شرح سنن النسائي كتاب الطهارة [11]


الحلقة مفرغة

شرح حديث فاطمة بنت قيس في الاستحاضة

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ ذكر الاغتسال من الحيض.

أخبرنا عمران بن يزيد قال: أخبرنا إسماعيل بن عبد الله العدوي قال: حدثنا الأوزاعي قال: حدثنا يحيى بن سعيد قال: حدثني هشام بن عروة عن عروة عن فاطمة بنت قيس من بني أسد قريش رضي الله عنها: (أنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت أنها تستحاض، فزعمت أنه قال لها: إنما ذلك عرق، فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم ثم صلي) ].

هذا الحديث في المستحاضة المعتادة التي لها عادة، فإنها تجلس عادتها، ثم تغتسل ثم بعد ذلك، وتتحفظ من الدم وتصلي وتصوم.

والمستحاضة لها أحوال:

الحالة الأولى: أن تكون معتادة، يعني: لها عادة تعرفها، فهذه تجلس عادتها، سواء كانت مبتدئة أو غير مبتدئة؛ فتجلس في أول الشهر - مثلاً - ستة أيام أو سبعة أيام، فإذا انتهت العادة فإنها تغتسل وتتحفظ وتصلي ولو كان معها الدم، لكنها تتوضأ لكل صلاة كما سيأتي.

وهذا الحديث فيه دليل على وجوب الغسل على الحائض، وهذا هو سبب الترجمة بذكر الاغتسال من الحيض، فالحائض يجب عليها أن تغتسل إذا انتهت عادتها كالجنب، فكما أن الجنب يجب عليه أن يغتسل فكذلك الحائض، وكذلك النفساء، ولا يجوز لها أن تصلي حتى تغتسل، ويعتبر الحيض حدثاً أكبر كالجنابة.

وقوله: (فزعمت) يعني: قالت؛ فالزعم يأتي بمعنى القول المحقق، ويأتي بمعنى الادعاء الكاذب، كقوله تعالى: زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا [التغابن:7] .

الحالة الثانية: ألا تكون معتادة، أو تنسى عادتها، ولكن لها تمييز، فتعمل بالتمييز، كما سيأتي في الأحاديث، فدم الحيض دم أسود يعرف منتن، ودم الاستحاضة أحمر أو أصفر رقيق، فإذا جاء الدم الأحمر المنتن فإنها تجلس، وإذا جاء الدم الآخر فتغتسل وتصلي.

والحالة الثالثة: ألا تعرف عادتها وليس لها تمييز، فهذه تجلس ستة أيام أو سبعة أيام على عادتها الشهرية من أول كل شهر.

شرح حديث: (إذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة، وإذا أدبرت فاغتسلي)

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا هشام بن عمار قال: حدثنا سهل بن هاشم قال: حدثنا الأوزاعي عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة،وإذا أدبرت فاغتسلي) ].

كل هذا يدل على وجوب الغسل بعد انتهاء مدة الحيض.

شرح حديث أم حبيبة في الاغتسال من الاستحاضة

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا عمران بن يزيد قال: حدثنا إسماعيل بن عبد الله قال: حدثنا الأوزاعي قال: حدثنا الزهري عن عروة وعمرة عن عائشة قالت: (استحيضت أم حبيبة بنت جحش سبع سنين، فاشتكت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن هذه ليست بالحيضة، ولكن هذا عرق، فاغتسلي ثم صلي) ] .

يعني: فاغتسلي بعد انتهاء مدة الحيض؛ لأنها تعرف عادتها، فتجلس على عادتها قبل أن يأتيها الدم المطلق، والنساء تعرف أنه من أول كل شهر أو من وسط الشهر تكون عادتها ستة أيام أو سبعة أيام أو ثمانية أيام على حسب عادتها، ثم تغتسل وتتحفظ وتصلي ولو كان عليها الدم، لكنها تتوضأ لكل صلاة كما سيأتي.

شرح حديث عائشة في استحاضة أم حبيبة

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا الربيع بن سليمان بن داود قال: حدثنا عبد الله بن يوسف قال: حدثنا الهيثم بن حميد قال: أخبرني النعمان والأوزاعي وأبو معيد - وهو حفص بن غيلان - عن الزهري قال: أخبرني عروة بن الزبير وعمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة رضي الله عنها قالت: (استحيضت أم حبيبة بنت جحش امرأة عبد الرحمن بن عوف وهي أخت زينب بنت جحش ، فاستفتت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن هذه ليست بالحيضة، ولكن هذا عرق، فإذا أدبرت الحيضة فاغتسلي وصلي، وإذا أقبلت فاتركي لها الصلاة، قالت عائشة رضي الله عنها: فكانت تغتسل لكل صلاة وتصلي، وكانت تغتسل أحياناً في مركن في حجرة أختها زينب وهي عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى إن حمرة الدم لتعلو الماء، وتخرج فتصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما يمنعها ذلك من الصلاة) ].

استحاضت أم حبيبة، وكذلك زينب أم المؤمنين، وكذلك حمنة ، أي: أن كل بنات جحش استحضن.

وهناك من العلماء من عدّ المستحاضات على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فبلغن تسع مستحاضات.

وهذا الحديث فيه أن الدم كان مطبقاً عليها، وأنه كثير، حتى إنها كانت إذا جلست في مركن تعلو حمرة الدم، والمركن مثل الطست يغسل فيه ثياب.

وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنما ذلك عرق - يعني: هذا الدم المطبق-، فإذا أدبرت الحيضة - يعني: انتهت المدة - فاغتسلي وصلي) ، فكانت تغتسل لكل صلاة، وهذا اجتهاد منها ولم يأمرها النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، وإنما هذا من باب النظافة، والواجب إنما هو الغسل عند انتهاء مدة الحيض، فإذا أدبرت العادة وانتهت بإنها تغتسل، فهذا هو الغسل الواجب، وأما كونها تغتسل لكل صلاة فهذا اجتهاد منها.

وقد جاء في بعض الروايات: أنها تجمع بين الصلاتين كما سيأتي، فتجمع بين الظهر والعصر، وتغتسل لهما غسلاً واحداً، فتؤخر الظهر وتعجل العصر، وكذلك تجمع المغرب مع العشاء، فتؤخر المغرب وتعجل العشاء وتغتسل لهما غسلاً واحداً، وتغتسل للفجر، فكانت تغسل ثلاث مرات: تجمع الظهر والعصر وتغتسل لهما غسلاً واحداً، وتجمع المغرب مع العشاء وتغتسل لهما غسلاً واحداً؛ لأن الاستحاضة نوع من المرض، وتغتسل للفجر.

والحديث فيه أنها كانت تصلي مع النبي ولا يمنعها ذلك، لكن تتلجم وتتحفظ حتى لا تلوث ثيابها وتلوث المسجد، وتتوضأ لكل صلاة؛ لأنها في حدث مستمر.

إسناد آخر لحديث عائشة في استحاضة أم حبيبة

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا محمد بن سلمة قال: حدثنا ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن ابن شهاب عن عروة وعمرة عن عائشة رضي الله عنها: (أن أم حبيبة ختنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحت عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه استحيضت سبع سنين، فاستفتت رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن هذه ليست بالحيضة، ولكن هذا عرق، فاغتسلي وصلي) ].

قوله: (ختنة الرسول) يعني: أخت زوجته، فالختن هو: قريب الزوجة كأخت زوجته. وكانت تحت عبد الرحمن بن عوف، وهي أخت حمنة بنت جحش، وكلهن كن مستحاضات.

فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما ذلك عرق) يعني: هذا الدم المطلق عرق وليس بحيضة، فإذا انتهت مدتها فاغتسلي ثم صلي، وكل هذا يدل على أن المستحاضة إذا كانت معتادة تعمل بالعادة، فتجلس عادتها قبل إطلاق الدم، ثم إذا انتهت العادة اغتسلت الغسل الواجب، ثم بعد ذلك تتحفظ وتتلجم وتتوضأ لكل صلاة، وتصوم وتصلي، ولا تمتنع من الصلاة، ولا تمتنع من زوجها أيضاً؛ لأن هذا ليس بحيض، وإنما تمتنع من زوجها ومن الصلاة في وقت الحيض.

والنسائي رحمه لله هنا أتى بهذه الأحاديث المتعددة على طريقة الإمام مسلم في هذا.

إسناد لحديث عائشة في استحاضة أم حبيبة

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا قتيبة قال: حدثني الليث عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة رضي الله عنه الله عنها قالت: (استفتت أم حبيبة بنت جحش رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله! إني أستحاض، فقال: إنما ذلك عرق فاغتسلي وصلي، فكانت تغتسل لكل صلاة) ].

والخطاب هنا هو لـأم حبيبة ، وقوله: (ذلكِ) بالكسر.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا قتيبة قال: حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن جعفر بن ربيعة عن عراك بن مالك عن عروة عن عائشة رضي الله عنها: (أن أم حبيبة سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدم، قالت عائشة رضي الله عنها رأيت مركنها ملآن دماً، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك، ثم اغتسلي).

أخبرنا قتيبة مرة أخرى ولم يذكر جعفراً ].

وهذا الحديث صريح بأنها تعمل بالعادة، وقوله: (امكثي) أي: مدة ما كانت تحبسك عادتك، يعني: قبل إطلاق الدم فإنها فإذا كانت تحبسها عادتها خمسة أيام، تجلس خمسة أيام، سواء من أول الشهر أو من وسطه، فإذا كانت سبعة أيام فإنها تجلس فيها، ثم تغتسل وتصلي ولو كان عليها الدم، ولكن بعد التحفظ.

شرح حديث أم سلمة (أن امرأة كانت تهراق الدم...)

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا قتيبة عن مالك عن نافع عن سليمان بن يسار عن أم سلمة رضي الله عنها: تعني أن امرأة كانت تهراق الدم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستفتت لها أم سلمة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (لتنظر عدد الليالي والأيام التي كانت تحيض من الشهر قبل أن يصيبها الذي أصابها، فلتترك الصلاة قدر ذلك من الشهر، فإذا خلفت ذلك فلتغتسل، ثم لتستثفر، ثم لتصلي) ].

والصحيح بأنها تجلس عدد الأيام التي كانت تجلسها قبل أن يسقط عليها الدم، فإذا انتهت الأيام فإنها تغتسل وتستثفر، يعني: تتلجم وتتحفظ بأن تضع على فرجها حفائظ، والحفائظ الآن موجودة، وكانت المرأة في الأول تجعل شيئاً من القماش تربطه على فرجها، فبعدما تغتسل تتحفظ وتصلي ولو كان عليها الدم، لكن عليها أن تتوضأ لكل صلاة؛ لأنها على حدث دائم.

والمستحاضة هي مثل من به سلس البول، فلا بد أن يتوضأ لكل صلاة؛ لأنه على حدث دائم، فإذا دخل الوقت تتوضأ، ولا يؤثر بعد ذلك خروج الحدث، لكن لا تتوضأ إلا بعد دخول الوقت.

والمستحاضة لها أن تجمع بين الصلاتين بوضوء واحد؛ لأن الاستحاضة نوع من المرض، كما بينه صلى الله عليه وسلم للتي جاءته تسأله عن الاستحاضة فكانت تؤخر الظهر إلى آخر وقتها، وتعجل العصر في أول وقتها، وهذا جمع صوري، يعني: إذا بقي من وقت الظهر مقدار أربع ركعات صلت الظهر، ثم يدخل وقت العصر فتصلي بعدها العصر، وكذلك صلاة المغرب تؤخرها إلى آخر وقتها قبل مغيب الشفق، وتعجل العشاء.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ ذكر الاغتسال من الحيض.

أخبرنا عمران بن يزيد قال: أخبرنا إسماعيل بن عبد الله العدوي قال: حدثنا الأوزاعي قال: حدثنا يحيى بن سعيد قال: حدثني هشام بن عروة عن عروة عن فاطمة بنت قيس من بني أسد قريش رضي الله عنها: (أنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت أنها تستحاض، فزعمت أنه قال لها: إنما ذلك عرق، فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم ثم صلي) ].

هذا الحديث في المستحاضة المعتادة التي لها عادة، فإنها تجلس عادتها، ثم تغتسل ثم بعد ذلك، وتتحفظ من الدم وتصلي وتصوم.

والمستحاضة لها أحوال:

الحالة الأولى: أن تكون معتادة، يعني: لها عادة تعرفها، فهذه تجلس عادتها، سواء كانت مبتدئة أو غير مبتدئة؛ فتجلس في أول الشهر - مثلاً - ستة أيام أو سبعة أيام، فإذا انتهت العادة فإنها تغتسل وتتحفظ وتصلي ولو كان معها الدم، لكنها تتوضأ لكل صلاة كما سيأتي.

وهذا الحديث فيه دليل على وجوب الغسل على الحائض، وهذا هو سبب الترجمة بذكر الاغتسال من الحيض، فالحائض يجب عليها أن تغتسل إذا انتهت عادتها كالجنب، فكما أن الجنب يجب عليه أن يغتسل فكذلك الحائض، وكذلك النفساء، ولا يجوز لها أن تصلي حتى تغتسل، ويعتبر الحيض حدثاً أكبر كالجنابة.

وقوله: (فزعمت) يعني: قالت؛ فالزعم يأتي بمعنى القول المحقق، ويأتي بمعنى الادعاء الكاذب، كقوله تعالى: زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا [التغابن:7] .

الحالة الثانية: ألا تكون معتادة، أو تنسى عادتها، ولكن لها تمييز، فتعمل بالتمييز، كما سيأتي في الأحاديث، فدم الحيض دم أسود يعرف منتن، ودم الاستحاضة أحمر أو أصفر رقيق، فإذا جاء الدم الأحمر المنتن فإنها تجلس، وإذا جاء الدم الآخر فتغتسل وتصلي.

والحالة الثالثة: ألا تعرف عادتها وليس لها تمييز، فهذه تجلس ستة أيام أو سبعة أيام على عادتها الشهرية من أول كل شهر.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا هشام بن عمار قال: حدثنا سهل بن هاشم قال: حدثنا الأوزاعي عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة،وإذا أدبرت فاغتسلي) ].

كل هذا يدل على وجوب الغسل بعد انتهاء مدة الحيض.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا عمران بن يزيد قال: حدثنا إسماعيل بن عبد الله قال: حدثنا الأوزاعي قال: حدثنا الزهري عن عروة وعمرة عن عائشة قالت: (استحيضت أم حبيبة بنت جحش سبع سنين، فاشتكت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن هذه ليست بالحيضة، ولكن هذا عرق، فاغتسلي ثم صلي) ] .

يعني: فاغتسلي بعد انتهاء مدة الحيض؛ لأنها تعرف عادتها، فتجلس على عادتها قبل أن يأتيها الدم المطلق، والنساء تعرف أنه من أول كل شهر أو من وسط الشهر تكون عادتها ستة أيام أو سبعة أيام أو ثمانية أيام على حسب عادتها، ثم تغتسل وتتحفظ وتصلي ولو كان عليها الدم، لكنها تتوضأ لكل صلاة كما سيأتي.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا الربيع بن سليمان بن داود قال: حدثنا عبد الله بن يوسف قال: حدثنا الهيثم بن حميد قال: أخبرني النعمان والأوزاعي وأبو معيد - وهو حفص بن غيلان - عن الزهري قال: أخبرني عروة بن الزبير وعمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة رضي الله عنها قالت: (استحيضت أم حبيبة بنت جحش امرأة عبد الرحمن بن عوف وهي أخت زينب بنت جحش ، فاستفتت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن هذه ليست بالحيضة، ولكن هذا عرق، فإذا أدبرت الحيضة فاغتسلي وصلي، وإذا أقبلت فاتركي لها الصلاة، قالت عائشة رضي الله عنها: فكانت تغتسل لكل صلاة وتصلي، وكانت تغتسل أحياناً في مركن في حجرة أختها زينب وهي عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى إن حمرة الدم لتعلو الماء، وتخرج فتصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما يمنعها ذلك من الصلاة) ].

استحاضت أم حبيبة، وكذلك زينب أم المؤمنين، وكذلك حمنة ، أي: أن كل بنات جحش استحضن.

وهناك من العلماء من عدّ المستحاضات على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فبلغن تسع مستحاضات.

وهذا الحديث فيه أن الدم كان مطبقاً عليها، وأنه كثير، حتى إنها كانت إذا جلست في مركن تعلو حمرة الدم، والمركن مثل الطست يغسل فيه ثياب.

وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنما ذلك عرق - يعني: هذا الدم المطبق-، فإذا أدبرت الحيضة - يعني: انتهت المدة - فاغتسلي وصلي) ، فكانت تغتسل لكل صلاة، وهذا اجتهاد منها ولم يأمرها النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، وإنما هذا من باب النظافة، والواجب إنما هو الغسل عند انتهاء مدة الحيض، فإذا أدبرت العادة وانتهت بإنها تغتسل، فهذا هو الغسل الواجب، وأما كونها تغتسل لكل صلاة فهذا اجتهاد منها.

وقد جاء في بعض الروايات: أنها تجمع بين الصلاتين كما سيأتي، فتجمع بين الظهر والعصر، وتغتسل لهما غسلاً واحداً، فتؤخر الظهر وتعجل العصر، وكذلك تجمع المغرب مع العشاء، فتؤخر المغرب وتعجل العشاء وتغتسل لهما غسلاً واحداً، وتغتسل للفجر، فكانت تغسل ثلاث مرات: تجمع الظهر والعصر وتغتسل لهما غسلاً واحداً، وتجمع المغرب مع العشاء وتغتسل لهما غسلاً واحداً؛ لأن الاستحاضة نوع من المرض، وتغتسل للفجر.

والحديث فيه أنها كانت تصلي مع النبي ولا يمنعها ذلك، لكن تتلجم وتتحفظ حتى لا تلوث ثيابها وتلوث المسجد، وتتوضأ لكل صلاة؛ لأنها في حدث مستمر.


استمع المزيد من الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح سنن النسائي كتاب الطهارة [20] 2943 استماع
شرح سنن النسائي كتاب الطهارة [4] 2577 استماع
شرح سنن النسائي كتاب الطهارة [18] 2409 استماع
شرح سنن النسائي كتاب الطهارة [22] 2214 استماع
شرح سنن النسائي كتاب الطهارة [9] 2203 استماع
شرح سنن النسائي كتاب الطهارة [10] 1929 استماع
شرح سنن النسائي كتاب الطهارة [21] 1909 استماع
شرح سنن النسائي كتاب الطهارة [7] 1837 استماع
شرح سنن النسائي كتاب الطهارة [2] 1795 استماع
شرح سنن النسائي كتاب الطهارة [19] 1666 استماع