شرح سنن النسائي كتاب الطهارة [18]


الحلقة مفرغة

شرح حديث: (إن الماء لا ينجسه شيءٌ)

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ كتاب المياه:

قال الله عز وجل: وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا [الفرقان:48].

وقال عز وجل: وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ [الأنفال:11]، وقال تعالى: فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا [النساء:43].

أخبرنا سويد بن نصر قال: حدثنا عبد الله بن المبارك عن سفيان عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس (أن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اغتسلت من الجنابة، فتوضأ النبي صلى الله عليه وسلم بفضلها، فذكرت ذلك له فقال: إن الماء لا ينجسه شيء) ].

هذا كتاب المياه، بين المؤلف رحمه الله فيه تأويل قول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا [المائدة:6]، فما الماء الذي يتطهر به؟

الجواب: هو الماء الذي تطهر، وهو الطهور الباقي على خلقته، كماء البحار والأنهار والعيون والآبار والأمطار، هذا هو الماء الطهور الباقي على خلقته، فماء الأمطار وماء البحار والأنهار والآبار ماء طهور، قال سبحانه: وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ [الأنفال:11]، وقال سبحانه: فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا [النساء:43].

والماء الطهور أيضاً: هو الماء المطلق الذي لم يخالطه شيء غيره يسلب عنه اسم الماء.

ثم ذكر حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اغتسلت من الجنابة، فتوضأ النبي صلى الله عليه وسلم من فضلها، فذكرت ذلك له، فقال: (إن الماء لا يجنب لا ينجسه شيء).

والحديث يروي فيه سماك عن عكرمة ؛ ورواية سماك عن عكرمة فيها اضطراب إذا عنعن، لكن الحديث له شواهد تؤيده.

والآيات التي ذكرت في أول الباب تدل على أن الأصل في الماء الطهارة.

وجاء في حديث آخر: (أنه اغتسل بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في جفنة، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم واغتسل منها، فقالت: إني كنت جنباً، فقال: إن الماء لا يجنب).

وجاء في الحديث الآخر: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اغتسل بفضل ميمونة).

أما ما جاء من النهي عن الوضوء بفضل المرأة فهو محمول على التنزيه إذا لم يوجد غيره في أصح قولي العلماء، وهذا هو الصواب، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة، أنه اغتسل هو وبعض أزواجه من إناء واحد يغترفان جميعاً، وإذا اغترفت صار الماء بعدها فضلاً، ومع ذلك كان يغترف منه عليه الصلاة والسلام، فالأصل في الماء الطهورية إلا إذا تغير بمادة أخرى أو اختلطت به مادة أخرى سلبت عنه اسم الماء.

وقوله: (إن الماء لا ينجسه شيء) يعني: ما دام باقياً على أصله، إلا إذا تغير بالنجاسة أو تغير بمادة أخرى سلبت عنه اسم الماء، كأن يختلط به لبن كثير فيكون لبناً، أو صب عليه زعفران فيكون زعفراناً، أو حبر يسلب عنه اسم الماء، أو يكون الماء ليس بماء مطلق، كعصير بعض الفواكه، فهذا لا يسمى ماء مطلقاً ولو كان صافياً، وإنما هو ماء عصير.

وإذا تغير بغير ممازج - كطحلب وما أشبه ذلك - فلا يضر؛ لأن هذا شيء طاهر، ومثله ما يسقط من أوراق الأشجار.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ كتاب المياه:

قال الله عز وجل: وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا [الفرقان:48].

وقال عز وجل: وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ [الأنفال:11]، وقال تعالى: فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا [النساء:43].

أخبرنا سويد بن نصر قال: حدثنا عبد الله بن المبارك عن سفيان عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس (أن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اغتسلت من الجنابة، فتوضأ النبي صلى الله عليه وسلم بفضلها، فذكرت ذلك له فقال: إن الماء لا ينجسه شيء) ].

هذا كتاب المياه، بين المؤلف رحمه الله فيه تأويل قول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا [المائدة:6]، فما الماء الذي يتطهر به؟

الجواب: هو الماء الذي تطهر، وهو الطهور الباقي على خلقته، كماء البحار والأنهار والعيون والآبار والأمطار، هذا هو الماء الطهور الباقي على خلقته، فماء الأمطار وماء البحار والأنهار والآبار ماء طهور، قال سبحانه: وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ [الأنفال:11]، وقال سبحانه: فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا [النساء:43].

والماء الطهور أيضاً: هو الماء المطلق الذي لم يخالطه شيء غيره يسلب عنه اسم الماء.

ثم ذكر حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اغتسلت من الجنابة، فتوضأ النبي صلى الله عليه وسلم من فضلها، فذكرت ذلك له، فقال: (إن الماء لا يجنب لا ينجسه شيء).

والحديث يروي فيه سماك عن عكرمة ؛ ورواية سماك عن عكرمة فيها اضطراب إذا عنعن، لكن الحديث له شواهد تؤيده.

والآيات التي ذكرت في أول الباب تدل على أن الأصل في الماء الطهارة.

وجاء في حديث آخر: (أنه اغتسل بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في جفنة، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم واغتسل منها، فقالت: إني كنت جنباً، فقال: إن الماء لا يجنب).

وجاء في الحديث الآخر: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اغتسل بفضل ميمونة).

أما ما جاء من النهي عن الوضوء بفضل المرأة فهو محمول على التنزيه إذا لم يوجد غيره في أصح قولي العلماء، وهذا هو الصواب، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة، أنه اغتسل هو وبعض أزواجه من إناء واحد يغترفان جميعاً، وإذا اغترفت صار الماء بعدها فضلاً، ومع ذلك كان يغترف منه عليه الصلاة والسلام، فالأصل في الماء الطهورية إلا إذا تغير بمادة أخرى أو اختلطت به مادة أخرى سلبت عنه اسم الماء.

وقوله: (إن الماء لا ينجسه شيء) يعني: ما دام باقياً على أصله، إلا إذا تغير بالنجاسة أو تغير بمادة أخرى سلبت عنه اسم الماء، كأن يختلط به لبن كثير فيكون لبناً، أو صب عليه زعفران فيكون زعفراناً، أو حبر يسلب عنه اسم الماء، أو يكون الماء ليس بماء مطلق، كعصير بعض الفواكه، فهذا لا يسمى ماء مطلقاً ولو كان صافياً، وإنما هو ماء عصير.

وإذا تغير بغير ممازج - كطحلب وما أشبه ذلك - فلا يضر؛ لأن هذا شيء طاهر، ومثله ما يسقط من أوراق الأشجار.

شرح حديث أبي سعيد في بئر بضاعة

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب ذكر بئر بضاعة.

أخبرني هارون بن عبد الله قال: حدثنا أبو أسامة قال: حدثنا الوليد بن كثير قال: حدثنا محمد بن كعب القرظي عن عبيد الله بن عبد الرحمن بن رافع عن أبي سعيد الخدري قال: قيل: (يا رسول الله! أتتوضأ من بئر بضاعة وهي بئر يطرح فيها لحوم الكلاب والحيض والنتن؟ فقال: الماء طهور لا ينجسه شيء).

أخبرنا العباس بن عبد العظيم قال: حدثنا عبد الملك بن عمرو قال: حدثنا عبد العزيز بن مسلم - وكان من العابدين - عن مطرف بن طريف عن خالد بن أبي نوف عن سليط عن ابن أبي سعيد الخدري عن أبيه قال: (مررت بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو يتوضأ من بئر بضاعة، فقلت: أتتوضأ منها وهي يطرح فيها ما يكره من النتن؟! فقال: الماء لا ينجسه شيء) ].

هذا الحديث هو حديث بئر بضاعة المشهور، وهو حديث أبي سعيد الخدري.

وقوله عليه الصلاة والسلام: (الماء طهور لا ينجسه شيء) يعني: أن هذا هو الأصل في الماء، إلا إذا تغير بنجاسة، وبئر بضاعة فيها ماء كثير، وقد حزرها بعضهم وجعل فيها حبلاً يقيس به الماء طولاً وعرضاً، ففيها ماء كثير أكثر من قلتين، وكانت في مكان منخفض، وكان تأتي الرياح والسيول وتلقي فيها هذه الأشياء، وهي لحوم الكلاب والحيض والنتن، وليس المراد أن الصحابة كانوا يلقون فيها هذه الأشياء، فالصحابة أعلى قدراً من أن يفعلوا هذا، ولكن قال بعضهم: يمكن أن يفعل هذا بعض المنافقين.

والمقصود: أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عنها فقال: (الماء طهور لا ينجسه شيء) فما دام باقياً على خلقته فلم تغير النجاسة فيه لوناً ولا طعماً ولا ريحاً فالأصل الطهارة.

وقد احتج به المحققون على أنه يلغي مفهوم حديث القلتين كما سيأتي.

وهذا الحديث لا بأس بسنده، وقد أخرجه أبو داود وكذا الترمذي، وهو حجة في أن الأصل في الماء الطهارة، وأنه لا يعدل عنه إلا إذا تغير بالنجاسة، فهذه البئر كانت تلقي فيها السيول والرياح هذه الأشياء، ولكن الماء فيها كثير لا يتأثر ولا يتغير، فلهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الماء طهور لا ينجسه شيء).

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب ذكر بئر بضاعة.

أخبرني هارون بن عبد الله قال: حدثنا أبو أسامة قال: حدثنا الوليد بن كثير قال: حدثنا محمد بن كعب القرظي عن عبيد الله بن عبد الرحمن بن رافع عن أبي سعيد الخدري قال: قيل: (يا رسول الله! أتتوضأ من بئر بضاعة وهي بئر يطرح فيها لحوم الكلاب والحيض والنتن؟ فقال: الماء طهور لا ينجسه شيء).

أخبرنا العباس بن عبد العظيم قال: حدثنا عبد الملك بن عمرو قال: حدثنا عبد العزيز بن مسلم - وكان من العابدين - عن مطرف بن طريف عن خالد بن أبي نوف عن سليط عن ابن أبي سعيد الخدري عن أبيه قال: (مررت بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو يتوضأ من بئر بضاعة، فقلت: أتتوضأ منها وهي يطرح فيها ما يكره من النتن؟! فقال: الماء لا ينجسه شيء) ].

هذا الحديث هو حديث بئر بضاعة المشهور، وهو حديث أبي سعيد الخدري.

وقوله عليه الصلاة والسلام: (الماء طهور لا ينجسه شيء) يعني: أن هذا هو الأصل في الماء، إلا إذا تغير بنجاسة، وبئر بضاعة فيها ماء كثير، وقد حزرها بعضهم وجعل فيها حبلاً يقيس به الماء طولاً وعرضاً، ففيها ماء كثير أكثر من قلتين، وكانت في مكان منخفض، وكان تأتي الرياح والسيول وتلقي فيها هذه الأشياء، وهي لحوم الكلاب والحيض والنتن، وليس المراد أن الصحابة كانوا يلقون فيها هذه الأشياء، فالصحابة أعلى قدراً من أن يفعلوا هذا، ولكن قال بعضهم: يمكن أن يفعل هذا بعض المنافقين.

والمقصود: أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عنها فقال: (الماء طهور لا ينجسه شيء) فما دام باقياً على خلقته فلم تغير النجاسة فيه لوناً ولا طعماً ولا ريحاً فالأصل الطهارة.

وقد احتج به المحققون على أنه يلغي مفهوم حديث القلتين كما سيأتي.

وهذا الحديث لا بأس بسنده، وقد أخرجه أبو داود وكذا الترمذي، وهو حجة في أن الأصل في الماء الطهارة، وأنه لا يعدل عنه إلا إذا تغير بالنجاسة، فهذه البئر كانت تلقي فيها السيول والرياح هذه الأشياء، ولكن الماء فيها كثير لا يتأثر ولا يتغير، فلهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الماء طهور لا ينجسه شيء).

شرح حديث: (إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث)

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب التوقيت في الماء.

أخبرنا الحسين بن حريث المروزي حدثنا أبو أسامة عن الوليد بن كثير عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال: (سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الماء وما ينوبه من الدواب والسباع؟ فقال: إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث) ].

هذا الحديث يسمى حديث القلتين، وهو حديث ابن عمر، وهو مشهور بحديث القلتين، وفي سنده الوليد بن كثير ، قال فيه الحافظ في التقريب: مقبول. والمقبول إنما يحتج به في المتابعات لا في الأصول، لكن الحديث له طرق تشهد له، فهو حديث لا بأس بسنده على الصحيح، وقد اختلف العلماء في تصحيحه وتضعيفه، والصواب أنه حديث صحيح، لا بأس بسنده، واحتج به الجمهور والكثير من الفقهاء على التوقيت في الماء، كما بوب المؤلف رحمه الله، فيعتبر حداً فاصلاً بين القليل والكثير، فما بلغ قلتين فهو كثير، وما كان دون القلتين فهو قليل، وعملوا بمفهومه ومنطوقه، فقالوا: إن منطوق الحديث أنه إذا كان الماء قلتين فإنه لا ينجس بملاقاة النجاسة إلا إذا تغير طعمه أو لونه أو ريحه، أما إذا كان أقل من القلتين فإنه ينجس بمجرد الملاقاة، ولو لم يتغير. فجعلوا هذا حداً فاصلاً.

والقلة قريبة من قربتين ونصف، فتكون القلتان خمس قرب، فإذا بلغ الماء خمس قرب فإنه لا يتأثر بنجاسة ما لم يتغير طعمه أو لونه أو ريحه، أما إذا كان أقل من القلتين فإنه ينجس ولو لم يتغير، عملاً بالمنطوق والمفهوم.

وذهب جمع من المحققين إلى أن مفهوم هذا الحديث ملغى معطل، والذي ألغاه حديث أبي سعيد في بئر بضاعة، وهو (الماء طهور لا ينجسه شيء)، فلا ينجس الماء مطلقاً، قليلاً كان أو كثيراً، إلا إذا تغير أحد أوصافه.

وقد ذهب إلى هذا جمع من المحققين، كشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم ، وتبعهما الشيخ عبد العزيز بن باز رحمة الله عليه، والشيخ عبد الرحمن السعدي ، والشيخ محمد بن عثيمين رحمهم الله، فذهبوا إلى هذا القول، وهو أن الماء - قليلاً كان أو كثيراً - لا ينجس إلا إذا تغير أحد أوصافه، عملاً بحديث أبي سعيد ، وأما حديث القلتين فإن مفهومه أنه إذا كان أقل من القلتين فإنه ينجس، وهذا المفهوم ألغاه منطوق حديث أبي سعيد (الماء طهور لا ينجسه شيء)، فلا يعمل بمفهوم حديث القلتين، وإنما يعمل بالمفهوم إذا لم يعارضه غيره، وهذا عارضه حديث أبي سعيد ، ما لم يكن الماء قليلاً في الأواني؛ فإنه يراق؛ لما جاء في بعض ألفاظ حديث ولوغ الكلب: (فليرقه)، فإذا كان الماء قليلاً في الأواني الصغار فإنه يراق، أما ما زاد على ذلك فلا.

والمسلم ينبغي له أن يتأمل وينظر إذا وقعت في الماء الذي دون القلتين النجاسة؛ لأنه قد يتغير وهو لا يشعر بها، فإذا وقع فيه نجاسة فليتأمل ولينظر، فإن غيرت أحد أوصافه فهو نجس، وإلا فهو طاهر.

شرح حديث أنس في بول الأعرابي في المسجد

قال المؤلف رحمه الله تعالى:

[ أخبرنا قتيبة قال: حدثنا حماد عن ثابت عن أنس : (أن أعرابياً بال في المسجد فقام إليه بعض القوم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تزرموه. فلما فرغ دعا بدلو من ماء فصبه عليه).

أخبرنا عبد الرحمن بن إبراهيم عن محمد بن عبد الواحد عن الأوزاعي عن عمرو بن الوليد عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن أبي هريرة قال: (قام أعرابي فبال في المسجد فتناوله الناس، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعوه وأهريقوا على بوله دلواً من ماء، فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين) ].

هذا الحديث يسمى حديث الأعرابي، وقد أخرجه الشيخان، فهو حديث صحيح.

وفيه دليل على أن النجاسة يصب عليها الماء إذا كانت على الأرض، ولا يحتاج إلى نزع التراب، بل يكتفى بصب الماء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر بإخراج التراب، ومثله الفرش، فإذا أصابته النجاسة يصب عليها الماء، ويكون حكمها حكم التراب، لكن النجاسة تحرك وتقلب إذا كانت ثقيلة، وإذا كانت قليلة يعصر الفرش ويفرك، هذا إذا كانت النجاسة ليس لها جرم، أما إذا كان لها جرم كالعذرة فلا بد من نقل الجرم، ثم يصب الماء على الأثر.

وفيه حسن خلق النبي صلى الله عليه وسلم وتعليمه، فينبغي للدعاة أن يقتدوا ويتأسوا به - بأبي هو وأمي - عليه الصلاة والسلام، قال الله تعالى في كتابه المبين: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب:21].

فهذا الأعرابي جاهل لا يعلم، جاء من البادية لا يفهم شيئاً، فدخل المسجد ثم رفع ثوبه وجلس يبول، فلما رآه الصحابة زجروه ونهروه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تزرموه) أي: لا تقطعوا عليه بوله. فأشار إليهم أن يتركوه، وقال عليه الصلاة والسلام: (إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين)، فالشدة والعنف يؤديان إلى مفاسد، والصحابة رضوان الله عليهم حرصوا على الخير وحرصوا على تنزيه المسجد فبادروا بالإنكار عليه، لكن النبي صلى الله عليه وسلم نظر إلى العاقبة، وسلك مسلك الحكمة، فرأى أنهم إذا نهروه ثم قام حصلت مفاسد، منها: أن البول سيصير عند قيامه في أماكن متعددة من المسجد، فبدل أن يكون في مكان واحد معروف يكون في أمكنة متعددة، وقد لا يعرف مكان بعضها.

ومنها: أنه سيلطخ ثوبه وفخذيه بالبول.

ومنها: أن قطع البول عليه قد يؤدي إلى ضرر صحي.

ومنها: التنفير من الإسلام، فينفر من الإسلام، ويكره الذين أنكروا عليه، وقد يهرب.

كل هذه المفاسد تلافاها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (دعوه، لا تزرموه).

ثم قال عليه الصلاة والسلام: (أهريقوا على بوله دلواً من ماء)، وفي لفظ: (سجلاً من ماء)، فأمر بدلو من ماء فصب مكانه وانتهى الأمر بسهولة، وتلافى هذه المفاسد التي كانت ستحصل وقال: (إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين) يعني: إنما بعثتم بالعمل بهذا الدين الذي فيه اليسر وعدم الشدة، أي: بعث نبيكم بهذا وأنتم تعملون بالشرع.

ثم بعد ذلك دعاه النبي صلى الله عليه وسلم برفق ولين، وأخبر بأن هذه المساجد إنما بنيت لذكر الله والصلاة، ولا تصلح لشيء من البول والقذر.

فلما رأى صفة خُلقُه عليه الصلاة والسلام انقاد واستجاب، ثم قال: (اللهم ارحمني ومحمداً، ولا ترحم معنا أحدا) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لقد حجرت واسعاً).

وفي هذا الحديث أنه يصب على نجاسة البول الماء، وفي حديث القلتين بيان إذا وقعت النجاسة على الماء.

وقد اختلف العلماء أيضاً في الجمع بينه وبين حديث القلتين، فقال بعضهم: إن حديث القلتين فيه ورود النجاسة على الماء، وحديث الأعرابي فيه ورود الماء على النجاسة، فقال: إن هناك فرقاً بين ورود النجاسة على الماء وورود الماء على النجاسة، فإذا وردت النجاسة على الماء فإنه ينجس إذا كان دون القلتين، أما إذا ورد الماء على النجاسة فلا ينجس، كما في حديث الأعرابي؛ لأن المعلوم أن الدلو أقل من القلتين، وصب على النجاسة، ومع ذلك ما تنجس الماء، فلو تنجس الماء لما طهرت النجاسة.

لكن هذا التفريق ليس بجيد، وهو دليل على أن الماء - ولو كان قليلاً - لا ينجس إلا بالتغير.

ولتطهير الماء المتنجس طرق، فمنها: نزح النجاسة، فإذا نزحت منه وزال تغيره طهر.

ومنها: المكاثرة، فإذا أضيف إليه الماء الطهور وزالت النجاسة أي: لونها وطعمها وريحها فلا بأس.

ومنها: أن تضاف إليه مواد أخرى، مثل مياه المجاري الآن، فقد يضاف إليها مواد أخرى فيزول طعم النجاسة ولونها ورائحتها، فيعود الماء طهوراً مرة أخرى.

وفي إسناد الحديث الثاني قال النسائي : [ عن محمد بن عبد الواحد عن الأوزاعي عن عمرو بن الوليد ] وهذا إسناد فيه خطأ، والصواب: عمر بن عبد الواحد عن الأوزاعي عن محمد بن الوليد ، كما هو في السنن الكبرى.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب التوقيت في الماء.

أخبرنا الحسين بن حريث المروزي حدثنا أبو أسامة عن الوليد بن كثير عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال: (سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الماء وما ينوبه من الدواب والسباع؟ فقال: إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث) ].

هذا الحديث يسمى حديث القلتين، وهو حديث ابن عمر، وهو مشهور بحديث القلتين، وفي سنده الوليد بن كثير ، قال فيه الحافظ في التقريب: مقبول. والمقبول إنما يحتج به في المتابعات لا في الأصول، لكن الحديث له طرق تشهد له، فهو حديث لا بأس بسنده على الصحيح، وقد اختلف العلماء في تصحيحه وتضعيفه، والصواب أنه حديث صحيح، لا بأس بسنده، واحتج به الجمهور والكثير من الفقهاء على التوقيت في الماء، كما بوب المؤلف رحمه الله، فيعتبر حداً فاصلاً بين القليل والكثير، فما بلغ قلتين فهو كثير، وما كان دون القلتين فهو قليل، وعملوا بمفهومه ومنطوقه، فقالوا: إن منطوق الحديث أنه إذا كان الماء قلتين فإنه لا ينجس بملاقاة النجاسة إلا إذا تغير طعمه أو لونه أو ريحه، أما إذا كان أقل من القلتين فإنه ينجس بمجرد الملاقاة، ولو لم يتغير. فجعلوا هذا حداً فاصلاً.

والقلة قريبة من قربتين ونصف، فتكون القلتان خمس قرب، فإذا بلغ الماء خمس قرب فإنه لا يتأثر بنجاسة ما لم يتغير طعمه أو لونه أو ريحه، أما إذا كان أقل من القلتين فإنه ينجس ولو لم يتغير، عملاً بالمنطوق والمفهوم.

وذهب جمع من المحققين إلى أن مفهوم هذا الحديث ملغى معطل، والذي ألغاه حديث أبي سعيد في بئر بضاعة، وهو (الماء طهور لا ينجسه شيء)، فلا ينجس الماء مطلقاً، قليلاً كان أو كثيراً، إلا إذا تغير أحد أوصافه.

وقد ذهب إلى هذا جمع من المحققين، كشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم ، وتبعهما الشيخ عبد العزيز بن باز رحمة الله عليه، والشيخ عبد الرحمن السعدي ، والشيخ محمد بن عثيمين رحمهم الله، فذهبوا إلى هذا القول، وهو أن الماء - قليلاً كان أو كثيراً - لا ينجس إلا إذا تغير أحد أوصافه، عملاً بحديث أبي سعيد ، وأما حديث القلتين فإن مفهومه أنه إذا كان أقل من القلتين فإنه ينجس، وهذا المفهوم ألغاه منطوق حديث أبي سعيد (الماء طهور لا ينجسه شيء)، فلا يعمل بمفهوم حديث القلتين، وإنما يعمل بالمفهوم إذا لم يعارضه غيره، وهذا عارضه حديث أبي سعيد ، ما لم يكن الماء قليلاً في الأواني؛ فإنه يراق؛ لما جاء في بعض ألفاظ حديث ولوغ الكلب: (فليرقه)، فإذا كان الماء قليلاً في الأواني الصغار فإنه يراق، أما ما زاد على ذلك فلا.

والمسلم ينبغي له أن يتأمل وينظر إذا وقعت في الماء الذي دون القلتين النجاسة؛ لأنه قد يتغير وهو لا يشعر بها، فإذا وقع فيه نجاسة فليتأمل ولينظر، فإن غيرت أحد أوصافه فهو نجس، وإلا فهو طاهر.

قال المؤلف رحمه الله تعالى:

[ أخبرنا قتيبة قال: حدثنا حماد عن ثابت عن أنس : (أن أعرابياً بال في المسجد فقام إليه بعض القوم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تزرموه. فلما فرغ دعا بدلو من ماء فصبه عليه).

أخبرنا عبد الرحمن بن إبراهيم عن محمد بن عبد الواحد عن الأوزاعي عن عمرو بن الوليد عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن أبي هريرة قال: (قام أعرابي فبال في المسجد فتناوله الناس، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعوه وأهريقوا على بوله دلواً من ماء، فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين) ].

هذا الحديث يسمى حديث الأعرابي، وقد أخرجه الشيخان، فهو حديث صحيح.

وفيه دليل على أن النجاسة يصب عليها الماء إذا كانت على الأرض، ولا يحتاج إلى نزع التراب، بل يكتفى بصب الماء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر بإخراج التراب، ومثله الفرش، فإذا أصابته النجاسة يصب عليها الماء، ويكون حكمها حكم التراب، لكن النجاسة تحرك وتقلب إذا كانت ثقيلة، وإذا كانت قليلة يعصر الفرش ويفرك، هذا إذا كانت النجاسة ليس لها جرم، أما إذا كان لها جرم كالعذرة فلا بد من نقل الجرم، ثم يصب الماء على الأثر.

وفيه حسن خلق النبي صلى الله عليه وسلم وتعليمه، فينبغي للدعاة أن يقتدوا ويتأسوا به - بأبي هو وأمي - عليه الصلاة والسلام، قال الله تعالى في كتابه المبين: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب:21].

فهذا الأعرابي جاهل لا يعلم، جاء من البادية لا يفهم شيئاً، فدخل المسجد ثم رفع ثوبه وجلس يبول، فلما رآه الصحابة زجروه ونهروه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تزرموه) أي: لا تقطعوا عليه بوله. فأشار إليهم أن يتركوه، وقال عليه الصلاة والسلام: (إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين)، فالشدة والعنف يؤديان إلى مفاسد، والصحابة رضوان الله عليهم حرصوا على الخير وحرصوا على تنزيه المسجد فبادروا بالإنكار عليه، لكن النبي صلى الله عليه وسلم نظر إلى العاقبة، وسلك مسلك الحكمة، فرأى أنهم إذا نهروه ثم قام حصلت مفاسد، منها: أن البول سيصير عند قيامه في أماكن متعددة من المسجد، فبدل أن يكون في مكان واحد معروف يكون في أمكنة متعددة، وقد لا يعرف مكان بعضها.

ومنها: أنه سيلطخ ثوبه وفخذيه بالبول.

ومنها: أن قطع البول عليه قد يؤدي إلى ضرر صحي.

ومنها: التنفير من الإسلام، فينفر من الإسلام، ويكره الذين أنكروا عليه، وقد يهرب.

كل هذه المفاسد تلافاها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (دعوه، لا تزرموه).

ثم قال عليه الصلاة والسلام: (أهريقوا على بوله دلواً من ماء)، وفي لفظ: (سجلاً من ماء)، فأمر بدلو من ماء فصب مكانه وانتهى الأمر بسهولة، وتلافى هذه المفاسد التي كانت ستحصل وقال: (إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين) يعني: إنما بعثتم بالعمل بهذا الدين الذي فيه اليسر وعدم الشدة، أي: بعث نبيكم بهذا وأنتم تعملون بالشرع.

ثم بعد ذلك دعاه النبي صلى الله عليه وسلم برفق ولين، وأخبر بأن هذه المساجد إنما بنيت لذكر الله والصلاة، ولا تصلح لشيء من البول والقذر.

فلما رأى صفة خُلقُه عليه الصلاة والسلام انقاد واستجاب، ثم قال: (اللهم ارحمني ومحمداً، ولا ترحم معنا أحدا) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لقد حجرت واسعاً).

وفي هذا الحديث أنه يصب على نجاسة البول الماء، وفي حديث القلتين بيان إذا وقعت النجاسة على الماء.

وقد اختلف العلماء أيضاً في الجمع بينه وبين حديث القلتين، فقال بعضهم: إن حديث القلتين فيه ورود النجاسة على الماء، وحديث الأعرابي فيه ورود الماء على النجاسة، فقال: إن هناك فرقاً بين ورود النجاسة على الماء وورود الماء على النجاسة، فإذا وردت النجاسة على الماء فإنه ينجس إذا كان دون القلتين، أما إذا ورد الماء على النجاسة فلا ينجس، كما في حديث الأعرابي؛ لأن المعلوم أن الدلو أقل من القلتين، وصب على النجاسة، ومع ذلك ما تنجس الماء، فلو تنجس الماء لما طهرت النجاسة.

لكن هذا التفريق ليس بجيد، وهو دليل على أن الماء - ولو كان قليلاً - لا ينجس إلا بالتغير.

ولتطهير الماء المتنجس طرق، فمنها: نزح النجاسة، فإذا نزحت منه وزال تغيره طهر.

ومنها: المكاثرة، فإذا أضيف إليه الماء الطهور وزالت النجاسة أي: لونها وطعمها وريحها فلا بأس.

ومنها: أن تضاف إليه مواد أخرى، مثل مياه المجاري الآن، فقد يضاف إليها مواد أخرى فيزول طعم النجاسة ولونها ورائحتها، فيعود الماء طهوراً مرة أخرى.

وفي إسناد الحديث الثاني قال النسائي : [ عن محمد بن عبد الواحد عن الأوزاعي عن عمرو بن الوليد ] وهذا إسناد فيه خطأ، والصواب: عمر بن عبد الواحد عن الأوزاعي عن محمد بن الوليد ، كما هو في السنن الكبرى.

شرح حديث: (لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب)

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ النهي عن اغتسال الجنب في الماء الدائم.

أخبرنا الحارث بن مسكين قراءة عليه وأنا أسمع، عن ابن وهب عن عمرو - وهو ابن الحارث - عن بكير أن أبا السائب حدثه أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب) ].

هذا الحديث فيه النهي عن اغتسال الجنب في الماء الدائم، والنهي للتحريم، وظاهره يقتضي الفساد، فلو اغتسل في الماء الدائم وعليه جنابة فإنه لا يرتفع الحدث؛ الأصل في النهي أنه يقتضي الفساد والتحريم، فلا يجوز للإنسان أن يغتسل في الماء الدائم الراكد الذي لا يجري؛ لأنه يقذره على غيره.

ومفهوم الحديث: أنه لو اغتسل للتبرد فلا حرج، وكذلك إذا كان الماء جارياً؛ لأنه إذا اغتسل تذهب هذه الجرية وتأتي بعدها جرية أخرى.

وحتى من باب النظافة فينبغي للمتبرد أن يغتسل خارج الماء، إلا إذا كان الماء كثيراً.

وإذا أراد المرء أن يكتفي بالانغماس في الماء عن الوضوء، فإنه لابد أن يراعي كيفية الغمس، إذ لابد من الترتيب، فيخرج وجهه أولاً، ثم يخرج يده اليمنى، ثم اليسرى، ثم رأسه ويمسح أذنيه، أو يخرج رأسه، ثم رجله اليمنى ثم رجله اليسرى، فلا بد من غسل الأعضاء مرتبة.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ النهي عن اغتسال الجنب في الماء الدائم.

أخبرنا الحارث بن مسكين قراءة عليه وأنا أسمع، عن ابن وهب عن عمرو - وهو ابن الحارث - عن بكير أن أبا السائب حدثه أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب) ].

هذا الحديث فيه النهي عن اغتسال الجنب في الماء الدائم، والنهي للتحريم، وظاهره يقتضي الفساد، فلو اغتسل في الماء الدائم وعليه جنابة فإنه لا يرتفع الحدث؛ الأصل في النهي أنه يقتضي الفساد والتحريم، فلا يجوز للإنسان أن يغتسل في الماء الدائم الراكد الذي لا يجري؛ لأنه يقذره على غيره.

ومفهوم الحديث: أنه لو اغتسل للتبرد فلا حرج، وكذلك إذا كان الماء جارياً؛ لأنه إذا اغتسل تذهب هذه الجرية وتأتي بعدها جرية أخرى.

وحتى من باب النظافة فينبغي للمتبرد أن يغتسل خارج الماء، إلا إذا كان الماء كثيراً.

وإذا أراد المرء أن يكتفي بالانغماس في الماء عن الوضوء، فإنه لابد أن يراعي كيفية الغمس، إذ لابد من الترتيب، فيخرج وجهه أولاً، ثم يخرج يده اليمنى، ثم اليسرى، ثم رأسه ويمسح أذنيه، أو يخرج رأسه، ثم رجله اليمنى ثم رجله اليسرى، فلا بد من غسل الأعضاء مرتبة.

شرح حديث: (هو الطهور ماؤه الحل ميتته)

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب الوضوء بماء البحر.

أخبرنا قتيبة عن مالك عن صفوان بن سليم عن سعيد بن أبي سلمة أن المغيرة بن أبي بردة أخبره أنه سمع أبا هريرة يقول: سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (يا رسول الله! إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء، فإن توضأنا به عطشنا، أفنتوضأ من ماء البحر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هو الطهور ماؤه الحل ميتته) ].

هذا الحديث فيه أن ماء البحر طهور وميتته حلال.

وفيه من الفوائد: أن المفتي ينبغي له أن يزيد المستفتي الحكم الذي يحتاج إليه، فإن هذا السائل سأل عن حكم ماء البحر، والذي يسأل عن ماء البحر يحتاج إلى معرفة حكم الميتة، فزاده النبي صلى الله عليه وسلم بيان حكم أكل الميتة في البحر، فقال: (هو الطهور ماؤه الحل ميتته).

ووقع في هذا الإسناد ( سعيد بن أبي سلمة ) وهو خطأ، والصواب ( سعيد بن سلمة ) بدون زيادة (أبي)، كما هو في السنن الكبرى.


استمع المزيد من الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح سنن النسائي كتاب الطهارة [20] 2943 استماع
شرح سنن النسائي كتاب الطهارة [4] 2577 استماع
شرح سنن النسائي كتاب الطهارة [22] 2214 استماع
شرح سنن النسائي كتاب الطهارة [9] 2203 استماع
شرح سنن النسائي كتاب الطهارة [10] 1929 استماع
شرح سنن النسائي كتاب الطهارة [11] 1929 استماع
شرح سنن النسائي كتاب الطهارة [21] 1909 استماع
شرح سنن النسائي كتاب الطهارة [7] 1837 استماع
شرح سنن النسائي كتاب الطهارة [2] 1795 استماع
شرح سنن النسائي كتاب الطهارة [19] 1666 استماع