خطب ومحاضرات
كتاب منهج السالكين - كتاب البيوع [1]
الحلقة مفرغة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله.
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل.
اللهم انفعنا بما علمتنا، وعلمنا ما ينفعنا، وزدنا علماً وعملاً يا كريم! وبعد:
فإني أسأل الله سبحانه وتعالى أن يكون هذا المجلس مجلس خير وبركة لنا في الدين والدنيا والآخرة، ولا شك أن الحصة التي سوف أقوم بشرحها من كتاب منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين، لعلامة القصيم الشيخ عبد الرحمن بن ناصر بن سعدي سوف تكون من أول كتاب البيع.
وكتاب البيع عند بعض الناس طلاسم؛ وسبب ذلك: أن غالب طلاب العلم لا يدخلون في أوج الأسواق، فغاية أمرهم أن يقرءوا هذا الباب، بخلاف العبادات فإن باب العبادات تصوره واضح؛ بسبب أن طالب العلم يطبقه في حياته، أما المعاملات فغالباً ما يسمعها ولا يطبقها؛ ولأجل هذا صار هذا الباب من الصعوبة عند بعض الناس بمكان.
والمتأمل لهذين البابين -أعني باب المعاملات وباب العبادات- يلاحظ أن باب العبادات أصعب من وجه، وأسهل من وجه، وباب المعاملات أصعب من وجه، وأسهل من وجه.
أما العبادات فهو أسهل من وجهة تصوره لدى طالب العلم، فإذا سئل عن مسألة في العبادات فهو بمجرد قراءته لها أو سماعه لها يتصورها.
وأما الصعوبة في العبادات، فمن جهة أنك لا تستطيع في الغالب أن تجتهد في الراجح إلا بمعرفة الدليل، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ.
ولا يمكن لطالب العلم إلا أن يبلغ مرتبة في تحرير الأقوال، ومعرفة مقاصد الشرع تمكنه من بيان الحكم الشرعي، وذلك بأن يفهم مراد الله ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم، وإلا لم يعلم الحكم الدقيق في المسألة، فصار من هذا الوجه أصعب.
أما باب المعاملات فهو أصعب من حيث تصوره، فإن طالب العلم ربما يصعب عليه تصور المسألة، فإذا قيل له مسألة: مد عجوة، وهي فيمن باع ربوياً بجنسه ومعهما أو مع أحدهما من غير جنسه صعب عليه؛ لأنه لم يتعامل بهذا الأمر، لكنه إن تصورها فإن الاستدلال لهذه المسألة سهل؛ لأن أحاديث المعاملات ميسورة، وتطبيقها ميسور، فمن هنا صار سهولته من وجه، وصعوبته من وجه، ونحن بإذن الله سوف نشرح كلام المؤلف بالطريقة التالية:
نقرأ كلام المؤلف، ثم نذكر صورة المسألة، ثم نذكر حكمها ودليلها، وإن كان في المسألة قول راجح ذكرناه، بحيث نستطيع بإذن الله أن ننتهي من هذا الكتاب بعشرة مجالس.
والإخوة المشايخ القائمون على هذا الدرس يريدون أن ننتهي من كامل الكتاب، وهو إن شاء الله يكون بثلاثة شروط:
الأول: أن نربط حزام الأمان؛ لأننا سوف ننطلق.
الثاني: أي مسألة فيها إشكال تكتب ثم تذكر بعد نهاية الدرس.
الثالث: طول زمن الدرس قليلاً، وقد ذكر ابن خلدون في مقدمته أن العلم كان يؤخذ في السابق بمواصلة الفن تباعاً.
وأحسب أن الإخوة في هذا الطريق كانوا على منهج المتقدمين.
أما الدرس الأسبوعي الذي يقرأ فيه جزء من المتن ثم يتركه الطالب إلى الأسبوع الذي بعده فإن تحصيل العلم هنا ربما يكون ليس بذاك، بخلاف الاستمرار على هذا الفن، أو قطع شوط كبير فيه.
يقول المؤلف رحمه الله تعالى: [كتاب البيوع:
الأصل فيها الحل، قال تعالى: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا [البقرة:275]، فجميع الأعيان من عقار وحيوان وأثاث وغيرها يجوز إيقاع العقود عليها، إذا تمت شروط البيع، فمن أعظم الشروط:
الرضا: لقوله تعالى: إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ [النساء:29].
وألا يكون فيها غرر وجهالة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ( نهى عن بيع الغرر )، رواه مسلم ، فيدخل فيه بيع الآبق والشارد، وأن يقول: بعتك إحدى السلعتين].
تعريف البيع في اللغة والاصطلاح
البيع في اللغة: هو الأخذ والإعطاء، سمي بذلك لأن كل واحد من المتبايعين يمد باعه للآخر.
وأما في الاصطلاح: فقد تنوعت تعاريف الفقهاء، ولعل من أحسنها تعريف الحنابلة وهو: مبادلة مال بمال أو منفعة مباحة على التأبيد بمثل أحدهما غير ربا وقرض.
إذاً: المال مبادلة فإذا قلت لك: بعتك هذا الكتاب بهذا القلم، إذاً المثمن هو الكتاب والثمن هو القلم، وكل ما يدخل فيه حرف الباء يكون هو الثمن، فهنا مبادلة مال بمال؛ لأن كل ما يتمول ويمكن الانتفاع به شرعاً ويجري فيه البذل يسمى مالاً.
وقولهم: بمنفعة مباحة، مثل لو أنك ملكت منفعة وقف هذه الدار فهي وقف لآل فلان مثلاً، إذاً المنفعة ملك لفلان على التأبيد ما دام أن هذا العقار موجود على التأبيد، فيجوز لي أن أبيع منفعتي المؤبدة التي ليس لها وقت؛ لأنها إذا صار لها وقت صارت إجارة، فإذا كانت مؤبدة صارت في حكم البيع فأبيعها بمنفعة مثلها بمثل أحدهما.
أو بمال، المال هذا إما أن يكون عيناً وإما أن يكون نقداً، هذا هو تعريفه.
أدلة مشروعية البيع
أما الكتاب: فقد ذكر المؤلف قول الله تعالى: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا [البقرة:275]، إذاً البيع حلال.
وأما في السنة: فبما جاء في الصحيحين من حديث حكيم بن حزام ومن حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( البيعان بالخيار ما لم يتفرقا )، فصحح عليه الصلاة والسلام البيع.
وجواز البيع في السنة من المتواتر المعنوي، ولا إشكال في ذلك.
وأما الإجماع فقد حكى كل من ألف في كتاب البيع الإجماع على ذلك، فقد نقل الإجماع ابن المنذر و النووي و ابن قدامة وغيرهم كثير.
وأما القياس فإنه من المعلوم أن المرء يحتاج غالباً بما في يد غيره، ولا يمكن أخذها بلا عوض، ولا يمكن أخذها بالتسلط فناسب أن يعاوض على ما في يد الغير كي ينتفع منه، إذاً الفطرة والعقل يدلان على ذلك.
حكم البيع
قول المؤلف: (كتاب البيوع).
البيع في اللغة: هو الأخذ والإعطاء، سمي بذلك لأن كل واحد من المتبايعين يمد باعه للآخر.
وأما في الاصطلاح: فقد تنوعت تعاريف الفقهاء، ولعل من أحسنها تعريف الحنابلة وهو: مبادلة مال بمال أو منفعة مباحة على التأبيد بمثل أحدهما غير ربا وقرض.
إذاً: المال مبادلة فإذا قلت لك: بعتك هذا الكتاب بهذا القلم، إذاً المثمن هو الكتاب والثمن هو القلم، وكل ما يدخل فيه حرف الباء يكون هو الثمن، فهنا مبادلة مال بمال؛ لأن كل ما يتمول ويمكن الانتفاع به شرعاً ويجري فيه البذل يسمى مالاً.
وقولهم: بمنفعة مباحة، مثل لو أنك ملكت منفعة وقف هذه الدار فهي وقف لآل فلان مثلاً، إذاً المنفعة ملك لفلان على التأبيد ما دام أن هذا العقار موجود على التأبيد، فيجوز لي أن أبيع منفعتي المؤبدة التي ليس لها وقت؛ لأنها إذا صار لها وقت صارت إجارة، فإذا كانت مؤبدة صارت في حكم البيع فأبيعها بمنفعة مثلها بمثل أحدهما.
أو بمال، المال هذا إما أن يكون عيناً وإما أن يكون نقداً، هذا هو تعريفه.
وقد ثبت البيع بالكتاب والسنة وإجماع أهل العلم والقياس.
أما الكتاب: فقد ذكر المؤلف قول الله تعالى: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا [البقرة:275]، إذاً البيع حلال.
وأما في السنة: فبما جاء في الصحيحين من حديث حكيم بن حزام ومن حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( البيعان بالخيار ما لم يتفرقا )، فصحح عليه الصلاة والسلام البيع.
وجواز البيع في السنة من المتواتر المعنوي، ولا إشكال في ذلك.
وأما الإجماع فقد حكى كل من ألف في كتاب البيع الإجماع على ذلك، فقد نقل الإجماع ابن المنذر و النووي و ابن قدامة وغيرهم كثير.
وأما القياس فإنه من المعلوم أن المرء يحتاج غالباً بما في يد غيره، ولا يمكن أخذها بلا عوض، ولا يمكن أخذها بالتسلط فناسب أن يعاوض على ما في يد الغير كي ينتفع منه، إذاً الفطرة والعقل يدلان على ذلك.
استمع المزيد من الشيخ الدكتور عبد الله بن ناصر السلمي - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
كتاب منهج السالكين - كتاب البيوع [11] | 2191 استماع |
كتاب منهج السالكين - كتاب البيوع [12] | 2044 استماع |
كتاب منهج السالكين - كتاب الصداق [2] | 2035 استماع |
كتاب منهج السالكين - كتاب الأطعمة | 1991 استماع |
كتاب منهج السالكين - كتاب البيوع [4] | 1746 استماع |
كتاب منهج السالكين - كتاب البيوع [6] | 1712 استماع |
كتاب منهج السالكين - كتاب الجنايات والحدود | 1672 استماع |
كتاب منهج السالكين - كتاب البيوع [7] | 1615 استماع |
كتاب منهج السالكين - كتاب البيوع [9] | 1608 استماع |
كتاب منهج السالكين - كتاب الطلاق | 1545 استماع |