سراب نتمناه ولا ندركه.. - سارة خليفة
مدة
قراءة المادة :
5 دقائق
.
وقف يتأمل من غرفته..حركة الناس..
وصخب حياتهم من حوله..
هل أصبحنا كغثاء السيل؟! هل كل تلك الجموع من المسلمين لا يُمَّثِّلوا وزنًا؟! كل يوم يُلِّمُ بالأمة مصاب جديد في مكان جديد ولا أحد يتحرك..
حتى الأقصى أُغْلِقَ بقفلٍ صغير لم يستطع أحد كسره من أمة تَعَدَّى تعدادُها المليار..
لماذا؟.
بالرغم من وضوح الأمر..
ولا نستطيع فعل شي؟! لماذا؟! يجلس بين كل مجلس وآخر مع شباب ملم بأمر دينه..
يرى الحقيقة واضحة! ولكنهم بالرغم من ذلك لا يُحْدِثُون فرقًا! ولا في واقعهم ولا حتى في قلوب أعدائهم!
ماذا حدث؟!.
"وأما التاريخ فقد قال كلمته، وكلمته هى سنة الله التى لا تتبدل ولا تتحول.
أن هذه الأمة تُمَكَّن بقدرِ التزامها بمقتضياتِ الإيمان ، لا بمجرد التصديق والإقرار، وأنها تزلزل ويزول عنها التمكين بمقدار ما تنتقص فى عملها من مقتضيات الإيمان؛ مقتضيات لا إله إلا الله.
وانظر إلى الجيل المتفرد رضوان الله عليهم، يتأخر عنهم النصر ذات مرة فيقولون لأنفسهم: "لينظر كلٌّ ما قصر فيه من أوامر ربه وأوامر رسوله صلى الله عليه وسلم"، فيجد بعضهم أنه قد أهمل السواك، فيقولون: "هو ذاك"! وانظر إلى الأجيال التي تنقض أوامر ربها، وتعيش إسلامًا بلا عمل وإسلامًا بلا أخلاق، ثم تقول: لا يضر مع الإيمان شئ" (واقعنا المعاصر لمحمد قطب).
لم نعمل بمقتضيات الإيمان..
الذي تجري كلمته على ألسنتنا ونسمعها بآذانًا مرارًا في اليوم..
ولا تلمس قلب ولا عمل..
"فلا بد لشهادة أن لا إله إلا الله من سبع شروط:
الأول: العلم بمعناها نفيًا وإثباتًا، العلم المنافي للجهل.
الثاني: استيقان القلب ﺑﻬا، اليقين المنافي للشك.
الثالث: الانقياد لها ظاهرًا وباطنًا، القبول المنافي للرد.
الرابع: القبول لها فلا يرد شيئًا من لوازمها ومقتضياﺗﻬا، الانقياد المنافي للشك.
الخامس: الإخلاص فيها، الإخلاص المنافي للشرك.
السادس: الصدق من صميم القلب لا باللسان فقط، الصدق المنافي للكذب.
السابع: المحبة لها ولأهلها، والموالاة والمعاداة لأجلها، المحبة المنافية لضدها" (من كتاب 200 سؤال وجواب في العقيدة لحافظ الحكمي وكتاب فتح المجيد لشرح كتاب التوحيد لعبد الرحمن آل الشيخ، بتصرف يسير).
الرعيل الأول من الصحابة ..
وعي المعادلة وطبَّقَها..
فكانت النتيجة أن سادوا الدُنا..
وعَمَرُوا الأرض بهذا الدين..
جعلوا المستقبل لهذا الدين..
وبدأت كفة الإيمان تطغى على كفة الكفر في بقاع تلك الأرض..
في القلوب ..
المعادلة..
أن التصديق بالقلب شيء وتصديق العمل شيء آخر!
ربَّى الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الجيل الفذ الفريد على أن يكونوا إسلامًا يتحرك بين الناس..
عرفوا مقتضيات لا إله إلا الله..
عرفوها فلزموها..
فسادوا..
جعلوا من كلمة التوحيد..
كلمة حَيَّة..
مصدر طاقة متجدد بداخلهم يدفعهم..
يدفعهم لحركة مستمرة من أجل أن تصل تلك الرسالة صافية كما وصلتهم لكل من على تلك الأرض..
لا لشيء إلا لتعلو كلمة الله..
ويُحْكَمَ في مُلْكِهِ وبين خلقه بحُكْمِه {أَلَا لَهُ ٱلْخَلْقُ وَٱلْأَمْرُ ۗ تَبَارَكَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَـٰلَمِينَ} [الأعراف من الآية:54}..
لمّا تركنا تلك الكلمة..
وفيها حياتنا؟! وبها استحققنا الشهادة على الناس {وَكَذَ ٰلِكَ جَعَلْنَـٰكُمْ أُمَّةًۭ وَسَطًۭا لِّتَكُونُوا۟ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ وَيَكُونَ ٱلرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًۭا} [البقرة من الآية:143]..
إن كنا بِتَرْكِنَا العمل بكلمة التوحيد..
وإغفالنا العقيدة وأهميتها في الحياة وحركة تلك الأمة..
وترك كل من يريد أن يهدِمَ جزء منها بداخلنا وفي مجتمعتنا..
حتى وصلنا إلى معادلة خاسرة..
تصديق بلا عمل..
فإن أردنا صحوة حقيقة في تلك الأمة..
فلنعمل على تلك المعادلة..
وليكن عملنا مُنطَلِقًا منها..
نحرك سكون تلك الأمة..
ونحيي تلك القلوب بتلك الكلمة كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع الرعيل الأول..
نعيد بعث فطرة الإيمان بدخلنا..
بأن نتعلم مقتضياتها..
هذا هو حل تلك المعادلة..
إن أردنا ألا نكون أمة كغثاء السيل..
بدونها..
سننتظر تمكينًا..
سراب..
نتمناه ولا ندركه..
تلك سُنَّته..
في هذه الكلمة..
الشعلة التي تحرك تلك الأمة..
هكذا أخرجها الله لناس..
وهكذا أرادها..