عنوان الفتوى : من نسي الفاتحة وتذكرها في سجود الركعة التالية عند المالكية
ما حكم من نسي الفاتحة من الركعة الأولى في صلاة العشاء، وتذكّرها وهو ساجد السجود الثاني في الركعة الثالثة عند المالكية؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فللمالكية في هذه المسألة أقوال: أشهرها أنه يمضي في صلاته، ثم يسجد قبل السلام، ثم يعيد تلك الصلاة احتياطًا، قال خليل في المختصر: وهل تجب الفاتحة في كل ركعة، أو الجل؟ خلاف. انتهى.
قال الخرشي شارحًا: الأول: -أي: وجوب الفاتحة في كل ركعة- لمالك في المدونة. وشهره ابن شاس، وابن الحاجب، وعبد الوهاب، وابن عبد البر؛ لخبر: «من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن؛ فهي خداج، خداج، خداج» أي: غير تمام. بناء على أن المراد بالصلاة كل ركعة؛ لأنه الظاهر من السياق؛ إذ محل القراءة من الصلاة كل قيام، فهو كما قيل: كل صلاة لم يركع فيها، أو لم يسجد. وقيل: تجب في الجل، وتسن في الأقل، وإليه رجع مالك. وشهره صاحب الإرشاد، وهو ابن عسكر القرافي، وهو ظاهر المذهب...انتهى.
وقال ابن عرفة في حاشية الدسوقي على الشرح الكبير: ولكن ظاهر المذهب أنه إذا ترك الفاتحة كلًّا أو بعضًا، سهوًا من الأقل، كركعة من الرباعية، أو الثلاثية؛ فإنه يسجد قبل السلام، ثم يعيد تلك الصلاة احتياطًا، وهو الذي اختاره في الرسالة، ونصها: "واختلف في السهو عن القراءة في ركعة من غيرها، أي: من غير الصبح، فقيل: يجزئ عنه سجود السهو قبل السلام، وقيل: يلغيها، ويأتي بركعة، وقيل: يسجد قبل السلام، ولا يأتي بركعة، ويعيد الصلاة احتياطًا. وهو أحسن ذلك -إن شاء الله تعالى-. انتهى. وهذا الحكم عندهم خاص بالإمام، أو المنفرد.
وأما المأموم؛ فلا تجب عليه الفاتحة، لا في الجهرية، ولا السرية، قال ابن عرفة في حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، متحدثًا عن حكم قراءتها للمأموم: (قوله: لا على مأموم) أي: فلا تجب عليه، كانت الصلاة جهرية أو سرية، خلافًا لابن العربي القائل بلزومها للمأموم في السرية، وهو ضعيف. والمعتمد عدم لزومها له، وإنما استحب له قراءتها في هذه الحالة فقط. انتهى.
والله أعلم.