عنوان الفتوى : أحكام من يظن خروج المذي منه
عندي سؤال متعلق بالمذي، وبدأ يحيرني قبل بدئي بالذهاب للجامعة -إن شاء الله-. فأنا كنت في موريتانيا، وانتقلت للعيش في تونس، لكن للأسف أغلب النساء متبرجات، وكاشفات عن رؤوسهن، ويلبسن ملابس غير ساترة. نسأل الله لهن الهداية.
وسؤالي: أنا قبل فترة أعاني من خروج المذي أثناء النوم، ومرات في النهار، فذات يوم ذهبت للسوق لشراء الملابس، وصادفت الكثير من النساء، وحاولت غضَّ بصري قدر استطاعتي، ولم أكن أنظر إليهن بشهوة، وعندما رجعت للمنزل فتشت ذكري، فوجدت أن حشفتي الذكر ملتصقتان. فما السبب؟ وهل إذا وجدتهما ملتصقتين فهذا يعني أنه بسبب خروج المذي؟ وإذا كان الجواب: نعم. فكيف أتعامل معه إذا ذهبت إلى الجامعة، فأكيد سأصادف نساءً، لكني سأحاول غض بصري -إن شاء الله-، لكن كيف سأعرف قبل أن أصلي إذا كان قد خرج مني مذي أم لا ؟
أتمنى أن تكونوا فهمتم سؤالي، وأتمنى أن تجيبوا على المذهب المالكي في المسائل المتعلقة بالفتوى.
وجزاكم الله خيرا على هذا الموقع المفيد.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن المذي له صفات معروفة عند فقهاء المالكية، وغيرهم. قال النفراوي المالكي في الفواكه الدواني على رسالة القيرواني : وهو أي المذي ماء أبيض رقيق يخرج عند اللذة المعتادة، وهي الميل إلى الشيء وإيثاره على غيره بالإنعاظ أي: قيام الذكر عند الملاعبة، أو التذكار ـ بفتح التاء ـ أي التذكر. انتهى
وبخصوص ما ذكرت، فقد لا يكون دليلا على خروج المذي، ولا سيما إذا لم يشعر الشخص بإثارة تسبب خروجه، إذ قد يكون بسبب تعرق، أو غيره، ولا يجب عليك التفتيش، ولا النظر قبل الصلاة؛ لتتحقق هل خرج منك مذي أم لا. ويكفيك العمل بالأصل، وهو أنه لم يخرج منك شيء، ولا تفتح على نفسك باب الوساوس، فإن الاسترسال مع الوساوس يفضي إلى شر عظيم. وانظر الفتوى: 140510.
لكن إذا تيقنت من خروج المذي؛ فإنك تطهره من بدنك، وثوبك، وتتوضأ للصلاة، ولبيان كيفية تطهير المذي انظر الفتوى: 50657.
وإذا رأيت مذيًا بعد الصلاة، فإنه يضاف إلى أقرب زمن يحتمل خروجه فيه، فإن احتمل كونه خرج بعد الصلاة، فصلاتك صحيحة، ولا تلزمك إعادتها.
ولا شك أن غض البصر عن النظر إلى الحرام أمره جليل، وفوائده عظيمة، وقد ذكرنا بعضها في الفتوى: 78760. فراجعها، وراجع أيضا الفتوى: 18768. لمعرفة بعض الوسائل المعينة على غض البصر.
ومن أهم ما يعين على غض البصر ـ بعد الدعاء والاستعانة بالله ـ مجاهدة النفس، وحبسها على ذلك، فمع المجاهدة والتمرس يصبح هذا الأمر عاديا لدى الإنسان، ويصير متعودا عليه، فلا يرفع بصره إلى ما حرم الله، ولا ينظر إلى ما لا يجوز له، مع العلم أن الإنسان غير مطالب بما يفوق طاقته، فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها، وقد قال تعالى: فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن:16}.
ثم إن الأصل أن تبحث عن جامعة غير مختلطة تدرس فيها؛ تجنبا للمحاذير الناشئة عن الاختلاط بالنساء، فإن تعذر عليك ذلك، فاختر من الجامعات أخفها شرًّا، وأقلها ضررًّا، ولتحرص على غض بصرك عن الحرام، وعلى توقي المخالفات الشرعية في هذا الباب من الخلوة بالنساء، والحديث إليهن من غير حاجة، ونحو ذلك، فإن تلك الأمور من أعظم مفسدات القلب، وانظر الفتويين : 190467، 439948.
والله أعلم.