خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/1546"> الشيخ الدكتور خالد بن علي المشيقح . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/1546?sub=65707"> شرح تحفة أهل الطلب في تجريد قواعد ابن رجب
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
شرح تحفة أهل الطلب في تجريد قواعد ابن رجب [14]
الحلقة مفرغة
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [القاعدة السبعون: الفعل المتعدي إلى مفعول أو المتعلق بظرفٍ أو مجرورٍ إذا كان مفعوله أو متعلقه عاماً، فهل يدخل الفاعل الخاص في عمومه].
معنى هذه القاعدة: أنه إذا أمر الشارع بأمر عام، أو نهى نهياً عاماً، فهل يدخل الفاعل الخاص في ذلك الأمر أو النهي أو لا؟
قال: فيه خلاف، (فهل يدخل الخاص في عمومه، أو يكون ذكر الفاعل قرينةً مخرجة له من العموم، أو يختلف ذلك بحسب اختلاف القرائن؟).
يعني: الأوامر المتعدية للغير, والنواهي المتعلقة بالغير، الفاعل الخاص هل يكون داخلاً أو نقول بأن ذكره مخرجٌ له من هذا العموم من هذه الناحية؟ هذا معنى هذه القاعدة.
وذكر المؤلف رحمه الله قولين، وقال: إن الأقرب في ذلك من هذه المسائل -التي سردها المؤلف رحمه الله- أن هذه تختلف باختلاف الأدلة والقرائن.
وذكر المؤلف رحمه الله أمثلة على ذلك، من ذلك: نهي الشارع عن الكلام أثناء الخطبة، فالخطيب هو الفاعل الخاص, هل يكون داخلاً في النهي، أو نقول بأنه ليس داخلاً في النهي؟
ومثل أيضاً: إجابة المؤذن؛ لما أمر الشارع بإجابة المؤذن، هل يدخل في ذلك المؤذن ونقول بأن المؤذن يجيب نفسه، أو نقول بأن المؤذن لا يجيب نفسه؟
ومثل ذلك أيضاً: قال: [وهل يكون الرجل مصرفاً لكفارة نفسه أو زكاته إذا أخذها الساعي؟]، قد يكون فقيراً ويدفع الزكاة، لكن عنده نصاب، عنده مائة درهم وأخرج زكاة هذه الدراهم، فهل يجوز أن يدفعها الساعي إليه، أو نقول بأنه لا يجوز؟ هل يكون داخلاً في العموم أو نقول بأنه خارج منه؟
ومثل ذلك أيضاً: لو حنث في يمين من الأيمان فإنه يطعم عشرة مساكين, فهل يجوز للجمعية إذا أخذت منه الكفارة أن تدفعها للفقير، أو نقول بأنه خارج من العموم؟
ومثله أيضاً: [وهل يكون الواقف مصرفاً لوقفه؟] لو قال: هذا وقف على طلبة العلم, وهو من طلبة العلم، هل يأخذ منه أو لا يأخذ؟ أو قال: هذا وقف على الفقراء وهو فقير أو افتقر, هل يأخذ, أو نقول بأنه لا يأخذ؟
ومثله أيضاً: [الوكيل في البيع والشراء، هل له البيع والشراء من نفسه؟] إذا وكل أن يبيع هذه السيارة هل له أن يشتريها لنفسه، أو أن يبيع هذه السيارة، أو نقول بأنه خارج من الأمر والنهي؟
هذا هو مراد المؤلف رحمه الله الذي أراد أن يبينه، وإذا نظرت إلى أصول الشريعة تجد أن الأصل العموم -وأن القول الفصل في ذلك: العموم- وأن دخول شرع المكلفين يكون تحت الأوامر وتحت النواهي.
فإذا قلنا بأن هذا القول الفصل هو العموم دخل عندنا كثير من المسائل، إلا ما دل الدليل على إخراجه، فنقول: الأصل هو الدخول، لكن إذا وجد دليل يخرج؟ فنقول: نصير إلى الدليل، وإلا نقول: الأصل في ذلك العموم.
فمثلاً: الكلام والإمام يخطب، الأصل العموم وهو النهي، لكن وجد الدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم تكلم في أثناء الخطبة.
الأمر بإجابة المؤذن الأصل العموم، لكن نقول: وجد الدليل على أن المؤذن لا يجيب نفسه؛ لأن الأذان كاف عن إعادته مرة أخرى، كونه يتلفظ بهذه الأذكار هذه كافية عن إعادتها مرةً أخرى.
هل يكون الرجل مصرفاً لكفارة نفسه، أو زكاته إذا أخذها الساعي؟ يعني إذا دفعها الساعي مرةً أخرى، نقول: الأصل في ذلك العموم، والوكيل في البيع والشراء هل يبيع ويشتري من نفسه؟ نقول: الأصل في ذلك العموم إلا إذا انتفت التهمة.
ولهذا الإمام مالك رحمه الله تعالى يجوز أن الوكيل يشتري ويبيع من نفسه إذا عرضت في السوق واشترى بثمن السوق بحيث أن التهمة انتفت، فيقول بأن الأصل في ذلك العموم.
أيضاً: [شراء الوصي لليتيم من ماله], لو أن الوصي احتاج مثلاً إلى طعام، إلى شراب، إلى لباس, هل يشتري من ماله أو لا يشتري؟ نقول: الأصل في ذلك العموم، لكن لا بد من انتفاء التهمة.
قال: [والوكيل في نكاح امرأة لا يتزوجها] لكن الأصل الحل، وأن له أن يتزوج هذه المرأة؛ لأنه إذا وكل في نكاح هذه المرأة؟ فله أن يتزوجها.
قال: [وإذا عمل أحد الشريكين في مال الشركة عملاً يملك الاستئجار عليه ودفع الأجرة، فهل له أن يأخذ الأجرة أم لا؟] يعني: إذا ملك الشريك أن يستأجر شخصاً لكي يعمل عملاً للشركة, فهل له أن يعمل هذا العمل ويأخذ الأجرة؟ نقول: الأصل في ذلك العموم إلا إذا دلت القرائن على أنه ليس له ذلك.
قال: [والموصى إليه بإخراج مالٍ لمن يحج أو يغزو ليس له أن يأخذه ويحج به ويغزو]، لو أنه أوصي إلى شخصٍ أن يدفع مالاً لمن يحج عن هذا الميت، أو أن يدفعه لمن يجاهد, فهل له أن يأخذ هذا المال ويحج أو يغزو أو نقول: ليس له ذلك؟ نقول: الأصل في ذلك العموم إلا إذا وجد ما يدل على الإخراج من هذا العموم.
قال: [والمأذون له يتصدق بمالٍ إذا كان من أهل الصدقة، وإذا وكل غريمه أن يبرئ غرماءه، والأموال التي تجب فيها الصدقة شرعاً للجهل بأربابها، المهم أن مثل هذه الأشياء الأصل فيها العموم إلا إذا وجد الدليل الدال على إخراج هذا الفاعل الخاص.
ومن هذا: وصى لعبده بثلث ماله فدخلت الوصية ثلث العبد نفسه، فيعتق عليه -نص عليه- ويكمل عتقه بالباقي الوصي, ولو وصى لعبده بمشاع كالثلث أو الربع دخل في ذلك الرقيق, وعتق ربعه، ثم بعد ذلك سرى العتق إلى باقيه فيكمل من الوصية. مثلاً: وصى له بالثلث، الثلث يساوي عشرة آلاف, ومن ضمنها ثلث العبد، فيعتق ثلث العبد بألف، ويبقى له تسعة آلاف يسري العتق إلى بقية العبد, ونخصم قيمة الثلثين -وهي ألفان- فيعتق الرقيق ويبقى له سبعة آلاف.
فهنا الرقيق دخل في الوصية، ووصى له بثلثه فدخل الرقيق في ثلث الوصية، فيملك من نفسه ثلثها فيعتق منه الثلث ثم يكمل الثلثان الباقيان من بقية الثلث الموصى به.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [القاعدة الحادية والسبعون: فيما يجوز له الأكل منه من أموال الناس بغير إذن مستحقها, وهي نوعان: مملوكٌ تعلق به حق الغير، ومملوكٌ للغير].
هذه القاعدة في الأكل من أموال الناس دون إذن، يعني: متى يجوز للشخص أن يأكل من مال الغير؟ ومتى لا يجوز له أن يأكل من مال الغير؟ وقسمها المؤلف رحمه الله إلى نوعين:
الأول: مملوكٌ تعلق به حق الغير، مثل: الزكاة، يعني الزروع والثمار مملوكة لك، وتعلق بها حق الغير وهم الفقراء.
والثاني: مملوك للغير، مثل: مال اليتيم، فمال اليتيم مملوك لليتيم: وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:6].
فمتى يجوز للشخص أن يأكل من هذه الأموال، ومتى لا يجوز له أن يأكل من هذه الأموال؟ نقول: هذا ينقسم إلى عدة أقسام:
القسم الأول: مال الزكاة
قال: (مال الزكاة) -يعني الزروع والثمار- فالثمار: كالتمر، والزيتون، والتين والفستق، والبندق... إلى آخره, هذه أموال زكوية.
والزروع، مثل: البر، والشعير، والدخن، والعدس ... إلى آخره, هذه أموال زكوية.
فالمؤلف رحمه الله يقول: يجوز لك أن تأكل من هذه الزروع والثمار ما تتوق إليه نفسك ويشق الانكفاف عنه من الثمار بقدر ما تحتاج إليه، وتطعم الأهل والضيفان من الثمار، وإن كنت ما أخرجت الزكاة. وإن كنت تريد أن تأخذ شيئاً من الثمار فلا شك أنه إذا نقصت هذه الثمار ستنقص الزكاة، لكن هذا يكون مرخصاً لك، فتأكل ما تشتاق إليه ويشق عليك أن تنكف عنه ما تطعم أهلك وضيفانك وهذا جائز.
قال: (ولذلك يجب على الخارص أن يدع الثلث أو الربع حسب ما يقتضيه الحال).
بدليل حديث سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أخرجتم فدعوا الثلث أو الربع).
وقوله: (الثلث أو الربع) هل هو على سبيل التخيير, وأن هذا راجع إلى الخارص إن شاء ترك الربع، وإن شاء ترك الثلث؟
قال المؤلف رحمه الله: (بحسب ما يقتضيه الحال)، فإذا كان هذا الشخص عنده أولاد كثيرون، وعنده ضيفان وأصاب أمواله شيء من الآفات والجوائح فإنه يدع الثلث، وإذا كان على خلاف ذلك فإن الخارص يدع الربع يتركه لصاحب زكاة المال، فيدع الثلث أو الربع بحسب الحال.
قال: [فإن استبقيت ولم تؤكل رطبة رجع عليهم بزكاتها] يعني: أنهم إذا ما أكلوا هذا الرطب وتركوه, فإنه يجب عليهم أن يخرجوا الزكاة.
قال: [وأما الزروع: فيجوز الأكل منها بقدر ما جرت العادة بأكله فريكاً ونحوه، نص عليه أحمد، وليس له إلا هذا منها، وخرَّج القاضي في الأكل منها وجهين من الأكل من الزروع التي ليس لها حافظ].
بالنسبة للثمار هو قال: يجوز أن تأكل من الثمار بقدر ما تحتاج إليه، ويشق عنك الانكفاف عنه، وتطعم أهلك، وتطعم ضيفانك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للخارص أن يدع الثلث أو الربع، فهذا بالنسبة للثمار.
لكن بالنسبة للزروع -الحبوب- ما هو القدر الذي يجوز لك أن تأكل منه؟
قال هذا فيه قولان:
القول الأول: أنك تأكل بقدر ما جرت العادة بأكله فريكاً.
والفريك هو: أن يؤخذ السنبل ثم بعد ذلك يفرك, ثم يؤكل هذا الحب، يعني: جرت العادة أنه إذا اشتد الحب أنهم يأكلونه فريكاً، فالعادة أنه يفرك هذا السنبل ويؤخذ الحب ويؤكل، فيقول: هذا الذي يرخص فيه؛ لجريان العادة بذلك.
والقول الثاني: قال: (وخرج القاضي في الأكل منها وجهين من الأكل من الزروع التي ليس لها حافظ) يعني: الزروع التي ليس لها حافظ فيها وجهان:
الوجه الأول: أنك لا تأكل إلا بقدر الحاجة.
والوجه الثاني: أنك تأكل حتى وإن لم تكن هناك حاجة.
فالزروع فيها رأيان:
الرأي الأول: ما جرت العادة بأكله فريكاً، يعني يبادر الأكل منها فإن هذا جائز ولا بأس به قدر العادة.
والرأي الثاني: أنك لا تأكل من الزروع إلا عند الحاجة فقط، وما عدا ذلك فإنه ليس لك أن تأكل.
القسم الثاني: ما له مالك غير معين
هذا القسم الثاني، وهو: ما قدر ما يجوز أكله من الهدي والأضاحي؟
المشهور من مذهب أحمد أنك تأكل ثلثاً وتهدي ثلثاً، وتتصدق بثلث، وهذا على سبيل الاستحباب، وعلى سبيل الجواز لك أن تأكل الأضحية كلها، لكن تتصدق بقدر أوقية، والأوقية تساوي: أربعين درهماً، وإذا حولت أربعين درهماً من الفضة إلى مثاقيل، فكل عشرة دراهم تساوي سبعة مثاقيل، فالمجموع يساوي ثمانية وعشرين مثقالاً؛ لأن كل عشرة دراهم تساوي سبعة مثاقيل، والمثقال الواحد وزنه بالغرامات أربع وربع، فإذا ضربت ثمانية وعشرين بأربع وربع يصير عندك حوالي مائة وثلاثين غراماً، يعني تتصدق بمائة وثلاثين غراماً من اللحم إذا أكلتها كلها ويكون ذلك مجزئاً، فتتصدق بقدر أوقية، وهي مائة وثلاثون غراماً من اللحم تقريباً، أي ثمانية وعشرين مثقالاً ضرب أربع وربع، والناتج هو الذي يجب عليك أن تخرجه، قال بعض العلماء: تخرج ما يقع عليه اسم اللحم.
إذاً الأكل من الهدي والأضاحي ينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: المستحب أن تأكل ثلثاً، وتهدي ثلثاً, وتتصدق بثلث.
والقسم الثاني: الجواز، فلك أن تأكلها كلها، لكن إذا أكلتها كلها المشهور من المذهب أنك تخرج قدر أوقية وهي ما يساوي أربعين درهماً، وهو ما يساوي ثمانية وعشرين مثقالاً، أو قال بعض العلماء: ما يقع عليه اسم اللحم.
القسم الثالث: أن يكون له عليه ولاية
وهذا القسم دليله قول النبي صلى الله عليه وسلم: (الظهر يركب بنفقته إذا كان مرهوناً، ولبن الدر يشرب بنفقته إذا كان مرهوناً).
فالمرتهن -إذا كانت العين المرهونة حيواناً- له أن ينفق عليها وأن يشرب اللبن، فقد رخص الشارع للمرتهن إذا أخذ الحيوان وثيقة مقابل الحق أن ينتفع بلبنه مقابل النفقة عليه، وحينئذٍ يكون قدر الانتفاع بقدر النفقة، فإذا كان الحيوان مثلاً بقرة تحتاج يومياً بعشرين درهماً، فأنت اشرب من لبنها بقدر عشرين, فإن شربت أزيد من ذلك تحسبه لمالكها الراهن، وإن احتاجت نفقة أكثر من ذلك تحسبه على المالك، فالغنم بالغرم.
هذا القسم الثالث: وهو الانتفاع بالعين المرهونة إذا كانت حيواناً من حيث اللبن، فيجوز لك حتى وإن لم يأذن الراهن؛ لأن الشارع أذن لك ويكون ذلك بقدر النفقة.
القسم الرابع: ولي اليتيم
قال المؤلف: (يأكل مع الحاجة بقدر عمله) يعني إذا كان فقيراً، أما إن كان غنياً فإنه لا يجوز له أن يأكل؛ لقول الله عز وجل: وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ [النساء:6].
وقوله: (بقدر عمله) هذا موضع خلاف بين أهل العلم: هل ولي اليتيم يأكل بقدر العمل أو يأكل بقدر كفايته؟ يعني: هل يأكل بقدر أجرته؟ ولنفرض أن أجرته في الشهر ألف ريال، فإذا تولى على هذا اليتيم، فهل يأكل بقدر ألف ريال, أو يأكل بقدر كفايته؟
وظاهر كلام المؤلف أنه يأكل بقدر الأجرة؛ لأنه قال: (بقدر عمله)؛ لأنه قادر على العمل.
والصواب في ذلك -وهو الأحوط لمال اليتيم- يأكل بقدر الأقل من كفايته أو من أجرته، فينظر الأقل، فأيهما كان الأقل فإنه يأكل بقدره.
قال: [وهل يرد إذا أيسر؟ على روايتين] الصحيح أنه لا يرد، يعني: لو أن هذا الفقير أكل من مال اليتيم مدة عشر سنوات، ثم الله عز وجل رزقه وأيسر، فهل يكون ذلك قرضاً في ذمته, أو نقول بأنه لا يكون قرضاً في ذمته؟
قلنا: لا يكون قرضاً في ذمته، والقاعدة: أن ما ترتب على المأذون غير مضمون، وهو قد أذن له في الأكل فلا يضمن.
قال: [وأمين الحاكم أو الحاكمُ إذا نظر في مال اليتيم] أي أن القاضي إذا نظر في مال اليتيم، ومثله أمينه إذا نظر، فحكمه حكم ولي اليتيم.
القسم الخامس: ناظر الوقف
القسم الخامس: ناظر الوقف، ولنفرض أن الوقف أشياء تثمر، أو مثلاً: زروع, أو مثلاً: دراهم وأموال، فهل له أن يأكل أو نقول بأنه ليس له أن يأكل؟ فالمذهب أن ناظر الوقف يأكل بقدر نفقته.
ومثله أيضاً: ناظر الصدقات له أن يأكل, وهذا هو المذهب، فناظر الصدقات والأوقاف له أن يأكل بالمعروف.
القسم السادس: الوكيل والأجير
القسم السادس: الوكيل والأجير, هل لهما أن يأكلا أو ليس لهما أن يأكلا؟
مثلاً: إذا استأجر شخصاً على عمل من الأعمال فهل له أن يأكل من هذا المال، أو مثلاً: وكل على هذه الأموال في البيع والشراء، فهل له أن يأكل منها؟
قال: (المعروف منعهما) يعني المعروف في المذهب منعهما؛ لأنهما بالإمكان أن يطلبا الأجرة على ذلك.
ونستنتج من ذلك أن ناظر الوقف والصدقات يأكل بقدر نفقته، لكن بالنسبة للوكيل والأجير فليس لهما أن يأكلا.
القسم السابع: الأكل من الأطعمة في دار الحرب
الأكل من الأطعمة في درا الحرب، يعني: إذا جاهد المسلمون الكفار ثم حصلت غنائم، فلهم أن يأكلوا من هذه الغنائم، ولهم أن يعلفوا دوابهم، كما جاء في حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، فله أن يأكل وله أن يعلف دابته, ولا يعتبر هذا من الغلول من الغنيمة.
لكن الدواب يشترط أن تكون معدة للركوب، يعني: لاستخدامها في الجهاد، فإن كانت للتجارة، أو للبيع، أو للتصيد بها ففيها وجهان -هل يجوز أو لا يجوز؟- للأصحاب رحمهم الله تعالى.
القسم الثامن: إذا مر بثمرة غير محوط عليها ولا عليها ناظر
هذا القسم الثامن، إذا مر بالثمر الذي على الشجر، وهذا من مفردات المذهب، وإلا فجمهور أهل العلم لا يرون أنك تأكل، لكن إذا مررت بالثمرة يشترط:
1- أن لا تكون هذه الثمرة قد حوط عليها.
2- ولا عليها ناظر.
3- ولا يرمي الثمر.
4- ولا يأكل من الثمر المجموع.
ولا يحمل في يده.
هذه خمسة شروط، إذا توفرت يجوز لك إذا مررت بهذه الثمار أن تأكل منها.
ويدل لذلك وروده عن الصحابة رضي الله تعالى عنهم.
فتلخص لنا أن الأكل من الأموال التي لم يؤذن فيها، أو لم يأذن فيها أربابها أنها تنقسم إلى هذه الأقسام الثمانية.
أما الزروع مثلاً: البر إذا مررت به، أو الشعير ونحو ذلك، فهل لك أن تأكل أو ليس لك أن تأكل؟ فيه روايتان في المذهب:
الرواية الأولى: أنك لا تأكل إلا مع الحاجة، كما هو قول جمهور أهل العلم رحمهم الله.
والرواية الثانية: أن حكمها حكم الثمار، وأن لك أن تأكل منها.
القسم الأول: قال: [مال الزكاة، فيجوز الأكل مما تتوق إليه النفوس، ويشق الانكفاف عنه من الثمار بقدر ما يحتاج إليه من ذلك، ويطعم الأهل والضيفان ولا يحتسب زكاته، ولذلك يجب على الخارص أن يدع الثلث أو الربع بحسب ما يقتضيه الحال من كثرة الحاجة وقلتها كما دلت عليه السنة].
قال: (مال الزكاة) -يعني الزروع والثمار- فالثمار: كالتمر، والزيتون، والتين والفستق، والبندق... إلى آخره, هذه أموال زكوية.
والزروع، مثل: البر، والشعير، والدخن، والعدس ... إلى آخره, هذه أموال زكوية.
فالمؤلف رحمه الله يقول: يجوز لك أن تأكل من هذه الزروع والثمار ما تتوق إليه نفسك ويشق الانكفاف عنه من الثمار بقدر ما تحتاج إليه، وتطعم الأهل والضيفان من الثمار، وإن كنت ما أخرجت الزكاة. وإن كنت تريد أن تأخذ شيئاً من الثمار فلا شك أنه إذا نقصت هذه الثمار ستنقص الزكاة، لكن هذا يكون مرخصاً لك، فتأكل ما تشتاق إليه ويشق عليك أن تنكف عنه ما تطعم أهلك وضيفانك وهذا جائز.
قال: (ولذلك يجب على الخارص أن يدع الثلث أو الربع حسب ما يقتضيه الحال).
بدليل حديث سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أخرجتم فدعوا الثلث أو الربع).
وقوله: (الثلث أو الربع) هل هو على سبيل التخيير, وأن هذا راجع إلى الخارص إن شاء ترك الربع، وإن شاء ترك الثلث؟
قال المؤلف رحمه الله: (بحسب ما يقتضيه الحال)، فإذا كان هذا الشخص عنده أولاد كثيرون، وعنده ضيفان وأصاب أمواله شيء من الآفات والجوائح فإنه يدع الثلث، وإذا كان على خلاف ذلك فإن الخارص يدع الربع يتركه لصاحب زكاة المال، فيدع الثلث أو الربع بحسب الحال.
قال: [فإن استبقيت ولم تؤكل رطبة رجع عليهم بزكاتها] يعني: أنهم إذا ما أكلوا هذا الرطب وتركوه, فإنه يجب عليهم أن يخرجوا الزكاة.
قال: [وأما الزروع: فيجوز الأكل منها بقدر ما جرت العادة بأكله فريكاً ونحوه، نص عليه أحمد، وليس له إلا هذا منها، وخرَّج القاضي في الأكل منها وجهين من الأكل من الزروع التي ليس لها حافظ].
بالنسبة للثمار هو قال: يجوز أن تأكل من الثمار بقدر ما تحتاج إليه، ويشق عنك الانكفاف عنه، وتطعم أهلك، وتطعم ضيفانك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للخارص أن يدع الثلث أو الربع، فهذا بالنسبة للثمار.
لكن بالنسبة للزروع -الحبوب- ما هو القدر الذي يجوز لك أن تأكل منه؟
قال هذا فيه قولان:
القول الأول: أنك تأكل بقدر ما جرت العادة بأكله فريكاً.
والفريك هو: أن يؤخذ السنبل ثم بعد ذلك يفرك, ثم يؤكل هذا الحب، يعني: جرت العادة أنه إذا اشتد الحب أنهم يأكلونه فريكاً، فالعادة أنه يفرك هذا السنبل ويؤخذ الحب ويؤكل، فيقول: هذا الذي يرخص فيه؛ لجريان العادة بذلك.
والقول الثاني: قال: (وخرج القاضي في الأكل منها وجهين من الأكل من الزروع التي ليس لها حافظ) يعني: الزروع التي ليس لها حافظ فيها وجهان:
الوجه الأول: أنك لا تأكل إلا بقدر الحاجة.
والوجه الثاني: أنك تأكل حتى وإن لم تكن هناك حاجة.
فالزروع فيها رأيان:
الرأي الأول: ما جرت العادة بأكله فريكاً، يعني يبادر الأكل منها فإن هذا جائز ولا بأس به قدر العادة.
والرأي الثاني: أنك لا تأكل من الزروع إلا عند الحاجة فقط، وما عدا ذلك فإنه ليس لك أن تأكل.
القسم الثاني: قال: [فأما ما له مالك غير معين كالهدي والأضاحي، فيجوز لمن هي في يده -وهو المهدي والمضحي- أن يأكل منها ويدَّخر ويهدي، وهل يجوز أكل أكثر من الثلث أم لا؟ على وجهين: أشهرهما الجواز].
هذا القسم الثاني، وهو: ما قدر ما يجوز أكله من الهدي والأضاحي؟
المشهور من مذهب أحمد أنك تأكل ثلثاً وتهدي ثلثاً، وتتصدق بثلث، وهذا على سبيل الاستحباب، وعلى سبيل الجواز لك أن تأكل الأضحية كلها، لكن تتصدق بقدر أوقية، والأوقية تساوي: أربعين درهماً، وإذا حولت أربعين درهماً من الفضة إلى مثاقيل، فكل عشرة دراهم تساوي سبعة مثاقيل، فالمجموع يساوي ثمانية وعشرين مثقالاً؛ لأن كل عشرة دراهم تساوي سبعة مثاقيل، والمثقال الواحد وزنه بالغرامات أربع وربع، فإذا ضربت ثمانية وعشرين بأربع وربع يصير عندك حوالي مائة وثلاثين غراماً، يعني تتصدق بمائة وثلاثين غراماً من اللحم إذا أكلتها كلها ويكون ذلك مجزئاً، فتتصدق بقدر أوقية، وهي مائة وثلاثون غراماً من اللحم تقريباً، أي ثمانية وعشرين مثقالاً ضرب أربع وربع، والناتج هو الذي يجب عليك أن تخرجه، قال بعض العلماء: تخرج ما يقع عليه اسم اللحم.
إذاً الأكل من الهدي والأضاحي ينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: المستحب أن تأكل ثلثاً، وتهدي ثلثاً, وتتصدق بثلث.
والقسم الثاني: الجواز، فلك أن تأكلها كلها، لكن إذا أكلتها كلها المشهور من المذهب أنك تخرج قدر أوقية وهي ما يساوي أربعين درهماً، وهو ما يساوي ثمانية وعشرين مثقالاً، أو قال بعض العلماء: ما يقع عليه اسم اللحم.
القسم الثالث: قال: [أن يكون له عليه ولاية، فإن كانت الولاية لحظ نفسه كالرهن، فإنه يجوز له الأخذ مما بيده إذا كان درّاً، والانتفاع بظهره إذا كان مركوباً لكن بشرط أن يعاوض عنه بالنفقة].
وهذا القسم دليله قول النبي صلى الله عليه وسلم: (الظهر يركب بنفقته إذا كان مرهوناً، ولبن الدر يشرب بنفقته إذا كان مرهوناً).
فالمرتهن -إذا كانت العين المرهونة حيواناً- له أن ينفق عليها وأن يشرب اللبن، فقد رخص الشارع للمرتهن إذا أخذ الحيوان وثيقة مقابل الحق أن ينتفع بلبنه مقابل النفقة عليه، وحينئذٍ يكون قدر الانتفاع بقدر النفقة، فإذا كان الحيوان مثلاً بقرة تحتاج يومياً بعشرين درهماً، فأنت اشرب من لبنها بقدر عشرين, فإن شربت أزيد من ذلك تحسبه لمالكها الراهن، وإن احتاجت نفقة أكثر من ذلك تحسبه على المالك، فالغنم بالغرم.
هذا القسم الثالث: وهو الانتفاع بالعين المرهونة إذا كانت حيواناً من حيث اللبن، فيجوز لك حتى وإن لم يأذن الراهن؛ لأن الشارع أذن لك ويكون ذلك بقدر النفقة.