معالم على طريق الصحوة


الحلقة مفرغة

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه، أما بعد:

أيها الإخوة! فإن من أهم الأمور التي تجول في خاطر كل مسلم غيور على دينه ما يتعلق بالصحوة في حقيقتها ومفهومها، وفي خصائصها وسماتها، وفي إيجابياتها وسلبياتها وأخطائها، وفي تسديدها وتقويمها وفي مستقبلها.

والحديث عن هذا الموضوع متشعب وطويل، وبمجرد ما أشير علي بالحديث عنه تواردت إلي خواطر كثيرة اخترت منها ما أرى أنه مهم وجدير بالبحث على وجه السرعة، ونظراً لكثرة الموضوعات وتداعيها فإني سأطرح كثيراً من القضايا التي أذكرها على شكل أطروحات يجب على أهل الحل والعقد في هذه الأمة من العلماء والدعاة وطلاب العلم أن يعنوا بها، وأن يعطوها حقها من البحث والعمل.

وسأقف بعض الوقفات:

الوقفة الأولى: حول مفهوم الصحوة.

والثانية: في تقويمها.

والثالثة: في مظاهر هذه الصحوة.

والرابعة: في خصائص الصحوة.

والخامس: في عيوبها وسلبياتها.

والسادسة: في مواقف الناس منها.

والأخيرة: في التوصيات.

أما الوقفة الأولى: ففي مفهوم هذه الصحوة.

الصحوة: مصطلح جديد فرض نفسه على الناس، والصحوة في اللغة مأخوذة من الصحو، وهو: ترك الباطل، أو ترك الصبوة، أو ذهاب السكر.

والصحوة أيضاً: تطلق على ذهاب الغيم، يقال: أصحت السماء بمعنى: انقشع عنها الغيم، أو نحوه مما يحجبه.

ويقال: صحا فلان من نومه أي: أفاق.

فالصحوة أيضاً بمعنى: الإفاقة من الغفوة والنومة والغفلة.

أما في الاصطلاح: أي: فيما هو معهود عند الناس اليوم فإن الصحوة بالاصطلاح المعاصر تعني: عودة شباب هذه الأمة بخاصة إلى دين الله تعالى، كما أنها تعني إفاقة المسلمين بعامة من غفوة الجهل والفرقة، وهيمنة البدع والمحدثات والشركيات.

كما أنها تعني أيضاً: الإفاقة من سكرة الذل والتبعية والهوى.

أو هي: محاولة العودة إلى السنة والجماعة وتجديد الدين بالمعنى الشرعي الصحيح بعد الغربة التي هيمنت على الإسلام والمسلمين في العصور المتأخرة.

والصحوة هي: وعد الله الذي لا يخلف، وهي قدر الله الذي لا يرد؛ لأنها مقدمات الفتح بمعانيه الشرعية الشاملة، والله تعالى بشر رسوله صلى الله عليه وسلم بالصحوة الأولى حينما تمكن الإسلام من قلوب الناس في ذلك الوقت، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا [النصر:1-3].

وفي نظري أن التعبير عن نهضة المسلمين وعودتهم إلى دين الله بالصحوة تعبير سليم، وهو يقابل التعبيرات والإطلاقات السائدة إعلامياً والتي انطلقت من خصوم الدعوة في داخل العالم الإسلامي وفي خارجه، وهي: تلك التسميات التي تعني لمز الدعوة إلى الله، ولمز الرجوع والعودة إلى الإسلام.

من هذه الإطلاقات الشنيعة: إطلاق كلمة التطرف على الصحوة، أو إطلاق كلمة الأصولية، وإن كانت هذه الكلمة محتملة للمعنى الصحيح والمعنى الباطل، لكن الذين أطلقوها لا يريدون إلا المعنى الباطل.

كذلك: إطلاق وصف المعارضة على هذه الصحوة المباركة، كل ذلك من الإطلاقات الجائرة التي انساق معها كثير من خصوم الدعوة، ومن الإعلام في العالم الإسلامي مع إطلاقات الكفار فيها.

الوقفة الثانية: تقويم عام موجز لهذه الصحوة، وسيليه تقويم شامل إن شاء الله.

أما التقويم العام: فإن أحسن ما يمكن أن يقال في هذه الصحوة أنها في الجملة خير وبركة، وباعث على الفأل للأمة جميعاً، وهي: مقدمة النصر للإسلام والمسلمين، وهي بشرى من الله سبحانه وتعالى لعباده المؤمنين، وهي قدر الله الذي لا يرد، وغرسه المبارك، ووعده الصادق، وأمنية كل مسلم مخلص.

لكن مع ذلك يجب ألا نفرط في التفاؤل؛ لأنا نجد في ثنايا هذه الصحوة مظاهر فرقة، ومظاهر غلو وتشدد في الدين وتعمق، ونرى نزعات أهواء وعصبيات وشعارات وأحزاب وخصومات، إذا لم يعالجها العقلاء أهل العلم والفقه في الدين فربما تتحول إلى مصائب وبلايا ومحن وفتن لا يعلم مداها إلا الله، نسأل الله العافية.

الوقفة الثالثة: في مظاهر هذه الصحوة وفي سماتها:

مظاهر الصحوة وسماتها كثيرة ومختلفة بحسب رؤية الرائين، وبحسب نظرة المراقبين لهذه الصحوة، أو المعايشين لها، أو خصومها، لكني ألخص أهم هذه المظاهر بما يلي:

أولاً: تنامي التدين، أي: العودة إلى الإسلام والسنة، والالتزام الشرعي في كل شرائح الأمة، بل في كل مكان، وكل بقعة من الأرض، وعلى كل مستوى من المستويات، وليس فقط في الشباب كما يظن بعض الناس، وإن كان أبرز مظاهر هذه الصحوة وجودها في الشباب، أو تنامي التدين في الشباب، لكن هذا مظهر من المظاهر، ونجد للصحوة مظاهر شتى في جميع مجالات حياة الأمة، وفي جميع شرائحها في الصغار والكبار، وعلى كل المستويات الرسمية وغير الرسمية.

ثانياً: من مظاهر هذه الصحوة: ظهور الجماعات الكثيرة في الدعوة إلى الله، بصرف النظر عن إيجابية هذه الظاهرة أو سلبيتها، إنما ظهور الجماعات وكثرتها والتفاتها إلى الدعوة والحسبة كل ذلك مظهر من المظاهر الجلية للصحوة.

ثالثاً: القوة في الحق في أبناء هذه الصحوة، والجرأة في الصدع بالحق.

رابعاً: تتمثل الصحوة أيضاً في جرأة الشعوب على النداء بالعودة إلى الإسلام في كل مكان، وفي كل زمان، رغم ما يكتنف هذه النداءات والشعارات من الجهل والتقصير والتجاوز إلا أنها ظاهرة قوية في جميع الشعوب في العالم الإسلامي، بل وحتى في غير العالم الإسلامي، حتى في الأقليات الموجودة في البلاد الكافرة، نجد أن مظاهر الاعتزاز بالدين والالتزام، ومحاولة استعادة المكانة اللائقة بالمسلم شملت جميع الأرض، وما من حجر أو مدر فيه إنسان مسلم إلا ونجده بدأ يشعر بعزة الإسلام، وعزة المسلم، وهذه ظاهرة أقضت مضاجع الأعداء والخصوم.

خامساً: تتمثل الصحوة بهذه النهضة العلمية الشرعية العارمة القوية في كل مجال وفي كل مكان، وعلى كل مستوى، وتتمثل هذه النهضة في كثرة المؤلفات الجيدة المؤصلة، وفي كثرة الوسائل الأخرى التي تنشر العلم الشرعي من النشرات والكتب والأشرطة وغيرها.

كما تتمثل أيضاً: بكثرة المراكز العلمية والجمعيات وتناميها.

المظهر السادس: محاولة استئناف الريادة لأهل الريادة الشرعية، ريادة الأمة بالعلماء وأهل الفقه في الدين، وهذه المحاولة محاولة جادة نشطة في الشباب وفي غير الشباب من شرائح الأمة وطبقاتها، فنجد أن المسلمين بدءوا يشعرون بأنهم بحاجة إلى الالتفاف حول أهل العلم والفقه في الدين، وإلى إحياء معاني أهل الحل والعقد في الأمة بعدما كاد هذا المعنى يضيع، وبعدما سيطرت العلمنة على الأمة فمكنت للرؤساء الجهال الذين قادوا الأمة إلى العلمنة والإعراض عن دين الله.

فاستئناف الريادة للعلماء وأهل الفقه في الدين ظاهرة جلية واضحة بحمد الله، تتمثل في الالتفاف حولهم، وفي رد اعتبارهم، وفي السماع منهم، وفي الصدور عن قولهم ورأيهم وتوجيههم، رغم ما في ذلك من التقصير والتجاوزات، إلا أن هذه في نظري ظاهرة عامة قوية تتنامى وتزيد.

السابع: إحياء شعائر الدين الظاهرة وغير الظاهرة من إقامة الصلاة، وإقامة الفرائض والسنن، وإحياء الجهاد، وإحياء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والحسبة بمعانيها الشاملة.

ثامناً: السعي للخروج بالأمة من حالة الإعراض عن دين الله تعالى والصد عنه أحياناً، ومن حالة الجهل والفرقة وهيمنة البدع والتخلف العقدي، ومن التبعية الفكرية والثقافية والسياسية، إلى العزة التي أرادها الله سبحانه وتعالى.

تاسعاً: تتمثل مظاهر هذه الصحوة وآثارها في تنازلات بعض الأنظمة والدساتير بالاعتراف بالإسلام، وإن كان شكلياً إلى الآن، لكنه تنازل يدل على أن الله سبحانه وتعالى أراد لهذه الأمة أن تنهض فألقى الرعب في قلوب أعداء الإسلام في الداخل والخارج.

عاشراً: خروج الكفار والخصوم عن صمتهم، وعن الكيد والدس الخفي إلى إعلان الحرب على الإسلام والمسلمين إعلاناً سافراً، لا التواء فيه، بل إنهم أعلنوا رهبتهم من هذه الصحوة، حتى أن رئيساً من أكبر رؤساء الغرب يوصي رئيساً من أصغر رؤساء الشرق بأن يحذر من الأصولية، وهذه مسألة لا يبوح بها رئيس في أمر خطير من أهم أمور الغرب الاستراتيجية إلا والأمر وصل إلى حد الخروج عن الصمت والفزع الذي أقض المضاجع عند الغرب.

أقول: إن من أبرز مظاهر الصحوة: خروج الكفار وخصوم الدعوة وخصوم الإسلام والمسلمين في الداخل والخارج عن صمتهم، وإعلانهم رهبتهم من الصحوة، وإعلان حالة الطوارئ سياسياً في جميع العالم.

الوقفة الرابعة: في خصائص هذه الصحوة:

وأقصد بالخصائص الجوانب الإيجابية التي تتميز بها.

سرعة الانتشار

فأول هذه الخصائص وأبرزها لكل ناظر لأمر الصحوة هو: سرعة الانتشار وسرعة النمو، وسرعة التكامل بشكل مذهل.

القوة في الحق والحرص على العلم

وثانياً: القوة والصلابة في الحق عند كثير من أبناء هذه الصحوة.

وثالثاً: الإقبال والحرص على التزود بالعلم الشرعي والفقه في الدين، وهذه ظاهرة صحية تبشر بالخير، وتبعث على الفأل.

إقبال المسلمين عموماً والشباب على وجه الخصوص على التزود بالعلم الشرعي الصحيح وبطرقه السليمة، وعلى التفقه في الدين، والتزام أهل العلم من العلماء والمشايخ القدوة، مما يبعث على الفأل في هذه الصحوة.

الحرص على السنة

رابعاً: الحرص على السنة والجماعة بكل معانيها، وهذا لا يعني أن الصحوة كلها تسلك طريق السنة والجماعة، لكن مظاهر الحرص موجودة، ودعاوى الالتفاف حول أهل السنة والجماعة ورفع شعار السنة والجماعة موجودة وبجد، لكن قد يكون هناك شيء من التقصير أو الفهم الخاطئ لمعنى السنة والجماعة، ولمناهج أهل السنة والجماعة.

أما جدية الإقبال فهي موجودة ومتوفرة في كثير من فصائل الدعوة والصحوة في جميع العالم.

التخلص من البدع

خامساً: محاولة التخلص في الأغلب من البدع والمحدثات في الدين، ومن آثار الجهل والافتراق التي هيمنت على الأمة في عصورها المتأخرة.

العزة

سادساً: تتمثل أيضاً هذه الخصائص بالاعتزاز، أي: اعتزاز المسلمين عموماً، وشباب الصحوة على وجه الخصوص بالدين والسنة، وإظهار الولاء للمؤمنين وللإسلام وللحق وأهله، والبراءة من الشرك والكفر والفسق والفجور، وهذه أيضاً خصيصة تكثر وتزداد بحمد الله.

السعي إلى إحياء معاني الجهاد والحسبة

سابعاً: السعي إلى إحياء معاني الجهاد والحسبة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الأمة، وهذه المعاني أيضاً: تظهر في كل بلد من بلاد المسلمين بقوة وجلادة، لكنها قد توجد فعلاً وقد لا توجد، أما التوجه فهو توجه عارم قوي، ومن أكبر هواجس الدعاة وشباب الصحوة في كل بلد إسلامي هو ما يتعلق بهذه الأمور التي تحيي شعائر الإسلام.

رفض مظاهر الفسق والانحلال والتبعية

ثامناً: رفض مظاهر الفسق والانحلال والذلة والتبعية والتشبه والانهزامية التي هيمنت على الأمة في الآونة الأخيرة:

وأقصد بذلك أن المسلمين بدأ عندهم الشعور بضرورة العودة إلى الإسلام، فلذلك صار عندهم شيء من ردة الفعل المعتدلة أحياناً والعنيفة أحياناً ضد مظاهر الفسق والانحلال والرذيلة.

بل ربما يكون من أقوى أسباب قوة هذه العودة إلى الإسلام هو هيمنة الفساق والعلمانيين على العالم الإسلامي، وما سعوا إليه من فرض الحكم بغير ما أنزل الله، ورفض دين الله تعالى وشرعه، وإعلان مظاهر الانحلال والخروج من الفضيلة والحشمة، أقول: إن هذا السبب هو من أعظم أسباب سرعة التنامي في وجود الصحوة والعودة إلى الإسلام من جديد.

فلذلك يجب ألا يغفل من يدرس ظواهر التشدد والغلو في بعض شباب الأمة، عن أن السبب الأول لظهور العنف والتشدد والغلو في بعض الشباب الجهلة هو هيمنة العلمانية، وفرض أسسها الخبيثة التي تعلن الرذيلة وتعرض عن دين الله تعالى، وتصد عن سبيل الله، ولو تحاكم الناس إلى شرع الله لوجدوا أن المسئول الأول عن ظهور هذه المظاهر الشاذة في بعض الشباب المتشدد هو العلمنة وما نتج عنها.

الاهتمام بأمور المسلمين

تاسعاً: من خصائص الصحوة الطيبة: الاهتمام بأمور المسلمين وقضاياهم في كل مكان، والمراقب المنصف يجد أن من أكبر حسنات هذه الصحوة المباركة أنها أيقظت المسلمين لشعور بعضهم بمعاناة البعض الآخر، وأيقظتهم للاهتمام بأمور المسلمين في أي مكان، وأوجدت لديهم ضرورة التكافل والتعاون والتناصر والتآزر، وأبعدت عنهم الإقليمية والانطوائية التي غرسها الجهل والبدع، وغرسها الاستعمار والاحتلال، وغرستها الأنظمة العلمانية.

محاولة النهوض بالأمة

عاشراً: محاولة النهوض بالأمة في كل نواحي الحياة، فإنا نجد أن أكثر الناس جداً وإسهاماً في إخراج الأمة من ضعفها وذلها هم شباب هذه الصحوة، ولو مكن لهم لكان للأمة وضع غير ما هي عليه، أعني: لو مكن أهل الخير والاستقامة، وأهل العلم والفضل والفقه في الدين من الإسهام الإيجابي في أمور الأمة في دينها ودنياها؛ لنهضت نهضة جبارة سبقت غيرها من الأمم.

وهذه سنة من سنن الله التي لا تتخلف.

فمن حسنات هذه الصحوة وخصائصها الطيبة: أنها حاولت جادة النهوض بالأمة، رغم ما يحدث من صدها وإبعادها عن مراكز التأثير والإنتاج والعمل الإيجابي.

السعي إلى الرقي بالدعوة

حادي عشر: السعي إلى الرقي بالدعوة بوسائلها وخططها وأساليبها من الارتجاليات والعفويات، والطرق والوسائل البدائية والفردية، إلى العمل المؤسسي والمنهجي والإداري المدروس الذي يفيد من الإمكانات المتاحة للأمة، وهي الإمكانات المعاصرة الجبارة، والوسائل المتوفرة التي لو استخدمت في نصرة الحق، لكان خيراً عظيماً.

العالمية

ثاني عشر: من أبرز خصائص هذه الصحوة أنها عالمية، خرجت من نطاق الإقليمية والوطنية، ومن نطاق القومية، وإن كان هذا شيئاً نسبياً قد يتخلف أحياناً في بعض الجماعات أو في بعض البلاد أو في بعض الأفراد الذين لهم أثر في الدعوة، لكن السمة العامة التي تتميز بها الصحوة في عمومها في جميع العالم العالمية.

وأنا عندما أتكلم عن الصحوة أحب أن أنبه أني لا أقصد الصحوة في بلد معين، ولا في العالم الإسلامي فقط، بل الصحوة في جميع العالم، لأنا نجد أن الإسلام نفسه يتنامى وتظهر دول الآن بملايين السكان تنضم إلى منظومة العالم الإسلامي، وهذه بداية نصر الله وفتحه الذي وعد الله به.

فأقول: إن من أهم سمات هذه الصحوة: أنها عالمية، عالمية في التوجه والأهداف، وعالمية في نشر الإسلام، وعالمية في الاهتمامات حتى إنها تتخطى الحدود والإقليميات وهذا مما أزعج خصوم الدعوة، وجعلهم يتكالبون عليها في كل مكان، حتى الدول التي لا يوجد فيها عزة للمسلمين أو أن المسلمين فيها أقلية، نجد أنها تنضم إلى مجموعة التحدي والتصدي للإسلام والمسلمين، وهذا من سنن الله التي يجب أن نفقهها وأن نعلمها ولا نستغربها.

ولا يهولنا الأمر إذا علمنا هذا، بل نستبشر خيراً؛ لأنه ما وجد هذا الزخم الهائل في خصومة الدعوة والتصدي لها إلا حينما كان لها كيان، فلذلك يجب بعد هذا ألا نتجادل: هل الدعوة أثمرت أو ما أثمرت؛ لأنها لو لم تثمر لما كان هذا الزخم من التخوف والتصدي لهذه الصحوة في جميع العالم.

إذاً: فهي عالمية تحمل هموم المسلمين في كل مكان، وتحمل إن شاء الله غايات الإسلام في كل مكان.

فأول هذه الخصائص وأبرزها لكل ناظر لأمر الصحوة هو: سرعة الانتشار وسرعة النمو، وسرعة التكامل بشكل مذهل.

وثانياً: القوة والصلابة في الحق عند كثير من أبناء هذه الصحوة.

وثالثاً: الإقبال والحرص على التزود بالعلم الشرعي والفقه في الدين، وهذه ظاهرة صحية تبشر بالخير، وتبعث على الفأل.

إقبال المسلمين عموماً والشباب على وجه الخصوص على التزود بالعلم الشرعي الصحيح وبطرقه السليمة، وعلى التفقه في الدين، والتزام أهل العلم من العلماء والمشايخ القدوة، مما يبعث على الفأل في هذه الصحوة.

رابعاً: الحرص على السنة والجماعة بكل معانيها، وهذا لا يعني أن الصحوة كلها تسلك طريق السنة والجماعة، لكن مظاهر الحرص موجودة، ودعاوى الالتفاف حول أهل السنة والجماعة ورفع شعار السنة والجماعة موجودة وبجد، لكن قد يكون هناك شيء من التقصير أو الفهم الخاطئ لمعنى السنة والجماعة، ولمناهج أهل السنة والجماعة.

أما جدية الإقبال فهي موجودة ومتوفرة في كثير من فصائل الدعوة والصحوة في جميع العالم.

خامساً: محاولة التخلص في الأغلب من البدع والمحدثات في الدين، ومن آثار الجهل والافتراق التي هيمنت على الأمة في عصورها المتأخرة.