فتاوى نور على الدرب [256]


الحلقة مفرغة

السؤال: ما معنى قوله تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ [البقرة:187]، أفيدونا بذلك بارك الله فيكم؟

الجواب: هذه الآية الكريمة يتبين معناها بمعرفة ما نزلت فيه، وذلك أنهم كانوا أول ما فرض الصيام إذا نام الإنسان منهم أو صلى صلاة العشاء حرم عليه الأكل والشرب والجماع حتى تغرب الشمس من اليوم التالي، ثم منّ الله تعالى على عباده فأحل لهم الأكل والشرب والجماع حتى يتبين الفجر، فقال جل ذكره: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ [البقرة:187]، أي: الإفضاء إليهنّ، وهذا يعني: الجماع، ثم بين الله سبحانه وتعالى أن المرأة لباس لزوجها، وأن زوجها لباس لها، لأن كل واحد منهما يحصل به تحصين فرج صاحبه وحمايته وحفظه، فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ [البقرة:187]، أي: باشروا نساءكم بالجماع، وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ [البقرة:187]، من الولد الصالح والعمل الصالح، في هذه الليلة التي أبيح لكم فيها الجماع، بحيث لا يلهيكم الجماع عن طاعة الله عز وجل، ولا تريدوا بالجماع مجرد التلذذ والشهوة، أو مجرد التلذذ وإدراك الشهوة، فباشروهنّ بالجماع مبتغين ما كتب الله لكم من الأعمال الصالحة والولد الصالح، وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ [البقرة:187]، أي: حتى يظهر لكم بياض النهار من سواد الليل، ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ [البقرة:187]، أي: إلى غروب الشمس، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إذا أقبل الليل من هاهنا )، يعني: المشرق، ( وأدبر النهار من هاهنا )، يعني: المغرب، ( وغربت الشمس فقد أفطر الصائم )، ثم لما كان إحلال المرأة ليلة الصيام عاماً شاملاً، خص الله سبحانه وتعالى زمن الاعتكاف، فإنه لا يحل للزوج أن يباشر زوجته وهو معتكف، فقال: وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ [البقرة:187]، والاعتكاف: هو التعبد لله سبحانه وتعالى بلزوم المساجد للتفرغ لطاعته، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله، واعتكف أزواجه من بعده، ثم بين الله سبحانه وتعالى أن هذه الأحكام المشتملة على المنهيات وعلى الأوامر، بأنها حدود الله، ونهى عن قربانها، والنهي عن القربان يختص بالحدود المحرمة، والنهي عن الاعتداء يختص بالحدود الواجبة، فإذا قال الله سبحانه وتعالى: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا [البقرة:229]، أي: لا تتجاوزوها فالمراد بها الواجبات، وإذا قال: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا [البقرة:187]، فالمراد بها المحرمات، وهنا يقول عز وجل: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ [البقرة:187]، أي: مثل هذا البيان يبين الله سبحانه وتعالى آياته الشرعية للناس حتى يعلموها، وتقوم عليهم الحجة بها، وفي آخر الآية دليل على أن الله عز وجل قد بين لعباده كل ما يحتاجون إليه في أمور الشريعة، إما في كتاب الله، وإما في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، لكن هذا البيان قد يخفى على بعض الناس إما لقصوره وإما لتقصيره، وإلا فإن القرآن كما وصفه الله عز وجل بقوله: وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ [النحل:89]، فهذا هو معنى الآية الكريمة.

السؤال: يوجد بعض الزملاء يصلون بعض الأوقات ويتركون البعض، وقد لا يصلون يومين أو ثلاثة ثم يصلون بعد ذلك، ويتركون بعض الأوقات، ويكررون ذلك، وعندما نقول لهم: إن ذلك لا يجوز، يقولون: ربنا يهدينا، ما حكم عملهم هذا، بارك الله فيكم؟

الجواب: عملهم هذا من أكبر الفسوق، لكنهم لا يخرجون به من الإسلام على القول الراجح من أقوال أهل العلم، لأنهم لم يتركوا الصلاة تركاً مطلقاً، والحديث الوارد إنما هو فيمن ترك الصلاة تركاً مطلقاً، فإنه هو الذي يحكم بكفره، أما من كان يصلي مرة ويدع مرة مع اعتقاده بوجوبها وفرضيتها، فإن هذا لا يحكم بكفره على القول الراجح، ولكنه يكون فاسقاً فسقاً عظيماً، وعلى هذا فالواجب على هؤلاء الإخوة أن يتقوا الله عز وجل، وأن يقيموا الصلاة، وأن لا يدعوا شيئاً من فرائض الله، لأنهم إنما خلقوا لعبادة الله سبحانه وتعالى، وهو القيام بطاعته، كما قال الله في محكم كتابه: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ [الذاريات:56-57]، وأما تعللهم بقولهم: الله يهدينا، فإن هذه علة عليلة، بل هي علة باطلة، لا تنفعهم عند الله عز وجل، ولهذا أبطل الله بها حجة من احتج بها في قوله: سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ [الأنعام:148]، ونقول لهؤلاء القوم الذين يحتجون بمثل هذه الحجة: إن الله تعالى قد هدى عباده هداية العلم والإرشاد والتوجيه، فما بقي حجة لمحتج، وأما هداية التوفيق فإن الله سبحانه وتعالى قد جعل في الإنسان عقلاً واختياراً وإرادة، ولهذا تجده في أمور دنياه يسعى لكل ما يرى أنه من مصلحته، ويبعد عن كل ما يرى أنه من مضرته، ولا تجد أحداً يحتج بمثل هذه الحجة في شيء من أمور الدنيا، ولكن الشيطان يلقنهم إياها في أمور الآخرة والعبادة، وهي حجة داحضة لا تنفعهم عند الله تعالى، فإذا قالوا: الله يهدينا، نقول: إن الله تعالى قد هداكم ببيان الحق بالأدلة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وما عليكم إلا أن تستعينوا بالله سبحانه وتعالى، وتتجهوا اتجاهاً صحيحاً وتقوموا بما أوجب الله عليكم.

السؤال: كم عدد ركعات التراويح، وما هو القول الراجح من أقوال العلماء في ذلك؟

الجواب: القول الراجح في عدد صلاة التراويح أن الأمر فيها واسع، وأن الإنسان إذا صلى إحدى عشرة ركعة، أو ثلاث عشرة ركعة، أو سبع عشرة ركعة، أو ثلاثاً وعشرين ركعة، أو تسعاً وثلاثين ركعة، أو دون ذلك أو أكثر، فالأمر في هذا كله واسع ولله الحمد، ولهذا لما سئل النبي صلى الله عليه وسلم ما ترى في صلاة الليل؟ قال: ( مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى )، ولم يحد النبي صلى الله عليه وسلم للسائل عدداً معيناً لا يتجاوزه، فعلم من ذلك أن الأمر في هذا واسع، ولكن أفضل عدد تؤدى به ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يحافظ عليه، وذلك فيما ثبت في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها، أنها سئلت: كيف كانت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان؟ فقالت: ما كان يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة، وإن صلى ثلاث عشرة ركعة فقد ثبتت به السنة أيضاً، وعلى هذا فيكون العدد الفاضل والأولى دائراً بين إحدى عشرة ركعة وثلاث عشرة ركعة، وهذا أفضل مما زاد عليه إذا حصلت فيه الطمأنينة والتأني والتمكن من كثرة الدعاء والتسبيح وقراءة القرآن.

وإنني بهذه المناسبة أحب أن أوجه كلمتين، إحداهما: إلى الأئمة، والثانية: إلى المأمومين، أما الأئمة فإنه يجب عليهم أن يتقوا الله عز وجل فيمن ولاهم الله عليه من المسلمين، وجعلهم أئمة لهم، فيقومون بالصلاة على الوجه الأكمل الذي يؤدي به الناس صلاتهم وهم مطمئنون، يتمكنون من الدعاء وكثرة التسبيح، وقد ذكر العلماء رحمهم الله أنه يكره للإمام أن يسرع سرعة تمنع المأمومين فعل ما يسن، فإن أسرع سرعة تمنع المأمومين فعل ما يجب كان ذلك حراماً عليه، وكثير من الأئمة نسأل الله لنا ولهم والهداية في صلاة التراويح يسرعون فيها إسراعاً قد يخل بالطمأنينة، ومن المعلوم أن الإخلال بالطمأنينة موجب لبطلان الصلاة، كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ( أن رجلاً دخل المسجد فصلى وكان قد صلى صلاة لا يطمئن فيها، ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسلم عليه، فقال له النبي صلى عليه وسلم: ارجع فصل فإنك لم تصل، فرجع الرجل فصلى ولكنه صلى صلاة لا يطمئن فيها، ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له: ارجع فصل فإنك لم تصل، فرجع وصلى كما صلى بالأول، ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له: ارجع فصل فإنك لم تصل، ردده عليه الصلاة والسلام مرتين بعد صلاته الأولى، فقال الرجل: والذي بعثك بالحق لا أحسن غير هذا فعلمني، فعلمه النبي صلى الله عليه وسلم وقال له: إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعاً، ثم ارفع حتى تطمئن قائماً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم ارفع حتى تطمئن جالساً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها )، أما الكلمة الثانية فهي إلى المأمومين، فالذي ينبغي في حق المأمومين أن يحرصوا على هذه الصلاة، صلاة التراويح، وأن يحافظوا عليها مع الإمام، وأن لا يضيعوها بالذهاب إلى هنا وهناك، يصلون في هذا المسجد تسليمة أو تسليمتين، ثم يذهبون إلى مسجد آخر وهكذا حتى يضيع عليهم الوقت.

ينبغي لهم أن يحافظوا على هذه التراويح، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة )، فأنت إذا دخلت مع الإمام وقمت معه حتى أنهى صلاته كتب الله لك قيام ليلة وإن كنت نائماً على فراشك، فلا ينبغي للمؤمن أن يضيع هذه الفرصة الثمينة من عمره بالتجول هنا وهناك، ونسأل الله للجميع التوفيق والسداد.

السؤال: أصلي وأصوم شهر رمضان، وكان معي جماعة من المسيحيين وسكنت معهم في المسكن، وكنت آكل وأشرب معهم، هل صلاتي صحيحة وأكلي وشربي معهم صحيح أم لا؟

الجواب: هذا الرجل يقول: إن معه جماعة من النصارى، وإنه يأكل معهم ويشرب معهم ويصلي، فهل هذا الفعل صحيح أم لا؟ فنقول له في الجواب على ذلك: أما صلاتك فصحيحة، لأنه لم يكن فيها شيء يوجب بطلانها، وربما تكون صلاتك داعية لهم إلى الإسلام مرغبة لهم فيها، إذا رأوا أنك تذهب وتدع العمل لتقوم بما أوجب الله عليك من الصلاة، وتقوم في آخر الليل تتوضأ ولا سيما في الليالي الباردة لتؤدي ما فرض الله عليك، فربما يكون ذلك سبباً لرغبتهم في الإسلام ودخولهم فيه، وأما معاشرتك إياهم، وأكلك وشربك معهم، فإن هذا لا ينبغي، بل الذي ينبغي لك أن تختار أصحاباً من المسلمين، ليكونوا لك عوناً على طاعة الله سبحانه وتعالى، وتبتعد عن قوم ليسوا بمسلمين، لأن ذلك -أعني: مخالطتك غير المسلمين- قد يؤدي إلى محبتك إياهم ومودتك لهم، وقد يكون لك معهم مجاملة ومصانعة لا تحل لك، وقد قال الله سبحانه وتعالى: لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [المجادلة:22].

السؤال: ما هي الأمور الشرعية التي ينبغي للصائم أن يقوم بها؟

الجواب: الأمور الشرعية التي ينبغي للصائم أن يقوم بها هي كل قول يقرب إلى الله عز وجل، من قراءة القرآن والتسبيح والتحميد والتكبير والتهليل، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وحسن المعاملة مع الخلق بلين القول وانبساط الوجه، وكذلك كل فعل يقرب إلى الله سبحانه وتعالى من الصلاة والصدقة وإعانة من احتاج للمعونة وغير ذلك مما هو معلوم من الشريعة، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن إماطة الأذى عن الطريق صدقة، وأن إعانتك الرجل صدقة، وكذلك ينبغي للصائم أن يفعل ما أمرنا به النبي صلى الله عليه وسلم من التسحر، وهو الأكل في آخر الليل، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( تسحروا فإن في السحور بركة )، ولينوي بذلك امتثال أمر النبي صلى الله عليه وسلم واتباع هديه والتقوي على الصيام، ومما ينبغي له أيضاً أن يفطر على رطب، فإن لم يجد فعلى تمر، فإن لم يجد فعلى ماء، وأن يبادر بالفطور، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر )، متفق عليه من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه، ويجب على الصائم خاصة وعلى كل أحد عامة من المسلمين أن يجتنب كل ما حرم الله عليه، من ترك الواجبات والتهاون بها، ومن فعل المحرمات، فيجب عليه أن يقيم الصلاة في أوقاتها ومع الجماعة، ويجب عليه أن يجتنب الكذب والغش والغيبة والنميمة والعدوان على الخلق.

السؤال: إذا أسلم الكافر في نهار رمضان هل يلزمه الصيام مع المسلمين، مع أنه لم يتعرف على بقية أمور دينه؟

الجواب: إذا أسلم الكافر في أثناء النهار فإن للعلماء في ذلك خلافاً، والراجح عندي أنه يلزمه الإمساك، لأن هذا الرجل صار من أهل الوجوب، وقد تجدد في حقه سبب الوجوب فلزمه أن يمسك، ونظيره الصغير إذا بلغ في أثناء اليوم، فإنه يلزمه الإمساك، ولا يلزمه القضاء، وكذلك الكافر إذا أسلم في أثناء النهار لزمه الإمساك دون القضاء، لأنه صار من أهل الوجوب، والفرق بين هذين وبين المرأة إذا طهرت في أثناء النهار، أن طهر المرأة في أثناء النهار زوال مانع، وهي قد حل لها انتهاك هذا اليوم، مع أنها من أهل الوجوب، وأما الكافر إذا أسلم والصبي إذا بلغ فإن هذا ليس زوال مانع ولكنه تجدد سبب الوجوب، إذ أنهما في أول النهار ليسا من أهل الوجوب، فالمرأة من أول النهار من أهل الوجوب لكن فيها مانع، والكافر والصغير في أول النهار ليسا من أهل الوجوب، فلما تجدد الوجوب لهما أو في حقهما وجب عليهما الإمساك، ولا قضاء عليهما، فيكونان بهذا الإمساك قد استفادا ولا قضاء عليهما.