أرشيف المقالات

تفسير: (وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة)

مدة قراءة المادة : 7 دقائق .
تفسير قوله تعالى:
﴿ وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ ﴾
(سورة البقرة: الآية 55)
 
إعراب مفردات الآية [1]:
الواو عاطفة (إذ) مثل إذ في الآية السابقة (قلتم) فعل وفاعل (يا) أداة نداء (موسى) منادى مفرد علم مبنيّ على الضمّ المقدّر في محلّ نصب (لن) حرف نفي ونصب (نؤمن) مضارع منصوب، والفاعل ضمير مستتر تقديره نحن.
اللام حرف جرّ والكاف ضمير متّصل في محلّ جرّ متعلّق بـ (نؤمن) بتضمينه معنى نقرّ أو اللام للتعليل (حتّى) حرف غاية وجرّ (نرى) مضارع منصوب بـ (أن) مضمرة بعد حتّى، وعلامة النصب الفتحة المقدّرة على الألف والفاعل نحن.
(اللّه): لفظ الجلالة مفعول به منصوب به منصوب (جهرة) مصدر في موضع الحال من لفظ الجلالة أي تراه ظاهرا.
الفاء عاطفة عطفت المسبّب على السبب (أخذ) فعل ماض والتاء للتأنيث و(كم) مفعول به (الصاعقة) فاعل مرفوع الواو حاليّة (أنتم) ضمير منفصل في محلّ رفع مبتدأ (تنظرون) مضارع مرفوع...
والواو فاعل.
اهـ.
 
روائع البيان والتفسير:
﴿ وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً ﴾ قال ابن العثيمين في تفسير الآية:
أي: واذكروا أيضاً يا بني إسرائيل إذ قلتم...؛ والخطاب لمن كان في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، لكن إنعامه على أول الأمة إنعام على آخرها؛ فصح توجيه الخطاب إلى المتأخرين مع أن هذه النعمة على من سبقهم..
 
قوله تعالى: ﴿ لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ ﴾ أي لن ننقاد، ولن نصدق، ولن نعترف لك بما جئت به..
 
قوله تعالى: ﴿ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً ﴾: ﴿ نَرَى ﴾ بمعنى نبصر؛ ولهذا لم تنصب إلا مفعولاً واحداً؛ لأنها رؤية بصرية؛ واختلف العلماء متى كان هذا، على قولين:
القول الأول: أن موسى صلى الله عليه وسلم اختار من قومه سبعين رجلاً لميقات الله، وذهب بهم؛ ولما صار يكلم الله، ويكلمه الله قالوا: ﴿ لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً ﴾؛ فعلى هذا القول يكون صعقهم حينما كان موسى خارجاً لميقات الله..
 
القول الثاني: أنه لما رجع موسى من ميقات الله، وأنزل الله عليه التوراة، وجاء بها قالوا: "ليست من الله؛ ﴿ لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً ﴾"..اهـ[2]
 
﴿ فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ ﴾ قال ابن كثير في تفسير هذه الجزئية من الآية بتصرف:
قال السدي: ﴿ فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ ﴾ فماتوا، فقام موسى يبكي ويدعو الله، ويقول: رب، ماذا أقول لبني إسرائيل إذا أتيتهم وقد أهلكت خيارهم ﴿ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا ﴾ [الأعراف: 155].
فأوحى الله إلى موسى أن هؤلاء السبعين ممن اتخذوا العجل، ثم إن الله أحياهم فقاموا وعاشوا رجلٌ رجلٌ، ينظر بعضهم إلى بعض: كيف يحيون؟.
 
ثم قال - رحمه الله -:
وقال عروة بن رويم[3] في قوله: ﴿ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ ﴾ قال: فصعق بعضهم وبعض ينظرون، ثم بعث هؤلاء وصعق هؤلاء.
اهـ[4]
 
• وللطبري زيادة بيان في تفسير قوله تعالي ﴿ فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ ﴾ فقال ما مختصره:
وأصل "الصاعقة" كل أمر هائل رآه "المرء"[5] أو عاينه أو أصابه حتى يصير من هوله وعظيم شأنه إلى هلاك وعطب، وإلى ذهاب عقل وغمور فهم، أو فقد بعض آلات الجسم - صوتا كان ذلك أو ناراً، أو زلزلة، أو رجفاً.
ومما يدل على أنه قد يكون مصعوقاً وهو حي غير ميت، قول الله عز وجل: ﴿ وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا ﴾ [الأعراف: 143]، يعني مغشيًّا عليه اهـ[6]



[1] انظر الجدول في إعراب القرآن لمحمود بن عبد الرحيم صافي (المتوفى: 1376هـ) نشر: دار الرشيد مؤسسة الإيمان – دمشق ( 1/131 ).


[2] تفسير العلامة محمد العثيمين -مصدر الكتاب: موقع العلامة العثيمين (3 / 134 )


[3] هو عروة بن رويم اللخمي الأردني الفقيه، المحدث، أبو القاسم.
حدث عن: أبي ثعلبة الخشني - فقيل: سمع منه -وعن: أنس بن مالك، وأبي إدريس الخولاني.
وأرسل عن: أبي ذر، وغيره.
وعنه: محمد بن مهاجر، وهشام بن سعد، وسعيد بن عبد العزيز، ويحيىوثقه: ابن معين.
وقال الدارقطني، وغيره: لا بأس به.
وقال أبو حاتم: عامة حديثه مراسيل.
ويقال: سمع من أبي ثعلبة.
قال سعيد بن عبد العزيز: توفي سنة أربعين ومائة.
وقال محمد بن المثنى: سنة خمس وثلاثين ومائة.
وقيل غير ذلك.-نقلاً عن سير أعلام النبلاء للذهبي بتصرف(6/137))


[4] تفسير القرآن العظيم لأبن كثير- الناشر: دار طيبة للنشر والتوزيع( 1 /264 )


[5] قال المحقق لهذه النسخة "أحمد شاكر": الزيادة بين القوسين من عندي.
ليستقيم بها الكلام.
والنسخة بتحقيقه.


[6] جامع البيان في تأويل القرآن لأبي جعفر الطبري، تحقيق أحمد محمد شاكر- الناشر: مؤسسة الرسالة (2 / 83/ 954).

شارك الخبر

فهرس موضوعات القرآن