خطب ومحاضرات
شرح زاد المستقنع - كتاب الطهارة [17]
الحلقة مفرغة
قال المؤلف رحمه الله: [والصفرة والكدرة في زمن العادة حيض، ومن رأت يوماً دماً ويوماً نقاءً فالدم حيض والنقاء طهر ما لم يعبر أكثره، والمستحاضة ونحوها تغسل فرجها وتعصبه وتتوضأ لوقت كل صلاة، وتصلي فروضاً ونوافل، ولا توطأ إلا مع خوف العنت، ويستحب غسلها لكل صلاة، وأكثر مدة النفاس أربعون يوماً، ومتى طهرت قبله تطهرت وصلت، ويكره وطؤها قبل الأربعين بعد التطهير، فإن عاودها الدم فمشكوك فيه، تصوم وتصلي وتقضي الواجب].
تقدم لنا ذكر المستحاضة وذكرنا أن المستحاضة على أقسام، وبقينا في القسم الأخير: وهي المتحيرة، وقبل ذلك تكلمنا عن أحكام المبتدأة، وتطرقنا لتعريف المستحاضة، ومن هي المستحاضة، وذكرنا أن المشهور من المذهب أن المستحاضة: هي التي تجاوز دمها خمسة عشر يوماً، وهذا قول كثير من العلماء رحمهم الله تعالى.
والرأي الثاني في هذه المسألة: أن المستحاضة هي التي ترى دماً لا يصلح أن يكون حيضاً ولا نفاساً، وذكرنا من هذه الأقسام:
أن يكون لهذه المستحاضة تمييز، وليس لها عادة؛ فترجع إلى التمييز ما دام أن التمييز صالح، وذكرنا ضابط التمييز الصالح.
والحالة الثانية: أن يكون لها عادة وليس لها تمييز فهذه ترجع إلى عادتها.
والحالة الثالثة: أن يكون لها عادة وتمييز، وهذه موضع خلاف بين أهل العلم رحمهم الله تعالى: هل ترجع إلى التمييز أو ترجع إلى عادتها؟ والمشهور من المذهب أنها ترجع إلى عادتها، وذكرنا بأن هذا هو الأقرب في هذه المسألة.
بقينا في القسم الأخير: وهو أن يكون لها عادة لكن لا تمييز لها، أو لها تمييز لكنه غير صالح.
القسم الأخير من أقسام المستحاضة: أن يكون لها عادة وتنسى العادة وليس لها تمييز، أو لها تمييز غير صالح، وهذه كما ذكرنا يسميها العلماء رحمهم الله تعالى بالمتحيرة، ومثال ذلك: امرأة أطبق عليها الدم وكان لها عادة من اليوم العاشر إلى اليوم الخامس عشر، وليس لها تمييز بل الدم على وتيرة واحدة، فنسيت متى كانت العادة تأتيها، أو لها تمييز لكنه غير صالح، كما تقدم أن التمييز: أن يتميز الدم ببعض صفات الحيض إما بالاسوداد، يعني يميل إلى الاسوداد، أو بالرائحة، أو بالثخونة، فإذا اتصف بشيء من صفات الحيض ولم ينقص عن أقل الحيض، ولم يجاوز أكثره، فهذا تمييز صالح، لكن هذه المرأة لها تمييز غير صالح؛ لأن هذا الدم المتميز أقل من يوم وليلة، أو أكثر من خمسة عشر يوماً، وهذه المستحاضة ذكر المؤلف رحمه الله تعالى لها ثلاثة أقسام. وقد سبق أن ذكر المؤلف أنه إذا لم يكن لها تمييز فغالب الحيض كالعالمة بموضعه الناسية لعدده، وإن علمت عدده ونسيت موضعه من الشهر ولو نصفه جلستها من أوله.
هذه المرأة التي نسيت العادة وليس لها تمييز أو لها تمييز غير صالح لها ثلاثة أقسام:
القسم الأول: أن تنسى العدد والموضع
وأما تحديد العدد فنقول: تجلس من الأيام على حسب ما يحيض من يشابهها من نسائها في العمر وفي الخلق، فعندنا بالنسبة للقسم الأول من أقسام الناسية لعادتها وليس لها تمييز: أن تنسى الموضع وتنسى العدد، وقد ذكرنا كيف نحدد الموضع والعدد.
القسم الثاني: أن تنسى العدد وتعرف الموضع
وبالنسبة للعدد إذا قالت: لا أدري، نقول: تحيضي كما يتحيض نساؤك؛ يعني من تشابهك من نسائك في العمر وفي الخلق، فإذا كانت نساؤها يحضن خمسة أيام أو ستة فتجلس خمسة أيام أو ستة أيام من أول ما كان الدم يأتيها أو كانت عادتها تأتيها.
القسم الثالث: أن تعرف العدد وتنسى الموضع
فتلخص لنا في القسم الأخير: المستحاضة التي تنسى عادتها وليس لها تمييز أو لها تمييز غير صالح أن تحتها ثلاثة أقسام:
القسم الأول: أن تنسى العدد والموضع.
أما بالنسبة للعدد فتحيض كما تحيض نساؤها، وأما بالنسبة للموضع فمن أول كل شهر هلالي إلا إذا قالت: أنا أعرف أنه في النصف الثاني؛ فنقول: الصواب أنها تبدأ من النصف الثاني، وإذا قالت: أنا أعرف أنه في العشر الأواخر فنقول: تحيضي من أول العشر الأواخر، وإذا قالت: أنا لا أدري هل هو في العشر الأول أو في الأواسط أو في الأواخر فنقول: تبدأ من أول كل شهر هلالي.
القسم الثاني: أن تعرف الموضع لكنها تنسى العدد، فتقول: يأتيني في اليوم الفلاني لكنني لا أدري هل هو خمسة أو ستة أو سبعة؛ فنقول: تحيضي كما يحيض نساؤك.
القسم الثالث: تعرف العدد لكنها تنسى الموضع؛ فنقول: بالنسبة للموضع تبدأ من أول كل شهر هلالي، إلا إذا قالت على الصحيح: أنا أعرف أنه في العشر الأول؛ فنقول: ابدئي من أول العشر الأول، أو أنا أعرف أنه في العشر الأواسط؛ فنقول: ابدئي من أول العشر الأواسط، أو أنا أعرف أنه في العشر الأواخر؛ فنقول: ابدئي من أول العشر الأواخر، وأما بالنسبة للعدد فهي تحفظ أنه خمسة أيام مثلاً.
قال المؤلف رحمه الله: (كمن لا عادة لها ولا تمييز).
هذه هي المبتدأة التي لا عادة لها ولا تمييز كما تقدم، فإذا أصابها دم الحيض وأطبق عليها فليس لها عادة لأنها مبتدأة، وليس لها تمييز فدمها على وتيرة واحدة لا يتصف بشيء من صفات الحيض؛ فنقول: هذه تحيض كما يحيض نساؤها من أول ما أصابها الدم، فإن أصابها الدم في أول الشهر فنقول: اجلسي ما يجلسه من يشابهك من نسائك.
القسم الأول: أن تنسى العدد والموضع، فبالنسبة للموضع يقال لها: متى كان الدم يأتيك؟ هل الدم يأتيك في أول الشهر؟ أو يأتيك في المنتصف؟ فإذا قالت: في النصف الأول، نقول لها: اجلسي من أول الشهر، وإذا قالت: لا أدري لا أدري متى كان الدم يأتي، فنقول لها: اجلسي من أول الشهر، فإذا كانت تعلم الموضع، لكن ما تدري هل هو في اليوم الأول أو الثاني أو الثالث أو الرابع، لكنها تقول: هي في النصف الأول من الشهر، فنقول: إذا كنت تقولين: إنها في النصف الأول ولا تدرين في أي يوم فاجلسي من أول النصف، فإن قالت: أيضاً لا أدري هل هي في النصف الأول من الشهر، أو في النصف الثاني من الشهر! فنقول: اجلسي من أول كل شهر هلالي، فإذا كانت ناسية للموضع وناسية للعدد قالت: يأتي في النصف الأول، لكن لا أدري في أي يوم؛ فنقول لها: اجلسي من أول النصف الأول، وهكذا في الثاني، فإن قالت: في العشر الأواخر من الشهر، لكن لا تدري هل هو في اليوم الحادي والعشرين أو الثاني والعشرين؛ فنقول: اجلسي من أول العشر، فإذا كانت لا تدري هل هو في النصف الأول، أو في النصف الثاني، في العشر الأول، أو في العشر الأواسط، أو في العشر الأواخر فنقول: اجلسي من أول كل شهر هلالي، والآن حددنا الموضع، وهذا التحديد على الصحيح.
وأما تحديد العدد فنقول: تجلس من الأيام على حسب ما يحيض من يشابهها من نسائها في العمر وفي الخلق، فعندنا بالنسبة للقسم الأول من أقسام الناسية لعادتها وليس لها تمييز: أن تنسى الموضع وتنسى العدد، وقد ذكرنا كيف نحدد الموضع والعدد.
القسم الثاني: أن تكون ناسية للعدد وتعرف الموضع، تقول: موضع العادة في النصف الأول، فنقول: اجلسي من أول النصف الأول، أو قالت مثلاً: الموضع هو في العشر الأول من الشهر، لكنها لا تحدد هل هو في اليوم الأول أو الثاني أو الثالث؛ فنقول: اجلسي من أولها.
وبالنسبة للعدد إذا قالت: لا أدري، نقول: تحيضي كما يتحيض نساؤك؛ يعني من تشابهك من نسائك في العمر وفي الخلق، فإذا كانت نساؤها يحضن خمسة أيام أو ستة فتجلس خمسة أيام أو ستة أيام من أول ما كان الدم يأتيها أو كانت عادتها تأتيها.
القسم الثالث: تعرف العدد لكنها لا تعرف الموضع، فتقول: لا أدري هل هو في النصف الأول أو في النصف الثاني، لكنني أعرف أنه خمسة أيام؛ فنقول: اجلسي من أول كل شهر هلالي خمسة أيام، فإذا قالت: أنا أعرف أنه في النصف الأول، لكنني لا أحدد اليوم؛ فنقول: اجلسي من أول النصف الأول خمسة أيام، فهي الآن تعرف العدد لكنها لا تعرف الموضع، وإذا كانت تعرف أنه في النصف الثاني فنقول: اجلسي من أول النصف الثاني، هذا هو الصواب في هذه المسألة.
فتلخص لنا في القسم الأخير: المستحاضة التي تنسى عادتها وليس لها تمييز أو لها تمييز غير صالح أن تحتها ثلاثة أقسام:
القسم الأول: أن تنسى العدد والموضع.
أما بالنسبة للعدد فتحيض كما تحيض نساؤها، وأما بالنسبة للموضع فمن أول كل شهر هلالي إلا إذا قالت: أنا أعرف أنه في النصف الثاني؛ فنقول: الصواب أنها تبدأ من النصف الثاني، وإذا قالت: أنا أعرف أنه في العشر الأواخر فنقول: تحيضي من أول العشر الأواخر، وإذا قالت: أنا لا أدري هل هو في العشر الأول أو في الأواسط أو في الأواخر فنقول: تبدأ من أول كل شهر هلالي.
القسم الثاني: أن تعرف الموضع لكنها تنسى العدد، فتقول: يأتيني في اليوم الفلاني لكنني لا أدري هل هو خمسة أو ستة أو سبعة؛ فنقول: تحيضي كما يحيض نساؤك.
القسم الثالث: تعرف العدد لكنها تنسى الموضع؛ فنقول: بالنسبة للموضع تبدأ من أول كل شهر هلالي، إلا إذا قالت على الصحيح: أنا أعرف أنه في العشر الأول؛ فنقول: ابدئي من أول العشر الأول، أو أنا أعرف أنه في العشر الأواسط؛ فنقول: ابدئي من أول العشر الأواسط، أو أنا أعرف أنه في العشر الأواخر؛ فنقول: ابدئي من أول العشر الأواخر، وأما بالنسبة للعدد فهي تحفظ أنه خمسة أيام مثلاً.
قال المؤلف رحمه الله: (كمن لا عادة لها ولا تمييز).
هذه هي المبتدأة التي لا عادة لها ولا تمييز كما تقدم، فإذا أصابها دم الحيض وأطبق عليها فليس لها عادة لأنها مبتدأة، وليس لها تمييز فدمها على وتيرة واحدة لا يتصف بشيء من صفات الحيض؛ فنقول: هذه تحيض كما يحيض نساؤها من أول ما أصابها الدم، فإن أصابها الدم في أول الشهر فنقول: اجلسي ما يجلسه من يشابهك من نسائك.
قال المؤلف رحمه الله: (ومن زادت عادتها أو تقدمت أو تأخرت فما تكرر ثلاثاً فهو حيض).
شرع المؤلف رحمه الله تعالى في بيان الطوارئ التي تطرأ على دم الحيض.
زيادة العادة
تقدم العادة
تأخر العادة
الرأي الثاني رأي المالكية والشافعية: أنها إذا تقدمت أو تأخرت فهو حيض.
والصواب في ذلك: إذا زادت العادة أو تقدمت أو تأخرت أنه حيض ما دام أن هذا على صفة الدم المعروف عند النساء؛ لأن الله سبحانه وتعالى علق الأحكام الشرعية على وجود الأذى، وسواء وجد هذا الأذى في هذا الوقت أو وجد في الوقت الثاني فإنه تترتب عليه الأحكام، وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ [البقرة:222]، والمرأة إذا تقدمت عليها العادة أو تأخرت، وحصل لها هذا الاضطراب فلا بد أن تحتاط فيه، فإذا كان بصفة دم الحيض بكثرته وصفته ولونه فنحكم بأنه دم حيض، وإن كان مخالفاً لدم الحيض فالمرأة تحتاط فيه، ونحكم بأنه دم عرق، وعلى هذا تصلي وتصوم ما دام أنه ليس في زمن العادة.
نقص العادة
الطارئ الرابع: ما نقص عن العادة، فمثلاً: هذه المرأة عادتها ستة أيام، ثم بعد ذلك رأت الطهر لخمسة أيام، فنحكم بأنها تغتسل وتصوم وتصلي، وهذا اليوم الناقص الذي لم تر فيه دماً يرى المؤلف رحمه الله بأنه طهر وهو الصواب.
قال المؤلف رحمه الله: (وما عاد فيها جلسته).
قوله: (وما عاد فيها) يعني: في أيام الدورة، مثال ذلك: امرأة دورتها ستة أيام، رأت الدم في اليوم الأول، وفي اليوم الثاني، وفي اليوم الثالث، والرابع انقطع الدم، وفي اليوم الخامس عاد الدم، فبالنسبة لهذا اليوم الخامس نحكم بأنه حيض ما دام أنه في زمن الدورة.
فالطارئ الأول من الطوارئ التي تطرأ على دم الحيض: زيادة العادة، فإذا كانت عادتها خمسة أيام ثم زادت عادتها إلى ستة أيام، فالمؤلف رحمه الله يقول: لا نعتبره حيضاً حتى يتكرر ثلاثاً، فحكمها حكم المبتدأة، فإذا مضى عليها خمسة أيام: العادة المعروفة فعندها تغتسل وتصلي وتصوم، فإذا انتهى اليوم السادس اغتسلت مرةً أخرى، ثم بعد ذلك إذا تكرر عليها ثلاث مرات عرفنا أن هذا اليوم دمه دم حيض، فترجع وتقضي الواجبات التي فعلتها في اليوم السادس؛ لأن اليوم السادس تصوم فيه وتصلي احتياطاً للعبادة.
استمع المزيد من الشيخ الدكتور خالد بن علي المشيقح - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
شرح زاد المستقنع - كتاب النكاح [13] | 2731 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب المناسك [5] | 2677 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [19] | 2644 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب البيع [26] | 2639 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [32] | 2558 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب الأيمان [2] | 2554 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب الحدود [7] | 2528 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب الإيلاء [1] | 2521 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [8] | 2498 استماع |
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [6] | 2431 استماع |