شرح سنن النسائي كتاب الطهارة [4]


الحلقة مفرغة

شرح حديث: (إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث)

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب التوقيت في الماء.

أخبرنا هناد بن السري والحسين بن حريث عن أبي أسامة عن الوليد بن كثير عن محمد بن جعفر عن عبد الله بن عبد الله بن عمر قال: (سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الماء وما ينوبه من الدواب والسباع فقال: إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث) ].

هذا حديث ابن عمر ، وهو المشهور بحديث القلتين، وفيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الماء وما ينوبه من السباع والدواب، فقال: (إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث)، وفي لفظ: (لم ينجس).

وقد اختلف العلماء في صحته، والصواب أنه صحيح، وهو يفيد أن الماء إذا بلغ قلتين يدفع عن نفسه النجاسة، ولا ينجس إلا إذا تغير أحد أوصافه الثلاثة: الطعم أو اللون أو الريح، والقلة تقرب من قربتين ونصف، فتكون القلتان مقاربتين خمس قرب، فإذا بلغ الماء هذا الحد فإنه يسمى كثيراً.

ولهذا ذهب جمهور العلماء إلى تقسيم الماء إلى كثير وقليل، وقالوا: الكثير ما بلغ قلتين، فهذا لا ينجس بملاقاة النجاسة إذا لم يتغير أحد أوصافه الثلاثة، والقليل الذي دون القلتين، وهو ينجس بمجرد الملاقاة، فإذا كان الماء أقل من قلتين فوقع فيه شيء من البول ولو قليل فإنه ينجس.

فهذا الحديث يعتبر حداً فاصلاً بين القليل والكثير من ناحية المفهوم، فمفهومه أنه إذا لم يبلغ الماء القلتين فإنه يحمل الخبث، إلا أن هذا المفهوم ألغاه منطوق حديث أبي سعيد : (إن الماء طهور لا ينجسه شيء).

وإلى هذا ذهب بعض المحققين، فقالوا: إن حديث القلتين -وإن كان صحيحاً- قد ألغى منطوق حديث أبي سعيد : (إن الماء طهور لا ينجسه شيء).

فحديث أبي سعيد يفيد أن الماء طهور لا ينجسه شيء سواء أكان قليلاً أم كثيراً، إلا إذا تغير أحد أوصافه الثلاثة اللون أو الطعم أو الريح بالنجاسة، وإلى هذا ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وجماعة من المحققين.

ويلغي المفهوم كذلك حديث الأعرابي كما سيأتي، فإن الأعرابي بال في المسجد، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بذنوب من ماء فصب عليه، والذنوب: الدلو.

ومعلوم أن الدلو أقل من خمس قرب، أي: أقل من القلتين، فلو كان ما دون القلتين ينجس بملاقاة النجاسة لتنجس هذا الماء، لكن بعضهم فرق بين ورود النجاسة على الماء وورود الماء على النجاسة، فقال: إن حديث الأعرابي فيه أن الماء هو الذي ورد على النجاسة فطهرها، بخلاف ما إذا وردت عليه النجاسة. وقال بعضهم: إن حديث الأعرابي فيه أن البول لم يبق وإنما شربته الأرض، فلذلك طهر الذنوب الباقي.

والصواب -كما سبق- أن الماء طهور لا ينجس إلا بالتغير قليلاً كان أم كثيراً، إلا أنه إذا كان قليلاً في الأواني فإنه إذا صارت النجاسة فيه يراق؛ لما ورد في بعض ألفاظ حديث ولوغ الكلب أنه صلى الله عليه وسلم قال: (فليرقه)، فإذا كان الماء قليلاً في الأواني فإنه يراق، وأما إذا كان أكثر من ذلك فلا تضره النجاسة إذا لم تغيره، وحديث القلتين يفيد أن الإنسان ينبغي له أن يتأمل وينظر في الماء إذا كان أقل من قلتين، والقلتان ما يقارب ذراعاً وربع ذراع طولاً وعرضاً وعمقاً، فمتى ما كان الماء طوله ذراعاً وربعاً، وعرضه ذراعاً وربعاً، وعمقه ذراع وربع فإنه يبلغ قلتين، وهذا أقرب ما قيل في ذلك، وإلا فقد حدهما العلماء بالأرطال الدمشقية، وبالأرطال العراقية، لكنها أرطال قديمة.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب التوقيت في الماء.

أخبرنا هناد بن السري والحسين بن حريث عن أبي أسامة عن الوليد بن كثير عن محمد بن جعفر عن عبد الله بن عبد الله بن عمر قال: (سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الماء وما ينوبه من الدواب والسباع فقال: إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث) ].

هذا حديث ابن عمر ، وهو المشهور بحديث القلتين، وفيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الماء وما ينوبه من السباع والدواب، فقال: (إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث)، وفي لفظ: (لم ينجس).

وقد اختلف العلماء في صحته، والصواب أنه صحيح، وهو يفيد أن الماء إذا بلغ قلتين يدفع عن نفسه النجاسة، ولا ينجس إلا إذا تغير أحد أوصافه الثلاثة: الطعم أو اللون أو الريح، والقلة تقرب من قربتين ونصف، فتكون القلتان مقاربتين خمس قرب، فإذا بلغ الماء هذا الحد فإنه يسمى كثيراً.

ولهذا ذهب جمهور العلماء إلى تقسيم الماء إلى كثير وقليل، وقالوا: الكثير ما بلغ قلتين، فهذا لا ينجس بملاقاة النجاسة إذا لم يتغير أحد أوصافه الثلاثة، والقليل الذي دون القلتين، وهو ينجس بمجرد الملاقاة، فإذا كان الماء أقل من قلتين فوقع فيه شيء من البول ولو قليل فإنه ينجس.

فهذا الحديث يعتبر حداً فاصلاً بين القليل والكثير من ناحية المفهوم، فمفهومه أنه إذا لم يبلغ الماء القلتين فإنه يحمل الخبث، إلا أن هذا المفهوم ألغاه منطوق حديث أبي سعيد : (إن الماء طهور لا ينجسه شيء).

وإلى هذا ذهب بعض المحققين، فقالوا: إن حديث القلتين -وإن كان صحيحاً- قد ألغى منطوق حديث أبي سعيد : (إن الماء طهور لا ينجسه شيء).

فحديث أبي سعيد يفيد أن الماء طهور لا ينجسه شيء سواء أكان قليلاً أم كثيراً، إلا إذا تغير أحد أوصافه الثلاثة اللون أو الطعم أو الريح بالنجاسة، وإلى هذا ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وجماعة من المحققين.

ويلغي المفهوم كذلك حديث الأعرابي كما سيأتي، فإن الأعرابي بال في المسجد، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بذنوب من ماء فصب عليه، والذنوب: الدلو.

ومعلوم أن الدلو أقل من خمس قرب، أي: أقل من القلتين، فلو كان ما دون القلتين ينجس بملاقاة النجاسة لتنجس هذا الماء، لكن بعضهم فرق بين ورود النجاسة على الماء وورود الماء على النجاسة، فقال: إن حديث الأعرابي فيه أن الماء هو الذي ورد على النجاسة فطهرها، بخلاف ما إذا وردت عليه النجاسة. وقال بعضهم: إن حديث الأعرابي فيه أن البول لم يبق وإنما شربته الأرض، فلذلك طهر الذنوب الباقي.

والصواب -كما سبق- أن الماء طهور لا ينجس إلا بالتغير قليلاً كان أم كثيراً، إلا أنه إذا كان قليلاً في الأواني فإنه إذا صارت النجاسة فيه يراق؛ لما ورد في بعض ألفاظ حديث ولوغ الكلب أنه صلى الله عليه وسلم قال: (فليرقه)، فإذا كان الماء قليلاً في الأواني فإنه يراق، وأما إذا كان أكثر من ذلك فلا تضره النجاسة إذا لم تغيره، وحديث القلتين يفيد أن الإنسان ينبغي له أن يتأمل وينظر في الماء إذا كان أقل من قلتين، والقلتان ما يقارب ذراعاً وربع ذراع طولاً وعرضاً وعمقاً، فمتى ما كان الماء طوله ذراعاً وربعاً، وعرضه ذراعاً وربعاً، وعمقه ذراع وربع فإنه يبلغ قلتين، وهذا أقرب ما قيل في ذلك، وإلا فقد حدهما العلماء بالأرطال الدمشقية، وبالأرطال العراقية، لكنها أرطال قديمة.

شرح حديث بول الأعرابي في المسجد، وذكر أسانيده وألفاظ رواياته

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب ترك التوقيت في الماء.

أخبرنا قتيبة قال: حدثنا حماد عن ثابت عن أنس : (أن أعرابياً بال في المسجد فقام إليه بعض القوم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعوه لا تزرموه. فلما فرغ دعا بدلو فصبه عليه).

قال أبو عبد الرحمن : يعني: لا تقطعوا عليه ].

في هذا الحديث أنه صلى الله عليه وسلم أمر بصب الماء على البول، فدل على عدم التوقيت؛ لأن الدلو أقل من القلتين.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا قتيبة قال: حدثنا عبيدة عن يحيى بن سعيد عن أنس قال: (بال أعرابي في المسجد، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بدلو من ماء فصب عليه).

وأخبرنا سويد بن نصر قال: حدثنا عبد الله عن يحيى بن سعيد قال: سمعت أنساً يقول: (جاء أعرابي إلى المسجد فبال، فصاح به الناس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اتركوه. فتركوه حتى بال، ثم أمر بدلو فصب عليه).

أخبرنا عبد الرحمن بن إبراهيم عن عمر بن عبد الواحد عن الأوزاعي عن محمد بن الوليد عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن أبي هريرة قال: (قام أعرابي فبال في المسجد، فتناوله الناس، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعوه وأهريقوا على بوله دلواً من ماء؛ فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين) ].

هذا من حسن خلقه صلى الله عليه وسلم، وهذا من الحكمة؛ فإن الأعرابي جاهل يحتاج إلى رفق، ولو كان عنده علم لما بال في المسجد، فلما بال في المسجد أراد الصحابة أن يزجروه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تزرموه)، أي: لا تقطعوا عليه بوله، وهذا من الحكمة؛ لأنه لو تركهم فإنهم سيزجرونه، ولو زجر لقام، وإذا قام ستحصل مفاسد تتعلق بجسمه وبثيابه وبالمسجد، فإذا قطع البول أثر ذلك على صحته وجسمه، وسيصيب البول فخذيه وثيابه، وكذلك النجاسة تتعدد في أماكن من المسجد، ولذا تركه النبي صلى الله عليه وسلم يبول في مكان واحد، لتسلم بقية المسجد من البول، وسلم جسمه من البول، وسلمت ثيابه من البول، وسلمت صحته؛ لأنه يؤثر عليه قطع البول، فلما انتهى أمر النبي صلى الله عليه وسلم بذنوب من ماء فصب عليه، وقال صلى الله عليه وسلم: (إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين) يعني: إنما بعث نبيكم للتيسير وعدم التعسير، وأنتم كذلك لأنكم أنتم المبلغون.

ولما رأى الأعرابي أن النبي صلى الله عليه وسلم رفق به وعلمه وأن الصحابة زجروه قال: (اللهم ارحمني ومحمداً ولا ترحم معنا أحداً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لقد تحجرت واسعاً).

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب ترك التوقيت في الماء.

أخبرنا قتيبة قال: حدثنا حماد عن ثابت عن أنس : (أن أعرابياً بال في المسجد فقام إليه بعض القوم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعوه لا تزرموه. فلما فرغ دعا بدلو فصبه عليه).

قال أبو عبد الرحمن : يعني: لا تقطعوا عليه ].

في هذا الحديث أنه صلى الله عليه وسلم أمر بصب الماء على البول، فدل على عدم التوقيت؛ لأن الدلو أقل من القلتين.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا قتيبة قال: حدثنا عبيدة عن يحيى بن سعيد عن أنس قال: (بال أعرابي في المسجد، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بدلو من ماء فصب عليه).

وأخبرنا سويد بن نصر قال: حدثنا عبد الله عن يحيى بن سعيد قال: سمعت أنساً يقول: (جاء أعرابي إلى المسجد فبال، فصاح به الناس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اتركوه. فتركوه حتى بال، ثم أمر بدلو فصب عليه).

أخبرنا عبد الرحمن بن إبراهيم عن عمر بن عبد الواحد عن الأوزاعي عن محمد بن الوليد عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن أبي هريرة قال: (قام أعرابي فبال في المسجد، فتناوله الناس، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعوه وأهريقوا على بوله دلواً من ماء؛ فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين) ].

هذا من حسن خلقه صلى الله عليه وسلم، وهذا من الحكمة؛ فإن الأعرابي جاهل يحتاج إلى رفق، ولو كان عنده علم لما بال في المسجد، فلما بال في المسجد أراد الصحابة أن يزجروه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تزرموه)، أي: لا تقطعوا عليه بوله، وهذا من الحكمة؛ لأنه لو تركهم فإنهم سيزجرونه، ولو زجر لقام، وإذا قام ستحصل مفاسد تتعلق بجسمه وبثيابه وبالمسجد، فإذا قطع البول أثر ذلك على صحته وجسمه، وسيصيب البول فخذيه وثيابه، وكذلك النجاسة تتعدد في أماكن من المسجد، ولذا تركه النبي صلى الله عليه وسلم يبول في مكان واحد، لتسلم بقية المسجد من البول، وسلم جسمه من البول، وسلمت ثيابه من البول، وسلمت صحته؛ لأنه يؤثر عليه قطع البول، فلما انتهى أمر النبي صلى الله عليه وسلم بذنوب من ماء فصب عليه، وقال صلى الله عليه وسلم: (إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين) يعني: إنما بعث نبيكم للتيسير وعدم التعسير، وأنتم كذلك لأنكم أنتم المبلغون.

ولما رأى الأعرابي أن النبي صلى الله عليه وسلم رفق به وعلمه وأن الصحابة زجروه قال: (اللهم ارحمني ومحمداً ولا ترحم معنا أحداً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لقد تحجرت واسعاً).

شرح حديث: (لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ...)

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب الماء الدائم.

أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال: أخبرنا عيسى بن يونس قال: حدثنا عوف عن محمد عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يتوضأ منه).

قال عوف : وقال خلاس : عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.

أخبرنا يعقوب بن إبراهيم قال: حدثنا إسماعيل عن يحيى بن عتيق عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يغتسل منه) ] .

هذا الحديث فيه النهي عن البول في الماء الدائم؛ لأنه إذا بال فيه فإنه ربما قذره على الناس، وربما قذره على غيره، ولا يلزم من هذا أن يكون الماء نجساً إذا كان كثيراً، لكن إذا ترك هذا يبول وهذا يبول وهذا يبول فقد تغيره النجاسة، فقال صلى الله عليه وسلم: (لا يبولن) والنهي للتحريم، فيحرم على الإنسان أن يبول في الماء الدائم.

قوله: (ثم يتوضأ منه) يعني أنه قد يحتاج إليه للوضوء، فكيف يبول فيه وهو قد يحتاج إليه للوضوء، وقد يحتاج إليه للاغتسال بعد ذلك؟!

وأما إذا كان الماء يجري فهذا لا محذور فيه؛ لأن الجريان يزيل الجهة التي فيها البول ويصرفها.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ قال أبو عبد الرحمن : كان يعقوب لا يحدث بهذا الحديث إلا بدينار ].

ولعل ذلك كان لحاجة؛ فقد يكون متفرغاً للحديث وليس عنده وقت للكسب، فلا يحدث إلا بدينار، والأولى أن يتبرع بالتحديث.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب الماء الدائم.

أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال: أخبرنا عيسى بن يونس قال: حدثنا عوف عن محمد عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يتوضأ منه).

قال عوف : وقال خلاس : عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.

أخبرنا يعقوب بن إبراهيم قال: حدثنا إسماعيل عن يحيى بن عتيق عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يغتسل منه) ] .

هذا الحديث فيه النهي عن البول في الماء الدائم؛ لأنه إذا بال فيه فإنه ربما قذره على الناس، وربما قذره على غيره، ولا يلزم من هذا أن يكون الماء نجساً إذا كان كثيراً، لكن إذا ترك هذا يبول وهذا يبول وهذا يبول فقد تغيره النجاسة، فقال صلى الله عليه وسلم: (لا يبولن) والنهي للتحريم، فيحرم على الإنسان أن يبول في الماء الدائم.

قوله: (ثم يتوضأ منه) يعني أنه قد يحتاج إليه للوضوء، فكيف يبول فيه وهو قد يحتاج إليه للوضوء، وقد يحتاج إليه للاغتسال بعد ذلك؟!

وأما إذا كان الماء يجري فهذا لا محذور فيه؛ لأن الجريان يزيل الجهة التي فيها البول ويصرفها.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ قال أبو عبد الرحمن : كان يعقوب لا يحدث بهذا الحديث إلا بدينار ].

ولعل ذلك كان لحاجة؛ فقد يكون متفرغاً للحديث وليس عنده وقت للكسب، فلا يحدث إلا بدينار، والأولى أن يتبرع بالتحديث.

شرح حديث: (هو الطهور ماؤه الحل ميتته)

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب في ماء البحر.

أخبرنا قتيبة عن مالك عن صفوان بن سليم عن سعيد بن سلمة أن المغيرة بن أبي بردة من بني عبد الدار أخبره أنه سمع أبا هريرة يقول: (سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء، فإن توضأنا به عطشنا، أفنتوضأ من ماء البحر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هو الطهور ماؤه، الحل ميتته) ].

وهذا من فضل الله تعالى وإحسانه، وهو أن ماء البحر طهور، أي: طاهر في نفسه مطهر لغيره، فالسائل سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الوضوء بماء البحر، فزاده في الجواب فقال: (الحل ميتته)؛ لأن الإنسان الذي يركب البحر قد يحتاج إلى الأكل مما في البحر، فأعلمه النبي صلى الله عليه وسلم بحكم ميتة البحر، وميتة البحر حلال، قال الله تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ [المائدة:96].

وظاهر الحديث عموم الحل، إلا أن بعض العلماء استثنى ما يستخبث في البر كالحيات والعقارب، وبعضهم استثنى إنسان الماء وكلب الماء، وظاهر الأدلة العموم، حتى إنسان الماء، وهو حيوان يشبه الإنسان، وهو موجود، فإذا وُجد حيوان البحر فهو حلال.

والحديث أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة .

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب في ماء البحر.

أخبرنا قتيبة عن مالك عن صفوان بن سليم عن سعيد بن سلمة أن المغيرة بن أبي بردة من بني عبد الدار أخبره أنه سمع أبا هريرة يقول: (سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء، فإن توضأنا به عطشنا، أفنتوضأ من ماء البحر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هو الطهور ماؤه، الحل ميتته) ].

وهذا من فضل الله تعالى وإحسانه، وهو أن ماء البحر طهور، أي: طاهر في نفسه مطهر لغيره، فالسائل سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الوضوء بماء البحر، فزاده في الجواب فقال: (الحل ميتته)؛ لأن الإنسان الذي يركب البحر قد يحتاج إلى الأكل مما في البحر، فأعلمه النبي صلى الله عليه وسلم بحكم ميتة البحر، وميتة البحر حلال، قال الله تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ [المائدة:96].

وظاهر الحديث عموم الحل، إلا أن بعض العلماء استثنى ما يستخبث في البر كالحيات والعقارب، وبعضهم استثنى إنسان الماء وكلب الماء، وظاهر الأدلة العموم، حتى إنسان الماء، وهو حيوان يشبه الإنسان، وهو موجود، فإذا وُجد حيوان البحر فهو حلال.

والحديث أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة .

شرح حديث: (اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد)

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب الوضوء بالثلج.

أخبرنا علي بن حجر قال: أخبرنا جرير عن عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استفتح الصلاة سكت هنيهة، فقلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله! ما تقول في سكوتك بين التكبير والقراءة؟ قال أقول: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد) ].

وهذا الحديث رواه الشيخان، وهو أصح ما ورد من الأحاديث في الاستفتاحات، وهو استفتاح مختصر، وهناك استفتاح مختصر أيضاً، وهو: (سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك).

وهذا اختاره الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، وكان عمر يلقنه الناس على منبر النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أفضل الاستفتاحات، وأما الاستفتاح بـ(اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد) فهو أصلح.

والشاهد هو الطهور بماء الثلج، فالثلج إذا ذاب فإنه طهور يتوضأ به.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب الوضوء بالثلج.

أخبرنا علي بن حجر قال: أخبرنا جرير عن عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استفتح الصلاة سكت هنيهة، فقلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله! ما تقول في سكوتك بين التكبير والقراءة؟ قال أقول: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد) ].

وهذا الحديث رواه الشيخان، وهو أصح ما ورد من الأحاديث في الاستفتاحات، وهو استفتاح مختصر، وهناك استفتاح مختصر أيضاً، وهو: (سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك).

وهذا اختاره الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، وكان عمر يلقنه الناس على منبر النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أفضل الاستفتاحات، وأما الاستفتاح بـ(اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد) فهو أصلح.

والشاهد هو الطهور بماء الثلج، فالثلج إذا ذاب فإنه طهور يتوضأ به.