منهج السلف في تقرير العقيدة ونشرها والرد على المخالفين


الحلقة مفرغة

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

أما بعد:

فإن من أهم الأمور التي ينبغي بيانها لعموم المسلمين ولطلاب العلم خاصة: ما يتعلق بمناهج السلف العلمية والعملية في الاعتقاد والأحكام، وربما يقول قائل: لماذا التركيز على مناهج السلف في هذا الوقت؟

فأقول: إن الموجب للحديث عن منهاج السلف في هذا العصر أمور كثيرة:

التشكيك في المفاهيم والعقائد والأفكار

أولها: ما دخل على قلوب كثير من المسلمين، وعلى أعمالهم ومفاهيمهم وأفكارهم ومعارفهم من أفكار وافدة، شككتهم في أصول دينهم، وفي مناهج السلف، وفي سبيل المؤمنين، ثم ما طرأ على كثير من المسلمين من الخلل في أصول تلقي الدين، وتلقي العلم الشرعي.

فقد كان المسلمون منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى وقت قريب يستمدون الدين عن القدوة، وما كان أحد من الناس يخالف هذه البدهية، بل كانت الأمة ترجع إلى الراسخين في العلم.. وإلى أهل الذكر كما أمر الله عز وجل، لكن في الآونة الأخيرة، ولكثرة مصادر التلقي غير النقية، ولهيمنة البدع على قلوب بعض الناس وأعمالهم، ولكثرة الأهواء والافتراق، ولشيوع المذاهب الهدامة بين كثير من المسلمين؛ اختل هذا الأصل، فصار الناس لا يدرون ولا يفهمون، وربما يجهلون عمن يأخذون الدين.

كما أن كثيراً من أبناء المسلمين صار عندهم استقلالية في التلقي، وبعضهم أخذه التعالم والتعالي، فبمجرد ما يحصِّل الواحد منهم القليل من العلم؛ يظن أنه بذلك استغنى عن العلماء، فيستقل؛ فلا يأخذ عن القدوة وهو موجود بحمد الله في المسلمين إلى قيام الساعة؛ لأن الله تكفل بذلك.

الهجوم الإعلامي على عقائد الناس وقلب الحقائق

ثانيها: الهجوم الإعلامي الشرس على المسلمين وإلزامهم بمعلومات غير نقلية، وإدخالها إلى أذهان المسلمين بما يتاح من وسيلة معلنة أو خفية؛ مما جعل الناس تختل عندهم المناهج، وما كان المسلم قبل مدة يسيرة يظن أنه يتلقى الدين عن غير أهله، فكان حتى المبتدع والفاجر والفاسق والمعرض يعترف بأن الدين إنما يؤخذ عن القدوة، حتى ولو لم يأخذه، ولو خالف هواه.

أما الآن فوجد من المتدينين من يزعم أنه يستغني عن القدوة، فقد وجد من دعاة الضلالة الذين يرفعون راية الإسلام بل والسنة بزعمهم من يحجب أبناء المسلمين عن القدوة -العالم الراسخ- بدعاوى كثيرة، وربما التبس هذا الأمر أيضاً على بعض خيار الدعاة، وعلى طلاب العلم أو من ينتسب للعلم، وربما ذهلوا عن هذه الحقيقة؛ فصرفوا من حيث قصدوا أو لم يقصدوا- الناس عن العلماء بدعاوى وشبهات.

إذاً: نحن نحتاج إلى تذكير عموم المسلمين -وطلاب العلم خاصة- بمناهج الدين المتمثلة في مناهج السلف، ونذكرهم فيها جملة وتفصيلاً.

أولها: ما دخل على قلوب كثير من المسلمين، وعلى أعمالهم ومفاهيمهم وأفكارهم ومعارفهم من أفكار وافدة، شككتهم في أصول دينهم، وفي مناهج السلف، وفي سبيل المؤمنين، ثم ما طرأ على كثير من المسلمين من الخلل في أصول تلقي الدين، وتلقي العلم الشرعي.

فقد كان المسلمون منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى وقت قريب يستمدون الدين عن القدوة، وما كان أحد من الناس يخالف هذه البدهية، بل كانت الأمة ترجع إلى الراسخين في العلم.. وإلى أهل الذكر كما أمر الله عز وجل، لكن في الآونة الأخيرة، ولكثرة مصادر التلقي غير النقية، ولهيمنة البدع على قلوب بعض الناس وأعمالهم، ولكثرة الأهواء والافتراق، ولشيوع المذاهب الهدامة بين كثير من المسلمين؛ اختل هذا الأصل، فصار الناس لا يدرون ولا يفهمون، وربما يجهلون عمن يأخذون الدين.

كما أن كثيراً من أبناء المسلمين صار عندهم استقلالية في التلقي، وبعضهم أخذه التعالم والتعالي، فبمجرد ما يحصِّل الواحد منهم القليل من العلم؛ يظن أنه بذلك استغنى عن العلماء، فيستقل؛ فلا يأخذ عن القدوة وهو موجود بحمد الله في المسلمين إلى قيام الساعة؛ لأن الله تكفل بذلك.

ثانيها: الهجوم الإعلامي الشرس على المسلمين وإلزامهم بمعلومات غير نقلية، وإدخالها إلى أذهان المسلمين بما يتاح من وسيلة معلنة أو خفية؛ مما جعل الناس تختل عندهم المناهج، وما كان المسلم قبل مدة يسيرة يظن أنه يتلقى الدين عن غير أهله، فكان حتى المبتدع والفاجر والفاسق والمعرض يعترف بأن الدين إنما يؤخذ عن القدوة، حتى ولو لم يأخذه، ولو خالف هواه.

أما الآن فوجد من المتدينين من يزعم أنه يستغني عن القدوة، فقد وجد من دعاة الضلالة الذين يرفعون راية الإسلام بل والسنة بزعمهم من يحجب أبناء المسلمين عن القدوة -العالم الراسخ- بدعاوى كثيرة، وربما التبس هذا الأمر أيضاً على بعض خيار الدعاة، وعلى طلاب العلم أو من ينتسب للعلم، وربما ذهلوا عن هذه الحقيقة؛ فصرفوا من حيث قصدوا أو لم يقصدوا- الناس عن العلماء بدعاوى وشبهات.

إذاً: نحن نحتاج إلى تذكير عموم المسلمين -وطلاب العلم خاصة- بمناهج الدين المتمثلة في مناهج السلف، ونذكرهم فيها جملة وتفصيلاً.

أما الحديث عن منهج السلف في تقرير العقيدة ونشرها والرد على المخالف، فهو موضوع يحتاج الناس إليه، وقبل أن أبدأ بهذا المنهج أشير إلى بعض الأصول والمرتكزات والمسلمات التي ينبغي أن تفهم قبل معرفة بعض الفوائد في منهج السلف في تقرير العقيدة والدفاع عنها.

والحديث سيتركز على القواعد والمناهج دون الدخول في التفصيلات والأمثلة والأدلة؛ لأن ذلك يستدعي وقتاً طويلاً، لكني أوجز بالاقتصار على أهم الأصول والمرتكزات التي تتعلق بمنهج السلف عموماً.

إتمام الدين وشموليته في العقائد والأحكام

أولاً: لا بد لكل مسلم أن يؤمن -ضرورة- بأن الله عز وجل أكمل هذا الدين، فالدين بجملته وتفصيلاته ليس بحاجة إلى أن يستمد من مصادر أخرى، أو اجتهادات البشر في أصوله وقواعده وأدلته، بل يحتاج إلى جهود البشر في جانب الاجتهاديات.. في الأحكام والاستنباط، أما ما يتعلق بالأصول والمناهج.. ما يتعلق بالعقيدة والقواعد فهي أمور مقررة توقيفية، قد أكمل الله بها الدين، والله عز وجل يقول: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا [المائدة:3].

فمنذ ذلك اليوم الذي أعلن الله فيه هذا الأصل تقرر قطعاً أن الناس ليسوا بحاجة إلى أن يستمدوا الدين من غير الكتاب والسنة.

ثم يستلزم ذلك أن كمال الدين هو صلاحيته لكل زمان ومكان، ولكل بيئة ومجتمع، ولكل وضع من أوضاع البشر إلى أن تقوم الساعة، الوضع البدائي والوضع الحضاري؛ كله لا بد أن يكون الدين قد اشتمل على المنهج الأكمل في إصلاحه واستصلاحه؛ لئلا يدعي مدع أننا بحاجة إلى نمط آخر، أو إلى أصول أو اجتهادات أخرى في قواعد الدين تختلف عن مناهج الأولين؛ بدعوى أن أوضاع البشرية تغيرت، وأن الناس قد تحضروا، وأن المدنية هيمنت.. الخ.

والله عز وجل جعل هذا الدين هو الدين الخاتم، وجعل رسالة النبي صلى الله عليه وسلم هي الرسالة الأخيرة؛ وهذا -بالضرورة- يقتضي أن تكون صالحة لكل زمان ومكان، كما أن هذا الدين الذي أكمله الله لا بد أن يشتمل على العقائد والأحكام.. على الأدلة بتفصيلاتها، وعلى القواعد التي ترجع إليها ملايين الجزئيات.. إلى ما لا نهاية.

كما اشتمل على الأصول العلمية والعملية، المنهجية والجزئية، كما اشتمل على العلم والعمل، وعلى مناهج ذلك كله الذي تؤدي إليه، كما اشتمل أيضاً على الوسائل التي تخدم الدين أو التي يكون بها الاستمداد من الدين لأحوال البشر ونوازل الحياة.

الدين بين النظرية والتطبيق

ثانياً: أن هذا الدين لا بد أن يمثله سلوك بشر، فالدين ليس بمثاليات ولا نظريات، إنما جاء لحل مشكلات البشر، ولتسيير أمورهم وأوضاعهم على ما يرضي الله عز وجل إذا سلكوا هذا الدين.

فالدين يمثله سبيل المؤمنين الذي توعد الله من خالفه، وجعل ذلك مشاقة للرسول صلى الله عليه وسلم، قال سبحانه: وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا [النساء:115]، فجعل الله عز وجل الخروج عن مقتضى هذا الدين مشاقة للرسول صلى الله عليه وسلم، وخروج عن سبيل المؤمنين، وجعل اتباع غير سبيل المؤمنين من الأمور الموجبة لغضب الله ومقته وعذابه، وسبيل المؤمنين هو السنة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وصف هؤلاء المؤمنين بالجماعة، والطائفة المنصورة، والفرقة الناجية، وبالظاهرين، ووصفهم بأوصاف كثيرة، ثم إنه وصف حالهم بوصف دقيق يكون هو الميزان عندما يختلف الناس، أو عندما يتنازعون في المقصود بأصحاب هذا الوصف؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم بيَّن أن سبيل المؤمنين هو سبيل الجماعة، ثم لما سئل عن الجماعة قال: (هم من كان على ما أنا عليه وأصحابي).

وهذا وصف بيِّن جلي؛ لأن ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام بيِّن جلي مسطور محفوظ، حفظه الله عز وجل في كتابه، وفي سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، المنقولة عملاً، والمكتوبة والمسطورة، والتي تكفل الله بحفظها إلى قيام الساعة؛ لئلا يحتج محتج فيقول: لا أدري أو لا أعرف ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة.

فالحجة بذلك قائمة، والسنة بين أيدينا ولذلك وصفها النبي صلى الله عليه وسلم بأن ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، فالجادة هي المنارة في وسط الظلماء، إذا كان الإنسان يسير في ليل وليس أمامه إلا هذا الطريق المنار؛ فإنه إذا خالف يميناً أو شمالاً وقع في الظلمة؛ وبذلك قصد الخروج عن مقتضى الواضحة، كذلك السنة واضحة كالطريق المنارة، لا يزيغ عنها إلا من تعمد الزيغ، نسأل الله العافية.

حفظ الدين واختلاف المناهج

ثالثاً: أن الله تكفل بحفظ دينه، وقد يقول قائل: إن المناهج قد اختلفت علينا وكثرت السبل، وكثرت دعاوى السنة، ولم يعد الدين واضحاً، فنقول: ليس الأمر كذلك؛ فإن الله عز وجل كما أكمل الدين فقد تكفل بحفظ دينه وبقائه، فقال عز وجل: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر:9]، مؤكدات قاطعة أن هذا الدين سيحفظ.

ثم الخبر الصادق عن النبي صلى الله عليه وسلم المتواتر بأن طائفة من هذه الأمة ستبقى ظاهرة: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين)، والظهور يشمل ظهور العيان.. ظهور الحجة.. ظهور القدوة.. ظهور العلم.. ظهور العمل.. ظهور المناهج، وهذا أمر بدهي أن يكون الظهور من كل وجه، وإلا فمتى يكون وصف النبي صلى الله عليه وسلم على حقيقته، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم أوتي جوامع الكلم، فهو لا ينطق عن الهوى.

ثم فسر أمر الجماعة بتفسيرات أخرى، قال: (لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم إلى أن تقوم الساعة)، وسمَّاهم الطائفة المنصورة والفرقة الناجية، وسماهم الجماعة، وسماهم الصحابة رضي الله عنهم بأسماء تدل على أنهم أهل الحديث وأهل الأثر.. الخ.

وهذه الصفات بمجموعها توجب -حتماً- أن السنة بيِّنة واضحة لا يزيغ عنها إلا هالك، وأن الله عز وجل تكفل بحفظ الدين، ومن مقتضيات الحفظ: بقاء طائفة تكون هي القدوة؛ لأن الدين لا يكون مجرد مثاليات، أو نظريات.

فكما حفظ الله الدين بمصادره -وهو القرآن والسنة- كذلك حفظ وضمن لنا العمل به، وحفظ لنا وجود القدوة وضمنها إلى قيام الساعة، ويلتمس ذلك ببقاء الطائفة الذين هم على الحق ظاهرين، وهم أهل السنة والجماعة.

أولاً: لا بد لكل مسلم أن يؤمن -ضرورة- بأن الله عز وجل أكمل هذا الدين، فالدين بجملته وتفصيلاته ليس بحاجة إلى أن يستمد من مصادر أخرى، أو اجتهادات البشر في أصوله وقواعده وأدلته، بل يحتاج إلى جهود البشر في جانب الاجتهاديات.. في الأحكام والاستنباط، أما ما يتعلق بالأصول والمناهج.. ما يتعلق بالعقيدة والقواعد فهي أمور مقررة توقيفية، قد أكمل الله بها الدين، والله عز وجل يقول: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا [المائدة:3].

فمنذ ذلك اليوم الذي أعلن الله فيه هذا الأصل تقرر قطعاً أن الناس ليسوا بحاجة إلى أن يستمدوا الدين من غير الكتاب والسنة.

ثم يستلزم ذلك أن كمال الدين هو صلاحيته لكل زمان ومكان، ولكل بيئة ومجتمع، ولكل وضع من أوضاع البشر إلى أن تقوم الساعة، الوضع البدائي والوضع الحضاري؛ كله لا بد أن يكون الدين قد اشتمل على المنهج الأكمل في إصلاحه واستصلاحه؛ لئلا يدعي مدع أننا بحاجة إلى نمط آخر، أو إلى أصول أو اجتهادات أخرى في قواعد الدين تختلف عن مناهج الأولين؛ بدعوى أن أوضاع البشرية تغيرت، وأن الناس قد تحضروا، وأن المدنية هيمنت.. الخ.

والله عز وجل جعل هذا الدين هو الدين الخاتم، وجعل رسالة النبي صلى الله عليه وسلم هي الرسالة الأخيرة؛ وهذا -بالضرورة- يقتضي أن تكون صالحة لكل زمان ومكان، كما أن هذا الدين الذي أكمله الله لا بد أن يشتمل على العقائد والأحكام.. على الأدلة بتفصيلاتها، وعلى القواعد التي ترجع إليها ملايين الجزئيات.. إلى ما لا نهاية.

كما اشتمل على الأصول العلمية والعملية، المنهجية والجزئية، كما اشتمل على العلم والعمل، وعلى مناهج ذلك كله الذي تؤدي إليه، كما اشتمل أيضاً على الوسائل التي تخدم الدين أو التي يكون بها الاستمداد من الدين لأحوال البشر ونوازل الحياة.

ثانياً: أن هذا الدين لا بد أن يمثله سلوك بشر، فالدين ليس بمثاليات ولا نظريات، إنما جاء لحل مشكلات البشر، ولتسيير أمورهم وأوضاعهم على ما يرضي الله عز وجل إذا سلكوا هذا الدين.

فالدين يمثله سبيل المؤمنين الذي توعد الله من خالفه، وجعل ذلك مشاقة للرسول صلى الله عليه وسلم، قال سبحانه: وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا [النساء:115]، فجعل الله عز وجل الخروج عن مقتضى هذا الدين مشاقة للرسول صلى الله عليه وسلم، وخروج عن سبيل المؤمنين، وجعل اتباع غير سبيل المؤمنين من الأمور الموجبة لغضب الله ومقته وعذابه، وسبيل المؤمنين هو السنة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وصف هؤلاء المؤمنين بالجماعة، والطائفة المنصورة، والفرقة الناجية، وبالظاهرين، ووصفهم بأوصاف كثيرة، ثم إنه وصف حالهم بوصف دقيق يكون هو الميزان عندما يختلف الناس، أو عندما يتنازعون في المقصود بأصحاب هذا الوصف؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم بيَّن أن سبيل المؤمنين هو سبيل الجماعة، ثم لما سئل عن الجماعة قال: (هم من كان على ما أنا عليه وأصحابي).

وهذا وصف بيِّن جلي؛ لأن ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام بيِّن جلي مسطور محفوظ، حفظه الله عز وجل في كتابه، وفي سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، المنقولة عملاً، والمكتوبة والمسطورة، والتي تكفل الله بحفظها إلى قيام الساعة؛ لئلا يحتج محتج فيقول: لا أدري أو لا أعرف ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة.

فالحجة بذلك قائمة، والسنة بين أيدينا ولذلك وصفها النبي صلى الله عليه وسلم بأن ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، فالجادة هي المنارة في وسط الظلماء، إذا كان الإنسان يسير في ليل وليس أمامه إلا هذا الطريق المنار؛ فإنه إذا خالف يميناً أو شمالاً وقع في الظلمة؛ وبذلك قصد الخروج عن مقتضى الواضحة، كذلك السنة واضحة كالطريق المنارة، لا يزيغ عنها إلا من تعمد الزيغ، نسأل الله العافية.




استمع المزيد من الشيخ ناصر العقل - عنوان الحلقة اسٌتمع
المعيار في معرفة المتشبهين بالكفار 3330 استماع
أحكام الأعياد 3185 استماع
توجيهات في طريق الصحوة 3033 استماع
مسلمات في العقيدة 3021 استماع
حقيقة التدين 2995 استماع
علامات الساعة وقيامها 2907 استماع
الوسواس أسبابه وعلاجه 2788 استماع
مصير الانسان 2511 استماع
مفتريات حول دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب 2474 استماع
العلماء هم الدعاة 2403 استماع