التعليق على كتاب فصول في أصول التفسير [1]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة وأتم التسليم، أما بعد:

فقال المصنف: [ الحمد لله منزل القرآن، والصلاة والسلام على رسوله الكريم القائل: ( خيركم من تعلم القرآن وعلمه )، وعلى آله وصحبه البررة، الذين تعلموا كتاب ربهم، وعملوا به، وبعد:

أصول التفسير. الأصل في اللغة: أسفل الشيء. ويطلق الأصل على مبدأ الشيء وما ينبني عليه غيره، وعبر عنه بعضهم بأنه ما يفتقر إليه غيره، ولا يفتقر هو إلى غيره، وهذا مستوحى من المعنى اللغوي، ويقرب من معنى الأصل: القاعدة، وهي الأساس الذي يبنى عليه البيت. والتفسير في اللغة مأخوذ من مادة فسر، وهي تدل على ظهور الشيء وبيانه، ومنه الكشف عن المعنى الغامض، وللتفسير في الاصطلاح تعاريف، ومن أوضحها بيان كلام الله المعجز المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم، وأصول التفسير هي الأسس والمقدمات العلمية التي تعين على فهم التفسير، وما يقع فيه من الاختلاف، وكيفية التعامل معه ].

أما ما يتعلق بهذه التعاريف الثلاثة، وهي تعريف الأصل، والتفسير، ثم تعريف أصول التفسير.

تعريف الأصل

أما الأصل فكما هو في التعريف، وفي اللغة الأصل بمعنى أسفل الشيء، مثل قوله سبحانه وتعالى: قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا [الحشر:5]، فالأصل هو الأسفل، أما التعبيرات التي بعد ذلك فهي تعبير عن هذا المعنى اللغوي بتعبيرات مستوحاة منه، فمثلاً تعبير بعضهم بأنه ما يفتقر إليه غيره، ولا يفتقر هو إلى غيره، فهذا من تعريفات الأصوليين، فعلماء أصول الفقه لما أرادوا أن يعرفوا أصول الفقه، وعرفوا الأصول جاءوا بهذا التعريف، وهو تعريف مستوحى من التعريف اللغوي، والتعريفات التي تأتي مصطلحات للعلوم، إما أن يكون فيها المدلول اللغوي المباشر، وإما أن يكون التعريف مستوحىً من المدلول اللغوي، والتعبير بكونها أسفل الشيء، أو مبدأ الشيء، أو ما يبنى عليه غيره، أو ما يفتقر إليه غيره، ولا يفتقر هو إلى غيره، نلاحظ أنها مقصودة لكي يقال: إن من أراد أن يفسر فلا بد أن يكون له أصل يعتمد عليه، فإن لم يكن له أصل فإنه سيكون في تفسيره شيء من الخطأ، ويقرب من لفظة الأصل: القاعدة؛ ولهذا نجد أن بعض العلماء يسمي كتابه قواعد التفسير، مثل رسالة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، ولم يسمها كما سيأتي، لكنه قال: قواعد تعين في فهم كلام الله، أو في فهم تفسير كلام الله سبحانه وتعالى وفي الحقيقة يرجع موضوع القواعد إلى أصول التفسير، ولا مشاحة في الاصطلاح، لكن من حيث المدلول اللغوي فيه تقارب بين معنى الأصل ومعنى القاعدة، مثل قول سبحانه وتعالى: وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنْ الْبَيْتِ [البقرة:127].

فالقواعد هي: التي يبنى عليها البناء، وهي التي تسمى الأساس، فهناك تقارب بين معنى الأصل ومعنى القاعدة.

تعريف التفسير

أما التفسير فمن جهة اللغة فمأخوذ من مادة فسر، وهي تدل على الظهور والبيان، وهنا ملحظ علمي، وهو أن بعض من يعرف يذكر ما تحتويه مادة اللفظة من المعاني في لغة العرب، فمثلاً فسر، أو مثلاً الأصل، يذكر ما تحتويه لغة العرب من هذه المادة، وهذا عندي فيه تطويل لا داعي له إلا إذا كان لا يتبين المعنى المراد إلا بهذا الاستطراد، أما إذا كان معنى اللفظة بين بأن نقول: التفسير هو الكشف والإيضاح أو البيان، فإنه يكتفى به عن التطويل فيقال: وتقول العرب: ومنه التفسير، ويقرب منه مادة سفر، فكل هذا في الحقيقة استطراد لا يحتاجه طالب العلم؛ لأن المقصد إيصال المعلومة، فإذا وصلت المعلومة بهذا البيان المباشر فهي أولى من أن يأخذ الإنسان في ذكر ما يأتي من هذه المادة، خصوصاً أنه في بعض مواد الألفاظ العربية يكون لها أكثر من معنى. فإذاً: المقصد من هذا أن الباحث ينظر حاجته إلى زيادة ذكر ما ورد من هذه اللفظة في لغة العرب، فإن لم يحتج إلى هذه الزيادة فالأولى ترك الاستطراد، والإتيان مباشرةً على المدلول الذي يريده ما دام واضحاً.

وأما التفسير في الاصطلاح قال: [ بيان كلام الله المعجز المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ].

ألا يمكن أن يختصر هذا التعريف؟ فيقال: هو بيان كلام الله، هل يكفي أن يراد ببيان كلام الله أن المراد به تفسير القرآن؟ لأن هناك من كلام الله شيئاً غير القرآن، ولكن لما يقال: المعجز المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم، هذه الجملة ألا يمكن أن تختصر بعبارة أقصر من هذه العبارة؟

الجواب: نعم فيقال: بيان القرآن؛ لأن المقصود من كلام الله المعجز المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم هو القرآن في النهاية، وهنا أيضاً ملحظ آخر علمي، وهو أن التطويل في التعريف الاصطلاحي، ثم شرح هذا التعريف يحسن تركه إذا كان المعرف به واضحاً، فلا أحد يحتاج أن يعرف ما هو القرآن، فتعريف الشيء الواضح يقولون: من أشكل المشكلات. فإذاً: لما نقول: إن بيان القرآن، أو بيان معاني القرآن هو الهدف الأساس من علم التفسير فهذا كاف في التعريف، فإذاً هذا التعريف الذي هو: (بيان كلام الله المعجز المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم) فيه طول لا يحتاجه من يعرف له، فنقول له إذاً: هو بيان كلام الله، أو بيان معاني كلام الله سبحانه وتعالى، وهذا فيه كفاية.

ولكن من أين جاء الاستطراد في التعاريف الاصطلاحية؟ نقول: إن هذه جاءت في مرحلة من المراحل، وهي مرحلة محاولة تعريف المصطلحات تعريفاً منطقياً فيما يسمى بالحد الجامع المانع، وهذا من الجهة العلمية فيه نقاش، ليس هذا محله، لكن الملاحظ أنه يعسر تعريف العلوم بالحد الجامع المانع تماماً؛ ولهذا يكتفى في تعريف العلوم بالمثال الدال على العلم، لكن لو استطاع معرف أن يقرب إلى التعريف الجامع المانع فلا شك أن هذا مطلب، ولكن يجب أن ننتبه أن هذا المطلب لا يتحقق دائماً في كل العلوم، ونحن لا شك أننا نحتاج التعريف الذي يقرب إلى أن يكون جامعاً مانعاً حينما يشترك أكثر من علم في ذات واحدة، فمثلاً لما نأتي إلى تجويد القرآن، ونأتي إلى تفسير القرآن، فقد اشتركوا في القرآن، لكن علم التجويد غير علم التفسير، فهذا علم وهذا علم، فإذاً: أنا أحتاج في التعريف أن أعرف تعريفاً يفصل بين هذين العلمين، لكن لا يلزم في تعريف هذا أو تعريف هذا أن أصل إلى الحد الجامع المانع، وطلب الحد الجامع المانع هو أثر من آثار المنطق، ولا يعني ذلك أننا نرفضه تماماً لكن نقول: إنه مطلب، لكنه لا يلزم في جميع العلوم؛ ولهذا لم أجد إلى اليوم تعريفاً فيما يسمى بالحد الجامع المانع لعلوم القرآن، فلما نريد تعريف علوم القرآن، ونقرأ في تعريفات المعاصرين فلا نجد تعريفاً جامعاً مانعاً؛ لأنه غير ممكن؛ ولهذا يكتفى بذكر أمثلة من هذا العلم، فنقول مثلاً: هي العلوم التي تبحث في القرآن من حيث مكيه ومدنيه وناسخه ومنسوخه، فهذه أمثلة تدل على هذا العلم، وأرى أن معرفة هذا الشيء يريح من عناء كثير في تطلب تعريف العلوم بالتعريف الجامع المانع، وكما قلت: إنه مطلب إن حصل فلا بأس، وإن لم يحصل فإنه يكتفى بما يميز العلم عن غيره.

تعريف أصول التفسير

أما أصول التفسير فأيضاً نلاحظ أننا عندما نريد أن نعرف بالحد الجامع المانع سيصعب ذلك؛ ولهذا جاء هذا التعريف على سبيل التنبيه إلى المسائل التي يحتويها هذا العلم، فالتعبير بالأسس مقابل للأصول؛ لأن الأصول هي أسس ومقدمات علمية، بمعنى أن هذه الأصول تؤخذ مقدمات قبل الدخول في التفسير، وتعين على فهم التفسير، فهي مقدمات علمية تعين على فهم التفسير، وهذا مستوحى من كلام شيخ الإسلام لما ذكر سبب تأليفه لرسالته.

ثم قال: [ وما يقع فيه من الاختلاف ] وهذا جانب كبير جداً من أصول التفسير، ثم قال: [ وكيفية التعامل معه ] أي: مع هذا الاختلاف.

فكان عندنا ثلاث قضايا:

القضية الأولى: مقدمات نظرية.

والقضية الثانية: اختلاف أسبابه وأنواعه وما يتصل به.

ثم القضية الثالثة: كيفية التعامل مع هذا الاختلاف.

وهذه هي المسائل الكبرى في أصول التفسير، فالمسائل الكبرى في أصول التفسير مقدمات نظرية، تشمل هذه المقدمات النظرية التعريفات، كما تشمل أنواع التفسير، وأساليب التفسير، وأيضاً طرق أو مصادر التفسير إلى آخرها، وكلها في أغلبها معلومات نظرية، ثم يأتي بعد ذلك ما يتعلق بالاختلاف في التفسير، والكتاب مبني هنا على الاختلاف الواقع بين السلف، ولم يتعرض للاختلاف الواقع بعد جيل السلف، والمراد بالسلف: الصحابة والتابعين وأتباع التابعين، فالاختلاف الكائن في تفسيرهم، في أسبابه وأنواعه وطريقة تعبيرهم في التفسير هو الذي يعالجه هذا الكتاب، ثم بعد ذلك تأتي قضية كيفية التعامل مع هذا بما يسمى بقواعد التفسير، وينشأ عن هذا نتيجة -ستأتي بعد قليل- وهي: كيف نفسر القرآن بعد معرفة هذه الأصول؟

أما الأصل فكما هو في التعريف، وفي اللغة الأصل بمعنى أسفل الشيء، مثل قوله سبحانه وتعالى: قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا [الحشر:5]، فالأصل هو الأسفل، أما التعبيرات التي بعد ذلك فهي تعبير عن هذا المعنى اللغوي بتعبيرات مستوحاة منه، فمثلاً تعبير بعضهم بأنه ما يفتقر إليه غيره، ولا يفتقر هو إلى غيره، فهذا من تعريفات الأصوليين، فعلماء أصول الفقه لما أرادوا أن يعرفوا أصول الفقه، وعرفوا الأصول جاءوا بهذا التعريف، وهو تعريف مستوحى من التعريف اللغوي، والتعريفات التي تأتي مصطلحات للعلوم، إما أن يكون فيها المدلول اللغوي المباشر، وإما أن يكون التعريف مستوحىً من المدلول اللغوي، والتعبير بكونها أسفل الشيء، أو مبدأ الشيء، أو ما يبنى عليه غيره، أو ما يفتقر إليه غيره، ولا يفتقر هو إلى غيره، نلاحظ أنها مقصودة لكي يقال: إن من أراد أن يفسر فلا بد أن يكون له أصل يعتمد عليه، فإن لم يكن له أصل فإنه سيكون في تفسيره شيء من الخطأ، ويقرب من لفظة الأصل: القاعدة؛ ولهذا نجد أن بعض العلماء يسمي كتابه قواعد التفسير، مثل رسالة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، ولم يسمها كما سيأتي، لكنه قال: قواعد تعين في فهم كلام الله، أو في فهم تفسير كلام الله سبحانه وتعالى وفي الحقيقة يرجع موضوع القواعد إلى أصول التفسير، ولا مشاحة في الاصطلاح، لكن من حيث المدلول اللغوي فيه تقارب بين معنى الأصل ومعنى القاعدة، مثل قول سبحانه وتعالى: وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنْ الْبَيْتِ [البقرة:127].

فالقواعد هي: التي يبنى عليها البناء، وهي التي تسمى الأساس، فهناك تقارب بين معنى الأصل ومعنى القاعدة.

أما التفسير فمن جهة اللغة فمأخوذ من مادة فسر، وهي تدل على الظهور والبيان، وهنا ملحظ علمي، وهو أن بعض من يعرف يذكر ما تحتويه مادة اللفظة من المعاني في لغة العرب، فمثلاً فسر، أو مثلاً الأصل، يذكر ما تحتويه لغة العرب من هذه المادة، وهذا عندي فيه تطويل لا داعي له إلا إذا كان لا يتبين المعنى المراد إلا بهذا الاستطراد، أما إذا كان معنى اللفظة بين بأن نقول: التفسير هو الكشف والإيضاح أو البيان، فإنه يكتفى به عن التطويل فيقال: وتقول العرب: ومنه التفسير، ويقرب منه مادة سفر، فكل هذا في الحقيقة استطراد لا يحتاجه طالب العلم؛ لأن المقصد إيصال المعلومة، فإذا وصلت المعلومة بهذا البيان المباشر فهي أولى من أن يأخذ الإنسان في ذكر ما يأتي من هذه المادة، خصوصاً أنه في بعض مواد الألفاظ العربية يكون لها أكثر من معنى. فإذاً: المقصد من هذا أن الباحث ينظر حاجته إلى زيادة ذكر ما ورد من هذه اللفظة في لغة العرب، فإن لم يحتج إلى هذه الزيادة فالأولى ترك الاستطراد، والإتيان مباشرةً على المدلول الذي يريده ما دام واضحاً.

وأما التفسير في الاصطلاح قال: [ بيان كلام الله المعجز المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ].

ألا يمكن أن يختصر هذا التعريف؟ فيقال: هو بيان كلام الله، هل يكفي أن يراد ببيان كلام الله أن المراد به تفسير القرآن؟ لأن هناك من كلام الله شيئاً غير القرآن، ولكن لما يقال: المعجز المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم، هذه الجملة ألا يمكن أن تختصر بعبارة أقصر من هذه العبارة؟

الجواب: نعم فيقال: بيان القرآن؛ لأن المقصود من كلام الله المعجز المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم هو القرآن في النهاية، وهنا أيضاً ملحظ آخر علمي، وهو أن التطويل في التعريف الاصطلاحي، ثم شرح هذا التعريف يحسن تركه إذا كان المعرف به واضحاً، فلا أحد يحتاج أن يعرف ما هو القرآن، فتعريف الشيء الواضح يقولون: من أشكل المشكلات. فإذاً: لما نقول: إن بيان القرآن، أو بيان معاني القرآن هو الهدف الأساس من علم التفسير فهذا كاف في التعريف، فإذاً هذا التعريف الذي هو: (بيان كلام الله المعجز المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم) فيه طول لا يحتاجه من يعرف له، فنقول له إذاً: هو بيان كلام الله، أو بيان معاني كلام الله سبحانه وتعالى، وهذا فيه كفاية.

ولكن من أين جاء الاستطراد في التعاريف الاصطلاحية؟ نقول: إن هذه جاءت في مرحلة من المراحل، وهي مرحلة محاولة تعريف المصطلحات تعريفاً منطقياً فيما يسمى بالحد الجامع المانع، وهذا من الجهة العلمية فيه نقاش، ليس هذا محله، لكن الملاحظ أنه يعسر تعريف العلوم بالحد الجامع المانع تماماً؛ ولهذا يكتفى في تعريف العلوم بالمثال الدال على العلم، لكن لو استطاع معرف أن يقرب إلى التعريف الجامع المانع فلا شك أن هذا مطلب، ولكن يجب أن ننتبه أن هذا المطلب لا يتحقق دائماً في كل العلوم، ونحن لا شك أننا نحتاج التعريف الذي يقرب إلى أن يكون جامعاً مانعاً حينما يشترك أكثر من علم في ذات واحدة، فمثلاً لما نأتي إلى تجويد القرآن، ونأتي إلى تفسير القرآن، فقد اشتركوا في القرآن، لكن علم التجويد غير علم التفسير، فهذا علم وهذا علم، فإذاً: أنا أحتاج في التعريف أن أعرف تعريفاً يفصل بين هذين العلمين، لكن لا يلزم في تعريف هذا أو تعريف هذا أن أصل إلى الحد الجامع المانع، وطلب الحد الجامع المانع هو أثر من آثار المنطق، ولا يعني ذلك أننا نرفضه تماماً لكن نقول: إنه مطلب، لكنه لا يلزم في جميع العلوم؛ ولهذا لم أجد إلى اليوم تعريفاً فيما يسمى بالحد الجامع المانع لعلوم القرآن، فلما نريد تعريف علوم القرآن، ونقرأ في تعريفات المعاصرين فلا نجد تعريفاً جامعاً مانعاً؛ لأنه غير ممكن؛ ولهذا يكتفى بذكر أمثلة من هذا العلم، فنقول مثلاً: هي العلوم التي تبحث في القرآن من حيث مكيه ومدنيه وناسخه ومنسوخه، فهذه أمثلة تدل على هذا العلم، وأرى أن معرفة هذا الشيء يريح من عناء كثير في تطلب تعريف العلوم بالتعريف الجامع المانع، وكما قلت: إنه مطلب إن حصل فلا بأس، وإن لم يحصل فإنه يكتفى بما يميز العلم عن غيره.

أما أصول التفسير فأيضاً نلاحظ أننا عندما نريد أن نعرف بالحد الجامع المانع سيصعب ذلك؛ ولهذا جاء هذا التعريف على سبيل التنبيه إلى المسائل التي يحتويها هذا العلم، فالتعبير بالأسس مقابل للأصول؛ لأن الأصول هي أسس ومقدمات علمية، بمعنى أن هذه الأصول تؤخذ مقدمات قبل الدخول في التفسير، وتعين على فهم التفسير، فهي مقدمات علمية تعين على فهم التفسير، وهذا مستوحى من كلام شيخ الإسلام لما ذكر سبب تأليفه لرسالته.

ثم قال: [ وما يقع فيه من الاختلاف ] وهذا جانب كبير جداً من أصول التفسير، ثم قال: [ وكيفية التعامل معه ] أي: مع هذا الاختلاف.

فكان عندنا ثلاث قضايا:

القضية الأولى: مقدمات نظرية.

والقضية الثانية: اختلاف أسبابه وأنواعه وما يتصل به.

ثم القضية الثالثة: كيفية التعامل مع هذا الاختلاف.

وهذه هي المسائل الكبرى في أصول التفسير، فالمسائل الكبرى في أصول التفسير مقدمات نظرية، تشمل هذه المقدمات النظرية التعريفات، كما تشمل أنواع التفسير، وأساليب التفسير، وأيضاً طرق أو مصادر التفسير إلى آخرها، وكلها في أغلبها معلومات نظرية، ثم يأتي بعد ذلك ما يتعلق بالاختلاف في التفسير، والكتاب مبني هنا على الاختلاف الواقع بين السلف، ولم يتعرض للاختلاف الواقع بعد جيل السلف، والمراد بالسلف: الصحابة والتابعين وأتباع التابعين، فالاختلاف الكائن في تفسيرهم، في أسبابه وأنواعه وطريقة تعبيرهم في التفسير هو الذي يعالجه هذا الكتاب، ثم بعد ذلك تأتي قضية كيفية التعامل مع هذا بما يسمى بقواعد التفسير، وينشأ عن هذا نتيجة -ستأتي بعد قليل- وهي: كيف نفسر القرآن بعد معرفة هذه الأصول؟

قال المصنف: [ ويدور محور الدراسة في هذا العلم بين أمرين: كيف فسر القرآن؟ وكيف نفسر القرآن؟

ففي الأولى يكون الرجوع إلى تفاسير السابقين، ومعرفة مناهجهم وطرقهم فيها، خاصةً تفاسير السلف التي تعد العمدة في هذا العلم.

وفي الثانية: يكون الاعتماد على ما قعد من أصولهم في تفاسير السابقين لكي يعتمد الصحيح في التفسير، ويتجنب الخطأ فيه، ومما يجدر ذكره أنه لا توجد دراسة متكاملة لموضوعات هذا العلم ].

الرجوع إلى تفاسير السلف

نأتي إلى القضية الأولى، وهي قضية الرجوع إلى تفاسير السابقين، فلو سألنا سؤالاً: من أين نأخذ أصول هذا العلم؟ ومن أين جئنا بما يسمى بأصول التفسير؟ وكيف جاءت هذه الأصول؟

فالجواب: أن عندنا تفاسير للسابقين، فتحصل قراءة واستقراء لهذه التفاسير، ثم من خلال هذا الاستقراء تستنبط هذه الأصول، فلو أن مثلاً قائلاً قال: إن من أصول التفسير: أن نرجع إلى مرويات بني إسرائيل، نقول له: هذا الأصل الذي أرسلته من أين أخذته؟ فإما أن يكون منصوصاً عليه عند السلف، أو عند من يوثق بعلمه ممن جاء بعدهم، وإما أن يكون مستقرأً من تفاسيرهم، فإذاً: أي قضية تنسب إلى أصول التفسير لا بد فيها من أن يكون قد وقع عليها استقراء بحيث أنها خرجت وظهر بارزاً أنها أصل من أصول التفسير.

وهل أحد يمكن أن يخالف أن من أصول التفسير الرجوع إلى تفسير النبي صلى الله عليه وسلم؟

لا يخالف أحد في هذا، فإذاً: يلاحظ أن هذه من الأصول، لكن القضية الثانية قد يخالف فيها مخالفون، بل الأكثر يخالفون في هذا، ولا تعد من أصول التفسير عندهم.

وأيضاً يلاحظ مثلاً: هل من أصول التفسير أن يرجع فيه إلى شخص واحد بأي شيء -سمي هذا الشخص الإمام، أو سمي المعصوم أو أو.. إلى آخره- على أنه أصل من أصول التفسير؟ فأيضاً هذا يحتاج إلى إثبات أن هذا بالفعل أصل من أصول التفسير، لكن الرجوع إلى لغة العرب أصل من أصول التفسير، وسنجد لهذا الأصل طريقين:

الطريق الأول: نص العلماء عليه، وهو مثلما ورد عن مالك ، وسيأتي إن شاء الله عند التفسير باللغة، أو ما ورد عن مجاهد وغيره.

والطريق الثاني: من خلال استقراء تفسير السلف وأنهم رجعوا إلى لغة العرب، فإذاً: هذا الأصل نأخذه بطريق الاستقراء، وكذلك بنص العلماء عليه.

فوائد من استقراء منهج المفسرين السابقين في أصول التفسير

القضية الثانية: لما تقعد هذه القواعد ولما نستقرئ مناهج هؤلاء العلماء السابقين، ونأخذ من علومهم أصول التفسير فإننا سنستفيد من ذلك فوائد:

الفائدة الأولى: معرفة الصحيح من غير الصحيح من التفسير.

الفائدة الثانية: أن من أراد أن يخوض غمار التفسير، وأراد أن يفسر للناس، فإنه يستطيع ذلك ويعرف كيف يفسر القرآن، بمعرفة الطرائق السليمة التي يفسر بها القرآن، فإذاً: هذه الفائدة الكبرى لعلم أصول التفسير، وهنا نقف وقفة في هذه القضية وهي في الحقيقة قضية مهمة جداً يمكن أن يقع عنها سؤال: هل نحن بحاجة إلى أصول التفسير لمعرفة كيف نفسر القرآن؟ لا شك أن الجواب: نعم، ولكن لا يلزم أن تكون أصول التفسير مكتوبة عند كل عالم، لكنها موجودة من خلال شرحه لكلام الله سبحانه وتعالى، ولو اختل عنده شيء من أصول التفسير فإنه يختل عنده تفسير الآيات التي يقع فيها جنس تأويل مثلاً، بمعنى أنه على قدر ما يفقد من الأصول الصحيحة يقع عنده خلل في التفسير.

وهنا نقول: إنه لا بد من الاعتناء بتفسير السلف خاصة، ومعرفة طرقهم في التعبير في التفسير، وكذلك معرفة مناهجهم في التفسير؛ لأنها هي الأصول الأولى التي يبنى عليها علم أصول التفسير. ولنضرب لذلك مثالاً: ففي بعض الآيات نجد لـابن عباس أكثر من أقوال متغايرة، ولما ينظر إليها الناظر وهو لا يعرف يقول: هذا تناقض، مرة ابن عباس يقول كذا، ومرة ابن عباس يقول كذا، ومرة يقول كذا، لكن الخبير بعبارات السلف يعرف أن هذه الأقوال هي من باب اختلاف التنوع، وهي متغايرة؛ لأن الآية محتملة لهذا، أو محتملة لهذا، فمن يفهم بهذه الطريق يتأصل عنده أصل مرتبط بوجود تفسير، وأنه ما دامت الآية تحتمل هذه المعاني فهي صحيحة، أما الآخر فليس عنده هذا الحس فيرى أن فيها تناقضاً، فيقع عنده خلل في هذا الباب، وهذه المسألة تحتاج إلى شيء أطول من هذا، لكن أقول: أنه مهم جداً معرفة طرائقهم ومناهجهم في التفسير.

فلا بد من الاعتناء بتفسير العلماء الموثوقين، وكذلك أيضاً استخلاص المنهج العام الذي يسيرون عليه في قضايا التفسير، ولأضرب مثالاً بإمام المفسرين ابن جرير الطبري ؛ لأنه من العلماء القلائل الذين وضحوا منهجهم وطريقتهم في التعامل مع التفسير، فمثلاً حينما يكون اللفظ في كتاب الله سبحانه وتعالى عاماً ينبه على العموم، وأنه لا يجوز تخصيص هذا العموم إلا بدليل؛ ولهذا نحن نأخذ من استقراء كتاب هذا الإمام أن الخبر على عمومه حتى يأتي ما يخصص، فإذا جاء لفظ أو أمر عام فإنه يحمل على العموم حتى يأتي ما يخصص هذا اللفظ العام، أو الحكم العام، فهذا إذاً يؤخذ من مثل هذا الإمام.

وكذلك لو قرأت في تفسير ابن كثير أو في تفسير أبي حيان مثلاً فستجد كثيراً من هذه الأصول، فلما نستقرأ هذه الكتب ونستخرج أصول التفسير منها فسيكون عندنا جمع من المادة العلمية المتعلقة بهذا الموضوع.

الفائدة الثالثة من فوائد هذا الموضوع: معرفة ما يمكن زيادته وما لا يمكن في تفسير القرآن، بمعنى: هل يمكن أن يظهر لنا معنىً جديد لم يكن موجوداً عند السابقين أم لا؟ الجواب: نعم، لكن كيف نعرف أن هذا المعنى الذي ظهر لنا اليوم في تفسير كلام الله صحيح أو غير صحيح؟

إذاً: لا بد أن يكون عندنا أصول نرجع إليها ونتحاكم إليها لنعرف أن هذا التفسير صحيح أو غير صحيح، فإذاً: هذه أيضاً من الأمور المهمة في هذا.

الفائدة الرابعة: وقوع الانحرافات في التفسير، بسبب مخالفة أصول علمية معتمدة عند العلماء، فإذاً: نحن بحاجة إلى معرفة هذه الأصول الثابتة لمعرفة هذه المخالفات.

ومن أوائل الانحرافات التي وجدت القضية الكبرى المرتبطة بمفهوم التأويل، أو باستعمال التأويل في كلام الله سبحانه وتعالى، ولسنا نتكلم عن التأويل الصحيح، وإنما نتكلم عن التأويل الفاسد، فتجد أن أقواماً كثيرين دخلوا فيه، وصرفوا كلام الله سبحانه وتعالى، وحرفوه إلى ما يتوافق مع مبادئهم العقدية، ولو تأملنا بداية الانحراف العقدي فسنجد أنه لا يخلو معتقد من معتقدات التي خرجت عن أهل السنة والجماعة من الوقوع في التأويل الفاسد في كلام الله سبحانه وتعالى، بدءاً بالخوارج، ثم بعد ذلك بالرافضة، ثم بالجهمية، ثم بالمعتزلة، ثم بالأشاعرة الذين لا زال إلى اليوم تراثهم موجوداً بين يدينا، وهو فيه شيء من التأويلات، فما هي خطورة هذا التأويل؟ هؤلاء التأويليون وصل بهم الحد إلى أن أولوا أحوال المعاد، بمعنى أنهم قالوا: لا جنة ولا نار، وإنما المذكور في القرآن إنما هو تمثيلات وتخيلات تتوافق مع عقول العامة، وهذا الذي قال به الفلاسفة، واعتمدوا على مبدأ التأويل؛ لأن من دخل في التأويل الفاسد، فإنه ليس هناك ضابط يحد التأويل الفاسد، فيحتج به الأشعري، وكذلك يحتج به المعتزلي، وكذلك يحتج به الفلسفي، وليس هناك ضابط لأي واحد منهم، ولو اعترض واحد منهم على الآخر لرد عليه بنفس الرد: ما الذي أباح لك أن تؤول في هذا وأنا لا أؤول في هذا؟ فالذي أباح لك أن تؤول في هذا المكان هو نفس الذي يبيح لي التأويل في هذا المكان، فليس هناك ضابط، وهذا بين الأشاعرة والمعتزلة، وعموم المتكلمين هؤلاء. ثم جاء الفلاسفة وقالوا: الذي أباح لكم أن تؤولوا في صفات الله سبحانه وتعالى يبيح لنا كذلك أن نؤول في أحوال المعاد، وأنه لا جنة ولا نار، فمن الذي أباح لكم ولا يبيحه لنا، وهو نفس المبدأ، فإذاً: وصل الأمر إلى هذا الحد، وهذا واضح جداً في كتاب ابن رشد في فصل المقال، فيما بين الشريعة والحكمة من الاتصال، فقد بين هذا، وذكر مراتب التأويل هذه، ووصل إلى هذا الحد، وقسمه إلى أنه ما يجب فيه التأويل، وما يجوز فيه التأويل، ومما يجوز فيه التأويل عنده أحوال المعاد، بناءً على هذا المبدأ، إذاً: لاحظ هذه الخطورة التي تنشأ من مفهوم التأويل، فلا بد أن يكون عندنا أصول نحتكم إليها لمعرفة هذا النوع من التفسيرات الباطلة.

بعض الدعاوى المعاصرة التي خرجت عن أصول علم التفسير

وفي هذا العصر خرجت عندنا دعاوى، أذكر منها: كون القرآن نصاً عربياً أدبياً يجوز لكل عربي يعرف العربية أن يفسره، وأن يحلق في سماء التعبيرات الأدبية، منطلقاً من هذا القرآن، وهذه دعوة أمين الخولي ، وهي دعوة مشهورة، وإن كانت غير معروفة عند كثير ممن يقرءون في التفسير.

وأيضاً جاءت دعوة جديدة وحادثة وهي موجودة الآن ومتنامية، وهي: كون القرآن نصاً مفتوحاً يجوز تأويله على حسب المعطيات الثقافية التي يمتلكها من أراد تفسير القرآن، وهؤلاء هم الحدثيون الذين يريدون أن ينزعوا قدسية القرآن، وقدسية الشريعة عموماً، ويجعلونها تابعة لهوى من يريد أن يفسر، أو من يريد أن يبين هذه الشريعة، وهؤلاء يقولون: إن القرآن ليس حكراً على قوم معينين، فكل من يعرف قراءة القرآن عندهم، يستطيع أن يفسره على حسب المعطيات التي عنده، وليس هناك شيء اسمه خطأ، والصواب في هذا موضوع يطول، لكن أردت أن أنبه على هذا النوع أو هذا الصنف من الناس، وأننا بحاجة إلى أن يرد على هؤلاء، وهؤلاء لا شك أن أفضل رد عليهم يكون من منطقهم هم؛ لأن هؤلاء لا يحتكمون إلى الأصولية التي نحتكم إليها، فلو احتكموا لانتهى الموضوع، لكن هؤلاء يحتكمون إلى أصول أخرى، فلو استطاع أحد من طلبة العلم أو غيرهم للرد على هؤلاء من أصولهم هم، فهذا أقوى وأولى، ولا شك أن هؤلاء لا يطبقون هذه النظرية على العلوم التطبيقية أو التجريبية أو الكونية، لكنه يجيز أن يطبقها على النص الأدبي من نصوص الشعراء وغيرهم، ثم بعد ذلك تسلط على كلام الله سبحانه وتعالى، وزعموا فيه هذا الزعم، فأنا أقول: مجرد إشارة إلى هؤلاء، وقد خرجت لهم كتب وهي موجودة الآن طبعاً وإن كانت عندنا لا تباع، لكنها موجودة وهي تحتاج إلى من يناقشها، ويرد عليها، وأن يكون هناك جماعة يتخصصون في هذا المجال، وهذا موضوع يطول، لكن نكتفي بهذا القدر.

نأتي إلى القضية الأولى، وهي قضية الرجوع إلى تفاسير السابقين، فلو سألنا سؤالاً: من أين نأخذ أصول هذا العلم؟ ومن أين جئنا بما يسمى بأصول التفسير؟ وكيف جاءت هذه الأصول؟

فالجواب: أن عندنا تفاسير للسابقين، فتحصل قراءة واستقراء لهذه التفاسير، ثم من خلال هذا الاستقراء تستنبط هذه الأصول، فلو أن مثلاً قائلاً قال: إن من أصول التفسير: أن نرجع إلى مرويات بني إسرائيل، نقول له: هذا الأصل الذي أرسلته من أين أخذته؟ فإما أن يكون منصوصاً عليه عند السلف، أو عند من يوثق بعلمه ممن جاء بعدهم، وإما أن يكون مستقرأً من تفاسيرهم، فإذاً: أي قضية تنسب إلى أصول التفسير لا بد فيها من أن يكون قد وقع عليها استقراء بحيث أنها خرجت وظهر بارزاً أنها أصل من أصول التفسير.

وهل أحد يمكن أن يخالف أن من أصول التفسير الرجوع إلى تفسير النبي صلى الله عليه وسلم؟

لا يخالف أحد في هذا، فإذاً: يلاحظ أن هذه من الأصول، لكن القضية الثانية قد يخالف فيها مخالفون، بل الأكثر يخالفون في هذا، ولا تعد من أصول التفسير عندهم.

وأيضاً يلاحظ مثلاً: هل من أصول التفسير أن يرجع فيه إلى شخص واحد بأي شيء -سمي هذا الشخص الإمام، أو سمي المعصوم أو أو.. إلى آخره- على أنه أصل من أصول التفسير؟ فأيضاً هذا يحتاج إلى إثبات أن هذا بالفعل أصل من أصول التفسير، لكن الرجوع إلى لغة العرب أصل من أصول التفسير، وسنجد لهذا الأصل طريقين:

الطريق الأول: نص العلماء عليه، وهو مثلما ورد عن مالك ، وسيأتي إن شاء الله عند التفسير باللغة، أو ما ورد عن مجاهد وغيره.

والطريق الثاني: من خلال استقراء تفسير السلف وأنهم رجعوا إلى لغة العرب، فإذاً: هذا الأصل نأخذه بطريق الاستقراء، وكذلك بنص العلماء عليه.


استمع المزيد من صفحة د. مساعد الطيار - عنوان الحلقة اسٌتمع
التعليق على كتاب فصول في أصول التفسير [6] 3139 استماع
التعليق على كتاب فصول في أصول التفسير [5] 2809 استماع
التعليق على كتاب فصول في أصول التفسير [2] 2660 استماع
التعليق على كتاب فصول في أصول التفسير [3] 2658 استماع
التعليق على كتاب فصول في أصول التفسير [4] 1747 استماع