خطب ومحاضرات
شرح سنن النسائي كتاب الطهارة [10]
الحلقة مفرغة
شرح حديث قيس بن عاصم أنه أسلم فأمره النبي أن يغتسل بماء وسدر
أخبرنا عمرو بن علي حدثنا يحيى حدثنا سفيان عن الأغر - وهو ابن الصباح - عن خليفة بن حصين عن قيس بن عاصم رضي الله عنه: (أنه أسلم فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يغتسل بماء وسدر) ].
هذا الحديث فيه اغتسال الكافر، فالنبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يغتسل، وقد اختلف العلماء في حكم غسل الكافر هل هو واجب أو مستحب، فالجمهور على أنه مستحب.
وفي هذا الحديث أنه أمره النبي أن يغتسل، لكن صرف الأمر عن الوجوب أنه أسلم يوم فتح مكة جمع غفير، ولم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالغسل، فدل على أن هذا الغسل مستحب.
وذهب أحمد وجماعة على أنه للوجوب.
وسواء تقدم الغسل على الإسلام أو تأخر، فقد جاء هذا وهذا، يعني: أنه إذا أسلم يغتسل، أو يغتسل ثم يسلم، وجاء في اللفظ الآخر: (ألق عنك شعر الكفر وأسلم) ، وفي هذا استحباب حلق الشعر.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ ذكر ما يوجب الغسل وما لا يوجبه، غسل الكافر إذا أسلم.
أخبرنا عمرو بن علي حدثنا يحيى حدثنا سفيان عن الأغر - وهو ابن الصباح - عن خليفة بن حصين عن قيس بن عاصم رضي الله عنه: (أنه أسلم فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يغتسل بماء وسدر) ].
هذا الحديث فيه اغتسال الكافر، فالنبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يغتسل، وقد اختلف العلماء في حكم غسل الكافر هل هو واجب أو مستحب، فالجمهور على أنه مستحب.
وفي هذا الحديث أنه أمره النبي أن يغتسل، لكن صرف الأمر عن الوجوب أنه أسلم يوم فتح مكة جمع غفير، ولم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالغسل، فدل على أن هذا الغسل مستحب.
وذهب أحمد وجماعة على أنه للوجوب.
وسواء تقدم الغسل على الإسلام أو تأخر، فقد جاء هذا وهذا، يعني: أنه إذا أسلم يغتسل، أو يغتسل ثم يسلم، وجاء في اللفظ الآخر: (ألق عنك شعر الكفر وأسلم) ، وفي هذا استحباب حلق الشعر.
شرح حديث قصة إسلام ثمامة بن أثال
أخبرنا قتيبة قال: حدثنا الليث عن سعيد بن أبي سعيد أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول: (إن
هذا الحديث رواه البخاري في صحيحه، وهو حديث ثمامة بن أثال وكان سيد بني حنيفة، أراد أن يذهب ليعتمر وهو على شركه وعلى طريقة المشركين، فأخذه فرسان النبي صلى الله عليه وسلم، فجاءوا به إلى المدينة، فأمر به النبي صلى الله عليه وسلم فربط في سارية من سواري المسجد ثلاثة أيام؛ وإنما ربط لأجل أن يرى المسلمين ويشاهد الصلاة، ويشاهد المسلمين عند دخولهم وخروجهم.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم في كل يوم يمر عليه -كما في صحيح البخاري - يقول: (ما عندك يا
يعني: إن أنعمت علي فأنا شاكر أقدر المعروف، وإن تقتل تقتل رجلاً عظيماً له مكانته في مجتمعه، وإن كنت تريد المال فاسأل ما بدا لك.
فكان النبي صلى الله عليه وسلم يتركه، ثم يأتيه من الغد فيقول مثل ذلك: (ما عندك يا
فتوسم فيه النبي صلى الله عليه وسلم أنه رغب في الإسلام، فقال: (أطلقوا
وهذا الحديث فيه أنه اغتسل هو، وأنه لم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالاغتسال فاغتسل قبل أن يسلم، ثم قال: (يا رسول الله! ما كان على وجه الأرض وجه أبغض إلي من وجهك - يعني: قبل أن يسلم - فوجهك الآن أحب الوجوه إلي) .
وفي صحيح البخاري زيادة: (وما كان دين على وجه الأرض أبغض إلي من دينك، فالآن دينك أحب الأديان إلي، وما كان بلد أبغض إلي من بلدك، فبلدك الآن أحب البلاد إلي) .
فانظر إلى الإسلام كيف غيره في ساعة واحدة، وكيف غير وجهه وغير ما في قلبه في لحظة وفي ساعة واحدة، فقد كان أبغض الوجوه إليه وجه النبي صلى الله عليه وسلم، فصار أحب الوجوه إليه، وكانت أبغض البلاد إليه بلد النبي صلى الله عليه وسلم، فصارت أحب البلاد إليه، وكان أبغض الأديان إليه دين الإسلام فصار أحب الأديان إليه.
قوله: (فانطلق إلى نجل) روي بالجيم ورواية بالخاء، والنجل هو: الماء الجاري القليل. (ثم قال: يا رسول الله ! إن خيلك أخذتني وأنا أريد العمرة، فبشره النبي صلى الله عليه وسلم وأمره أن يعتمر) .
وهذا فيه دليل على أن الكافر إذا أسلم ونوى شيئاً من الخير عليه أن ينفذه.
ومن ذلك أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : (يا رسول الله! إني نذرت أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام في الجاهلية، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أوف بنذرك) فوفى بنذره الذي كان قد نذره في الجاهلية.
وفي البخاري أن ثمامة بن أثال لما ذهب إلى مكة قالوا له: صبوت يا ثمامة ! خرجت من دينك، وجعلوا يذمونه، فقال: لا، بل أسلمت لله رب العالمين، والله لا تأتينكم حبة من اليمامة حتى يأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذا حصار اقتصادي؛ لأن أهل مكة ليس عندهم حبوب ولا أرض يزرعون فيها، وإنما عندهم جبال تحيط بهم، فقال لهم: إذا أنتم تسبونه وتعيبونه فلن تأتيكم حبوب إلا إذا أذن فيها النبي صلى الله عليه وسلم.
والشاهد من الحديث: أنه اغتسل قبل أن يسلم.
وفي الحديث الآخر: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يغتسل) ، وأما هنا ففيه أنه اغتسل بدون أمر النبي صلى الله عليه وسلم، وليس فيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمره، وفيه أنه اغتسل قبل أن يسلم.
وهذا يدل على أن الغسل ليس بواجب؛ لأنه لو كان واجباً لقال له: اغتسل، لكن ليس فيه أن النبي عارض ذلك، وليس فيه أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إني سأسلم، بل هو من نفسه ذهب واغتسل ثم جاء وتشهد شهادة الحق، وشهد لله بالوحدانية ولنبيه بالرسالة.
والنبي صلى الله عليه وسلم ربطه ثلاثة أيام في المدينة، وهذا ممنوع في مكة، وهذا من المفارقات بين مكة والمدينة، فمكة لا يدخلها كافر، كما قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا [التوبة:28].
وأما في المدينة فقد ربط النبي صلى الله عليه وسلم ثمامة بن أثال ، وجاءت الوفود أيضاً في سنة الوفود، وكان الوفود كلهم كفاراً، ومع هذا جاءوا ودخلوا المدينة وأسلموا، وأيضاً نصارى نجران جاءوا المدينة ودخلوا المدينة، فمنع الكافر إنما هو خاص بمكة والمسجد الحرم، كما قال تعالى: إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا [التوبة:28].
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ تقديم غسل الكافر إذا أراد أن يسلم.
أخبرنا قتيبة قال: حدثنا الليث عن سعيد بن أبي سعيد أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول: (إن
هذا الحديث رواه البخاري في صحيحه، وهو حديث ثمامة بن أثال وكان سيد بني حنيفة، أراد أن يذهب ليعتمر وهو على شركه وعلى طريقة المشركين، فأخذه فرسان النبي صلى الله عليه وسلم، فجاءوا به إلى المدينة، فأمر به النبي صلى الله عليه وسلم فربط في سارية من سواري المسجد ثلاثة أيام؛ وإنما ربط لأجل أن يرى المسلمين ويشاهد الصلاة، ويشاهد المسلمين عند دخولهم وخروجهم.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم في كل يوم يمر عليه -كما في صحيح البخاري - يقول: (ما عندك يا
يعني: إن أنعمت علي فأنا شاكر أقدر المعروف، وإن تقتل تقتل رجلاً عظيماً له مكانته في مجتمعه، وإن كنت تريد المال فاسأل ما بدا لك.
فكان النبي صلى الله عليه وسلم يتركه، ثم يأتيه من الغد فيقول مثل ذلك: (ما عندك يا
فتوسم فيه النبي صلى الله عليه وسلم أنه رغب في الإسلام، فقال: (أطلقوا
وهذا الحديث فيه أنه اغتسل هو، وأنه لم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالاغتسال فاغتسل قبل أن يسلم، ثم قال: (يا رسول الله! ما كان على وجه الأرض وجه أبغض إلي من وجهك - يعني: قبل أن يسلم - فوجهك الآن أحب الوجوه إلي) .
وفي صحيح البخاري زيادة: (وما كان دين على وجه الأرض أبغض إلي من دينك، فالآن دينك أحب الأديان إلي، وما كان بلد أبغض إلي من بلدك، فبلدك الآن أحب البلاد إلي) .
فانظر إلى الإسلام كيف غيره في ساعة واحدة، وكيف غير وجهه وغير ما في قلبه في لحظة وفي ساعة واحدة، فقد كان أبغض الوجوه إليه وجه النبي صلى الله عليه وسلم، فصار أحب الوجوه إليه، وكانت أبغض البلاد إليه بلد النبي صلى الله عليه وسلم، فصارت أحب البلاد إليه، وكان أبغض الأديان إليه دين الإسلام فصار أحب الأديان إليه.
قوله: (فانطلق إلى نجل) روي بالجيم ورواية بالخاء، والنجل هو: الماء الجاري القليل. (ثم قال: يا رسول الله ! إن خيلك أخذتني وأنا أريد العمرة، فبشره النبي صلى الله عليه وسلم وأمره أن يعتمر) .
وهذا فيه دليل على أن الكافر إذا أسلم ونوى شيئاً من الخير عليه أن ينفذه.
ومن ذلك أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : (يا رسول الله! إني نذرت أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام في الجاهلية، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أوف بنذرك) فوفى بنذره الذي كان قد نذره في الجاهلية.
وفي البخاري أن ثمامة بن أثال لما ذهب إلى مكة قالوا له: صبوت يا ثمامة ! خرجت من دينك، وجعلوا يذمونه، فقال: لا، بل أسلمت لله رب العالمين، والله لا تأتينكم حبة من اليمامة حتى يأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذا حصار اقتصادي؛ لأن أهل مكة ليس عندهم حبوب ولا أرض يزرعون فيها، وإنما عندهم جبال تحيط بهم، فقال لهم: إذا أنتم تسبونه وتعيبونه فلن تأتيكم حبوب إلا إذا أذن فيها النبي صلى الله عليه وسلم.
والشاهد من الحديث: أنه اغتسل قبل أن يسلم.
وفي الحديث الآخر: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يغتسل) ، وأما هنا ففيه أنه اغتسل بدون أمر النبي صلى الله عليه وسلم، وليس فيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمره، وفيه أنه اغتسل قبل أن يسلم.
وهذا يدل على أن الغسل ليس بواجب؛ لأنه لو كان واجباً لقال له: اغتسل، لكن ليس فيه أن النبي عارض ذلك، وليس فيه أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إني سأسلم، بل هو من نفسه ذهب واغتسل ثم جاء وتشهد شهادة الحق، وشهد لله بالوحدانية ولنبيه بالرسالة.
والنبي صلى الله عليه وسلم ربطه ثلاثة أيام في المدينة، وهذا ممنوع في مكة، وهذا من المفارقات بين مكة والمدينة، فمكة لا يدخلها كافر، كما قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا [التوبة:28].
وأما في المدينة فقد ربط النبي صلى الله عليه وسلم ثمامة بن أثال ، وجاءت الوفود أيضاً في سنة الوفود، وكان الوفود كلهم كفاراً، ومع هذا جاءوا ودخلوا المدينة وأسلموا، وأيضاً نصارى نجران جاءوا المدينة ودخلوا المدينة، فمنع الكافر إنما هو خاص بمكة والمسجد الحرم، كما قال تعالى: إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا [التوبة:28].
شرح حديث علي (إن أبا طالب مات ...)
أخبرنا محمد بن المثنى عن محمد حدثني شعبة عن أبي إسحاق قال: سمعت ناجية بن كعب عن علي رضي الله عنه: (أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن
ابن إسحاق في السنن الكبرى عنعن، لكنه هنا صرح بالسماع، فزال ما يخشى من تدليسه.
وهذا الحديث فيه دليل على مشروعية الاغتسال من مواراة المشرك ودفنه، فالمشرك يوارى، والمسلم يدفن على ما جاء به الشرع: يغسل ويصلى عليه ويدفن في اللحد.
أما الكافر فإنه يحفر له حفرة ويوارى فيها؛ حتى لا يتأذى المسلمون برائحته ولا يتأذى به أهله برؤيته؛ لأن الكافر لا حرمة له، ولهذا قال : (إن
وقوله: (إن عمك الشيخ الضال مات) فيه دليل على أن أبا طالب مات على الشرك، وفيه الرد على الرافضة الذين يقولون بإسلامه، فإن الرافضة يقولون: إن أبا طالب مسلم، ويزورونه، فهم مثله، نسأل الله السلامة والعافية.
ومما يؤيد أنه مات مشركاً ما ثبت في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم حضر أبا طالب لما حضرته الوفاة، فقال: (يا عم! قل: لا إله إلا الله، كلمة أحاج لك بها عند الله، وعنده
والصحيح: أنه مات على الشرك، نسأل الله السلامة والعافية.
ولله في ذلك الحكمة البالغة، ومن الحكم: أن يعلم الناس أن النبي صلى الله عليه وسلم بشر، وأنه ليس بيده شيء من هداية القلوب، بل هداية القلوب بيد الله، ولو كان يستطيع أن يهدي أحداً لهدى عمه الذي يأويه وينصره، ولهذا صار يقال: النبي عليه الصلاة والسلام ما هدى عمه، كما أن إبراهيم ما هدى أباه، وكذلك نوح ما هدى ابنه، فالهداية بيد الله.
وهذا الحديث فيه دليل على استحباب الغسل من مواراة المشرك ودفن المسلم، والحكمة في ذلك - والله أعلم - أن المسلم إذا دفن قريبه أو واراه إذا كان مشركاً يحصل له بعض الضعف؛ فشرع الغسل ليكون جبراً لما حصل له من الضعف؛ لأن الغسل يفيده النشاط وإزالة الضعف الذي حصل من مواراته لقريب مشرك، كما أنه يستحب الاغتسال من غسل الميت إذا غسله، وليس بواجب؛ لأنه إذا غسل ميتاً أو قلبه حصل له بعض الضعف، فشرع الغسل؛ ليفيده النشاط وليكون جبراً لهذا الضعف.
وغسل الميت لا يوجب الوضوء، وليس من النواقض، وقد ذكر الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله أنه من نواقض الوضوء.
والصواب أن غسل الميت لا يوجب الوضوء؛ لأن الحديث ضعيف في هذا. وكذلك مس المرأة بشهوة الصواب أنه لا ينقض الوضوء، وهذه ذكرها الحنابلة في النواقض، فإنهم قالوا: نواقض الوضوء ثمانية، وذكروا منها: مس المرأة بشهوة، ومس الفرج باليد قبلاً كان أو دبراً، وهذا صحيح، وأما مس المرأة بشهوة فالصواب أنه لا ينقض الوضوء إلا إذا خرج منه شيء، وكذلك غسل الميت لا ينقض الوضوء.
والقيء إذا كان قليلاً يعفى عنه، أما إذا كان كثيراً فإنه ينبغي أن يتوضأ؛ لأن العلماء حكموا عليه بالنجاسة إذا كان كثيراً.
وأما لحم الإبل فيجب الوضوء منه كله حتى ولو كان نيئاً غير مطبوخ، ولو لم تمسه النار، وهذا خاص بلحم الإبل.
والأمر بالغسل من غسل الميت يدل على الاستحباب؛ لأنه وقعت قضايا أخرى وما أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالاغتسال، فيكون هذا صارفاً للأمر إلى الاستحباب.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ الغسل من مواراة المشرك.
أخبرنا محمد بن المثنى عن محمد حدثني شعبة عن أبي إسحاق قال: سمعت ناجية بن كعب عن علي رضي الله عنه: (أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن
ابن إسحاق في السنن الكبرى عنعن، لكنه هنا صرح بالسماع، فزال ما يخشى من تدليسه.
وهذا الحديث فيه دليل على مشروعية الاغتسال من مواراة المشرك ودفنه، فالمشرك يوارى، والمسلم يدفن على ما جاء به الشرع: يغسل ويصلى عليه ويدفن في اللحد.
أما الكافر فإنه يحفر له حفرة ويوارى فيها؛ حتى لا يتأذى المسلمون برائحته ولا يتأذى به أهله برؤيته؛ لأن الكافر لا حرمة له، ولهذا قال : (إن
وقوله: (إن عمك الشيخ الضال مات) فيه دليل على أن أبا طالب مات على الشرك، وفيه الرد على الرافضة الذين يقولون بإسلامه، فإن الرافضة يقولون: إن أبا طالب مسلم، ويزورونه، فهم مثله، نسأل الله السلامة والعافية.
ومما يؤيد أنه مات مشركاً ما ثبت في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم حضر أبا طالب لما حضرته الوفاة، فقال: (يا عم! قل: لا إله إلا الله، كلمة أحاج لك بها عند الله، وعنده
والصحيح: أنه مات على الشرك، نسأل الله السلامة والعافية.
ولله في ذلك الحكمة البالغة، ومن الحكم: أن يعلم الناس أن النبي صلى الله عليه وسلم بشر، وأنه ليس بيده شيء من هداية القلوب، بل هداية القلوب بيد الله، ولو كان يستطيع أن يهدي أحداً لهدى عمه الذي يأويه وينصره، ولهذا صار يقال: النبي عليه الصلاة والسلام ما هدى عمه، كما أن إبراهيم ما هدى أباه، وكذلك نوح ما هدى ابنه، فالهداية بيد الله.
وهذا الحديث فيه دليل على استحباب الغسل من مواراة المشرك ودفن المسلم، والحكمة في ذلك - والله أعلم - أن المسلم إذا دفن قريبه أو واراه إذا كان مشركاً يحصل له بعض الضعف؛ فشرع الغسل ليكون جبراً لما حصل له من الضعف؛ لأن الغسل يفيده النشاط وإزالة الضعف الذي حصل من مواراته لقريب مشرك، كما أنه يستحب الاغتسال من غسل الميت إذا غسله، وليس بواجب؛ لأنه إذا غسل ميتاً أو قلبه حصل له بعض الضعف، فشرع الغسل؛ ليفيده النشاط وليكون جبراً لهذا الضعف.
وغسل الميت لا يوجب الوضوء، وليس من النواقض، وقد ذكر الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله أنه من نواقض الوضوء.
والصواب أن غسل الميت لا يوجب الوضوء؛ لأن الحديث ضعيف في هذا. وكذلك مس المرأة بشهوة الصواب أنه لا ينقض الوضوء، وهذه ذكرها الحنابلة في النواقض، فإنهم قالوا: نواقض الوضوء ثمانية، وذكروا منها: مس المرأة بشهوة، ومس الفرج باليد قبلاً كان أو دبراً، وهذا صحيح، وأما مس المرأة بشهوة فالصواب أنه لا ينقض الوضوء إلا إذا خرج منه شيء، وكذلك غسل الميت لا ينقض الوضوء.
والقيء إذا كان قليلاً يعفى عنه، أما إذا كان كثيراً فإنه ينبغي أن يتوضأ؛ لأن العلماء حكموا عليه بالنجاسة إذا كان كثيراً.
وأما لحم الإبل فيجب الوضوء منه كله حتى ولو كان نيئاً غير مطبوخ، ولو لم تمسه النار، وهذا خاص بلحم الإبل.
والأمر بالغسل من غسل الميت يدل على الاستحباب؛ لأنه وقعت قضايا أخرى وما أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالاغتسال، فيكون هذا صارفاً للأمر إلى الاستحباب.
شرح حديث: (إذا جلس بين شعبها الأربع ثم اجتهد...)
أخبرنا محمد بن عبد الأعلى حدثنا خالد حدثنا شعبة عن قتادة قال: سمعت الحسن يحدث عن أبي رافع عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا جلس بين شعبها الأربع ثم اجتهد فقد وجب الغسل) .
أخبرنا إبراهيم بن يعقوب بن إسحاق الجوزجاني حدثني عبد الله بن يوسف حدثنا عيسى بن يونس حدثنا أشعث بن عبد الملك عن ابن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا قعد بين شعبها الأربع ثم اجتهد فقد وجب الغسل) .
قال أبو عبد الرحمن: هذا خطأ، والصواب: أشعث عن الحسن عن أبي هريرة ، وقد روى الحديث عن شعبة النضر بن شميل وغيره كما رواه خالد ].
هذه الأحاديث دليل لما ترجم له المؤلف رحمه الله، وهو أن الغسل يجب من التقاء الختانين، فإذا التقى الختانان فإنه يجب الغسل، ففي صحيح مسلم : (إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل وإن لم ينزل) .
وكان في أول الإسلام لا يجب الغسل إلا إذا أنزل، وإذا جامع ولم يمذ فإنه يغسل ذكره ويتوضأ، ثم نسخ ذلك واستقرت الشريعة على أن الغسل يجب من التقاء الختانين، فإذا غيب الحشفة في الفرج فإنه يجب الغسل، والحشفة هي: طرف الذكر، فإذا غيبها يجب الغسل ولو لم ينزل، وإذا أنزل فإنه يجب الغسل أيضاً بالإنزال حتى ولو بغير الجماع.
وقوله: (وإذا جلس بين شعبها الأربع) يعني: شعب المرأة، وهي يداها ورجلاها أو فخذاها على خلاف بين العلماء، وذكر هذا فيه كناية عن الجماع.
وقوله: (فقد وجب الغسل) في صحيح مسلم : (وإن لم ينزل) فدل على أن الغسل يجب بالتقاء الختانين، وقد يخفى هذا على بعض الناس، ومن العجائب أن بعض الناس يسأل ويقول: أظن أنه لا يجب الغسل إلا من الإنزال، ويجامع وإذا لم ينزل لا يغتسل، فهذا من العجائب!
وقول المؤلف رحمه الله: (وهذا خطأ) يعني: أن السند الثاني خطأ، والصواب السند الأول، وأنه من رواية خالد عن شعبة عن قتادة عن الحسن عن أبي رافع عن أبي هريرة رضي الله عنه.
وقوله: عن الحسن عن أبي هريرة لعله سقطت كلمة ( أبي رافع )؛ لأن الحسن لم يسمع من أبي هريرة .
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب وجوب الغسل إذا التقى الختانان.
أخبرنا محمد بن عبد الأعلى حدثنا خالد حدثنا شعبة عن قتادة قال: سمعت الحسن يحدث عن أبي رافع عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا جلس بين شعبها الأربع ثم اجتهد فقد وجب الغسل) .
أخبرنا إبراهيم بن يعقوب بن إسحاق الجوزجاني حدثني عبد الله بن يوسف حدثنا عيسى بن يونس حدثنا أشعث بن عبد الملك عن ابن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا قعد بين شعبها الأربع ثم اجتهد فقد وجب الغسل) .
قال أبو عبد الرحمن: هذا خطأ، والصواب: أشعث عن الحسن عن أبي هريرة ، وقد روى الحديث عن شعبة النضر بن شميل وغيره كما رواه خالد ].
هذه الأحاديث دليل لما ترجم له المؤلف رحمه الله، وهو أن الغسل يجب من التقاء الختانين، فإذا التقى الختانان فإنه يجب الغسل، ففي صحيح مسلم : (إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل وإن لم ينزل) .
وكان في أول الإسلام لا يجب الغسل إلا إذا أنزل، وإذا جامع ولم يمذ فإنه يغسل ذكره ويتوضأ، ثم نسخ ذلك واستقرت الشريعة على أن الغسل يجب من التقاء الختانين، فإذا غيب الحشفة في الفرج فإنه يجب الغسل، والحشفة هي: طرف الذكر، فإذا غيبها يجب الغسل ولو لم ينزل، وإذا أنزل فإنه يجب الغسل أيضاً بالإنزال حتى ولو بغير الجماع.
وقوله: (وإذا جلس بين شعبها الأربع) يعني: شعب المرأة، وهي يداها ورجلاها أو فخذاها على خلاف بين العلماء، وذكر هذا فيه كناية عن الجماع.
وقوله: (فقد وجب الغسل) في صحيح مسلم : (وإن لم ينزل) فدل على أن الغسل يجب بالتقاء الختانين، وقد يخفى هذا على بعض الناس، ومن العجائب أن بعض الناس يسأل ويقول: أظن أنه لا يجب الغسل إلا من الإنزال، ويجامع وإذا لم ينزل لا يغتسل، فهذا من العجائب!
وقول المؤلف رحمه الله: (وهذا خطأ) يعني: أن السند الثاني خطأ، والصواب السند الأول، وأنه من رواية خالد عن شعبة عن قتادة عن الحسن عن أبي رافع عن أبي هريرة رضي الله عنه.
وقوله: عن الحسن عن أبي هريرة لعله سقطت كلمة ( أبي رافع )؛ لأن الحسن لم يسمع من أبي هريرة .
استمع المزيد من الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
شرح سنن النسائي كتاب الطهارة [20] | 2944 استماع |
شرح سنن النسائي كتاب الطهارة [4] | 2577 استماع |
شرح سنن النسائي كتاب الطهارة [18] | 2409 استماع |
شرح سنن النسائي كتاب الطهارة [22] | 2214 استماع |
شرح سنن النسائي كتاب الطهارة [9] | 2204 استماع |
شرح سنن النسائي كتاب الطهارة [11] | 1930 استماع |
شرح سنن النسائي كتاب الطهارة [21] | 1909 استماع |
شرح سنن النسائي كتاب الطهارة [7] | 1838 استماع |
شرح سنن النسائي كتاب الطهارة [2] | 1795 استماع |
شرح سنن النسائي كتاب الطهارة [19] | 1667 استماع |