شرح سنن النسائي كتاب الطهارة [19]


الحلقة مفرغة

شرح حديث عائشة في قصة حيضها بسرف في مسيرهم إلى الحج

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ كتاب الحيض والاستحاضة.

باب بدء الحيض، وهل يسمى الحيض نفاساً.

أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال: أخبرنا سفيان عن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق عن أبيه عن عائشة قالت: (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نرى إلا الحج، فلما كنا بسرف حضت، فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي، فقال: ما لك أنفست؟ قلت: نعم. قال: هذا أمر كتبه الله عز وجل على بنات آدم، فاقض ما يقضي الحاج غير ألا تطوفي بالبيت) ].

هذا الحديث فيه بيان ما ترجم له المؤلف رحمه الله من بدء الحيض، وأن بدء الحيض كان من أول ما كتب الله على بنات آدم في حواء وبناتها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (هذا أمر كتبه الله على بنات آدم)، ففيه الرد على من قال: إن الحيض أول ما بدأ في بنات بني إسرائيل، وإن نساء بني إسرائيل فعلن أمراً فأصابهن الحيض، وإنه قبل ذلك كانت النساء لا يأتيهن الحيض وأنهن فعلن كذا وكذا ثم أصبن بالحيض.

وتأول ما ذكر عن ابن مسعود بسند صحيح عنه أنه قال: (كان الرجال والنساء في بني إسرائيل يصلون جميعاً، فكانت المرأة تتشرف للرجل، فألقى الله عليهن الحيض فمنعهن المساجد).

ويحتمل أنه أخذ عن بني إسرائيل؛ لأن ابن مسعود رضي الله عنه قد يأخذ عن بني إسرائيل قليلاً.

والحافظ ابن حجر رحمه الله تأوله على معنى طول المكث عقوبة لهن، لا أنه ابتدئ وجوده.

ومما يدل على أن الحيض كان قبل بنات بني إسرائيل تفسير بعض المفسرين لقول الله تعالى في قصة سارة زوج إبراهيم عليه الصلاة والسلام: وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ [هود:71]، قال بعض العلماء: معنى (ضحكت): حاضت. والمعلوم أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام كان قبل بني إسرائيل، فإسرائيل هو يعقوب عليه الصلاة والسلام، والأنبياء من ذريته، ويعقوب هو حفيد إبراهيم، وسارة جدته، وقد ألقي عليها الحيض، فيكون قبل بني إسرائيل، لكن الحافظ ابن حجر تأوله على أن المراد طول المكث، وهو ليس بظاهر.

فالحديث دل على أن الحيض مكتوب على بنات آدم، وبنات آدم ابتدأن من حواء، واختلف العلماء في دخول حواء في ذلك.

وفيه إثبات الكتابة لله عز وجل، وأنها من الصفات الفعلية، ومن ذلك حديث عبد الله بن عمرو في صحيح مسلم : (كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء)، وفي الحديث الآخر: (خط الله التوراة لموسى بيده)، ففيه إثبات للكتابة الفعلية كما يليق بجلال الله وعظمته.

وفيه تسمية الحيض نفاساً، كما ترجم المؤلف رحمه الله، لقوله: (أنفست؟) يعني: أحضت؟ فالحيض يسمى نفاساً.

وفي الحديث من الفوائد أن الحائض إذا أحرمت بالعمرة ثم جاءها الحيض وبقي حتى جاء الحج فإنها تلبي بالحج وتدخل الحج على العمرة، فتكون قارنة، فتدخل أعمال العمرة في أعمال الحج، فتطوف طوافاً واحداً وتسعى سعياً واحداً، كما فعلت عائشة ، فإنها أحرمت بالعمرة، فلما قربت من مكة حاضت، وبقي الدم حتى جاء الحج، فدخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم وهي تبكي، فأمرها أن تغتسل للحج وتمتشط وتلبي بالحج، وفي بعض ألفاظ الحديث: (ارفضي عمرتك وامتشطي) فأحرمت بالحج فصارت قارنة.

وفيه من الفوائد أن الحائض تفعل ما يفعله الحاج إلا الطواف بالبيت، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فاقضي ما يقضي الحاج، غير ألا تطوفي بالبيت)، فتفعل جميع المناسك، فلها أن تقف بعرفة ومزدلفة ومنى، وترمي الجمار، وتقصر من شعرها، وتذبح هديها، وتبيت في منى ومزدلفة وعرفة، ولها أن تسعى ولو نزل الدم بعد الطواف؛ لأن السعي لا يشترط له الطهارة، ولأن المسعى ليس من المسجد، فلها أن تمكث فيه بخلاف المسجد.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ كتاب الحيض والاستحاضة.

باب بدء الحيض، وهل يسمى الحيض نفاساً.

أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال: أخبرنا سفيان عن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق عن أبيه عن عائشة قالت: (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نرى إلا الحج، فلما كنا بسرف حضت، فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي، فقال: ما لك أنفست؟ قلت: نعم. قال: هذا أمر كتبه الله عز وجل على بنات آدم، فاقض ما يقضي الحاج غير ألا تطوفي بالبيت) ].

هذا الحديث فيه بيان ما ترجم له المؤلف رحمه الله من بدء الحيض، وأن بدء الحيض كان من أول ما كتب الله على بنات آدم في حواء وبناتها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (هذا أمر كتبه الله على بنات آدم)، ففيه الرد على من قال: إن الحيض أول ما بدأ في بنات بني إسرائيل، وإن نساء بني إسرائيل فعلن أمراً فأصابهن الحيض، وإنه قبل ذلك كانت النساء لا يأتيهن الحيض وأنهن فعلن كذا وكذا ثم أصبن بالحيض.

وتأول ما ذكر عن ابن مسعود بسند صحيح عنه أنه قال: (كان الرجال والنساء في بني إسرائيل يصلون جميعاً، فكانت المرأة تتشرف للرجل، فألقى الله عليهن الحيض فمنعهن المساجد).

ويحتمل أنه أخذ عن بني إسرائيل؛ لأن ابن مسعود رضي الله عنه قد يأخذ عن بني إسرائيل قليلاً.

والحافظ ابن حجر رحمه الله تأوله على معنى طول المكث عقوبة لهن، لا أنه ابتدئ وجوده.

ومما يدل على أن الحيض كان قبل بنات بني إسرائيل تفسير بعض المفسرين لقول الله تعالى في قصة سارة زوج إبراهيم عليه الصلاة والسلام: وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ [هود:71]، قال بعض العلماء: معنى (ضحكت): حاضت. والمعلوم أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام كان قبل بني إسرائيل، فإسرائيل هو يعقوب عليه الصلاة والسلام، والأنبياء من ذريته، ويعقوب هو حفيد إبراهيم، وسارة جدته، وقد ألقي عليها الحيض، فيكون قبل بني إسرائيل، لكن الحافظ ابن حجر تأوله على أن المراد طول المكث، وهو ليس بظاهر.

فالحديث دل على أن الحيض مكتوب على بنات آدم، وبنات آدم ابتدأن من حواء، واختلف العلماء في دخول حواء في ذلك.

وفيه إثبات الكتابة لله عز وجل، وأنها من الصفات الفعلية، ومن ذلك حديث عبد الله بن عمرو في صحيح مسلم : (كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء)، وفي الحديث الآخر: (خط الله التوراة لموسى بيده)، ففيه إثبات للكتابة الفعلية كما يليق بجلال الله وعظمته.

وفيه تسمية الحيض نفاساً، كما ترجم المؤلف رحمه الله، لقوله: (أنفست؟) يعني: أحضت؟ فالحيض يسمى نفاساً.

وفي الحديث من الفوائد أن الحائض إذا أحرمت بالعمرة ثم جاءها الحيض وبقي حتى جاء الحج فإنها تلبي بالحج وتدخل الحج على العمرة، فتكون قارنة، فتدخل أعمال العمرة في أعمال الحج، فتطوف طوافاً واحداً وتسعى سعياً واحداً، كما فعلت عائشة ، فإنها أحرمت بالعمرة، فلما قربت من مكة حاضت، وبقي الدم حتى جاء الحج، فدخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم وهي تبكي، فأمرها أن تغتسل للحج وتمتشط وتلبي بالحج، وفي بعض ألفاظ الحديث: (ارفضي عمرتك وامتشطي) فأحرمت بالحج فصارت قارنة.

وفيه من الفوائد أن الحائض تفعل ما يفعله الحاج إلا الطواف بالبيت، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فاقضي ما يقضي الحاج، غير ألا تطوفي بالبيت)، فتفعل جميع المناسك، فلها أن تقف بعرفة ومزدلفة ومنى، وترمي الجمار، وتقصر من شعرها، وتذبح هديها، وتبيت في منى ومزدلفة وعرفة، ولها أن تسعى ولو نزل الدم بعد الطواف؛ لأن السعي لا يشترط له الطهارة، ولأن المسعى ليس من المسجد، فلها أن تمكث فيه بخلاف المسجد.

شرح حديث: (إنما ذلك عرق، فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة...)

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب ذكر الاستحاضة وإقبال الدم وإدباره.

أخبرنا عمران بن يزيد قال: حدثنا إسماعيل بن عبد الله -وهو ابن سماعة - قال: حدثنا الأوزاعي قال: حدثنا يحيى بن سعيد قال: أخبرني هشام بن عروة عن عروة : (أن فاطمة بنت قيس من بني أسد قريش أنها أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكرت أنها تستحاض، فزعمت أنه قال لها: إنما ذلك عرق، فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغتسلي واغسلي عنك الدم ثم صلي) ].

أخبرنا هشام بن عمار قال: حدثنا سهل بن هاشم قال: حدثنا الأوزاعي عن الزهري عن عروة عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغتسلي) ].

قوله (فزعمت) يعني: قالت. فالزعم يراد به القول كما هو هنا، ويراد به الإدعاء الكاذب، كما في قوله تعالى: زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا [التغابن:7].

فهو يطلق على القول المحقق، ويطلق على القول الكاذب، وهنا المراد به القول المحقق.

ومثله ما جاء في الحديث الآخر في قصة الرجل الذي جاء يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام، فقال: وزعم رسولك أن الله كتب علينا في اليوم والليلة خمس مرات. وزعم رسولك أن الله أوجب علينا الصدقة، وزعم رسولك أن الله أوجب علينا صوم شهر رمضان. يعني: وقال: وهذا الحديث فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لـفاطمة بنت قيس : (إنما ذلك عرق) فقوله: (ذلك) خطاب للمرأة، وقوله: (عرق) هو دم الاستحاضة يخرج من عرق يقال له: العاذل، وليس بدم الحيض، قال: (فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغتسلي، واغسلي عنك الدم وصلي) وظاهره أنها مميزة، ولكن المعروف أن فاطمة كانت لها عادة، وجاء في الحديث أنه ردها إلى عادتها فقال: (فانظري عدد الأيام التي كان يأتيك فاجلسي ثم اغتسلي) وهنا قال: (إذا أقبلت الحيضة) يعني: أقبلت بالعادة المعروفة، أو أقبلت بالتمييز إذا كانت مميزة.

شرح حديث: (إن ذلك عرق، فاغتسلي ثم صلي..)

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا قتيبة قال: حدثني الليث عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة قالت: (استفتت أم حبيبة بنت جحش رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله! إني استحاض؟ فقال: إن ذلك عرق، فاغتسلي ثم صلي. فكانت تغتسل عند كل صلاة) ].

هذا الحديث فيه دليل على أن دم الاستحاضة لا يمنع المرأة من الصلاة، ولا يمنع من إتيان زوجها لها؛ لأنه ليس دم الحيض، ولا يمنع المرأة من الطواف بالبيت إذا كانت في مكة، سواء في حج أو في عمرة أو تطوع، ولكنها تلبس ما يمنع نزول الدم، كالحفاظات، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (تستثفر بثوب) حتى لا تلوث ثيابها ولا تلوث المسجد، فتستثفر بثوب وتتوضأ لكل صلاة؛ لأن حدثها مستمر، كمن به جروح سيالة، وكمن به سلس البول، فتتوضأ لكل صلاة وتصوم وتصلي، وتطوف بالبيت، ويأتيها زوجها، وإنما يمتنع ذلك عليها في وقت الحيض.

وقوله: فكانت تغتسل عند كل صلاة، هذا اجتهاد منها لم يأمرها به النبي صلى الله عليه وسلم، فكانت تغتسل اجتهاداً منها لأجل النظافة، وإلا فإن الغسل لا يجب عليها إلا عند انتهاء مدة دم الحيض، أو إذا كانت مميزة وانتهت أيام التمييز، فتغتسل مرة واحدة ثم تتوضأ لكل صلاة.

إلا أنه -كما سيأتي- إذا جمعت بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء فإنها تغتسل لكل صلاتين من باب الاستحباب أيضاً، فتغتسل للظهر والعصر، وتغتسل للمغرب والعشاء، وتغتسل للفجر.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب ذكر الاستحاضة وإقبال الدم وإدباره.

أخبرنا عمران بن يزيد قال: حدثنا إسماعيل بن عبد الله -وهو ابن سماعة - قال: حدثنا الأوزاعي قال: حدثنا يحيى بن سعيد قال: أخبرني هشام بن عروة عن عروة : (أن فاطمة بنت قيس من بني أسد قريش أنها أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكرت أنها تستحاض، فزعمت أنه قال لها: إنما ذلك عرق، فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغتسلي واغسلي عنك الدم ثم صلي) ].

أخبرنا هشام بن عمار قال: حدثنا سهل بن هاشم قال: حدثنا الأوزاعي عن الزهري عن عروة عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغتسلي) ].

قوله (فزعمت) يعني: قالت. فالزعم يراد به القول كما هو هنا، ويراد به الإدعاء الكاذب، كما في قوله تعالى: زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا [التغابن:7].

فهو يطلق على القول المحقق، ويطلق على القول الكاذب، وهنا المراد به القول المحقق.

ومثله ما جاء في الحديث الآخر في قصة الرجل الذي جاء يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام، فقال: وزعم رسولك أن الله كتب علينا في اليوم والليلة خمس مرات. وزعم رسولك أن الله أوجب علينا الصدقة، وزعم رسولك أن الله أوجب علينا صوم شهر رمضان. يعني: وقال: وهذا الحديث فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لـفاطمة بنت قيس : (إنما ذلك عرق) فقوله: (ذلك) خطاب للمرأة، وقوله: (عرق) هو دم الاستحاضة يخرج من عرق يقال له: العاذل، وليس بدم الحيض، قال: (فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغتسلي، واغسلي عنك الدم وصلي) وظاهره أنها مميزة، ولكن المعروف أن فاطمة كانت لها عادة، وجاء في الحديث أنه ردها إلى عادتها فقال: (فانظري عدد الأيام التي كان يأتيك فاجلسي ثم اغتسلي) وهنا قال: (إذا أقبلت الحيضة) يعني: أقبلت بالعادة المعروفة، أو أقبلت بالتمييز إذا كانت مميزة.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا قتيبة قال: حدثني الليث عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة قالت: (استفتت أم حبيبة بنت جحش رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله! إني استحاض؟ فقال: إن ذلك عرق، فاغتسلي ثم صلي. فكانت تغتسل عند كل صلاة) ].

هذا الحديث فيه دليل على أن دم الاستحاضة لا يمنع المرأة من الصلاة، ولا يمنع من إتيان زوجها لها؛ لأنه ليس دم الحيض، ولا يمنع المرأة من الطواف بالبيت إذا كانت في مكة، سواء في حج أو في عمرة أو تطوع، ولكنها تلبس ما يمنع نزول الدم، كالحفاظات، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (تستثفر بثوب) حتى لا تلوث ثيابها ولا تلوث المسجد، فتستثفر بثوب وتتوضأ لكل صلاة؛ لأن حدثها مستمر، كمن به جروح سيالة، وكمن به سلس البول، فتتوضأ لكل صلاة وتصوم وتصلي، وتطوف بالبيت، ويأتيها زوجها، وإنما يمتنع ذلك عليها في وقت الحيض.

وقوله: فكانت تغتسل عند كل صلاة، هذا اجتهاد منها لم يأمرها به النبي صلى الله عليه وسلم، فكانت تغتسل اجتهاداً منها لأجل النظافة، وإلا فإن الغسل لا يجب عليها إلا عند انتهاء مدة دم الحيض، أو إذا كانت مميزة وانتهت أيام التمييز، فتغتسل مرة واحدة ثم تتوضأ لكل صلاة.

إلا أنه -كما سيأتي- إذا جمعت بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء فإنها تغتسل لكل صلاتين من باب الاستحباب أيضاً، فتغتسل للظهر والعصر، وتغتسل للمغرب والعشاء، وتغتسل للفجر.

شرح حديث: (امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك...)

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب المرأة تكون لها أيام معلومة تحيضها كل شهر.

أخبرنا قتيبة قال: حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن جعفر بن ربيعة عن عراك بن مالك عن عروة عن عائشة قالت: (إن أم حبيبة سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدم. فقالت عائشة : رأيت مركنها ملآن دماً. فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك ثم اغتسل).

أخبرنا قتيبة مرة أخرى ولم يذكر فيه جعفر بن ربيعة ].

هذه هي المعتادة، وهي المرأة يكون لها أيام معلومة تحيضها كل شهر تجلس هذه الأيام فقط ثم تغتسل وتصوم تصلي.

وفي هذا الحديث أن أم حبيبة استحيضت وسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الدم، قالت عائشة : (رأيت مركنها ملآن دماً) والمركن هو: ما تغسل فيه الثياب، وهذا يدل على أن الدم كان كثيراً، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: (امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك) يعني: قبل الاستحاضة، فإذا كانت تحبسها حيضتها خمسة أيام فإنها تجلس خمسة أيام، وكذلك الستة والسبعة من أول الشهر أو من وسطه أو من آخره.

فالمعتادة إذا كانت تعرف عدد الأيام وتعرف الوقت من الشهر تمكث عادتها.

فإن لم يكن لها عادة أو نسيت العادة فإنها تعمل بالتمييز الصالح، فإن لم يكن لها تمييز ولا عادة فهذه تسمى متحيرة، فتجلس ستة أيام أو سبعة أيام على عادة نسائها من أول كل شهر هلالي.

فالمؤلف رحمه الله ترجم للمرأة التي يكون لها أيام معلومة من كل شهر، وهذه هي المعتادة، والترجمة السابقة وهي: (ذكر الاستحاضة وإقبال الدم وإدباره) ظاهرها أنه إقبال الدم وإدباره بالتمييز، فدم الحيض دم أسود يعرف، ودم الاستحاضة دم أصفر رقيق، لكن المعروف أن فاطمة كانت معتادة.

شرح حديث: (دعي قدر تلك الأيام والليالي التي كنت تحيضين فيها ...)

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ أنبأنا محمد بن عبد الله بن المبارك قال: حدثنا أبو أسامة قال: حدثنا عبيد الله بن عمر قال: أخبرني عن نافع عن سليمان بن يسار عن أم سلمة قالت: سألت امرأة النبي صلى الله عليه وسلم قالت: (إني استحاض فلا أطهر، أفأدع الصلاة؟ قال لا، ولكن دعي قدر تلك الأيام والليالي التي كنت تحيضين فيها ثم اغتسلي واستثفري وصلي) ].

هذا ظاهر في أنها كانت معتادة، فتجلس كعادتها ثم تغتسل وتستثفر - أي: تتحفظ- وتصلي.

شرح حديث: (لتنظر عدد الأيام والليالي التي كانت تحيض...)

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب المرأة تكون لها أيام معلومة تحيضها كل شهر.

أخبرنا قتيبة قال: حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن جعفر بن ربيعة عن عراك بن مالك عن عروة عن عائشة قالت: (إن أم حبيبة سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدم. فقالت عائشة : رأيت مركنها ملآن دماً. فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك ثم اغتسل).

أخبرنا قتيبة مرة أخرى ولم يذكر فيه جعفر بن ربيعة ].

هذه هي المعتادة، وهي المرأة يكون لها أيام معلومة تحيضها كل شهر تجلس هذه الأيام فقط ثم تغتسل وتصوم تصلي.

وفي هذا الحديث أن أم حبيبة استحيضت وسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الدم، قالت عائشة : (رأيت مركنها ملآن دماً) والمركن هو: ما تغسل فيه الثياب، وهذا يدل على أن الدم كان كثيراً، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: (امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك) يعني: قبل الاستحاضة، فإذا كانت تحبسها حيضتها خمسة أيام فإنها تجلس خمسة أيام، وكذلك الستة والسبعة من أول الشهر أو من وسطه أو من آخره.

فالمعتادة إذا كانت تعرف عدد الأيام وتعرف الوقت من الشهر تمكث عادتها.

فإن لم يكن لها عادة أو نسيت العادة فإنها تعمل بالتمييز الصالح، فإن لم يكن لها تمييز ولا عادة فهذه تسمى متحيرة، فتجلس ستة أيام أو سبعة أيام على عادة نسائها من أول كل شهر هلالي.

فالمؤلف رحمه الله ترجم للمرأة التي يكون لها أيام معلومة من كل شهر، وهذه هي المعتادة، والترجمة السابقة وهي: (ذكر الاستحاضة وإقبال الدم وإدباره) ظاهرها أنه إقبال الدم وإدباره بالتمييز، فدم الحيض دم أسود يعرف، ودم الاستحاضة دم أصفر رقيق، لكن المعروف أن فاطمة كانت معتادة.