عنوان الفتوى : تعلم السحر... رؤية شرعية

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

ما حكم تعلم علم الحرف، والجفر، والقراءة في كتب السحر، قراءةً فقط، لمجرد الإلمام بهذا العلم، لصده، وفهم ما يفعله الساحر للمصاب، وقوة الإسحار، للراقي المعالج بالقرءان، والرقية الشرعية؟.

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد ذهب بعض أهل العلم إلى جواز ذلك، ما دام لغرضٍ صحيحٍ، ونفعٍ معتبرٍ! والراجح الذي عليه جمهور أهل العلم أن تعلم هذه العلوم الباطلة، لا يجوز، ولو كان للغرض المذكور في السؤال، أو غيره من الأغراض الصحيحة، وممن خالف في ذلك الرازي في تفسيره، فذهب إلى أن ‌العلم ‌بالسحر، ‌ليس ‌بقبيحٍ، ولا محظورٍ! وقد نقل كلامه الحافظ ابن كثيرٍ في تفسيره، عند قول الله تعالى: ولكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ .. {البقرة: 102}.

وتعقبه، فقال: هذا الكلام فيه نظرٌ، من وجوهٍ، أحدها: قوله: ‌العلم ‌بالسحر، ‌ليس ‌بقبيحٍ ـ إن عنى به، ليس بقبيحٍ عقلاً، فمخالفوه من المعتزلة يمنعون هذا، وإن عنى: أنه ليس بقبيحٍ شرعاً، ففي هذه الآية الكريمة تبشيعٌ لتعلم السحر، وفي الصحيح: من أتى عرافاً، أو كاهناً، فقد كفر بما أنزل على محمد ـ وفي السنن: من عقد عقدةً، ونفث فيها، فقد سحر ـ وقوله: ولا محظور... كيف لا يكون محظوراً مع ما ذكرناه من الآية، والحديث .. اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: أجاز ‌بعض ‌العلماء ‌تعلم ‌السحر لأحد أمرين: إما لتمييز ما فيه كفرٌ من غيره، وإما لإزالته عمن وقع فيه، فأما الأول: فلا محذور فيه، إلا من جهة الاعتقاد، فإذا سلم الاعتقاد، فمعرفة الشيء بمجرده لا تستلزم منعاً، كمن يعرف كيفية عبادة أهل الأوثان للأوثان، لأن كيفية ما يعمله الساحر، إنما هي حكاية قولٍ، أو فعلٍ، بخلاف تعاطيه، والعمل به، وأما الثاني: فإن كان لا يتم كما زعم بعضهم، إلا بنوعٍ من أنواع الكفر، أو الفسق، فلا يحل أصلاً، وإلا جاز للمعنى المذكور. اهـ.
ونقل كلامه الشنقيطي في أضواء البيان، وتعقبه، فقال: قوله خلاف التحقيق، إذ ليس لأحدٍ أن يبيح ما صرح الله بأنه يضر، ولا ينفع، مع أن تعلمه قد يكون ذريعةً للعمل به، والذريعة إلى الحرام يجب سدها، كما قدمنا ... اهـ.
وانظر الفتوى: 18482.
والله أعلم.