خطب ومحاضرات
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 73
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 73
شرح تحفة أهل الطلب في تجريد قواعد ابن رجب [20]
الحلقة مفرغة
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [القاعدة الحادية عشرة بعد المائة: إذا كان الواجب بسبب واحد أحد شيئين، فقامت حجة يثبت بها أحدهما دون الآخر، فهل يثبت به أم لا؟ على روايتين، ويتخرج عليها مسائل:
منها: لو ادعى جراحة عمد على شخص، وأتى بشاهد وامرأتين فهل تلزمه ديتها؟ على روايتين].
فقد تقدم لنا جملة من القواعد، ومن تلك القواعد قاعدة قبول الدعوى في الوصف، وثبوت الحقوق بالقرائن، وكذلك أيضاً من القواعد التي سبقت لنا أداء الواجب عن الغير من مال الغير، وكذلك أيضاً الواجب بالنذر هل يلحق بالواجب بالشرع، أو يلحق بالمندوب شرعاً؟ وكذلك أيضاً من خير بين شيئين وأتى بنصفيهما، هل يجزئه ذلك أو لا يجزئه؟ وأيضاً ما يتعلق بالمجهولات والمبهمات، ومتى تصح في العقود والفسوخ، ومتى لا تصح؟ هذا كله سبق في القواعد التي مرت بنا.
قال المؤلف رحمه الله: (القاعدة الحادية عشرة بعد المائة: إذا كان الواجب بسبب واحد أحد شيئين، فقامت حجة يثبت بها أحدهما دون الآخر، فهل يثبت به أم لا؟ على روايتين).
هذه القاعدة يعبر عنها بعض العلماء بقولهم: تبعض الأحكام لاختلاف الأسباب، فالأحكام تتبعض لاختلاف أسبابها ومواردها، من ذلك ما ذكره المؤلف رحمه الله تعالى هنا، فقال: (إذا كان الواجب بسبب واحد أحد شيئين، فقامت..) إلخ.
يعني: عندنا سبب واحد وجب به شيئان، وقامت حجة بأحد الشيئين، فهل يثبت هذا الشيء الذي قامت به الحجة؟ ذكر المؤلف أنه ما دام أن الحجة قامت بأحد الشيئين دون الآخر، فإنه يثبت هذا الشيء، وهذا من باب تبعض الأحكام.
ومثل المؤلف رحمه الله على ذلك فقال: (لو ادعى جراحة عمد على شخص، وأتى بشاهد وامرأتين، فهل يلزمه ديتها؟ على روايتين).
جراحة العمد لا بد لها من شاهدين، والقود لا بد له من شاهدين، لكن المال يكتفى له بشاهد وامرأتين، فهنا السبب واحد وهو الجراحة، وهذه الجراحة يثبت بها شيئان: القود والدية، فتعذر القود؛ لأن القود لا بد له من شاهدين ذكرين، لكن المال -الدية- ثبتت حجته فنقول: يثبت المال لقيام حجته، ولا يثبت القود لأن حجته لم تقم، ومثله أيضاً: لو شهد رجل وامرأتان بأن رقيقاً قتل رقيقاً، فيقاد به، فالقتل سبب واحد ويثبت به شيئان: القود والدية، فالقود لا بد له من شاهدين ذكرين، وأما المال فإنه يثبت برجل وامرأتين، فنقول: تثبت قيمة هذا العبد المقتول، لكن بالنسبة للقود لا يثبت، ومثله أيضاً: لو شهد رجل وامرأتان بأن رجلاً قد سرق من الحل، فالسرقة يثبت بها أمران: القطع والمال، فالقطع تعذر؛ لأنه لا بد من ذَكَرين، والمال يثبت برجل وامرأتين، وعلى هذا فقس، وهذا هو تبعض الأحكام لاختلاف الأسباب والموارد.
قال المؤلف رحمه الله: [القاعدة الثانية عشرة بعد المائة: إذا اجتمع للمضطر محرمان كل منهما لا يباح بدون الضرر وجب تقديم أخفهما مفسدة وأقلهما ضرراً; لأن الزيادة لا ضرورة إليها فلا تباح, ويتخرج على ذلك مسائل...] إلى آخره.
هذه قاعدة ارتكاب أخف المحرمين عند التزاحم، أي: إذا تزاحم عند شخص محرمات، ولا بد أن يرتكب أحدهما، فنقول: يقدم أخف المحرمين، والعلة في ذلك قال المؤلف: (لأن الزيادة لا ضرورة إليها فلا تباح)، الزيادة محرمة لا ضرورة إليها فلا تباح.
وضده تزاحم المفاسد يرتكب الأدنى من المفاسد
والعلة كما قال المؤلف رحمه الله: (لأن الزيادة) في المحرم الثاني (لا ضرورة إليها، فلا تباح)، (ويتخرج على ذلك مسائل):
قال رحمه الله: [لو وجد المحرم ميتةً وصيداً].
هل يأكل من الميتة أو يأكل من الصيد؟ قال رحمه الله: [فإنه يأكل من الميتة]؛ لأن الصيد لو قتله المحرم فهو ميتة، فيجتمع عنده فعل المحرم، والأكل من الميتة، فنقول: يأكل من الميتة؛ لأنه حتى لو قتل المحرمُ الصيد فإنه يسمى ميتة، ولهذا قال الله عز وجل: لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ [المائدة:95]، فسماه قتلاً، ولم يسمه ذكاةً، فنقول: يأكل الميتة.
قال رحمه الله: [ويقدم نكاح الإماء على الاستمناء].
الأمة لا يباح نكاحها إلا بشرطين:
الشرط الأول: أن يخشى العنت، أي: عنت العزوبة.
الشرط الثاني: أن لا يجد مهر حرة، فإذا دار الأمر عنده إما أن يتزوج الأمة أو أن يصير إلى الاستمناء، فلا يصير إلى الاستمناء.
قال رحمه الله: [وإذا وقعت نار في سفينة].
هم بين أمرين: إما أن يبقوا في السفينة فتأكلهم النار، وإما أن يلقوا بأنفسهم في البحر، فيصيرون إلى أخفهما وهو: أن يبقوا في السفينة، هذا أخف؛ لأنه ربما تنطفئ النار، أما لو ألقوا بأنفسهم في البحر فهو هلاك محقق.
قال المؤلف رحمه الله: [القاعدة الثالثة عشرة بعد المائة: إذا وجدنا جملةً ذات عدد موزعةً على جملة أخرى, فهل يتوزع أفراد الجمل الموزعة على أفراد الأخرى...] إلى آخره.
أي: إذا كان عندنا جملة ذات عدد، هل نوزعها على مجموع الجملة الأخرى، أو على كل فرد، بحيث كل فرد من هذه الجملة يقابل كل فرد من الجملة الأخرى؟ هذه القاعدة تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول: توزيع الجملة ذات العدد عند وجود قرينة تدل على التخصيص
مثال ذلك قال المؤلف رحمه الله تعالى: [مثل أن يقول لزوجتيه: إن أكلتما هذين الرغيفين فأنتما طالقتان، فإذا أكلت كل واحدة منهما رغيفاً طلقتا]. لأن القرينة دلت على تخصيص كل زوجة برغيف.
قال رحمه الله: [لاستحالة أكل كل واحدة للرغيفين].
ومثله أيضاً قال رحمه الله: [أو يقول لعبديه: إن ركبتما، أو لبستما ثوبيكما، أو تقلدتما سيفيكما، أو اعتقلتما رمحيكما، أو دخلتما بزوجتيكما، فأنتما حران].
فإذا دخل كل واحد من العبدين بزوجته فإنهما يعتقان، فالمقصود هنا أن يدخل كل واحد من العبدين بزوجته؛ لأنه يستحيل أن يدخل العبد الأول بالزوجتين، أو أن يلبس الثوبين، أو أن يتقلد السيفين... إلى آخره، فتلخص من هذا القسم: أنه إذا وجدت قرينة تدل على تخصيص كل فرد من الجملة الموزعة على الجملة الأخرى بكل فرد من الجملة الأخرى فإنه يعمل بهذه القرينة.
القسم الثاني: توزيع الجملة ذات العدد عند عدم قرينة التخصيص
يعني: لو وجدنا جملة ذات عدد موزعة على جملة أخرى ذات عدد، ولم يوجد قرينة، فهل نقول بأن الفرد موزع على جميع الأفراد، أو كل فرد يقابل فرداً آخر؟
يقول رحمه الله: (في المسألة خلاف)، ومثال ذلك: [قول النبي صلى الله عليه وسلم في مسح الخفين: (إني أدخلتهما طاهرتين)]، فإذا قلنا: يقابل كل فرد من الجملة الموزعة بفرد من الجملة الموزعة عليها؛ فيصح أن يغسل رجله ويلبس الخف، كما قال الحنفية وشيخ الإسلام .
وإذا قلنا: كل فرد من الجملة لابد أن يقابل بمجموع الجملة الأخرى، فلا بد أن يلبسهما على طهارة الرجلين معاً وإلا لم يصح كما هو المذهب.
قال المؤلف رحمه الله: [ومنها: مسألة مُد عجوة ودرهم، وهي قاعدة عظيمة مستقلة بنفسها ملخصها: إذا باع ربوياً بجنسه، ومعهما أو مع أحدهما من غير جنسه].
هذه مسألة مد عجوة ودرهم، وهي: مبادلة ربوي بجنسه، مثل: ذهب بذهب، أو دنانير بدنانير، ومع كل واحد منهما من غير جنسهما، كذهبٍ مع تمر، إذا قلنا: مقابلة كل فرد فإنه بفرد فإنه يصح، وإذا قلنا: كل فرد على مجموع الجملة، فلا يصح.
فالخلاصة في هذه المسألة: إذا كان عندنا جملة ذات عدد موزعة على جملة ذات عدد، فإن دلت القرينة على تخصيص كل فرد بفرد عُمل بالقرينة، وإن لم تدل القرينة على تخصيص كل فرد بفرد، فهذا موضع خلاف.
القسم الأول: أن يوجد عندنا جملة ذات عدد موزعة على جملة أخرى ذات عدد، ووجدت قرينة تدل على تخصيص كل فرد من أفراد الجملة الموزعة بفرد من أفراد الجملة الأخرى، فإنه يعمل بهذه القرينة، ونخصص كل فرد من هذه الجملة بالفرد الآخر من الجملة الأخرى التي دلت عليه القرينة.
مثال ذلك قال المؤلف رحمه الله تعالى: [مثل أن يقول لزوجتيه: إن أكلتما هذين الرغيفين فأنتما طالقتان، فإذا أكلت كل واحدة منهما رغيفاً طلقتا]. لأن القرينة دلت على تخصيص كل زوجة برغيف.
قال رحمه الله: [لاستحالة أكل كل واحدة للرغيفين].
ومثله أيضاً قال رحمه الله: [أو يقول لعبديه: إن ركبتما، أو لبستما ثوبيكما، أو تقلدتما سيفيكما، أو اعتقلتما رمحيكما، أو دخلتما بزوجتيكما، فأنتما حران].
فإذا دخل كل واحد من العبدين بزوجته فإنهما يعتقان، فالمقصود هنا أن يدخل كل واحد من العبدين بزوجته؛ لأنه يستحيل أن يدخل العبد الأول بالزوجتين، أو أن يلبس الثوبين، أو أن يتقلد السيفين... إلى آخره، فتلخص من هذا القسم: أنه إذا وجدت قرينة تدل على تخصيص كل فرد من الجملة الموزعة على الجملة الأخرى بكل فرد من الجملة الأخرى فإنه يعمل بهذه القرينة.
القسم الثاني: كالقسم الأول إلا أنه لا قرينة، يقول المؤلف رحمه الله: [والقسم الثاني: ألا يدل دليل على إرادة أحد التوزيعين، فهل يحمل التوزيع عند هذا الإطلاق على الأول أو الثاني؟ في المسألة خلاف، والأشهر: أن يوزع كل فرد من أفراد الجملة على جميع أفراد الجملة الأخرى إذا أمكن].
يعني: لو وجدنا جملة ذات عدد موزعة على جملة أخرى ذات عدد، ولم يوجد قرينة، فهل نقول بأن الفرد موزع على جميع الأفراد، أو كل فرد يقابل فرداً آخر؟
يقول رحمه الله: (في المسألة خلاف)، ومثال ذلك: [قول النبي صلى الله عليه وسلم في مسح الخفين: (إني أدخلتهما طاهرتين)]، فإذا قلنا: يقابل كل فرد من الجملة الموزعة بفرد من الجملة الموزعة عليها؛ فيصح أن يغسل رجله ويلبس الخف، كما قال الحنفية وشيخ الإسلام .
وإذا قلنا: كل فرد من الجملة لابد أن يقابل بمجموع الجملة الأخرى، فلا بد أن يلبسهما على طهارة الرجلين معاً وإلا لم يصح كما هو المذهب.
قال المؤلف رحمه الله: [ومنها: مسألة مُد عجوة ودرهم، وهي قاعدة عظيمة مستقلة بنفسها ملخصها: إذا باع ربوياً بجنسه، ومعهما أو مع أحدهما من غير جنسه].
هذه مسألة مد عجوة ودرهم، وهي: مبادلة ربوي بجنسه، مثل: ذهب بذهب، أو دنانير بدنانير، ومع كل واحد منهما من غير جنسهما، كذهبٍ مع تمر، إذا قلنا: مقابلة كل فرد فإنه بفرد فإنه يصح، وإذا قلنا: كل فرد على مجموع الجملة، فلا يصح.
فالخلاصة في هذه المسألة: إذا كان عندنا جملة ذات عدد موزعة على جملة ذات عدد، فإن دلت القرينة على تخصيص كل فرد بفرد عُمل بالقرينة، وإن لم تدل القرينة على تخصيص كل فرد بفرد، فهذا موضع خلاف.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [القاعدة الرابعة عشرة بعد المائة: إطلاق الشركة، هل ينزل على المناصفة أم هو مبهم يفتقر إلى تفسير؟...] إلى آخره.
هذه القاعدة في إطلاق الشركة في العقود والإقرارات والفسوخ، وهو ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: إطلاق الشركة في العقود، فيحمل على المناصفة، فمثلاً: لو أنه اشترى سيارةً، وقال لزيد: أشركتك معي في السيارة، فيحمل على المناصفة، أو عقد عقد مضاربة بينه وبين العامل فقال: أنا وأنت شريكان، فيحمل على المناصفة، أي: مناصفة الربح.
القسم الثاني: في الإقرارات، هل يحمل على المناصفة أم هو مبهم يحتاج إلى تفسير؟ هذا موضع خلاف، والصحيح أنه مبهم، فإذا أقر فقال: زيد شريك، فالصواب أنه مبهم ويحتاج إلى تفسير، ربما أنه شريكه في النصف أو في الربع أو في الخمس أو في غيرها.
القسم الثالث: في الفسوخ، مثاله: في الطلاق: فلو طلق إحدى زوجاته ثلاثاً ثلاثاً، ثم قال لزوجته الأخرى: وأنت شريكة لها، فإذا قلنا: يحمل على المناصفة فإنها تطلق طلقتين.
وإذا قلنا: أنه مبهم تطلق طلقة واحدة.
ولو قال لزوجته: أنت طالق نصف طلقة أو ثلث طلقة تحسب عليه طلقة كاملة.
قال المؤلف رحمه الله: [القاعدة الخامسة عشرة بعد المائة: الحقوق المشتركة بين اثنين فصاعداً نوعان...] إلى آخره.
هذه القاعدة في التزاحم في الحقوق -كما تقدم لنا التزاحم في المحرمات- وهي تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول: أن يكون صاحب الحق إذا انفرد حاز جميع الحق، وإذا لم ينفرد زاحمه غيره في الحق، وهذا له أمثلة.
قال المؤلف رحمه الله: [منها: الشفعاء].
صورة المسألة: هؤلاء خمسة شركاء في أرض، فزيد باع نصيبه على صالح، فالأربعة الشركاء الباقون لهم حق الشفعة، فلو انفرد واحد أخذ جميع الشفعة، لكن لو طالب كل منهم بالشفعة فإنهم يتزاحمون فيها على قدر أملاكهم.
فإذا انفرد أحدهم بطلب الشفعة فلا بد أن يشفع في كل نصيب؛ لأن هذا فيه ضرر على المشتري، إلا إذا رضي المشتري، وإذا لم ينفرد وشاركه الآخرون في طلب الشفعة فإنهم يزاحمونه.
قال رحمه الله: [وغرماء المفلس].
والمفلس: هو الذي دينه أكثر من ماله فحجر عليه، فهذا إذا كان غرماؤه خمسة فإنهم يتزاحمون في ماله.
لكن لو خرج واحد من الغرماء فقال: أنا لا أريد، أو خرج الغرماء إلا واحداً فإنه يأخذ كل نصيبه، لكن إذا زاحمه غيره فإنهم يتزاحمون ويقسم المال عليهم بالقسط، فيدخل النقص عليهم جميعاً كالعول.
قال رحمه الله: [والأولياء]، فالأولياء يتزاحمون في عقد النكاح، مثلاً: عندنا سبعة أبناء، أو سبعة إخوة أشقاء فإنهم يتزاحمون، وإذا لم يطالب البقية فإن أحدهم يستقل به إذا طالب، ولنفرض أنهم ثلاثة إخوة أشقاء، كل منهم أراد أن يعقد لهذه المرأة فإنهم يتزاحمون، لكن لو أن الأول والثاني خرجا يبقى حق العقد لمن طلبه.
قال رحمه الله: [والعصبات]، يتزاحمون في الميراث، فلو هلك هالك عن زوجة وخمسة أبناء، فالزوجة تأخذ الثمن، والأبناء يتزاحمون في الباقي، فلو ترك بعضهم وأخذ البعض الآخر استقل به، لكن لو طالب كل منهم فإنهم يتزاحمون في الميراث.
قال رحمه الله: [وذوو الفروض]، يتزاحمون، فلو هلك هالك عن أربع زوجات وابن، فإن الزوجات يتزاحمن في الثمن.
قال رحمه الله: [والوصايا المزدحمة في عين].
أي: الوصايا لا ينسخ بعضها بعضاً؛ لأنها تبرع بعد الموت، فلو قال مثلاً: أوصيت بهذه السيارة لزيد، قال هذا عام ألف وأربعمائة وعشرين، وفي عام ألف وأربعمائة وخمس وعشرين قال: أوصيت بها لعمرو، ثم في عام ألف وأربعمائة وثلاثين قال: أوصيت بها لبكر، فتكون السيارة للجميع، يتزاحمون فيها.
قال رحمه الله: [والغانمون]، أيضاً يتزاحمون في الغنيمة.
قال رحمه الله: [والموقوف عليهم]، فلو قال رجل: هذه المزرعة وقف على طلاب العلم فيتزاحمون فيها.
القسم الثاني: قال المؤلف رحمه الله: [والثاني: ما يستحق كل واحد من الحق حصةً خاصة] بحيث أنه لو شاركه غيره لم يتغير نصيبه، فيستحق حصة خاصة، وهذا القسم نوعان:
النوع الأول: تمليك بعوض، قال المؤلف رحمه الله: [مثل: أن يبيع من رجلين عبداً أو عبدين بثمن واحد فيقع الشراء بينهما نصفين]، فهذا الرجل باع عبداً على رجلين، فحصة كل واحد منهما النصف، حتى لو ترك أحدهما البيع فلا يتغير نصيب الآخر.
النوع الثاني: تمليك بغير عوض، قال المؤلف رحمه الله: [مثل: أن يهب لجماعة شيئاً، أو يملكهم إياه عن زكاة أو كفارة مشاعاً، فقياس كلام الأصحاب في التمليك أنهم يتساوون في ملكه].
فلو وهب إنسان سيارةً لخمسة، فإنه يملك كل واحد منهم الخمس بالتساوي، ولو أن بعضهم رد هذه الهبة، فلا يتغير نصيب الآخرين حتى لو رد الأول والثاني والثالث والرابع أنصباءهم، فيبقي نصيب الأخير هو الخمس لا يتغير.
قال المؤلف رحمه الله: [القاعدة السادسة عشرة بعد المائة: من استند تملكه إلى سبب مستقر لا يمكن إبطاله وتأخر حصول الملك عنه...] إلى آخره.
هذه القاعدة في وقت ثبوت الملك، فإذا استند الملك إلى سبب، فنقول: متى يثبت الملك؟ هل يثبت الملك وقت انعقاد السبب، أو من حين ثبوت الملك؟ هذه القاعدة ذكر المؤلف رحمه الله تعالى لها قسمين:
القسم الأول: تأخر ثبوت الملك عن السبب
لا إشكال أن القبول لا يكون إلا بعد الملك، فلو أن الموصي مات يوم الثلاثاء والموصى له قَبِل يوم الجمعة، فهل تثبت أحكام الملك يوم الثلاثاء أو يوم الجمعة؟ هذا أراد أن يبينه المؤلف، هل تثبت أحكام الملك من حين وجود السبب، أو أنها تثبت بتمام الملك؟
إذا قلنا: إنه من حين وجود السبب فما حصل من نماء يكون للموصى له، وإذا قلنا: أحكام الملك ثبتت من حين تمام الملك، فيكون النماء للورثة. هذا الذي أراد المؤلف أن يبينه هنا.
وهذا الكلام حين تكلم به العلماء صار له ثمرة، أي: أن هذا ليس كلاماً لفظياً لا فائدة فيه، المثال الثاني: قال رحمه الله: [دية المقتول]، هذا مثاله: لو أن رجلاً جُرح يوم الثلاثاء ومات يوم الجمعة، فالسبب حصل يوم الثلاثاء، وتمام ملك الدية يوم الجمعة، فهذه الدية هل نقول: يثبت لها حكم الملك من يوم السبب (الثلاثاء) أو من يوم تمام الملك (الجمعة)؟
إذا قلنا بأنها من حين تمام الملك فإن الدية تكون للورثة، وإذا قلنا: إنها من حين السبب فإنها تكون للمجروح.
ويترتب على ذلك مسألة، إذا قلنا: بأنها للمقتول، فيجب أن ننفذ من هذه الدية الوصايا، ويقضى منها ديونه، وإذا قلنا بأن هذا ملك الورثة فلا نقضي منها ديون الميت، ولا ننفذ وصاياه.
قال رحمه الله: [والفسخ بالعيب والخيار].
هل الفسخ بالعيب والخيار رفع للعقد من أصله أو من حينه؟ سبب الفسخ وجد عند العقد، وتمام الفسخ لما حصل عيب وفسخ، فإذا قلنا: الفسخ في العيب والخيار رفعٌ لأصل العقد، فيكون النماء للبائع.
وإذا قلنا أنه ليس رفعاً للأصل، وإنما هو رفع من حين الفسخ، يكون النماء للمشتري.
قال المؤلف رحمه الله: [وإذا انعقد سبب الملك في الحياة وتحقق بعد الوفاة].
مثاله: رجل نصب شبكةً للصيد، ومات ثم صاد، فهل الصيد هذا يرجع على ملكه أو على ملك الورثة؟
إذا قلنا بأنه يرجع على ملكه؛ فمال الصيد هذا نقضي منه دينه وننفذ وصاياه، وإذا قلنا بأنه ملك الورثة فلا نقضي منه ديناً ولا ننفذ وصاياه.
القسم الثاني: العبادات التي يكتفى بحصول بعض شرائطها
حقيقةً: القسم الثاني من الأمثلة ليس بداخل في هذه القاعدة، لكن المؤلف رحمه الله أتى به تبعاً، فقال: [ويلتحق بهذه القاعدة: العبادات التي يكتفى بحصول بعض شرائطها في أثناء وقتها، إذا وجد الشرط في أثنائها فهل يحكم له بحكم ما اجتمعت شرائطه من ابتدائها أم لا؟ فيه خلاف...].
من الأمثلة على ذلك، قال رحمه الله: [إذا نوى الصائم المتطوع من أثناء النهار، فهل يحكم له بحكم الصيام من أوله أو من حين نواه، فلا يثاب على صومه إلا من حين النية؟ على وجهين، والثاني: ظاهر كلام أحمد ].
هذه عبادة اكتفي بحصول بعض الشرائط في وقتها، فالنية: اكتفي بها ولم يكن نوى في أول الوقت، لكن نوى واكتفى في أول الوقت، فهذا كما لو وجدت جميع الشرائط.
ومثله أيضاً قال رحمه الله: [إذا بلغ الصبي، أو أعتق العبد وهما محرمان قبل فوات وقت الوقوف، فهل يجزئهما عن حجة الإسلام؟ على روايتين، أشهرهما: الإجزاء].
أي: أن البلوغ لم يحصل إلا في أثناء العبادة، والحرية ما حصلت إلا في أثناء العبادة، فيقول: يجزئ كما لو وجدت جميع الشرائط.
القسم الأول: أن يتأخر ثبوت الملك عن السبب، فيعتبر حكم الملك من حين ثبوت الملك، وذكر المؤلف رحمه الله لذلك أمثلة، فقال: [ملك الموصى]، أي: الموصى له، فهل يملك الموصى به عند الموت أو عند القبول؟ عند الموت حصل السبب، ولمَّا قَبِل تم الملك.
لا إشكال أن القبول لا يكون إلا بعد الملك، فلو أن الموصي مات يوم الثلاثاء والموصى له قَبِل يوم الجمعة، فهل تثبت أحكام الملك يوم الثلاثاء أو يوم الجمعة؟ هذا أراد أن يبينه المؤلف، هل تثبت أحكام الملك من حين وجود السبب، أو أنها تثبت بتمام الملك؟
إذا قلنا: إنه من حين وجود السبب فما حصل من نماء يكون للموصى له، وإذا قلنا: أحكام الملك ثبتت من حين تمام الملك، فيكون النماء للورثة. هذا الذي أراد المؤلف أن يبينه هنا.
وهذا الكلام حين تكلم به العلماء صار له ثمرة، أي: أن هذا ليس كلاماً لفظياً لا فائدة فيه، المثال الثاني: قال رحمه الله: [دية المقتول]، هذا مثاله: لو أن رجلاً جُرح يوم الثلاثاء ومات يوم الجمعة، فالسبب حصل يوم الثلاثاء، وتمام ملك الدية يوم الجمعة، فهذه الدية هل نقول: يثبت لها حكم الملك من يوم السبب (الثلاثاء) أو من يوم تمام الملك (الجمعة)؟
إذا قلنا بأنها من حين تمام الملك فإن الدية تكون للورثة، وإذا قلنا: إنها من حين السبب فإنها تكون للمجروح.
ويترتب على ذلك مسألة، إذا قلنا: بأنها للمقتول، فيجب أن ننفذ من هذه الدية الوصايا، ويقضى منها ديونه، وإذا قلنا بأن هذا ملك الورثة فلا نقضي منها ديون الميت، ولا ننفذ وصاياه.
قال رحمه الله: [والفسخ بالعيب والخيار].
هل الفسخ بالعيب والخيار رفع للعقد من أصله أو من حينه؟ سبب الفسخ وجد عند العقد، وتمام الفسخ لما حصل عيب وفسخ، فإذا قلنا: الفسخ في العيب والخيار رفعٌ لأصل العقد، فيكون النماء للبائع.
وإذا قلنا أنه ليس رفعاً للأصل، وإنما هو رفع من حين الفسخ، يكون النماء للمشتري.
قال المؤلف رحمه الله: [وإذا انعقد سبب الملك في الحياة وتحقق بعد الوفاة].
مثاله: رجل نصب شبكةً للصيد، ومات ثم صاد، فهل الصيد هذا يرجع على ملكه أو على ملك الورثة؟
إذا قلنا بأنه يرجع على ملكه؛ فمال الصيد هذا نقضي منه دينه وننفذ وصاياه، وإذا قلنا بأنه ملك الورثة فلا نقضي منه ديناً ولا ننفذ وصاياه.
القسم الثاني من أمثلة هذه القاعدة.
حقيقةً: القسم الثاني من الأمثلة ليس بداخل في هذه القاعدة، لكن المؤلف رحمه الله أتى به تبعاً، فقال: [ويلتحق بهذه القاعدة: العبادات التي يكتفى بحصول بعض شرائطها في أثناء وقتها، إذا وجد الشرط في أثنائها فهل يحكم له بحكم ما اجتمعت شرائطه من ابتدائها أم لا؟ فيه خلاف...].
من الأمثلة على ذلك، قال رحمه الله: [إذا نوى الصائم المتطوع من أثناء النهار، فهل يحكم له بحكم الصيام من أوله أو من حين نواه، فلا يثاب على صومه إلا من حين النية؟ على وجهين، والثاني: ظاهر كلام أحمد ].
هذه عبادة اكتفي بحصول بعض الشرائط في وقتها، فالنية: اكتفي بها ولم يكن نوى في أول الوقت، لكن نوى واكتفى في أول الوقت، فهذا كما لو وجدت جميع الشرائط.
ومثله أيضاً قال رحمه الله: [إذا بلغ الصبي، أو أعتق العبد وهما محرمان قبل فوات وقت الوقوف، فهل يجزئهما عن حجة الإسلام؟ على روايتين، أشهرهما: الإجزاء].
أي: أن البلوغ لم يحصل إلا في أثناء العبادة، والحرية ما حصلت إلا في أثناء العبادة، فيقول: يجزئ كما لو وجدت جميع الشرائط.