خطب ومحاضرات
برنامج يستفتونك - الزكاة [3]
الحلقة مفرغة
المقدم: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
الإخوة والأخوات! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وحياكم الله إلى لقاء متجدد من برنامجكم الفقهي الإفتائي المباشر يستفتونك.
ضيفنا في هذا المساء صاحب الفضيلة الشيخ الدكتور/ عبد الله بن ناصر السلمي عضو هيئة التدريس في المعهد العالي للقضاء، والداعية الإسلامي المعروف، فباسمكم واسم الزملاء أرحب بفضيلته، أهلاً وسهلاً دكتور!
الشيخ: حياك الله يا أخ عبد العزيز ! وحيا الله المشاهدين والمشاهدات.
المقدم: الله يحييك، ونسعد بتواصلكم على الأرقام التي تظهر على الشاشة بين الحين والآخر، أو عبر حساب البرنامج على تويتر، فأهلاً وسهلاً بكم.
صاحب الفضيلة! حديثنا في مستهل هذه الحلقة عن ركن من أركان الإسلام، وهو الزكاة، وسوف نتحدث عن زكاة المال، وشروط زكاة المال، وما المال الذي تجب فيه الزكاة؛ لا سيما أن هناك فهماً خاطئاً لدى كثير من الناس.
وهناك بعض يظن أنه طالما أن الزكاة واجبة، وهي ركن من أركان الإسلام، فلا بد أن يدخر شيئاً من ماله مع حاجته إليه حتى يزكي. لعلنا نقف أولاً مع شروط زكاة المال، ثم نذكر بعض الأحكام حول ذلك.
الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
إن الله سبحانه وتعالى شرع الزكاة في المال، والمال عند الفقهاء رحمهم الله ينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: المال النامي بالخلقة، وهذا المال إنما وضع أساساً لأجل أنه ينمى وهو مال نام بذاته، ويذكر الفقهاء في تعريف هذا القسم أنه: المال النقد من ذهب أو فضة -يعني: من دنانير أو دراهم- أو ما يئول إليها من العملات الورقية مثل الدولار والجنيه والريال والدرهم والدينار وغير ذلك من العملات الموجودة في بلاد المسلمين وغير المسلمين، فهذا المال يسمى مال نام بالخلقة.
فعلى هذا إذا ادخر الإنسان مالاً من هذه النقود بقصد الزواج، أو بقصد شراء منزل، أو بقصد شراء بيت، أو بقصد العلاج، أو بأي قصد آخر، فهذا المال إذا حال عليه الحول وبلغ نصاباً فإنه يجب على المسلم أن يزكيه، ولو أدى ذلك إلى نقص شيء من المال، ولو كان يريد أن يفعل به ما يحتاجه من ضروريات الحياة.
وعلى هذا فإن الإنسان إذا كان يملك مثلاً مائة ألف ريال، وقد ادخر هذا المبلغ للزواج، أو ادخره لشراء منزل، فإذا حال عليه الحول فإنه يجب عليه أن يزكي هذا المال؛ لأنه قد بلغ النصاب.
مقدار نصاب الذهب والفضة
مقار نصاب العملات الورقية
أولاً: لأن نصاب الفضة هو الذي أجمع العلماء عليه، وقد جاء فيه النص الشرعي الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأما نصاب الذهب فمختلف فيه، وقد جاء عن ابن عمر و عائشة و علي ، ولا يصح مرفوعاً عن النبي صلى الله عليه وسلم كما ذكر ذلك غير واحد من أهل العلم.
ثانياً وهو أقوى: أن نصاب الذهب والفضة إنما جيء به لأنه مطلق الثمنية، وكل ما كان من النقود يمكن أن يكون ثمناً فأقل ما يطلق عليه الثمن فيأخذ حكمه، ومن المعلوم أن أقل ما يطلق عليه الثمن هو نصاب الفضة.
نقصان المال عن النصاب قبل تمام الحول
وعلى هذا فالذين يملكون بعض المال لأجل أن يبنوا به منزلاً، أو أن يشتروا به منزلاً فلا يسوغ لهم أن يؤخروا الزكاة بحجة أنهم محتاجون لذلك، وهذا خطأ ظاهر؛ لأن المال مال نام بخلقته كالنقود وغيرها.
من المعلوم أن نصاب الذهب والفضة يختلفان، فنصاب الذهب هو ما بلغ خمسة وثمانين جراماً على الأحوط والأرجح، فإن بعض الفقهاء يقول: ما بلغ سبعين جراماً، وبعض الفقهاء يقول: ما بلغ ثلاثة وتسعين جراماً، والأحوط ما بلغ خمسة وثمانين جراماً، وهذا رأي شيخنا محمد بن عثيمين فقد قاس ذلك بناءً على حبيبات الشعير، فإن حبة الشعير هي بمقدار الدرهم، فمقدار الدينار واحد وخمسون حبة شعير وربع، أو خمسون حبة شعير وربع على خلاف عندهم، وهذا يدل على أن نصاب الذهب ما بلغ خمسة وثمانين جراماً، ومن الدنانير ما بلغت عشرين ديناراً أو عشرين مثقالاً، ومقدارها بالقيمة الورقية عندنا في السعودية أو في بلاد المغرب أو بلاد الشام أو غيرها؛ ينظرون مقدار خمسة وثمانين جراماً خاماً من الذهب كم قيمته من الريالات أو من الدولارات، فإذا بلغ مثلاً مبلغاً معيناً، قالوا: فيه الزكاة، أو ينظرونه إلى الفضة، والفضة ما بلغت مائتي درهم، أو ما بلغت خمسمائة وخمسة وتسعين جراماً من الفضة، تقدر اليوم تقريباً بألف وتسعمائة ريال تقريباً، وعلى هذا فإذا كان على الإنسان ألف وتسعمائة ريال فإنه قد ملك نصاباً.
من المعلوم أن نصاب الذهب مختلف تماماً عن نصاب الفضة، فاليوم يقدر الجرام من الذهب بمائتي ريال، أو مائة وتسعين ريالاً تقريباً، فإذا ضربنا مائتي جرام في خمسة وثمانين جراماً -وجعلنا نصاب الذهب خمسة وثمانين- فإن النصاب يكون سبعة عشر ألف ريال، وأما نصاب الفضة فيبلغ ألفاً وتسعمائة ريال، وبين نصاب الفضة ونصاب الذهب مفاوز تنقطع فيها أعناق الإبل، ولأجل هذا اختلف العلماء: كم مقدار النصاب بالورقيات؟ فالذي يظهر لي والله أعلم أن نصاب الذهب أو نصاب الفضة إنما ينظر فيه إلى الأحظ للفقير، والأحظ للفقير في هذا الزمان هو نصاب الفضة؛ وذلك لأمور:
أولاً: لأن نصاب الفضة هو الذي أجمع العلماء عليه، وقد جاء فيه النص الشرعي الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأما نصاب الذهب فمختلف فيه، وقد جاء عن ابن عمر و عائشة و علي ، ولا يصح مرفوعاً عن النبي صلى الله عليه وسلم كما ذكر ذلك غير واحد من أهل العلم.
ثانياً وهو أقوى: أن نصاب الذهب والفضة إنما جيء به لأنه مطلق الثمنية، وكل ما كان من النقود يمكن أن يكون ثمناً فأقل ما يطلق عليه الثمن فيأخذ حكمه، ومن المعلوم أن أقل ما يطلق عليه الثمن هو نصاب الفضة.
وعلى هذا فإذا كان الإنسان يملك ألفاً وثمانمائة ريال أو ألفاً وتسعمائة ريال؛ فإنه حينئذٍ يجب عليه أن يزكي إذا حال عليه الحول، فإذا انقطع هذا المبلغ أي صار أقل منه أثناء الحول فإن الراجح هو مذهب الحنابلة أن الحول ينقطع حينئذٍ، فإن استكمل نصاباً فإنه ينشئ له حولاً جديداً من حين أن يكمله، فلو أن عندي ألفاً وتسعمائة ريال في (1/1/1433) ثم لما كان (1/11/1433) اشتريت بخمسمائة ريال جوالاً أو غيره، كم صار المبلغ الآن؟ يصير ألفاً وأربعمائة، إذاً: هو أقل من النصاب، فحينئذٍ ينقطع الحول، فلو اكتمل الحول فجاءني مال آخر قبل نهاية شهر اثني عشر فإنني لا أقول: يزكي كما هو مذهب المالكية والشافعية، بل أقول: إنه ينشئ له حولاً جديداً من حين أن يكمله نصاباً.
وعلى هذا فالذين يملكون بعض المال لأجل أن يبنوا به منزلاً، أو أن يشتروا به منزلاً فلا يسوغ لهم أن يؤخروا الزكاة بحجة أنهم محتاجون لذلك، وهذا خطأ ظاهر؛ لأن المال مال نام بخلقته كالنقود وغيرها.
استمع المزيد من الشيخ الدكتور عبد الله بن ناصر السلمي - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
برنامج يستفتونك - فقه الخلاف [2] | 2743 استماع |
برنامج يستفتونك - الاستغفار [1] | 2017 استماع |
برنامج يستفتونك - وقفات مع الدعاء | 1835 استماع |
برنامج يستفتونك - استغلال الإجازة | 1749 استماع |
برنامج يستفتونك - الزكاة [2] | 1734 استماع |
برنامج يستفتونك - الاستغفار [2] | 1704 استماع |
برنامج يستفتونك - الزكاة [1] | 1653 استماع |
برنامج يستفتونك - فقه الخلاف [1] | 1475 استماع |
برنامج يستفتونك - أحكام المسح على الجورب | 1379 استماع |
برنامج يستفتونك - الزكاة [4] | 1084 استماع |