ديوان الإفتاء [244]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه.

أما بعد:

إخوتي وأخواتي! سلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

مرحباً بكم في حلقة جديدة، في هذه الليلة المباركة، ليلة الجمعة التي يستحب فيها الإكثار من الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الذي قال: ( إن من خير أيامكم يوم الجمعة، فأكثروا من الصلاة علي فيه، فإن صلاتكم معروضة علي، قالوا: كيف تعرض عليك صلاتنا وقد أرمت؟ - يعنون بليت- قال: إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء ).

المتصل: لدي عدة أسئلة: السؤال الأول: رجل خطب امرأة من قرابة عامين وأكثر، والخطوبة معلومة برضا أهله وأهلها، وعرفها الناس، فحصل بينهما اتصال محرم، وهو معترف أن هذا الولد ولده، فما هو الحكم في هذا؟

السؤال الثاني: أنا من مواليد عام تسعة وستين، وإلى الآن غير متزوج، وأنا قادر على الزواج مالياً، لكن مرة أريد ومرة لا أريد، فأنا أريد امرأة حين أرجع من العمل تقول لي: يا عبد الله! اتق الله فينا، لا تؤكلنا رباً، لا تؤكلنا حراماً، فما الحكم في عدم الزواج؟

السؤال الثالث: هل يسمع الميت الزوار حين يزورونه، ويدعون له؟

السؤال الرابع: هل يجوز للحائض أن تقرأ القرآن؟

السؤال الخامس: ما حكم الكحل والمعجون في نهار رمضان؟

السؤال السادس: نحن بعدما ننتهي من الصلاة المكتوبة، وبعد الباقيات الصالحات، يقول الإمام: يا لطيف، ويريد من يقرأ الفاتحة، بصوت جماعي، فهل هذا من السنة؟

السؤال السابع: عندنا أناس أغلبهم لا يصلوا، وكلما دعوتهم لا يستجيب أحد، وبعضهم بعيدون عن الدين ولا يستجيبون فماذا أصنع معهم؟

السؤال الثامن: كنت أعمل مع شخص في دكان استيراد، وعندنا أشياء يأتون بها لنا ونحن في الدكان، فأعطاني أحدهم (إسبيراً) من أجل أن أبيعه، فبعته لشخص ثم أرجعه، فغضب صاحب (الإسبير) وترك كل شيء، وأشياؤه الآن في المحل لم يأخذها فما الحكم؟

الشيخ: بالنسبة للإنسان الذي خطب امرأة، وطالت فترة الخطوبة، ثم بعد ذلك حصل -والعياذ بالله- اتصال في الحرام، فحملت منه، فمثل هذه المسائل ينبغي أن يتعرض فيها الإنسان لجملة من الأمور:

الأمر الأول: ينبغي أن نعرف أحكام الخطبة، بأن الخطيب أجنبي، وأن الخطبة مجرد وعد بالزواج، وأنه لا يجوز للخاطب أن يتعامل مع مخطوبته إلا كتعامل الأجنبي مع الأجنبية، وينبغي لكليهما أن يتحفظا في التعامل، وأن يتقيا الله عز وجل، وألا يتجاوزا الحدود الشرعية، والتفريط في هذه الأحكام يؤدي بالناس إلى مثل هذه الأمور المنكرة، التي يندمون عليها حيث لا ينفع الندم.

وأياً ما كان الأمر، فإذا كان هذا الشخص عقد على هذه المرأة، فالعقد صحيح عند بعض أهل العلم، وهذا الحمل ينسب إليه؛ لأن قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( الولد للفراش وللعاهر الحجر )، يحمله بعض أهل العلم على حال التنازع، أي: لو حصل تنازع بين اثنين في نسبة ولد، وكل يدعيه، فإن الولد يحكم به لصاحب الفراش، أما هاهنا فلا تنازع، هو معترف بأبوة هذا الولد، وما نازعه في ذلك أحد، فالولد ينسب إليه، والعلم عند الله تعالى.

الشيخ: أخونا يشكو أنه قد بلغ من العمر أربعين، وأنه غير متزوج؛ لأنه لم يجد المرأة التي ترضيه ديناً وخلقا.

نقول له: يا أخي! يبدو أنك تبالغ، وأن فيك شيئاً من تشدد وتنطع، فإن النساء الصالحات والحمد لله كثيرات وافرات، ومن بحث وجد، ولا نعني بالصالحات أنها كـمريم بنت عمران ، أو آسية بنت مزاحم أو خديجة بنت خويلد أو فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهن، وإنما نعني بالمرأة الصالحة، التي تؤدي ما افترض الله عليها، وتجتنب ما نهى الله عنه، وتتزود من الخيرات ما استطاعت، فهذا هو الصلاح، متحفظة، محتشمة، وقورة، هذه هي المرأة الصالحة، مثلما جاء في تفسير قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه )، ولو أن المرأة انتظرت أن يأتيها الذي يفعل المفروضات، ويتزود بالنوافل والمستحبات، ويجتنب المحرمات والمكروهات والشبهات، وهو صادق أمين، بر شجاع، زاهد متواضع، حليم صفوح، إلى غير ذلك من الصفات فلن تجد، فإن الكمال عزيز، وأي إنسان فيه من العيوب والنقائص ما الله به عليم؛ ولذلك يا محمد! يا ابن عبد الباري! بارك الله فيك!

أولاً: سل الله أن يرزقك الزوجة الصالحة، التي تقر بها عينك، وأكثر من الدعاء: رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا [الفرقان:74].

ثانياً: لا تضع من الشروط ما لا يمكن أن يكون في الوجود، بل ارض بما قسم الله لك.

وهذا ينطبق على كثير من المسائل، فمثلاً: لو قرأت كلام أئمتنا الأعلام عليهم رحمة ربنا، في شروط الإمام الذي يتولى حكم المسلمين، ربما لا تجد هذه الشروط تتوافر في أحد من العالمين الآن، فقد ذكروا بأنه يكون مسلماً، بالغاً، عاقلاً، حراً، ذكراً، عالماً بالأحكام الشرعية، لا يحتاج إلى غيره في تقريرها، خبيراً بحماية الثغور، لا تأخذه رقة في إقامة الحدود وضرب الرقاب، وأن يكون ممن يصلح للقضاء، وغير ذلك، وهذه لا تكاد تجتمع في شخص واحد، وقل مثل ذلك في الشروط التي وضعوها للاجتهاد، فإنها لا تكاد تجتمع في شخص واحد، لكن قاربوا وسددوا.

السؤال: هل الميت يشعر بزيارة الحي أو لا؟

الجواب: الميت يسمع، وقد دلت على ذلك نصوص، منها قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إذا وضع الميت في قبره وتولى عنه مشيعوه، وإنه ليسمع قرع نعالهم )، وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم لـعمر : ( ما أنت بأسمع لما أقول منهم، غير أنهم لا يستطيعون الجواب ).

أما الآيات التي فيها أن من في القبور لا يسمعون، كقول الله عز وجل: إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ [النمل:80]، وكقول الله عز وجل وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ [فاطر:22]، فهذه يراد بها ضرب المثل للكفار في عدم انتفاعهم بما يسمعون، فالميت يسمع، لكنه لا ينتفع بهذا السماع، ولا يستطيع أن يرد جواباً، ولا أن يخبر بما عنده، فكذلك الكافر وصفه الله عز وجل بأنه أصم، وأنه أبكم، وأنه أعمى، وأنهم كالأنعام، بل هم أضل سبيلاً؛ لأنهم لا ينتفعون بهذه الحواس التي وهبهم الله إياها كما قال سبحانه: وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ [الأعراف:179].

السؤال: سواكن تسأل عن حكم قراءة الحائض للقرآن؟

الجواب: لا حرج على الحائض أن تقرأ القرآن؛ لأن نبينا عليه الصلاة والسلام ما منعها من ذلك، وإنما تمتنع من مس المصحف.

الشيخ: وأما الكحل والمعجون في الصيام فلا حرج في استعمالهما، أما الكحل فلم يصح الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في منع الصائم منه.

وأما المعجون فهو كالسواك، فهو داخل في عموم النصوص الآمرة بالسواك، وداخل في قول عامر بن ربيعة : ( رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لا أحصي يستاك وهو صائم )، فلا حرج على الصائم أن يستعمل المعجون، ولا حرج عليه في أن يكتحل.

الشيخ: بشير يذكر أن الإمام بعد الباقيات الصالحات يدعو، والناس يؤمّنون، بعدما يأتي بذكر يقوله والمصلون يقولون: يا لطيف! يا لطيف! يا لطيف؟!

نقول: يا بشير! كلاهما ليس من السنة، فليس من السنة أن يردد الإمام والناس معه: يا لطيف! يا لطيف! وليس من السنة أن يدعو الإمام والناس يؤمنون، بل السنة أن يدعو كل امرئ لنفسه؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال لـمعاذ رضي الله عنه: ( يا معاذ! والله إني لأحبك، فلا تدعن دبر كل صلاة أن تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ).

الشيخ: وأما جيرانك الذين لا يصلون فمطلوب منك في معاملتهم أمران اثنان:

الأمر الأول: أن تكثر من الدعاء بأن يهديهم الله، وأن يبصرهم، وأن يأخذ بنواصيهم إلى الخير.

ثانياً: لا تمل من دعوتهم، ادعهم، وواصل في دعوتهم، والله عز وجل يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم، ودونك ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي مكث يدعو إلى الله عز وجل سنين عدداً، وبعض الناس ما أسلم إلا في آخر أيامه عليه الصلاة والسلام، فمثلاً: عكرمة بن أبي جهل رضي الله عنه، ظل يحارب الله ورسوله، وما أسلم إلا بعد فتح مكة، بعدما هرب، فجاء إلى المدينة فأعلن إسلامه، وقل مثل ذلك في صفوان بن أمية ، وقبلهما خالد بن الوليد و عمرو بن العاص ، فما أسلما إلا قبل الفتح، لكنهما مكثا حيناً من الدهر يحاربان الله ورسوله، حتى هداهما الله عز وجل؛ ولذلك يا أخي! لا تيأس، ادعهم، وادع الله لهم، وفي النهاية: إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالمُهْتَدِينَ[القصص:56].

المتصل: لدي عدة أسئلة: السؤال الأول: صحابي جليل قاتل حتى قتل وهو يقول:

ركضاً إلى الله بغير زاد إلا التقى وعمل المعاد

وهذا سؤال مسابقة، فهل الاستفتاء لمعرفته حرام؟

الشيخ: المقصود من المسابقة أنك ترجعين إلى الكتب، كتب التراجم، وكتب السيرة، من أجل أن تعرفي، لكن على كل حال، خير إن شاء الله، السؤال أيضاً من وسائل طلب العلم، وأجيبك إن شاء الله.

السؤال الثاني: بخصوص صلاة الرجل في المسجد، إذا كان المسجد قريباً من البيت، فهل يجب عليه في الصلاة المفروضة أن يصليها في المسجد أم يجوز له أن يصليها في البيت؟

السؤال الثالث: بخصوص الصدقة، فمثلاً إذا حصل لشخص أمر سار، وأحب أن يتصدق على الصغار، ونحن نسميها كرامة، فهل هناك أفضلية بين أن يذبح الخروف ويوزعه لحماً للفقراء والمساكين، أو يوزع قيمة الخروف نقداً، هل هناك أفضلية بين الاثنين؟

السؤال الرابع: سجدة التلاوة وسجدة الشكر، فإذا مثلاً أنا أقرأ القرآن في البيت بالملابس العادية غير مغطية لشعري، وأنا وحدي في البيت، ومرت علي سجدة تلاوة، فهل يجب علي أن ألبس لباسي للصلاة، وأسجد سجدة التلاوة، أم أسجد بالحالة التي أنا عليها، ونفس الأمر بالنسبة لسجدة الشكر، فهل أسجد بنفس اللباس الذي أنا عليه، أم ألبس لباسي للصلاة؟

السؤال الخامس: لنا أخت في البيت متزوجة وقد اختلفت مع زوجها اختلافاً بسيطاً فقالت له: خذني إلى البيت، ثم رفضت أن ترجع حتى يأتي يعتذر لها.

وقد نصحناها في أن ترجع ولكنها رافضة أن ترجع، وأصرت على أن يأتي ويعتذر بسبب شجار حصل بينهما فأرجو نصحها؟

السؤال السادس: عندي ست بقرات، فذهبت بها إلى صديقي الذي عنده خمسون بقرة فوضعها عنده، فهل عليّ زكاة؟

الشيخ: أبدأ بسؤال أخينا محمد عمر من الجزيرة.

نقول له: يا أخي الكريم! ينبغي أن يعلم الأزواج جميعاً أن الحياة الزوجية لا تخلو من مشكلات، فما خلق الله زوجين إلا وبينهما أحياناً شيء من إشكال، إما سوء تفاهم، وإما أن يخطئ الزوج، وإما أن تخطئ الزوجة، وإما أن يقصر أحدهما في حق الآخر، وإما أن يحصل شيء من الأشياء، والحياة الزوجية من أجل أن تمضي سفينتها بسلام لا بد أن يعود كل منا نفسه على أن يهضم حقه، وأن يتنازل، وأن يعفو ويصفح، وليس في هذا انتقاص من رجولة الزوج، ولا من كرامة الزوجة، وإنما هذه الحياة الزوجية الطبيعية في البيت الإسلامي السعيد، ونحن نحفظ قول نبينا صلى الله عليه وسلم: ( ما ظلم عبد مظلمة فعفا إلا زاده الله بها عزاً )، وقال عليه الصلاة والسلام ( ألا أخبركم بأهل الجنة، فذكر من بينهم المرأة التي إذا غاضبها زوجها، جاءت فوضعت يدها في يده، وقالت: والله لا أذوق غمضاً حتى ترضى )، فليس من الصواب ما يربى عليه الناس، من أن الزوجة صاحبة الشخصية هي التي تدابر زوجها، وتقاطعه حتى يأتيها صاغراً ذليلاً، ويعتذر إليها، ويطلب عفوها وصفحها، وحبذا لو كان ذلك أمام الأهل والجيران؛ من أجل أن تثبت أنها السيدة، وليس صواباً أيضاً ما يربى عليه بعض الرجال بأن الرجل القوي هو الذي يكون في بيته آمراً، ناهياً، زاجراً، جهوري الصوت، لا يرى إلا عابساً، لا يضحك، ولا يمازح. وإنما أكمل حياة وأفضلها وأبركها حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي كان ضحوكاً، بساماً، وكان في بيته يلاعب أهله ويداعبهم، ويدخل السرور عليهم، ويعطيهم من وقته، وبعد ذلك هو صلى الله عليه وسلم يحصل بينه وبين أزواجه شيء من خلاف، لكنه يعالج هذا كله بالحكمة، وبالرفق، وباللين، صلوات ربي وسلامه عليه.

وكذلك المرأة الصالحة زينب بنت جحش رضي الله عنها، وكانت هي التي تسامي أمنا عائشة ، يعني: تنافسها في المكانة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وبنت عمته أميمه بنت عبد المطلب ، لما ماتت زينب ، وكانت أول الأزواج لحوقاً بالنبي عليه الصلاة والسلام، ماتت بعد النبي صلى الله عليه وسلم بست سنوات، فهذه المرأة الطيبة المباركة تقول أمنا عائشة عنها: ما رأيت أتقى لله، ولا أوصل للرحم، ولا أبذل لما في يده من زينب بنت جحش سوى سورة من غضب، وكانت تسرع منها الفيئة، يعني كانت غضوبة رضي الله عنها، لكنها كانت سريعة الفيئة.

فيا محمد! أخبر أختك بارك الله فيها! أن تترك هذا التشديد والتعسير للأمور، وأنه لا بد أن يأتي الزوج فيعتذر، فليس هذا من دين الله في شيء، بل كلما كان المرء هيناً، ليناً، صفوحاً، حليماً، زاده الله عزاً، ورفع قدره وأعلى منزلته، فليس صواباً يا أمة الله! أن تقولي: أنا لن أرجع إليه إلا إذا جاء إلى البيت معتذراً، وطلب مني الصفح والمغفرة.

وأنا أذكرك بقول الله عز وجل: أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ [النور:22]، من أحب أن يغفر الله له فليغفر لإخوانه، من أحبت أن يغفر الله لها فلتغفر لزوجها، ومن أحب أن يغفر الله له فليغفر لزوجته، وهكذا من أجل أن تمضي الحياة سهلة يسيرة إن شاء الله.

السؤال: تسأل عن صلاة الرجل، هل تكون في المسجد، أو يرخص له أن يصلي في البيت؟

الجواب: بالنسبة للصلوات المكتوبات، فلا ينبغي للرجل المسلم أن يصليها إلا مع جماعة المسلمين في المسجد؛ لأن الله عز وجل قال: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ * رِجَالٌ [النور:36-37]، فوصف ربنا جل جلاله هؤلاء الرجال بصفات أربع وهي: بأنهم لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله، وأنهم مقيمون للصلاة، مؤتون للزكاة، وأنهم يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار، ووعدهم بالجزاء الأوفى.

والنبي صلى الله عليه وسلم همّ بأن يحرق البيوت التي فيها أولئك الرجال الذين لا يأتون إلى المسجد، لولا ما فيها من النساء والذرية، وكما قال ابن مسعود رضي الله عنه: ( يا أيها الناس! من سره أن يلقى الله تعالى غداً مسلما، فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن، فإن الله تعالى قد شرع لنبيكم صلى الله عليه وسلم سنن الهدى، وإنهن من سنن الهدى، ولو صليتم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم، ولقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان يؤتى بالرجل يهادى - أي يتمايل - بين الرجلين حتى يقام في الصف )، فلذلك لا يرخص للرجل أن يصلي في بيته، إلا إذا كان به عذر من مرض، أو تمريض، أو مطر، أو وحل، أو عدو، من إنسي، أو وحش مفترس، أو مثلاً: إذا كان بيته في مكان مخوف يخشى على أهله وماله لو أنه خرج إلى المسجد، ونحو ذلك من الأعذار، أما غير ذلك فلا.

السؤال: لو أن الإنسان حصلت له نعمة، نجح ولده، أو بنى بيته، أو اشترى سيارة، ويريد أن يشكر نعمة الله بالصدقة، هل الأفضل أن يأتي بخروف يذبحه، ويوزعه لحما، أو الأفضل أن يتصدق بالقيمة نقداً؟

الجواب: نقول: أفضل الصدقة أنفعها، فالإنسان ينظر فيما هو أنفع للناس، فإذا كان الأنفع أن يأتي باللحم فيوزعه هو، فطيب، إذا عرف أن ذلك يدخل السرور على الناس من الفقراء والمساكين، أو حتى من الجيران، ولو لم يكونوا فقراء فهذا طيب.

ولو رأى -مثلاً-: أنه لو جاء إنسان عنده إيجار بيت، وهو معرض للطرد، فسددت لهذا الشخص أجرة شهر، فهذا أنفع وأطيب وأبرك، وما ضره ألا يأكل اللحم، لكن ضرر عظيم لو أنه صار في الشارع، فليس هناك مكان يؤويه، ويستر عورته، فأقصد من ذلك يا أم حنين! أن الإنسان ينظر فيما هو أنفع للناس، ونسأل الله القبول.