شرح الترمذي - باب ما جاء في كراهية ما يستنجى به [50]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، ورضي الله عن الصحابة الطيبين، وعن من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً، وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً، سهل علينا أمورنا، وعلمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين، اللهم زدنا علماً نافعاً وعملاً صالحاً بفضلك ورحمتك يا أكرم الأكرمين، سبحانك اللهم وبحمدك على حلمك بعد علمك، سبحانك اللهم وبحمدك على عفوك بعد قدرتك، اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد!

الجريمة الثاني: جريمة اللواط، فعل الفاحشة بالذكور، هذه أشنع وأخبث، لأنها لا تنقلب حلالاً بوجه من الوجوه، لعل الإنسان إذا زنى بامرأة يتوب ثم يتزوجها، ثم هي معصية كما هي محرمة في الشرع يستقبحها الطبع، وما أبيحت في شرائع الدين الصحاح، وقد أخبرنا نبينا عليه الصلاة والسلام أنه يخشى على أمته من هذه الجريمة خشية شديدة، فهي حقيقة أشنع وأخبث وأشد وأفظع من الزنا.

حديث جابر: (إن أخوف ما أخاف على أمتي عمل قوم لوط)

ثبت في مسند الإمام أحمد وسنن الترمذي وقال: حديث حسن غريب، والحديث رواه الإمام ابن ماجه في سننه، وأحمد بن منيع في مسنده، وأبو يعلى في مسنده، والإمام الضياء المقدسي في الأحاديث الجياد المختارة، كما رواه البيهقي في شعب الإيمان، والحديث في المستدرك في الجزء الرابع صفحة سبع وخمسين وثلاثمائة، صححه وأقره عليه الذهبي، وتقدم معنا تحسين الترمذي أيضا، وانظروا أيضاً تصحيح الإمام المنذري له في الترغيب والترهيب في الجزء الثالث صفحة خمس وثمانين ومائتين، وانظروا رواية الترمذي في جامع الأصول في الجزء السادس صفحة خمسين وخمسمائة، ولفظ الحديث من رواية سيدنا جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن أخوف ما أخاف على أمتي عمل قوم لوط )، وقد أخبرنا نبينا عليه الصلاة والسلام أن من وقع في ذلك الفعل الأثيم يلعنه رب العالمين.

روى الإمام الطبراني في معجمه الأوسط، كما في الترغيب والترهيب في الجزء السادس صفحة سبع وثمانين ومائتين، والحديث في إسناده محرز بن هارون أخي هارون، يعني الأب هارون والولد أيضاً اسمه هارون ، لكن ليميز من هو محرز يقال: محرز أخو هارون ، ووالدهما أيضاً هارون فانتبهوا لذلك.

إذاً في الإسناد محرز كما في المجمع في الجزء السادس صفحة اثنتين وسبعين ومائتين، وقيل: محرر بوزن محمد، قال عنه الإمام المنذري: واهم، وحسن له الترمذي ، هذا كلام المنذري في الترغيب والترهيب، وهو أحسن حالاً من أخيه هارون بن هارون ، الذي يصبح معنا أخو محرر أو أخو محرز ، وقال الهيثمي في المجمع: ضعفه الجمهور وحسن له الترمذي ، وبقية رجاله رجال الصحيح، والحديث رواه الحاكم في المستدرك في الجزء الرابع صفحة ستٍ وخمسين وثلاثمائة، من طريق أخي محرز ، أو أخي محرر ، وهو هارون ، ولذلك يقال له هارون أخو محرر ، قال المنذري في الترغيب والترهيب أيضاً: واهم، كما قال في ترجمة أخيه.

علماء الجرح والتعديل المتقدمين وما يلزم المتأخرين نحوهم

هذا جهد البشر، وهذا اجتهادهم، وعلم الجرح والتعديل من أوله لآخره اجتهادي، وإذا كان الأمر كذلك فينبغي أن نعرف قدر أنفسنا، وأن نقف عند ما قرره أئمتنا؛ لأنه وإن أمكن احتمال الخطأ في اجتهادهم فهو أقل من احتمال الخطأ في اجتهادنا، لعدة أمور:

أولاً: لمنزلتهم الدينية والعلمية التي لا يشك أحد فيها، ولجميع الاعتبارات الشرعية، وإذا أردت أن تقيسنا بهم فأنت كمن سيقيس الثرى على الثريا، والحدادين على الملائكة، فلا يمكن أن يستقيم القياس بحال.

الأمر الثاني: كلما اقترب الإنسان من الرواة أمكنه أن يقف على حالهم أكثر، وكلما بعد عنهم صار مجال الخطأ، والوهم، وعدم الوقوف على تراجمهم التامة أكثر؛ ولذلك إذا حسن الترمذي حديثاً فهذا اجتهاد من الترمذي ، وليس عندنا شك أنه اجتهاد قد يصيب وقد يخطئ، لكن احتمال الخطأ في اجتهاده أقل بكثير من احتمال الخطأ في اجتهادنا، ومن باب أولى إذا صححه البخاري ، ثم بعد هذا يأتينا في هذا الزمان من ينقد تصحيح البخاري ، يا عبد الله! حفظت شيئاً وغابت عنك أشياء، نعم قد تكون اطلعت على علة تُعل بها الحديث، ولكن هذه العلة لها ما يزيلها ليس من طريق، بل من ألف طريق عند أئمتنا لم تطلع عليها، وبناءً على هذا صحح الحديث أو حسنه، وأنت لا تدري بهذا، فقف عند حدك، نعم كما ذكرت فلنا أن نجتهد في الأحاديث التي لم ينص عليها من قبل أئمتنا الأبرار، ونختلف فيما بيننا ويبقى الأمر فيه سعة، فلو بحثت حديثاً في الحلية، وتتبعت طرقه، فرأيت أنه حسن، وجاء آخر وقال: صحيح، وجاء آخر وقال: أرى أنه ضعيف، فهذا الأمر فيه سعة؛ لأنه مما لم ينقل تحسينه، أو تصحيحه، أو تضعيفه عن أئمتنا، أما إذا نقل فلا تتعد ما نقل عنهم، فلك أن تقول: أنا فيما يظهر لي أن تحسين الإمام الترمذي لهذا الحديث الذي يأتي من طريق محرر أولى، أو أرى أن تضعيف الحافظ ابن حجر لهذا الراوي أولى؛ لأن هذا مجتهد، وهذا مجتهد، لكن لابد أن نأخذ بالأحوط، ولا تخرج عن هذه الاجتهادات، ولا تخترع شيئاً من اجتهادك في هذه الأيام.

المنذري الذي هو قبل الحافظ ابن حجر يرى أن محرراً أحسن حالاً من هارون، والحافظ ابن حجر يعكس الأمر، إذاً: الحديث مر بطريق محرر ، ومن طريق هارون ، ورواه البيهقي في شعب الإيمان، والطبراني في معجمه الأوسط، والحاكم في المستدرك، وطريق الطبراني من طريق محرر أو محرز، وطريق الحاكم من طريق هارون، والحديث رواه البيهقي في شعب الإيمان، والخرائطي في مساوئ الأخلاق، كما في جمع الجوامع في الجزء الأول، صفحة أربع وأربعين وستمائة، والحديث في الترغيب في الجزء الثالث، صفحة سبع وثمانين وثلاثمائة.

حديث أبي هريرة: (ملعون من عمل عمل قوم لوط)

إذاً: الرواية الثالثة رواها البيهقي في شعب الإيمان، والخرائطي في مساوئ الأخلاق، فعندنا الآن ثلاثة ممن رووا هذا الحديث:

الأول: عند الطبراني في معجمه الأوسط، والحاكم، والخرائطي، والبيهقي من رواية أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه، ولفظ الحديث: عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( لعن الله سبعة من خلقه من فوق سبع سماواته، ورد اللعنة على كل واحد منهم ثلاثاً )، أي: لعنه ثلاث مرات، ولعن كل واحد منهم لعنة تكفيه، فقال: ( ملعون من عمل عمل قوم لوط، ملعون من عمل عمل قوم لوط )، هذا الصنف الأول له ثلاث لعنات، والصنف الثاني: ( ملعون من ذبح لغير الله )، والصنف الثالث: ( ملعون من أتى شيئاً من البهائم )، وتقدم معنا في صون الفروج، الصنف الرابع: ( ملعون من عق والديه )، والصنف الخامس: ( ملعون من جمع بين امرأة وابنتها )، والصنف السادس: ( ملعون من غير حدود الأرض )، أي: المنارات والعلامات من أجل أن يوسع أرضه، الصنف السابع: ( ملعون من ادعى إلى غير مواليه ).

قال المنذري ورواه الطبراني في الأوسط، ورجاله رجال الصحيح إلا محرز بن هارون التيمي ، ويقال محرر بالإهمال، ورواه الحاكم من رواية هارون أخي محرر، في الجزء الرابع، صفحة ستٍ وخمسين وثلاثمائة، وقال: صحيح الإسناد، وتقدم معنا قول الذهبي : قلت: هارون ضعفوه، قال الحافظ -يقصد هنا المنذري -: كلاهما واهم، محرر وهارون ؛ لذلك قلنا في ترجمتهما: المنذري يقول: كلاهما واهم، لكن محرز قد حسن له الترمذي ومشاه بعضهم، وهو أصلح حالاً من أخيه هارون والله أعلم.

محرر تقدم معنا كلام الهيثمي فيه حيث قال: ضعفه الجمهور، وقد حسن له الترمذي ، وبقية رجاله رجال الصحيح، يعني: الحديث، وبما أن الترمذي يحسن لـمحرر فلا ينزل الحديث عن درجة الحسن، ولاسيما أنه روي من طريقين: من طريق هارون ، ومن طريق محرر فهما يعتضدان بحسب القواعد الحديثية التي تنص على أن الحديث إذا جاء من طريقين فإنه يتقوى، مع أن محرراً روايته بنفسها في درجة الحسن عند الإمام الترمذي ، فسيتقوى إذا كان هنالك ضعف في رواية أخيه هارون ، وكلاهما من أهل الرواية والأثر، وفيهما ضعف غفر الله لنا ولهما وللمسلمين أجمعين.

حديث ابن عباس: (... ولعن الله من عمل عمل قوم لوط)

والحديث لا ينزل عن درجة الحسن لشواهده، فقد رواه ابن حبان في صحيحه، وهو في الموارد صفحة ثلاث وأربعين، والإحسان في الجزء السادس، صفحة تسع وتسعين ومائتين، ورواه الحاكم في المستدرك في الجزء الرابع، صفحة ستٍ وخمسين وثلاثمائة، وصححه وأقره عليه الذهبي، ورواه البيهقي في السنن الكبرى في الجزء الثامن، صفحة إحدى وثلاثين ومائتين، ورواه أحمد في المسند، والطبراني في معجمه الكبير، وأبو نعيم في الحلية، وعبد الرزاق في مصنفه، كما في جمع الجوامع في الجزء الأول، صفحة ثلاث وأربعين وستمائة، وصفحة خمس وأربعين بعد المائة، ولفظ الحديث من رواية عبد الله بن عباس ، فهناك من رواية أبي هريرة ، وهنا من رواية عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، عن ا لنبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لعن الله من ذبح لغير الله، ولعن الله من غير تخوم الأرض، ولعن الله من كمه أعمى عن السبيل )، يعني: أضله وأشار إلى حفرة وقال له: الطريق من هنا فمشى الأعمى وسقط، فأنت إذا أضللت بصيراً تكون ملعوناً، لأنك آذيت عباد الله، فكيف لو أضللت الأعمى، فإذا لم تسطع أن تساعده فاتركه، فلا تضله وتقول له: الطريق من هنا، أو من هنا ليسقط في حفرة وتضحك عليه، فإنك ملعون كما قال صلى الله عليه وسلم: ( لعن الله من كمه أعمى عن السبيل، ولعن الله من سب والديه، ولعن الله من تولى غير مواليه، ولعن الله من عمل عمل قوم لوط قالها ثلاثاً في عمل قوم لوط )، فالإمام المنذري عزى الحديث إلى، ابن حبان في صحيحه، والبيهقي ، والنسائي وعنده آخره مكرر، لم يعزه إلى المستدرك ولا إلى غيره كما أشرت إليه من الروايات، إذاً: حديث أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه من طريق محرر ، وهارون لا ينزل عن درجة الحسن، إما كما تقدم معنا لنفسه بنفسه، أو بشواهده والعلم عند الله جل وعلا.

ثبت في مسند الإمام أحمد وسنن الترمذي وقال: حديث حسن غريب، والحديث رواه الإمام ابن ماجه في سننه، وأحمد بن منيع في مسنده، وأبو يعلى في مسنده، والإمام الضياء المقدسي في الأحاديث الجياد المختارة، كما رواه البيهقي في شعب الإيمان، والحديث في المستدرك في الجزء الرابع صفحة سبع وخمسين وثلاثمائة، صححه وأقره عليه الذهبي، وتقدم معنا تحسين الترمذي أيضا، وانظروا أيضاً تصحيح الإمام المنذري له في الترغيب والترهيب في الجزء الثالث صفحة خمس وثمانين ومائتين، وانظروا رواية الترمذي في جامع الأصول في الجزء السادس صفحة خمسين وخمسمائة، ولفظ الحديث من رواية سيدنا جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن أخوف ما أخاف على أمتي عمل قوم لوط )، وقد أخبرنا نبينا عليه الصلاة والسلام أن من وقع في ذلك الفعل الأثيم يلعنه رب العالمين.

روى الإمام الطبراني في معجمه الأوسط، كما في الترغيب والترهيب في الجزء السادس صفحة سبع وثمانين ومائتين، والحديث في إسناده محرز بن هارون أخي هارون، يعني الأب هارون والولد أيضاً اسمه هارون ، لكن ليميز من هو محرز يقال: محرز أخو هارون ، ووالدهما أيضاً هارون فانتبهوا لذلك.

إذاً في الإسناد محرز كما في المجمع في الجزء السادس صفحة اثنتين وسبعين ومائتين، وقيل: محرر بوزن محمد، قال عنه الإمام المنذري: واهم، وحسن له الترمذي ، هذا كلام المنذري في الترغيب والترهيب، وهو أحسن حالاً من أخيه هارون بن هارون ، الذي يصبح معنا أخو محرر أو أخو محرز ، وقال الهيثمي في المجمع: ضعفه الجمهور وحسن له الترمذي ، وبقية رجاله رجال الصحيح، والحديث رواه الحاكم في المستدرك في الجزء الرابع صفحة ستٍ وخمسين وثلاثمائة، من طريق أخي محرز ، أو أخي محرر ، وهو هارون ، ولذلك يقال له هارون أخو محرر ، قال المنذري في الترغيب والترهيب أيضاً: واهم، كما قال في ترجمة أخيه.

هذا جهد البشر، وهذا اجتهادهم، وعلم الجرح والتعديل من أوله لآخره اجتهادي، وإذا كان الأمر كذلك فينبغي أن نعرف قدر أنفسنا، وأن نقف عند ما قرره أئمتنا؛ لأنه وإن أمكن احتمال الخطأ في اجتهادهم فهو أقل من احتمال الخطأ في اجتهادنا، لعدة أمور:

أولاً: لمنزلتهم الدينية والعلمية التي لا يشك أحد فيها، ولجميع الاعتبارات الشرعية، وإذا أردت أن تقيسنا بهم فأنت كمن سيقيس الثرى على الثريا، والحدادين على الملائكة، فلا يمكن أن يستقيم القياس بحال.

الأمر الثاني: كلما اقترب الإنسان من الرواة أمكنه أن يقف على حالهم أكثر، وكلما بعد عنهم صار مجال الخطأ، والوهم، وعدم الوقوف على تراجمهم التامة أكثر؛ ولذلك إذا حسن الترمذي حديثاً فهذا اجتهاد من الترمذي ، وليس عندنا شك أنه اجتهاد قد يصيب وقد يخطئ، لكن احتمال الخطأ في اجتهاده أقل بكثير من احتمال الخطأ في اجتهادنا، ومن باب أولى إذا صححه البخاري ، ثم بعد هذا يأتينا في هذا الزمان من ينقد تصحيح البخاري ، يا عبد الله! حفظت شيئاً وغابت عنك أشياء، نعم قد تكون اطلعت على علة تُعل بها الحديث، ولكن هذه العلة لها ما يزيلها ليس من طريق، بل من ألف طريق عند أئمتنا لم تطلع عليها، وبناءً على هذا صحح الحديث أو حسنه، وأنت لا تدري بهذا، فقف عند حدك، نعم كما ذكرت فلنا أن نجتهد في الأحاديث التي لم ينص عليها من قبل أئمتنا الأبرار، ونختلف فيما بيننا ويبقى الأمر فيه سعة، فلو بحثت حديثاً في الحلية، وتتبعت طرقه، فرأيت أنه حسن، وجاء آخر وقال: صحيح، وجاء آخر وقال: أرى أنه ضعيف، فهذا الأمر فيه سعة؛ لأنه مما لم ينقل تحسينه، أو تصحيحه، أو تضعيفه عن أئمتنا، أما إذا نقل فلا تتعد ما نقل عنهم، فلك أن تقول: أنا فيما يظهر لي أن تحسين الإمام الترمذي لهذا الحديث الذي يأتي من طريق محرر أولى، أو أرى أن تضعيف الحافظ ابن حجر لهذا الراوي أولى؛ لأن هذا مجتهد، وهذا مجتهد، لكن لابد أن نأخذ بالأحوط، ولا تخرج عن هذه الاجتهادات، ولا تخترع شيئاً من اجتهادك في هذه الأيام.

المنذري الذي هو قبل الحافظ ابن حجر يرى أن محرراً أحسن حالاً من هارون، والحافظ ابن حجر يعكس الأمر، إذاً: الحديث مر بطريق محرر ، ومن طريق هارون ، ورواه البيهقي في شعب الإيمان، والطبراني في معجمه الأوسط، والحاكم في المستدرك، وطريق الطبراني من طريق محرر أو محرز، وطريق الحاكم من طريق هارون، والحديث رواه البيهقي في شعب الإيمان، والخرائطي في مساوئ الأخلاق، كما في جمع الجوامع في الجزء الأول، صفحة أربع وأربعين وستمائة، والحديث في الترغيب في الجزء الثالث، صفحة سبع وثمانين وثلاثمائة.

إذاً: الرواية الثالثة رواها البيهقي في شعب الإيمان، والخرائطي في مساوئ الأخلاق، فعندنا الآن ثلاثة ممن رووا هذا الحديث:

الأول: عند الطبراني في معجمه الأوسط، والحاكم، والخرائطي، والبيهقي من رواية أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه، ولفظ الحديث: عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( لعن الله سبعة من خلقه من فوق سبع سماواته، ورد اللعنة على كل واحد منهم ثلاثاً )، أي: لعنه ثلاث مرات، ولعن كل واحد منهم لعنة تكفيه، فقال: ( ملعون من عمل عمل قوم لوط، ملعون من عمل عمل قوم لوط )، هذا الصنف الأول له ثلاث لعنات، والصنف الثاني: ( ملعون من ذبح لغير الله )، والصنف الثالث: ( ملعون من أتى شيئاً من البهائم )، وتقدم معنا في صون الفروج، الصنف الرابع: ( ملعون من عق والديه )، والصنف الخامس: ( ملعون من جمع بين امرأة وابنتها )، والصنف السادس: ( ملعون من غير حدود الأرض )، أي: المنارات والعلامات من أجل أن يوسع أرضه، الصنف السابع: ( ملعون من ادعى إلى غير مواليه ).

قال المنذري ورواه الطبراني في الأوسط، ورجاله رجال الصحيح إلا محرز بن هارون التيمي ، ويقال محرر بالإهمال، ورواه الحاكم من رواية هارون أخي محرر، في الجزء الرابع، صفحة ستٍ وخمسين وثلاثمائة، وقال: صحيح الإسناد، وتقدم معنا قول الذهبي : قلت: هارون ضعفوه، قال الحافظ -يقصد هنا المنذري -: كلاهما واهم، محرر وهارون ؛ لذلك قلنا في ترجمتهما: المنذري يقول: كلاهما واهم، لكن محرز قد حسن له الترمذي ومشاه بعضهم، وهو أصلح حالاً من أخيه هارون والله أعلم.

محرر تقدم معنا كلام الهيثمي فيه حيث قال: ضعفه الجمهور، وقد حسن له الترمذي ، وبقية رجاله رجال الصحيح، يعني: الحديث، وبما أن الترمذي يحسن لـمحرر فلا ينزل الحديث عن درجة الحسن، ولاسيما أنه روي من طريقين: من طريق هارون ، ومن طريق محرر فهما يعتضدان بحسب القواعد الحديثية التي تنص على أن الحديث إذا جاء من طريقين فإنه يتقوى، مع أن محرراً روايته بنفسها في درجة الحسن عند الإمام الترمذي ، فسيتقوى إذا كان هنالك ضعف في رواية أخيه هارون ، وكلاهما من أهل الرواية والأثر، وفيهما ضعف غفر الله لنا ولهما وللمسلمين أجمعين.