً أو غيره، كالولد، والعبد، وأخذ المال قتل ثم صلب حتى يشتهر).

في حد قطاع الطريق لا تشترط المكافأة بخلاف القصاص فإنها تشترط، فمثلاً في غير حد قطاع الطريق: الحر هل يقتل بالعبد؟ عند الجمهور لا يقتل الحر بالعبد، لكن في حد قطاع الطريق يقتل الحر بالعبد؛ لأن هذا حد وليس قصاصاً.

ولهذا قال المؤلف : (من قتل منهم مكافئاً أو غيره).

والوالد في القصاص لا يقتل بولده لكن هنا يقتل. والمسلم لا يقتل بالكافر في القصاص لكن في حد قطاع الطريق يقتل.

ففرق بين الحد والقصاص.




استمع المزيد من الشيخ الدكتور خالد بن علي المشيقح - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح زاد المستقنع - كتاب الطهارة [17] 2814 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب النكاح [13] 2723 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب المناسك [5] 2674 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [19] 2638 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب البيع [26] 2636 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [32] 2553 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الأيمان [2] 2547 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الإيلاء [1] 2517 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [8] 2492 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [6] 2427 استماع