خطب ومحاضرات
شرح تحفة أهل الطلب في تجريد قواعد ابن رجب [17]
الحلقة مفرغة
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [القاعدة الثامنة والثمانون: في الانتفاع وإحداث ما ينتفع به في الطرق المسلوكة في الأمصار والقرى وهوائها وقرارها.
أما الطريق نفسه فإن كان ضيقاً وأحدث فيها ما يضر بالمارة فلا يجوز بكل حال، وأما مع السعة وانتفاء الضرر: فإن كان المحدث فيه متأبداً كالبناء والغراس: فإن كان لمنفعة خاصة لآحاد الناس لم تجز على المعروف من المذهب، وإن كان لمنفعة عامة ففيه خلاف معروف، منهم من يطلقه، ومنهم من يخصه بحالة انتفاء إذن الإمام فيها.
وإن كان غير متأبد ونفعه خاص كالجلوس وإيقاف الدابة، ففيه خلاف أيضاً.
وأما القرار الباطن: فحكمه حكم الظاهر على المنصوص.
وأما الهواء: فإن كان الانتفاع به خاصاً بدون إذن الإمام فالمعروف منعه, وبإذنه فيه خلاف، ويندرج تحت ذلك مسائل كثيرة:
منها: حفر البئر في الأسواق، وبناء المساجد وغيرها، واختصاص الجلوس في محل واحد، والحفر في الطريق، وإشراع الأجنحة والساباطات والخشب والحجارة في الجدار إلى الطريق].
تقدم لنا من القواعد ما يتعلق بالنماء، وذكر المؤلف رحمه الله تعالى قاعدةً تتعلق بالنماء المتصل، وكذلك أيضاً قاعدةً تتعلق بالنماء المنفصل، وما يندرج تحت ذلك من أقسام، وكذلك أيضاً سبق لنا قاعدة في الحمل، وكذلك أيضاً قاعدة في الحقوق وأنواعها، وقاعدة أخرى في الأملاك وأنواعها، وما يقبل النقل منها والمعاوضة، وما لا يقبل النقل والمعاوضة.
ثم بعد ذلك قال المؤلف رحمه الله تعالى: (القاعدة الثامنة والثمانون: في الانتفاع وإحداث ما ينتفع به في الطرق المسلوكة في الأمصار والقرى وهوائها وقرارها).
هذه القاعدة في الانتفاع والتصرف في الطرق العامة، وهذه الأمور مرجعها إلى البلديات، فشؤون البلديات هي التي تنظم مثل هذه الأشياء، وما الذي يجوز أن ينتفع به من الطريق ويتصرف فيه، وما الذي لا يجوز، وعلى كل حال فنقول: الانتفاع والتصرف بالطرق العامة ينقسم إلى أقسام كما أورد المؤلف رحمه الله تعالى في هذه القاعدة:
الإحداث في الطرق الضيقة
الإحداث المتأبد في الطرق الواسعة
قال المؤلف: (إن كان لمنفعة خاصة لآحاد الناس لم تجز على المعروف من المذهب)، يعني: أن الطريق إن كان واسعاً ولا ضرر، والإحداث متأبد، فقال: (إن كان لمنفعة خاصة) كما لو بنى لنفسه، ولنفرض أنه بنى دكةً في الطريق؛ لكي يجلس عليها، فيقول المؤلف رحمه الله تعالى: لا يجوز، (وإن كان لمنفعة عامة ففيه خلاف)، والأقرب في ذلك: أنه راجع إلى إذن الإمام إن كان لمنفعة عامة، ومثال المنفعة العامة: بناء المساجد، كما لو بنى في الطريق الواسع مسجداً لكي يصلي فيه الناس، فهذا موضع خلاف، (منهم من يطلقه، ومنهم من يخصه بحالة إذن الإمام فيها).
إذاً: خلاصة القسم الثاني: أن يكون الطريق واسعاً، وأن ينتفي الضرر، وأن يكون الإحداث متأبداً، فإن كان لمنفعة خاصة فإنه لا يجوز، وإن كان لمنفعة عامة فهذا موضع خلاف بين أهل العلم، ومثال المنفعة الخاصة -كما ذكرنا-: لو غرس لنفسه أو بنى لنفسه، ومثال المنفعة العامة: كما لو غرس لعموم المسلمين، أو بنى لعموم المسلمين.
الإحداث غير المتأبد في الطرق الواسعة
القسم الثالث: أن يكون الطريق واسعاً ولا ضرر، وأن يتصرف تصرفاً غير مؤبد، فإن كان النفع عاماً فهذا جائز، وإن كان النفع خاصاً فيقول المؤلف رحمه الله: فيه خلاف، والصحيح أنه جائز ما لم يكن هناك ضرر، وكان النفع عاماً، وإن كان النفع خاصاً كالجلوس وإيقاف الدابة، فما دام أنه لا يترتب على ذلك ضرر فهذا جائز ولا بأس.
التصرف في باطن الطريق
مثال القرار الباطن: كحفر البئر في الطريق، فباطن الطريق هذا حكمه حكم الظاهر كما تقدم في الأقسام السابقة.
الانتفاع بهواء الطريق وبناء الساباط
الهواء مثل الساباط، والساباط: هو البناء الذي يكون بين البنائين، فهذان جاران وبينهما طريق، فإذا أتى هذا الجار وبنى ساباطاً أي مد خشبة إلى جدار جاره، فهو الآن تصرف في هواء الطريق، فهل هذا جائز أو ليس جائزاً؟ ومثله أيضاً: إشراع الأجنحة وإخراجها، والمراد بالأجنحة ما يسمى عندنا بالبلكونة، أي: أن يخرج أطراف الخشب، أو أطراف الصبة، ويستفيد من هواء الطريق، فهل يجوز هذا التصرف في هواء الطريق، أو لا يجوز؟
قال المؤلف رحمه الله: إن كان الانتفاع بهذه الأجنحة والساباطات خاصاً وبدون إذن الإمام فإنه ممنوع، وبإذنه فيه خلاف، والصحيح أنه راجع إلى إذن الإمام، وهذا إذا كان خاصاً.
وأما إذا كان عاماً لمنفعة المسلمين، كأن يجعل مظلة لمنفعة الناس وليس لمنفعته الخاصة فهذا جائز ولا بأس به؛ لأن المقصود بذلك هو مصلحة الناس.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله الصور، وسبق الإشارة إليها في هذه الأقسام.
فتلخص لنا: أن التصرف في الطرقات العامة والانتفاع بها ينقسم إلى هذه الأقسام الخمسة: وأن يكون الطريق ضيقاً، وأن يكون الطريق واسعاً والتصرف مؤبداً، فهذا إما أن يكون عاماً، وإما أن يكون خاصاً، وأن يكون الطريق واسعاً والتصرف غير مؤبد، وهذا إما أن يكون عاماً، وإما أن يكون خاصاً، والتصرف في باطن الطريق، والتصرف في هواء الطريق.
القسم الأول: الطرق الضيقة، فهذه لا يجوز إحداث شيء فيها ولو بإذن الإمام؛ ولهذا قال المؤلف رحمه الله: (أما الطريق نفسه فإن كان طريقاً ضيقاً وأحدث فيه ما يضر بالمارة فلا يجوز بكل حال)، أي: لا يجوز الإحداث فيه لما يترتب عليه من إضرار المارة.
القسم الثاني: أن يكون الطريق واسعاً ولا ضرر، والمحدث متأبد كالبناء والغراس، كما لو بنى في الطريق أو غرس فيه.
قال المؤلف: (إن كان لمنفعة خاصة لآحاد الناس لم تجز على المعروف من المذهب)، يعني: أن الطريق إن كان واسعاً ولا ضرر، والإحداث متأبد، فقال: (إن كان لمنفعة خاصة) كما لو بنى لنفسه، ولنفرض أنه بنى دكةً في الطريق؛ لكي يجلس عليها، فيقول المؤلف رحمه الله تعالى: لا يجوز، (وإن كان لمنفعة عامة ففيه خلاف)، والأقرب في ذلك: أنه راجع إلى إذن الإمام إن كان لمنفعة عامة، ومثال المنفعة العامة: بناء المساجد، كما لو بنى في الطريق الواسع مسجداً لكي يصلي فيه الناس، فهذا موضع خلاف، (منهم من يطلقه، ومنهم من يخصه بحالة إذن الإمام فيها).
إذاً: خلاصة القسم الثاني: أن يكون الطريق واسعاً، وأن ينتفي الضرر، وأن يكون الإحداث متأبداً، فإن كان لمنفعة خاصة فإنه لا يجوز، وإن كان لمنفعة عامة فهذا موضع خلاف بين أهل العلم، ومثال المنفعة الخاصة -كما ذكرنا-: لو غرس لنفسه أو بنى لنفسه، ومثال المنفعة العامة: كما لو غرس لعموم المسلمين، أو بنى لعموم المسلمين.
ثم قال المؤلف رحمه الله: (وإن كان غير متأبد ونفعه خاص كالجلوس وإيقاف الدابة ففيه خلاف أيضاً).
القسم الثالث: أن يكون الطريق واسعاً ولا ضرر، وأن يتصرف تصرفاً غير مؤبد، فإن كان النفع عاماً فهذا جائز، وإن كان النفع خاصاً فيقول المؤلف رحمه الله: فيه خلاف، والصحيح أنه جائز ما لم يكن هناك ضرر، وكان النفع عاماً، وإن كان النفع خاصاً كالجلوس وإيقاف الدابة، فما دام أنه لا يترتب على ذلك ضرر فهذا جائز ولا بأس.
القسم الرابع: قال رحمه الله: (وأما القرار الباطن: فحكمه حكم الظاهر على المنصوص).
مثال القرار الباطن: كحفر البئر في الطريق، فباطن الطريق هذا حكمه حكم الظاهر كما تقدم في الأقسام السابقة.
القسم الخامس: (وأما الهواء فإن كان الانتفاع به خاصاً بدون إذن الإمام فالمعروف منعه، وبإذنه فيه خلاف).
الهواء مثل الساباط، والساباط: هو البناء الذي يكون بين البنائين، فهذان جاران وبينهما طريق، فإذا أتى هذا الجار وبنى ساباطاً أي مد خشبة إلى جدار جاره، فهو الآن تصرف في هواء الطريق، فهل هذا جائز أو ليس جائزاً؟ ومثله أيضاً: إشراع الأجنحة وإخراجها، والمراد بالأجنحة ما يسمى عندنا بالبلكونة، أي: أن يخرج أطراف الخشب، أو أطراف الصبة، ويستفيد من هواء الطريق، فهل يجوز هذا التصرف في هواء الطريق، أو لا يجوز؟
قال المؤلف رحمه الله: إن كان الانتفاع بهذه الأجنحة والساباطات خاصاً وبدون إذن الإمام فإنه ممنوع، وبإذنه فيه خلاف، والصحيح أنه راجع إلى إذن الإمام، وهذا إذا كان خاصاً.
وأما إذا كان عاماً لمنفعة المسلمين، كأن يجعل مظلة لمنفعة الناس وليس لمنفعته الخاصة فهذا جائز ولا بأس به؛ لأن المقصود بذلك هو مصلحة الناس.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله الصور، وسبق الإشارة إليها في هذه الأقسام.
فتلخص لنا: أن التصرف في الطرقات العامة والانتفاع بها ينقسم إلى هذه الأقسام الخمسة: وأن يكون الطريق ضيقاً، وأن يكون الطريق واسعاً والتصرف مؤبداً، فهذا إما أن يكون عاماً، وإما أن يكون خاصاً، وأن يكون الطريق واسعاً والتصرف غير مؤبد، وهذا إما أن يكون عاماً، وإما أن يكون خاصاً، والتصرف في باطن الطريق، والتصرف في هواء الطريق.
قال المؤلف رحمه الله: [القاعدة التاسعة والثمانون: أسباب الضمان ثلاثة: عقد, ويد, وإتلاف.
أما عقود الضمان فقد سبق ذكرها... إلخ].
المؤلف رحمه الله تعالى أورد هذه القاعدة في بيان أسباب الضمان، يعني: ما هي الأسباب التي يضمن بها؟ وذكر أن أسباب الضمان ثلاثة: عقد، ويد، وإتلاف.
أما العقد: فهذا صوره كثيرة، ومثال العقد: عقد البيع؛ فإذا باع ما يحتاج إلى توفية، كالمكيل والموزون والمعدود والمذروع، فهذا من ضمان على البائع، ما دام أن المشتري لم يقبضه، لكن إذا قبضه المشتري فالضمان يكون على المشتري، ومن الأمثلة على ذلك: عقد العارية، فعقد العارية على المشهور من المذهب أنها مضمونة، فإذا عقد على هذه العارية فالعارية مضمونة، هذا القسم الأول: عقد.
القسم الثاني: يد، ومن أمثلة ذلك: يد الغاصب: فإذا غصب هذه السيارة -سواء كان منقولاً أو عقاراً- فتلف تحت يده فإنه ضامن له، ومثله أيضاً على المشهور من المذهب المقبوض بعقد فاسد، فالمشهور من مذهب الحنابلة أنهم يجعلونه في حكم المغصوب، وهذا القسم الثاني.
القسم الثالث: قال المؤلف رحمه الله: [وأما الإتلاف؛ فالمراد به: أن يباشر الإتلاف سبب يقتضيه كالقتل والإحراق، أو ينصب سبباً عدواناً فيحصل به الإتلاف؛ بأن يحفر بئراً في غير ملكه عدواناً، أو يؤجج ناراً في يوم ريح عاصف فيتعدى إلى إتلاف مال الغير، أو كان المال محتبساً وعادته الانطلاق فيزيل احتباسه].
مثل: طير في قفص، ففتح باب القفص فطار الطير، أو حيوان مربوط فحل الرباط، أو حل الوكاء عن الماء فاندفق، فنقول: يضمن.
فتلخص لنا أن أسباب الضمان ثلاثة كما ذكر المؤلف رحمه الله: عقد، ويد، وإتلاف.
قال المؤلف رحمه الله: [القاعدة التسعون: الأيدي المستولية على مال الغير بغير إذنه ثلاثة... إلخ].
هذه القاعدة في ضمان الأيدي المستولية على مال الغير، فذكر المؤلف رحمه الله تعالى في الأيدي المستولية على مال الغير بلا إذنه، أنها تنقسم إلى أقسام:
يد يمكن أن تتملك ما استولت عليه
ومثل لذلك المؤلف فقال: [منها: استيلاء المسلمين على أموال أهل الحرب]، فاستيلاء المسلمين على أموال أهل الحرب، هذه اليد يمكن أن تملك ما استولت عليه فلا ضمان عليها.
يد تقبض المال بغير إذن المالك لكن بولاية شرعية
(من له ولاية شرعية بالقبض) كولي اليتيم، أي: اليتيم لم يأذن له بالقبض، لكن قبضه بولاية شرعية، أو (لحفظه على المالك). مثل: اللقطة، فرب المال لم يأذن له بالالتقاط، لكنه التقطه لكي يحفظه على مالكه، فنقول: لا ضمان عليه.
يد تقبض المال بغير إذن المالك بلا حرب
ومثل ذلك أيضاً: قبض المودع للوديعة مع المطالبة بردها، فرب الوديعة يطالب المودع أن يرد الوديعة، ولكنه استمر في عدم الرد، فهنا المال قبض بغير إذن مالكه بلا حرب، فيضمن المودع.
يد لا يثبت لها الملك وعليها الضمان
فتلخص لنا في ضمان الأيدي المستولية على مال الغير أنها تنقسم إلى أقسام:
القسم الأول: يد يمكن أن تملك ما استولت عليه، فهذه لا ضمان عليها، ومثلنا لها باستيلاء المسلمين على أموال الحرب، وأيضاً استيلاء الأب على مال الابن، فهذا يمكن أن يملك.
القسم الثاني: من قبض المال بغير إذن مالكه لكن بولاية شرعية، أو لمصلحته فهذا لا ضمان عليه.
والقسم الثالث: من قبض المال بغير إذن مالكه بلا حرب وهذا كالغاصب، وهذا نقول: يضمن.
القسم الرابع: اليد التي لا يثبت لها الملك ويثبت عليها الضمان.
القسم الأول: يد يمكن أن تملك ما استولت عليه، فنقول: لا ضمان على هذه اليد.
ومثل لذلك المؤلف فقال: [منها: استيلاء المسلمين على أموال أهل الحرب]، فاستيلاء المسلمين على أموال أهل الحرب، هذه اليد يمكن أن تملك ما استولت عليه فلا ضمان عليها.
القسم الثاني: أن يقبض المال بغير إذن مالكه لكن بولاية شرعية أو بمصلحته، ومن الأمثلة على ذلك: قال المؤلف رحمه الله: [وأما اليد الثانية: فيدخل تحتها صور: منها: من له ولاية شرعية بالقبض. ومن قبض المال لحفظه على المالك].
(من له ولاية شرعية بالقبض) كولي اليتيم، أي: اليتيم لم يأذن له بالقبض، لكن قبضه بولاية شرعية، أو (لحفظه على المالك). مثل: اللقطة، فرب المال لم يأذن له بالالتقاط، لكنه التقطه لكي يحفظه على مالكه، فنقول: لا ضمان عليه.
استمع المزيد من الشيخ الدكتور خالد بن علي المشيقح - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
شرح تحفة أهل الطلب في تجريد قواعد ابن رجب [13] | 2635 استماع |
شرح تحفة أهل الطلب في تجريد قواعد ابن رجب [1] | 2283 استماع |
شرح تحفة أهل الطلب في تجريد قواعد ابن رجب [15] | 2093 استماع |
شرح تحفة أهل الطلب في تجريد قواعد ابن رجب [7] | 2085 استماع |
شرح تحفة أهل الطلب في تجريد قواعد ابن رجب [19] | 2060 استماع |
شرح تحفة أهل الطلب في تجريد قواعد ابن رجب [12] | 2011 استماع |
شرح تحفة أهل الطلب في تجريد قواعد ابن رجب [8] | 2007 استماع |
شرح تحفة أهل الطلب في تجريد قواعد ابن رجب [14] | 1935 استماع |
شرح تحفة أهل الطلب في تجريد قواعد ابن رجب [11] | 1912 استماع |
شرح تحفة أهل الطلب في تجريد قواعد ابن رجب [18] | 1861 استماع |