ديوان الإفتاء [268]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه.

أما بعد:

إخوتي وأخواتي! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال، وكل عام وأنتم بخير.

أسأل الله عز وجل أن يحفظ الحجاج، وأن يردهم سالمين غانمين، وأن يجعل حجهم مبروراً، وسعيهم مشكوراً، وأن يهيئ لنا ولكم حج بيته الحرام، وزيارة نبيه عليه الصلاة والسلام.

وألتقيكم في هذه الليلة المباركة ليلة عيد الأضحى المبارك، أسأل الله أن يهله علينا باليمن والإيمان، والسلامة والإسلام، والتوفيق لما يحب ويرضى، وأن يعيده علينا ونحن في خير حال.

وأذكركم بأن غداً يوم من أيام الله -عز وجل- فأكثروا فيه من التهليل والتكبير، وتقربوا إلى الله -عز وجل-بنحر الأضاحي والتوسعة على الأهل والعيال، وإطعام الفقراء والمساكين.

أسأل الله أن يجعل هذه الأضاحي أجراً وذخراً، وأن يثقل بها موازيننا يوم نلقاه.

وأذكركم بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما عمل ابن آدم يوم النحر عملاً أحب إلى الله تعالى من هراقة دم، وإنها لتأتي يوم القيامة بقرونها وأظلافها، وإن الدم ليقع من الله من موقع قبل أن يقع على الأرض فطيبوا بها نفساً ).

واعلموا يا إخوتي وأخواتي أن غداً -إن شاء الله- يوم العيد فاحرصوا -بارك الله فيكم- على أن تبكروا إلى الصلاة، فصلاة العيد قد واظب عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أنه قضاها، فقد صح أنه في سنة من السنوات في عيد الفطر أصبح الناس صائمين يوم الثلاثين من رمضان، فأتى ركب من الأعراب فأخبروا أنهم قد رأوا الهلال، فأمر النبي عليه الصلاة والسلام الناس أن يفطروا وواعدهم أن يخرجوا إلى الصلاة غداً، فقضى صلاة العيد في اليوم الثاني من شوال.

ولذلك يقول جمهور العلماء: إن صلاة العيد سنة مؤكدة، وذهب بعضهم إلى الوجوب؛ لأن الله تعالى قال: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر:2]، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم واظب عليها ولم يخل بها.

فاخرجوا إلى الصلاة ومعكم صغاركم ونساؤكم، حتى المرأة الحائض أيضاً تخرج وتعتزل المصلى، لتشهد الخير ودعوة المسلمين، وأكثروا من التكبير حال خروجكم، وحال جلوسكم في مصلاكم، واعلموا أنه لا تسن قبل صلاة العيد صلاة ولا بعدها، فإن النبي صلى الله عليه وسلم خرج فصلى بالناس ركعتين ثم خطب فيهم ولم يصل قبلها ولا بعدها شيئاً.

وأوصي إخواننا الأئمة بأن يبكروا بصلاة العيد غداً؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام كانت سنته في عيد الأضحى أن يعجل، من أجل أن يرجع فيذبح، وسنته في عيد الفطر أن يؤخر من أجل أن يتسنى للناس إخراج زكاة الفطر.

وأيضاً من السنة غداً أن لا تطعموا شيئاً قبل خروجكم، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يخرج يوم الفطر حتى يأكل تمرات وتراً، وما كان يأكل شيئاً يوم الأضحى حتى يأكل من أضحيته صلوات الله وسلامه عليه.

والآن أبدأ باستقبال أسئلة المتصلين فمرحباً بأول اتصالات هذه الليلة.

المتصل: عندي سؤالان يا شيخنا:

السؤال الأول: هل تجب الأضحية على المرأة المستطيعة؟

السؤال الثاني: هل القارن في الحج عليه سعي؟ أرجو توضيح ذلك وشكراً.

الشيخ: سأجيبك عن سؤاليك إن شاء الله.

المتصل: عندي سؤالان:

السؤال الأول: هل يجوز التختم في الأربع الأصابع بالنسبة للنساء؟

السؤال الثاني: هل الاتصال يأخذ حكم الاستئذان؟

الشيخ: ستسمعين الإجابة إن شاء الله.

المتصل: عندي سؤالان:

السؤال الأول: الطلاق المعلق إذا أوقعه الرجل على امرأته فهل له كفارة؟

السؤال الثاني: ما حكم لبس الذهب المحلق للنساء، وعن الحديث الذي يقول بمعناه: ( من طوق حبيبه بطوق ذهب ... ). فما معنى ذلك؟

الشيخ: طيب، نجيبك إن شاء الله.

المتصل: عندي ثلاثة أسئلة:

السؤال الأول: هل يجوز ذبح الأضحية قبل ذبح إمام المسجد لأضحيته؟

السؤال الثاني: هل يجوز بيع جلود الأضاحي؟

السؤال الثالث: ما حكم تجديد الأحزان في الأعياد؟

الشيخ: ستسمع الإجابة إن شاء الله.

المتصل: أمي توفيت رحمها الله، وبينما أنا أتابع الألم في الجوال، عزمت على أداء عمرة لها فقمت وأحرمت لله وأديت لها عمرة قبل أن توضع في القبر، فهل عمرتي عنها صحيحة؟

أضحية المرأة المستطيعة

السؤال: أختنا أم الحسن تقول: المرأة المستطيعة هل عليها أضحية؟

الجواب: على أهل كل بيت أضحية، فإذا كان الزوج يضحي فهذه مجزئة وكافية إن شاء الله، لكن لو أرادت المرأة الأجر والثواب فلا بأس أيضاً أن تضحي وهي في ذلك مأجورة إن شاء الله، وحبذا لو أنها سلمت أضحيتها لبعض الأسر الفقيرة أو المحتاجة ليقع أجرها على الله عز وجل، وتنال الثواب العظيم الذي بينه نبينا صلى الله عليه وسلم حين قال: ( ما أنفقت الورق في شيء أفضل من نحيرة في يوم عيد ).

ولما سئل عليه الصلاة والسلام عن هذه الأضاحي؟ قال: ( سنة أبيكم إبراهيم، قالوا: فما لنا فيها من الأجر؟ قال: لكم بكل شعرة حسنة )، ولهذا فإن المرأة لو ضحت فهي مأجورة ولا شك.

ذبح الأضاحي قبل أضحية الإمام

السؤال: أخونا حسن من الجزيرة يسأل عن ذبح الأضحية قبل ذبح إمام المسجد أضحيته؟

الجواب: الأولى أن ينتظر الناس ذبح الإمام؛ لأن نبينا عليه الصلاة والسلام أمر الناس ألا يذبحوا حتى يذبح.

وكثير من العلماء قالوا: لا ينتظر الناس إمام المسجد حتى يذبح؛ لأنه عليه الصلاة والسلام كان الإمام الأعظم، بمعنى أنه كان إمام الصلاة والإمام الأعظم، لكن الآن ليس الإمام الأعظم هو إمام الصلاة، وليس الحاكم الآن هو الذي يصلي بالناس صلاة العيد.

فلو أن الإنسان ذبح بعد صلاة العيد قبل الإمام فلا حرج.

أما المالكية -رحمهم الله- فإنهم يقولون: لا بد أن يقع الذبح للأضحية بعد ذبح الإمام لأضحيته، ومن ذبح قبل إمامه لم تجزئه أضحيته.

بيع جلود الأضاحي

السؤال: أخونا حسن يسأل عن بيع جلود الأضحية؟

الجواب: لا يجوز؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع شيء من الأضحية.

ولما وكل علياً رضي الله عنه في نحر الهدايا أمره أن يتصدق بلحومها وجلودها وأجلتها، ونهاه أن يعطي الجزار منها شيئاً، فما يفعله بعض الناس بأنه يأتي بجزار ثم يقول له: اذبح لي، ولك الرأس والجلد مثلاً، هذا لا يجوز؛ لأن هذا من البيع للأضحية في مقابل منفعة ذلك الجزار، فلا يجوز لك أن تعطي الجزار شيئا ًمن الأضحية على سبيل الأجرة، لكن يمكن أن توفيه أجرته ثم تعطيه منها هدية، فأنت مثلاً: تتفق معه أن يذبح لك بعشرة جنيهات أو عشرين أو ثلاثين مثلاً، فبعد أن توفيه أجره لك أن تهديه ما شئت من لحم أو جلد أو رأس أو غير ذلك، أما أن يعطى على سبيل الأجرة فلا.

تجديد الأحزان في يوم العيد

الشيخ: ويوم العيد يا إخوتاه يوم فرح وسرور، ويوم نشاط وحبور، أيام أكل وشرب وذكر لله كما أخبرنا نبينا عليه الصلاة والسلام، لا ينبغي أن نجعلها أياماً للأحزان ولا أياماً للمآتم ولا للعويل والنواح والبكاء؛ لأن هذا مضادة لشرع الله عز وجل الذي قضى بأن يكون يوم العيد يوماً للتوسعة والسرور.

سعي القارن

السؤال: أختنا أم الحسن تسأل: ما المقصود بأن القارن ليس عليه سعي؟

الجواب: المقصود بأنه لا سعي عليه سعياً مستقلاً بالنسبة للحج، وإنما سعي العمرة ينوي معه سعي الحج، بمعنى أن القارن يسعى سعياً واحداً، ينوي به سعي العمرة الذي هو الركن، وسعي الحج كذلك، ومن أجل هذا سمي قارناً؛ فهو لأنه أتى بعمل واحد بنيتين: بنية العمرة، وبنية الحج.

تختم النساء بالذهب في جميع أصابع اليد

السؤال: تسأل الأخت أم علي من أم درمان، عن التختم في جميع أصابع اليد بالنسبة للنساء؟

الجواب: نقل الإمام النووي إجماع أهل العلم على أن للمرأة أن تتختم فيما شاءت من أصابعها، فلها أن تتختم في الخنصر، أو في البنصر، أو في الوسطى، أو في السبابة، أو في الإبهام لو كان التختم فيه ممكناً.

أما بالنسبة للرجل فقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التختم في أصبعيه، الوسطى والسبابة، وهذا الحديث في صحيح مسلم من رواية علي رضي الله عنه، لا يجوز للرجل أن يلبس الخاتم في الوسطى ولا في السبابة، لا من يمناه ولا من يسراه، وإنما الرجل له أن يتختم إما في الخنصر وإما في البنصر.

أخذ الاتصال حكم الاستئذان

السؤال: هل الاتصال يأخذ حكم الاستئذان؟

الجواب: نعم، وخاصة إذا كان الوقت مزعجاً، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمنا أن الاستئذان ثلاث، فعلى الإنسان أن يستأذن، وكيفيته أن يطرق الباب أو يطرق الجرس ثلاث مرات، فإن أذن لأحدكم وإلا فليرجع.

الشيخ العلامة بكر بن عبد الله أبو زيد عليه رحمة الله كتب رسالةً لطيفة سماها: أدب الهاتف، وذكر فيها أن من آداب الهاتف أن الإنسان يتصل ثلاثاً، ثم إذا تبين بعد ذلك بأن الشخص المتصل عليه لم يجب، ففي هذه الحالة يكون هذا من باب الاعتذار الضمني.

لبس النساء للذهب المحلق

السؤال: أختنا وفاء تسأل عن الذهب المحلق؟

الجواب: الذهب المحلق لا مانع للمرأة أن تلبسه، سواءٌ كان في أصبعها، أو كان في معصمها، أو في جيدها، أو تعلق أقراطاً في أذنيها، كل هذا لا مانع منه، وبعض أهل العلم نقل الإجماع على ذلك.

وأما ما ذهب إليه الشيخ محمد ناصر الدين الألباني عليه رحمة الله في آداب الزفاف من تحريم الذهب المحلق على النساء، واستدلاله بالحديث الذي ذكرته الأخت فإن علماءنا رحمهم الله ذكروا أنه من باب الشاذ، والحديث يحكم عليه بالشذوذ إذا خالف الراوي الثقة من هو أوثق منه؛ وهذا القول أيضاً قول شاذ مهجور مرغوب عنه، والذي عليه أهل العلم سلفاً وخلفا أنه لا مانع من أن تلبس المرأة وأن تتحلى بالذهب المحلق.

مدى وقوع الطلاق المعلق

الشيخ: وأما سؤالها عن الطلاق المعلق فأقول لها: إن هذا الأمر يرجع فيه لجهة الاختصاص، وأعني بذلك: المحكمة الشرعية ونحوها.

العمرة عن الميت قبل دفنه

السؤال: أخونا عبيد من السعودية يسأل: بأن والدته توفيت إلى رحمة ربها، وأنها قبل أن تقبر قام بالإحرام عنها وأتى بعمرة، فهل هذا صحيح؟

الجواب: أنت مأجور يا عبيد على هذا، والعمرة صحيحة إن شاء الله إذا فارقت الروح الجسد، فحكم الأموات يسري عليها، ويمكنك أن تعتمر عنها وقد فعلت، وأنت مأجور على هذا.

وأيضاً يا أخي لا تنساها من دعائك، فأكثر من الدعاء لها، ولا تخلو صلاة من صلواتك إلا وأنت تدعو للوالدة والوالد، كما أدبنا ربنا في القرآن: وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا[الإسراء:24]، فأنت دائماً إذا سجدت قل: اللهم اغفر لأبي وأمي وارحمهما كما ربياني صغيراً، وكذلك تصدق عنها، وأكرم صديقاتها، يعني: من كن صديقات لها فأكرمهن، وكذلك صل أرحامها، وقد ( سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل بقي علي شيء من بر أبوي بعد موتهما؟ قال: تصلي لهما -أي: تدعو لهما- وتستغفر لهما، وتكرم صديقهما، وتنفذ عهدهما، وتصل الرحم التي لا توصل إلا بهما ).

المتصل: الله يبارك فيك يا شيخ! عندي سؤالان:

السؤال الأول: أنا معلق كمون أسود في يدي الشمال فما حكم ذلك؟

وبعد ذلك ذهبت إلى الدكاترة فوراً فقالوا لي: ما عندك أي مرض، وفي النهاية نصحني جماعة وقالوا لي: يا أخي! هذا الفعل حرام ولا يجوز.

السؤال الثاني: عندنا مسجد ولا يأتينا من المصلين إلا شخصان أو ثلاثة فأطلب نصيحة لأصحاب هذا الحي الذين لا يأتون إلى المسجد، جزاك الله خيراً.

الشيخ: أجيبك عما سألت عنه إن شاء الله.

المتصل: بارك الله فيك، سؤالي هو أن يدي اليمين متعبة ولا أستطيع أن أذبح بها، فهل يصح أن أذبح الأضحية بالشمال؟

الشيخ: سأجيبك إن شاء الله.

المتصل: ما حكم قراءة الفاتحة في الصلاة الجهرية؟

الشيخ: طيب إن شاء الله أجيبك، شكراً لك.

نصيحة لمن يتهاونون في صلاة الجماعة في المسجد

الشيخ: بالنسبة لسؤال أخينا الذي يقول: بأن في بلدهم مسجداً ولا يأتيه إلا ثلاثة أشخاص، فأقول له: هذا من التقصير في الدعوة، وإلا فصلاة الجماعة واجبة على الرجال، وأنتم يا أيها الثلاثة -بارك الله فيكم- لا تكتفوا بهذا الخير لأنفسكم، بل حرضوا غيركم وبينوا للناس أن الله عز وجل أمر الرجال بأن يؤدوا الصلاة مع الجماعة في المسجد، كما قال سبحانه: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ[النور:36-37]، واسعوا في ذلك ولكم الأجر، قال نبينا عليه الصلاة والسلام: ( من دعا إلى هدىً كان له من الأجر مثل أجور من تبعه إلى يوم القيامة).

لبس الكمون في اليد دفعاً للشر

الشيخ: وأما لبس الكمون فهذا لا يجوز في ملة محمد صلى الله عليه وسلم ، كون الإنسان يلبس في معصمه الحبة السوداء ظاناً أنها تدفع عنه الشرور والآفات فهذا ظن خاطئ، بل هذه التميمة التي نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تعليقها، وأخبر أن ( من تعلق تميمة فلا أتم الله له )، فقد دعا عليه النبي صلى الله عليه وسلم.

وأقول لك: لا تتعلق بالأوهام، ولا تعول على السراب، استعن بالله ولا تعجز، أكثر من ذكر الله عز وجل، أكثر من قراءة القرآن، حافظ على الوضوء، حافظ على أذكار الصباح والمساء، ثم بعد ذلك خذ بالأسباب، وليس بالضرورة أن كل شيء يصيب الواحد منا فهو عين أو سحر، فبعض الناس لو تعثرت به دابته فإنه يقول: هذا سحر، وبعض الناس لو انشقت ثيابه يقول: هذا سحر، وبعض الناس لو أصابه زكام فإنه يقول: هذه عين، هذا لا يصلح، بل ينبغي للإنسان أن يوقن بقضاء الله وقدره، ( العين حق ) نعم، والسحر موجود نعم، ولكن ليس معنى ذلك أن نعلق كل شيء عليه؛ بل الإنسان يأخذ بالأسباب، ويطرق أبواب السماء، ويدعو الله عز وجل ويرجوه ويلح عليه ويتملقه، ثم يأخذ بالأسباب المادية العادية، وبعد ذلك يأتي الله بالخير من حيث لا نحتسب.

ذبح الأضحية باليد اليسرى

الشيخ: وأما بالنسبة للذبح باليد اليسرى فلا بأس أن تذبح بيدك اليسرى، فإن المقصود ذكر اسم الله عز وجل وإنهار الدم.

ومن السنة في الأضحية أن يسوقها صاحبها إلى الذبح سوقاً رفيقاً وأن يسقيها ماءً، وبعد ذلك إذا أراد أن يذبحها تولى ذلك بنفسه فهو الأفضل؛ لأن الأفضل للمضحي أن يذبح أضحيته بنفسه؛ لأن قدوتنا وأسوتنا محمداً صلى الله عليه وسلم كان يذبح بنفسه.

ومن السنة أيضاً أن تضجعها على الشق الأيسر مستقبلاً بها القبلة، وتدعو بالدعاء المأثور بعد أن تذكر اسم الله عز وجل تقول: ( وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً وما أنا من المشركين، إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [الأنعام:162-163] )، وتقول: ( اللهم هذا منك وإليك، اللهم هذا عن فلان وآل فلان )، اللهم هذا عن فلان الذي هو صاحب الأضحية، وآل فلان وتذبح. ولا بد أن تكون السكين حادة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته )، فتذبح ولا تشرع في السلخ حتى تبرد أعضاء الذبيحة، فلا تبدأ السلخ بسرعة، ولكن انتظر إلى أن تسكن حركتها تماماً، وبعد ذلك تشرع في سلخها.

قراءة المأموم للفاتحة في الصلاة الجهرية

الشيخ: وأما بالنسبة لقراءة الفاتحة في الصلاة الجهرية، فالأحوط قراءتها للإمام والمأموم والمنفرد في الفريضة والنافلة، في السرية والجهرية؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)؛ ولأنه صلى الله عليه وسلم قال: ( لعلكم تقرءون معي آنفاً؟! قالوا: نعم، قال: فلا تفعلوا إلا بأم القرآن )، فلذلك اقرأ الفاتحة أيها الأخ في الجهرية والسرية، وهذا الذي عليه الشافعية والحنابلة رحمة الله عليهم أجمعين، وهذا الذي رجحه بعض المالكية، كالإمام أبي عبد الله القرطبي في تفسيره، ولعل هذا هو الأحوط والأبرأ للذمة، فلو أنك قرأت الفاتحة فصلاتك صحيحة على قول الجميع، أما لو أنك ما قرأتها فبعض أهل العلم يبطلها، والسعيد من خرج من الخلاف ما وجد إلى ذلك سبيلاً، - والعلم عند الله تعالى.

الجمع بين الآية: (ولا تزر وازرة وزر أخرى) وحديث: (إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار)

السؤال: يقول: كيف نوفق بين الحديث: ( إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار)، والآية: وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى[الأنعام:164]؟

الجواب: أصلاً لا تعارض بين الحديث والآية حتى نوفق، فالحديث بين فيه النبي صلى الله عليه وسلم أن الشروع في القتال كبيرة، وأن المسلمين إذا التقيا متقاتلين بأي سلاح كان، فالقاتل والمقتول في النار، وذكر السيف هاهنا من باب التمثيل، لا أن السيف مقصود لذاته وما سواه يجوز التقاتل به بين المسلمين، ( إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار )، الصحابة سألوه فقالوا: يا رسول الله! هذا القاتل فما بال المقتول؟ المقتول قُتل فلماذا يكون في النار؟ قال صلى الله عليه وسلم: ( إنه كان حريصاً على قتل صاحبه )، ولذلك باشر القتال وشرع فيه، فبفعله هذا صار متحملاً للوزر.

وأما الآية: وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى))، فهي بمعنى: أن الإنسان لا يتحمل وزر غيره.

الطعام الذي تصنعه المرأة عند نفاسها

السؤال: ما حكم الطعام الذي تصنعه المرأة وهي في فترة النفاس؟

الجواب: والله ما أدري ما نيتها في ذلك! إذا كانت نيتها شكر الله عز وجل على نعمة المولود، وإطعام الطعام عملاً بالسنة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بذلك فقال: ( أفشوا السلام وأطعموا الطعام )، فهي مأجورة ولا حرج في ذلك إن شاء الله.

سؤال الحاجة من الناس في المسجد

السؤال: ما حكم سؤال الحاجة في المسجد؟

الجواب: لا حرج إن شاء الله في ذلك، لا سيما إذا كان الإنسان محتاجاً وليس ممتهناً للسؤال، وإنما هو محتاج للمساعدة، وطلب من الناس أن يساعدوه في المسجد فلا حرج في ذلك، شريطة أن لا يشوش على المصلين؛ ولأن المساجد أبوابها مفتوحة، وهي لا تحتاج إلى إذن من أحد، يدخلها الغني والفقير، والشاب والشيخ، والمأمور والأمير، والعربي والعجمي، والأسود والأبيض، الكل يدخل بين يدي الله عز وجل.

وبعض الناس قد يضيق به الحال وتغلق في وجهه الأبواب فلا يبقى معه إلا باب المسجد، فله أن يطلب من إخوانه أن يعينوه ولا حرج في ذلك والعلم عند الله تعالى.

مدى وجوب الأضحية على غير المستطيع

السؤال: هل يجب تبييت النية لشراء الأضحية وقبل كم يوم يشتري الأضحية، وإذا ما تسهلت له قيمة الأضحية إلا يوم العيد فهل يشتريها يوم العيد أم ماذا؟

الجواب: إن شاء الله تتسهل لك يوم الإثنين، اذهب واشترِ واذبح، فيجوز أن تذبح غداً الجمعة إن شاء الله الذي هو يوم العيد، وممكن تذبح يوم السبت، وممكن تذبح يوم الأحد، إلى غروب شمس يوم الإثنين، الذي هو رابع أيام العيد وثالث أيام التشريق؛ لأن نبينا عليه الصلاة والسلام قال: ( أيام التشريق كلها ذبح ).

وأنا أقول لإخوتي وأخواتي: بأن الأمر في شراء الأضحية وذبحها راجع إلى الاستطاعة، والذي لا يستطيع لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا[البقرة:286]، وما بقي أحد من أمة محمد صلى الله عليه وسلم إلا قد كفاه الله المئونة بنبيه عليه الصلاة والسلام.

المتصل: يا شيخ تكلمت عن إعفاء اللحية وأنها سنة، وسمعت شخصاً في مسجد من المساجد يقول لي: أنها كانت عادة في مجتمع أهل مكة، وانتهت، فهل يجوز للإنسان أنه يحلق اللحية؟

الشيخ: طيب، جزاك الله خيراً.

المتصل: بعض التجار يشتري بضاعة ثم يتبين له بعد أيام بأن هذه البضاعة فيها ضرر على الإنسان وأنها مسرطنة، فماذا يعمل التاجر، ويكون قد دفع ضرائب على هذه البضاعة وأجرة نقلها وغير ذلك، فماذا يفعل؟

الشيخ: أجيبك إن شاء الله.

ميزان اللحية في الشرع

السؤال: أخونا أبو مالك من النيل الأبيض يقول: بأن بعض الناس ناقشه في أمر اللحية وقال له: بأنها عادة؟

الجواب: أولاً: اللحية من الدين، ومن سنة الأمين عليه الصلاة والسلام لكن ما ينبغي أن نعطيها من الكلام أكثر مما تستحق، فبعض الناس يصبح ويمسي ولا حديث له إلا عن اللحية ووجوب إعفائها، وقد يكون من يتكلم معه مقصراً في الصلاة، أو عاقاً لوالديه، أو معاقراً للخمر، أو مرتكباً لبعض الموبقات، فنقول: نتكلم بأمر اللحية مع من يستحق أن يُتكلم معه فيها، بمعنى: أنه لا بد من ترتيب الأولويات في الكلام مع الناس، فما نجعل الكلام عن اللحية هو مبدأ الأمر ومنتهاه، هذه واحدة.

ثانياً: لو أن إنساناً ابتلي بحلقها، فهذا الأمر أيضاً نضعه في موضعه، لا نتفهه ولا نضخمه، فإن بعض الناس كصاحب أبي مالك الذي قدم السؤال يقول: إعفاء اللحية عادة، وبعض الناس يجعل اللحية وكأنها ركن الإسلام السادس، فلو أنه رأى حليقاً ظن به ظن السوء وهجره، ولربما يكون هذا الحليق من أهل الجمعة والجماعة، وصولاً لأرحامه، باراً لوالديه، متحرياً للحلال في مطعمه ومشربه، وقد أتى بكثير من شعب الإيمان، لكنه قصر في هذا الأمر، فأقول: ينبغي أن نزن الأمر بميزان الشرع لا بأهوائنا.

وقول صاحبك: بأن اللحية كانت من العادات، ليس هذا بصحيح، بل اللحية هي سنة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، ونحن نقرأ في القرآن قول هارون عليه السلام: يَبْنَؤُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي[طه:94]، ونقرأ في حديث المعراج بأن النبي صلى الله عليه وسلم لقيه، فإذا هو شيخ عظيم اللحية عظيم العثنون، ونبينا صلى الله عليه وسلم كان كث اللحية تملأ لحيته صدره، وقد أمر بإيفائها، وإعفائها، وتوفيرها، وإكرامها، ونهى صلى الله عليه وسلم عن حلقها، وهذا الذي قاله علماؤنا من أئمة المذاهب الأربعة، وهم أعلم بدين الله منا، وأدرى بمراد رسول الله صلى الله عليه وسلم منا، وأسأل الله أن يهدي الجميع.

ما يلزم صاحب البضاعة التي تبين أن فيها ضرراً على المجتمع بعد شرائها

الشيخ: سؤال الأخ الذي يقول: إن بعض الناس يشتري شيئاً ثم يكتشف فيما بعد أن فيه ضرراً على المشتري فماذا يصنع به؟ فنقول له: إذا كان هذا الشيء ضاراً فلا يجوز له بيعه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا ضرر ولا ضرار )، وينبغي للجهات المسئولة كهيئة المواصفات والمقاييس والجهات المعنية بضبط الجودة ومراقبة الوارد وما يأتي من الخارج أن تبذل تعويضاً مجزياً لهؤلاء المتضررين من التجار؛ لأن التاجر لو لم يجد ذلك التعويض سيضطر لبيع هذه السلعة الفاسدة أو الضارة، ويعود ذلك بالضرر على الناس، والله عز وجل لا يحب الفساد.

رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام

السؤال: هل نستطيع رؤية الرسول عليه الصلاة والسلام في المنام؟

الجواب: نعم، وهذا لمن وفقه الله عز وجل، وقد ثبت عن نبينا عليه الصلاة والسلام أنه قال: ( من رآني في المنام فقد رآني، فإن الشيطان لا يتمثل بي )، وفي لفظ: ( لا يتمثل في صورتي )، وفي لفظ: ( فإن الشيطان لا يتكونني )، فالشيطان لا يستطيع أن يتقمص صورة النبي عليه الصلاة والسلام، لكن ممكن أن يأتيك في صورة إنسان آخر ويقول لك: أنا النبي.

تحية المسجد في صلاة العيد

السؤال: ما حكم تحية المسجد في صلاة العيد؟

الجواب: صلاة العيد لا يشرع قبلها ولا بعدها نافلة، والغالب أن صلاة العيد تكون في المصلى، لكن لو صُليت داخل المسجد بسبب البرد، فبعض الناس يصلون داخل المسجد، فإذا لم يكن الوقت وقت نهي أو وقت كراهة فلا مانع من صلاة تحية المسجد.

المتصل: هل يجوز استخدام الخلطات الطبيعية للبشرة، وقد يستخدمون فيها الأغذية الطبيعية: كاللبن والزبادي والبيض والخضار وغيره؟

الشيخ: ستسمع الإجابة إن شاء الله.

المتصل: معكم أم أحمد من ولاية الجزيرة، نحن جمعية قرآن كريم في ولاية الجزيرة، وعندنا كثير من الطالبات والدارسات، والليلة بالذات اجتمعنا لأننا صائمات لأجل يوم عرفة، وقمنا بعمل إفطار جماعي وقعدنا تدارسنا، فوجدت أن أكثر من خمس عشرة سائلة من النساء يسألن عن سؤال واحد.

فكل واحدة تقول: أنا زوجي يقول لي: بأنه مديون ولا يستطيع أن يضحي نرجو الرد، مع خالص الشكر.

الشيخ: بارك الله فيك، أهلاً وسهلاً.

المتصل: الله يكرمك يا شيخ! حلفت ثلاث مرات على ثلاثة أشياء منفردة، فهل يجوز أن آخذ المبلغ الذي أريد أن أكفر به عن يميني وأعمل به طعاماً وأعطيه لطلاب مدرسة تحفيظ القرآن القريبة مني، أم ماذا أعمل؟

الشيخ: نجيبك إن شاء الله.

استخدام الخلطات الطبيعية المخلوطة ببعض الأطعمة لتحسين البشرة

الشيخ: بالنسبة للأخت التي سألت عن الخلطات للجسم فلا مانع، فسواءٌ كانت هذه الخلطات من لبن، أو من بيض، أو من غيره، بشرط ألا تكون المرأة قاصدة امتهان هذه النعم، وإنما قصدت أن تستخدمها استخداماً مشروعاً، ونحن نعلم أن الزيت نعمة من نعم الله عز وجل، وقد أباح لنا النبي صلى الله عليه وسلم أن ندهن به، قال: ( كلوا الزيت وادهنوا به، فإنه يخرج من شجرة مباركة )، فإذا كان يجوز الادهان بالزيت، فكذلك الأشياء الأخرى التي ذكرتها الأخت إذا كان استعمالها في وجه مباح، كإزالة بعض القشور وما أشبه ذلك مما لا يزال إلا بها فلا حرج في ذلك إن شاء الله.

الأضحية في حق من عليه دين ولا يستطيع أن يضحي

السؤال: سؤال أختنا أم أحمد من الجزيرة أن بعض الأخوات يقلن بأن زوج الواحدة منهن يقول: أنا مدين فلن أضحي، أو أنا معسر فلن أضحي، أو أنا غير مستطيع؟

الجواب: نعم الزوج محق في ذلك، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، فالأضحية مقيدة بالسعة، قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( من وجد سعةً فلم يضح فلا يقربن مصلانا ).

وأما إنسان ما عنده سعة فلا حرج عليه إن شاء الله، وقد ورد أن حذيفة بن أسيد رضي الله عنه قال: ( كان أبو بكر و عمر لا يضحيان، وكانا لي جارين )، يعني: حذيفة يخبر عن أبي بكر و عمر أنهما كانا جارين له، وأنهما كانا لا يضحيان لئلا يعتقد الناس الوجوب.

فيا معشر الأخوات! يا معشر الزوجات! لا تضايقن أزواجكن، إذا كان الإنسان معسراً وفي ضيق ولا يستطيع أن يضحي فلا ينبغي التضييق عليه. قول المرأة لزوجها: لو ما ضحيت فإن الأولاد سيموتون ويمرضون، لا هذا غير صحيح فالأضحية مقيدة بالطاقة ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها.

إعطاء كفارة اليمين لطلاب مدارس تحفيظ القرآن

الشيخ: بالنسبة للأخ الذي حلف، نقول له: أي نعم خذ الدقيق، واذهب به لمدرسة تحفيظ القرآن وتبرأ ذمتك إن شاء الله.

صبغ المرأة شعرها بالسواد

السؤال: هل صبغ شعر الرأس بالسواد حلال للمرأة خلاف الرجل؟

الجواب: لا، لا للرجل ولا للمرأة.

صرف العملة بأجزاء منها

السؤال: ما حكم صرف العملة الورقية واستبدالها بأجزاءٍ منها عند فكها، في المواقف عامة؟

الجواب: إذا كان استبدال العملة بنفس القيمة من الورق فلا حرج، أما إذا كان بتفاضل يعني: بزيادة فهذا ربا.

وليمة المرأة المتوفى عنها زوجها عند انقضاء عدتها

السؤال: امرأة توفي زوجها ما الواجب بعد انتهاء فترة الحبس من الولائم؟

الجواب: ليس عليها واجب ولا وليمة ولا فول حتى، فالمرأة التي توفي زوجها وبقيت فترة الحداد التي هي أربعة أشهر وعشراً وهي فترة العدة، لا يلزمها أن تطعم الناس شيئاً.

الأمور المعينة على إحياء القلوب وتعلقها بالله

السؤال: ما هي الأمور المعينة على إحياء القلوب، وجعلها معلقة بالله؟

الجواب: هذا سؤال طيب، أسأل الله عز وجل أن يحيي قلوبنا يوم تموت القلوب، وأعظم ما يحيي القلوب أيها الإخوة والأخوات قراءة القرآن، فإن الله عز وجل شبه القرآن بالغيث، والله عز وجل في القرآن الكريم دائماً يذكر الغيث الذي هو الماء ثم يذكر بعده الوحي، أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ * اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا[الحديد:16-17]، مثلما يحيي الله الأرض بالماء، كذلك يحيي الله القلوب بالقرآن، ولذلك الموفق هو الذي يقرأ القرآن ويرتله ترتيلاً، ويتأمل في أحكامه وحكمه ويتعرف على تفسيره.

أيضاً مما يحيي القلوب: قراءة سير الصالحين الأعلام، أولئك القوم الذين أحيا الله قلوبهم، فكانت قلوبهم بالله معلقة فلنقرأ سيرهم، سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسير الأنبياء والصحابة ومن بعدهم، فهذه أيضاً مما يحيي القلوب.

ومما يحيي القلب: المواظبة على الفرائض، والاستكثار من النوافل، فإن من واظب على الفرائض وأكثر من النوافل أحبه الله عز وجل، وكان له سمعاً وبصراً ويداً ورجلاً، فلا يبطش إلا فيما يحبه الله، ولا يمشي إلا فيما يحبه الله، ولا ينظر إلا لما يحبه الله.

المتصل: عندي سؤالان:

السؤال الأول: المعروف في الحج أن الرجل لو ترك واجباً فعليه دم؟ فلو ترك أكثر من واجب فماذا عليه؟

السؤال الثاني: شخص عمل حادثاً وتوفي أربعة في الحادث الذي تسبب فيه، فهل يصوم شهرين أم يصوم ثمانية أشهر؟

الشيخ: طيب، أجيبك عن أسئلتك إن شاء الله.

المتصل: الشك في الوضوء هل ينقضه أم لا، أتشكك بأنه خرج مني ريح أو غير ذلك؟

الشيخ: أسأل الله أن يعافيك ويشفيك، وستسمع الإجابة عليه.

الواجب على من ترك أكثر من واجب في الحج

السؤال: أخونا عبد الله من أم درمان يسأل لو أن الإنسان ترك أكثر من واجب في الحج فهل عليه دم؟

فأقول: لو ترك عدة واجبات من جنس واحد فعليه دم واحد، أما لو كانت الأجناس مختلفة فإن الدماء تتعدد بتعدد الواجبات التي تركت، مثلاً: لو أنه ترك رمي جمرة العقبة، وترك رمي الجمرة في يوم من أيام التشريق، أو في أيام التشريق كلهن! فهذا جنس واحد فعليه دم واحد، لكن لو تعددت الأجناس، مثلاً: ترك المبيت بمزدلفة ليلة العاشر، وترك رمي جمرة العقبة، وترك المبيت بمنى ليالي التشريق، وترك طواف الوداع على قول من يقول بالوجوب، وهم جمهور العلماء، ففي هذه الحالة تتعدد الدماء بعدد الواجبات التي تركها.

كفارة من تسبب في موت أربعة أنفس في حادث مروري

نصيحة لمن يشك في وضوئه وصلاته

الشيخ: أما أنت يا أبا محمد ! يا من تشك في الوضوء فاعلم بأن هذا الداء قديم، وأن الحزم كل الحزم أن تطرح الشك جانباً، وأن تستعيذ بالله من الشيطان، وأن تعلم بأن ديننا مبناه على اليسر ولا تلتفت إلى هذا الشك.

وقد شكا الصحابة مما شكوت منه، شكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة؟ فقال عليه الصلاة والسلام : ( لا ينصرفن أحدكم حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً )، فالشيطان يعبث بالإنسان ويخيل إليه بأنه خرج منه شيء؛ لأجل أن يصرفه عن الصلاة، فإذا استجاب الإنسان لهذه الوساوس فإن الشيطان يتخذه ملعبةً ويهزأ به ويجعله يعيد الوضوء مراراً، وربما يعيد الغسل مراراً، فلذلك استعذ بالله من الشيطان ولا تلتفت، وعالج نفسك بالإكثار من قراءة آية الكرسي والإكثار من التهليل، وكذلك حضور مجالس الذكر وحلق العلم والدعاء، وعليك بالإهمال لهذه الوسوسة.

كيفية إتمام المسبوق صلاته في الجنازة

السؤال: كيف يتم المسبوق صلاته في الجنازة؟

الجواب: إذا رفعت الجنازة يأتي بالتكبيرات فقط، يعني: مثلاً أنا جئت في صلاة الجنازة، حضرت مع الإمام تكبيرة ثم سلم، ثم مباشرة رفعت الجنازة، آتي بثلاث تكبيرات: ( الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر)، ثم أسلم.

أما إذا كانت الجنازة موضوعةً فآتي بالتكبيرات وبالأذكار التي فيها من دعاء وصلاة إبراهيمية ونحوها.

أما بالنسبة لصلاة العيد، فالمسبوق يعتبر ما حضره هو أول صلاته، فإذا سلم الإمام يقوم فيأتي بالركعة الثانية، أو بالركعتين بذات الهيئة التي كان سيفعلها لو أدركها مع الإمام.

صلاة العشاء وعلاقتها بصلاة الوتر

السؤال: أنا أصلي العشاء من غير شفع ولا وتر فما حكم هذه الصلاة؟

الجواب: صلاة العشاء صحيحة إن شاء الله لكنك مفرط مضيع وزاهد في الخير، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الله وتر يحب الوتر )، وأمر صلى الله عليه وسلم أبا هريرة بأن يصوم ثلاثة أيام من كل شهر، وأن لا ينام حتى يوتر، وما كان النبي صلى الله عليه وسلم يخل بالوتر لا في السفر ولا في الحضر، والوتر أقله ركعة، والركعة ما تستغرق منك إلا دقائق معدودة، فأنت يا أخي الكريم تبخل على نفسك بهذا الخير كله، ثم تريد بعد ذلك واسع الجنان، وقد سمعت أن ربنا الرحمن قد قال في الحديث القدسي: ( وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به … ).

إخوتي وأخواتي كل عام وأنتم بخير مرة أخرى، ونصيحتي لكم: أن تغتنموا هذه الأيام المباركة في الإكثار من الذكر، فإن الله تعالى قال: وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ[البقرة:203]، فلا تجعلوا أيام العيد أياماً للفوضى والمعصية، وتضييعاً للصلوات، بل اجعلوها أياماً للأكل والشرب والذكر، كما أمر بذلك نبينا صلى الله عليه وسلم.

أسأل الله عز وجل أن يعيد علينا هذه الأيام المباركة ونحن في خير حال، وأن يجعل بلادنا آمنةً مطمئنةً سخيةً رخيةً، وأن يولي علينا خيارنا، وأن يجعل ولايتنا فيمن خافه واتقاه إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين.

وأدعو دعاءً خاصاً لإذاعة طيبة وقناة طيبة بأن يعلي الله منارتها، وأن يعين القائمين عليها على أداء رسالتهم، وأن يوفقهم جميعاً مديرين ومخرجين ومصورين ومعدين ومقدمين، وأن يستعملنا جميعاً في طاعته، وأن يجعلها في موازين الحسنات، إنه أرحم الراحمين، وأكرم الأكرمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى جميع المرسلين.


استمع المزيد من الشيخ الدكتور عبد الحي يوسف - عنوان الحلقة اسٌتمع
ديوان الإفتاء [485] 2822 استماع
ديوان الإفتاء [377] 2648 استماع
ديوان الإفتاء [277] 2534 استماع
ديوان الإفتاء [263] 2532 استماع
ديوان الإفتاء [767] 2506 استماع
ديوان الإفتاء [242] 2475 استماع
ديوان الإفتاء [519] 2464 استماع
ديوان الإفتاء [332] 2442 استماع
ديوان الإفتاء [550] 2406 استماع
ديوان الإفتاء [303] 2404 استماع