خطب ومحاضرات
عمدة الفقه - كتاب البيع [3]
الحلقة مفرغة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل.
اللهم أرنا من فضلك وإنعامك وإجلالك وانقياد طاعتك يا رب العالمين، وأرحنا بعبادتك وطاعتك، وبعد:
فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته أحبتي في الله!
سبق أن تكلمنا عن شروط البيع، ووصلنا إلى الشرط السادس: أن يكون المبيع معلوماً عند المتعاقدين، هو ما ذكر المؤلف في قوله: [فصل: ( ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الملامسة وعن المنابذة وعن بيع الحصاة )].
الملامسة هو أن يقول الرجل: أبيعك هذه الأقمشة كل قماش لمسته فهو لك بمائة ريال، وهو لا يعرف فربما يدخل على أقمشة فاخرة وربما يدخل على أقمشة بسيطة، هذا جهالة في معرفة المبيع، ومن ذلك ما يفعله بعض الصغار حينما يفعلون بيع ساعاتهم أو ما في جيوبهم ويكون فيه غرر، ومن ذلك لعبة التي يتعامل فيها الناس اللعبة التي يدفع ريال واحد أو خمسة ريال ويضع أصبعه على هذه الغطاء فربما يحصل له شيء عظيم وربما يحصل له شيء حقير، تعرفون هذه اللعبة، اللعبة هذه التي يضعونها في بسطات الصبيان.
فهذا لا يجوز بيعه ولكن يجوز شراؤها في الجملة بسعر بسيط، أما أن يكون واحد يعطي ريال أو نصف ريال يقول: اضرب على أحدها فما حصل فهو لك، كما يفعل في بعض الأرياف فهذا عقد باطل لا يجوز؛ لأنه غرر وجهالة.
ومن صور الملامسة صور أخرى مثل أن يُغبي عينيه أو يُغمض عينيه ويقول: متى ما حصل لك شيء من هذا فهو لك بكذا.
وأيضاً المنابذة كأن يقول: انبذ لي أي ثوب فهو لك بكذا، وهو مثل الملامسة، وبعضهم يعرف الملامسة والمنابذة بتعريف واحد، وأرى أن النبي صلى الله عليه وسلم أحياناً يذكر صور بمسميات تعارف الناس عليها في عهده عليه الصلاة والسلام، وإن كانت بعض المسميات هي كلها بمعنى واحد، مثل: الملامسة والمنابذة.
بيع الحصاة
بيع الرجل على بيع أخيه
وذهب ابن تيمية إلى أن النهي ينقسم إلى قسمين: ما كان لحق الله فإن النهي يقتضي الفساد، مثل: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البيع وقت النداء الثاني )، فيقول ابن تيمية : هذا لحق الله فيكون العقد باطلاً.
يقول: والقسم الثاني: ما كان لحق المخلوق فإن العقد هنا موقوف على إجازة المتعاقدين، فـابن تيمية رحمه الله قال: إذا باع شخص على بيع أخيه فإنه يُبطل العقد ويقال: لك أن تشتريه أو لا تشتريه، فإن رضي فالحمد لله، وإلا أبطلناه، قلنا: هذا يجعل الشخص يقول: أنا ما أريد أن أشتري منك ويضطر إلى شراء آخر، قال له ذلك، لكن ما يُبرم العقد مع هذا الشخص، فلنتفرض الاسم أحمد، بدر، عبد الإله، الشيخ أحمد، جاء أحمد وباع سيارته إلى عبد الإله بمائة ألف، فلما أراد عبد الإله أن يدفع النقد الثمن إلى الشيخ أحمد ، جاء بدر إلى عبد الإله وقال: أيش السيارة؟ هذه كامري بمائة ألف، أنا أعطيك كامري مثله وأجمل منها بتسعين ألف، الجمهور يقولون: يأثم بدر، ولكن العقد بين عبد الإله و أحمد صحيح، الحنابلة يقولون: العقد بينهم باطل، ابن تيمية ماذا يقول؟ يقول: هذا النهي لحق المخلوق، طيب ماذا نصنع؟ يقول: يأتي أحمد فيقول: يُبطل العقد الذي بين عبد الإله وبين بدر، وله حق أن يُبطله، ماذا يصنع؟ خلاص، هذا حقك الذي أغضبك، لكنه ما يستطيع أن يُبرم العقد الذي بين أحمد وبين عبد الإله، يأتي عبد الإله ويبحث سيارة أخرى غير بدر ، قال: له أن يبحث عن غير بدر وغير أحمد لكن بدر يُعاقب ألا يُبرم العقد معه.
وهذا التقسيم لـابن تيمية أنكره بعض الأصوليين وقالوا: لم يُسبق ابن تيمية لهذا القول، والواقع أن ابن تيمية سُبق إلى هذا القول كما ذكر ذلك العلائي في كتابه هل النهي يقتضي الفساد أو لا؟ والأقرب والله أعلم هو قول الشافعية والمالكية وقد قواه الإمام ابن رجب في كتابه القواعد، أن النهي إذا كان عائداً على ماهية العقد أو على وصفه الذي لا ينفك عنه، يعني: الشرط الذي لا ينفك عنه، فإن النهي يقتضي الفساد وإلا فإن النهي يقتضي التحريم دون الفساد، هذا الأقرب والله أعلم، وقد ذكره الإمام الشافعي ، وقد بالغ أبو العباس ابن تيمية رحمه الله فقال: إن هذا التقسيم لا يُعرف من قِبل أهل الاعتزال، وأرى أن الشافعي رحمه الله يبعد أن يأخذ فقهه من أهل الاعتزال، يبعد بعداً عظيماً أن يكون الشافعي قد أخذ هذا.
بيع الحصاة كأن يقول: بعت، اقذف هذه الحصاة فما وقع على الثوب فهو لك بكذا، هو مثل المنابذة، ومن ذلك ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المحاقلة وعن المخابرة )، بعض الفقهاء يرى أن المخابرة والمحاقلة بمعنى واحد، فالرسول صلى الله عليه وسلم عندما ذكر هذا لا يلزم كما يقول بعض الفقهاء أو بعض الشراح -أن العطف يقتضي المغايرة، فربما الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن بعض الصور كان يتعامل الناس فيها.
والمؤلف عندما ذكر وقال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الملامسة وعن المنابذة وعن بيع الحصاة )، قال: ( وأن يبيع الرجل على بيع أخيه )، وهذا غير داخل في مسألة الشروط، هو منهي عنه لكن هذا النهي عائد على غير ماهية العقد، فكل أمور الشروط التي مرت معنا داخلة في ماهية العقد، أما بيع الرجل على بيع أخيه من باب ألا يُحزنه، فمثلاً قلت لشخص: هذه السيارة بمائة ألف ريال، فأراد أن يشتريها وتعاقدنا على ذلك وما بقي إلا أن يدفع الثمن، فجاء شخص وقال: أنا أبيعك مثلها بتسعين ألفاً، ثم يأتي هذا المشتري فيُبرم العقد مع طرف آخر، هذا العقد الذي بينه وبينه هل فيه إخلال في شروط العقد؟ ليس فيه، وإنما مُنع لأجل ألا يُحزن الذي كان يريد أن يُبرم العقد فيوقع في شحناء وبغضاء، فمنع الشارع منه، ولهذا ذهب الجمهور أن بيع الرجل على بيع أخيه صحيح مع الإثم، هذا مذهب جمهور الفقهاء، والحنابلة أبطلوا هذا البيع في المشهور عندهم.
وذهب ابن تيمية إلى أن النهي ينقسم إلى قسمين: ما كان لحق الله فإن النهي يقتضي الفساد، مثل: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البيع وقت النداء الثاني )، فيقول ابن تيمية : هذا لحق الله فيكون العقد باطلاً.
يقول: والقسم الثاني: ما كان لحق المخلوق فإن العقد هنا موقوف على إجازة المتعاقدين، فـابن تيمية رحمه الله قال: إذا باع شخص على بيع أخيه فإنه يُبطل العقد ويقال: لك أن تشتريه أو لا تشتريه، فإن رضي فالحمد لله، وإلا أبطلناه، قلنا: هذا يجعل الشخص يقول: أنا ما أريد أن أشتري منك ويضطر إلى شراء آخر، قال له ذلك، لكن ما يُبرم العقد مع هذا الشخص، فلنتفرض الاسم أحمد، بدر، عبد الإله، الشيخ أحمد، جاء أحمد وباع سيارته إلى عبد الإله بمائة ألف، فلما أراد عبد الإله أن يدفع النقد الثمن إلى الشيخ أحمد ، جاء بدر إلى عبد الإله وقال: أيش السيارة؟ هذه كامري بمائة ألف، أنا أعطيك كامري مثله وأجمل منها بتسعين ألف، الجمهور يقولون: يأثم بدر، ولكن العقد بين عبد الإله و أحمد صحيح، الحنابلة يقولون: العقد بينهم باطل، ابن تيمية ماذا يقول؟ يقول: هذا النهي لحق المخلوق، طيب ماذا نصنع؟ يقول: يأتي أحمد فيقول: يُبطل العقد الذي بين عبد الإله وبين بدر، وله حق أن يُبطله، ماذا يصنع؟ خلاص، هذا حقك الذي أغضبك، لكنه ما يستطيع أن يُبرم العقد الذي بين أحمد وبين عبد الإله، يأتي عبد الإله ويبحث سيارة أخرى غير بدر ، قال: له أن يبحث عن غير بدر وغير أحمد لكن بدر يُعاقب ألا يُبرم العقد معه.
وهذا التقسيم لـابن تيمية أنكره بعض الأصوليين وقالوا: لم يُسبق ابن تيمية لهذا القول، والواقع أن ابن تيمية سُبق إلى هذا القول كما ذكر ذلك العلائي في كتابه هل النهي يقتضي الفساد أو لا؟ والأقرب والله أعلم هو قول الشافعية والمالكية وقد قواه الإمام ابن رجب في كتابه القواعد، أن النهي إذا كان عائداً على ماهية العقد أو على وصفه الذي لا ينفك عنه، يعني: الشرط الذي لا ينفك عنه، فإن النهي يقتضي الفساد وإلا فإن النهي يقتضي التحريم دون الفساد، هذا الأقرب والله أعلم، وقد ذكره الإمام الشافعي ، وقد بالغ أبو العباس ابن تيمية رحمه الله فقال: إن هذا التقسيم لا يُعرف من قِبل أهل الاعتزال، وأرى أن الشافعي رحمه الله يبعد أن يأخذ فقهه من أهل الاعتزال، يبعد بعداً عظيماً أن يكون الشافعي قد أخذ هذا.
استمع المزيد من الشيخ الدكتور عبد الله بن ناصر السلمي - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
عمدة الفقه - كتاب الحج [3] | 2652 استماع |
عمدة الفقه - كتاب البيع [1] | 2536 استماع |
عمدة الفقه - كتاب الحج [1] | 2451 استماع |
عمدة الفقه - كتاب الحج [17] | 2398 استماع |
عمدة الفقه - كتاب النكاح [4] | 2317 استماع |
عمدة الفقه - كتاب النكاح [16] | 2171 استماع |
عمدة الفقه - كتاب النكاح [5] | 2168 استماع |
عمدة الفقه - كتاب البيع [4] | 2130 استماع |
عمدة الفقه - كتاب الحج [2] | 2112 استماع |
عمدة الفقه - كتاب الحج [21] | 2109 استماع |