برنامج يستفتونك - الزكاة [4]


الحلقة مفرغة

المقدم: الحمد لله حق حمده، والصلاة والسلام على رسوله وعبده.

أما بعد:

فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم إلى لقاءٍ جديد من لقاءات برنامجكم الإفتائي المباشر يستفتونك ها هو يطل عليكم إطلالة ختامية لهذا الأسبوع، عبر شاشتكم الرسالة.

نرحب بكم وبأسئلتكم الثرية، كما نشكر لكم بادئ هذه الحلقة وكل حلقة تجشمكم بالبقاء معنا طيلة دقائقها وثوانيها، وباسمكم وباسم فريق العمل نرحب بالغ الترحيب بضيف البرنامج وضيف اللقاء، والذي سيتولى مشكوراً مأجوراً التوضيح والبيان لموضوع هذه الحلقة، ومن ثم التكرم بالإجابة عن أسئلتكم واستفساراتكم.

أرحب بصاحب الفضيلة الشيخ الدكتور عبد الله بن ناصر السلمي أستاذ الفقه المقارن في المعهد العالي للقضاء في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، أهلاً بكم صاحب الفضيلة!

الشيخ: حياك الله يا شيخ ناصر ! وحيا الله المشاهدين والمشاهدات.

المقدم: إذاً حيا الله شيخنا الكبير، وحياكم الله أينما كنتم، وحيثما حللتم.

صاحب الفضيلة! سيكون الحديث في شأن من الشئون التي يُسأل عنها كثيراً، وهي إخراج الزكاة، فبعض الناس يهمهم هذا الأمر، فيقول: هل لي أن أخرج الزكاة في بلدي، أو خارج بلدي؟ وهل لي أن أخرجها تقديماً أو تأخيراً؟ وما الحدود وما الضوابط؟ ماذا يمكن أن يقال في شأنها؟ وهناك آخرون يفاجئوننا بأسئلة فيقولون: حلت عليّ الزكاة في الأسبوع الماضي، حلت عليّ قبل يومين، فهل يقبل مثل هذا السؤال من بعض المسلمين والمسلمات؟

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، فمن المعلوم أن الزكاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام بعد الشهادتين، وبعد الصلاة، وقد قال الله تعالى: فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ [التوبة:5]، ومن المعلوم أن الزكاة قرينة الصلاة في كتاب الله تعالى؛ ولذا اختلف أهل العلم: هل يكفر تارك الصلاة أم لا؟ وجمهور أهل العلم على أن تارك الصلاة لا يكفر كما ثبت ذلك في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر قصة الذي لا يؤدي الزكاة، ثم قال: ( فأمره إلى الله إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له )، فهذا يدل على أنه تحت المشيئة، وكل العباد الذين تحت المشيئة دليل على أن أصل التوحيد عندهم وهو الشهادتين، فدل ذلك على أن تركها كبيرة من كبائر الذنوب.

حكم إخراج الزكاة من حيث التقديم والتأخير

من المعلوم أن الذي أوجب الزكاة هو ربنا، والذي قدرها وأوجد لها مواقيتها هو ربنا سبحانه وتعالى، فأوجب الله سبحانه وتعالى أن يؤدي المرء الزكاة إذا دار عليها الحول، وهذا أمر مجمع عليه، كما نقل ذلك غير واحد من أهل العلم، كـابن رشد الحفيد و ابن المنذر ، و ابن قدامة وغيرهم كثير.

وقد صح عن علي بن أبي طالب و عبد الله بن عمر رضي الله عنه، وروي مرفوعاً ولا يصح: ( إذا كان لك مائتا درهم وحال عليها الحول ففيها ربع العشر )، والصحيح أنه من قول علي ، ومن قول ابن عمر رضي الله تعالى عن الجميع.

فينبغي للإنسان أن يراعي متى يحول الحول على ماله؟ فإذا حال على المال سنة فإن الواجب في حقه أن يزكيه، ولا بأس أن يؤجل الزكاة إذا بلغ النصاب، وهذا أمر مختلف فيه عند أهل العلم، وإن كان جمهور أهل العلم يجوزون ذلك خلافاً لـأبي حنيفة ، والصحيح جواز ذلك، وإذا ملك نصاباً وأراد أن يزكي قبل حلول الحول فله ذلك، مثل أن يحول الحول في شهر ذي الحجة، وأراد أن يخرج زكاته في رمضان قبل شهر ذي الحجة فلا حرج في ذلك.

إخراج الزكاة بعد حلول الحول

مسألة: هل للمسلم أن يؤخر الزكاة بعدما حال على ماله الحول؟

جمهور أهل العلم قالوا: إن الزكاة مبنية على الفورية، ولم يرخصوا في أن المرء يؤخر الزكاة إلا إذا كان لمصلحة شرعية وتكمن المصلحة في حالتين:

الحالة الأولى: إما لمصلحة المال نفسه، مثل ألا يستطيع بيع بضاعته إلا بخسارة، فلأجل مصلحة المال لا بأس أن يؤخر الزكاة حتى إذا باع أدى ما عليه مما مضى من السنين؛ لأن الزكاة مبنية على المواساة، فهي حق للفقير، ولا يتضرر فيها الغني، وهي خلاف ما يقول بعض الفقهاء: إنها حق للفقير فقط، والصحيح أنها حق للفقير، ولا يتضرر بها الغني، وعلى هذا فإذا صعب عليه أن يبيع هذا الشيء فلا بأس أن يؤخره.

الحالة الثانية: إذا كان يؤخرها لأجل مصلحة قريب، مثل أن يكون عنده قريب فقير محتاج، وهو يريد أن يؤخر الزكاة حتى يأتي هذا القريب إذا كان في سفر، أو ربما يكون منقطعاً، أو لا يعلم حاله، فلو أخر فلا حرج، إلا أن أهل العلم قالوا: لا ينبغي له أن يؤخر إلا إذا كان الوقت قريباً كشهر وشهرين.

إذا ثبت هذا فإنه من المعلوم أن بعض الناس تحل الزكاة عليه في شهر صفر أو في شهر ذي الحجة أو في شهر ربيع الأول أو في شهر ربيع الثاني فيؤخر الزكاة حتى يأتي رمضان، ويقول: لأن رمضان أفضل. والصحيح أنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث بخصوصه في فضل إخراج الزكاة في رمضان، وإنما صح ذلك عن عثمان بن عفان كما روى ذلك البيهقي في السنن الكبرى، و القاسم بن سلام في كتابه الأموال أنه قال: هذا شهر زكاتكم، وقوله: هذا شهر زكاتكم ليس فيه دلالة على أن الأفضل أن يخرج الزكاة فيه، ولكن فيه دلالة على أنه يجوز للإنسان أن يعجل الزكاة إلى شهر رمضان، وإن كان عندهم أنه متى ما حل الحول فإن الأفضل أن يخرجها في وقتها.

الأفضل في وقت إخراج الزكاة

وعلى هذا نقول للإخوة جميعاً: من حال عليه الحول في ماله في شهر ربيع الآخر أو في الشهر الرابع أو الخامس أو السادس فإن الأفضل في حقه أن يؤدي الزكاة ولا يؤخرها إلى رمضان؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقول على لسان موسى عليه السلام: وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى [طه:84]، وهذا يدل على أن الإنسان كلما أبرأ ذمته في إخراج الزكاة كان ذلك أتقى لربه، وأنقى لثوب قلبه، وهذا يدل على أن الإنسان يبنغي له أن يتعجل، فإذا شق عليه ذلك، مثل أن يكون عنده تجارات بعضها يحل قريباً وبعضها يتأخر فأراد أن يجعل له شهراً معيناً فلا حرج في ذلك كما نص ذلك الإمام مالك ، وهو ظاهر قول عثمان بن عفان بقوله: هذا شهر زكاتكم، وهو دلالة على أن للإنسان أن يجعل له شهراً معيناً يؤدي فيه الزكاة، ولا حرج في ذلك إن شاء الله، فيكون بعض الزكاة قد عجل، وبعض الزكاة قد أخر لمصلحته، ولأجل أن يضبط حياته وحالته في هذا المال.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يصلح الحال، وأن يعيد للزكاة قوتها وهيبتها، فإن كثيراً من الناس مع الأسف الشديد لا يؤدون الزكاة، نسأل الله لنا ولهم الهداية والتوفيق.

من المعلوم أن الذي أوجب الزكاة هو ربنا، والذي قدرها وأوجد لها مواقيتها هو ربنا سبحانه وتعالى، فأوجب الله سبحانه وتعالى أن يؤدي المرء الزكاة إذا دار عليها الحول، وهذا أمر مجمع عليه، كما نقل ذلك غير واحد من أهل العلم، كـابن رشد الحفيد و ابن المنذر ، و ابن قدامة وغيرهم كثير.

وقد صح عن علي بن أبي طالب و عبد الله بن عمر رضي الله عنه، وروي مرفوعاً ولا يصح: ( إذا كان لك مائتا درهم وحال عليها الحول ففيها ربع العشر )، والصحيح أنه من قول علي ، ومن قول ابن عمر رضي الله تعالى عن الجميع.

فينبغي للإنسان أن يراعي متى يحول الحول على ماله؟ فإذا حال على المال سنة فإن الواجب في حقه أن يزكيه، ولا بأس أن يؤجل الزكاة إذا بلغ النصاب، وهذا أمر مختلف فيه عند أهل العلم، وإن كان جمهور أهل العلم يجوزون ذلك خلافاً لـأبي حنيفة ، والصحيح جواز ذلك، وإذا ملك نصاباً وأراد أن يزكي قبل حلول الحول فله ذلك، مثل أن يحول الحول في شهر ذي الحجة، وأراد أن يخرج زكاته في رمضان قبل شهر ذي الحجة فلا حرج في ذلك.




استمع المزيد من الشيخ الدكتور عبد الله بن ناصر السلمي - عنوان الحلقة اسٌتمع
برنامج يستفتونك - فقه الخلاف [2] 2741 استماع
برنامج يستفتونك - الاستغفار [1] 2015 استماع
برنامج يستفتونك - وقفات مع الدعاء 1831 استماع
برنامج يستفتونك - الزكاة [3] 1802 استماع
برنامج يستفتونك - استغلال الإجازة 1745 استماع
برنامج يستفتونك - الزكاة [2] 1732 استماع
برنامج يستفتونك - الاستغفار [2] 1701 استماع
برنامج يستفتونك - الزكاة [1] 1652 استماع
برنامج يستفتونك - فقه الخلاف [1] 1471 استماع
برنامج يستفتونك - أحكام المسح على الجورب 1375 استماع